4- من الأخطاء التي تمنع من تحقيق حفظ القرآن الكريم الحفظ في الكبر
ورد في الأثر : التعلم في الصغر كالنقش على الصخر و التعلم في الكبر كالكتابة على الماء
و ذلك أن الصغير جبل على التعلم كما جبل الكبير على النسيان ، فلا يولود المرء عالما إنما يتعلم العلم بالتدريج و خير أطوار الحياة في تعلم العلم إنما يكون في مرحلة الطفولة
إن من فطرة الطفل حب التعلم فتراه كثير السؤال ، يسأل ليعلم و يتعلم ، يجمع المعلومات من كل فن حتى لا يكون جاهلا ، تمتص ذاكرته المعلومات كما يمتص الإسفنج الماء، و لذلك وجب على الأبوين تعليمه الأداب و الأخلاق الحسنة في سني الفتوة كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الزموا أولادكم و أحسنوا أدبهم
بينما تجد كبير السن يعاني من آلام البدن التي تعتري الأدمي و يعاني من هموم الحياة التي أراد الله تعالى أن يختبره بها ، إن تفرغ لطلب العلم أحس بألم المرض فأجل ذلك إلى حين ، و حينما تذهب عنه بعض آلامه تتسابق الهموم الى مخيلته فتضيق به الأرض فلا يجد في نفسه متسعا لأخذ شيء من العلم فإن أخذه في تلك اللحظة أخذه من غير تركيز ، و كل معلومة حصلت من غير تركيز ذهبت مع النسيان .
قال الشاعر :
أمهت و كنت لا أنسى كذلك الدهر يزري بالعقول
خطأ يقع فيه البعض هو اللهو و اللعب عند الصغر و عدم تقديم حفظ القرآن الكريم على الشهوات فإذا تذكر و انتبه و أراد الحفظ و قع في التسويف بمعنى سوف أفعل و مع سوف يكون التأجيل و من الحكمة عدم تأخير عمل اليوم لغد كما قيل :
لا تؤخر عمل اليوم لغد
و تأخير يعقبه تأخير ، يجعل الأيام تمر، و مرور الأيام يعني ذهاب العمر ، فإذا ذهب العمر و بلغ المرء سن الشيخوخة وقع النسيان فلا ينفع التعلم في ذلك الوقت
قال الشاعر :
قد ينفع الأدب الأحداث في صغـــــر *** وليس ينفع بعد الشــــيبة الأدب
إن الغصون إذا قومتها اعتــــــــدلت *** ولن يلين إذا قومته الخـــــــشب
و من مسؤولية الأباء إذن تعليم الأبناء القرآن الكريم عند الصغر حتى يتحقق فيهم قول النبي صلى الله عليه و سلم :
خيركم من تعلم القرآن و علمه
و لا ينبغي لمن فاته حظ الحفظ في الصغر ترك شرف الحفظ في الكبر فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم نزل عليه في الأربعين و ختمه في ثلاث و ستين
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين
فلا ينبغي لمن أخطأ صغيرا أن يخطئ كبيرا
و الله المستعان