الخزرجي سماهما ابن هشام في زيادات السيرة. ووقع في بعض النسخ" هو ورجل أعرج" وهو الصواب. قوله: "فإن آمنوني كنتم" وقع هنا بطريق الاكتفاء، ووقع في رواية عثمان بن سعيد المذكور" فإن آمنوني كنتم كذا" ولعل لفظة كذا من الراوي كأنه كتبها على قوله كنتم أي كذا وقع بطريق الاكتفاء، ولأبي نعيم في "المستخرج" من طريق عبيد الله بن زيد المقري عن همام" فإن آمنوني كنتم قريبا مني" فهذه رواية مفسرة. قوله: "فجعل يحدثهم" في رواية الطبري من طريق عكرمة عن عمار عن إسحاق بن أبي طلحة في هذه القصة" فخرج حرام فقال: يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم، فآمنوا بالله ورسوله، فخرج رجل من كسر البيت برمح فضربه في جنبه حتى خرج من الشق الآخر". قوله: "فأومئوا إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه" لم أعرف اسم الرجل الذي طعنه، ووقع في السيرة لابن إسحاق ما ظاهره أنه عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه بئر معونة بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا عليه فقتله، لكن وقع في الطبراني من طريق ثابت عن أنس أن قاتل حرام بن ملحان أسلم، وعامر بن الطفيل مات كافرا كما تقدم في هذا الباب وأما ما أخرجه المستغفري في "الصحابة" من طريق القاسم عن أبي أمامة" عن عامر بن الطفيل أنه قال: يا رسول الله زودني بكلمات، قال: يا عامر أفش السلام وأطعم الطعام، واستحي من الله، وإذا أسأت فأحسن" الحديث فهو أسلمي، ووهم المستغفري في كونه ساق في ترجمته نسب عامر بن الطفيل العامري، وقد روى البغوي في ترجمة أبي براء عامر بن مالك العامري عن طريق عبد الله بن بريدة الأسلمي قال: "حدثني عمي عامر بن الطفيل" فذكر حديثا فعرف أن الصحابي أسلمي، ووافق اسمه واسم أبيه العامري فكان ذلك سبب الوهم. قوله: "قال: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، فلحق الرجل فقتلوا كلهم" أشكل ضبط قوله: "فلحق الرجل" في هذا السياق فقيل: يحتمل أن يكون المراد بالرجل الذي كان رفيق حرام، وفيه حذف تقديره فلحق الرجل بالمسلمين. ويحتمل أن يكون المراد به قاتل حرام، والتقدير فطعن حراما فقال: فزت ورب الكعبة فلحق الرجل المشرك الطاعن بقومه المشركين فاجتمعوا على المسلمين فقتلوا كلهم. يحتمل أن يكون "فلحق" بضم اللام والرجل هو حرام أي لحقه أجله، أو الرجل رفيقه بمعنى أنهم لم يمكنوه أن يرجع إلى المسلمين بل لحقه المشركون فقتلوه وقتلوا أصحابه، ويحتمل أن يضبط الرجل بسكون الجيم وهو صيغة جمع والمعنى أن الذي طعن حراما لحق بقومه وهم الرجال الذين استنصر بهم عامر بن الطفيل. والرجل بسكون الجيم هم المسلمون القراء فقتلوا كلهم، وهذا أوجه التوجيهات إن ثبتت الرواية بسكون الجيم. والله أعلم. قوله: "فقتلوا كلهم غير الأعرج كان في رأس جبل" في رواية حفص بن عمر عن همام في كتاب الجهاد" فقتلوهم إلا رجلا أعرج صعد الجبل "قال همام "وآخر معه" وفي رواية الإسماعيلي من هذا الوجه" فقتلوا أصحابه غير الأعرج وكان في رأس الجبل". قوله: "ثم كان من المنسوخ" أي المنسوخ تلاوته فلم يبق له حكم حرمة القرآن كتحريمه على الجنب وغير ذلك. قوله: في رواية ثمامة "وكان خاله" أي خال أنس. قوله: "قال بالدم هكذا" هو من إطلاق القول على الفعل، وقد فسره بأنه نضح الدم. قوله: "فزت ورب الكعبة" أي بالشهادة.
4093- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَذَى فَقَالَ لَهُ أَقِمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
(7/388)
أَتَطْمَعُ أَنْ يُؤْذَنَ لَكَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنِّي لاَرْجُو ذَلِكَ قَالَتْ فَانْتَظَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا فَنَادَاهُ فَقَالَ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ فَقَالَ أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الصُّحْبَةَ فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ا لصُّحْبَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي نَاقَتَانِ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ فَأَعْطَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا وَهِيَ الْجَدْعَاءُ فَرَكِبَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْغَارَ وَهُوَ بِثَوْرٍ فَتَوَارَيَا فِيهِ فَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلاَمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ أَخُو عَائِشَةَ لِأُمِّهَا وَكَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ فَكَانَ يَرُوحُ بِهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِمْ وَيُصْبِحُ فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ فَلاَ يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الرِّعَاءِ فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَأَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ لَمَّا قُتِلَ الَّذِينَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ مَنْ هَذَا فَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى إِنِّي لاَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ ثُمَّ وُضِعَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُمْ فَنَعَاهُمْ فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ فَقَالُوا رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهُمْ وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ عُرْوَةُ بْنُ أَسْماءَ بْنِ الصَّلْتِ فَسُمِّيَ عُرْوَةُ بِهِ وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو سُمِّيَ بِهِ مُنْذِرًا"
4094- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ "قَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَيَقُولُ عُصَيَّةُ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ".
4095- حدثنا يحيى بن بكار حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صحابيا حين يدعو على رعل ولحيان وعصية عصت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قال أنس: فأنزل الله تعالى لنبيه في الين قتلوا أصحاب بئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ بعد: بلغوا قومنا, فقد لقينا ربنا, فرضي عنا ورضينا عنه".
3096- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ "سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ الْقُنُوتِ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ قُلْتُ فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَهُ قَالَ كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا إِلَى نَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ قِبَلَهُمْ فَظَهَرَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ"
(7/389)
قوله: "عن عائشة قالت: استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر في الخروج" يعني في الهجرة، وقد تقدم شرح الحديث مستوفي بطوله في أبواب الهجرة، وإنما ذكر منه هاهنا هذه القطعة من أجل ذكر عامر بن فهيرة لينبه أنه كان من السابقين. قوله فيه "فكان عامر بن فهيرة غلاما لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة أخو عائشة" في رواية الكشميهني: "أخي عائشة" وهما جائزان الأولى على القطع والثانية على البدل. وفي قوله: "عبد الله بن الطفيل" نظر وكأنه مقلوب والصواب كما قال الدمياطي الطفيل بن عبد الله بن سخبرة، وهو أزدي من بني زهران، وكان أبوه زوج أم رومان والدة عائشة، فقدما في الجاهلية مكة فخالف أبا بكر، ومات وخلف الطفيل، فتزوج أبو بكر امرأته أم رومان فولدت له عبد الرحمن وعائشة، فالطفيل أخوهما من أمهما، واشترى أبو بكر عامر بن فهيرة من الطفيل. قوله: "وعن أبي أسامة" هو معطوف على قوله: "حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة" وإنما فصله ليبين الموصول من المرسل، وكأن هشام بن عروة حدث به عن أبيه هكذا فذكر قصة الهجرة موصولة بذكر عائشة فيه، وقصة بئر معونة مرسلة ليس فيه ذكر عائشة. ووجه تعلقه به من جهة ذكر عامر بن فهيرة، فإنه ذكر في شأن الهجرة أنه كان معهم، وفيه: "فلما خرجا - أي النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر - خرج معهم" أي إلى المدينة، وقوله يعقبانه بالقاف أي يركبانه عقبة، وهو أن ينزل الراكب ويركب رفيقه ثم ينزل الآخر ويركب الماشي، هذا الذي يقتضيه ظاهر اللفظ في العقبة، ويحتمل أن يكون المراد أن هذا يركبه مرة وهذا يركبه أخرى، ولو كان كذلك لكان التعبير بيردفانه أظهر. قوله: "فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة" هذا آخر الحديث الموصول، ثم ساق هشام بن عروة عن أبيه صفة قتل عامر بن فهيرة مرسلة، وقد وقع عند الإسماعيلي والبيهقي في "الدلائل" سياق هذه القصة في حديث الهجرة موصولا به مدرجا، والصواب ما وقع في الصحيح. قوله: "لما قتل الذين ببئر معونة" أي القراء الذين تقدم ذكرهم "وأسر عمرو بن أمية الضمري" قد ساق عروة ذلك في المغازي من رواية أبي الأسود عنه، وفي روايته: "وبعث النبي صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو الساعدي إلى بئر معونة وبعث معه المطلب السلمي ليدلهم على الطريق، فقتل المنذر بن عمرو وأصحابه، إلا عمرو بن أمية فإنهم أسروه واستحيوه" وفي رواية ابن إسحاق في المغازي أن عامر بن الطفيل اجتز ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمه. قوله: "قال له عامر بن الطفيل: من هذا؟ فأشار إلى قتيل" في رواية الواقدي بإسناده عن عروة "أن عامر بن الطفيل قال لعمرو بن أمية: هل تعرف أصحابك؟ قال: نعم فطاف في القتلى فجعل يسأله عن أنسابهم". قوله: "هذا عامر بن فهيرة" وهو مولى أبي بكر المذكور في حديث الهجرة. قوله: "لقد رأيته بعدما قتل" في رواية عروة المذكورة "فأشار عامر بن الطفيل إلى رجل فقال: هذا طعنه برمحه ثم انتزع رمحه فذهب بالرجل علوا في السماء حتى ما أراه". قوله: "ثم وضع" أي إلى الأرض. وذكر الواقدي في روايته أن الملائكة وارته ولم يره المشركون، وهذا واقع عند ابن المبارك عن يونس عن الزهري، وفي ذلك تعظيم لعامر بن فهيرة وترهيب للكفار وتخويف. وفي رواية عروة المذكورة" وكان الذي قتله رجل من بني كلاب جبار بن سلمى، ذكر أنه لما طعنه قال: فزت والله قال: فقلت في نفسي: ما قوله فزت؟ فأتيت الضحاك بن سفيان فسألته فقال: بالجنة. قال: فأسلمت، ودعاني إلى ذلك ما رأيت من عامر بن فهيرة" انتهى. وجبار بالجيم والموحدة مثقل معدود في الصحابة، ووقع في ترجمة عامر بن فهيرة في "الاستيعاب" أن عامر بن الطفيل قتله، وكأن نسبته له على سبيل التجوز لكونه كان رأس القوم. قوله: "فأتى النبي
(7/390)
صلى الله عليه وسلم خبرهم" قد ظهر من حديث أنس أن الله أخبره بذلك على لسان جبريل. وفي رواية عروة المذكورة فجاء خبرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة. قوله: "وأصيب فيهم يومئذ عروة بن أسماء بن الصلت" أي ابن أبي حبيب بن حارثة السلمي حليف بني عمرو بن عوف. قوله: "فسمي عروة به "قيل المراد ابن الزبير، كان الزبير سمي ابنه عروة لما ولد له باسم عروة بن أسماء المذكور، وكان بين قتل عروة بن أسماء ومولد عروة بن الزبير بضعة عشر عاما، وقد يستبعد هذا بطول المدة وبأنه لا قرابة بين الزبير وعروة بن أسماء. قوله: "ومنذر بن عمرو" أي ابن أبي حبيش بن لوذان من بني ساعدة من الخزرج، وكان عقبيا بدريا من أكابر الصحابة "سمي به منذرا" كذا ثبت بالنصب، والأول سمي به منذر كما تقدم تقريره في الذي قبله، أي أن الزبير سمى ابنه منذرا باسم المنذر بن عمرو هذا، فيحتمل أن تكون الرواية بفتح السين على البناء للفاعل وهو محذوف والمراد به الزبير، أو المراد به أبو أسيد لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بابن لأبي أسيد فقال: ما اسمه؟ قالوا: فلان، قال: بل هو المنذر. قال النووي في شرح مسلم: قالوا إنه سماه المنذر تفاؤلا باسم عم أبيه المنذر بن عمرو، وكان استشهد ببئر معونة، فتفاءل به ليكون خلفا منه، وهذا مما يؤيد البحث الذي ذكرته في عروة. ويحتمل أن يوجه النصب على مذهب الكوفيين في إقامة الجار والمجرور في قوله به مقام الفاعل كما قرئ {لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ومن المناسبة هنا أن عروة بن الزبير هو عروة ابن أسماء بنت أبي بكر، وكأنه لما كان عروة ابن أسماء ناسب أن يسمى باسم عروة ابن أسماء، ولما سمي الزبير ابنه باسم أحد الرجلين المشهورين ناسب أن يسمى الآخر باسم الثاني. قوله: "حدثني محمد" هو ابن مقاتل، وعبد الله هو ابن المبارك. قوله: "عن أبي مجلز" بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي اسمه لاحق بن حميد، وروايته هذه مختصرة لما ظهر من رواية إسحاق بن أبي طلحة التي تقدمت، وكذلك رواية مالك عن إسحاق التي بعد هذه مختصرة بالنسبة إلى رواية همام عن إسحاق المتقدمة. قوله: "حدثنا عبد الواحد" هو ابن زياد. قوله: "فإن فلانا" كأنه محمد بن سيرين، وقد تقدم بيان ذلك في أواخر كتاب الوتر. قوله: "إلى ناس من المشركين وبينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد قبلهم، فظهر هؤلاء الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد" هكذا ساقه هنا، وقوله قبلهم بكسر القاف وفتح الموحدة واللام أي من جهتهم، وأورده في آخر كتاب الوتر عن مسدد عن عبد الواحد بلفظ: "إلى قوم من المشركين دون أولئك وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد" وليس المراد من ذلك أيضا بواضح، وقد ساقه الإسماعيلي مبينا فأورده يوسف القاضي عن مسدد شيخ البخاري فيه ولفظه: "إلى قوم من المشركين فقتلهم قوم مشركون دون أولئك وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد" فظهر أن الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم العهد غير الذين قتلوا المسلمين، وقد بين ابن إسحاق في المغازي عن مشايخه وكذلك موسى بن عقبة عن ابن شهاب أصحاب الطائفتين وأن أصحاب العهد هم بنو عامر ورأسهم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر المعروف بملاعب الأسنة وأن الطائفة الأخرى من بني سليم، وأن عامر بن الطفيل وهو ابن أخي ملاعب الأسنة أراد الغدر بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بني عامر إلى قتالهم، فامتنعوا وقالوا: لا تخفر ذمة أبي براء. فاستصرخ عليهم عصية وذكوان من بني سليم فأطاعوه وقتلوهم، وذكر لحسان شعرا يعيب فيه أبا براء ويحرضه على قتال عامر بن الطفيل فيما صنع فيه، فعمد ربيعة بن أبي براء إلى عامر بن الطفيل فطعنه فأرداه، فقال له عامر بن الطفيل: إن عشت نظرت في أمري، وإن مت فدمي لعمي، قالوا: ومات أبو براء عقب ذلك أسفا على ما صنع به عامر بن الطفيل، وعاش عامر بن
(7/391)
الطفيل بعد ذلك ومات بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما قدمته. ووقع في آخر الحديث في الدعوات" فقنت شهرا في صلاة الفجر وقال: إن عصية عصت الله ورسوله" وعصية بطن من بني سليم مصغر قبيلة تنسب إلى عصية بن خفاف بن ندبة بن بهثة بن سليم.
(7/392)
4093- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الأَذَى فَقَالَ لَهُ أَقِمْ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
(7/388)
أَتَطْمَعُ أَنْ يُؤْذَنَ لَكَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنِّي لاَرْجُو ذَلِكَ قَالَتْ فَانْتَظَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا فَنَادَاهُ فَقَالَ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ فَقَالَ أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الصُّحْبَةَ فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ا لصُّحْبَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي نَاقَتَانِ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ فَأَعْطَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا وَهِيَ الْجَدْعَاءُ فَرَكِبَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا الْغَارَ وَهُوَ بِثَوْرٍ فَتَوَارَيَا فِيهِ فَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ غُلاَمًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ أَخُو عَائِشَةَ لِأُمِّهَا وَكَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ مِنْحَةٌ فَكَانَ يَرُوحُ بِهَا وَيَغْدُو عَلَيْهِمْ وَيُصْبِحُ فَيَدَّلِجُ إِلَيْهِمَا ثُمَّ يَسْرَحُ فَلاَ يَفْطُنُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الرِّعَاءِ فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ مَعَهُمَا يُعْقِبَانِهِ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ فَقُتِلَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَعَنْ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَأَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ لَمَّا قُتِلَ الَّذِينَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ مَنْ هَذَا فَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى إِنِّي لاَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ ثُمَّ وُضِعَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُمْ فَنَعَاهُمْ فَقَالَ إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ فَقَالُوا رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهُمْ وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ عُرْوَةُ بْنُ أَسْماءَ بْنِ الصَّلْتِ فَسُمِّيَ عُرْوَةُ بِهِ وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو سُمِّيَ بِهِ مُنْذِرًا"
4094- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ "قَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَيَقُولُ عُصَيَّةُ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ".
4095- حدثنا يحيى بن بكار حدثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحابه ببئر معونة ثلاثين صحابيا حين يدعو على رعل ولحيان وعصية عصت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قال أنس: فأنزل الله تعالى لنبيه في الين قتلوا أصحاب بئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ بعد: بلغوا قومنا, فقد لقينا ربنا, فرضي عنا ورضينا عنه".
3096- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ قَالَ "سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ الْقُنُوتِ فِي الصَّلاَةِ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ قُلْتُ فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَهُ قَالَ كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا إِلَى نَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ قِبَلَهُمْ فَظَهَرَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ"
(7/389)
قوله: "عن عائشة قالت: استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر في الخروج" يعني في الهجرة، وقد تقدم شرح الحديث مستوفي بطوله في أبواب الهجرة، وإنما ذكر منه هاهنا هذه القطعة من أجل ذكر عامر بن فهيرة لينبه أنه كان من السابقين. قوله فيه "فكان عامر بن فهيرة غلاما لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة أخو عائشة" في رواية الكشميهني: "أخي عائشة" وهما جائزان الأولى على القطع والثانية على البدل. وفي قوله: "عبد الله بن الطفيل" نظر وكأنه مقلوب والصواب كما قال الدمياطي الطفيل بن عبد الله بن سخبرة، وهو أزدي من بني زهران، وكان أبوه زوج أم رومان والدة عائشة، فقدما في الجاهلية مكة فخالف أبا بكر، ومات وخلف الطفيل، فتزوج أبو بكر امرأته أم رومان فولدت له عبد الرحمن وعائشة، فالطفيل أخوهما من أمهما، واشترى أبو بكر عامر بن فهيرة من الطفيل. قوله: "وعن أبي أسامة" هو معطوف على قوله: "حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة" وإنما فصله ليبين الموصول من المرسل، وكأن هشام بن عروة حدث به عن أبيه هكذا فذكر قصة الهجرة موصولة بذكر عائشة فيه، وقصة بئر معونة مرسلة ليس فيه ذكر عائشة. ووجه تعلقه به من جهة ذكر عامر بن فهيرة، فإنه ذكر في شأن الهجرة أنه كان معهم، وفيه: "فلما خرجا - أي النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر - خرج معهم" أي إلى المدينة، وقوله يعقبانه بالقاف أي يركبانه عقبة، وهو أن ينزل الراكب ويركب رفيقه ثم ينزل الآخر ويركب الماشي، هذا الذي يقتضيه ظاهر اللفظ في العقبة، ويحتمل أن يكون المراد أن هذا يركبه مرة وهذا يركبه أخرى، ولو كان كذلك لكان التعبير بيردفانه أظهر. قوله: "فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة" هذا آخر الحديث الموصول، ثم ساق هشام بن عروة عن أبيه صفة قتل عامر بن فهيرة مرسلة، وقد وقع عند الإسماعيلي والبيهقي في "الدلائل" سياق هذه القصة في حديث الهجرة موصولا به مدرجا، والصواب ما وقع في الصحيح. قوله: "لما قتل الذين ببئر معونة" أي القراء الذين تقدم ذكرهم "وأسر عمرو بن أمية الضمري" قد ساق عروة ذلك في المغازي من رواية أبي الأسود عنه، وفي روايته: "وبعث النبي صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو الساعدي إلى بئر معونة وبعث معه المطلب السلمي ليدلهم على الطريق، فقتل المنذر بن عمرو وأصحابه، إلا عمرو بن أمية فإنهم أسروه واستحيوه" وفي رواية ابن إسحاق في المغازي أن عامر بن الطفيل اجتز ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمه. قوله: "قال له عامر بن الطفيل: من هذا؟ فأشار إلى قتيل" في رواية الواقدي بإسناده عن عروة "أن عامر بن الطفيل قال لعمرو بن أمية: هل تعرف أصحابك؟ قال: نعم فطاف في القتلى فجعل يسأله عن أنسابهم". قوله: "هذا عامر بن فهيرة" وهو مولى أبي بكر المذكور في حديث الهجرة. قوله: "لقد رأيته بعدما قتل" في رواية عروة المذكورة "فأشار عامر بن الطفيل إلى رجل فقال: هذا طعنه برمحه ثم انتزع رمحه فذهب بالرجل علوا في السماء حتى ما أراه". قوله: "ثم وضع" أي إلى الأرض. وذكر الواقدي في روايته أن الملائكة وارته ولم يره المشركون، وهذا واقع عند ابن المبارك عن يونس عن الزهري، وفي ذلك تعظيم لعامر بن فهيرة وترهيب للكفار وتخويف. وفي رواية عروة المذكورة" وكان الذي قتله رجل من بني كلاب جبار بن سلمى، ذكر أنه لما طعنه قال: فزت والله قال: فقلت في نفسي: ما قوله فزت؟ فأتيت الضحاك بن سفيان فسألته فقال: بالجنة. قال: فأسلمت، ودعاني إلى ذلك ما رأيت من عامر بن فهيرة" انتهى. وجبار بالجيم والموحدة مثقل معدود في الصحابة، ووقع في ترجمة عامر بن فهيرة في "الاستيعاب" أن عامر بن الطفيل قتله، وكأن نسبته له على سبيل التجوز لكونه كان رأس القوم. قوله: "فأتى النبي
(7/390)
صلى الله عليه وسلم خبرهم" قد ظهر من حديث أنس أن الله أخبره بذلك على لسان جبريل. وفي رواية عروة المذكورة فجاء خبرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة. قوله: "وأصيب فيهم يومئذ عروة بن أسماء بن الصلت" أي ابن أبي حبيب بن حارثة السلمي حليف بني عمرو بن عوف. قوله: "فسمي عروة به "قيل المراد ابن الزبير، كان الزبير سمي ابنه عروة لما ولد له باسم عروة بن أسماء المذكور، وكان بين قتل عروة بن أسماء ومولد عروة بن الزبير بضعة عشر عاما، وقد يستبعد هذا بطول المدة وبأنه لا قرابة بين الزبير وعروة بن أسماء. قوله: "ومنذر بن عمرو" أي ابن أبي حبيش بن لوذان من بني ساعدة من الخزرج، وكان عقبيا بدريا من أكابر الصحابة "سمي به منذرا" كذا ثبت بالنصب، والأول سمي به منذر كما تقدم تقريره في الذي قبله، أي أن الزبير سمى ابنه منذرا باسم المنذر بن عمرو هذا، فيحتمل أن تكون الرواية بفتح السين على البناء للفاعل وهو محذوف والمراد به الزبير، أو المراد به أبو أسيد لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بابن لأبي أسيد فقال: ما اسمه؟ قالوا: فلان، قال: بل هو المنذر. قال النووي في شرح مسلم: قالوا إنه سماه المنذر تفاؤلا باسم عم أبيه المنذر بن عمرو، وكان استشهد ببئر معونة، فتفاءل به ليكون خلفا منه، وهذا مما يؤيد البحث الذي ذكرته في عروة. ويحتمل أن يوجه النصب على مذهب الكوفيين في إقامة الجار والمجرور في قوله به مقام الفاعل كما قرئ {لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ومن المناسبة هنا أن عروة بن الزبير هو عروة ابن أسماء بنت أبي بكر، وكأنه لما كان عروة ابن أسماء ناسب أن يسمى باسم عروة ابن أسماء، ولما سمي الزبير ابنه باسم أحد الرجلين المشهورين ناسب أن يسمى الآخر باسم الثاني. قوله: "حدثني محمد" هو ابن مقاتل، وعبد الله هو ابن المبارك. قوله: "عن أبي مجلز" بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي اسمه لاحق بن حميد، وروايته هذه مختصرة لما ظهر من رواية إسحاق بن أبي طلحة التي تقدمت، وكذلك رواية مالك عن إسحاق التي بعد هذه مختصرة بالنسبة إلى رواية همام عن إسحاق المتقدمة. قوله: "حدثنا عبد الواحد" هو ابن زياد. قوله: "فإن فلانا" كأنه محمد بن سيرين، وقد تقدم بيان ذلك في أواخر كتاب الوتر. قوله: "إلى ناس من المشركين وبينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد قبلهم، فظهر هؤلاء الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد" هكذا ساقه هنا، وقوله قبلهم بكسر القاف وفتح الموحدة واللام أي من جهتهم، وأورده في آخر كتاب الوتر عن مسدد عن عبد الواحد بلفظ: "إلى قوم من المشركين دون أولئك وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد" وليس المراد من ذلك أيضا بواضح، وقد ساقه الإسماعيلي مبينا فأورده يوسف القاضي عن مسدد شيخ البخاري فيه ولفظه: "إلى قوم من المشركين فقتلهم قوم مشركون دون أولئك وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد" فظهر أن الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم العهد غير الذين قتلوا المسلمين، وقد بين ابن إسحاق في المغازي عن مشايخه وكذلك موسى بن عقبة عن ابن شهاب أصحاب الطائفتين وأن أصحاب العهد هم بنو عامر ورأسهم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر المعروف بملاعب الأسنة وأن الطائفة الأخرى من بني سليم، وأن عامر بن الطفيل وهو ابن أخي ملاعب الأسنة أراد الغدر بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بني عامر إلى قتالهم، فامتنعوا وقالوا: لا تخفر ذمة أبي براء. فاستصرخ عليهم عصية وذكوان من بني سليم فأطاعوه وقتلوهم، وذكر لحسان شعرا يعيب فيه أبا براء ويحرضه على قتال عامر بن الطفيل فيما صنع فيه، فعمد ربيعة بن أبي براء إلى عامر بن الطفيل فطعنه فأرداه، فقال له عامر بن الطفيل: إن عشت نظرت في أمري، وإن مت فدمي لعمي، قالوا: ومات أبو براء عقب ذلك أسفا على ما صنع به عامر بن الطفيل، وعاش عامر بن
(7/391)
الطفيل بعد ذلك ومات بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما قدمته. ووقع في آخر الحديث في الدعوات" فقنت شهرا في صلاة الفجر وقال: إن عصية عصت الله ورسوله" وعصية بطن من بني سليم مصغر قبيلة تنسب إلى عصية بن خفاف بن ندبة بن بهثة بن سليم.
(7/392)
عدد المشاهدات *:
477276
477276
عدد مرات التنزيل *:
152025
152025
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 19/10/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 19/10/2013