مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُرِيدُ
الصَّفَا وَهُوَ يَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى الصَّفَا عند انقضاء
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219
الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ السَّعْيَ وَهَذَا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ لِأَنَّهَا السُنَّةُ الْمَعْمُولُ بِهَا
وقد مضى بيان ذَلِكَ
وَفِيهِ أَنَّ السُنَّةَ الْوَاجِبَةَ أَنْ يَبْدَأَ السَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنَ الصَّفَا قَبْلَ المروة
فقد ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا الْخِطَابِ
قَالُوا وَمِنَ الْمَذَاهِبِ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ بِمَا يُسَنُّ فِيهَا مِنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ
بِمَا فيه كفاية فلا معنى لإعادته ها هنا
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الْحَجِّ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى الصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَوَحَّدَهُ وَكَبَّرَهُ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ
هَكَذَا يَنْبَغِي لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ أَنْ يَفْعَلَ إِنْ قَدَرَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَرْقَ عَلَى الصَّفَا وَقَامَ
فِي أَسْفَلِهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مِنْ سنة السعي بين والصفا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَنْحَدِرَ الرَّاقِي عَلَى الصَّفَا
بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ فَيَمْشِي عَلَى حَسَبِ مِشْيَتِهِ وَعَادَتِهِ فِي الْمَشْيِ وَجِبِلَّتِهِ حَتَّى
يَبْلُغَ بَطْنَ الْمَسِيلِ ثُمَّ يَرْمُلُ بِمَشْيهِ حَتَّى يَقْطَعَهُ فَإِذَا قَطَعَهُ إِلَى مَائِلِ الْمَرْوَةِ وَجَازَهُ
مَشَى عَلَى سَجِيَّتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى الْمَرْوَةِ فَيَرْقَى عَلَيْهَا حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ الْبَيْتُ ثُمَّ يَقُولُ
عَلَيْهَا نَحْوَ مَا قَالَهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ عَلَى الصَّفَا وَإِنْ وَقَفَ أَسْفَلَ الْمَرْوَةِ
أَجْزَاهُ فِي قَوْلِ جَمِيعِهِمْ ثُمَّ يَنْزِلُ عَنِ الْمَرْوَةِ يَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى بَطْنِ
الْمَسِيلِ فَإِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ سَعَى شَدًّا وَرَمَلَ حَتَّى يَقْطَعَهُ إِلَى الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي الصَّفَا
يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ يَبْدَأُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ
الصَّفَا أَلْغَى شَوْطًا وَاحِدًا
وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ إِنْ جَهِلَ أَجْزَأَهُ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِهَذَا الشَّوْطِ كَمَا قَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ
وَاخْتَلَفُوا فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ فَرْضًا مِنْ فَرْضِ الْحَجِّ أَوْ
هُوَ تَطَوُّعٌ وَسُنَّةٌ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ جَهِلَ فَلَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ أُفْتِيَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ فَذَكَرَ
وَطَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بِلَادِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مَتَى مَا ذَكَرَ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ إِحْرَامِهِ
حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيُهْدِيَ
قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220
فَإِنْ كَانَ أَصَابَ النِّسَاءَ رَجَعَ فَقَضَى مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ
اعْتَمَرَ مَكَانَ عُمْرَتِهِ الَّتِي أَفْسَدَهَا بِالْوَطْءِ
وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حجة حتى وطىء أَهْلَهُ كَانَ عَلَيْهِ تَمَامُ
حَجَّتِهِ وَحَجَّ قَابِلَ وَالْهَدْيَ
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ
دَمٌ يُهْدِيهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عامدا أو
ناسيا فعليه دم ولا يرجع إليه حجا كان أو عمرة
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاجِبٌ
وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
مُحَيْصِنٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ أَخْبَرَتْنِي بِنْتُ أَبِي
تَجْرَاةَ قَالَتْ دَخَلْتُ مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ قريش دار آل بن أَبِي حُسَيْنٍ نَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرَأَيْتُهُ يَسْعَى وَإِنَّ مِئْزَرَهُ لَيَدُورُ
مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ إِنِّي لَأَرَى رُكْبَتَيْهِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ
كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ
وَقَدِ اضْطَرَبَ فِيهِ غَيْرُ هَذَيْنِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ وَقَدْ جَوَّدَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ
إِسْنَادَهُ وَمَعْنَاهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى إِيجَابِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ قِبَلِ
أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا السَّعْيَ بَيْنَهُمَا أَوِ السَّعْيَ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ بَعْضُ
الْعَمَلِ وَجَبَ فِي كُلِّهِ وَهُوَ مَا قُلْنَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ فَالنِّسَاءُ عَلَيْهِ حَرَامٌ حَتَّى
يَرْجِعَ فَيَسْعَى فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَطِأَ فَعَلَيْهِ الْعَوْدُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَهُمَا وَيُهْدِيَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ تَأْتِي وَاضِحَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا بَعْدُ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ كله مثل قول الشافعي
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221
وبه قال أحمد وإسحاق
وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرْضٌ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمْ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ
عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ رَجُلٍ وَلَا عُمْرَتَهُ لَمْ
يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا والمروة
وقال بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ هُوَ تَطَوُّعٌ
وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وبن سِيرِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ سُفْيَانَ وَالْكُوفِيِّينَ فِي إِيجَابِهِمُ الدَّمَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ تَطَوُّعًا
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ سُنَّةً وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي إِيجَابِهِمُ الدَّمَ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ وقَتَادَةَ قَالَا فِيمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ عَلَيْهِ دَمٌ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنِ
الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يَنْسَى السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ عُمْرَةٌ
وَهَذَا عِنْدِي كَقَوْلِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُوجِبُهُ يُوجِبُ عَلَى تَارِكِهِ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ مِنْ
بَلَدِهِ فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ مِنْ بَلَدِهِ حَتَّى يَسْعَى لَمْ يَدْخُلِ الْحَرَمَ إِلَّا مُحْرِمًا وَأَقَلُّ
الْإِحْرَامِ عُمْرَةٌ وَمِنْ شَأْنِ السَّعْيِ اتِّصَالُهُ بِالطَّوَافِ قَبْلَهُ
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ فِيمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ نَسِيَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ
شَيْءٌ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْ السَّعْيَ قَوْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ
شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) الْبَقَرَةِ 158
واحتجوا بقراءة أبي وبن مَسْعُودٍ (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا) وَهَذِهِ قِرَاءَاتٌ
لَمْ تَثْبُتْ فِي الْمُصْحَفِ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا قَاطِعَةٌ
وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي بَعْدُ مَا نُبَيِّنُ بِهِ أَنَّهَا رَأَتْهُ وَاجِبًا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222
قَالُوا وَلَمْ تَقُمْ بِوُجُوبِهِ حُجَّةٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا وَضَعَّفُوا حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ
قال أبو عمر قد رواه مع بن الْمُؤَمَّلِ غَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ لَمْ يَطْعَنْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ سُوءِ حِفْظِهِ وَلَمْ يُعَارِضْهُ فِي هَذَا
الْحَدِيثِ وَلَا خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَيَتَبَيَّنُ فِيهِ سُوءُ حِفْظِهِ
وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنِ امْرَأَةٍ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ
وَإِذَا أُثْبِتَ حَدِيثُهُ وَجَبَ فِيهِ فَرْضُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ وَمَشَاعِرَهُ فَبَيَّنَ فِي ذَلِكَ
السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَصَارَ بَيَانًا لِلْآيَةِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَمَا لَمْ يُجْمِعُوا
عَلَيْهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَتَطَوُّعٌ فَهُوَ وَاجِبٌ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَالسُنَّةِ بِأَنَّهُ مِنَ الْحَجِّ الْمُفْتَرَضِ عَلَى
مَنِ اسْتَطَاعَ السَّبِيلَ إِلَيْهِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا تَمَّ حَجُّ امْرِئٍ وَلَا
عُمْرَتُهُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهَا هَذَا حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ لَا تَحْتَمِلُ
التَّأْوِيلَ
(
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُرِيدُ
الصَّفَا وَهُوَ يَقُولُ نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى الصَّفَا عند انقضاء
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219
الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ السَّعْيَ وَهَذَا إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ لِأَنَّهَا السُنَّةُ الْمَعْمُولُ بِهَا
وقد مضى بيان ذَلِكَ
وَفِيهِ أَنَّ السُنَّةَ الْوَاجِبَةَ أَنْ يَبْدَأَ السَّاعِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنَ الصَّفَا قَبْلَ المروة
فقد ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا الْخِطَابِ
قَالُوا وَمِنَ الْمَذَاهِبِ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ بِمَا يُسَنُّ فِيهَا مِنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ
بِمَا فيه كفاية فلا معنى لإعادته ها هنا
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الْحَجِّ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ قَالَ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى الصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَوَحَّدَهُ وَكَبَّرَهُ فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ
هَكَذَا يَنْبَغِي لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ أَنْ يَفْعَلَ إِنْ قَدَرَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَرْقَ عَلَى الصَّفَا وَقَامَ
فِي أَسْفَلِهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مِنْ سنة السعي بين والصفا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَنْحَدِرَ الرَّاقِي عَلَى الصَّفَا
بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ فَيَمْشِي عَلَى حَسَبِ مِشْيَتِهِ وَعَادَتِهِ فِي الْمَشْيِ وَجِبِلَّتِهِ حَتَّى
يَبْلُغَ بَطْنَ الْمَسِيلِ ثُمَّ يَرْمُلُ بِمَشْيهِ حَتَّى يَقْطَعَهُ فَإِذَا قَطَعَهُ إِلَى مَائِلِ الْمَرْوَةِ وَجَازَهُ
مَشَى عَلَى سَجِيَّتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ إِلَى الْمَرْوَةِ فَيَرْقَى عَلَيْهَا حَتَّى يَبْدُوَ لَهُ الْبَيْتُ ثُمَّ يَقُولُ
عَلَيْهَا نَحْوَ مَا قَالَهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ عَلَى الصَّفَا وَإِنْ وَقَفَ أَسْفَلَ الْمَرْوَةِ
أَجْزَاهُ فِي قَوْلِ جَمِيعِهِمْ ثُمَّ يَنْزِلُ عَنِ الْمَرْوَةِ يَمْشِي عَلَى سَجِيَّتِهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى بَطْنِ
الْمَسِيلِ فَإِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ سَعَى شَدًّا وَرَمَلَ حَتَّى يَقْطَعَهُ إِلَى الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي الصَّفَا
يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ يَبْدَأُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ
الصَّفَا أَلْغَى شَوْطًا وَاحِدًا
وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ إِنْ جَهِلَ أَجْزَأَهُ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِهَذَا الشَّوْطِ كَمَا قَالَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ
وَاخْتَلَفُوا فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ فَرْضًا مِنْ فَرْضِ الْحَجِّ أَوْ
هُوَ تَطَوُّعٌ وَسُنَّةٌ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ جَهِلَ فَلَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ أُفْتِيَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ فَذَكَرَ
وَطَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى بِلَادِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مَتَى مَا ذَكَرَ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ إِحْرَامِهِ
حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيُهْدِيَ
قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220
فَإِنْ كَانَ أَصَابَ النِّسَاءَ رَجَعَ فَقَضَى مَا عَلَيْهِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ
اعْتَمَرَ مَكَانَ عُمْرَتِهِ الَّتِي أَفْسَدَهَا بِالْوَطْءِ
وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حجة حتى وطىء أَهْلَهُ كَانَ عَلَيْهِ تَمَامُ
حَجَّتِهِ وَحَجَّ قَابِلَ وَالْهَدْيَ
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مَنْ نَسِيَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ
دَمٌ يُهْدِيهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عامدا أو
ناسيا فعليه دم ولا يرجع إليه حجا كان أو عمرة
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاجِبٌ
وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
مُحَيْصِنٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ أَخْبَرَتْنِي بِنْتُ أَبِي
تَجْرَاةَ قَالَتْ دَخَلْتُ مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ قريش دار آل بن أَبِي حُسَيْنٍ نَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرَأَيْتُهُ يَسْعَى وَإِنَّ مِئْزَرَهُ لَيَدُورُ
مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ إِنِّي لَأَرَى رُكْبَتَيْهِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ
كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ
وَقَدِ اضْطَرَبَ فِيهِ غَيْرُ هَذَيْنِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ وَقَدْ جَوَّدَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ
إِسْنَادَهُ وَمَعْنَاهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى إِيجَابِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ قِبَلِ
أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا السَّعْيَ بَيْنَهُمَا أَوِ السَّعْيَ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَهُوَ بَعْضُ
الْعَمَلِ وَجَبَ فِي كُلِّهِ وَهُوَ مَا قُلْنَا
قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْحَجِّ فَالنِّسَاءُ عَلَيْهِ حَرَامٌ حَتَّى
يَرْجِعَ فَيَسْعَى فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَطِأَ فَعَلَيْهِ الْعَوْدُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَهُمَا وَيُهْدِيَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ تَأْتِي وَاضِحَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا بَعْدُ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ كله مثل قول الشافعي
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221
وبه قال أحمد وإسحاق
وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرْضٌ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمْ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ
عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَاللَّهِ مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ رَجُلٍ وَلَا عُمْرَتَهُ لَمْ
يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا والمروة
وقال بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ هُوَ تَطَوُّعٌ
وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وبن سِيرِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ سُفْيَانَ وَالْكُوفِيِّينَ فِي إِيجَابِهِمُ الدَّمَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ تَطَوُّعًا
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ سُنَّةً وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي إِيجَابِهِمُ الدَّمَ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ وقَتَادَةَ قَالَا فِيمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ عَلَيْهِ دَمٌ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ الْأَشْعَثِ عَنِ
الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يَنْسَى السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ عُمْرَةٌ
وَهَذَا عِنْدِي كَقَوْلِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُوجِبُهُ يُوجِبُ عَلَى تَارِكِهِ الرُّجُوعَ إِلَيْهِ مِنْ
بَلَدِهِ فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ مِنْ بَلَدِهِ حَتَّى يَسْعَى لَمْ يَدْخُلِ الْحَرَمَ إِلَّا مُحْرِمًا وَأَقَلُّ
الْإِحْرَامِ عُمْرَةٌ وَمِنْ شَأْنِ السَّعْيِ اتِّصَالُهُ بِالطَّوَافِ قَبْلَهُ
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ فِيمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ نَسِيَهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ
شَيْءٌ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْ السَّعْيَ قَوْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ
شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) الْبَقَرَةِ 158
واحتجوا بقراءة أبي وبن مَسْعُودٍ (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا) وَهَذِهِ قِرَاءَاتٌ
لَمْ تَثْبُتْ فِي الْمُصْحَفِ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا قَاطِعَةٌ
وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي بَعْدُ مَا نُبَيِّنُ بِهِ أَنَّهَا رَأَتْهُ وَاجِبًا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222
قَالُوا وَلَمْ تَقُمْ بِوُجُوبِهِ حُجَّةٌ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا وَضَعَّفُوا حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ
قال أبو عمر قد رواه مع بن الْمُؤَمَّلِ غَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ لَمْ يَطْعَنْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ سُوءِ حِفْظِهِ وَلَمْ يُعَارِضْهُ فِي هَذَا
الْحَدِيثِ وَلَا خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَيَتَبَيَّنُ فِيهِ سُوءُ حِفْظِهِ
وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنِ امْرَأَةٍ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ
وَإِذَا أُثْبِتَ حَدِيثُهُ وَجَبَ فِيهِ فَرْضُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَاسِكَ الْحَجِّ وَمَشَاعِرَهُ فَبَيَّنَ فِي ذَلِكَ
السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَصَارَ بَيَانًا لِلْآيَةِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَمَا لَمْ يُجْمِعُوا
عَلَيْهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَتَطَوُّعٌ فَهُوَ وَاجِبٌ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَالسُنَّةِ بِأَنَّهُ مِنَ الْحَجِّ الْمُفْتَرَضِ عَلَى
مَنِ اسْتَطَاعَ السَّبِيلَ إِلَيْهِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا تَمَّ حَجُّ امْرِئٍ وَلَا
عُمْرَتُهُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهَا هَذَا حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ لَا تَحْتَمِلُ
التَّأْوِيلَ
(
عدد المشاهدات *:
609372
609372
عدد مرات التنزيل *:
108061
108061
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018