وَأَمَّا حَدِيثُهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَنْشَأَتْ بِحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ هَذَا الْحَدِيثُ لَا أَعْرِفُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ وَمَنْ ذَكَرَهُ إِنَّمَا ذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الِاسْتِسْقَاءِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ اسْتَحَالَتْ شَامِيَّةً فَهُوَ أَمْطَرُ لها وبن أَبِي يَحْيَى مَطْعُونٌ عَلَيْهِ مَتْرُوكٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ عبد الله هو بن أَبِي فَرْوَةَ ضَعِيفٌ أَيْضًا مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَحْتَجُّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِهِ هَذَا بَحْرِيَّةً (بِالنَّصْبِ) كَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا ظَهَرَتِ السَّحَابُ بَحَرِيَّةً مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِ وَمَعْنَى نَشَأَتْ ظَهَرَتْ وَارْتَفَعَتْ يُقَالُ أَنْشَأَ فُلَانٌ يَقُولُ كَذَا إِذَا ابْتَدَأَ قَوْلَهُ وَأَظْهَرَهُ بَعْدَ سُكُوتٍ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ أَنْشَأَ فُلَانٌ حَائِطَ نَخْلٍ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَهُ الجوار المنشئات في البحر كالأعلم) الرَّحْمَنِ 24 أَيِ السُّفُنُ الظَّاهِرَةُ فِي الْبَحْرِ كَالْجِبَالِ الظاهر في الأرض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 وَقَدْ قِيلَ أَنْشَأَتْ تُمْطِرُ أَيِ ابْتَدَأَتْ وَمِنْهُ قِيلَ لِلشَّاعِرِ أَنْشَأَ يَقُولُ وَإِنَّمَا سَمَّى السَّحَابَةَ بَحَرِيَّةً لِظُهُورِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَحْرِ يَقُولُ (إِذَا طَلَعَتْ سَحَابَةٌ مِنْ نَاحِيَةٍ الْبَحْرِ) وَنَاحِيَةُ الْبَحْرِ بِالْمَدِينَةِ الْغَرْبُ (ثُمَّ تَشَاءَمَتْ) أَيْ أَخَذَتْ نَحْوَ الشَّامِ وَالشَّامُ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي نَاحِيَةِ الشَّمَالِ يَقُولُ إِذَا مَالَتِ السَّحَابَةُ الظَّاهِرَةُ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ إِلَى الشَّمَالِ وَهُوَ عِنْدَنَا الْبَحْرِيَّةُ وَلَا تَمِيلُ كَذَلِكَ إِلَّا بِالرِّيحِ النَّكْبَاءِ الَّتِي بَيْنَ الْغَرْبِ وَالْجَنُوبِ هِيَ الْقِبْلَةُ فَإِنَّهَا يَكُونُ مَاؤُهَا غَدَقًا يَعْنِي غَزِيرًا مَعِينًا لِأَنَّ الْجَنُوبَ تَسُوقُهَا وَتَسْتَدِرُّهَا وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الكميت (مرته الجنوب فلما اكفهر ... رحلت عَزَالِيَهُ الشَّمْأَلُ) وَأَمَّا قَوْلُهُ فَتِلْكَ عَيْنٌ فَالْعَيْنُ مَطَرُ أَيَّامٍ لَا يَقْلَعُ كَذَلِكَ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَالْخَبَرِ قَالُوا وَالْعَيْنُ أَيْضًا نَاحِيَةُ الْقِبْلَةِ وَالْعَرَبُ تَقُولُ مُطِرْنَا بِالْعَيْنِ وَمِنَ الْعَيْنِ إِذَا كَانَ السَّحَابُ نَاشِئًا مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْعَيْنَ مَاءٌ عَنْ يَمِينِ قِبْلَةِ الْعِرَاقِ وَغُدَيْقَةٌ تَصْغِيرُ غَدَقَةٍ وَالْغَدَقَةُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (مَاءً غَدَقًا) الْجِنِّ 16 قَالَ كَثِيرٌ (وَتَغْدِقُ أَعْدَادٌ بِهِ وَمَشَارِبُ) يَقُولُ يَكْثُرُ الْمَطَرُ عَلَيْهِ وَأَعْدَادٌ جَمْعُ عِدٍّ وَهُوَ الْمَاءُ الْغَزِيرُ وَقَدْ يَكُونُ التَّصْغِيرُ هُنَا أُرِيدَ بِهِ التَّعْظِيمُ كَمَا قَالَ عُمَرُ فِي بن مَسْعُودٍ كُنَيِّفٌ مُلِئَ عِلْمًا وَقِيلَ إِنَّ قَوْلَ بن عمر كان لصغر قد بن مَسْعُودٍ وَلَطَافَةِ جِسْمِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا خَرَجَ عَلَى الْعَادَةِ الْمَعْهُودَةِ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ نُزُولُ الْغَيْثِ حَقِيقَةً بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ ظُهُورِ السَّحَابِ وَقَدْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث بن عُمَرَ الْخَمْسَ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) لُقْمَانَ 43 وَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أُرِيدَ بِهِ أَنَّ السَّحَابَةَ تَحْمِلُ الْمَاءَ مِنَ الْبَحْرِ وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذَا بِقَوْلِ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ (شَرِبْنَ بِمَاءِ الْبَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ ... مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَشِيجُ) وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمَاءِ الْبَحْرِ لِلتَّبْعِيضِ وَالَّذِي قَدَّمْتُ لَكَ هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَكَيْفَ كَانَتِ الْحَالُ فَلَا يُنْزِلُ الْغَيْثَ مِنْ حَيْثُ نَزَلَ وَلَا يُنْشِئُ السَّحَابَ وَلَا يُرْسِلُ الرِّيَاحَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 عدد المشاهدات *: 789166 عدد مرات التنزيل *: 120426 حجم الخط : 10 12 14 16 18 20 22 24 26 28 30 32 * : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة - تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 14/01/2018 الكتب العلمية