{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[19 الذريات]
1473 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ خُذْهُ إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ"
[الحديث 1473 – طرفاه في: 7163, 7164]
قوله: "باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس. وفي أموالهم حق للسائل والمحروم" في رواية المستملي تقديم الآية، وسقطت للأكثر، ومطابقتها لحديث الباب من جهة دلالتها على مدح من يعطي السائل وغير السائل، وإذا كان المعطي ممدوحا فعطيته مقبولة وآخذها غير ملوم. وقد اختلف أهل العلم بالتفسير في المراد بالمحروم: فروى الطبري من طريق ابن شهاب أنه المتعفف الذي لا يسأل. وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن شهاب أنه بلغه، فذكر مثله، وأخرجه الطبري عن قتادة مثله. وأخرج فيه أقوالا أخر، وعلى التفسير المذكور تنطبق الترجمة. والأشراف بالمعجمة التعرض للشيء والحرص عليه، من قولهم أشرف على كذا إذا تطاول له، وقيل للمكان المرتفع شرف لذلك. وتقدير جواب الشرط فليقبل، أي من أعطاه الله مع انتفاء القيدين المذكورين فليقبل. وإنما حذفه للعلم به. وأوردها بلفظ العموم وإن كان الخبر ورد في الإعطاء من بيت المال لأن الصدقة للفقير في معنى العطاء للغني إذا انتفى الشرطان. قال أبو داود سألت أحمد عن إشراف النفس فقال: بالقلب. وقال يعقوب بن محمد سألت أحمد عنه فقال: هو أن يقول مع نفسه يبعث إلي فلان بكذا. وقال الأثرم يضيق عليه أن يرده إذا كان كذلك. قوله: "فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني" زاد في رواية شعيب عن الزهري الآتية في الأحكام "حتى أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: خذه فتموله وتصدق به" وذكر
(3/337)
شعيب فيه عن الزهري إسنادا آخر قال: أخبرني السائب بن يزيد أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر في خلافته فذكر قصة فيها هذا الحديث. والسائب فمن فوقه صحابة؛ ففيه أربعة من الصحابة في نسق. وقد أخرجه مسلم من رواية عمرو بن الحارث عن الزهري بالإسنادين، لكن قال فيه: "عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر" فذكره، جعله من مسند ابن عمر. وأخرجه مسلم أيضا من وجه آخر عن ابن السعدي عن عمر، لكن قال فيه ابن الساعدي وزاد فيه: "أن عطية النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بسبب العمالة" ولهذا قال الطحاوي: ليس معنى هذا الحديث في الصدقات، وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام، وليست هي من جهة الفقر ولكن من الحقوق، فلما قال عمر أعطه من هو أفقر إليه مني لم يرض بذلك لأنه إنما أعطاه لمعنى غير الفقر قال: ويؤيده قوله في رواية شعيب "خذه فتموله" فدل ذلك على أنه ليس من الصدقات. وقال الطبري: اختلفوا في قوله فخذه بعد إجماعهم على أنه أمر ندب، فقيل هو ندب لكل من أعطي عطية أبى قبولها كائنا من كان، وهذا هو الراجح يعني بالشرطين المتقدمين. وقيل هو مخصوص بالسلطان، ويؤيده حديث سمرة في السنن "إلا أن يسأل ذا سلطان" وكان بعضهم يقول: يحرم قبول العطية من السلطان، وبعضهم يقول يكره، وهو محمول على ما إذا كانت العطية من السلطان الجائر، والكراهة محمولة على الورع وهو المشهور من تصرف السلف والله أعلم. والتحقيق في المسألة أن من علم كون ماله حلالا فلا ترد عطيته، ومن علم كون ماله حراما فتحرم عطيته، ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع، ومن أباحه أخذ بالأصل. قال ابن المنذر: واحتج من رخص فيه بأن الله تعالى قال في اليهود {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} وقد رهن الشارع درعه عند يهودي مع علمه بذلك، وكذلك أخذ الجزية منهم مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخمر والخنزير والمعاملات الفاسدة. وفي حديث الباب أن للإمام أن يعطي بعض رعيته إذا رأى لذلك وجها وإن كان غيره أحوج إليه منه، وأن رد عطية الإمام ليس من الأدب ولا سيما من الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية.
(3/338)
1473 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ خُذْهُ إِذَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَا لاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ"
[الحديث 1473 – طرفاه في: 7163, 7164]
قوله: "باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس. وفي أموالهم حق للسائل والمحروم" في رواية المستملي تقديم الآية، وسقطت للأكثر، ومطابقتها لحديث الباب من جهة دلالتها على مدح من يعطي السائل وغير السائل، وإذا كان المعطي ممدوحا فعطيته مقبولة وآخذها غير ملوم. وقد اختلف أهل العلم بالتفسير في المراد بالمحروم: فروى الطبري من طريق ابن شهاب أنه المتعفف الذي لا يسأل. وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن شهاب أنه بلغه، فذكر مثله، وأخرجه الطبري عن قتادة مثله. وأخرج فيه أقوالا أخر، وعلى التفسير المذكور تنطبق الترجمة. والأشراف بالمعجمة التعرض للشيء والحرص عليه، من قولهم أشرف على كذا إذا تطاول له، وقيل للمكان المرتفع شرف لذلك. وتقدير جواب الشرط فليقبل، أي من أعطاه الله مع انتفاء القيدين المذكورين فليقبل. وإنما حذفه للعلم به. وأوردها بلفظ العموم وإن كان الخبر ورد في الإعطاء من بيت المال لأن الصدقة للفقير في معنى العطاء للغني إذا انتفى الشرطان. قال أبو داود سألت أحمد عن إشراف النفس فقال: بالقلب. وقال يعقوب بن محمد سألت أحمد عنه فقال: هو أن يقول مع نفسه يبعث إلي فلان بكذا. وقال الأثرم يضيق عليه أن يرده إذا كان كذلك. قوله: "فأقول أعطه من هو أفقر إليه مني" زاد في رواية شعيب عن الزهري الآتية في الأحكام "حتى أعطاني مرة مالا فقلت: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: خذه فتموله وتصدق به" وذكر
(3/337)
شعيب فيه عن الزهري إسنادا آخر قال: أخبرني السائب بن يزيد أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر في خلافته فذكر قصة فيها هذا الحديث. والسائب فمن فوقه صحابة؛ ففيه أربعة من الصحابة في نسق. وقد أخرجه مسلم من رواية عمرو بن الحارث عن الزهري بالإسنادين، لكن قال فيه: "عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر" فذكره، جعله من مسند ابن عمر. وأخرجه مسلم أيضا من وجه آخر عن ابن السعدي عن عمر، لكن قال فيه ابن الساعدي وزاد فيه: "أن عطية النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بسبب العمالة" ولهذا قال الطحاوي: ليس معنى هذا الحديث في الصدقات، وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام، وليست هي من جهة الفقر ولكن من الحقوق، فلما قال عمر أعطه من هو أفقر إليه مني لم يرض بذلك لأنه إنما أعطاه لمعنى غير الفقر قال: ويؤيده قوله في رواية شعيب "خذه فتموله" فدل ذلك على أنه ليس من الصدقات. وقال الطبري: اختلفوا في قوله فخذه بعد إجماعهم على أنه أمر ندب، فقيل هو ندب لكل من أعطي عطية أبى قبولها كائنا من كان، وهذا هو الراجح يعني بالشرطين المتقدمين. وقيل هو مخصوص بالسلطان، ويؤيده حديث سمرة في السنن "إلا أن يسأل ذا سلطان" وكان بعضهم يقول: يحرم قبول العطية من السلطان، وبعضهم يقول يكره، وهو محمول على ما إذا كانت العطية من السلطان الجائر، والكراهة محمولة على الورع وهو المشهور من تصرف السلف والله أعلم. والتحقيق في المسألة أن من علم كون ماله حلالا فلا ترد عطيته، ومن علم كون ماله حراما فتحرم عطيته، ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع، ومن أباحه أخذ بالأصل. قال ابن المنذر: واحتج من رخص فيه بأن الله تعالى قال في اليهود {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} وقد رهن الشارع درعه عند يهودي مع علمه بذلك، وكذلك أخذ الجزية منهم مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخمر والخنزير والمعاملات الفاسدة. وفي حديث الباب أن للإمام أن يعطي بعض رعيته إذا رأى لذلك وجها وإن كان غيره أحوج إليه منه، وأن رد عطية الإمام ليس من الأدب ولا سيما من الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية.
(3/338)
عدد المشاهدات *:
501569
501569
عدد مرات التنزيل *:
153980
153980
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 05/07/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 05/07/2013