وعن بن شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا تُحَرِّمُ وَالرَّضَاعَةُ
مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الله عز وجل (وأمهتكم التي أرضعنكم
وأخوتكم من الرضعة) النِّسَاءِ 23 وَلَمْ يَخُصَّ قَلِيلَ الرَّضَاعَةِ مِنْ كَثِيرِهَا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249
وقد روى بن جريج عن عمرو بن دينار عن بن عمر أنه قيل له قضى بن الزُّبَيْرِ
بِأَلَّا تُحَرِّمَ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ
فَقَالَ قضاء الله خير من قضاء بن الزُّبَيْرِ حَرَّمَ الْأُخْتَ مِنَ الرَّضَاعَةِ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأُمُّ الْفَضْلِ وَعَائِشَةُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهَا لَا
تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ
وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ
وَلَا الإملاجتان))
ومنهم من يرويه الرضعة لا الرَّضْعَتَانِ
قَالُوا فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَرَّمَ
وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الثَّلَاثَ رَضَعَاتٍ فَمَا فَوْقَهَا تُحَرِّمُ وَلَا تُحَرِّمُ مَا دُونَهَا
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدَةُ وبن نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ((لا تُحَرِّمُ
الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إلا خمس رضعات متفرقات احتج بِقَوْلِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
وَمِمَّا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قال
سألت بن الزُّبَيْرِ عَنِ الرَّضَاعِ فَقَالَ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ ولا الرضعتان ولا الثلاث
قال أصحابه وبن الزُّبَيْرِ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لا تُحَرِّمُ الثَّلَاثُ أَيْضًا
وَأَفْتَى بِهِ
وَذَكَرُوا عَنِ بن مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا يُحَرِّمُ
مِنَ الرَّضَاعِ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ وَفَتَقَ الْأَمْعَاءَ
وَهَذِهِ أَلْفَاظُهُمْ مُفْتَرِقَةٌ جَمَعْتُهَا
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا عن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ
الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ
وَرَوَاهُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا
قَالَتْ كَانَ فِيمَا أَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ
مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا نَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ))
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَعَاتِ وَكَانَ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ لَا تُحَرِّمُ
الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ خَرَجَ
عَلَى جَوَابِ سَائِلٍ سَأَلَهُ عَنِ الرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ هَلْ تُحَرِّمَانِ فَقَالَ لَا لِأَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ
وَشَرِيعَتِهِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إِلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَأَنَّهَا نَسَخَتِ الْعَشْرَ الرَّضَعَاتِ كَمَا لَوْ سَأَلَ
سَائِلٌ هَلْ يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ كَانَ الْجَوَابُ لَا يُقْطَعُ فِي دِرْهَمٍ وَلَا
دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إِلَّا فِي رُبُعِ
دِينَارٍ فَكَذَلِكَ بَيَانُهُ فِي الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ
فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَتْ نَاسِخَةً لِلْعَشْرِ رَضَعَاتٍ عِنْدَ عَائِشَةَ كَمَا رَوَتْ عَنْهَا عَمْرَةُ ما
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250
كَانَتْ عَائِشَةُ لِتَأْمُرَ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ
لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا فَتَسْتَعْمِلُ الْمَنْسُوخَ وَتَدَعُ النَّاسِخَ
وَكَذَلِكَ حَفْصَةُ أَمَرَتْ أُخْتَهَا فَاطِمَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي عَاصِمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ
فِي ((الْمُوَطَّأِ))
وَالْجَوَابُ أَنَّ أَصْحَابَ عَائِشَةَ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ بِهَا مِنْ نَافِعٍ وَهُمْ عُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ وَعَمْرَةُ
رَوَوْا عَنْهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَلَمْ يرو أحد منهم عشر رضعات
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا سَبْعُ رَضَعَاتٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا عَشْرُ رَضَعَاتٍ
وَالصَّحِيحُ عَنْهَا خَمْسُ رَضَعَاتٍ
وَمَنْ رَوَى عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ فَقَدْ وَهِمَ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهَا أَنَّ الْخَمْسَ
الرَّضَعَاتِ الْمَعْلُومَاتِ نَسَخْنَ الْعَشْرَ الْمَعْلُومَاتِ فَمُحَالٌ أن نقول بِالْمَنْسُوخِ
وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْهَا عِنْدَ ذِي فَهْمٍ
وَفِي حَدِيثِهَا الْمُسْنَدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ -
امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ - أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا مولى أبي حذيفة خمس رضعات
قال عُرْوَةُ فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ
وَسَنَذْكُرُهُ مُسْنَدًا فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
فَكَيْفَ يَقْبَلُ أَحَدٌ عَنْهَا أَنَّهَا أَفْتَتْ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ
رَضَعَاتٍ هَذَا لَا يَقْبَلُهُ مَنْ أَنْصَفَ نَفْسَهُ وَوُفِّقَ لِرُشْدِهِ وَلَوْ صَحَّ عَنْهَا حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ
سَالِمٍ فِي الْعَشْرِ كَانَ غَيْرُهُ مُعَارِضًا لَهُ بِالْخَمْسِ فَسَقَطَتْ وَثَبَتَتِ الْخَمْسُ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَا يُحَرِّمُ دُونَ
الخمس رضعات
وعن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ
مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الله عز وجل (وأمهتكم التي أرضعنكم
وأخوتكم من الرضعة) النِّسَاءِ 23 وَلَمْ يَخُصَّ قَلِيلَ الرَّضَاعَةِ مِنْ كَثِيرِهَا
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249
وقد روى بن جريج عن عمرو بن دينار عن بن عمر أنه قيل له قضى بن الزُّبَيْرِ
بِأَلَّا تُحَرِّمَ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ
فَقَالَ قضاء الله خير من قضاء بن الزُّبَيْرِ حَرَّمَ الْأُخْتَ مِنَ الرَّضَاعَةِ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَأُمُّ الْفَضْلِ وَعَائِشَةُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهَا لَا
تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ
وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ((لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ
وَلَا الإملاجتان))
ومنهم من يرويه الرضعة لا الرَّضْعَتَانِ
قَالُوا فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ حَرَّمَ
وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الثَّلَاثَ رَضَعَاتٍ فَمَا فَوْقَهَا تُحَرِّمُ وَلَا تُحَرِّمُ مَا دُونَهَا
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا
عَبْدَةُ وبن نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
قَالَ وَحَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ((لا تُحَرِّمُ
الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إلا خمس رضعات متفرقات احتج بِقَوْلِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ وَلَا الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ))
وَمِمَّا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قال
سألت بن الزُّبَيْرِ عَنِ الرَّضَاعِ فَقَالَ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ ولا الرضعتان ولا الثلاث
قال أصحابه وبن الزُّبَيْرِ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لا تُحَرِّمُ الثَّلَاثُ أَيْضًا
وَأَفْتَى بِهِ
وَذَكَرُوا عَنِ بن مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا يُحَرِّمُ
مِنَ الرَّضَاعِ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ وَأَنْشَزَ الْعَظْمَ وَفَتَقَ الْأَمْعَاءَ
وَهَذِهِ أَلْفَاظُهُمْ مُفْتَرِقَةٌ جَمَعْتُهَا
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا عن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ
الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ
وَرَوَاهُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا
قَالَتْ كَانَ فِيمَا أَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ
مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا نَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ))
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَعَاتِ وَكَانَ مُفَسِّرًا لِقَوْلِهِ لَا تُحَرِّمُ
الرَّضْعَةُ وَالرَّضْعَتَانِ
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ وَلَا الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ خَرَجَ
عَلَى جَوَابِ سَائِلٍ سَأَلَهُ عَنِ الرَّضْعَةِ وَالرَّضْعَتَيْنِ هَلْ تُحَرِّمَانِ فَقَالَ لَا لِأَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ
وَشَرِيعَتِهِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إِلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ وَأَنَّهَا نَسَخَتِ الْعَشْرَ الرَّضَعَاتِ كَمَا لَوْ سَأَلَ
سَائِلٌ هَلْ يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ كَانَ الْجَوَابُ لَا يُقْطَعُ فِي دِرْهَمٍ وَلَا
دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إِلَّا فِي رُبُعِ
دِينَارٍ فَكَذَلِكَ بَيَانُهُ فِي الْخَمْسِ الرَّضَعَاتِ
فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَتْ نَاسِخَةً لِلْعَشْرِ رَضَعَاتٍ عِنْدَ عَائِشَةَ كَمَا رَوَتْ عَنْهَا عَمْرَةُ ما
الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250
كَانَتْ عَائِشَةُ لِتَأْمُرَ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ أَنْ تُرْضِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ
لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا فَتَسْتَعْمِلُ الْمَنْسُوخَ وَتَدَعُ النَّاسِخَ
وَكَذَلِكَ حَفْصَةُ أَمَرَتْ أُخْتَهَا فَاطِمَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي عَاصِمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ
فِي ((الْمُوَطَّأِ))
وَالْجَوَابُ أَنَّ أَصْحَابَ عَائِشَةَ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ بِهَا مِنْ نَافِعٍ وَهُمْ عُرْوَةُ وَالْقَاسِمُ وَعَمْرَةُ
رَوَوْا عَنْهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَلَمْ يرو أحد منهم عشر رضعات
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا سَبْعُ رَضَعَاتٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهَا عَشْرُ رَضَعَاتٍ
وَالصَّحِيحُ عَنْهَا خَمْسُ رَضَعَاتٍ
وَمَنْ رَوَى عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ رَضَعَاتٍ فَقَدْ وَهِمَ لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهَا أَنَّ الْخَمْسَ
الرَّضَعَاتِ الْمَعْلُومَاتِ نَسَخْنَ الْعَشْرَ الْمَعْلُومَاتِ فَمُحَالٌ أن نقول بِالْمَنْسُوخِ
وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَنْهَا عِنْدَ ذِي فَهْمٍ
وَفِي حَدِيثِهَا الْمُسْنَدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ -
امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ - أَنْ تُرْضِعَ سَالِمًا مولى أبي حذيفة خمس رضعات
قال عُرْوَةُ فَأَخَذَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ
وَسَنَذْكُرُهُ مُسْنَدًا فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
فَكَيْفَ يَقْبَلُ أَحَدٌ عَنْهَا أَنَّهَا أَفْتَتْ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ
رَضَعَاتٍ هَذَا لَا يَقْبَلُهُ مَنْ أَنْصَفَ نَفْسَهُ وَوُفِّقَ لِرُشْدِهِ وَلَوْ صَحَّ عَنْهَا حَدِيثُ نَافِعٍ عَنْ
سَالِمٍ فِي الْعَشْرِ كَانَ غَيْرُهُ مُعَارِضًا لَهُ بِالْخَمْسِ فَسَقَطَتْ وَثَبَتَتِ الْخَمْسُ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَا يُحَرِّمُ دُونَ
الخمس رضعات
وعن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِعَشْرِ رَضَعَاتٍ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ
عدد المشاهدات *:
465141
465141
عدد مرات التنزيل *:
94202
94202
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018