اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الأربعاء 30 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ????????? ???????????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????? ?????? ???????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
المُجَلَّدُ الحَادِي عَشَرَ
الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنَ التَّابِعِيْنَ
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع)
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) ز
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
حُمِلَ أَحْمَدُ إِلَى المَأْمُوْنِ، أُخبرتُ، فَعَبَرْتُ الفُرَاتَ، فَإذَا هُوَ جَالِسٌ فِي الخَانِ، فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، تَعَنَّيْتَ.
(21/283)

فَقُلْتُ: يَا هَذَا، أَنْتَ اليَوْمَ رَأسٌ، وَالنَّاسُ يَقتدُوْنَ بِكَ، فَوَ اللهِ لَئِنْ أَجبتَ إِلَى خَلقِ القُرْآنِ، لَيُجِيْبَنَّ خَلقٌ، وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تُجِبْ، لَيَمْتَنِعَنَّ خَلْقٌ مِنَ النَّاسِ كَثِيْرٌ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ الرَّجُلَ إِنْ لَمْ يَقْتُلْكَ فَإِنَّك تَمُوتُ، لاَبُدَّ مِنَ المَوْتِ، فَاتَّقِ اللهَ وَلاَ تُجِبْ.
فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَبْكِي، وَيَقُوْلُ: مَا شَاءَ اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ، أَعِدْ عَلَيَّ.
فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: مَا شَاءَ اللهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَدَمِيُّ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
أَوّلُ يَوْمٍ امَتَحَنه إِسْحَاقُ لَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فَقعدَ فِي مَسْجِدِه، فَقَالَ لَهُ جَمَاعَةٌ: أَخْبِرْنَا بِمَنْ أَجَابَ.
فَكَأنَّهُ ثَقُلَ عَلَيْهِ، فَكَلَّمُوهُ أيْضاً.
قَالَ: فَلَمْ يُجِبْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا - وَالحَمْدُ للهِ -.
ثُمَّ ذَكرَ مَنْ أَجَابَ وَمَنْ وَاتَاهُم عَلَى أَكْثَرِ مَا أَرَادُوا، فَقَالَ: هُوَ مَجْعُولٌ مُحْدَثٌ.
وَامتَحَنَهُم مَرَّةً مَرَّةً، وَامتَحَنَنِي مَرَّتينِ مَرَّتينِ، فَقَالَ لِي: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟
قُلْتُ: كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
فَأَقَامَنِي وَأَجْلَسَنِي فِي نَاحِيَةٍ، ثُمَّ سَأَلهُم، ثُمَّ رَدَّنِي ثَانيَةً، فَسَأَلنِي وَأَخَذَنِي فِي التَّشبيهِ.
فَقُلْتُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ} [الشُّورَى:11].
فَقَالَ لِي: وَمَا السَّمِيعُ البَصِيرُ؟
فَقُلْتُ: هَكَذَا قَالَ تَعَالَى.
(21/284)

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: جَعَلُوا يُذَاكرُوْنَ أَبَا عَبْدِ اللهِ بِالرَّقَّةِ فِي التَّقِيَّةِ وَمَا رُوِيَ فِيْهَا.
فَقَالَ: كَيْفَ تَصْنَعُوْنَ بِحَدِيْثِ خَبَّابٍ: (إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يُنْشَرُ أَحَدُهُمْ بِالمِنْشَارِ، لاَ يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِيْنِهِ).
فَأَيِسنَا مِنْهُ. (11/240)
وَقَالَ: لَسْتُ أُبالِي بِالحَبْسِ، مَا هُوَ وَمَنْزِلِي إِلاَّ وَاحِدٌ، وَلاَ قَتلاً بِالسَّيْفِ، إِنَّمَا أَخَافُ فِتْنَةَ السَّوْطِ.
فَسَمِعَهُ بَعْضُ أَهْل الحَبْسِ، فَقَالَ: لاَ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ سَوْطَانِ، ثُمَّ لاَ تَدْرِي أَيْنَ يَقَعُ البَاقِي، فَكَأَنَّهُ سُرِّي عَنْهُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُصْعَبٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَاحِبُ شُرطَةِ المُعْتَصِمِ خِلاَفَةً لأَخِيهِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً لَمْ يُدَاخِلِ السُّلْطَانَ، وَلاَ خَالَطَ المُلُوْكَ، كَانَ أَثبتَ قَلْباً مِنْ أَحْمَدَ يَوْمَئِذٍ، مَا نَحْنُ فِي عَيْنِهِ إِلاَّ كَأَمثَالِ الذُّبَابِ.
وحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ، أَوْ هُوَ حَدَّثَنِي:
أنَّهُم أَنْفَذوهُ إِلَى أَحْمَدَ فِي مَحبسِه لِيُكَلِّمهُ فِي مَعْنَى التَّقيَّةِ، فَلَعَلَّهُ يُجِيْبُ.
قَالَ: فَصِرْتُ إِلَيْهِ أُكلِّمُهُ، حَتَّى إِذَا أَكْثَرتُ وَهُوَ لاَ يُجِيبنِي.
ثُمَّ قَالَ لِي: مَا قَوْلُكَ اليَوْمَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهوِ؟
وَإِنَّمَا أَرسلُوهُ إِلَى أَحْمَدَ لِلإِلفِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحْمَدَ أَيَّامَ لُزُوْمِهِمُ الشَّافِعِيَّ.
(21/285)

فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ يَوْمَئِذٍ مِمَّنْ يَتَقَشَّفُ وَيَلْبَسُ الصُّوفَ، وَكَانَ أَحْفَظَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِلْحَدِيْثِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَبَطَّنَ بِمَذَاهِبِه المَذمُومَةِ.
ثُمَّ لَمْ يُحَدِّثْ أَبُو عَبْدِ اللهِ بَعْدَ مَا أَنْبَأتُكَ أَنَّهُ حَدَّثَنِي فِي أَوّلِ خِلاَفَةِ الوَاثِقِ، ثُمَّ قَطعَه إِلَى أَنْ مَاتَ، إِلاَّ مَا كَانَ فِي زَمَنِ المُتَوَكِّلِ. (11/241)
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: حُمِلَ أَبِي وَمُحَمَّدُ بنُ نُوْحٍ مِنْ بَغْدَادَ مُقَيَّدَيْنِ، فَصِرنَا مَعَهُمَا إِلَى الأَنْبَارِ.
فَسَألَ أَبُو بَكْرٍ الأَحْوَلُ أَبِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنْ عُرِضتَ عَلَى السَّيْفِ، تُجيبُ؟
قَالَ: لاَ.
ثُمَّ سُيِّرَا، فَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: صِرنَا إِلَى الرَّحْبَةِ، وَرَحَلنَا مِنْهَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَعَرَضَ لَنَا رَجُلٌ، فَقَالَ: أَيُّكُم أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟
فَقِيْلَ لَهُ: هَذَا.
فَقَالَ لِلْجمَّالِ: عَلَى رِسْلكَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا هَذَا، مَا عَلَيْكَ أَنْ تُقتلَ هَا هُنَا، وَتَدْخُلَ الجَنَّةَ؟
ثُمَّ قَالَ: أَسْتودِعُكَ اللهَ، وَمَضَى.
فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقِيْلَ لِي: هَذَا رَجُلٌ مِن العَرَبِ مِنْ رَبِيْعَةَ يَعْمَلُ الشَّعْرَ فِي البَادِيَةِ، يُقَالُ لَهُ: جَابِرُ بنُ عَامِرٍ، يُذكَرُ بِخَيْرٍ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا سَمِعْتُ كَلِمَةً مُنْذُ وَقعتُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَقوَى مِنْ كَلِمَةِ أَعْرَابِيٍّ كَلَّمنِي بِهَا فِي رَحبَةِ طَوقٍ.
قَالَ: يَا أَحْمَدُ، إِنْ يَقتلْكَ الحَقُّ مُتَّ شَهِيداً، وَإِنْ عِشتَ عِشتَ حَمِيداً.
فَقَوَّى قَلْبِي.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: قَالَ أَبِي:
(21/286)

فَلَمَّا صِرنَا إِلَى أَذَنَةَ، وَرَحَلنَا مِنْهَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَفُتِحَ لَنَا بَابُهَا، إِذَا رَجُلٌ قَدْ دَخَلَ، فَقَالَ: البُشْرَىَ! قَدْ مَاتَ الرَّجُلُ -يَعْنِي: المَأْمُوْنَ-.
قَالَ أَبِي: وَكُنْتُ أَدعُو اللهَ أَنْ لاَ أَرَاهُ. (11/242)
مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
تَبيّنتُ الإِجَابَةَ فِي دَعْوَتَيْنِ: دَعَوتُ اللهَ أَنْ لاَ يَجمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ المَأْمُوْنِ، وَدَعَوتُه أَنْ لاَ أَرَى المُتَوَكِّلَ.
فلمْ أرَ المَأْمُوْنَ، مَاتَ بِالبَذَنْدُوْنِ، قُلْتُ: وَهُوَ نهرُ الرُّوْمِ.
وَبَقِيَ أَحْمَدُ مَحبوساً بِالرَّقَّةِ حَتَّى بُوْيِعَ المُعْتَصِمُ إِثرَ مَوْتِ أَخِيْهِ، فَرُدَّ أَحْمَدُ إِلَى بَغْدَادَ.
وَأَمَّا المُتَوَكِّلُ فَإِنَّه نَوَّهَ بِذكرِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالتمسَ الاجْتِمَاعَ بِهِ، فَلَمَّا أَنْ حضَرَ أَحْمَدُ دَارَ الخِلاَفَةِ بِسَامَرَّاءَ لِيُحَدِّثَ وَلَدَ المُتَوَكِّلِ وَيُبرِّك عَلَيْهِ، جلسَ لَهُ المُتَوَكِّلُ فِي طَاقَةٍ، حَتَّى نظرَ هُوَ وَأُمُّهُ مِنْهَا إِلَى أَحْمَدَ، وَلَمْ يَرَهُ أَحْمَدُ.
قَالَ صَالِحٌ: لَمَّا صَدَرَ أَبِي وَمُحَمَّدُ بنُ نُوْحٍ إِلَى طَرَسُوْسَ، رُدَّا فِي أَقيَادِهِمَا.
فَلَمَّا صَارَ إِلَى الرَّقَّةِ، حُمِلا فِي سَفِيْنَةٍ، فَلَمَّا وَصَلاَ إِلَى عَانَةَ، تُوُفِّيَ مُحَمَّدٌ، وَفُكَّ قَيدُه، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبِي.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً عَلَى حدَاثَةِ سِنِّهِ، وَقدْرِ عِلمِه أقومَ بأمرِ اللهِ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ، إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ قَدْ خُتمَ لَهُ بِخَيْرٍ.
قَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، الله الله، إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلِي، أَنْتَ رَجُلٌ يُقْتَدَى بِكَ.
(21/287)

قَدْ مَدَّ الخَلْقُ أعنَاقَهُم إِلَيْكَ، لِمَا يَكُوْنُ مِنْكَ، فَاتَّقِ اللهَ، وَاثبُتْ لأمرِ اللهِ، أَوْ نَحْوِ هَذَا.
فَمَاتَ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَدَفنتُه.
أَظُنُّ قَالَ: بِعَانَةَ. (11/243)
قَالَ صَالِحٌ: وَصَارَ أَبِي إِلَى بَغْدَادَ مُقَيَّداً، فَمَكَثَ بِاليَاسريَّة أَيَّاماً، ثُمَّ حُبِسَ فِي دَارٍ اكتُرِيَتْ عِنْد دَارِ عُمَارَةَ، ثُمَّ حُوِّلَ إِلَى حَبْسِ العَامَّةِ فِي دَربِ المَوْصِليَّةِ.
فَقَالَ: كُنْتُ أُصلِّي بأَهْلِ السجنِ، وَأَنَا مُقَيَّدٌ.
فَلَمَّا كَانَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعَ عَشَرَ - قُلْتُ: وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ المَأْمُوْنِ بأَرْبَعَةَ عَشَرَ شَهْراً - حُوِّلتُ إِلَى دَارِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ -يَعْنِي: نَائِبَ بَغْدَادَ-.
وَأَمَّا حَنْبَلٌ، فَقَالَ: حُبِسَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي دَارِ عُمَارَةَ بِبَغْدَادَ، فِي إِصْطَبْلِ الأَمِيْرِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ؛ أَخِي إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَكَانَ فِي حَبْسٍ ضَيِّقٍ، وَمَرِضَ فِي رَمَضَانَ.
ثُمَّ حُوِّلَ بَعْدَ قَلِيْلٍ إِلَى سِجْنِ العَامَّةِ، فَمَكَثَ فِي السِّجنِ نَحْواً مِنْ ثَلاَثِيْنَ شَهْراً.
وَكُنَّا نَأْتِيْهِ، فَقَرَأَ عَلَيَّ كِتَابَ (الإِرْجَاءِ) وَغَيْرَهُ فِي الحَبْسِ، وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي بِهِم فِي القَيْدِ، فَكَانَ يُخرِجُ رِجْلَهُ مِنْ حَلقَةِ القَيدِ وَقْتَ الصَّلاَةِ وَالنَّومِ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: قَالَ أَبِي: كَانَ يُوجَّهُ إِلَيَّ كلَّ يَوْمٍ بِرَجلَيْنِ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ: أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَبَاحٍ، وَالآخرُ أَبُو شُعَيْبٍ الحجَّامُ، فَلاَ يَزَالاَنِ يُنَاظرَانِي، حَتَّى إِذَا قَامَا دُعِيَ بِقَيدٍ، فَزِيدَ فِي قُيُودِي، فَصَارَ فِي رِجْلِيَّ أَرْبَعَةُ أَقيَادٍِ.
(21/288)

فَلَمَّا كَانَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، دَخَلَ عَلَيَّ، فَنَاظرَنِي، فَقُلْتُ لَهُ:
مَا تَقُوْلُ فِي عِلْمِ اللهِ؟
قَالَ: مَخْلُوْقٌ.
قُلْتُ: كَفَرْتَ بِاللهِ.
فَقَالَ الرَّسُوْلُ الَّذِي كَانَ يَحضرُ مِنْ قَبْلِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ: إِنَّ هَذَا رَسُوْلُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَدْ كَفرَ.
فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ، وَجَّهَ -يَعْنِي: المُعْتَصِمَ- بِبُغَا الكَبِيْرِ إِلَى إِسْحَاقَ، فَأَمرهُ بِحملِي إِلَيْهِ، فَأُدْخِلتُ عَلَى إِسْحَاقَ، فَقَالَ:
يَا أَحْمَدُ، إِنَّهَا -وَاللهِ- نَفْسُك، إِنَّه لاَ يَقتلُك بِالسَّيْفِ، إٍِنَّهُ قَدْ آلَى - إِنْ لَمْ تُجبْه - أَنْ يَضْرِبَكَ ضَرباً بَعْدَ ضَربٍ، وَأَنْ يَقْتُلكَ فِي مَوْضِعٍ لاَ يُرَى فِيْهِ شَمسٌ وَلاَ قمرٌ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنَا عَرَبِيّاً} [الزُّخْرُفُ: 3]، أَفيَكُوْنُ مَجعولاً إِلاَّ مَخْلُوْقاً؟ (11/244)
فَقُلْتُ: فَقَدْ قَالَ -تَعَالَى-: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيلُ:5] أَفَخَلَقَهُم؟
قَالَ: فَسَكَتَ.
فَلَمَّا صِرنَا إِلَى المَوْضِعِ المَعْرُوْفِ بِبَابِ البُسْتَانِ، أُخرجتُ، وَجيءَ بدَابَّةٍ، فَأُرْكبتُ وَعَلَيَّ الأَقيَادُ، مَا مَعِي مَنْ يُمْسِكُنِي، فَكِدتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ أَخِرَّ عَلَى وَجْهِي لِثِقَلِ القُيودِ.
فَجِيءَ بِي إِلَى دَارِ المُعْتَصِمِ، فَأُدْخِلْتُ حُجْرَةً، ثُمَّ أُدخلتُ بَيتاً، وَأُقفلَ البَابُ عَليَّ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَلاَ سرَاجَ.
فَأردتُ الوضوءَ، فَمددتُ يَدِي، فَإذَا أَنَا بَإِنَاءٍ فِيْهِ مَاءٌ، وَطسْتٌ مَوْضُوْعٌ، فتوضَّأتُ وَصَلَّيْتُ.
فلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، أَخْرَجْتُ تِكَّتِي، وَشددتُ بِهَا الأقيَادَ أَحمِلُهَا، وَعَطفتُ سَرَاويلِي.
(21/289)

فَجَاءَ رَسُوْلُ المُعْتَصِمِ، فَقَالَ: أَجبْ.
فَأَخَذَ بِيَدِي، وَأَدخلَنِي عَلَيْهِ، وَالتِّكَّةُ فِي يَدِي، أَحْمِلُ بِهَا الأقيَادَ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ حَاضِرٌ، وَقَدْ جَمَعَ خَلقاً كَثِيْراً مِنْ أَصْحَابِه.
فَقَالَ لِي المُعْتَصِمُ: ادنُه، ادنُه.
فَلَمْ يَزَلْ يُدْنِينِي حَتَّى قَرُبتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: اجلسْ.
فَجَلَسْتُ، وَقَد أَثقلتْنِي الأقيَادُ، فَمكثْتُ قَلِيْلاً، ثُمَّ
قُلْتُ: أتَأذنُ فِي الكَلاَمِ؟
قَالَ: تَكَلَّمْ.
فَقُلْتُ: إِلَى مَا دَعَا اللهُ وَرَسُوْلُه؟
فَسَكَتَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ.
فَقُلْتُ: فَأَنَا أشهدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ.
ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ جدَّك ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْد القيسِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَأَلُوهُ عَنِ الإِيْمَانِ، فَقَالَ: (أَتَدْرُوْنَ مَا الإِيْمَانُ؟).
قَالُوا: اللهُ وَرَسُوْلُه أَعْلَمُ. (11/245)
قَالَ:

عدد المشاهدات *:
284234
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 13/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 13/12/2013

سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي

روابط تنزيل : أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) ز
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) ز لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي


@designer
1