وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: خَالِطِ النَّاسَ وَدِينَكَ لاَ تَكْلِمَنَّهُ. وَالدُّعَابَةِ مَعَ الأَهْلِ
6129- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟".
[الحديث 6129 – طرفه في: 6203]
6130- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي".
قوله: "باب الانبساط إلى الناس" في رواية الكشميهني: "مع الناس". قوله: "وقال ابن مسعود: خالط الناس ودينك لا تكلمنه" بفتح أوله وسكون الكاف وكسر اللام وفتح الميم من الكلم بفتح الكاف وسكون اللام وهو الجرح وزنا ومعنى، وروي بالمثلثة بدل الكافة والنون مشددة للتأكيد. وقوله: "ودينك" يجوز فيه النصب والرفع. وهذا الأثر وصله الطبراني في الكبير من طريق عبد الله بن باباه بموحدتين عن ابن مسعود قال: "خالطوا الناس وصافوهم بما يشتهون، ودينكم لا تكلمنه" وهذه بضم الميم للجميع. وأخرجه ابن المبارك في كتاب البر والصلة من وجه آخر عن ابن مسعود بلفظ: "خالطوا الناس وزايلوهم في الأعمال" وعن عمر مثله كمن قال: "وانظروا ألا تكلموا دينكم". قوله: "والدعابة مع الأهل" هو بقية الترجمة معطوف على الانبساط بالجر، ويجوز أن يعطف على "باب" فيقرأ بالرفع، والدعابة بضم الدال وتخفيف العين المهملتين وبعد ألف موحدة هي الملاطفة في القول بالمزاح وغيره، وقد أخرج الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: "إني لا أقول إلا حقا" وأخرج من حديث ابن عباس رفعه: "لا تمار أخاك وتمازحه" الحديث، والجمع بينهما أن المنهي عنه ما فيه إفراط أو مداومة عليه لما فيه من الشغل عن ذكر الله
(10/526)
والتفكر في مهمات الدين ويؤول كثيرا إلى قسوة القلب والإيذاء والحقد وسقوط المهابة والوقار، والذي يسلم من ذلك هو المباح، فإن صادف مصلحة مثل تطيب نفس المخاطب ومؤانسته فهو مستحب، قال الغزالي: من الغلط أن يتخذ المزاح حرفة، ويتمسك بأنه صلى الله عليه وسلم مزح فهو كمن يدور مع الريح حيث دار، وينظر رقصهم، ويتمسك بأنه صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة أن تنظر إليهم. حديث أنس في قصة النغير سيأتي شرحه مستوفى في "باب ما يجوز من الشعر" قريبا إن شاء الله تعالى. حديث عائشة "كنت ألعب بالبنات" ومحمد شيخه فيه هو ابن سلام. قوله: "وكان لي صواحب يلعبن معي" أي من أقرانها. قوله: "يتقمعن" بمثناة وتشديد الميم المفتوحة وفي رواية الكشميهني بنون ساكنة وكسر الميم ومعناه أنهن يتغيبن منه ويدخلن من وراء الستر، وأصله من قمع التمرة أي يدخلن في الستر كما يدخلن التمرة في قمعها. قوله: "فيسربهن إلي" بسين مهملة ثم موحدة أي يرسلهن. واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن. قال وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وإليه مال ابن بطال، وحكى عن ابن أبي زيد عن مالك أنه كره أن يشتري الرجل لابنته الصور، ومن ثم رجح الداودي أنه منسوخ، وقد ترجم ابن حبان الإباحة لصغار النساء اللعب باللعب، وترجم له النسائي إباحة الرجل لزوجته اللعب بالبنات فلم يقيد بالصغر وفيه نظر. قال البيهقي بعد تخريجه ثبت النهي عن اتخاذ "الصور" فيحمل على أن الرخصة لعائشة في ذلك كان قبل التحريم وبه جزم ابن الجوزي. وقال المنذري إن كانت اللعب كالصورة فهو قبل التحريم وإلا فقد يسمى ما ليس بصورة لعبة، وبهذا جزم الحليمي فقال: إن كانت صورة كالوثن لم يجز وإلا جاز، وقيل: معنى الحديث اللعب مع البنات أي الجواري والباء هنا بمعنى مع حكاه ابن التين عن الداودي، ورده. قلت: ويرده ما أخرجه ابن عيينة في "الجامع" من رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه عن هشام بن عروة في هذا الحديث: "وكن جواري يأتين فيلعبن بها معي" وفي رواية جرير عن هشام "كنت ألعب بالبنات وهن اللعب" أخرجه أبو عوانة وغيره. وأخرج أبو داود والنسائي من وجه آخر عن عائشة قالت: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر" فذكر الحديث في هتكه الستر الذي نصبته على بابها قالت: "فكشف ناحية الستر على بنات لعائشة لعب فقال: ما هذا يا عائشة، قالت: بناتي. قالت: ورأى فيها فرسا مربوطا له جناحان فقال: ما هذا؟ قلت فرس. قال فرس له جناحان؟ قلت: ألم تسمع أنه كان لسليمان خيل لها أجنحة؟ فضحك" فهذا صريح في أن المراد باللعب غير الآدميات. قال الخطابي: في هذا الحديث أن اللعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر الصور التي جاء فيها الوعيد: وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغ. قلت: وفي الجزم به نظر لكنه محتمل، لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها. وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعا فيترجح رواية من قال في خيبر، ويجمع بما قال الخطابي لأن ذلك أولى من التعارض.
(10/527)
6129- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُخَالِطُنَا حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟".
[الحديث 6129 – طرفه في: 6203]
6130- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي".
قوله: "باب الانبساط إلى الناس" في رواية الكشميهني: "مع الناس". قوله: "وقال ابن مسعود: خالط الناس ودينك لا تكلمنه" بفتح أوله وسكون الكاف وكسر اللام وفتح الميم من الكلم بفتح الكاف وسكون اللام وهو الجرح وزنا ومعنى، وروي بالمثلثة بدل الكافة والنون مشددة للتأكيد. وقوله: "ودينك" يجوز فيه النصب والرفع. وهذا الأثر وصله الطبراني في الكبير من طريق عبد الله بن باباه بموحدتين عن ابن مسعود قال: "خالطوا الناس وصافوهم بما يشتهون، ودينكم لا تكلمنه" وهذه بضم الميم للجميع. وأخرجه ابن المبارك في كتاب البر والصلة من وجه آخر عن ابن مسعود بلفظ: "خالطوا الناس وزايلوهم في الأعمال" وعن عمر مثله كمن قال: "وانظروا ألا تكلموا دينكم". قوله: "والدعابة مع الأهل" هو بقية الترجمة معطوف على الانبساط بالجر، ويجوز أن يعطف على "باب" فيقرأ بالرفع، والدعابة بضم الدال وتخفيف العين المهملتين وبعد ألف موحدة هي الملاطفة في القول بالمزاح وغيره، وقد أخرج الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: "إني لا أقول إلا حقا" وأخرج من حديث ابن عباس رفعه: "لا تمار أخاك وتمازحه" الحديث، والجمع بينهما أن المنهي عنه ما فيه إفراط أو مداومة عليه لما فيه من الشغل عن ذكر الله
(10/526)
والتفكر في مهمات الدين ويؤول كثيرا إلى قسوة القلب والإيذاء والحقد وسقوط المهابة والوقار، والذي يسلم من ذلك هو المباح، فإن صادف مصلحة مثل تطيب نفس المخاطب ومؤانسته فهو مستحب، قال الغزالي: من الغلط أن يتخذ المزاح حرفة، ويتمسك بأنه صلى الله عليه وسلم مزح فهو كمن يدور مع الريح حيث دار، وينظر رقصهم، ويتمسك بأنه صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة أن تنظر إليهم. حديث أنس في قصة النغير سيأتي شرحه مستوفى في "باب ما يجوز من الشعر" قريبا إن شاء الله تعالى. حديث عائشة "كنت ألعب بالبنات" ومحمد شيخه فيه هو ابن سلام. قوله: "وكان لي صواحب يلعبن معي" أي من أقرانها. قوله: "يتقمعن" بمثناة وتشديد الميم المفتوحة وفي رواية الكشميهني بنون ساكنة وكسر الميم ومعناه أنهن يتغيبن منه ويدخلن من وراء الستر، وأصله من قمع التمرة أي يدخلن في الستر كما يدخلن التمرة في قمعها. قوله: "فيسربهن إلي" بسين مهملة ثم موحدة أي يرسلهن. واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن. قال وذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وإليه مال ابن بطال، وحكى عن ابن أبي زيد عن مالك أنه كره أن يشتري الرجل لابنته الصور، ومن ثم رجح الداودي أنه منسوخ، وقد ترجم ابن حبان الإباحة لصغار النساء اللعب باللعب، وترجم له النسائي إباحة الرجل لزوجته اللعب بالبنات فلم يقيد بالصغر وفيه نظر. قال البيهقي بعد تخريجه ثبت النهي عن اتخاذ "الصور" فيحمل على أن الرخصة لعائشة في ذلك كان قبل التحريم وبه جزم ابن الجوزي. وقال المنذري إن كانت اللعب كالصورة فهو قبل التحريم وإلا فقد يسمى ما ليس بصورة لعبة، وبهذا جزم الحليمي فقال: إن كانت صورة كالوثن لم يجز وإلا جاز، وقيل: معنى الحديث اللعب مع البنات أي الجواري والباء هنا بمعنى مع حكاه ابن التين عن الداودي، ورده. قلت: ويرده ما أخرجه ابن عيينة في "الجامع" من رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه عن هشام بن عروة في هذا الحديث: "وكن جواري يأتين فيلعبن بها معي" وفي رواية جرير عن هشام "كنت ألعب بالبنات وهن اللعب" أخرجه أبو عوانة وغيره. وأخرج أبو داود والنسائي من وجه آخر عن عائشة قالت: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر" فذكر الحديث في هتكه الستر الذي نصبته على بابها قالت: "فكشف ناحية الستر على بنات لعائشة لعب فقال: ما هذا يا عائشة، قالت: بناتي. قالت: ورأى فيها فرسا مربوطا له جناحان فقال: ما هذا؟ قلت فرس. قال فرس له جناحان؟ قلت: ألم تسمع أنه كان لسليمان خيل لها أجنحة؟ فضحك" فهذا صريح في أن المراد باللعب غير الآدميات. قال الخطابي: في هذا الحديث أن اللعب بالبنات ليس كالتلهي بسائر الصور التي جاء فيها الوعيد: وإنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغ. قلت: وفي الجزم به نظر لكنه محتمل، لأن عائشة كانت في غزوة خيبر بنت أربع عشرة سنة إما أكملتها أو جاوزتها أو قاربتها. وأما في غزوة تبوك فكانت قد بلغت قطعا فيترجح رواية من قال في خيبر، ويجمع بما قال الخطابي لأن ذلك أولى من التعارض.
(10/527)
عدد المشاهدات *:
477130
477130
عدد مرات التنزيل *:
152010
152010
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 07/11/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 07/11/2013