( باب تحريم بيع الخمر [ 1578 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( إن الله يعرض بالخمر ولعل الله سينزل فيها أمرا فمن كان عنده منها شيء فليبعه ولينتفع به ) قال فما لبثنا إلا يسيرا حتى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إن الله حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشرب ولا يبع قال فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها ) يعني راقوها وفي هذا الحديث دليل على أن الأشياء قبل ورود الشرع لا تكليف فيها بتحريم ولا غيره وفي المسألة خلاف مشهور للأصوليين الأصح أنه لا حكم ولا تكليف قبل ورود الشرع لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )
(11/2)
والثاني أن أصلها على التحريم حتى يرد الشرع بغير ذلك والثالث على الاباحة والرابع على الوقف وهذا الخلاف في غير التنفس ونحوه من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها فإنها ليست محرمة بلا خلاف الا على قول من يجوز تكليف ما لا يطاق وفي هذا الحديث أيضا بذل النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم لأنه صلى الله عليه و سلم نصحهم في تعجيل الانتفاع بها ما دامت حلالا قوله صلى الله عليه و سلم ( فلا يشرب ولا يبع ) وفي الرواية الأخرى إن الذي حرم شربها حرم بيعها فيه تحريم بيع الخمر وهو مجمع عليه والعلة فيها عند الشافعي وموافقيه كونها نجسة أو ليس فيها منفعة مباحة مقصودة فيلحق بها جميع النجاسات كالسرجين وذرق الحمام وغيره وكذلك يلحق بها ماليس فيه منفعة مقصودة كالسباع التي لا تصلح للاصطياد والحشرات والحبة الواحدة من الحنطة ونحو ذلك فلا يجوز بيع شئ من ذلك وأما الحديث المشهور في كتب السنن عن أبن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه فمحمول على ما المقصود منه الأكل بخلاف ما المقصود منه غير ذلك كالعبد والبغل والحمار الأهلي فإن أكلها حرام وبيعها جائز بالاجماع قوله صلى الله عليه و سلم ( فمن أدركته هذه الآية ) أي أدركته حيا وبلغته والمراد بالآية قوله تعالى إنما الخمر والميسر الآية قوله ( فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها ) هذا دليل على تحريم تخليلها ووجوب المبادرة باراقتها وتحريم امساكها ولو جاز التخليل لبينه النبي صلى الله عليه و سلم لهم ونهاهم عن اضاعتها كما نصحهم وحثهم على الانتفاع بها قبل تحريمها حين توقع نزول تحريمها وكما نبه أهل الشاة الميتة على دباغ جلدها والانتفاع به وممن قال بتحريم تخليلها وأنها لا تطهر بذلك الشافعي وأحمد والثوري ومالك في أصح الروايتين عنه وجوزه الأوزاعي والليبث وأبو حنيفة ومالك في رواية عنه وأما إذا انقلبت بنفسها خلا فيظهر عند جميعهم الا ما حكي عن سحنون المالكي أنه قال لا يطهر قوله
(11/3)
[ 1579 ] ( عن عبد الرحمن بن وعلة السبئى ) هو بسين مهملة مفتوحة ثم باء موحدة ثم همزة منسوب إلى سبأ وأما وعلة فبفتح الواو واسكان العين المهملة وسبق بيانه في آخر كتاب الطهارة في حديث الدباغ قوله صلى الله عليه و سلم للذي أهدى إليه الخمر ( هل علمت أن الله قد حرمها قال لا ) لعل السؤال كان ليعرف حاله فإن كان عالما بتحريمها أنكر عليه هديتها وامساكها وحملها وعزره على ذلك فلما أخبره أنه كان جاهلا بذلك عذره والظاهر أن هذه القضية كانت على قرب تحريم الخمر قبل اشتهار ذلك وفي هذا أن من ارتكب معصية جاهلا تحريمها لا إثم عليه ولا تعزيز قوله ( فسار أنسانا فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم بم ساررته فقال أمرته ببيعها ) المسارر الذي خاطبه النبي صلى الله عليه و سلم هو الرجل الذي أهدى الزاوية كذا جاء مبينا في غير هذه الرواية وأنه رجل من دوس قال القاضي وغلط بعض الشارحين فظن أنه رجل آخر وفيه دليل لجواز سؤال الانسان عن بعض أسرار الانسان فإن كان مما يجب كتمانه كتمه والا فيذكره قوله ( ففتح المزاد ) هكذا وقع في أكثر النسخ المزاد بحذف الهاء في آخرها وفي بعضها المزادة بالهاء وقال في أول الحديث أهدى راوية وهي مي قال أبو عبيد هما بمعنى وقال بن السكيت إنما يقال لها مزادة وأما الراوية فإسم للبعير خاصة والمختار قول أبي عبيد وهذا الحديث يدل لأبي عبيد فإنه سماها راوية ومزاده قالوا سميت راوية لأنها تروى صاحبها ومن معه والمزادة لأنه يتزود فيها الماء
(11/4)
في السفر وغيره وقيل لأنه يزاد فيها جلد ليتسع وفي قوله ففتح المراد دليل لمذهب الشافعي والجمهور أن أواني الخمر لا تكسر ولا تشق بل يراق ما فيها وعن مالك روايتان احداهما كالجمهور والثانية يكسر الاناء ويشق السقاء وهذا ضعيف لا أصل له وأما حديث أبي طلحة أنهم كسروا الدنان فإنما فعلوا ذلك بأنفسهم من غير أمر النبي صلى الله عليه و سلم قولها ( لما أنزلت [ 1580 ] الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فاقترأهن على الناس ثم حرم التجارة في الخمر ) قال القاضي وغيره تحريم الخمر هو في سورة المائدة وهي نزلت قبل آية الربا بمدة طويلة فإن آية الربا آخر مانزل أو من آخر ما نزل فيحتمل أن يكون هذا النهي عن التجارة متأخرا عن تحريمها ويحتمل أنه أخبر بتحريم التجارة حين حرمت الخمر ثم أخبر به مرة أخرى بعد نزول آية الربا توكيدا ومبالغة في اشاعته ولعله حضر المجلس من لم يكن بلغه تحريم التجارة فيها قبل ذلك والله أعلم
(11/5)
(11/2)
والثاني أن أصلها على التحريم حتى يرد الشرع بغير ذلك والثالث على الاباحة والرابع على الوقف وهذا الخلاف في غير التنفس ونحوه من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها فإنها ليست محرمة بلا خلاف الا على قول من يجوز تكليف ما لا يطاق وفي هذا الحديث أيضا بذل النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم لأنه صلى الله عليه و سلم نصحهم في تعجيل الانتفاع بها ما دامت حلالا قوله صلى الله عليه و سلم ( فلا يشرب ولا يبع ) وفي الرواية الأخرى إن الذي حرم شربها حرم بيعها فيه تحريم بيع الخمر وهو مجمع عليه والعلة فيها عند الشافعي وموافقيه كونها نجسة أو ليس فيها منفعة مباحة مقصودة فيلحق بها جميع النجاسات كالسرجين وذرق الحمام وغيره وكذلك يلحق بها ماليس فيه منفعة مقصودة كالسباع التي لا تصلح للاصطياد والحشرات والحبة الواحدة من الحنطة ونحو ذلك فلا يجوز بيع شئ من ذلك وأما الحديث المشهور في كتب السنن عن أبن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه فمحمول على ما المقصود منه الأكل بخلاف ما المقصود منه غير ذلك كالعبد والبغل والحمار الأهلي فإن أكلها حرام وبيعها جائز بالاجماع قوله صلى الله عليه و سلم ( فمن أدركته هذه الآية ) أي أدركته حيا وبلغته والمراد بالآية قوله تعالى إنما الخمر والميسر الآية قوله ( فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها ) هذا دليل على تحريم تخليلها ووجوب المبادرة باراقتها وتحريم امساكها ولو جاز التخليل لبينه النبي صلى الله عليه و سلم لهم ونهاهم عن اضاعتها كما نصحهم وحثهم على الانتفاع بها قبل تحريمها حين توقع نزول تحريمها وكما نبه أهل الشاة الميتة على دباغ جلدها والانتفاع به وممن قال بتحريم تخليلها وأنها لا تطهر بذلك الشافعي وأحمد والثوري ومالك في أصح الروايتين عنه وجوزه الأوزاعي والليبث وأبو حنيفة ومالك في رواية عنه وأما إذا انقلبت بنفسها خلا فيظهر عند جميعهم الا ما حكي عن سحنون المالكي أنه قال لا يطهر قوله
(11/3)
[ 1579 ] ( عن عبد الرحمن بن وعلة السبئى ) هو بسين مهملة مفتوحة ثم باء موحدة ثم همزة منسوب إلى سبأ وأما وعلة فبفتح الواو واسكان العين المهملة وسبق بيانه في آخر كتاب الطهارة في حديث الدباغ قوله صلى الله عليه و سلم للذي أهدى إليه الخمر ( هل علمت أن الله قد حرمها قال لا ) لعل السؤال كان ليعرف حاله فإن كان عالما بتحريمها أنكر عليه هديتها وامساكها وحملها وعزره على ذلك فلما أخبره أنه كان جاهلا بذلك عذره والظاهر أن هذه القضية كانت على قرب تحريم الخمر قبل اشتهار ذلك وفي هذا أن من ارتكب معصية جاهلا تحريمها لا إثم عليه ولا تعزيز قوله ( فسار أنسانا فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم بم ساررته فقال أمرته ببيعها ) المسارر الذي خاطبه النبي صلى الله عليه و سلم هو الرجل الذي أهدى الزاوية كذا جاء مبينا في غير هذه الرواية وأنه رجل من دوس قال القاضي وغلط بعض الشارحين فظن أنه رجل آخر وفيه دليل لجواز سؤال الانسان عن بعض أسرار الانسان فإن كان مما يجب كتمانه كتمه والا فيذكره قوله ( ففتح المزاد ) هكذا وقع في أكثر النسخ المزاد بحذف الهاء في آخرها وفي بعضها المزادة بالهاء وقال في أول الحديث أهدى راوية وهي مي قال أبو عبيد هما بمعنى وقال بن السكيت إنما يقال لها مزادة وأما الراوية فإسم للبعير خاصة والمختار قول أبي عبيد وهذا الحديث يدل لأبي عبيد فإنه سماها راوية ومزاده قالوا سميت راوية لأنها تروى صاحبها ومن معه والمزادة لأنه يتزود فيها الماء
(11/4)
في السفر وغيره وقيل لأنه يزاد فيها جلد ليتسع وفي قوله ففتح المراد دليل لمذهب الشافعي والجمهور أن أواني الخمر لا تكسر ولا تشق بل يراق ما فيها وعن مالك روايتان احداهما كالجمهور والثانية يكسر الاناء ويشق السقاء وهذا ضعيف لا أصل له وأما حديث أبي طلحة أنهم كسروا الدنان فإنما فعلوا ذلك بأنفسهم من غير أمر النبي صلى الله عليه و سلم قولها ( لما أنزلت [ 1580 ] الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فاقترأهن على الناس ثم حرم التجارة في الخمر ) قال القاضي وغيره تحريم الخمر هو في سورة المائدة وهي نزلت قبل آية الربا بمدة طويلة فإن آية الربا آخر مانزل أو من آخر ما نزل فيحتمل أن يكون هذا النهي عن التجارة متأخرا عن تحريمها ويحتمل أنه أخبر بتحريم التجارة حين حرمت الخمر ثم أخبر به مرة أخرى بعد نزول آية الربا توكيدا ومبالغة في اشاعته ولعله حضر المجلس من لم يكن بلغه تحريم التجارة فيها قبل ذلك والله أعلم
(11/5)
عدد المشاهدات *:
403485
403485
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 23/03/2015