اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 17 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????????????? ?????????? ?????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ??????? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

سم الله

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
الإستذكار لإبن عبد البر
كِتَابُ الْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ
بَابُ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ
الْعَدْلِ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ (...)
الكتب العلمية
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ
الْعَدْلِ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي (التَّمْهِيدِ) اخْتِلَافَ أَلْفَاظِ رُوَاةِ (الْمُوَطَّأِ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ
وَاخْتِلَافَ أَلْفَاظِ أَصْحَابِ نَافِعٍ عَلَيْهِ وَأَصْحَابِ سَالِمٍ عَلَيْهِ
وَقَدْ جَوَّدَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَدِيثَهُ هَذَا عَنْ نَافِعٍ وَأَتْقَنَهُ وَبَانَ فِيهِ فَضْلُ حِفْظِهِ
وَفَهْمِهِ وَتَابَعَهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مَعَانِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَمِنْ أَحْسَنِ رُوَاةِ سِيَاقِهِ يَحْيَى
بن يحيى الليثي صاحبنا وبن القاسم وبن وَهْبٍ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا فِيهِ عَنْ مَالِكٍ (فَكَانَ لَهُ
مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ) وَمَنْ لَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رُوَاةِ مَالِكٍ (فَكَانَ
لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ) فَقَدْ كَثَّرَ وَلَمْ يُقِمِ الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ
الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ
مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ
وَكَذَلِكَ جَوَّدَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَتْقَنَهُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ
مِنْهُ مَا عَتَقَ) وَتَابَعَهُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ عُبَيْدُ اللَّهِ بن عمر عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَقَدْ عَتَقَ فَإِنْ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311
كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ وَأَعْتَقَ كُلُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ
مِنْهُ مَا عَتَقَ) وهذا كرواية مَالِكٍ سَوَاءٌ
وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَعْتَقَ
شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ فَهُوَ عَتِيقٌ)
قَالَ أَيُّوبُ قَالَ نَافِعٌ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ
قَالَ أَيُّوبُ لَا أَدْرِي أَهَذَا فِي الْحَدِيثِ أَمْ هُوَ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ قَوْلُهُ (فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا
عَتَقَ)
وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأنصاري عن نافع عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي عَبْدٍ كُلِّفَ عِتْقَ مَا بَقِيَ مِنْهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ
لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ جَازَ مَا صَنَعَ)
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَنْ أَيُّوبَ وَعَنْ يَحْيَى بِمَا وَصَفْنَا مِنْ طُرُقٍ فِي
(التَّمْهِيدِ)
وَهَذَا اللَّفْظُ أَعْنِي قَوْلَهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) يَعْنِي الِاسْتِسْعَاءَ
وَيُوجِبُ الْعِتْقَ عَلَى الْمُعْسِرِ وَإِنَّمَا مِلْكُ شَرِيكِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ دُونَ إِيجَابِ
اسْتِسْعَاءٍ عَلَى الْعَبْدِ
وَهَذَا الْمَوْضِعُ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْآثَارُ وَاخْتَلَفَ فِي الْحُكْمِ بِهِ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ
فَأَمَّا اخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَوَى فِي ذَلِكَ خِلَافَ مَا روى بن عُمَرَ
مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (أَيُّمَا عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنْ
كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ وَإِلَّا سَعَى الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ)
هَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى سَعِيدٍ فِي شَيْءٍ مِنْهُ
وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَذَلِكَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ
بَكْرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 312
وَقَدْ تَابَعَ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ عَلَى ذَلِكَ أَبَانُ الْعَطَّارُ وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَمُوسَى بْنَ
خَلَفٍ رَوَوْهُ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادٍ مِثْلِهِ وَذَكَرُوا فِيهِ السِّعَايَةَ
وَأَمَّا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فَرَوَوْهُ عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ
الْمَذْكُورِ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ السِّعَايَةَ وَهُمْ أَثْبَتُ مِنَ الَّذِينَ ذَكَرُوا فِيهِ السِّعَايَةَ
وَأَصْحَابُ قَتَادَةَ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ عَلَى غَيْرِهِمْ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ثَلَاثَةٌ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ
وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فَإِذَا اتَّفَقَ مِنْهُمُ اثْنَانِ فَهُمَا حُجَّةٌ عَلَى الْوَاحِدِ عِنْدَهُمْ وَقَدِ اتَّفَقَ
شُعْبَةُ وَهِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيُّ عَلَى تَرْكِ ذِكْرِ السِّعَايَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضَعُفَ بِذَلِكَ ذِكْرُ
السِّعَايَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طُرُقِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ فِي (التَّمْهِيدِ) وَزِدْنَا الْقَوْلَ بَيَانًا
فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ والنقل هنالك
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ يَقُولُونَ إِذَا أَعْتَقَ الْمَلِيءُ
الْمُوسِرُ نَصِيبًا لَهُ فِي عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُعْتِقَ بَتْلًا وَلَهُ أَنْ يُقَوِّمَ اذا
أعتق نَصِيبَهُ كَمَا أَعْتَقَ شَرِيكُهُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ الْمِلْكُ بَيْنَهُمَا
مَا لَمْ يُقَوَّمْ وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فَهُوَ كَالْعَبْدِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ
وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِنَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ عَدِيمًا لَا مَالَ لَهُ لَمْ يُعْتِقْ مِنَ الْعَبْدِ غَيْرَ حِصَّتِهِ
وَبَقِيَ نَصِيبُ الْآخَرِ رِقًّا لَهُ يَخْدِمُهُ الْعَبْدُ يَوْمًا وَيَكْتَسِبُ لِنَفْسِهِ يَوْمًا وَهُوَ فِي حُدُودِهِ
وَجَمِيعُ أَحْوَالِهِ كَالْعَبْدِ
وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا بِبَعْضِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يُوجَدُ مَعَهُ مِنْ
المال وَرُقَّ بَقِيَّةُ النَّصِيبِ لَدَيْهِ وَيُقْضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا يُقْضَى فِي سَائِرِ الدُّيُونِ
اللَّازِمَةِ وَالْجِنَايَاتِ الْوَاجِبَةِ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ شَوَارُ بَيْتِهِ وَمَالِهِ بَالٍ من كسوته
والتقويم ان يقوم نصيبه يوم العتق قيمة عدل ثم يعتق عليه
وَكَذَلِكَ قَالَ دَاوُدُ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْقِيمَةَ إِلَى شَرِيكِهِ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي (الْقَدِيمِ) وَقَالَ فِي (الْجَدِيدِ) إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ لِحِصَّتِهِ مِنَ الْعَبْدِ
مُوسِرًا في حين العتق عَتَقَ جَمِيعَهُ حِينَئِذٍ وَكَانَ حُرًّا مِنْ يَوْمِئِذٍ يَرِثُ وَيُورَثُ وَلَهُ
وَلَاؤُهُ وَلَا سَبِيلَ لِلشَّرِيكِ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنَّمَا لَهُ قِيمَةُ نَصِيبِهِ عَلَى شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ
وَسَوَاءٌ أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ أَوْ مَنَعَهُ إِذَا كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالشَّرِيكُ
عَلَى مِلْكِهِ يُقَاسِمُهُ كَسْبَهُ أَوْ يَخْدِمُهُ يَوْمًا وَيُخَلَّى لِنَفْسِهِ يَوْمًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 313
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَلَهُ وَارِثٌ وَرِثَ بِقَدْرِ وِلَايَتِهِ وَإِنْ مَاتَ لَهُ مَوْرُوثٌ
لَمْ يَرِثْ مِنْهُ شَيْئًا
وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ فِيمَنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ فِي (الْقَدِيمِ) وَاخْتَارَ قَوْلَهُ فِي
(الْجَدِيدِ) وَقَالَ هُوَ الصَّحِيحُ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّهُ قَالَ لَوْ أَعْتَقَ الثَّانِي كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا
وَقَدْ قَطَعَ بِأَنَّ هَذَا أَصَحُّ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِهِ وَقَالَهُ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ
وَاخْتِلَافِ بن أَبِي لَيْلَى وَأَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ
وَأَصْلُ مَا بَنَى عَلَيْهِ مذهبه في ذلك حديث بن عُمَرَ وَلَمْ يَقُلْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَضَعَّفَ قَوْلَ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ السِّعَايَةَ
وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ الْمُعْسِرُ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِعِتْقِ الْبَاقِي لَمْ يُحْكَمْ عَلَى
وَرَثَتِهِ بِعِتْقِ النِّصْفِ الْبَاقِي
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ إِذَا مَاتَ وَلَوْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ تَرِكَتِهِ إِلَّا أَنْ يَقَعَ الْعِتْقُ
مِنْهُ فِي الْمَرَضِ فَيُقَوَّمُ فِي الثُّلُثِ
وَقَالَ سُفْيَانُ إِذَا كَانَ لِلْمُعْتِقِ حِصَّتَهُ مِنَ الْعَبْدِ مَالٌ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ
عَلَى الْعَبْدِ وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ
عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ نَقَصَ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يَنْقُصْ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ
حِينَئِذٍ
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
وَفِي قَوْلِهِمْ يَكُونُ الْعَبْدُ كُلُّهُ حُرًّا سَاعَةَ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ
لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَةِ عَبْدِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ فِي ذَلِكَ لِلَّذِي لَمْ يُعْتِقْ وَلَا
يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ مَا
دَامَ فِي سِعَايَتِهِ مِنْ يَوْمِ أُعْتِقَ يَرِثُ وَيُورَثُ
وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَعَنِ بن شبرمة وبن أَبِي لَيْلَى مِثْلُهُ إِلَّا أَنَّهُمَا جَعَلَا لِلْعَبْدِ أَنْ
يَرْجِعَ عَلَى الْمُعْتِقِ بِمَا سَعَى فِيهِ متى ايسر
ورووا عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ جَعَلَ الْمُعْتِقَ بَعْضَهُ حُرًّا فِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّ
الشَّرِيكَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ كَمَا أَعْتَقَ صَاحِبُهُ وَكَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شاء
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 314
اسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ شَرِيكُهُ نِصْفَ
قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْعَبْدِ يَسْتَسْعِي فِيهِ إِنْ شَاءَ وَيَكُونُ
الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلشَّرِيكِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْعَبْدُ
نِصْفَ قِيمَتَهُ يَسْعَى فِيهَا وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ كَمَا أَعْتَقَ صَاحِبُهُ وَالْوَلَاءُ
بَيْنَهُمَا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْعَبْدُ الْمُسْتَسْعِي مَا دَامَ فِي سِعَايَتِهِ بمنزلة المكاب فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ
وَقَالَ زُفَرُ يُعْتَقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ حِصَّتُهُ مِنْهُ وَيُتْبَعُ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مُوسِرًا
كَانَ أَوْ مُعْسِرًا
قَالَ ابو عمر لم يقل زفر بحديث بن عُمَرَ وَلَا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ
وَكَذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَقُلْ بِوَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى وَجْهِهِ وَكُلُّ قَوْلٍ خَالَفَ السُّنَّةَ
مَرْدُودٌ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِحَدِيثِ بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَوْلُهُ فِيهِ نَحْوُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ
قَالَ إِنْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ مَالٌ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عُتِقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ
وَكَانَ الْآخَرُ عَلَى نَصِيبِهِ وَلَا يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حديث بن عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي
هُرَيْرَةَ وَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ ذِكْرُ السِّعَايَةِ وَأَحْمَدُ إِمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي الْمَعْرِفَةِ
بِصَحِيحِهِ مِنْ سَقِيمِهِ
قَالَ أَحْمَدُ وَلَا يُبَاعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْسِرِ دَارٌ وَلَا رِبَاعٌ
وَلَمْ يَحِدَّ فِي الْعُسْرِ وَالْيَسَارِ حَدًّا
وَقَالَ إِسْحَاقُ إِنْ كَانَ لِلشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ مَالٌ فَكَمَا قَالَ أَحْمَدُ يضمن وان لم يكن له إِلَّا
دَارٌ وَخَادِمٌ فَإِنَّهُ لَا يَجْعَلُ ذَلِكَ مَالًا قَالَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ لِصَاحِبِهِ
وَاتَّفَقَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَسُفْيَانُ بِأَنَّ الْعِتْقَ إِذَا وَقَعَ وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ ثُمَّ أَفْلَسَ لَمْ يَتَحَوَّلْ
عَلَيْهِ الْغُرْمُ كَمَا لَوْ وَقَعَ وَهُوَ مُفْلِسٌ ثُمَّ أَيْسَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ
وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا شَاذَّةٌ وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ
الْأَمْصَارِ مِنْهَا قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ فَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ عبد ان
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315
الْعِتْقَ بَاطِلٌ مُوسِرًا كَانَ الْمُعْتِقُ أَوْ مُعْسِرًا وَهَذَا خِلَافُ الْحَدِيثِ وَمَا أَشُكُّ أَنَّهُ لَمْ
يَبْلُغْهُ وَلَا عَلِمَهُ
وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ جَعَلَ قِيمَةَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي بَيْتِ الْمَالِ
وَهَذَا أَيْضًا خِلَافُ السُّنَّةِ
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا قَالَا الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ ضَمِنَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُعْتِقِ إِلَّا أَنْ تكون جارية رائعة تراد للوطئ
فَيَضْمَنُ مَا أَدْخَلَ عَلَى صَاحِبِهِ مِنَ الضَّرَرِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ زُفَرَ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا فَهَذَا حُكْمُ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّةً لَهُ مِنْ عَبْدٍ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ
وَأَمَّا مَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدِهِ الَّذِي لَا شِرْكَةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مَعَهُ فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ
بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ يَقُولُونَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرَبِيعَةُ
وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَحَمَّادٍ يَعْتِقُ مِنْهُ ذَلِكَ النَّصِيبُ وَيَسْعَى لِمَوْلَاهُ فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ مُوسِرًا
كَانَ أَوْ مُعْسِرًا
وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ
وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ فَأَعْتَقُوا الْعَبْدَ كُلَّهُ دُونَ سِعَايَةٍ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ والشافعي وبن ابي ليلى وبن شُبْرُمَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ
صَالِحٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ كُلُّهُمْ قَالَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ إِذَا كَانَ الْعِتْقُ مِنْهُ
فِي الصِّحَّةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ قَائِمَةٌ عَلَى رَبِيعَةَ وَأَبِي حَنِيفَةَ بِمَعْنَى السُّنَّةِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمَّا وَرَدَ
بِأَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ كَانَ أَحْرَى بِأَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ مَا هُوَ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ
مُوسِرٌ بِهِ مَالِكٌ لَهُ وَفِي مِثْلِ هَذَا جَاءَ الْأَثَرُ لَيْسَ إِلَيْهِ بِشَرِيكٍ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي دَاوُدُ السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ
الطَّيَالِسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ - زَادَ أَبُو
الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ - أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي غُلَامٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (لَيْسَ إِلَيْهِ بِشَرِيكٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 316
زاد بن كَثِيرٍ وَأَجَازَ عِتْقَهُ
وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَبِيعَةَ مَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ
نِصْفَ عَبْدِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقَهُ
وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي وَصِيَّتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ
قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَإِنَّمَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ إِذَا أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نِصْفَهُ
وَقَدْ جَاءَ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُ قَوْلِ رَبِيعَةَ وَأَبِي حَنِيفَةَ
وهو قول عبيد اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ كُلُّهُمْ يَقُولُ يَعْتِقُ الرجل من عبده ما شاء
وروي مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَيْسَ بالثابت عنه وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ لَوْ أَعْتَقَ مِنْ عَبْدِهِ عُضْوًا أَوْ إِصْبَعًا عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ
وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ
وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدِ بن سلمة الفافا قال جاء رجل إلى بن عُمَرَ
فَقَالَ لَهُ كَانَ لِي عَبْدٌ فَأَعْتَقْتُ ثلثه فقال بن عُمَرَ عَتَقَ كُلُّهُ لَيْسَ لِلَّهِ بِشَرِيكٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ مَلَكَ شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَهُ سِوَى الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ
يَعْتِقُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا عِنْدَ كُلِّ مَنْ ذَكَرْنَا عَنْهُ عَتَقَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ إِذَا
أَعْتَقَ هُوَ حِصَّتَهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْهُمْ ذِكْرَهُ فَإِنْ مَلَكَهُ بِمِيرَاثٍ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي عِتْقِ
نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ وَفِي السِّعَايَةِ عَلَى حَسَبِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أُصُولِهِمْ
وَفِي تضمن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُعْتِقَ لِنَصِيبِهِ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
غَيْرِهِ قِيمَةَ باقي العبد دُونَ أَنْ يُلْزِمَهُ الْإِتْيَانَ بِنِصْفِ عَبْدٍ مِثْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ
اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الْعُرُوضِ الَّتِي لَا تُكَالُ وَلَا تُوزَنُ أَوْ أَفْسَدَ شَيْئًا مِنْ
ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا قِيمَةُ مَا اسْتَهْلَكَ دُونَ الْمِثْلِ فِيهِ
وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا مِنَ الْعُرُوضِ الَّتِي لَا تُكَالُ وَلَا تُوزَنُ
أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لَا الْمِثْلُ بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الْقِيمَةُ أَعْدَلُ
فِي ذَلِكَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 317
وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَدَاوُدُ إِلَى أَنَّ الْقِيمَةَ لَا يُقْضَى بِهَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا
عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْلِ
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)
النَّحْلِ 126 وَلَمْ يَقُلْ بِقِيمَةِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ
وهذا عِنْدَهُمْ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
عِنْدَ بعض نسائه فارسلت احدى امهات المؤمنين جَارِيَةً بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ قَالَ
فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ وَسَقَطَ الطَّعَامُ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الكسرتين فضم إحداهما إِلَى الْأُخْرَى وَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ وَيَقُولُ (غارت امكم
كلوا) فاكلوا وحبس الرسول والقصعة حَتَّى جَاءَتْ قَصْعَةُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا وَدَفَعَ
الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِهِ
وَمِثْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ فُلَيْتِ بْنِ خَلِيفَةَ الْعَامِرِيِّ وَيُقَالُ لَهُ قُلَيْتٌ عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ صَانِعًا طَعَامًا مِثْلَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيِّيٍّ صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَبَعَثَتْ بِهِ فَأَخَذَنِي أَفْكَلٌ وَكَسَرْتُ الْإِنَاءَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ!
مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْتُ فَقَالَ (إِنَاءٌ مِثْلُ إِنَاءٍ وَطَعَامٌ مِثْلُ طَعَامٍ)
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَعْتِقُ سَيِّدُهُ مِنْهُ شِقْصًا ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ
أَوْ نِصْفَهُ أَوْ سَهْمًا مِنَ الْأَسْهُمِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ إِلَّا مَا أَعْتَقَ سَيِّدُهُ وَسَمَّى
مِنْ ذَلِكَ الشِّقْصِ وَذَلِكَ أَنَّ عَتَاقَةَ ذَلِكَ الشِّقْصِ إِنَّمَا وَجَبَتْ وَكَانَتْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ
وَأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ مَا عَاشَ فَلَمَّا وَقَعَ الْعِتْقُ لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُوصِي لَمْ
يَكُنْ لِلْمُوصِي إِلَّا مَا أُخِذَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَالَهُ قَدْ صَارَ
لِغَيْرِهِ فَكَيْفَ يَعْتِقُ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ لَيْسُوا هُمُ ابتدؤوا الْعَتَاقَةَ وَلَا
أَثْبَتُوهَا وَلَا لَهُمُ الْوَلَاءُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ وَإِنَّمَا صُنْعُ ذَلِكَ الْمَيِّتِ هُوَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318
الَّذِي أَعْتَقَ وَأُثْبِتَ لَهُ الْوَلَاءُ فَلَا يُحْمَلُ ذَلِكَ فِي مَالِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يَعْتِقَ
مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي مَالِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِشُرَكَائِهِ وَوَرَثَتِهِ وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ
عَلَيْهِ وَهُوَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ
قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَعْتَقَ رَجُلٌ ثُلُثَ عَبْدِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَبَتَّ عِتْقَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ فِي ثُلُثِهِ
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّ الَّذِي يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ
بَعْدَ مَوْتِهِ لَوْ عَاشَ رَجَعَ فِيهِ وَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي يَبُتُّ سَيِّدُهُ عِتْقَ ثُلُثِهِ فِي
مَرَضِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ أَعْتَقَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ وَذَلِكَ أَنَّ أَمْرَ الْمَيِّتِ
جَائِزٌ فِي ثُلُثِهِ كَمَا أَنَّ أَمْرَ الصَّحِيحِ جَائِزٌ فِي مَالِهِ كُلِّهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَتْقَنَ مَالِكٌ مَا ذكره في الموصي حِصَّتَهُ فِي عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ
وَفِي الَّذِي بَتَلَ عِتْقَ حِصَّتِهِ فِي مَرَضِهِ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَصِيَّةِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
وَجَمَاعَةُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى
وَخَالَفَهُ الْكُوفِيُّونَ فِي الْعِتْقِ الْبَتْلِ فِي الْمَرَضِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي بَعْدَ هَذَا
إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ
قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إِذَا أَعْتَقَ شَرِيكًا لَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عِتْقَ بَتَاتٍ ثُمَّ
مَاتَ كَانَ فِي ثُلُثِهِ كَالصَّحِيحِ فِي كُلِّ مَالِهِ
قَالَ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ النَّصِيبِ مِنْ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ إِلَّا مَا أَوْصَى بِهِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُوصِي بِعِتْقِ شِقْصٍ لَهُ مِنْ أَعْبُدٍ وَيُوصِي أَنْ يقوم
عليه نصيب صاحبه
وقال بن سَحْنُونٍ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِي الْمُوصِي بِعِتْقِ شِقْصٍ لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَنَّهُ لَا
يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ فَإِنْ أَوْصَى أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ
وَكَانَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ يَقُولُ يُسْتَهَمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ثُلُثِهِ كَالصَّحِيحِ في جميع ماله
قال وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الشَّرِيكُ تَقْدِيمَهُ لِأَنَّ
الْعِتْقَ لَهُ مُبَاحٌ
وَفِي (الْعَتْبِيَّةِ) رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلْمُعْتِقِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ
يَأْبَى ذَلِكَ
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الَّذِي يَعْتِقُ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَيَمُوتُ مِنْ وَقْتِهِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 319
وفي (المدونة) قال بن الْقَاسِمِ إِذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ أَوْ أَفْلَسَ لَمْ يُقَوَّمْ فِي مَالِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ
فَرْقًا بَيْنَ تَطَاوُلِ وَقْتِ مَوْتِهِ أَوْ قُرْبِ ذَلِكَ قَالَ وكذلك قال مالك
وذكر بن حَبِيبٍ أَنَّ مُطَرِّفًا رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إِنْ مَاتَ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ
وَإِنْ كَانَ قَدْ تَبَاعَدَ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ
وذكر بن سحنون ذلك فقال اذا مات بحدثان ذلك قَوْمٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ حَقًّا لَا
يَتَطَلَّبُ الْمَعْرِفَةَ
وَفِي الْعَتْبِيَّةِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي رَأْسِ مَالِهِ لَا فِي ثُلُثِهِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ

عدد المشاهدات *:
470401
عدد مرات التنزيل *:
94716
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018

الكتب العلمية

روابط تنزيل : مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ
الْعَدْلِ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ (...)
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ<br />
وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ<br />
الْعَدْلِ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ (...) لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
برنامج تلاوة القرآن الكريم
الكتب العلمية


@designer
1