وَذُكِرَ عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23
بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أما حديثه عن بن شِهَابٍ فَحَدِيثٌ مُرْسَلٌ لَمْ يُسْنِدْهُ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا
الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ فَقَالَ فِيهِ عن بن شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْإِسْنَادَ عَنْهُ بِذَلِكَ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَأَمَّا رُوَاةُ الموطأ عن مالك فاختلفوا فيه
فقال بن القاسم وبن بُكَيْرٍ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو الْمُصْعَبِ عَنْ مالك عن بن شهاب
عن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ كَمَا قَالَ يَحْيَى
وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَوْ عبد الرحمن بن كعب
وقال بن وهب عن مالك عن بن شهاب عن بن لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ لَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ
وَلَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَا حَسِبْتُ شَيْئًا مِنْ ذلك
وأما اختلاف أصحاب بن شِهَابٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَكَثِيرٌ جِدًّا وقد ذكرناه في
((التمهيد))
وأما بن أَبِي الْحَقِيقِ فَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَيُسَمَّى سَلَامًا ويكنى أبا رافع قد ذكرنا خبره
في كتابه ((الدُّرَرِ فِي اخْتِصَارِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ)) وَمَنِ الَّذِينَ قَتَلُوهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وأوضحنا خبره هناك وفي ((التمهيد)) أيضا والحمد لله
وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ فَمُرْسَلٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الرِّوَايَةِ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى
وَقَدْ أَسْنَدَهُ عن مالك عن نافع عن بن عمر الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ
الصُّورِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرازي وقد ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ
عَنْهُمْ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِي دار
الحرب بن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَنَسٌ وَالْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ وَغَيْرُهُمْ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ قَتْلُ نِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَلَا أَطْفَالِهِمْ
لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ يُقَاتِلُ فِي الْأَغْلَبِ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) الْبَقَرَةِ 190
وَاخْتَلَفُوا فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِذَا قَاتَلُوا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24
فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا قَاتَلُوا قُوتِلُوا
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ
وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْ قَتْلِهِمْ إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا لِأَنَّهُمْ مَالٌ
لِلْمُسْلِمِينَ إِذَا سُبُوا استحيوا
وقد كان حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَغَازِيهِ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَتُسْبَى
الذَّرَارِيُّ وَالْعِيَالُ وَالْآثَارُ بِذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ تُقَاتِلَ الْمَرْأَةُ
وَتَأْتِيَ مَا يُوجِبُ الْقَتْلَ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ
إِذَا قَاتَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْ خَرَجَتْ مَعَهُمْ إِلَى دَارِ الْمُسْلِمِينَ فَلْتُقْتَلْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَالْخَنْدَقِ وَأُمَّ قِرْفَةَ
وَقَتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ قَيْنَتَيْنِ كانتا تعينا بن خَطَلٍ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ - بْنِ زُهَيْرِ بن حرب
- قال حدثني أبي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ
الْمُرَقِّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في غَزَاةٍ فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا فَفَرَجُوا لَهُ فَقَالَ ((مَا كَانَتْ هَذِهِ
تُقَاتِلُ الْحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ لَا تَقْتُلِ امْرَأَةً وَلَا ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا))
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ صَدَقَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ
بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الْبَقَرَةِ 190 فَكَتَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ
وَمَنْ لَمْ يَنْصِبْ لَكُمُ الْحَرْبَ
وَرَوَى سُنَيْدٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ إِلَى جَعْوَنَةَ وكان أمره على الأدراب أن لا تَقْتُلَ امْرَأَةً وَلَا شَيْخًا وَلَا صَغِيرًا
وَلَا رَاهِبًا
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ يَنْهَاهُمْ
عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَيَأْمُرُهُمْ بِقَتْلِ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِيُّ
قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عمر عن نافع عن بن عُمَرَ
قَالَ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَاقْتُلُوا مَنْ جرت عليه
المواسي
وفي كتاب بن عَبَّاسٍ مُجَاوِبًا لِنَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ قَالَ لَهُ ذَكَرْتَ أَنَّ الْعَالِمَ صَاحِبَ مُوسَى
قَدْ قَتَلَ الْوَلِيدَ وَلَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مِنَ الْوِلْدَانِ مَا عَلِمَ ذَلِكَ الْعَالِمُ مِنْ ذَلِكَ الْوَلِيدِ مَا قَتَلْتَهُمْ
وَلَكِنَّكَ لَا تَعْلَمُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ فاعتزلهم
وهو حديث مروي عن بن عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ صِحَاحٍ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي رَمْيِ الْحِصْنِ بِالْمَنْجَنِيقِ إِذَا كَانَ فِيهِ أسارى مسلمين وَأَطْفَالُ
الْمُشْرِكِينَ
فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَمَّا رَمْيُ الْكَفَّارِ بِالْمَنْجَنِيقِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ
قَالَ وَلَا تُحْرَقُ سَفِينَةُ الْكُفَّارِ إِذَا كَانَ فِيهَا أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) الْفَتْحِ 25
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ بِرَمْيِ حُصُونِ الْكُفَّارِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أُسَارَى مِنَ
الْمُسْلِمِينَ وَأَطْفَالٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْرَقَ الْحِصْنُ وَيُقْصَدُ بِذَلِكَ مَنْ فِيهِ مِنَ الْكُفَّارِ فَإِنْ
أَصَابُوا فِي ذَلِكَ مُسْلِمًا فَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا تَتَرَّسَ الْكَفَّارُ بِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُرْمَوْا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ) الْآيَةَ الْفَتْحِ 25
قَالَ وَلَا يُحْرَقُ الْمَرْكَبُ الَّذِي فِيهِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَيُرْمَى الْحِصْنُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَطَأٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِرَمْيِ الحصن وفيه أسارى وَأَطْفَالٌ وَمَنْ أُصِيبَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ
وَإِنْ تَتَرَّسُوا فَفِيهِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا يُرْمَوْنَ
وَالْآخَرُ لَا يُرْمَوْنَ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا إِذَا رَمَى أَحَدُهُمْ أَيْقَنَ بِضَرْبِ الْمُشْرِكِ وَيَتَوَقَّى
الْمُسْلِمَ جَهْدَهُ فَإِنْ أَصَابَ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُسْلِمًا وَعَلِمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَالدِّيَةُ مَعَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ
لَمْ يَعْلَمْهُ مُسْلِمًا فَالرَّقَبَةُ وَحْدَهَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26
قَالَ أَبُو عُمَرَ روى بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة عن بن عَبَّاسٍ
عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أَهْلِ الدَّارِ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ((هُمْ مِنْهُمْ)) وَرُبَّمَا قَالَ ((هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ))
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ سَرَايَاهُ بِالْغَارَةِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَبِالتَّبْيِيتِ
وَيَقُولُ ((إِذَا سَمِعْتُمْ أَذَانًا فَأَمْسِكُوا وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا فَأَغِيرُوا))
وَقَالَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ((أَغِرْ عَلَى أُبْنَا صَبَاحًا وَحَرِّقْ))
وَبَعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللِّيثِيَّ فِي سَرِيَّةٍ قَالَ جُنْدُبُ بْنُ
مَكِيثٍ كُنْتُ فِيهِمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشُنَّ الْغَارَةَ عَلَى بَنِي
الْمُلَوِّحِ بِالْكَدِيدِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآثَارَ كُلَّهَا بِأَسَانِيدِهَا فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَبِهَذَا عَمَلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فِيمَنْ قَالَ
بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ زَعَمَ أن قوله عَزَّ وَجَلَّ (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ) الْآيَةَ
الْفَتْحِ 25 خُصُوصٌ فِي أَهْلِ مَكَّةَ
وَأَمَّا مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَذَهَبَا إِلَى أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي سَائِرِ النَّاسِ وَأَنَّ حَدِيثَ الصَّعْبِ
بْنِ جَثَّامَةَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنَ التَّبْيِيتِ وَالْغَارَةِ فَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مُسْلِمٍ يُتَتَرَّسُ بِهِ
وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ لِتَحْرِيمِ اللَّهِ دَمَ الْمُسْلِمِ تَحْرِيمًا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ بِهِ
مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ وَإِنَّمَا قَتْلُ الشُّيُوخِ وَالرُّهْبَانِ وَالْفَلَّاحِينَ وَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي
بَكْرٍ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23
بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أما حديثه عن بن شِهَابٍ فَحَدِيثٌ مُرْسَلٌ لَمْ يُسْنِدْهُ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا
الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ فَقَالَ فِيهِ عن بن شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْإِسْنَادَ عَنْهُ بِذَلِكَ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَأَمَّا رُوَاةُ الموطأ عن مالك فاختلفوا فيه
فقال بن القاسم وبن بُكَيْرٍ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو الْمُصْعَبِ عَنْ مالك عن بن شهاب
عن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ كَمَا قَالَ يَحْيَى
وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ أَوْ عبد الرحمن بن كعب
وقال بن وهب عن مالك عن بن شهاب عن بن لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ لَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ
وَلَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَلَا حَسِبْتُ شَيْئًا مِنْ ذلك
وأما اختلاف أصحاب بن شِهَابٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَكَثِيرٌ جِدًّا وقد ذكرناه في
((التمهيد))
وأما بن أَبِي الْحَقِيقِ فَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَيُسَمَّى سَلَامًا ويكنى أبا رافع قد ذكرنا خبره
في كتابه ((الدُّرَرِ فِي اخْتِصَارِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ)) وَمَنِ الَّذِينَ قَتَلُوهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وأوضحنا خبره هناك وفي ((التمهيد)) أيضا والحمد لله
وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ فَمُرْسَلٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الرِّوَايَةِ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى
وَقَدْ أَسْنَدَهُ عن مالك عن نافع عن بن عمر الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ
الصُّورِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرازي وقد ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ
عَنْهُمْ فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِي دار
الحرب بن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَنَسٌ وَالْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ وَغَيْرُهُمْ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ قَتْلُ نِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَلَا أَطْفَالِهِمْ
لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ يُقَاتِلُ فِي الْأَغْلَبِ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) الْبَقَرَةِ 190
وَاخْتَلَفُوا فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِذَا قَاتَلُوا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24
فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا قَاتَلُوا قُوتِلُوا
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ
وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْ قَتْلِهِمْ إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا لِأَنَّهُمْ مَالٌ
لِلْمُسْلِمِينَ إِذَا سُبُوا استحيوا
وقد كان حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَغَازِيهِ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَتُسْبَى
الذَّرَارِيُّ وَالْعِيَالُ وَالْآثَارُ بِذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ تُقَاتِلَ الْمَرْأَةُ
وَتَأْتِيَ مَا يُوجِبُ الْقَتْلَ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ
إِذَا قَاتَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْ خَرَجَتْ مَعَهُمْ إِلَى دَارِ الْمُسْلِمِينَ فَلْتُقْتَلْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ وَالْخَنْدَقِ وَأُمَّ قِرْفَةَ
وَقَتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ قَيْنَتَيْنِ كانتا تعينا بن خَطَلٍ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ - بْنِ زُهَيْرِ بن حرب
- قال حدثني أبي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ
الْمُرَقِّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في غَزَاةٍ فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهَا فَفَرَجُوا لَهُ فَقَالَ ((مَا كَانَتْ هَذِهِ
تُقَاتِلُ الْحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ لَا تَقْتُلِ امْرَأَةً وَلَا ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا))
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ صَدَقَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى عُمَرَ
بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَسْأَلُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الْبَقَرَةِ 190 فَكَتَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ
وَمَنْ لَمْ يَنْصِبْ لَكُمُ الْحَرْبَ
وَرَوَى سُنَيْدٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ إِلَى جَعْوَنَةَ وكان أمره على الأدراب أن لا تَقْتُلَ امْرَأَةً وَلَا شَيْخًا وَلَا صَغِيرًا
وَلَا رَاهِبًا
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ يَنْهَاهُمْ
عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَيَأْمُرُهُمْ بِقَتْلِ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِيُّ
قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن عمر عن نافع عن بن عُمَرَ
قَالَ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَاقْتُلُوا مَنْ جرت عليه
المواسي
وفي كتاب بن عَبَّاسٍ مُجَاوِبًا لِنَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ قَالَ لَهُ ذَكَرْتَ أَنَّ الْعَالِمَ صَاحِبَ مُوسَى
قَدْ قَتَلَ الْوَلِيدَ وَلَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مِنَ الْوِلْدَانِ مَا عَلِمَ ذَلِكَ الْعَالِمُ مِنْ ذَلِكَ الْوَلِيدِ مَا قَتَلْتَهُمْ
وَلَكِنَّكَ لَا تَعْلَمُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ فاعتزلهم
وهو حديث مروي عن بن عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ صِحَاحٍ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي رَمْيِ الْحِصْنِ بِالْمَنْجَنِيقِ إِذَا كَانَ فِيهِ أسارى مسلمين وَأَطْفَالُ
الْمُشْرِكِينَ
فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَمَّا رَمْيُ الْكَفَّارِ بِالْمَنْجَنِيقِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ
قَالَ وَلَا تُحْرَقُ سَفِينَةُ الْكُفَّارِ إِذَا كَانَ فِيهَا أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) الْفَتْحِ 25
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ لَا بَأْسَ بِرَمْيِ حُصُونِ الْكُفَّارِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أُسَارَى مِنَ
الْمُسْلِمِينَ وَأَطْفَالٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْرَقَ الْحِصْنُ وَيُقْصَدُ بِذَلِكَ مَنْ فِيهِ مِنَ الْكُفَّارِ فَإِنْ
أَصَابُوا فِي ذَلِكَ مُسْلِمًا فَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا تَتَرَّسَ الْكَفَّارُ بِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُرْمَوْا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ) الْآيَةَ الْفَتْحِ 25
قَالَ وَلَا يُحْرَقُ الْمَرْكَبُ الَّذِي فِيهِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَيُرْمَى الْحِصْنُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَطَأٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِرَمْيِ الحصن وفيه أسارى وَأَطْفَالٌ وَمَنْ أُصِيبَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ
وَإِنْ تَتَرَّسُوا فَفِيهِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا يُرْمَوْنَ
وَالْآخَرُ لَا يُرْمَوْنَ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا إِذَا رَمَى أَحَدُهُمْ أَيْقَنَ بِضَرْبِ الْمُشْرِكِ وَيَتَوَقَّى
الْمُسْلِمَ جَهْدَهُ فَإِنْ أَصَابَ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُسْلِمًا وَعَلِمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَالدِّيَةُ مَعَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ
لَمْ يَعْلَمْهُ مُسْلِمًا فَالرَّقَبَةُ وَحْدَهَا
الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26
قَالَ أَبُو عُمَرَ روى بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة عن بن عَبَّاسٍ
عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أَهْلِ الدَّارِ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ((هُمْ مِنْهُمْ)) وَرُبَّمَا قَالَ ((هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ))
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ سَرَايَاهُ بِالْغَارَةِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَبِالتَّبْيِيتِ
وَيَقُولُ ((إِذَا سَمِعْتُمْ أَذَانًا فَأَمْسِكُوا وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا فَأَغِيرُوا))
وَقَالَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ((أَغِرْ عَلَى أُبْنَا صَبَاحًا وَحَرِّقْ))
وَبَعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللِّيثِيَّ فِي سَرِيَّةٍ قَالَ جُنْدُبُ بْنُ
مَكِيثٍ كُنْتُ فِيهِمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشُنَّ الْغَارَةَ عَلَى بَنِي
الْمُلَوِّحِ بِالْكَدِيدِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْآثَارَ كُلَّهَا بِأَسَانِيدِهَا فِي ((التَّمْهِيدِ))
وَبِهَذَا عَمَلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فِيمَنْ قَالَ
بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ زَعَمَ أن قوله عَزَّ وَجَلَّ (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ) الْآيَةَ
الْفَتْحِ 25 خُصُوصٌ فِي أَهْلِ مَكَّةَ
وَأَمَّا مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ فَذَهَبَا إِلَى أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي سَائِرِ النَّاسِ وَأَنَّ حَدِيثَ الصَّعْبِ
بْنِ جَثَّامَةَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنَ التَّبْيِيتِ وَالْغَارَةِ فَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مُسْلِمٍ يُتَتَرَّسُ بِهِ
وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ لِتَحْرِيمِ اللَّهِ دَمَ الْمُسْلِمِ تَحْرِيمًا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ بِهِ
مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ وَإِنَّمَا قَتْلُ الشُّيُوخِ وَالرُّهْبَانِ وَالْفَلَّاحِينَ وَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي
بَكْرٍ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
عدد المشاهدات *:
468678
468678
عدد مرات التنزيل *:
94582
94582
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018