قال الله تعالى : # 16 : 120 # - إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين - وصف إبراهيم عليه السلام بهذه الصفات التي هي الغاية فى تحقيق التوحيد .
الأولى : أنه كان أمة ، أي قدوة وإماماً معلماً للخير . وما ذاك إلا لتكميله مقام الصبر واليقين الذين تنال بهما الإمامة فى الدين .
الثانية : قوله قانتاً قال شيخ الإسلام : القنوت دوام الطاعة ، والمصلي إذا أطال قيامه أو ركوعه أو سجوده فهو قانت . قال تعالى : # 39 : 9 # - أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه - ا هـ . ملخصاً .
الثالثة : أنه كان حنيفاً (قلت) قال العلامة ابن القيم الحنيف المقبل على الله ، المعرض عن كل ما سواه ا . هـ .
الرابعة : أنه كان من المشركين ، أي لصحة إخلاصه وكمال صدقه ، وبعده عن الشرك .
قلت : يوضح هذا قوله تعالى : # 60 : 4 # - قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه - أي على دينه من إخوانه المرسلين ، قاله ابن جرير رحمه الله تعالى : - إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء - وذكر تعالى عن خليله عليه السلام أنه قال لأبيه آزر : # 19 : 48 ، 49 # - وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا * فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا - فهذا هو تحقيق التوحيد . وهو البراءة من الشرك وأهله واعتزالهم ، والكفر بهم وعداوتهم وبغضهم . فالله المستعان .
قال المصنف رحمه الله في هذه الآية : - إن إبراهيم كان أمة - لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين (قانتاً لله) لا للملوك ولا للتجار المترفين (حنيفاً) لا يميل يميناً ولا شمالاً ، كفعل العلماء المفتونين (ولم يك من المشركين) خلافا لمن كثر سوادهم وزعم أنه من المسلمين . أ هـ .
وقد روى ابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله : - إن إبراهيم كان أمة - على الإسلام . ولم يك فى زمانه أحد على الإسلام غيره.
قلت : ولا منافاة بين هذا وبين ما تقدم : من أنه كان إماماً يقتدى به فى الخير .
قال : (وقوله تعالى : # 23 : 57 - 59 # - إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون * والذين هم بآيات ربهم يؤمنون * والذين هم بربهم لا يشركون - .
وصف المؤمنين السابقين إلى الجنة فأثنى عليهم بالصفات التى أعظمها : أنهم بربهم لا يشركون . ولما كان المرء قد يعرض له ما يقدح فى إسلامه : من شرك جلي أو خفي ، نفى ذلك عنهم ، وهذا هو تحقيق التوحيد ، الذي حسنت بهم أعمالهم وكملت ونفعتهم .
قلت : قوله حسنت وكملت هذا باعتبار سلامتهم من الشرك الأصغر ، وأما الشرك الأكبر فلا يقال فى تركه ذلك ، فتدبر . ولو قال الشارح : صحت لكان أقوم .
قال ابن كثير : - والذين هم بربهم لا يشركون - أي لا يعبدون مع الله غيره ، بل يوحدونه ويعلمون أنه لا إله إلا الله أحد صمد ، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً وأنه لا نظير له .
عدد المشاهدات *:
453403
453403
عدد مرات التنزيل *:
93323
93323
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 26/02/2015