اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 10 شوال 1445 هجرية
? ??? ???????? ???? ??? ???? ????????????? ?????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ??????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

العلم

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى
الجزء العاشر
خلافة أبي جعفر المنصور
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومائة
ترجمة أبي مسلم الخراساني
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى
هو عبد الرحمن بن مسلم أبو مسلم صاحب دولة بني العباس ويقال له أمير آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الخطيب يقال له عبد الرحمن بن شيرون بن اسفنديار أبو مسلم المروزي صاحب الدولة العباسية يروى عن أبي الزبير وثابت البناتي وابراهيم وعبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس زاد إبن عساكر في شيوخه محمد بن علي وعبدالرحمن بن حرملة وعكرمة مولى إبن عباس قال إبن عساكر روي عنه ابراهيم بن ميمون الصائغ وبشر والد مصعب بن بشر وعبدالله بن شبرمة وعبدالله بن المبارك وعبدالله بن منيب المروزي وقديد بن منيع صهر أبي مسلم
قال الخطيب وكان أبو مسلم فاتكا ذا رأي وعقل وتدبير وحزم قتله أبو جعفر المنصور بالمدائن وقال أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ اصبهان كان اسمه عبدالرحمن بن عثمان بن يسار قيل إنه ولد بأصبهان وروي عن السدى وغيره وقيل كان اسمه ابراهيم بن عثمان بن يسار بن سندوس إبن حوذون ولد بزر جمهور وكان يكنى أبا اسحاق ونشأ بالكوفة وكان أبوه أوصى به إلى عيسى إبن موسى السراج فحمله إلى الكوفة وهو إبن سبع سنين فلما بعثه ابراهيم بن محمد الامام إلى خراسان قال له غير اسمك وكينتك فتسمى عبد الرحمن بن مسلم واكتنى بأبي مسلم فسار إلى خراسان وهو إبن سبع عشرة راكبا على حمار باكاف وأعطاه إبراهيم بن محمد نفقة فدخل خراسان وهو كذلك ثم آل به الحال حتى صارت له خراسان بأزمتها وحذافيرها وذكر انه في ذهابه اليها عدا رجل من بعض الحانات فقطع ذنب حماره فلما تمكن ابو مسلم جعل ذلك المكان دكا فكان بعد ذلك خرابا وذكر بعضهم أنه أصابه سبى في صغره وانه اشتراه بعض دعاة بني العباس بأربعمائة درهم ثم أن إبراهيم بن محمد الإمام استوهبه واشتراه فانتمى إليه وزوجه ابراهيم بنت ابي النجم إسماعيل الطائي أحد دعاتهم لما بعثه إلى خراسان وأصدقها عنه أربعمائة درهم فولد لأبي مسلم بنتن إحداهما أسماء أعقبت وفاطمة لم تعقب
وقد تقدم ذكر كيفية استقلال أبي مسلم بأمور خراسان في سنة تسع وعشرين ومائه وكيف نشر دعوة بني العباس وقد كان ذا هيبة وصرامة وإقدام وتسرع في الأمور وقد روى إبن عساكر بإسناده أن رجلا قام إلى ابي مسلم وهو يخطب فقال ما هذا السواد الذي أرى عليك فقال
حدثني أبو الزبير عن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء وهذه ثياب الهيئة وثياب الدولة يا غلام اضرب عنقه وروى من حديث عبد الله بن منيب عنه عن محمد بن علي عن ابيه عن جده عبدالله بن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم من أراد هوان قريش أهانه الله وقد كان ابراهيم بن ميمون الصائغ من أصحابه وجلسائه في زمن الدعوة وكان يعده إذا ظهر أن يقيم الحدود فلما تمكن أبو مسلم الح عليه ابراهيم إبن ميمون في القيام بما وعده به حتى أحرجه فأمر بضرب عنقه وقال له لم لا كنت تنكر علي نصر بن سيار وهو يعمل أواني الخمر من الذهب فيبعثها إلى بني أمية فقال له إن اولئك لم يقربوني من أنفسهم ويعدوني منها ما وعدتني أنت وقد رأى بعضهم لإبراهيم بن ميمون هذا منازل عاليه في الجنة بصبره على المعروف والنهي عن المنكر فإنه كان آمرا ناهيا قائما في ذلك فقتله أبو مسلم رحمه الله
وقد ذكرنا طاعة أبي مسلم للسفاح واعتناءه بأمره وامتثال مراسيمه فلما صار الأمر إلى المنصور استخف به واحتقره ومع هذا بعثه إلى عمه عبدالله إلى الشام فكسره واستنفذ منه الشام وردها إلى حكم المنصور ثم شمخت نفسه على المنصور وهم بقتله ففطن لذلك المنصور مع ما كان مبطنا له من البغضه وقد سأل أخاه لسفاح غير مرة أن يقتله كما تقدم ذلك فأبى عليه فلما تولى المنصور ما زال يماكره ويخادعه حتى قدم إليه قال بعضهم كتب المنصور إلى ابي مسلم أما بعد فإنه يرين على القلوب ويطبع عليها المعاصي فع أيها الطائش وافق أيها السكران وانتبه أيها النائم فإنك مغرور بأضغاث أحلام كاذبة في برزخ دنيا قد غرت من كان قبلك وسم بها سوالف القرون هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا وإن الله لا يعجزه من هرب ولا يفوته من طلب فلا تغتر بمن معك من شيعتي وأهل دعوتي فكأنهم قد صالوا عليك بعد أن صالوا معك إن أنت خلعت الطاعة وفارقت الجماعة وبدالك من الله ما لم تكن تحتسب مهلا مهلا احذر البغي أبا مسلم فانه من بغى واعتدى تخلى الله عنه ونصر عليه من يصرعه لليدين والفم واحذر أن تكون سنة في الدين قد خلوا من قبلك ومثله لمن يأتي بعدك فقد قامت الحجة وأعذرت اليك وإلى أهل طاعتي فيك قال تعالى واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آ ياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين
فأجابه أبو مسلم أما بعد فقد قرأت كتابك فرأيتك فيه للصواب مجانبا وعن الحق حائدا اذ تضرب فيه الأمثال على غير أشكالها وكتبت إلى فيه آيات منزلة من الله للكافرين وما يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وانني والله ما انسلخت من آيات الله ولكنني يا عبدالله بن محمد كنت رجلا متأولا فيكم من القرآن آيات أوجبت لكم الولاية والطاعة فأتممت بأخوين لك من قبلك ثم بك من بعدهما فكنت لهما شيعة متدينا أحسبني هاديا مهتديا وأخطأت في التأويل وقدما أخطأ المتأولون وقد قال الله تعالى واذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على
نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهاله ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم وان أخاك السفاح ظهر في صورة مهدي وكان ضالا فأمرني أن أجرد السيف وأقتل بالظنة وأقدم بالشبهة وأرفع الرحمة ولا أقيل العثرة فوترت أهل الدنيا في طاعتكم وتوطئة سلطانكم حتى عرفكم الله من كان جهلكم ثم ان الله سبخانه وتعالى تداركني منه بالندم واستنقذني بالتوبة فإن يعف عني ويصفح فإنه كان للأوابين غفورا وان يعقاقبني فبذنوبي وما ربك بظلام للعبيد
فكتب اليه المنصور أما بعد أيها المجرم العاصي فان أخي كان امام هدي يدعو إلى الله على بينة من ربه فأوضح لك السبيل وحملك على المنهج السديد فلو بأخي اقتديت به لما كنت عن الحق حائدا وعن الشيطان وأوامره صادرا ولكنه لم يسنح لك أمران إلا كنت لأرشدهما تاركا ولأغواهما راكبا تقتل قتل الفراعنة وتبطش بطش الجبابرة وتحكم بالجور حكم المفسدين وتبذر المال وتضعه في غير مواضعه فعل المسرفين ثم من خبري أيها الفاسق أني قد وليت موسى إبن كعب خراسان وأمرته أن يقيم بنيسابور فإن أردت خراسان لقيك بمن معه من قوادي وشيعتي وأنا موجه للقائك أقرانك فاجمع كيدك وأمرك غير مسدود ولا موفق وحسب أمير المؤمنين ومن أتبعه الله ونعم الوكيل
ولم يزل المنصور يراسله تارة بالرغبة وتارة بالرهبة ويستخف أحلام من حوله من الأمراء والرسل الذين يبعثم أبو مسلم إلى المنصور ويعدهم حتى حسنوا لأبي مسلم في رأيه القدوم عليه سوى أمير معه يقال له نيزك فإنه لم يوافق على ذلك فلما رأى أبا مسلم وقد انطاع لهم أنشد عن ذلك البيت المتقدم وهو
ماللرجال مع القضاء محالة * ذهب القضاء بحيلة الأقوام
وأشار عليه بأن يقتل المنصور ويستخلف بدله فلم يمكنه ذلك فانه لما قدم المدائن تلقاه الأمراء عن امر الخليفة فما وصل إلا آخر النهار وقد أشار أبو أيوب كاتب الرسائل أن لا يقتله يومه هذا كما تقدم فلما وقف بين يدي الخليفة أكرمه وعظمه وأظهر احترامه وقال اذهب الليلة فإذهب عنك وعثاء السفر ثم أئتني من الغد فلما كان الغد أرصد له من الأمراء من يقتله منهم عثمان بن نهيك وشيب بن واج فقتلوه كما تقدم ويقال بل أقام أياما يظهر له المنصور الإكرام والإحترام ثم نشق منه الوحشة فخاف مسلم واستشفع بعيسى بن موسى واستجار به وقال إني أخافه على نفسي فقال لا بأس عليك فانطلق فإني آت وراءك أنت في ذمتي حتى آتيك ولم يكن مع عيسى خبر بما يريد به الخليفة فجاء أبو مسلم يستأذن المنصور فقالوا له اجلس هاهنا فإن أمير المؤمنين يتوضأ فجلس وهو يود أن يطول مجلسه ليجيء عيسى بن موسى فأبطأ وأذن له الخليفة
فدخل عليه فجعل يعاتبه في أشياء صدرت منه فيعتذر عنها جيدا حتى قال له فلم قتلت سليمان بن كثير وابراهيم بن ميمون وفلانا وفلانا قال لأنهم عصوني وخالفوا أمري فغضب عند ذلك المنصور وقال ويحك أنت تقتل إذا عصيت وأنا لاقتلنك وقد عصيتني وصفق بيديه وكانت الإشاره بينه وبين المرصدين لقتله فتبادروا اليه ليقتلوه فضربه أحدهم فقطع حمائل سيفه فقال يا أمير المؤمنين استبقني لأعدائك فقال وأي عدو أعدى منك ثم زجرهم المنصور فقطعوه قطعا ولفوه في عباءه ودخل عيسى بن موسى على أثر ذلك فقال ما هذا يا أميرالمؤمنين فقال هذا ابو مسلم فقال إنا لله وانا اليه راجعون فقال له المنصور أحمد الله الذي هجمت علي نعمه ولم تهجم عل نقمه ففي ذلك يقول أبو دلامه
أبا مسلم ما غير الله من نعمة * على عبده حتى يغيرها العبد
أبا مسلم خوفتني القتل فانتخي * عليك بما خوفتني الاسد الورد
وذكر بن جرير أن المنصور تقدم إلى عثمان بن نهيك وشبيب بن واج وأبي حنيفة حرب بن قيس وآخر من الحرس أن يكونوا قريبا منه فاذا دخل عليه أبو مسلم وخاطبه وضرب باحدى يديه على الأخرى فليقتلوه فلما دخل عليه أبو مسلم قال له المنصور ما فعل السيفان اللذان أصبتهما من عبدالله بن علي فقال هذا أحدهما فناوله السيف فوضعه تحت ركبته ثم قال له ما حملك على أن تكتب لأبي عبدالله السفاح تنهاه عن الموات أردت أن تعلمنا الدين قال انني ظننت أن اخذه لا يحل فلما جاءني كتاب أمير المؤمنين علمت أنه واهل بيته معدن العلم قال فلم تقدمت على في طريق الحج قال كرهت اجتماعنا على الماء فيضر ذلك بالناس فتقدمت التماس الرفق قال فلم لا رجعت إلى حين أتاك خبر موت أبي العباس قال كرهت التضيق على الناس في طريق الحج وعرفت أنا سنجتمع بالكوفة وليس عليك مني خلاف قال فجارية عبدالله بن علي اردت ان تتخذها لنفسك قال لا ولكن خفت ان تضيع فحملتها في قبة ووكلت بها من يحفظها ثم قال له ألست الكاتب إلي تبدأ بنفسك والكاتب إلى تخطب آمنه بنت علي وتزعم أنك إبن سليط بن عبدالله بن عباس هذا كله ويد المنصور في يده يعركها ويقبلها ويعتذر ثم قال له فما حملك على مراغمتي ودخولك إلى خراسان قال خفت ان يكون دخلك مني شيء فأردت أن أدخل خراسان وأكتب اليك بعذري قال فلم قلت سليمان بن كثير وكان من نقبائنا ودعاتنا قبلك قال أراد خلافي فقال ويحك وأنت أردت خلافي وعصيتني قتلني الله ان لم أقتلك ثم ضربه بعمود الخيمة وخرج اليه اولئك فضربه عثمان فقطع حمائل سيفه وضربه شبيب فقطع رجله وحمل عليه بقيتهم بالسيوف والمنصور يصيح ويحكم اضربوه قطع الله أيديكم ثم ذبحوه
وقطعوه قطعا قطعا ثم القي في دجله ويرى أن المنصور لما قتله وقف عليه فقال رحمك الله أبا مسلم بايعتنا فبايعناك وعاهدتنا وعاهدناك ووفيت لنا فوفينا لك وإنا بايعناك على أن لا يخرج علينا أحد في هذه الأيام الا قتلناه فخرجت علينا فقتلناك وحكمنا عليك حكمك على نفسك لنا ويقال إن المنصور قال الحمد لله الذي أرانا يومك يا عدو الله قال إبن جرير وقال المنصور عند ذلك
زعمت أن الدين لا يقتضى * فاستوف بالكيل أبا مجرم
سقيت كأسا كنت تسقى بها * أمر في الحلق من العلقم
ثم ان المنصور خطب في الناس بعد قتل أبي مسلم فقال أيها الناس لاتنفروا أطيار النعم بترك الشكر فتحل بكم النقم ولا تسروا غش الأئمة فإن أحدا لا يسر منكم شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه وطوالع نظره وإنا لن نجهل حقوقكم ما عرفتم حقنا ولا ننسى الإحسان إليكم ما ذكرتم فضلنا ومن نازعنا هذا القميص أوطانا أم رأسه حتى يستقيم رجالكم وترتدع عمالكم وإن هذا الغمر أبا مسلم بايع على انه من نكث بيعتنا وأظهر غشنا فقد أباحنا دمه فنكث وغدر وفجر وكفر فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره لنا وإن أبا مسلم أحسن مبتديا وأساء منتهيا وأخذ من الناس بنا لنفسه أكثر مما أعطانا ورجح قبيح باطنه على حسن ظاهره وعلمنا من خبث سريرته وفساد نيته ما لو علم اللائم لنا فيه لما لام ولو اطلع على ما اطلعنا عليه منه لعذرنا في قتله وعنفنا في امهاله ومازال ينقص بيعته ويخفر ذمته حتى أحل لنا عقوبته وأباحنا دمه فحكمناه فيه حكمه في غيره ممن شق العصا ولم يمنعنا الحق له من إمضاء الحق فيه وما أحسن ما قال النابغة الذبياني للنعمان يعني إبن المنذر
فمن اطاعك فانفعه بطاعته * كما اطاعك والله على الرشد
ومن عصاك فعاقبه معاقبة * تنهي الظلوم ولاتقعد على ضمد
وقد روى البيهقي عن الحاكم بسنده أن عبد الله بن المبارك سئل عن ابي مسلم أهو خير أم الحجاج فقال لاأقول أن أبا مسلم كان خيرا من احد ولكن كان الحجاج شرا منه قد اتهمه بعضهم على الاسلام ورموه بالزندقه ولم أر فيما ذكروه عن أبي مسلم ما يدل على ذلك بل على أنه كان ممن يخاف الله من ذنوبه وقد ادعى التوبة فيما كان منه من سفك الدماء في اقامة الدولة العباسية والله أعلم بأمره
وقد روى الحطيب عنه انه قال ارتديت الصبر واثرت الكفاف وحالفت الأحزان والأشجان وشامخت المقادير والأحكام حتى بلغت غاية همتي وأدركت نهاية بغيتي ثم أنشأ يقول
قد نلت بالعزم والكتمان ما عجزت * عنه ملوك بني مروان إذا حشدو
ما زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا * من رقدة لم ينمها قبلهم احد
وطفت أسعى عليهم في ديارهم * والقوم في ملكهم في الشام قد رقدوا
ومن رعى غنما في ارض مسبعة * ونام عنها تولى رعيها الأسد
وقد كان قتل أبي مسلم بالمدائن يوم الأربعاء لسبع خلون وقيل لخمس بقين وقيل لأربع وقيل لليلتين بقيتا من شعبان من هذه السنة اعني سنة سبع وثلاثين ومائة قال بعضهم كان ابتداء ظهوره في رمضان من سنة تسع وعشرين ومائة وقيل في شعبان سنة سبع وعشرين ومائة وزعم بعضهم أنه قتل ببغداد في سنة أربعين وهذا غلط من قائله فإن بغداد لم تكن بنيت بعد كما ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ورد هذا القول
ثم إن المنصور شرع في تأليف أصحاب أبي مسلم بالأعطية والرغبة والرهبة والولايات واستدعى أبا إسحاق وكان من أعز أصحاب أبي مسلم وكان على شرطة أبي مسلم وهم بضرب عنقه فقال يا أمير المؤمنين والله ما أمنت قط إلا في هذا اليوم وما من كنت أدخل عليك إلا تحنطت ولبست كفني ثم كشف عن ثيابه التي تلي جسده فإذا هو محنط وعليه أدراع أكفان فرق له المنصور وأطلقه
وذكر إبن جرير أن أبا مسلم قتل في حروبه وما كان يتعاطاه لأجل دولة بني العباس ستمائة الف صبرا عن من قتل بغير ذلك وقد قال للمنصور وهو يعاتبه على ما كان يصنعه يا أمير المؤمنين لايقال لي هذا بعد بلائي وما كان مني فقال له ياابن الخبيثه لو كانت أمه مكانك لأجزأت ناحيتها إنما عملت ما عملت بدولتنا وبريحنا ولوكان ذلك اليك لما وصلت إلى فتيل ولما قتله المنصور لف في كساء وهو مقطع إربا إربا فدخل عيسى بن موسى فقال يا أمير المؤمنين أين أبو مسلم قال قد كان هاهنها آنفا فقال يا أمير المؤمنين قد عرفت طاعته ونصيحة ورأي ابراهيم الامام فيه فقال له يا أنوك والله ما أعلم في الأرض عدوا أعدى لك منه هاهو ذاك في البساط فقال إنا لله وإنا اليه راجعون فقال له المنصور خلع الله قلبك وهل كان لكم مكان أو سلطان أو أمر أو نهي مع أبي مسلم ثم استدعى المنصور برؤس الأمراء فجعل يستشيرهم في قتل أبي مسلم قبل أن يعلموا بقتله فكلهم يشير بقتله ومنهم من كان إذا تكلم أسر كلامه خوفا من أبي مسلم لئلا ينقل اليه فلما أطلعهم على قتله أفزعهم ذلك وأظهروا سرورا كثيرا ثم خطب المنصور الناس بذلك كما تقدم
ثم كتب المنصور إلى نائب أبي مسلم على أمواله وحواصله بكتاب على لسان أبي مسلم أن يقدم بجميع ما عنده من الحواصل والذخائر والأموال والجواهر وختم الكتاب بخاتم أبي مسلم بكماله مطبوعا بكل فص الخاتم فلما رآه الخازن استراب في الأمر وقد كان أبي مسلم تقدم إلى
خازنه أنه إذا جاءك كتابي فان رأيته مختوما بنصف الفص فامض لما فيه فانى إنما اختم بنصف فصه على كتبي واذا جاءك الكتاب مختوما عليه بكماله فلا تقبل ولا تمض ما فيه فامتنع عند ذلك خازنه أن يقبل ما بعث به المنصور فأرسل المنصور بعد ذلك اليه من أخذ جميع ذلك وقتل ذلك الرجل الخازن وكتب المنصور إلى أبي داود إبراهيم بن خالد بأمرة خراسان كما وعده قبل ذلك عوضا عن أبي مسلم
وفي هذه السنه خرج سنباد يطلب بدم أبي مسلم وقد كان سنباذ هذا مجوسيا تغلب على قومس وأصبهان ويسمى بفيروز اصبهند فبعث اليه أبو جعفر المنصور جيشا هم عشرة الاف فارس عليهم جهور بن مرارالعجلي فالتقوا بين همدان والري بالمفازه فهزم جهور لسنباذ وقتل من أصحابه ستين الفا وسبى ذراريهم ونساءهم وقتل سنباذ بعد ذلك فكانت أيامه سبعين يوما وأخذ ما كان استحوذ عليه من أموال أبي مسلم التي كانت بالري وخرج في هذه السنه أيضا رجل يقال له ملبد بن حرمله الشيباني في ألف من الخوارج بالجزيرة فجهز اليه المنصور جيوشا متعددة كثيفة كلها تنفر منه وتنكسر ثم قاتله حميد بن قحطبة نائب الجزيرة فهزمه ملبد وتحصن منه حميد في بعض الحصون ثم صالحه حميد بن قحطبه على مائة الف فدفعها اليه وقبلها ملبد وتقلع عنه
وحج بالناس في هذه السنة عم الخليفة اسماعيل بن علي بن عبدالله بن عباس قال الواقدي وكان نائب الموصل يعني عم المنصور وعلى نيابة الكوفة عيسى بن موسى وعلى البصرة سليمان إبن علي وعلى الجزيره حميد بن قحطبة وعلى مصر صالح بن علي وعلى خراسان أبو داود ابراهيم إبن خالد وعلى الحجاز زياد بن عبدالله ولم يكن للناس في هذه السنة صائفة لشغل الخليفة بسنباذ وغيره ومن مشاهير من توفي فيها أبو مسلم الخراساني كما تقدم ويزيد بن أبي زياد أحد من تكلم فيه كما ذكرناه في التكميل والله سبحانه أعلم

عدد المشاهدات *:
304080
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013

البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى

روابط تنزيل : ترجمة أبي مسلم الخراساني
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  ترجمة أبي مسلم الخراساني لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
البداية و النهاية للحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى


@designer
1