أنواع الخصومة:
الخصومة في مفهومها العام تتخذ أشكالًا متعددة، بناءً على أسبابها وأطرافها وأهدافها، ويمكن تقسيمها إلى الأنواع التالية:
1. الخصومة المذمومة:
وهي الخصومة التي تخالف هدي الشريعة، وتقوم على العناد أو البغي أو الظلم، وتهدف إلى الانتصار للنفس دون مراعاة للحق.
أمثلتها:
الخصومة الباطلة: عندما يكون الخصم مُدركًا أنه على باطل، ولكنه يجادل ليدافع عن موقفه.
قال تعالى: "وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ" [النساء: 107].
الخصومة من أجل الدنيا: كالمنازعة على أموال أو منافع بطريقة تخالف الشرع.
الخصومة بسبب الحسد أو الكبر: كخصومة إبليس لآدم عليه السلام بدافع الكبر.
مظاهرها:
الإصرار على الباطل.
التشهير والإساءة للطرف الآخر.
استخدام الكذب والمغالطة.
حكمها:
محرمة في الإسلام، وتؤدي إلى فساد العلاقات وتشتيت المجتمع.
2. الخصومة المحمودة:
وهي الخصومة التي تكون دفاعًا عن الحق أو بهدف رفع الظلم وإقامة العدل، مع التزام حدود الشرع والأخلاق.
أمثلتها:
الخصومة لإظهار الحق: كدفاع المسلم عن نفسه أو عرضه أو ماله بالطرق الشرعية.
قال تعالى: "وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" [النحل: 125].
الخصومة لرد الظلم: كالمطالبة بحقوق مظلومة بالوسائل المشروعة.
الخصومة في الدعوة إلى الله: كمناظرات العلماء لإظهار العقيدة الصحيحة، شرط أن تكون بالحكمة.
مظاهرها:
التزام العدل والإنصاف.
ترك التجريح والإساءة للطرف الآخر.
السعي للإصلاح إذا أمكن.
حكمها:
جائزة بل قد تكون واجبة إذا ترتب عليها إقامة الحق أو رفع الظلم.
3. الخصومة الكيدية:
وهي الخصومة التي تهدف إلى إيذاء الآخرين عمدًا باستخدام وسائل باطلة، كالافتراء والتزوير.
أمثلتها:
إقامة دعوى قضائية زائفة للإضرار بشخص ما.
السعي لإسقاط أحدهم اجتماعيًا أو معنويًا بدافع الانتقام أو الحسد.
مظاهرها:
استغلال النظام القانوني أو الأعراف الاجتماعية للإضرار بالخصم.
الاتهامات الباطلة والكذب.
حكمها:
محرمة شرعًا، وتُعد من كبائر الذنوب، لما فيها من ظلم وبغي.
4. الخصومة الدينية:
وهي الخصومة التي تنشأ بسبب اختلاف في الدين أو العقيدة.
أمثلتها:
خصومة المشركين للأنبياء بسبب دعوتهم إلى التوحيد.
قال تعالى: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ" [الصافات: 35].
الخصومات الناتجة عن التعصب الديني أو الطائفي.
حكمها:
إذا كانت من طرف أهل الباطل ضد أهل الحق فهي مذمومة.
إذا كانت من طرف المسلمين للدفاع عن الدين فهي محمودة بشرط الالتزام بأدب الحوار.
5. الخصومة السياسية:
وهي الخصومة الناتجة عن تباين المواقف السياسية أو السعي لتحقيق مكاسب على حساب الطرف الآخر.
أمثلتها:
الخلافات بين الأحزاب أو الحكومات.
النزاعات على السلطة أو النفوذ.
مظاهرها:
المناورات والدعايات المغرضة.
التشهير وتشويه السمعة.
حكمها:
إذا كانت في إطار العدل والحق فهي جائزة.
إذا كانت قائمة على الظلم أو الفساد فهي محرمة.
6. الخصومة الشخصية:
وهي الخصومة الناتجة عن خلافات فردية بين الأشخاص بسبب المصالح أو سوء التفاهم.
أمثلتها:
الخلاف بين الجيران على حقوق الطريق أو الأرض.
الخصومات بين الأصدقاء أو الأقارب بسبب النزاعات المالية أو الاجتماعية.
مظاهرها:
التوتر والعداوة بين الأطراف.
السعي للانتقام أو الإضرار بالآخر.
 
حكمها:
إذا كانت في إطار الحق فهي جائزة مع السعي للإصلاح.
إذا تحولت إلى ظلم وعداء فهي مذمومة.

الخصومة في الإسلام محكومة بضوابط شرعية تضمن العدل وتمنع الظلم. والمطلوب من المسلم أن يجتنب الخصومة المذمومة، ويسعى في الخصومة المحمودة إلى إحقاق الحق دون تعدٍ أو تجاوز، متذكرًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا" [رواه أبو داود].
______________________
كتبه فضيلة الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني