هُوَ الإِمَامُ، المُجْتَهِدُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَبِيْبِ بنِ حُبَيْشِ بنِ سَعْدِ بنِ بُجَيْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ الأَنْصَارِيُّ، الكُوْفِيُّ.وَسَعْدُ بنُ بُجَيْرٍ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَهُوَ سَعْدُ ابْنُ حَبْتَةَ؛ وَهِيَ أُمُّهُ، وَهُوَ بَجَلِيٌّ، مِنْ حُلَفَاءِ الأَنْصَارِ، شَهِدَ الخَنْدَقَ، وَغَيْرَهَا.مَوْلِدُ أَبِي يُوْسُفَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَيَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَالأَعْمَشِ، وَحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَلَزِمَه، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَهُوَ أَنبَلُ تَلاَمِذَتِه، وَأَعْلَمُهُم، تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ: كَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، وَمُعَلَّى بنِ مَنْصُوْرٍ، وَهِلاَلٍ الرَّأْيِ، وَابْنِ سَمَاعَةَ، وَعِدَّةٍ.وَحَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَأَسَدُ بنُ الفُرَاتِ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَعَمْرُو بنُ أَبِي عَمْرٍو الحَرَّانِيُّ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.وَكَانَ أَبُوْهُ فَقِيْراً، لَهُ حَانُوتٌ ضَعِيْفٌ، فَكَانَ أَبُو حَنِيْفَةَ يَتَعَاهَدُ أَبَا يُوْسُفَ بِالدَّرَاهِمِ، مائَةً بَعْدَ مائَةٍ.(16/64)فَرَوَى: عَلِيُّ بنُ حَرْملَةَ التَّيْمِيُّ، عَنْهُ، قَالَ:كُنْتُ أَطْلُبُ العِلْمَ وَأَنَا مُقِلٌّ، فَجَاءَ أَبِي، فَقَالَ: يَا بُنِيَّ! لاَ تَمُدَّنَّ رِجْلَكَ مَعَ أَبِي حَنِيْفَةَ، فَأَنْتَ مُحْتَاجٌ.فَآثَرتُ طَاعَةَ أَبِي، فَأَعْطَانِي أَبُو حَنِيْفَةَ مائَةَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: الْزَمِ الحَلْقَةَ، فَإِذَا نَفَذَتْ هَذِهِ، فَأَعْلِمْنِي.ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ أَعْطَانِي مائَةً.وَيُقَالُ: إِنَّهُ رُبِّيَ يَتِيْماً، فَأَسلَمَتْه أُمُّهُ قَصَّاراً.وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، قَالَ: مَرِضَ أَبُو يُوْسُفَ، فَعَادَهُ أَبُو حَنِيْفَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ: إِنْ يَمُتْ هَذَا الفَتَى، فَهُوَ أَعْلَمُ مَنْ عَلَيْهَا.قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَوَّلُ مَا كَتَبتُ الحَدِيْثَ، اخْتَلَفتُ إِلَى أَبِي يُوْسُفَ، وَكَانَ أَمْيَلَ إِلَى المُحَدِّثِيْنَ مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمُحَمَّدٍ. (8/537)قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي دَاوُدَ البُرُلُّسِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَثبَتَ فِي الحَدِيْثِ، وَلاَ أَحْفَظَ، وَلاَ أَصَحَّ رِوَايَةً مِنْ أَبِي يُوْسُفَ.وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: أَبُو يُوْسُفَ صَاحِبُ حَدِيْثٍ، صَاحِبُ سُنَّةٍ.وَعَنْ يَحْيَى البَرْمَكِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أَبُو يُوْسُفَ، وَأَقَلُّ مَا فِيْهِ الفِقْهُ، وَقَدْ مَلأَ بِفِقْهِهِ الخَافِقَيْنِ.قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ أَبُو يُوْسُفَ مُنصِفاً فِي الحَدِيْثِ.وَعَنْ أَبِي يُوْسُفَ، قَالَ: صَحِبتُ أَبَا حَنِيْفَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.وَعَنْ هِلاَلٍ الرَّأْيِ، قَالَ: كَانَ أَبُو يُوْسُفَ يَحفَظُ التَّفْسِيْرَ، وَيَحفَظُ المَغَازِي، وَأَيَّامَ العَرَبِ، كَانَ أَحَدَ عُلُوْمِهِ الفِقْهُ.(16/65)وَعَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: كَانَ وِرْدُ أَبِي يُوْسُفَ فِي اليَوْمِ مائَتَيْ رَكْعَةٍ.قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: مَا أُخِذَ عَلَى أَبِي يُوْسُفَ إِلاَّ حَدِيْثُهُ فِي الحجْرِ، وَكَانَ صَدُوقاً.قَالَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ عِنْد وَفَاتِهِ يَقُوْلُ:كُلُّ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ، فَقَدْ رَجَعتُ عَنْهُ، إِلاَّ مَا وَافَقَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ.وَفِي لَفْظٍ: إِلاَّ مَا فِي القُرْآنِ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ المُسْلِمُوْنَ.قَالَ بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ: سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ:مَن طَلَبَ المَالَ بِالكِيْمِيَاءِ، أَفلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ الدِّيْنَ بِالكَلاَمِ، تَزَندَقَ، وَمَنْ تَتَبَّعَ غَرِيْبَ الحَدِيْثِ، كُذِّبَ. (8/538)قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.وَقَالَ النَّسَائِيُّ فِي (طَبَقَاتِ الحَنَفِيَّةِ): وَأَبُو يُوْسُفَ ثِقَةٌ.وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكتَبُ حَدِيْثُهُ.بَكَّارُ بنُ قُتَيْبَةَ: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ، قَالَ:لَمَّا قَدِمَ أَبُو يُوْسُفَ البَصْرَةَ مَعَ الرَّشِيْدِ، اجْتَمَعَ الفُقَهَاءُ وَالمُحَدِّثُونَ عَلَى بَابِهِ، فَأَشرَفَ عَلَيْهِم، وَقَالَ: أَنَا مِنَ الفَرِيْقَيْنِ جَمِيْعاً، وَلاَ أُقدِّمُ فِرقَةً عَلَى فِرقَةٍ.قَالَ: وَكَانَ قَاضِيَ الآفَاقِ، وَوَزِيْرَ الرَّشِيْدِ، وَزَمِيْلَهُ فِي حَجِّهِ.مُحَمَّدُ بنُ شُجَاعٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ يَقُوْلُ:لاَ نُصَلِّي خَلْفَ مَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، وَلاَ يُفْلِحُ مَنِ اسْتَحلَى شَيْئاً مِنَ الكَلاَمِ.قُلْتُ: بَلَغَ أَبُو يُوْسُفَ مِنْ رِئَاسَةِ العِلْمِ مَا لاَ مَزِيْدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ الرَّشِيْدُ يُبَالِغُ فِي إِجْلاَلِه.(16/66)قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدَانَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ الجُوْزَجَانِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ يَقُوْلُ:دَخَلْتُ عَلَى الرَّشِيْدِ وَفِي يَدِهِ دُرَّتَانِ يُقَلِّبُهُمَا، فَقَالَ: هَلْ رَأَيْتَ أَحْسَنَ مِنْهُمَا؟قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.قَالَ: وَمَا هُوَ؟قُلْتُ: الوِعَاءُ الَّذِي هُمَا فِيْهِ.فَرَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، وَقَالَ: شَأْنُكَ بِهِمَا.قَالَ بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ: تُوُفِّيَ أَبُو يُوْسُفَ يَوْمَ الخَمِيْسِ، خَامِسَ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي غُرَّةِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، وَعَاشَ تِسْعاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.وَقَدْ أَفرَدتُ لَهُ تَرْجَمَةً فِي كُرَّاسٍ.وَمَا أَنبَلَ قَوْلَه الَّذِي رَوَاهُ: جَمَاعَةٌ، عَنْ بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوْسُفَ يَقُوْلُ:العِلْمُ بِالخُصُوْمَةِ وَالكَلاَمِ جَهلٌ، وَالجَهْلُ بِالخُصُوْمَةِ وَالكَلاَمِ عِلْمٌ.قُلْتُ: مِثَالُهُ شُبَهٌ وَإِشْكَالاَتٌ مِنْ نَتَائِجِ أَفَكَارِ أَهْلِ الكَلاَمِ، تُورَدُ فِي الجِدَالِ عَلَى آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثِهَا، فَيُكَفِّرُ هَذَا هَذَا، وَيَنْشَأُ الاعْتِزَالُ، وَالتَّجَهُّمُ، وَالتَّجسِيْمُ، وَكُلُّ بَلاَءٍ - نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ -. (8/539)(16/67) عدد المشاهدات *: 494300 عدد مرات التنزيل *: 0 حجم الخط : 10 12 14 16 18 20 22 24 26 28 30 32 * : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 10/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة - تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 10/12/2013 سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي