تسجيل
البريد الإلكتروني
الرقم السري
بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ;   آخر المواضيع :   كتاب "عقيدة الإسلام "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  كتاب "عقيدة الإسلام "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري. * * *  كتاب "أصول الفقه وقواعده "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  كتاب "علم الحديث "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري. * * *  كتاب"معرفة إسم الله الأعظم "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري " * * *  كتاب"معرفة إسم الله الأعظم "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  وجوب اجتماع كلمة المسلمين على الصيام و الإفطار * * *  القول السديد في صلاة جمعتين في مسجد واحد * * *  مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه * * *  مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه * * *
العلوم
الطب
الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
1
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 2059
120 - الوباء و الطاعون
التاريخ : 01/02/2020
الساعة : 02:31:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • الحمد لله الذي عافنا من ما ابتلى به أناسا من الوباء و فضلنا على كثيرا  من من خلق تفضيلا

    و الصلاة و السلام على الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم 

    و بعد :

    لقد حل وباء الكرونا فيروس بالصين و نسأل الله العفو و العافية في ما قضى و قدر ، فهذا البلاء الذي حل إنما بسبب الذنوب و الإجرام كما قال تعالى  : و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير و كما قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى : إنه مانزل بلاء إلا بذنب و ما رفع إلا بتوبة ، فالعقوبة إذن من الله بسبب الذنوب و المعاصي و زواله لا يكون إلا بتوبة مصداقا لقوله تعالى : و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم و ما كان الله معذبهم و هم يستغفرون 

    فلا يقع العقاب إلا بقضاء و قدر و لا يزول إلا بقضاء و قدر  ، فالله هو الذي يدبر الأمر و يقضي في الكون ما يشاء و هذه هي الحقيقة التي ينبغي للناس أن يلتفتوا إليها عند حلول الشدائد و الرزايا لا أن يسوغوا لأنفسهم تبريرات من وسواس الشيطان ، فما هما يكن كلام المتكلمين في سبب و أسباب العدوى فإن الله أراده و شاءه لينذر الناس و ليذيقهم بعض ما كسبوا لعلهم يرجعون إلى رشدهم 

    و لا شك أن لكل شيء سبب يبدأ منه و ينشعب و هذه العدوى لها سبب قد يصيب المتكلم في قوله و قد يخطىء و قد قال القائلون أنه عقوبة من الله لقوم حاصروا مسلمي الإيغور و قاموا بتصفية جماعية على مرأى و مسمع المنظمات التي كان ينبغي أن تدافع عن : حقوق الإنسان و إن كان مسلما، لكنها فعلت كأنها لم تسمع و لم ترى و لم تبالي بأي واد هلك من آمن بالله الواحد و كان ذنبه أن قالوا ربنا الله فخدت لهم الأخاديد و حاصرتهم الأحزاب من كل ناحية فكان الجزاء من جنس العمل فصار ما كان فيهم بسبب الإستعلاء يصير في قوم الجلاد و شعبه بسبب جنود ربك التي لا يعلمها إلا هو، و ما أدراك ما جنود ربك ،إنها جنود لا ترى بالعين المجردة و التي تفتك و تحصد الأرواح بتؤدة و انتظام كأنها تريد أن تشفي غليلها لأرواح رفعت أكفها إلى ربها متضرعة قبل الحتف فاستجاب الله لها فصار هذا الذي يصير.

    إن العقاب خطير لأنه يصيب الظالم و المظلوم و نسأل الله السلامة و العافية لأن الرسول صلى الله عليه و سلم قال :

    إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه

    كلمة الناس تشمل المسلم و غير المسلم ، الذي ظلم و الذي سكت عن الظلم ، و لا تتوقف عند هذا الحد بل تتوسع الى رقعة الإيمان و الكفر فيعم العقاب الناس بما فيهم من المؤمنين و الكافرين ، قال الله تعالى : 

    ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]

    و لحديث أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ عَبْدِاللهِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ»، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ»؛ متفق عليه، هذا لفظ البخاري
    أصل المسألة هو الظلم الذي نتج عنه عقاب و الله أعلم .

    تكلم المتكلمون عن الأطعمة التي يتناولها الناس في تلك الأماكن و التي هي رجس 

    و ربما كان هذا الوباء بسبب تجربة كيماوية خرجت عن السيطرة من مختبر التجارب على الفئران و القرود فسببت مشكلة أو لربما وقعت بفعل فاعل يريد حصار الصين و الحد من انتشار نتاجها الإقتصادي فأهدى لها، بمناسبة إحتفالها بالعام الجديد ، السُّم القاتل و لا حول و لا قوة إلا بالله،لا تسرنا مثل هذه الأفعال و نبرأ إلى الله منها حيثما كانت و نسأل الله أن يوفق الناس لإيجاد دواء لهذا الوباء  حتى تستقيم الأمور و يعيش المسلمون و غيرهم في أمن و سلام 

    و نتفاءل خيرا بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم :

     ما أنزل الله عز و جل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه و جهله من جهله

    ثم مهما بلغت العدوى فإنها لن تقوم الساعة و ذلك لأن الأمارات الكبرى لها لم تظهر بعد فما طلعت الشمس من مغربها ، فلنتفاءل و ندعو الله بيقين أن يرفع هذا عنا و عن الناس لأن الدعاء سلاح المؤمن

    ثم ينبغي الأخذ بالأسباب الوقائية التي أمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم 

    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عَنْهُمَا أنَّ عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه خَرَجَ إلَى الشَّامِ حَتَّى إذَا كَانَ بِسَرْغٍ لَقِيَهُ أُمَراءُ الأجْنَادِ أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَأصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أنَّ الْوبَاءَ قَدْ وَقَعَ بالشَّامِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ لي عُمَرُ: ادْعُ لِي المُهاجرِين الأوَّلِينَ فَدَعَوتُهم، فَاسْتَشَارهم، وَأَخْبرَهُم أنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَاخْتلَفوا، فَقَالَ بَعْصُهُمْ: خَرَجْتَ لأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّة النَّاسِ وَأصْحَابُ رسُولِ اللَّه ﷺ، وَلا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُم عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي الأَنْصَارَ، فَدعَوتُهُم، فَاسْتَشَارهمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهاجرِين، وَاختَلَفوا كَاخْتلافهم، فَقَال: ارْتَفِعُوا عَنِي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرةِ الْفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلانِ، فَقَالُوا: نَرَى أنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلاَ تُقْدِمَهُم عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ، فَنَادى عُمَرُرضي الله عنه في النَّاسِ: إنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرِ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. فَقَال أبُو عُبَيْدَةَ بْن الجَرَّاحِ رضي الله عنه : أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّه؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أبَا عُبيْدَةَ، وكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلافَهُ، نَعَمْ نَفِرُّ منْ قَدَرِ اللَّه إلى قَدَرِ اللَّه، أرأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إبِلٌ، فَهَبَطَتْ وَادِيًا لهُ عُدْوَتَانِ، إحْدَاهُمَا خَصْبةٌ، والأخْرَى جَدْبَةٌ، ألَيْسَ إنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّه، وإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رعَيْتَهَا بِقَدَر اللَّه، قَالَ: فجَاءَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه، وَكَانَ مُتَغَيِّبًا في بَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقَال: إنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فلاَ تَقْدمُوا عَلَيْهِ، وإذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ فَحَمِدَ اللَّه تَعَالى عُمَرُ رضي الله  وَانْصَرَفَ، متفقٌ عَلَيْهِ

    فمن كان في أرض وقع فيها الوباء أو أصيب به فليتضرع إلى الله و يسأله كشف غمته و من كان خارجها فليتضرع إلى الله أن يحفظه من كل مكروه 

    عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات إذا أصبح وَإذا أَمْسَى: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تحتي)).

     

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
2
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 2059
120 - الوباء و الطاعون
التاريخ : 04/04/2020
الساعة : 02:31:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • أَعوذُ بِكَلِماتِ اللهِ التّامّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَ ذَرَأَ وَ بَرَأَ , وَ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ مِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا , وَ مِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ وَ مِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا , وَ مِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ , وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَانُ

    بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء و هو السميع العليم

    الوباء نزل بأمر الله و قد اختلف الناس في تحديد اسباب وقوعه إلا أننا نقول و نؤكد أنه من الله رب العالمين قال الله تعالى :

    وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير

    و قال الله تعالى :

    مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

     قال ابن عباس : بأمر الله ، يعني : عن قدره ومشيئته 

    و لا شك أن وباء كرونا مصيبة عظيمة حلت بالإنسانية أرادها الله و قضى أمرها و ما علينا فيها إلا الإيمان به و الثبات على الإسلام مع التسليم لقضاء الله و الصبر على ما يكون مع العمل بالصالح من الأعمال 

    إذا تقرر أن الله هو النافع الضار فلا نحمد و لا نشكر إلا إياه و لا يحمد على مكروه سواه فالحمد لله على كل حال و نعوذ بالله من حال أهل النار في الدارين

    هناك من يشكر كرونا و لا ينبغي فنحن لا نشكر الموت و لا العذاب إذا حل بقوم كافرين إنما نحمد الله و نشكر الله الذي أوقعه و أنزله بالناس ثم إننا لم نجد أحدا من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يشكر طاعون عمواس على المصيبة التي حلت بكبار الصحابة رضي الله عنهم بل الأمر عكس ذلك فلا نشكر الأمراض و لا الأوبئة بل نستعيذ بالله منها لأنها شر و قد جاء في الذكر الحكيم الإستعاذة من كل شر كما قال تعالى في سورة الفلق :

    قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق 

    و الأدعية النبوية الشريفة على هذا السبيل في الإستعاذة بالله من كل شر يؤذي الناس قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

    أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق 

    و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لمن ألم به مرض و أراد العلاج أن يرقي نفسه بهذا الدعاء فيضع يده اليمنى على موضع الألم فيقول :

    سم الله، ثلاثَا، ثم يقول: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر، سبع مرات.

    فليس من السنة إذن شكر الشر بل التعوذ منه ثم إذا نزل بالناس فلا ينبغي الإستهتار و الإستخفاف بل ينبغي الخوف و الإستغفار و الإقبال إلى الله بالخشية و الإنابة قال الله تعالى :

    وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ    42 فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ    43 

    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

     أَيْ فَهَلَّا إِذْ اِبْتَلَيْنَاهُمْ بِذَلِكَ تَضَرَّعُوا إِلَيْنَا وَتَمَسْكَنُوا لَدَيْنَا " وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبهمْ " أَيْ مَا رَقَّتْ وَلَا خَشَعَتْ" وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان مَا كَانُو يَعْمَلُونَ " أَيْ مِنْ الشِّرْك وَالْمُعَانَدَة وَالْمَعَاصِي "

    إن طاعون كرونا يهدد عددا من الأشخاص بالموت و ينبغي إذن أخذ الأمر بجدية ، فلا أحد يعلم ما قدر الله له :

     إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 

    هذا أمر جلل لا يستهان به لأن عواقبه وخيمة ، يصيب الصغير و الكبير ، و لا أحد ينجو منه إلا بقضاء الله و قدره

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
3
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 2059
120 - الوباء و الطاعون
التاريخ : 04/04/2020
الساعة : 02:31:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • بسم الله توكلت على الله و لا حول و لا قوة إلا بالله

    أيها الإخوة بمن نستجير ؟ و بمن نستغيث إذا ضاقت السبل و انعدمت الحلول ؟

    إنه الله ندعوه و نلجأ إليه في السراء و الضراء قال تعالى :

    أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ   62 

    فالله تعالى هو الذي يجيب المضطر ، افلا تذكر يوم ناجيته في سريرتك تريد الخلاص من الألم الذي اشتد عليك و لم تجد أحدا تلجأ إليه ليجد لك حلا لمشكلتك إلا هو الله الواحد الفرد الصمد ؟

    لم أحضر معك ذاك الحين و لم أعلم بذلك و لن أعلمه أبدا لكنك تعلم أن الله أنقذك و فرج عليك كربتك فجعل لذلك سببا من الأسباب ما خطر ببالك و ما تصورته عند شدتك

    فلا ينبغي لك أن تستغيث بغير الله و لا أن تستنجد بغيره و عليك بالتوكل عليه أخذا بالأسباب راجيا الكمال من الله تعالى 

    قيل : استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة السجين بالسجين 

    و قيل كذلك : استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق

    عن أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فقال لي يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك إن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح في رواية غير الترمذي احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا

    لا احد في ملك الله يستطيع أن يدفع عنك محذورا أتى و لذلك كن واثقا بقضاء الله تعالى فما أصابك لم يكن ليخطئك و ما أخطأك لم يكن ليصيبك و ساضرب لك مثلا 

    قال الله تعالى : 

    أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ

    جاء في التفسير الميسر : ألم تشاهد أن الله سبحانه وتعالى يسوق السحاب إلى حيث يشاء، ثم يجمعه بعد تفرقه، ثم يجعله متراكمًا، فينزل مِن بينه المطر؟ وينزل من السحاب الذي يشبه الجبال في عظمته بَرَدًا، فيصيب به مَن يشاء من عباده ويصرفه عمَّن يشاء منهم بحسب حكمته وتقديره, يكاد ضوء ذلك البرق في السحاب مِن شدته يذهب بأبصار الناظرين إليه.

    يعني أن المطر إذا نزل يصيب الله به من يشاء و يصرفه عن من يشاء و كذلك الأمراض و الأوبئة فإنها تصيب من كتب الله له ذلك و ينجو منها من عفى الله عنه ألا ترى بعض  الأطباء و الممرضين يخالطون مرضى كرونا فيقيهم الله من الوباء و أخرون قد تحصنوا و أخذوا جميع تدابير الوقاية قد دبر الله أمرا فجعله سبب لإنتقال العدوى إاليهم 

     ينبغي لمن آمن بالله ربا أن يستيقن أن الأمر لله كله يقضي في عباده ما يشاء و نحن نؤمن بالقضاء و القدر فما شاء الله كان و ما لم يشاء لم يكن و لن ينفع حذر عن قدر قال تعالى :

    قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ    8 

    و هنا معجزة فكم من مريض أصيب بمرض عضال فخاف من الموت و طلب العلاج فسارع إلى المستشفى يطلب من الطبيب المعالجة و أنفق ما لديه من المال كيما يفر من القدر المحتوم لكن الله قضى و قدر أن ذلك الإنسان سيموت في ذلك المكان فجعل طلب المداواة سببا لإنتظاره في سرير المستشفى حتى يأتي ملك الموت ليقبض روحه كما أراد الله 

    بل إن الطبيب بنفسه يموت من الداء الذي كان حاذقا في معالجة المرضى قال الشاعر :

    إن الطبيب بطبه لا يستطيع دفع مقدور أتى 

    هلك المداوي و المداوى و الذي جلب الدواء و باعه و اشترى 

    و قد ذكر أن رجلا سافر فنزل ليلا  بأرض فقيل له أنها مفعاة فخاف على نفسه و حملها على النوم على ظهر دابته مخافة لسعة الحيات فلما استغرق في النوم تعلقت حية بفتيل حتى لسعته

    و في هذا المعنى قيل : لا يغني حذر عن قدر 

    فنحن أنا و أنت و غيرنا كلنا بلا استثناء سنموت و هذا يقين أعلمه كما تعلمه لا شك و لا مرية فيه و سيجعل الله لذلك سببا مهما حاولنا دفع ذلك ، قال الله تعالى :

    أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا    78 

    هذه حقيقة ثابتة عند كل الناس و كما هي أنها ثابتة فينبغي أن يستقر في قلوبنا أن كل شيء يقع في هذا الكون قد كتبه الله في اللوح المحفوظ و إذا كان ذلك كذلك فإننا نؤمن أن الخير و الشر مقدران على العباد 

    و أن علينا أن نلجأ إليه أولا متضرعين إذا نزل البلاء ثم نتوكل عليه باتخاذ الأسباب 

     

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
4
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 2059
120 - الوباء و الطاعون
التاريخ : 04/04/2020
الساعة : 02:31:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • اللهم رب السماوات السبع و ما أظلت و رب الأراضين السبع و ما اقلت و رب الشياطين و ما أضلت كن لي جارا من شر خلقك أجمعين أن يفرط علي أحد منهم او ان يطغى عز جارك و جل ثناؤك و لا غله غيرك

    قد تشتبه على بعض الناس بعض المفاهيم التي تتعلق بالقضاء مع القدر و التوكل على الله بالأخذ الأسباب و سنحاول تيسير ذلك بعون الله

    إذا كان كل شيء بقضاء بقدر فلماذا الأخذ بالأسباب ؟

    اعلم وقاك الله من كل سوء أن هذا المبحث افترق عليه الناس الى فرق ،طائفة تقول بأن الإنسان مخير مسير و أخرى تقول بالقدر و الجبر 

    و أهل السنة وسط بين الغلو و التفريط و أدلتنا :

     قول الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم :

     ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا  نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيدٌ، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها))؛ رواه البخاري ومسلم.

    و من حديث ابن مسعود رضي الله عنه  قال: خط النبي ﷺ خطاً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خُططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به -أو قد أحاط-، وهذا الذي هو خارجٌ أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا، رواه البخاري.

    و ما رواه الشيخان في الصحيحين، قالوا يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الساعة؟

    فقال عليه الصلاة والسلام: ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار

     قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟

    قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة،

     

    ثم تلا قوله سبحانه:

    فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ۝ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ۝ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ۝ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى  -

    الليل:5-10

    و قول الله تعالى :

    قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره كلا لما يقض ما أمره

    ورد في التفسير الميسر ما معناه : ثم بين له طريق الخير والشر,

    و هذا مثل قوله تعالى :

    إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا  

    قال ابن كثير رحمه الله :

    أَيْ بَيَّنَّاهُ لَهُ وَوَضَّحْنَاهُ وَبَصَّرْنَاهُ بِهِ كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا " وَأَمَّا ثَمُود فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى " وَكَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا " وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" أَيْ بَيَّنَّا لَهُ طَرِيق الْخَيْر وَطَرِيق الشَّرّ وَهَذَا قَوْل عِكْرِمَة وَعَطِيَّة وَابْن زَيْد وَمُجَاهِد فِي الْمَشْهُور عَنْهُ وَالْجُمْهُور

    و أورد رحمه الله تعالى الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ قَالَ : 

    قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" كُلّ النَّاس يَغْدُو فَبَائِع نَفْسه فَمُوبِقهَا أَوْ مُعْتِقهَا" 

    و نختصر الكلام في هذا الباب بما  ذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بسارق فأمر بقطع يده، فقال السارق: مهلاً يا أمير المؤمنين، والله ما سرقت إلا بقضاء الله وقدره، فقال عمر: ونحن نقطع يدك بقضاء الله وقدره. فاحتج عليه عمر بما احتج به هو على عمله السيي

    و هذا لأن الأسباب نفسها من قضاء الله و قدره كما قال عمر رضي الله عنه لما همَّ بالرجوع عن الشام، لما وقع بها طاعون عمواس سنة 18 للهجرة  ، قال له أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح ـ رضي الله عنه: أفرارا من قدر الله؟ 

    فقال له عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة؟ أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟.

    فلابد إذن من الأخذ بالأسباب لأنه عين التوكل على الله جل جلاله 

     

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
5
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 2059
120 - الوباء و الطاعون
التاريخ : 05/04/2020
الساعة : 02:31:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  •  

    اللَّهمَّ عافِني في بدَني اللَّهمَّ عافِني في سمعي اللَّهمَّ عافِني في بصري لا إلهَ إلَّا أنت، اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ منَ الكُفْرِ والفقرِ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من عذابِ القبرِ لا إلهَ إلَّا أنت

    قال الله تعالى :

    وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين

    فالتوكل على الله هو الإعتصام و الإعتماد على الله في الباطن مع الأخذ بالأسباب الشرعية  في مواجهة أقدار الله تعالى في الحياة و قد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم مثلا على هذا الأمر بالطير فقال عليه الصلاة و السلام :

    لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُوا خِمَاصاً وَتَرُوْحُ بِطَاناً

    فالطير كغيرها من الدواب تمتاز عن الإنسان بعدم إدخارها للطعام مصداقا لقول الله تعالى :

    وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ    60 

    جاء في التفسير الميسر: 

    وكم من دابة لا تدَّخر غذاءها لغد, كما يفعل ابن آدم, فالله سبحانه وتعالى يرزقها كما يرزقكم, وهو السميع لأقوالكم, العليم بأفعالكم وخطرات قلوبكم.

    فهذه الطيور لا تهتم بإدخار الطعام و لا تعرف إلى ذلك سبيلا فهي تصبح أول النهار خالية بطونها قد اشتد بها الجوع ما يجعلها تتحرك و تجعل تحليقها في الجو بحثا عن الطعام في ملك الله سببا فتعود أخر النهار قد أمتلت  بطونها و شبعت ، الحيوان يتصرف في الكون بالعمل فهو يعمل حسب ما هداه الله إليه من الإدراك فيتحرك بحثا عن طعامه و إذا ما حصل عليه فإنه يأخذ فقط المقدار الذي يسد رمقه و يكتفي به و لا يسرف  فإذا ما جاع عاد للبحث لأن الله الذي خلقه أعد له رزقه في الأرض و لذلك لا يهتم مثل الطفل الصغير ذو الثلاث سنوات فإنه لا يهتم بأسباب الطعام من جلبه إلى المنزل و طبخه و كل همه اللعب لأنه إذا اشتكى الجوع فزع إلى أبويه و كذلك نحن نعلم أن الله خلقنا و قدر لنا أرزاقنا فإذا أصابنا مكروه تضرعنا إليه في السراء و الضراء .

    الإنسان يختلف عن الحيوان لأن الله ميزه بالعقل و هذا التمييز ألزمه التكليف ، العقل مناط التكليف ،هذا العقل يعقل الإنسان و يمنعه من الوقوع في المهالك و يجعله يتصرف بحكمة و يزن الأمور فيرجح هذا و يترك هذا فيحقق ما فيه مصلحته و يترك ما فيه مضرته 

    تحقيق هذه المصالح يتم لمن أوتي جودة القريحة و قلبا عاقلا الذي يتبع الحق و لا يتبع الهوى لأن القلب ملك الجوارح يعطي الأوامر كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا  نطفة   ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيدٌ، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها))؛ رواه البخاري ومسلم

    فلابد في التوكل من هداية الله لقلب الإنسان في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب و هذه هي الحكمة التي قال الله عنها :

    يؤتي الحكمة من يشاء و من يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا

    فالحكمة تمكن صاحبها من جلب المنافع و درء المفاسد 

    فمن الجنون بمكان أن يرى الإنسان خطرا داهما يواجهه فلا يحرك ساكنا و يدعي التوكل على الله تعالى بل إن تفريطه في مواجهة الخطر المحدق غباء 

    ألم ترى أن الله سبق في علمه أن قوم نوح يهلكون بالغرق فأمر عبده بصنع السفينة و حمل من معه فيها و أم موسى أمرها الله بأن تجعل رضيعها نبي الله موسى في التابوت و بعد ذلك ترميه في البحر و أمرها أن لا تخاف ، فالمؤمن يأخذ بالأسباب و النتائج أمر الله كما قال أحدهم : ما علي إلا حث الخطى و على الله البلاغ 

    فالمؤمن مأمور بالأخذ بالأسباب الا ترى أن من أراد نيل سبل السلام و جنة الخلد عليه أن يعمل الصالحات كما قال تعالى :

    الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32)

    فكذلك الإنسان في هذه الدنيا عليه أن يأخذ بالأسباب التي تناسب الوضع و الحالة التي تواجهه كما قيل :

    لكل مقام مقال و خير القول ما وافق الحال و نعوذ بالله من حال أهل النار

    وقد قال أمير المؤمنين عنه رضي الله عنه : " لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة " . 

    قال عليه الصلاة والسلام للذي سأله: يا رسول الله أعقلها -أي الناقة- وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟! قال: اعقلها وتوكل

     

     

     

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
6
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 2059
120 - الوباء و الطاعون
التاريخ : 05/04/2020
الساعة : 02:31:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • اللَّهمَّ فاطرَ السَّماواتِ والأرضِ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ ومالِكَهُ أشهدُ أن لا إلهَ إلَّا أنتَ أعوذُ بكَ من شرِّ نفسي ومن شرِّ الشَّيطانِ وشركِهِ وأن أقترفَ على نفسي سوءاً أو أجرَّهُ إلى مسلمٍ

     

    إن أول أسباب الدواء هو الوقاية من المرض ، و تتم بأحد أمرين أحدهما معنوي و الأخر مادي . 

     

    الوقاية المعنوية  و تتم بالإيمان بالله تعالى و الإلتجاء إليه في السراء و الضراء بالكلم الطيب و العمل الصالح فمن أطاع الله وقاه الله السوء و الفحشاء كما قال تعالى :

    كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ    24 

    و كما قال تعالى :

    فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ

     

    فالإيمان بالله سبيل النجاة في الدنيا و الأخرة فمن آمن أمن كما قال تعالى :

     

    الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ    82 

     

    و الأيات في هذا المعنى عديدة و إنما نريد التلخيص .

     

    فمن أمن بالله إطمئن قلبه كما قال تعالى : و من يؤمن بالله يهد قلبه . و الطمأنينة و السكينة القلبية غاية السعداء و لاينالها إلا المؤمنون بالله و رسوله صلى الله عليه و سلم كما في قوله تعالى :

    الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ    28 

     

    فالناس في هذه الإيام في حالة ذعر و خوف إلا المؤمنون فلهم طمأنينة القلب و طمأنينية القلب لا تتنافى مع ما أودعه الله في القلوب من الخوف من الأخطار لكن هذا الخوف يزول بذكر الله لأن المؤمن يرى في كل ما يصيبه الخير لأنه يؤمن بأن الله هو الذي ابتلاه به و ليس عليه إلا الصبر و الثبات فهو مع صبره يلجأ إلى ربه يدعوه و يرجوه فإن استجاب له الله في الدنبا حمد ربه و زاده ذلك يقينا بربه و إلا فإنه يعلم أن الله يدخر له الأجر في الأخرة و لذلك لا يقلق حتى لو علم أن ما يستقبله هو الموت و عندها يطمئن و يفرح للقاء ربه كما قال النبي صلى الله عليه و سلم :

    من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه

     

     عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَم وَا كَرْبَ أَبَاهُ فَقَالَ: " لَهَا لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ"

     

     

    قال الشعبي دخل بلال بن رباح يوما على عمر فأكرم مجلسه وقال ما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا بلال فقال يا أمير المؤمنين إن بلالا كان يؤذى وكان له من يمنعه وإني كنت لا ناصر لي والله لقد سلقوني يوما في نار أججوها ووضع رجل رجله على صدري فما اتقيت الأرض إلا بظهري ثم كشف عن ظهره فإذا هو برص رضي الله عنه ولما مرض دخل عليه أناس من الصحابة يعودونه فقالوا أبشر غدا تلقى الأحبة محمدا وحزبه 

    و لهذا ينادي الله هذه النفوس المطمئنة و يخاطبها بما يرضيها من ربها قبل قبضها فيقول :

    يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي 

    هذه الميزة ليست إلا للمؤمنين عباد الرحمن هم المطمئنون في الدنيا و الأخرة ، كيف يخافون في الدنيا و قد أمنهم الله من الفزع الأكبر ، هؤلاء هم صفوة الخلق الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا

    الإيمان بالله هو الأصل و هو الأساس قال الله تعالى :

    وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ    96 

    و هذا البلاء الذي أصاب الناس في هذه الأيام إنما هو بسبب ذنوبهم قال الله تعالى :

    ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ    41 

    جاء في التفسير الميسر :

    ظهر الفساد في البر والبحر, كالجدب وقلة الأمطار وكثرة الأمراض والأوبئة; وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها البشر; ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا; كي يتوبوا إلى الله -سبحانه- ويرجعوا عن المعاصي, فتصلح أحوالهم, وتستقيم أمورهم.

    فلابد من الرجوع إلى الله و ترسيخ دعائم الإيمان في القلوب و ينبغي الإهتمام بالعقيدة أولا و ترسيخها في قلوب الناشئة كما قرأنا لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في إحدى منشوراته التي كانت بعنوان العقيدة أولا 

    قال عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : ( لقد عشنا دهرا طويلا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها ، وما ينبغي أن يقف عنده منها ، ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان ، فيقرأ ما بين الفاتحة إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره وما ينبغي أن يقف عنده منه ، ينثره نثر الدقل !! ). الدقل - أي التمر الرديء.

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

  لكتابة موضوع جديد في نفس القسم :
الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم الصفحة :

عدد الأعضاء المسجلين في منتدى المحجة البيضاء :389

عضو ، هؤلاء الأعضاء قاموا بتفعيل عملية التسجيل.


    عدد المواضيع :132 موضوع .

    عدد المشاركات :690 مشاركة .

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : برنامج تعليم الأرقام من 1 الى 100

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : المخطط الكهربائي لمحرك السيارة

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : أين الله؟

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : سبعة يظلهم الله في ظله

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : الوباء و الطاعون

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : أخطاء تمنع من تحقيق حفظ القرآن الكريم

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : ألا بذكر الله تطمئن القلوب

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : برنامج تدريبات على جدول كارنوف

    يتصفح المنتدى حاليا : 6 متصفح .