...
ذكر
ما وقع بينه وبين الذهلي في مسألة اللفظ وما حصل له من المحنة بسبب ذلك وبراءته مما نسب إليه من ذلك
قال الحاكم أبو عبد الله في تاريخه قدم البخاري نيسابور سنة خمسين ومائتين فأقام بها مدة يحدث على الدوام قال فسمعت محمد بن حامد البزار يقول سمعت الحسن بن محمد بن جابر يقول سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح العالم فاسمعوا منه قال فذهب الناس إليه فأقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجلس محمد بن يحيى قال فتكلم فيه بعد ذلك وقال حاتم بن أحمد بن محمود سمعت مسلم بن الحجاج يقول لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيت واليا ولا عالما فعل به أهل نيسابور ما فعلوا به استقبلوه من مرحلتين من البلد أو ثلاث وقال محمد بن يحيى الذهلي في مجلسه من أراد أن يستقبل محمد بن إسماعيل غدا فليستقبله فإني أستقبله فاستقبله محمد بن يحيى وعامة علماء نيسابور فدخل البلد فنزل دار البخاريين فقال لنا محمد بن يحيى لا تسألوه عن شيء من الكلام فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن عليه وقع بيننا وبينه وشمت بن كل ناصبي ورافضي ومرجىء بخراسان قال فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل حتى امتلأت الدار والسطوح فلما كان اليوم الثاني أو الثالث من يوم قدومه قام إليه رجل فسأله عن اللفظ بالقرآن فقال أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا قال فوقع بين الناس اختلاف فقال بعضهم قال لفظي بالقرآن مخلوق وقال بعضهم لم يقل فوقع بينهم في ذلك اختلاف حتى قام بعضهم إلى بعض قال فاجتمع أهل الدار فأخرجوهم وقال أبو أحمد بن عدي ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل لما ورد نيسابور واجتمع الناس عنده حسده بعض شيوخ الوقت فقال لأصحاب الحديث أن محمد بن إسماعيل يقول لفظي بالقرآن مخلوق فلما حضر المجلس قام إليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أو غير مخلوق فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ثلاثا فألح عليه فقال البخاري القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة فشغب الرجل وقال قد قال لفظي بالقرآن مخلوق وقال الحاكم حدثنا أبو بكر أبي الهيثم حدثنا الفربري قال سمعت محمد بن إسماعيل يقول إن أفعال العباد مخلوقة فقد حدثنا علي بن عبد الله حدثنا مروأن ابن معاوية حدثنا أبو مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يصنع كل صانع وصنعته" قال البخاري وسمعت عبيد الله بن سعيد يعني أبا قدامة السرخسي يقول ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إن أفعال العباد مخلوقة قال محمد بن إسماعيل حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة فأما القرآن المبين المثبت في المصاحف الموعى في القلوب فهو كلام الله غير مخلوق قال الله تعالى {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} قال وقال إسحاق بن راهويه أما الأوعية فمن يشك أنها مخلوقة وقال أبو حامد بن الشرقي سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول القرآن كلام الله غير مخلوق ومن زعم لفظي بالقرآن مخلوق فهو
(1/490)
مبتدع ولا يجالس ولا يكلم ومن ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل فاتهموه فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مذهبه وقال الحاكم ولما وقع بين البخاري وبين الذهلي في مسألة اللفظ انقطع الناس عن البخاري إلا مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة قال الذهلي إلا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس فبعث إلى الذهلي جميع ما كان كتبه عنه على ظهر جمال قلت وقد أنصف مسلم فلم يحدث في كتابه عن هذا ولا عن هذا وقال الحاكم أبو عبد الله سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول سمعت أحمد بن سلمة النيسابوري يقول دخلت على البخاري فقلت يا أبا عبد الله إن هذا رجل مقبول بخراسان خصوصا في هذه المدينة وقد لج في هذا الأمر حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه فما ترى قال فقبض على لحيته ثم قال وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرا ولا طلبا للرياسة وإنما أبت علي نفسي الرجوع إلى الوطن لغلبة المخالفين وقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله لا غير ثم قال لي يا أحمد أني خارج غدا لتخلصوا من حديثه لأجلي وقال الحاكم أيضا عن الحافظ أبي عبد الله بن الأخرم قال لما قام مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة من مجلس محمد بن يحيى بسبب البخاري قال الذهلي لا يساكنني هذا الرجل في البلد فخشي البخاري وسافر وقال غنجار في تاريخ بخاري حدثنا خلف بن محمد قال سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر النيسابوري الخفاف بنيسابور يقول كنا يوما عند أبي إسحاق القرشي ومعنا محمد بن نصر المروزي فجرى ذكر محمد بن إسماعيل فقال محمد بن نصر سمعته يقول من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقله فقلت له يا أبا عبد الله قد خاض الناس في هذا فأكثروا فقال ليس إلا ما أقول لك قال أبو عمرو فأتيت البخاري فذاكرته بشيء من الحديث حتى طابت نفسه فقلت يا أبا عبد الله ههنا من يحكي عنك إنك تقول لفظي بالقرآن مخلوق فقال يا أبا عمرو احفظ عنى من زعم من أهل نيسابور وسمى غيرها من البلدان بلادا كثيرة أننى قلت لفظى بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقله إلا أني قلت أفعال العباد مخلوقة وقال الحاكم سمعت أبا الوليد حسأن ابن محمد الفقيه يقول سمعت محمد بن نعيم يقول سألت محمد بن إسماعيل لما وقع في شأنه ما وقع عن الإيمان فقال قول وعمل ويزيد وينقص والقرآن كلام الله غير مخلوق وأفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي على هذا حييت وعليه أموت وعليه أبعث إن شاء الله تعالى
(1/491)
عدد المشاهدات *:
475731
475731
عدد مرات التنزيل *:
151868
151868
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013