اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم السبت 19 شوال 1445 هجرية
????????? ?????? ??????????????????? ?????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ???????? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

يحب

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى
المجلد الثاني
تعظيم حرمات المسلم
باب تعظيم حُرمات المُسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم
235- وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحاسدوا ،ولا تجاسسوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم :لا يظلمه ولا يحقره، ولا يخذلهُ ، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" رواه مسلم [386]. " النجش " أن يزيد في ثمن سلعة ينادى عليها في السوق ونحوه ، ولا رغبة له في شرائها بل يقصد أن يغر غيره وهذا حرامٌ" والتدابر " أن يعرض عن الإنسان ويهجره ويجعله كالشيء الذي وراء الظهر والدبر.
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا تحاسدوا " أي لا يحسد بعضكم بعضاً . والحسد أن يكره الإنسان ما أنعم الله به على غيره هذا الحسد، ومثاله أن تكره أن الله أنعم على هذا الرجل بالمال ، أو البنين ، أو بالزوجة، أو بالعلم أو بالعبادة ، أو بغير ذلك من النعم سواء تمنيت أن تزول أن لم تتمن.
وإن كان بعض العلماء يقول : إن الحسد أن يتمنى زوال نعمة الله على غيره، ولكن هذا أخبث وأشده، وإلا فمجرد كراهة الإنسان أن ينعم الله على الشخص فهو حسد ،والحسد، من خصال اليهود، فمن حسد فهو متشبه بهم والعياذ بالله ، قال الله تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ) (البقرة:109) وقال تعالى فيهم : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (النساء:54)، ولا فرق بين أن تكره ما أنعم الله على غير ليعود هذا الشيء إليك، أو ليرتفع عن أخيك وإن لم يعد إليك.
وأعلم أن في الحسد مفاسد كثيرة:
منها : أنه تشبه باليهود أخبث عباد الله وأخس عباد الله ، الذين جعل الله منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت.
ومنها: أن فيه دليلاً على خبث نفس الحاسد ، وأنه لا يحب لإخوانه ما يحب لنفسه؛ لأن من أحب لإخوانه ما يحب لنفسه؛ لم يحسد الناس على شيء؛ بل يفرح إذا أنعم الله عليه غيره بنعمة ويقول : اللهم آتني مثلها ، كما قال الله تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) (النساء:32).
ومنها : أن فيه إعتراضاً على قدر الله عزّ وجلّ وقضائه، وإلا فمن الذي أنعم على هذا الرجل ؟ الله عزّ وجلّ، فإذا كرهت ذلك فقد كرهت قضاء الله وقدره ، ومعلوم أن الإنسان إذا كره قضاء الله وقدره فإنه على خطر في دينه - نسأل الله العافية-؛ لأنه يريد أن يزاحم ربّ الأرباب جلّ وعلا في تدبيره وتقديره.
ومن مفاسد الحسد: أنه كلما أنعم الله على عباده نعمة ؛ التهبت نار الحسد في قلبه فصار دائماً في حسده وفي غم، لأن نعم الله على العباد لا تحصى ، وهو رجلٌ خبيث كلما أنعم اله على عبده نعمة على ذلك الحسد في قلبه حتى يحرقه.
ومن مفاسد الحسد: انه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب كما قال صلى الله عليه وسلم :" إياكم والحسد، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب"[387]
ومن مفاسده: أنه يعرقل الإنسان على السعي في الأشياء النافعة؛ لأنه دائماً يفكر ويكون في غم؛ كيف جاء هذا الرجل مالٌ؟ كيف جاءهم علم؟ كيف جاءه ولد؟ كيف جاءه زوجة ما أشبه ذلك ، فتجده دائماً منحسراً منطوياً على نفسه، ليس له هم إلا تتبع نعم الله على العباد واغتمامه بها ، نسأل الله العافية.
ومن مفاسد الحسد: أنه ينبئ عن نفس شريرة ضيقة ، لا تحب الخير وإنما هي نفس أنانية تريد أن يكون كل شيء لها.
ومن مفاسد الحسد أيضاً : أنه لا يمكن أن يغير شيء مما قضاه الله عزّ وجلّ ابدأً ، مهما عملت ، ومهما كرهت. ومهما سعيت لإخوانك في إزالة نعم الله عليهم ، فإنك لا تستطيع شيئاً.
ومن مفاسده: أنه ربما يتدرج بالإنسان إلى أن يصل إلى درجة الذي يحسد الناس ، لأن العائن نفسه شريرة حاسدة حاقدة، فإذا رأى ما يعجبه انطلق من هذه النفس الخبيثة مثل السهم حتى يصيب بالعين، فالإنسان إذا حسد وصار فيه نوع من الحسد ،فإنه يترقى به الأمر حتى يكون من أهل العيون الذين يؤذون الناس بأينهم ، ولا شك أن العائن عليه من الوبال والنقمة بقدر ما ضرّ العباد. إن ضرهم بأموالهم فعليه من ذلك إثم أو بأبدانهم أو بمجتمعهم ، ولهذا ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى تضمين العائن كل ما أتلف، يعني إذا عان أحداً وأتلف شيئاً من ماله أو أولاده أو غيرهم ، فإنه يضمن، كما أنهم قالوا: إن من اشتهر بذلك، فإنه يجب أن يُحبس إلا أن يتوب ، يحبس أتقاء شره، لأنه يؤذى الناس ويضرهم فيحبس كفاً لشره.
ومن مفاسد الحسد: انه يؤدي إلى تفرق المسلمين؛ لأن الحاسد مكروه عند الناس مبغض، والإنسان الطيب القلب الذي يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، تجده محبوباً من الناس، الكل يحبه، ولهذا دائماً نقول: والله فلان هذا طيب ما في قلبه حسد، وفلان رجلٌ خبيثٌ حسود وحقود وما أشبه ذلك.
فهذه عشر مفاسد كلها في الحسد ، وبهذا نعرف حكمة النبي صلى الله عليه وسل حيث قال:" لا تحاسدوا" أي لا يحسد بعضكم بعضاً، فإن قال قائل : ربما يجد الإنسان في نفسه إنه يحب أن يتقدم على غيره في الخير ، فهل هذا من الحسد؟ فالجواب : أن ذلك ليس من الحسد؛ بل هذا من التنافس في الخيرات، قال الله تعالى : (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) (الصافات:61) فإذا أحب الإنسان أن يتقدم على غيره في الخير ، فها ليس من الحسد في شيء الحسد أن يكره الخير لغيره.
واعلم أن للحسد علامات: منها أن الحاسد يحب دائماً أن يخفي فضائل غيره، فإذا كان إنسان ذا مال ، ينفق ماله في الخير من صدقات وبناء مساجد، وإصلاح طرق، وشراء كتب يوقفها على طلبة العلم وغير ذلك فتجد هذا الرجل الحسود إذا تحدث الناس على هذا المحسن يسكت وكأنه لم يسمع شيئاً، هذا لا شك إن عنده حسداً؛ لأن الذي يحب الخير يحب نشر الخير للغير، فإذا رأيت الرجل إذا تكلم عن أهل الخير بإنصاف وأثنى عليهم وقال: هذا فيه خيرٌ وهذا محسن، هذا كريم، فهذا يدل على طيب قلبه وسلامته من الحسد. نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الحسد ، ومن منكرات الأخلاق والأعمال.
أما قوله: " ولا تناجشوا" فالنجش هو أن يزيد في السلعة على أخيه وهو لا يريد شراءها ،وإنما يريد أن يضرّ المشتري، أو ينفع البائع ، أو الأمرين جميعأً.
مثال ذلك : عرضت سلعة في السوق فصار الناس يتزايدون فيها، فقام رجل فجعل يزيد فيها وهو لا يريد الشراء، تسام بمائة فقال بمائة وعشرة وهو لا يريد أن يشترى، ولكنه يريد أن يزيد الثمن على المشترى، أو يريد أن ينفع البائع فيزيد الثمن له أو الأمرين جميعاً ، فهذا حرامٌ ولا يجوز لما فيه من العدوان . أما إذا زاد الإنسان في الثمن عن رغبة في السلعة ، ولكن لما ارتفعت قيمتها تركها فهذا لا بأس به ، فإن كثيراً من الناس يزيد في السلعة؛ لأنه يرى أنها رخيصة ، فإذا زادت قيمتها تركها ، فهذا ليس عليه بأس . كما أن من الناس من يزيد في السلعة يريدها ويزيد في ثمنها حتى تخرج عن قيمتها كثيراً.
فالناس على زيادتهم في السلعة على ثلاث أقسام:
القسم الأول: نجش وهو حرام.
الثاني: يزيد فيها لأنه يرى أنها رخيصة، وأنها ستكسبه ، وليس له قصد في عين السلعة ولا يريدها بعينها، لكن لما رأي أنها رخيصة وأنها ستكسبه جعل يزيد ، فلما ارتفعت قيمتها تركها ، فهذا لا بأس به.
الثالث: أن يكون له غرض في السلعة، يريد أن يشتري هذه السلعة ، فيزيد حتى يطيب خاطره ويظفر بها، فهذا أيضاً لا بأس به.
وقوله صلى الله عليه وسلم :" ولا تباغضوا" أي لا يبغض بعضكم بعضاً، وهذا بالنسبة للمؤمنين بعضهم مع بعض، فلا يجوز للإنسان أن يُبغض أخاه أي : يكرهه في قلبه ؛ أنه أخوه ، ولكن لو كان هذا الأخ من العصاة الفسقة، فإنه يجوز لك أن تبغضه من أجل فسقه، ولا تبغضه بغضاً مطلقاً ، لكن أبغضه على ما فيه من المعصية ، وأحبه على ما فيه من الإيمان.
ومن المعلوم أننا لو وجدنا رجلاً مسلماً يشرب الخمر، ويشرب الدخان، ويجر ثوبه خيلاء ، فإننا لا نبغضه كما نبغض الكافر، فمن أبغضه كما يبغض الكافر انقلب على وجهه ، كيف تسوي بين مؤمن عاصٍ فاسق ، وبين الكافر ؟ هذا خطأ عظيم . ربما بعض الناس يكره المؤمن الذي عنده هذا الفسق أكثر مما يكره الكافر ، وهذا - والعياذ بالله - من انقلاب الفطرة فالمؤمن مهما كان خيرٌ من الكافر .
فأنت أبغضه على ما فيه من المعصية وأحبه على ما معه من الإيمان فإن قلت : كيف يجتمع حب وكراهية في شيء واحد؟
فالجواب: أنه يمكن أن وكراهة في شي واحد، أرايت لو أن الطبيب وصف لك دواءاً مراً منتن الرائحة ولكنه قال : أشربه وسوف تشفى بإذن الله ، فإنك لا تحب هذا الدواء على سبيل الإطلاق؛ لأنه مر وخبيث الرائحة، ولكنك تحبه من جهة أنه سبب للشفاء ، وتكرهه لما فيه من الرائحة الخبيثة والطعم المر.
هكذا المؤمن العاصي، لا تكرهه مطلقاً ، بل تحبه على ما معه من الإيمان ، وتكرهه على ما معه من المعاصي، ثم إن كراهتك إياه لا توجب أن تعرض عن نصيحته ، بأن تقول : أنا لا أتحمل أن أواجه هذا الرجل لأني اكره منظره، بل أجبر نفسك واتصل به وانصحهُ، ولعل الله أن ينفعه على يديك ولا تيأس ، كم من إنسان استبعدت هدايته فهداه الله عزّ وجلّ بمنه وكرمه.
والأمثلة على هذا كثيرة في قوتنا الحاضر وفيما سبق ؛ في وقتنا الحاضر يوجد أُناسٌ فسقة يسر الله لهم من يدعوهم إلى الحق فاهتدوا ، وصاروا أحسن من الذي دعاهم، وفيما سبق من الزمان أمثلة كثيرة، فهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه كان سيفاً مسلولاً على المسلمين ، ومواقفه في أُحد مشهورة حيث كرّ هو وفرسان من قريش على المسلمين من عند الجبل، وحصل ما حصل من الهزيمة، ثم هداه الله تعالى . وعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان من أكره الناس لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام فهداه الله وكان من أولياء الله ، فكان الثاني في هذه الأمة .
لذلك فلا تيأس ، ولا تقل إنني لا أطيق هذا الرجل لا منفطراً لا مسمعاً ، ولا يمكن أن أذهب إليه ، بل اذهب ولا تيأس، فالقلوب بيد الله عزّ وجلّ، نسأل الله أن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم.
فإن قال قائل: البغضاء هي انفعال في النفس ، والأشياء الانفعالية قد لا يطيقها الإنسان كالحب مثلاً، فالحب لا يملك الإنسان أن يحب شخصاً؛ أو يقلل من محبته، أو أن يزيد في محبته إلا بأسباب ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقسم بين زوجاته:" اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلومني فيما لا أملك[388]" يعني في المحبة، ومن المعلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يجب عائشة رضي الله عنها أكثر من غيرها من زوجاته ، لكن هذا بغير اختيار.
فإذا قال قائل : الغضب انفعال لا يمكن للإنسان أن يسيطر عليه ، فالجواب: الانفعال يحصل بفعل، فأنت مثلاً لا تحب شخصاً إلا لأسباب : إيمانه ، نفعه للخلق، حسن خلقه، خدمته لك، أو غيرها من الأشياء الكثيرة، تذكر هذه الأسباب فتحبه، ولا تكره شخصاً إلا لسبب، تذكر الأسباب التي توجب الكراهة فتكرهه ، لكن مع ذلك ينبغي للإنسان أن يعرض عن الأسباب التي توجب البغضاء مع أخيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا تباغضوا"
لكنى أقول : إن البغضاء لها أسباب ، والمحبة لها أسباب ،فإذا عرضت عن أسباب البغضاء وتناسيتها وغفلت عنها زالت بإذن الله ، وهذا هو الذي أراده النبي عليه الصلاة والسلام بقوله " لا تباغضوا" وهو نظير قوله للرجل الذي قال : يا رسول الله أوصني، قال " لا تغضب" قال : أوصني ، قال " لا تغضب" قال:" اوصني" قال :" لا تغضب" ردد مراراً قال :" لا تغضب"[389].
قد يقول الإنسان عن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ، كما جاء في الحديث [390]، فلا سبيل اله إلى إخماده، ونقول : بل له سبيل ، افعل الأسباب التي تخفف الغضب حتى يزول عنك الغضب.
قال : " ولا تدابروا " فهل المراد ألا يولي بعضكم دبر بعض من التدابر الحسي؟ بمعني مثلاً أن تجلس وتذر الناس وراءك في المجالس. نعم هذا من المدابرة، ومن المدابرة أيضاً المقاطعة في الكلام حين يتكلم أخوك معك وأنت قد صددت عنه ، أو إذا تكلم وليت وتركته ، فهذا من التدابر وهذا التدابر حسي.
وهناك تدابر معنوي ، هو اختلاف الرأي ، بحيث يكون كل واحد منا له رأى مخالف للآخر ، وهذا التدابر في الرأي أيضاً نهي عنه الرسول علي الصلاة والسلام.
وعندي أن من التدابر ما يفعله بعض الأخوة إذا سلم من الصلاة تقدم على الصف مقدار شبر أو نحوه ، فهذا فيه نوع من التدابر ، ولهذا شكا إلى بعض الناس هذه الحال، قال بعض الناس إذ سلمنا تقدم قليلاً ثم يحول بيني وبين الإمام، لا سيما إذا كان هناك درس فإنه يحول بينى وبين مشاهدة الإمام ، ومعلوم أن الإنسان إذا كان يرى المدرس كان أنبه له وأقرب للفهم والإدراك، فبعض الناس يكره هذا الشيء ، لذا أيضاً ينبغي للإنسان أن يكون ذا بصيرة وفطنة فلا تتقدم على إخوانك وتجعلهم وراءك، إذا كان بودك أن تتوسع فقم وتقدم بعيداً واجلس إذا كنت في الصف الأول، وإن كنت في الصف الثاني تأخر ، أما أن تتقدم على الناس وهم وراء ظهرك، فهذا فيه نوع من سوء الأدب .وفيه نوع من التدابر.
فينبغي في هذه المسألة وفي غيرها أن يتفطن الإنسان لغيره، وأن لا يكون أنانياً يفعل فقط ما طرأ على باله فعله، دون مراعاة للناس ، ودون حذر من فعل ما يُنتقد عليه.
أما الجملة الخامسة فهي قوله :" ولا يبيع بعضكم على بيع بعض " لا بيع بعضكم على بيع بعض ؛ لأن هذا يؤدي إلى الكراهية والعداوة والبغضاء. ومثال بيع الإنسان على بيع أخيه: أن يذهب لمن اشترى سلعة من شخص بمائة فيقول : أنا أعطيك مثلها بثمانين ، أو أعطيك أحسن منها بمائة فيرجع المشتري ويفسخ العقد الأول ويعقد مع الثاني، ففي هذا عدوان ظاهر على حق البائع الأول، وهذا العدوان يوجب العداوة والبغضاء بين المسلمين.
مثال ذلك الشراء على شرائه ، مثل أن يذهب إلي شخص باع سلعة بمائة فيقول له أنا أشتريها منك بمائة وعشرين، فيذهب البائع ويفسخ العقد ويبيع على الثاني، فهذا أيضاً حرامٌ ، لأنه بمعنى البيع على البيع .
ولكن هل هذا خاص في زمن الخيار أو عام؟
الحديث عام انه لا يحل لك أن تبيع على بيع أخيك سواء في زمن الخيار أولا ، و قال بعض العلماء : إنه محمول على ما إذا كان ذلك في زمن الخيار؛ لأنه إذا أنتهي وهن الخيار فإنه لا يستطيع أو يفسد العقل ومثال ذلك: رجل باع عل شخص سيارة بعشرة آلاف ريال، وجعل له الخيار ثلاثة أيام ، فذهب شخص إلى المشترى وقال : أنا أعطيك أحسن منها بعشرة آلاف ريال، فأغري المشترى أن يذهب للبائع ويقول : فسخت العقد، أو يذهب شخص إلي البائع ويقول: سمعت أنك بعت سيارتك على فلان بعشرة الآف ريال، أنا أعطيك أحد عشر ألفاً ، فيفسخ البيع ويرد ويبيعها على الثاني.
أما إذا كان بعد انتهاء المدة فقال بعض العلماء : إنه لا بأس ، يعني بعد أن باعه وجعل له الخيار ثلاثة أيام وانتهت الأيام الثلاثة، فلا بأس أن يذهب إلى الشخص الذي أشتراها ويقول : أنا أعطيك مثلها بأقل ، أو أحسن منها بالثمن الذي اشتريت به، وعللوا ذلك بأنه لا يمكنه حينئذ ان يفسخ البيع لانتهاء زمن الخيار.
ولكن ظاهر الحديث العموم، لأنه وإن كان لا يمكنه أن يفسخ البيع لانتهاء زمن الخيار فإنه قد يحاول أن يوجد مفسدا للعقد ، أو على الأقل يندم على شرائه، ويعتقد أن البائع غبنه وانه لعب عليه ، فيحدث له بذلك العداوة والبغضاء وهذا مع قرب المدة، أما إذا طالت المدة فلا بأس بها ؛ لأنه إذا طالت المدة فإنه من المعتذر أو المتعسر كثيراً أن يفسخ العقد.
والحاصل أن لدينا ثلاث حالات:
الحال الأول: أن يكون البيع أو الشراء على أخيه في زمن الخيار فلا شك في أنه حرام.
والحال الثانية: أن يكون بعد انتهاء زمن الخيار بمدة قريبة ، ففيه خلاف بين العلماء، والصحيح أنه حرام.
والحال الثالثة: أن يكون بعد زمن بعيد ، كشهر أو شهرين أو أكثر فهذا لا بأس به ، ولا حرج فيه ؛ لأن الناس يتبادلون السلع فيما بينهم على هذا الوجه ، وعلى وجوه أخرى.
ومثل ذلك : الإجارة على إجارته مثل أن يذهب شخص إلى آخر استأجر بيتاً من إنسان السنة بألف ريال، قال له أنا عندي لك أحسن منه بثمانمائة ريال ، فهذا حرام لأنه عدوان كالبيع على بيعه.
ومثل ذلك أيضاً : السوم على سومه، وقد جاء صريحاً فيما رواه مسلم[391] ، ويسوم على سومه يعني إذا سام شخص سلعة من آخر ، وركن إليه صاحب السلعة، لم يبق إلا العقد ، مثل أن يقول : بعها على بألف فيركن إليه البائع، ولكن لم يتم العقد، بل يجزم أن يبيع عليه، فيأتي إنسان آخر ويقول :" أنا أعطيك بها ألفاً ومائه، فإن هذا لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لا يسم على سوم أخيه".
ومثل ذلك أيضا في النكاح ، إذا خطب شخص من آخر فلا يحل لأحد أن يخطب على خطبته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" ولا يخطب على خطبة أخيه" وكل هذا احتراماً لحقوق المسلمين بعضهم على بعض، فلا يحل للإنسان أن يعتدي على حق إخوانه ؛ لا ببيع ولا شراء ولا إجارة ولا سوم ولا نكاح ولا غير ذلك من الحقوق.
بقي الكلام على قوله عليه الصلاة والسلام :" التقوى هاهنا ويشير على صدره" وقد سبق لنا معنى أن التقوى في القلب ، فإذا اتقى القلب اتقت الجوارح، وإذا زاغ القلب زاغت الجوارح- والعياذ بالله - قال تعالى (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (المائدة:108) .
واعلم أنه زيغ القلب لا يكون إلا بسبب الإنسان ، فإذا كان الإنسان يريد الشر ولا يريد الخير فإنه يزيغ قلبه- والعياذ بالله - ودليل هذا قوله تعالى : ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ )(الصف: 5)، وقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (لأنفال:70) .
فإذا علم الله من العبد نية صالحة وإرادة للخير ، يسر الله له ذلك وأعانه عليه ، قال الله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى) (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) (الليل:5-7).
وقوله عليه الصلاة والسلام :" بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم[392] يعني لو لم يكن للإنسان من الشر إلا أن يحقر أخاه الكان كافياً ، وهذا يدل على كثرة إثم من حقره إخوانه المسلمين؛ لأن الواجب على المسلم أن يعظم إخوانه المسلمين ويكبرهم ويعتقد لهم منزلة في قلبه، وأما احتقارهم وازدراؤهم فإن في ذلك من الإثم ما يكفر- نسأل الله السلامة.
ثم قال صلى الله عليه وسلم :" كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه".يعني أن المسلم حرام على المسلم في هذه الأمور الثلاثة، أي في كل شيء؛ لأن هذه الأمور الثلاثة تتضمن كل شيء؛ الدم : كالقتل والجراح وما أشبهها، والعرض : كالغيبة ، والمال : وكأكل المال، وأكل المال له طرق كثيرة؛ منها السرقة، ومنها الغصب- وهو أخذ المال قهراً - ومنها أن يجحد ما عليه من الدين لغيره، ومنها أن يدعي ما ليس له وغيره ذلك.
وكل هذه أشياء حرام، ويجب على المسلم أن يحترم أخاه في ماله ودمه وعرضه.



386 أخرجه مسلم : كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم ..، رقم (2564)
387 أخرجه أبو داود ، كتاب الأدب باب في الحسد، رقم (4903)
388 أخرجه أبو داود ، كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء ، رقم (2134) وابن ماجه ، كتاب النكاح، باب القسمة بين النساء ، رقم (1971)
389 اخرجه البخاري ، كتاب الأدب باب الحذر من الغضب رقم (6116)
390 اخرجه الترمذي ، كتاب الفتن، باب ما جاء ما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بما هو كائن، رقم (2191) وأحمد في المسند، رقم (3/19، 61) وقال الترمذي حسنٌ صحيح .
391 أخرجه مسلم ، كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها ...، رقم (1408)
392 تقدم تخريجه

عدد المشاهدات *:
420801
عدد مرات التنزيل *:
177412
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2015

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى

روابط تنزيل : 235- وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحاسدوا ،ولا تجاسسوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم :لا يظلمه ولا يحقره، ولا يخذلهُ ، التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" رواه مسلم [386]. " النجش " أن يزيد في ثمن سلعة ينادى عليها في السوق ونحوه ، ولا رغبة له في شرائها بل يقصد أن يغر غيره وهذا حرامٌ" والتدابر " أن يعرض عن الإنسان ويهجره ويجعله كالشيء الذي وراء الظهر والدبر.
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  235- وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  235- وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
برنامج تلاوة القرآن الكريم
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين لكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمهم الله تعالى


@designer
1