6234- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ"
قوله: "باب يسلم الصغير على الكبير" وقال إبراهيم هو ابن طهمان: وثبت كذلك في رواية أبي ذر. وقد وصله البخاري في "الأدب المفرد" قال: "حدثنا أحمد بن أبي عمرو حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان به سواء" وأبو عمرو هو حفص بن عبد الله بن راشد السلمي قاضي نيسابور، ووصله أيضا أبو نعيم من طريق عبد الله بن العباس، والبيهقي من طريق أبي حامد بن الشرفي كلاهما عن أحمد بن حفص به، وأما قول الكرماني: عبر البخاري بقوله: "وقال إبراهيم" لأنه سمع منه في مقام المذاكرة فغلط عجيب، فإن البخاري لم يدرك إبراهيم بن طهمان فضلا عن أن يسمع منه، فإنه مات قبل مولد البخاري بست وعشرين سنة، وقد ظهر بروايته في الأدب أن بينهما في هذا الحديث رجلين. قوله: "والمار على القاعد" هو كذا في رواية همام، وهو أشمل من رواية ثابت التي قبلها بلفظ: "الماشي" لأنه أعم من أن يكون المار ماشيا أو راكبا، وقد اجتمعا في حديث فضالة بن عبيد عند البخاري في "الأدب المفرد" والترمذي وصححه والنسائي وصحيح ابن حبان بلفظ: "يسلم الفارس على الماشي والماشي على القائم" وإذا حمل القائم على المستقر كان أعم من أن يكون جالسا أو واقفا أو متكئا أو مضطجعا، وإذا أضيفت هذه الصورة إلى الراكب تعددت الصور، وتبقى صورة لم تقع منصوصة وهي ما إذا تلاقى ماران راكبان أو ماشيان وقد تكلم عليها المازري فقال: يبدأ الأدنى منهما الأعلى قدرا في الدين إجلالا لفضله، لأن فضيلة الدين مرغب فيها في الشرع، وعلى هذا لو التقى راكبان ومركوب أحدهما أعلى في الحس من مركوب الآخر كالجمل والفرس فيبدأ راكب الفرس، أو يكتفي بالنظر إلى أعلاهما قدرا في الدين فيبتدؤه الذي دونه، هذا الثاني أظهر كما لا نظر إلى من يكون أعلاهما قدرا من جهة الدنيا، إلا أن يكون سلطانا يخشى منه، وإذا تساوى المتلاقيان من كل جهة فكل منهما مأمور بالابتداء، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام كما تقدم في حديث المتهاجرين في أبواب الأدب. وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" بسند صحيح من حديث جابر قال: "الماشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل" ذكره عقب رواية ابن جريج عن زياد بن سعد عن ثابت عن أبي هريرة بسنده المذكور عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر وصرح فيه بالسماع. وأخرج أبو عوانة وابن حبان في صحيحيهما والبزار من وجه آخر عن ابن جريج الحديث بتمامه مرفوعا بالزيادة. وأخرج الطبراني بسند صحيح عن الأغر المزني "قال لي أبو بكر لا يسبقك أحد إلى السلام" والترمذي من حديث أبي أمامة رفعه: "إن أولى الناس بالله من بدأ بالسلام" وقال: حسن. وأخرج الطبراني من حديث أبي الدرداء "قلنا: يا رسول الله إنا نلتقي فأينا يبدأ بالسلام؟ قال: أطوعكم لله". قوله: "والقليل على الكثير" تقدم تقريره، لكن لو عكس الأمر فمر جمع كثير على جمع قليل، وكذا لو مر الصغير على الكبير، لم أر فيهما نصا. واعتبر النووي المرور فقال الوارد يبدأ سواء كان صغيرا أم كبيرا قليلا أم كثيرا،
(11/16)
ويوافقه قول المهلب: إن المار في حكم الداخل، وذكر الماوردي أن من مشى في الشوارع المطروقة كالسوق أنه لا يسلم إلا على البعض، لأنه لو سلم على كل من لقي لتشاغل به عن المهم الذي خرج لأجله ولخرج به عن العرف قلت: ولا يعكر على هذا ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن الطفيل بن أبي ابن كعب قال: "كنت أغدو مع ابن عمر إلى السوق فلا يمر على بياع ولا أحد إلا سلم عليه. فقلت: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع؟ قال: إنما نغدو من أجل السلام على من لقينا" لأن مراد الماوردي من خرج في حاجة له فتشاغل عنها بما ذكر، والأثر المذكور ظاهر في أنه خرج لقصد تحصيل ثواب السلام. وقد تكلم العلماء على الحكمة فيمن شرع لهم الابتداء، فقال ابن بطال عن المهلب: تسليم الصغير لأجل حق الكبير لأنه أمر بتوقيره والتواضع له، وتسليم القليل لأجل حق الكثير لأن حقهم أعظم، وتسليم المار لشبهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع. وقال ابن العربي: حاصل ما في هذا الحديث أن المفضول بنوع ما يبدأ الفاضل. وقال المازري: أما أمر الراكب فلأن له مزية على الماشي فعوض الماشي بأن يبدأه الراكب بالسلام احتياطا على الراكب من الزهو أن لو حاز الفضيلتين، وأما الماشي فلما يتوقع القاعد منه من الشر ولا سيما إذا كان راكبا، فإذا ابتدأه بالسلام أمن منه ذلك وأنس إليه، أو لأن في التصرف في الحاجات امتهانا فصار للقاعد مزية فأمر بالابتداء، أو لأن القاعد يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم فسقطت البداءة عنه للمشقة، بخلاف المار فلا مشقة عليه، وأما القليل فلفضيلة الجماعة أو لأن الجماعة لو ابتدءوا لخيف على الواحد الزهو فاحتيط له، ولم يقع تسليم الصغير على الكبير في صحيح مسلم وكأنه لمراعاة السن فإنه معتبر في أمور كثيرة في الشرع، فلو تعارض الصغر المعنوي والحسي كأن يكون الأصغر أعلم مثلا فيه نظر، ولم أر فيه نقلا. والذي يظهر اعتبار السن لأنه الظاهر، كما تقدم الحقيقة على المجاز. ونقل ابن دقيق العيد عن ابن رشد أن محل الأمر في تسليم الصغير على الكبير إذا التقيا فإن كان أحدهما راكبا والآخر ماشيا بدأ الراكب، وإن كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصغير. وقال المازري وغيره: هذه المناسبات لا يعترض عليها بجزئيات تخالفها لأنها لم تنصب نصب العلل الواجبة الاعتبار حتى لا يجوز أن يعدل عنها، حتى لو ابتدأ الماشي فسلم على الراكب لم يمتنع لأنه ممتثل للأمر بإظهار السلام وإفشائه، غير أن مراعاة ما ثبت في الحديث أولى وهو خبر بمعنى الأمر على سبيل الاستحباب، ولا يلزم من ترك المستحب الكراهة، بل يكون خلاف الأولى، فلو ترك المأمور بالابتداء فبدأه الآخر كان المأمور تاركا للمستحب والآخر فاعلا للسنة، إلا إن بادر فيكون تاركا للمستحب أيضا. وقال المتولي: لو خالف الراكب أو الماشي ما دل عليه الخبر كره، قال: والوارد يبدأ بكل حال. وقال الكرماني: لو جاء أن الكبير يبدأ الصغير والكثير يبدأ القليل لكان مناسبا، لأن الغالب أن الصغير يخاف من الكبير والقليل من الكثير، فإذا بدأ الكبير والكثير أمن منه الصغير والقليل، لكن لما كان من شأن المسلمين أن يأمن بعضهم بعضا اعتبر جانب التواضع كما تقدم، وحيث لا يظهر رجحان أحد الطرفين باستحقاقه التواضع له اعتبر الإعلام بالسلامة والدعاء له رجوعا إلى ما هو الأصل، فلو كان المشاة كثيرا والقعود قليلا تعارضا ويكون الحكم حكم اثنين تلاقيا معا فأيهما بدأ فهو أفضل، ويحتمل ترجيح جانب الماشي كما تقدم، والله أعلم.
(11/17)
قوله: "باب يسلم الصغير على الكبير" وقال إبراهيم هو ابن طهمان: وثبت كذلك في رواية أبي ذر. وقد وصله البخاري في "الأدب المفرد" قال: "حدثنا أحمد بن أبي عمرو حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان به سواء" وأبو عمرو هو حفص بن عبد الله بن راشد السلمي قاضي نيسابور، ووصله أيضا أبو نعيم من طريق عبد الله بن العباس، والبيهقي من طريق أبي حامد بن الشرفي كلاهما عن أحمد بن حفص به، وأما قول الكرماني: عبر البخاري بقوله: "وقال إبراهيم" لأنه سمع منه في مقام المذاكرة فغلط عجيب، فإن البخاري لم يدرك إبراهيم بن طهمان فضلا عن أن يسمع منه، فإنه مات قبل مولد البخاري بست وعشرين سنة، وقد ظهر بروايته في الأدب أن بينهما في هذا الحديث رجلين. قوله: "والمار على القاعد" هو كذا في رواية همام، وهو أشمل من رواية ثابت التي قبلها بلفظ: "الماشي" لأنه أعم من أن يكون المار ماشيا أو راكبا، وقد اجتمعا في حديث فضالة بن عبيد عند البخاري في "الأدب المفرد" والترمذي وصححه والنسائي وصحيح ابن حبان بلفظ: "يسلم الفارس على الماشي والماشي على القائم" وإذا حمل القائم على المستقر كان أعم من أن يكون جالسا أو واقفا أو متكئا أو مضطجعا، وإذا أضيفت هذه الصورة إلى الراكب تعددت الصور، وتبقى صورة لم تقع منصوصة وهي ما إذا تلاقى ماران راكبان أو ماشيان وقد تكلم عليها المازري فقال: يبدأ الأدنى منهما الأعلى قدرا في الدين إجلالا لفضله، لأن فضيلة الدين مرغب فيها في الشرع، وعلى هذا لو التقى راكبان ومركوب أحدهما أعلى في الحس من مركوب الآخر كالجمل والفرس فيبدأ راكب الفرس، أو يكتفي بالنظر إلى أعلاهما قدرا في الدين فيبتدؤه الذي دونه، هذا الثاني أظهر كما لا نظر إلى من يكون أعلاهما قدرا من جهة الدنيا، إلا أن يكون سلطانا يخشى منه، وإذا تساوى المتلاقيان من كل جهة فكل منهما مأمور بالابتداء، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام كما تقدم في حديث المتهاجرين في أبواب الأدب. وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" بسند صحيح من حديث جابر قال: "الماشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل" ذكره عقب رواية ابن جريج عن زياد بن سعد عن ثابت عن أبي هريرة بسنده المذكور عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر وصرح فيه بالسماع. وأخرج أبو عوانة وابن حبان في صحيحيهما والبزار من وجه آخر عن ابن جريج الحديث بتمامه مرفوعا بالزيادة. وأخرج الطبراني بسند صحيح عن الأغر المزني "قال لي أبو بكر لا يسبقك أحد إلى السلام" والترمذي من حديث أبي أمامة رفعه: "إن أولى الناس بالله من بدأ بالسلام" وقال: حسن. وأخرج الطبراني من حديث أبي الدرداء "قلنا: يا رسول الله إنا نلتقي فأينا يبدأ بالسلام؟ قال: أطوعكم لله". قوله: "والقليل على الكثير" تقدم تقريره، لكن لو عكس الأمر فمر جمع كثير على جمع قليل، وكذا لو مر الصغير على الكبير، لم أر فيهما نصا. واعتبر النووي المرور فقال الوارد يبدأ سواء كان صغيرا أم كبيرا قليلا أم كثيرا،
(11/16)
ويوافقه قول المهلب: إن المار في حكم الداخل، وذكر الماوردي أن من مشى في الشوارع المطروقة كالسوق أنه لا يسلم إلا على البعض، لأنه لو سلم على كل من لقي لتشاغل به عن المهم الذي خرج لأجله ولخرج به عن العرف قلت: ولا يعكر على هذا ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن الطفيل بن أبي ابن كعب قال: "كنت أغدو مع ابن عمر إلى السوق فلا يمر على بياع ولا أحد إلا سلم عليه. فقلت: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع؟ قال: إنما نغدو من أجل السلام على من لقينا" لأن مراد الماوردي من خرج في حاجة له فتشاغل عنها بما ذكر، والأثر المذكور ظاهر في أنه خرج لقصد تحصيل ثواب السلام. وقد تكلم العلماء على الحكمة فيمن شرع لهم الابتداء، فقال ابن بطال عن المهلب: تسليم الصغير لأجل حق الكبير لأنه أمر بتوقيره والتواضع له، وتسليم القليل لأجل حق الكثير لأن حقهم أعظم، وتسليم المار لشبهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع. وقال ابن العربي: حاصل ما في هذا الحديث أن المفضول بنوع ما يبدأ الفاضل. وقال المازري: أما أمر الراكب فلأن له مزية على الماشي فعوض الماشي بأن يبدأه الراكب بالسلام احتياطا على الراكب من الزهو أن لو حاز الفضيلتين، وأما الماشي فلما يتوقع القاعد منه من الشر ولا سيما إذا كان راكبا، فإذا ابتدأه بالسلام أمن منه ذلك وأنس إليه، أو لأن في التصرف في الحاجات امتهانا فصار للقاعد مزية فأمر بالابتداء، أو لأن القاعد يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم فسقطت البداءة عنه للمشقة، بخلاف المار فلا مشقة عليه، وأما القليل فلفضيلة الجماعة أو لأن الجماعة لو ابتدءوا لخيف على الواحد الزهو فاحتيط له، ولم يقع تسليم الصغير على الكبير في صحيح مسلم وكأنه لمراعاة السن فإنه معتبر في أمور كثيرة في الشرع، فلو تعارض الصغر المعنوي والحسي كأن يكون الأصغر أعلم مثلا فيه نظر، ولم أر فيه نقلا. والذي يظهر اعتبار السن لأنه الظاهر، كما تقدم الحقيقة على المجاز. ونقل ابن دقيق العيد عن ابن رشد أن محل الأمر في تسليم الصغير على الكبير إذا التقيا فإن كان أحدهما راكبا والآخر ماشيا بدأ الراكب، وإن كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصغير. وقال المازري وغيره: هذه المناسبات لا يعترض عليها بجزئيات تخالفها لأنها لم تنصب نصب العلل الواجبة الاعتبار حتى لا يجوز أن يعدل عنها، حتى لو ابتدأ الماشي فسلم على الراكب لم يمتنع لأنه ممتثل للأمر بإظهار السلام وإفشائه، غير أن مراعاة ما ثبت في الحديث أولى وهو خبر بمعنى الأمر على سبيل الاستحباب، ولا يلزم من ترك المستحب الكراهة، بل يكون خلاف الأولى، فلو ترك المأمور بالابتداء فبدأه الآخر كان المأمور تاركا للمستحب والآخر فاعلا للسنة، إلا إن بادر فيكون تاركا للمستحب أيضا. وقال المتولي: لو خالف الراكب أو الماشي ما دل عليه الخبر كره، قال: والوارد يبدأ بكل حال. وقال الكرماني: لو جاء أن الكبير يبدأ الصغير والكثير يبدأ القليل لكان مناسبا، لأن الغالب أن الصغير يخاف من الكبير والقليل من الكثير، فإذا بدأ الكبير والكثير أمن منه الصغير والقليل، لكن لما كان من شأن المسلمين أن يأمن بعضهم بعضا اعتبر جانب التواضع كما تقدم، وحيث لا يظهر رجحان أحد الطرفين باستحقاقه التواضع له اعتبر الإعلام بالسلامة والدعاء له رجوعا إلى ما هو الأصل، فلو كان المشاة كثيرا والقعود قليلا تعارضا ويكون الحكم حكم اثنين تلاقيا معا فأيهما بدأ فهو أفضل، ويحتمل ترجيح جانب الماشي كما تقدم، والله أعلم.
(11/17)
عدد المشاهدات *:
501540
501540
عدد مرات التنزيل *:
153980
153980
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 07/11/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 07/11/2013