هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف في باب البكاء من خشية الله أو من الشوق إليه سبحانه وتعالى، ذكر فيها عدة أحاديث ، منها: حديث عبد الله ابن الشخير رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي وكان لصدره أزيز كأزيز المرجل.
المرجل: القِدر يغلي على النار وله صوت معروف، وأزيز صدر النبي صلى الله عليه وسلم كان من خَشية الله بلا شك، فهذا بكاء من خشية الله.
وذكر حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأُبي بن كعب" إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) (البينة:1) ، فقال : وسماني لك ؟ قال: "نعم". فبكى أُبي.
لكن هذا البكاء يحتمل أن يكون شوقاً إلى الله عزَّ وجلَّ؛ لأن أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هذه السورة على أُبي تدل على رفعة أُبي بن كعب رضي الله عنه، ويحتمل أن يكون ذلك من الفرح؛ فإن الإنسان ربما يبكي إذا فرح، كما أنه يبكي إذا حزن.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله أحاديث كلها تدل على البكاء على الحزن على ما مضى، منها حديث أم أيمن رضي الله عنها حين زارها الصحابيان: أبو بكر وعمر، أتيا إليها كما كان النبي صلى الله عليه وسل يزورها، فلما أتيا إليها بكت فقالا لها :"ما يبكيك"؟ أما عملت أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت بلى إني لا أبكي أني لا أعلم". يعني: بل أنا أعلم" ولكن أبكي لأن الوحي قد انقطع من السماء" انقطع الوحي " فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها".
وكذلك حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه حين جيء إليه بالطعام وهو صائم، والصائم يشتهي الطعام عادة، ولكنه رضي الله عنه تذكر ما كان عليه الصحابة الأولون، وهو رضي الله عنه من الصحابة الأولين من المهاجرين رضي الله عنهم، لكنه قال احتقاراً لنفسه قال: إن مصعب بن عمير رضي الله عنه كان خيراً مني.
وكان مصعبٌ رجلاً شاباً، كان عند والديه بمكة وكان والداه أغنياء، وأمه وأبوه يلبسانه من خير اللباس : لباس الشباب والفتيان، وقد دلّلاه دلالاً عظيماً، فلما أسلم هجراه وأبعداه، وهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مع المهاجرين، وكان عليه ثوب مرقع بعدما كان في مكة عند أبويه يلبس أحسن الثياب، لكنه ترك ذلك كله مهاجراً إلى الله ورسوله.
وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم أحد ، فاستشهد رضي الله عنه، وكان معه بردة- أي ثوب- إذا غطوا به رأسه بدت رجلاه- وذلك لقصر الثوب- وإن غطوا رجليه بدا رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستر به رأسه وأن تستر رجلاه بالإذخر؛ نبات معروف.
فكان عبد الرحمن بن عوف يذكر حال هذا الرجل ، ثم يقول: إنهم قد مضوا وسلموا مما فتح الله به من الدنيا على من بعدهم من المغانم الكثيرة، كما قال تعالى : (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا) (الفتح:19) .
ثم قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه :" قد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا"؛ لأن الكافر يجزى على حسناته في الدنيا، وله في الآخرة عذاب النار، والمؤمن قد يجزى في الدنيا وفي الآخرة، لكن جزاء الآخرة هو الأهم.
فخشي رضي الله عنه أن تكون حسناتهم قد عجلت لهم في هذه الدنيا، فبكى خوفاً وفرقاً، ثم ترك الطعام رضي الله عنه.
ففي هذا دليلٌ على البكاء من خشية الله ومخافة عقابه، والله الموفق.
(304) رواه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب البكاء في الصلاة ، رقم ( 904 ) .
(305) رواه البخاري ، كتاب مناقب الأنصار ، باب مناقب أبي بن كعب ، رقم ( 3809 ) ، ومسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والخلق ، رقم ( 799 ) .
(306) رواه مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل أم أيمن . . . ، رقم ( 2454 ) .
(307) رواه البخاري ، كتاب الأذان ، باب حد المريض أن يشهد الجماعة ، رقم ( 664 ) ، ومسلم ، كتاب الصلاة ، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ، رقم ( 418 ) [ 94 ] .
المرجل: القِدر يغلي على النار وله صوت معروف، وأزيز صدر النبي صلى الله عليه وسلم كان من خَشية الله بلا شك، فهذا بكاء من خشية الله.
وذكر حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأُبي بن كعب" إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) (البينة:1) ، فقال : وسماني لك ؟ قال: "نعم". فبكى أُبي.
لكن هذا البكاء يحتمل أن يكون شوقاً إلى الله عزَّ وجلَّ؛ لأن أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هذه السورة على أُبي تدل على رفعة أُبي بن كعب رضي الله عنه، ويحتمل أن يكون ذلك من الفرح؛ فإن الإنسان ربما يبكي إذا فرح، كما أنه يبكي إذا حزن.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله أحاديث كلها تدل على البكاء على الحزن على ما مضى، منها حديث أم أيمن رضي الله عنها حين زارها الصحابيان: أبو بكر وعمر، أتيا إليها كما كان النبي صلى الله عليه وسل يزورها، فلما أتيا إليها بكت فقالا لها :"ما يبكيك"؟ أما عملت أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت بلى إني لا أبكي أني لا أعلم". يعني: بل أنا أعلم" ولكن أبكي لأن الوحي قد انقطع من السماء" انقطع الوحي " فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها".
وكذلك حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه حين جيء إليه بالطعام وهو صائم، والصائم يشتهي الطعام عادة، ولكنه رضي الله عنه تذكر ما كان عليه الصحابة الأولون، وهو رضي الله عنه من الصحابة الأولين من المهاجرين رضي الله عنهم، لكنه قال احتقاراً لنفسه قال: إن مصعب بن عمير رضي الله عنه كان خيراً مني.
وكان مصعبٌ رجلاً شاباً، كان عند والديه بمكة وكان والداه أغنياء، وأمه وأبوه يلبسانه من خير اللباس : لباس الشباب والفتيان، وقد دلّلاه دلالاً عظيماً، فلما أسلم هجراه وأبعداه، وهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مع المهاجرين، وكان عليه ثوب مرقع بعدما كان في مكة عند أبويه يلبس أحسن الثياب، لكنه ترك ذلك كله مهاجراً إلى الله ورسوله.
وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم أحد ، فاستشهد رضي الله عنه، وكان معه بردة- أي ثوب- إذا غطوا به رأسه بدت رجلاه- وذلك لقصر الثوب- وإن غطوا رجليه بدا رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستر به رأسه وأن تستر رجلاه بالإذخر؛ نبات معروف.
فكان عبد الرحمن بن عوف يذكر حال هذا الرجل ، ثم يقول: إنهم قد مضوا وسلموا مما فتح الله به من الدنيا على من بعدهم من المغانم الكثيرة، كما قال تعالى : (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا) (الفتح:19) .
ثم قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه :" قد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا"؛ لأن الكافر يجزى على حسناته في الدنيا، وله في الآخرة عذاب النار، والمؤمن قد يجزى في الدنيا وفي الآخرة، لكن جزاء الآخرة هو الأهم.
فخشي رضي الله عنه أن تكون حسناتهم قد عجلت لهم في هذه الدنيا، فبكى خوفاً وفرقاً، ثم ترك الطعام رضي الله عنه.
ففي هذا دليلٌ على البكاء من خشية الله ومخافة عقابه، والله الموفق.
(304) رواه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب البكاء في الصلاة ، رقم ( 904 ) .
(305) رواه البخاري ، كتاب مناقب الأنصار ، باب مناقب أبي بن كعب ، رقم ( 3809 ) ، ومسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والخلق ، رقم ( 799 ) .
(306) رواه مسلم ، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل أم أيمن . . . ، رقم ( 2454 ) .
(307) رواه البخاري ، كتاب الأذان ، باب حد المريض أن يشهد الجماعة ، رقم ( 664 ) ، ومسلم ، كتاب الصلاة ، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ، رقم ( 418 ) [ 94 ] .

342142

165396

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/04/2015