اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 18 رمضان 1445 هجرية
???? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?????? ???????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

الجنة

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
العدة شرح العمدة لبهاء الدين المقدسي
كتاب الجهاد
باب الجهاد
الكتب العلمية
باب الجهاد

وهو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين


(وهو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين) ، ومعنى فرض الكفاية الذي إذا لم يقم به من يكفي أثم الناس كلهم، وإن قام به من يكفي سقط عن سائر الناس، فالخطاب في ابتدائه يتناول الجميع، وإنما يسقط بفعل البعض، وهو في الابتداء كفرض الأعيان، ثم يختلفان في أن فرض الأعيان لا يسقط عن واحد بفعل غيره، وفرض الكفاية بخلافه، والجهاد فرض كفاية في قول عامتهم؛ لقول الله سبحانه: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: 95] ، وهذا يدل على أن القاعدين غير مأثومين مع جهاد غيرهم.

(1) ويتعين على من حضر الصف أو حصر العدو بلده

مسألة 1: (ويتعين على من حضر الصف أو حصر العدو بلده) ؛ لقوله سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123] .

(2) ولا يجب إلا على ذكر حر بالغ عاقل مستطيع

مسألة 2: (ولا يجب إلا على ذكر حر بالغ عاقل مستطيع) ، وذلك أنه يشترط لوجوب الجهاد شروط:
أحدها: أن يكون ذكرا، فأما النساء فلا يجب عليهن، لما روت عائشة قالت: قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ فقال: «جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة» (رواه ابن ماجه) ، ولأنها ليست من أهل القتال لضعفها وخورها ولذلك لا يسهم لها.
والثاني: الحرية، فلا يجب على العبد لما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يبايع الحر على الإسلام والجهاد، ويبايع العبد على الإسلام دون الجهاد» ؛ ولأنه عبادة تتعلق بقطع مسافة فلم تجب على العبد كالحج.
الثالث: البلوغ، فلا يجب على صبي؛ لأن الصبي ضعيف البنية، وقد روى ابن عمر قال: «عرضت على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني في المقاتلة» متفق عليه.
الرابع: العقل، فلا يجب على مجنون؛ لأنه لا يتأتى منه الجهاد، فهو كالطفل في ذلك.
الخامس: المستطيع، وهو أن يكون صحيحا في بدنه قادرا على النفقة، فأما الأعمى والأعرج والمريض فلا يجب عليهم جهاد؛ لأن العمى عذر لا يخفى، وأما العرج فإن كان كثيرا منع وإن كان يسيرا لم يمنع، والمرض كذلك، وذلك لقوله سبحانه: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: 61] يعني في ترك الجهاد، وأما النفقة فتشترط في الاستطاعة؛ لقوله سبحانه: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91] ؛ ولأن الجهاد لا يمكن إلا بآلة فتعتبر القدرة عليها، وقال الله سبحانه: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92] ، وهذا فيما إذا كانت المسافة تحتاج إلى ركوب فلا بد من الراحلة.


ص : 621


(3) والجهاد أفضل التطوع، لقول أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الأعمال أفضل؟ قال: " إيمان بالله " قال: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله، ثم حج مبرور» ، وعن أبي سعيد قال: «سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الناس أفضل؟ قال: رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه»

مسألة 3: (والجهاد أفضل التطوع، لقول أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله، ثم حج مبرور "، وعن أبي سعيد قال: " سئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الناس أفضل؟ قال: رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه) » (رواه مسلم) .

(4) وغزو البحر أفضل من غزو البر

مسألة 4: (وغزو البحر أفضل من غزو البر) لما روي عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «نام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت أم حرام: ما يضحكك يا رسول الله؟
قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر، ملوك على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة» متفق عليه، وروى أبو داود عن أم حرام عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد، والغرق له أجر شهيدين» ، وروى ابن ماجه عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «شهيد البحر مثل شهيدي البر، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر، وما بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله، وإن الله تعالى وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهيد البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم، ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين، ويغفر لشهيد البحر الذنوب والدين» ، ولأن الغازي في البحر أعظم خطرا ومشقة، فإنه بين خطر العدو وخطر الغرق، ولا يتمكن من الفرار إلا مع أصحابه فكان أفضل من غيره.

ص : 622


(5) ويغزا مع كل بر وفاجر

مسألة 5: (ويغزا مع كل بر وفاجر) يعني مع كل إمام، لما روى أبو داود بإسناده قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا» ؛ ولأن ترك الجهاد مع الفاجر يفضي إلى قطع الجهاد وظهور الكفار على المسلمين واستئصالهم وإظهار كلمة الكفر وفيه أعظم الفساد.

(6) ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو

مسألة 6: (ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو) لقول الله سبحانه: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123] ؛ ولأن الأقرب أكثر ضررا، وفي مقاتلته دفع ضرره عن المقاتل وعمن وراءه، والاشتغال بالبعيد عنه يمكنه من انتهاز الفرصة في المسلمين لاشتغالهم عنه.

ص : 623


(7) وتمام الرباط أربعون يوما وروي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه» وقال: «رباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه» ومن مات مرابطًا أجرى له أجره إلى يوم القيامة ووقي الفتان

مسألة 7: (وتمام الرباط أربعون يوما) ، والرباط الإقامة بالثغر مقويا المسلمين على الكفار، والثغر كل مكان يخيف أهله العدو ويخافونه، وروى أبو داود بإسناده عن عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه» (رواه الترمذي) من المنازل، وعن فضالة بن عبيد أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن فتان القبر» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن سلمان قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، فإن مات أجرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه وأمن من الفتان» أخرجه مسلم، وإذا ثبت هذا فإن تمام الرباط أربعون يوما، كذلك قال ابن عمر وأبو هريرة، وروى أبو الشيخ بإسناده عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «تمام الرباط أربعون يوما» "، وروى سعيد بن منصور في سننه عن أبي هريرة قال: رباط يوم في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر في أحد المسجدين مسجد الحرام ومسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن رابط أربعين يوما فقد استكمل الرباط، وروى نافع عن ابن عمر أنه قدم على عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من الرباط فقال له: كم رابطت؟ قال: ثلاثين يوما، قال: عزمت عليك إلا رجعت حتى تتمها أربعين يوما، ولو رابط أكثر من ذلك أو أقل فله ثواب ما عمل.

(8) ولا يجاهد من أحد أبويه حي مسلم إلا بإذنه

مسألة 8: (ولا يجاهد من أحد أبويه حي مسلم إلا بإذنه) لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله أجاهد؟ فقال: ألك أبوان؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد» وروى الترمذي عن ابن عباس مثله وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية «جئت لأبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان،فقال: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما» وعن أبي سعيد «أن رجلا هاجر إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هل لك باليمن أحد؟ قال: نعم أبواي، قال: أذنا لك؟ قال: لا، قال: فارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما» رواهما أبو داود، ولأن بر الوالدين فرض عين والجهاد فرض كفاية، وفرض العين مقدم على فرض الكفاية، فإن كان أبواه غير مسلمين فلا إذن لهما؛ لأن كثيرا من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانوا يجاهدون وآباؤهم مشركون لا يستأذنونهم، منهم أبو بكر، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة كان يوم بدر مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبوه رئيس المشركين قتل ببدر، وأبو عبيدة قتل أباه في الجهاد، فأنزل الله سبحانه: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [المجادلة: 22] الآية.

ص : 624


(9) إلا أن يتعين عليه

مسألة 9: (إلا أن يتعين عليه) الجهاد فلا إذن لهما؛ لأنه صار فرض عين وتركه معصية ولا طاعة لأحد في معصية الله، وكذلك كل ما وجب من الحج والصلاة في الجماعة والسفر للعلم الواجب، ولأنه عبادة تعينت عليه فلا يعتبر إذن الأبوين فيها كالصلاة.

(10) ولا يدخل من النساء دار الحرب إلا امرأة طاعنة في السن لسقي الماء ومعالجة الجرحى

مسألة 10: (ولا يدخل من النساء أرض الحرب إلا امرأة طاعنة في السن لسقي الماء ومعالجة الجرحى) ويكره دخول النساء الشواب أرض العدو؛ لأنهن لسن من أهل القتال لاستيلاء الخور والجبن عليهن، ولا يؤمن ظفر العدو بهن فيستحل منهن ما حرم الله، فأما المرأة الطاعنة في السن إذا كان فيها نفع مثل سقي الماء وعلاج الجرحى فلا بأس به، فقد قال أنس: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يغزو بأم سليم ونسوة معها من الأنصار يسقين الماء ويداوين الجرحى» ، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقالت الربيع: " «كنا نغزو مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لسقي الماء ومعالجة الجرحى» (رواه البخاري) ، ويجوز للأمير أن يستصحب معه المرأة الواحدة عنده للحاجة، فقد كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخرج معه بالمرأة الواحدة من نسائه ولا يرخص لسائر الرعية لئلا يفضي إلى ما ذكرنا من الضرر.

ص : 625


(11) ولا يستعان بمشرك

مسألة 11: (ولا يستعان بمشرك إلا عند الحاجة إليه) لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إنا لا نستعين بمشرك» (رواه أبو داود) ؛ ولأنه لا يؤمن أن يدخل على المسلمين ضررا فأشبه المرجف والمخذل، وقد روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن حبيب قال: «أتيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يريد غزوا أنا ورجل من قومي ولم نسلم، فقلنا: إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم، قال: وأسلمتما؟ قلنا: لا، قال: إنا لا نستعين بالمشرك على المشركين، قال: فأسلمنا وشهدنا معه» (رواه أحمد) ، وروت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «خرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بدر فأدركه رجل من المشركين كان يذكر منه جرأة ونجدة فسر المسلمون به، فقال: يا رسول الله جئت لأتبعك وأصيب معك، قال: أتؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك على مشرك» رواه الجوزجاني، وفيه قالت: «ثم مضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى إذا كان بالبيداء أدركه ذلك الرجل فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أتؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، قال: فانطلق» (رواه مسلم)

(12) إلا عند الحاجة إليه.

مسألة 12: (إلا عند الحاجة إليه) وعن أحمد ما يدل على ذلك، فقد خرج صفوان بن أمية مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة حنين وهو مشرك وأسهم له، وروى الزهري «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعان بناس من اليهود في حربه وأسهم لهم» رواه سعيد في سننه، هذا إذا غزا مع الإمام بإذنه وهي إحدى الروايتين، وعنه لا يسهم له ولكن يرضخ له لأنه ليس من أهل الجهاد أشبه العبد.

(13) ولا يجوز الجهاد إلا بإذن الأمير، إلا أن يفجأهم عدو يخافون كلبه، أو تعرض فرصة يخافون فوتها

مسألة 13: (ولا يجوز الجهاد إلا بإذن الأمير) لأنه أعرف بمصالح الحرب والطرقات ومكامن العدو وكثرتهم وقلتهم، فينبغي أنه يرجع إلى رأيه، (إلا أن يفجأهم عدو غالب يخافون كلبه، أو تعرض فرصة يخافون فوتها) فمتى جاء العدو بلدا وجب على أهله النفير إليهم، ولم يجز لأحد التخلف عنهم إلا من يحتاج إلى إقامته لحفظ المكان والأهل والمال ومن يمنعه الأمير من الخروج لقوله سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] ، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إذا استنفرتم فانفروا» (رواه ابن ماجه) ، وقد ذم الله سبحانه الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الأحزاب، فقال: {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا} [الأحزاب: 13] ، ولا يخرجون إلا بإذن الأمير إذا أمكن ذلك، وكذلك إن عرض لهم فرصة يخافون فوتها جاز لهم انتهازها ويستأذنونه إذا أمكن.

ص : 626


(14) وإذا دخلوا دار الحرب لم يجز لأحد أن يخرج من العسكر لعلف أو احتطاب أو غيره إلا بإذن الأمير

مسألة 14: (وإذا دخلوا أرض الحرب لم يجز لأحد أن يخرج من العسكر لعلف أو احتطاب أو غيره إلا بإذن الأمير) ؛ لقول الله سبحانه: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] ، ولأنه أعرف بحال الناس والمواضع ومكامن العدو وحاله وقربه وبعده، فإذا استؤذن فالظاهر أنه لا يأذن لهم في الخروج إلا إذا علم خلو المكان من المخافة، وإن خرجوا من غير إذنه لم يأمنوا أن يكون في الموضع الذي يذهبون إليه عدو فيظفر بهم، وربما ارتحل الأمير بالناس وبقي الخارج فيضيع.

(15) ومن أخذ من دار الحرب ما له قيمة لم يجز له أن يختص به، إلا الطعام والعلف فله أن يأخذ منه ما يحتاج إليه

مسألة 15: (ومن أخذ من دار الحرب ما له قيمة لم يجز أن يختص به) ، والمسلمون شركاؤه فيه؛ لأنه مال ذو قيمة مأخوذ من أرض الحرب بظهر المسلمين فكان غنيمة كغير المباح (إلا الطعام والعلف فله إن يأخذ منه ما يحتاج إليه) لما روى عبد الله بن أبي أوفى قال: «أصبنا طعاما يوم خيبرفكان الرجل يجيء فيأخذ مقدار ما يكفيه ثم ينصرف» رواه أبو داود، وروى سعيد أن صاحب جيش الشام كتب إلى عمر: إنا فتحنا أرضا كثيرة الطعام والعلف، وكرهت أن أتقدم في شيء من ذلك، فكتب إليه: دع الناس يعلفون ويأكلون، ومن باع منهم شيئا بذهب أو فضة ففيه خمس الله وسهام المسلمين، ولأن الحاجة تدعو إلى هذا، وفي المنع منه ضرر بالجيش وبدوابهم، ويعسر عليهم نقل العلوفة والطعام من دار الإسلام، ولا يمكن قسمة ما يأخذه الواحد منهم، ولو قسم لم يحصل الواحد منهم على شيء ينتفع به فأبيح لهم ذلك فمن أخذ ما يقتات به أو يعلف دوابه فهو أحق به.

ص : 627


(16) فإن باعه رد ثمنه في المغنم

مسألة 16: (فإن باعه رد ثمنه في المغنم) كغير الطعام.

(17) وإن فضل معه منه بعد رجوعه إلى بلده لزمه رده، إلا أن يكون يسيرا فله أكله وهديته

مسألة 17: (فإن فضل منه ما لا حاجة به إليه رده) على المسلمين؛ لأنه إنما أبيح له منه ما يحتاج إليه لا غير (وأما الشيء اليسير فيجوز أكله وهديته) لأن ما كان مباحا في دار الحرب فإذا أخرجه كان أحق به كالذي لا قيمة له في دار الحرب، وعنه يجب رده لأنه أبيح في دار الحرب للحاجة وقد زالت الحاجة فتزول الإباحة، ولهذا لا يجوز له ابتداء الأخذ في دار الإسلام.

(18) ويجوز تبييت الكفار ورميهم بالمنجنيق، وقتالهم قبل دعائهم، «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أغار بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم»

مسألة 18: (ويجوز تبييت الكفار) وهو كبسهم ليلا (ورميهم بالمنجنيق وقتالهم قبل دعائهم؛ لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أغار على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم» ، وقال ابن المنذر: جاء الحديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه نصب المنجنيق على أهل الطائف، وعن عمرو بن العاص أنه نصب المنجنيق على أهل الإسكندرية.

(19) ولا يقتل صبي ولا مجنون ولا امرأة ولا راهب ولا شيخ فان ولا زمن ولا أعمى ولا من لا رأي لهم إلا أن يقاتلوا

مسألة 19: (ولا يقتل منهم صبي ولا مجنون ولا امرأة ولا راهب ولا شيخ فان ولا زمن ولا أعمى ولا من لا رأي لهم إلا أن يقاتلوا) وروى ابن عمر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن قتل النساء والصبيان» متفق عليه، وروي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا امرأة» رواه أبو داود، وروى سعيد أن أبا بكر أوصى يزيد حين وجهه إلى الشام فقال: لا تقتلوا صبيا ولا امرأة ولا هرما، وأن عمر أوصى سلمة بن قيس فقال: لا تقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا هرما، ولا يقتل المجنون بالقياس على الطفل، ولأنه لا نكاية له أشبه الصبي، وفي حديث أبي بكر أنه قال: وستمرون على قوم في صوامع لهم احتبسوا أنفسهم فيها، فدعهم حتى يميتهم الله على ضلالتهم، ولأنه لا نكاية لهم فلم يجز قتلهم كالنساء، والزمن والأعمى يقاس على الشيخ بما بيناه من عدم النكاية في الحرب إلا أن يكون لهم رأي في الحرب فيقتلون لأن ذلك نكاية كالقتال.

ص : 628


(20) ويخير الإمام في أسارى الرجال بين القتل والاسترقاق والفداء والمن، ولا يختار إلا الأصلح

مسألة 20: (ويخير الإمام في أسارى الرجال بين القتل والاسترقاق والفداء والمن، ولا يختار إلا الأصلح للمسلمين) أما جواز تخير القتل فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتل رجال قريظة وهم ما بين الستمائة والسبعمائة، وقتل يوم بدر عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث صبرا، ولأن العدو قد يكون منهم من له قوة ونكاية في المسلمين فيكون قتله أصلح للمسلمين، وأما جواز المن والفداء فلقوله سبحانه: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] ، وأيضا فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد من على ثمامة بن أثال وعلى أبي غيرة الشاعر وأبي العاص بن الربيع، وقال في أسارى بدر: " «لو كان المطعم بن عدي حيا ثم سألني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له» (رواه البخاري) ، ودليل الفداء «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فادى أسارى بدر وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا ففادى كل رجل بأربع مائة، وفادى يوم بدر رجلا برجلين وصاحب العضباء برجلين» ، وهذه قصص اشتهرت وعلمت، وقد فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كل واحدة منها مرة أو مرارا وهو دليل الجواز، ولأن كل خصلة من هذه الخصال قد تكون هي الأصلح، وفي بعض الأسارى فإن منهم من تكون له قوة ونكاية فقتله أصلح، ومنهم الضعيف الذي له مال كثير ففداؤه أصلح، ومنهم حسن الرأي في الإسلام فإطلاقه ربما كان سببا لإسلامه فالمن عليه أصلح، ومنهم من ينتفع بخدمته ويؤمن شره فاسترقاقه أصلح، والإمام أعلم بالمصلحة فينبغي أن يفوض إليه ذلك، ويجوز استرقاق أهل الكتاب والمجوس وأما غيرهم فلا، وعن أحمد يجوز استرقاقهم لأنه كافر فجاز استرقاقه كالكتابي.
إذا ثبت هذا فإن التخيير المشروع تخيير مصلحة واجتهاد لا تخيير شهوة، فإذا رأى أن مصلحة المسلمين في قتله بأن يكون ذا شوكة وبأس يخاف الضرر بتركه لم يجز إلا قتله، وما رأى فيه مصلحة من سائر الخصال تحتم ولم يجز له غيره، ومتى تردد في هذه الأمور فالقتل أولى، قال مجاهد في أميرين أحدهما يقتل الأسارى: الذي يقتل أفضل، قال إسحاق: الإثخان أحب إلي إلا أن يكون معروفا يطمع فيه الكثير.

ص : 629

للمسلمين

(21) وإن استرقهم أو فاداهم بمال فهو غنيمة

مسألة 21: (وإن استرقهم أو فاداهم بمال فهو غنيمة) لا نعلم في هذا خلافا «فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قسم فداء أسرى بدر بين الغانمين» ، ولأنه مال غنمه المسلمون فأشبه الخيل والسلاح، وإذا استرقهم كانوا غنيمة للمسلمين؛ لأنهم الذين أسروهم وقهروهم، ومن كان بدله غنيمة كان أصله غنيمة قياسا للأصل على البدل.

(22) ولا يفرق في السبي بين ذوي رحم محرم إلا أن يكونوا بالغين

مسألة 22: (ولا يفرق في السبي بين ذوي رحم محرم إلا أن يكونوا بالغين) أجمعوا على أن التفريق بين الأم وولدها الطفل غير جائز، وروى أبو أيوب قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، ولأن في ذلك إضرارا بها وتحسرا عليه، وظاهر كلام الخرقي أنه يحرم التفريق وإن كان الولد كبيرا وبالغا، وهو إحدى الروايتين عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، والرواية الثانية نقلها مهنى يجوز التفريق بينهما بعد البلوغ، لما روى عبادة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يفرق بين الأم وولدها، فقيل: إلى متى؟ قال: حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية» "، وعن سلمة بن الأكوع «أنه أتى أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بامرأة وبنتها فنفله أبو بكر ابنتها ثم استوهبها منه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوهبها إياه» (رواه أبو داود) ، ولما أهدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مارية وأختها سيرين أمسك مارية لنفسه ووهب سيرين لحسان بن ثابت، ولأن الأحرار يتفرقون بعد البلوغ فإن المرأة تزوج ابنتها ويفرق بينهما فالعبيد أولى، وأما الأب فلا يجوز التفريق بينه وبين ولده؛ لأنه أحد الأبوين أشبه الأم، والجد في ذلك كالأب، والجدة كالأم؛ لأن الجد أب والجدة أم يقومان مقام الأبوين في استحقاق الحضانة والميراث والنفقة فقاما مقامهما في تحريم التفريق، يستوي في ذلك الجد والجدة من قبل الأب والأم؛ لأن الجميع ولادة ومحرمية فاستووا في ذلك كاستوائهم في منع شهادة بعضهم لبعض، ولا يفرق بين الأخوين ولا الأختين لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «وهب لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غلامين أخوين فبعت أحدهما، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما فعل غلامك؟ فأخبرته، فقال: رده رده» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وروى عبد الرحمن ابن فروخ عن أبيه قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا تفرقوا بين الأخوين ولا بين الأم وولدها في البيع، ولأنه ذو رحم محرم من النسب فلم يجز التفريق بينهما كالوالد والولد.

ص : 630


(23) ومن اشترى منهم على أنه ذو رحم فبان بخلافه رد الفضل الذي فيه بالتفريق

مسألة 23: (ومن اشترى منهم على أنه ذو رحم فبان بخلافه رد الفضل الذي فيه بالتفريق) ؛ لأنه إذا اشتراهم على أنهم ذوو رحم ثم بان أنهم ليس بينهم رحم فإن قيمتهم تزيد بذلك، فإنه إذا اشترى امرأتين على أن إحداهما بنت الأخرى لم يتمكن من وطئهما جميعا، ومتى وطئ إحداهما حرمت الأخرى على التأبيد ولا يتمكن من بيعها، فإذا بانت أجنبية حل وطئها وبيعها وهبتها، فتزيد قيمتها بذلك فيجب عليه رد الفضل كما لو أخذ دراهم بحقه فبانت أكثر عددا مما حسبت عليه.

(24) ومن أعطى شيئا يستعين به في غزوة فإذا رجع فله ما فضل، إلا أن يكون لم يعط لغزاة بعينها فيرد الفضل في الغزو

مسألة 24: (ومن أعطى شيئا يستعين به في غزاته فإذا رجع فله ما فضل، إلا أن يكون لم يعط لغزاة بعينها فيرد الفضل في الغزو) ، ولأنه أعطى على سبيل المعاونة والنفقة لا على سبيل الإجارة فكان له الفاضل، كما لو أوصى أن يحج عنه حجة بألف فإن الفضل له؛ وإن أعطاه شيئا ينفقه في الغزو أو في سبيل الله ففضل منه فضل أنفقه في غزاة أخرى؛ لأنه أعطاه الجميع في سبيل الله مطلقا فلزمه امتثال ما أمره به كما لو أوصى بألف يحج بها ففضل منها فضلة ردت في الحج.

ص : 631


(25) وإن حمل على فرس في سبيل الله فهي له إذا رجع، إلا أن يجعل حبيسا

مسألة 25: (وإن حمل على فرس في سبيل الله فهي له إذا رجع، إلا أن يجعل حبيسا) قوله: " حمل على فرس " يعني أعطيها ليغزو عليها فإذا غزا عليها ملكها كما يملك النفقة " المدفوعة إليه إلا أن تكون عارية فتكون لصاحبه أو حبيسا فيبقى حبيسا بحاله، قال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: حملت على فرس عتيق في سبيل الله فأضاعه صاحبه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه» متفق عليه، وهذا يدل على أنه ملكه ولولا ذلك ما باعه، ويدل على أنه ملكه بعد الغزو؛ لأنه أقامه للبيع بالمدينة، ولم يكن ليأخذه من عمر ثم يقيمه للبيع في الحال، فدل على أنه أقامه للبيع بعد أن غزا عليه، وذكر أحمد مثل ذلك وسئل: متى يطيب له الفرس؟ قال: إذا غزا عليه، فقيل له: فإن العدو جاوزنا فخرج على هذه الفرس في الطلب إلى خمسة فراسخ ثم رجع؟ قال: لا، حتى يكون غزوا، وهذا قول أكثرهم.

(26) وما أخذ من أموال المسلمين رد إليهم إذا علم صاحبه قبل القسمة، وإن قسم قبل علمه فله أخذه بثمنه الذي حسب به على آخذه

مسألة 26: (وما أخذ) من أهل الحرب (من أموال المسلمين رد إليهم إذا علم صاحبه قبل القسمة، وإن قسم بعد علمه فله أخذه بثمنه الذي حسب به على آخذه) أما إذا علم صاحبه قبل القسمة رد إلى صاحبه بغير شيء في قول عامتهم، لما «روى ابن عمر أن غلاما له أبق إلى العدو فظهر عليه المسلمون فرده رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ابن عمر ولم يقسم، وعنه قال: ذهب له فرس فأخذها العدو فظهر عليهم المسلمون فرد إليه في زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رواهما أبو داود.

وروى الأثرم عن رجاء بن حيوة أن أبا عبيدة كتب إلى عمر بن الخطاب فيما أحرز المشركون من المسلمين ثم ظهر المسلمون عليهم بعد، قال: من وجد ماله بعينه فهو أحق به ما لم يقسم، وروى هذه الأحاديث كلها سعيد بن منصور.
وأما ما أدركه المسلمون بعد أن قسم ففيه روايتان:
إحداهما: أن صاحبه أحق به بالثمن الذي حسب به على من هو في يده، وكذلك إن بيع ثم قسم ثمنه فهو أحق به بالثمن، لما روى ابن عباس أن رجلا وجد بعيرا كان المشركون أصابوه، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن أصبته قبل القسمة فهو لك، وإن أصبته بعدما قسم أخذته بالقيمة» "، ولأنه إنما امتنع أخذه له بغير شيء كي لا يفضي إلى حرمان آخذه من الغنيمة أو يضيع الثمن على المشتري وحق الغانم يتخير بالثمن ويرجع صاحب المال في عين ماله بمنزلة مشتري الشقص المشفوع.
والرواية الثانية: عن أحمد إذا قسم فلا حق له فيه، وهو قول عمر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وقال أحمد: أما قول من قال: هو أحق به بالقيمة فهو قول ضيف عن مجاهد، ودليل هذه الرواية قول عمر وعلي وسلمان بن ربيعة وهي أقوال انتشرت كتب بها عمر إلى أبي عبيدة بالشام وإلى السائب بن الأقرع حين فتح ماه وجلولاء وانتشر ذلك ولم ينكر فصار إجماعا ولم يقل أحد بخلافه.

ص : 632


(27) وإن أخذه أحد الرعية بثمن فلصاحبه أخذه بثمنه

مسألة 27: (وإن أخذه منهم أحد الرعية بثمن فلصاحبه أخذه بثمنه) ووجه ذلك قول عمر، ولأنه حصل في يده بثمن فلم يجز أخذه منه بغير شيء كما لو اشتراه من المغنم.

(28) وإن أخذه بغير شيء رده

مسألة 28: (وإن أخذه بغير شيء رده) لما «روي أن قوما أغاروا على سرح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذوا ناقته وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أياما، ثم خرجت في بعض الليالي، قالت: فما وضعت يدي على ناقة إلا رغت حتى وضعتها على ناقة ذلول فامتطيتها ثم توجهت إلى المدينة ونذرت إن نجاني الله عليها أن أنحرها، فلما قدمت المدينة استعرفت الناقة فإذا هي ناقة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخذها، فقلت: يا رسول الله إني نذرت أن أنحرها، فقال: " بئس ما جزيتها، لا نذر في معصية» ، وفي رواية «لا نذر فيما لا يملك ابن آدم» (رواه مسلم) .

ص : 633


(29) ومن اشترى أسيرا من العدو فعلى الأسير أداء ما اشتراه به

مسألة 29: (ومن اشترى أسيرا من العدو فعلى الأسير أداء ما اشتراه به) لما روى سعيد بن منصور حدثنا عثمان بن مطر حدثنا ابن جرير عن الشعبي قال: أغار أهل ماه وأهل جلولاء على العرب فأصابوا سبايا من سبايا العرب، فكتب السائب بن الأقرع إلى عمر في سبايا المسلمين ورقيقهم ومتاعهم قد اشتراه التجار من أهل ماه، فكتب عمر: أيما رجل أصاب رقيقه ومتاعه بعينه فهو أحق به من غيره، وإن أصابه في أيدي التجار بعدما قسم فلا سبيل له إليه، وأيما حر اشتراه التجار فإنه يرد إليهم رءوس أموالهم، فإن الحر لا يباع ولا يشترى، فحكم للتجار برءوس أموالهم، ولأن الأسير يجب عليه فداء نفسه ليتخلص من حكم الكفار ويخرج من تحت أيديهم، فإذا ناب عنه غيره في ذلك وجب عليه قضاؤه كما لو قضى الحاكم عنه ما امتنع من أدائه.


عدد المشاهدات *:
453551
عدد مرات التنزيل *:
93327
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 17/02/2017

الكتب العلمية

روابط تنزيل : باب الجهاد
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  باب الجهاد لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1