اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم السبت 12 شوال 1445 هجرية
? ?????? ???????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????????? ????????? ????????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

شعارات المحجة البيضاء

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني
المجلد الحادي عشر
كتاب الرقاق
باب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ, وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ}
بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ, وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ}
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني
(11/252)

6435- حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ"
6436- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ "سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا وَلاَ يَمْلاَ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ"
[الحديث 6436- طرفه في: 6437]
6437- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ "سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِثْلَ وَادٍ مَالًا لاَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ وَلاَ يَمْلاَ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلاَ أَدْرِي مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ أَمْ لاَ قَالَ وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ"
6438- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ "سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِمَكَّةَ فِي خُطْبَتِهِ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ أُعْطِيَ وَادِيًا ملآن مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَوْ أُعْطِيَ ثَانِيًا أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَالِثًا وَلاَ يَسُدُّ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ"
6439- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ "قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ وَلَنْ يَمْلاَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ
6440- وَقَالَ لَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ "عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ قَالَ كُنَّا نَرَى هَذَا مِنْ الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ {أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ}
قوله: "باب ما يتقى" بضم أوله وبالمثناة والقاف. قوله: "من فتنة المال" أي الالتهاء به. قوله: "وقول الله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} أي تشغل البال عن القيام بالطاعة، وكأنه أشار بذلك إلى ما أخرجه الترمذي وابن حيان والحاكم وصححوه من حديث كعب بن عياض "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال" وله شاهد مرسل عند سعيد بن منصور عن جبير بن نفير مثله وزاد: "ولو سيل لابن آدم
(11/253)

واديان من مال لتمنى إليه ثالثا" الحديث وبها تظهر المناسبة جدا؛ وقوله سيل بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة ثم لام على البناء للمجهول يقال سال الوادي إذا جرى ماؤه، وأما الفتنة بالولد فورد فيه ما أخرجه أحمد وأصحاب السنن صححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث بريدة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يعثران فنزل عن المنبر فحملها فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله، إنما أموالكم وأولاكم فتنة" الحديث وظاهر الحديث أن قطع الخطبة والنزول لهما فتنة دعا إليها محبة الولد فيكون مرجوحا، والجواب أن ذلك إنما هو في حق غيره، وأما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فهو لبيان الجواز فيكون في حقه راجحا، ولا يلزم من فعل الشيء لبيان الجواز أن لا يكون الأولى ترك فعله ففيه تنبيه على أن الفتنة بالولد مراتب، وإن هذا من أدناها، وقد يجر إلى ما فوقه فيحذر.قوله: "حدثني يحيى بن يوسف" هو الزمي بكسر الزاي وتشديد الميم ويقال له ابن أبي كريمة فقيل هي كنية أبيه وقيل.هو جده واسمه كنيته، أخرج عنه البخاري بغير واسطة في الصحيح وأخرج عنه خارج الصحيح بواسطة. قوله: "أخبرني أبو بكر بن عياش" بمهملة تحتانية ثقيلة ثم معجمة، ووقع في رواية غير أبي ذر "حدثنا". قوله: "عن أبي حصين" بمهملتين بفتح أوله هو عثمان بن عاصم. وفي رواية غير أبي ذر أيضا: "حدثنا". قوله: "قال النبي صلى الله عليه وسلم" في رواية الإسماعيلي عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإسماعيلي وافق أبا بكر على رفعه شريك القاضي، وقيس بن الربيع عن أبي حصين، وخالفهم إسرائيل فرواه عن أبي حصين موقوفا. قلت: إسرائيل أثبت منهم، ولكن اجتماع الجماعة يقاوم ذلك، وحينئذ تتم المعارضة بين الرفع والوقف فيكون الحكم للرفع والله أعلم. وقد تقدم هذا الحديث سندا ومتنا في باب الحراسة في الغزو من كتاب الجهاد، وهو من نوادر ما وقع في هذا الجامع الصحيح. قوله: "تعس" بكسر العين المهملة ويجوز الفتح أي سقط والمراد هنا هلك. وقال ابن الأنباري: التعس الشر، قال تعالى: {فَتَعْساً لَهُمْ} أراد ألزمهم الشر، وقيل التعس البعد أي بعدا لهم.وقال غيره قولهم تعسا لفلان نقيض قولهم لعا له، فتعسا دعاء عليه بالعثرة ولعا دعاء له بالانتقاش.قوله: "عبد الدينار" أي طالبه الحريص على جمعه القائم على حفظه، فكأنه لذلك خادمه وعبده. قال الطيبي: قيل خص العبد بالذكر ليؤذن بانغماسه في محبة الدنيا وشهواتها كالأسير الذي لا يجد خلاصا، ولم يقل مالك الدينار ولا جامع الدينار لأن المذموم من الملك والجمع الزيادة على قدر الحاجة. وقوله: "إن أعطى إلخ "يؤذن بشدة الحرص على ذلك. وقال غيره: جعله عبدا لهما لشغفه وحرصه، فمن كان عبدا لهواه لم يصدق في حقه "إياك نعبد" فلا يكون من اتصف بذلك صديقا. قوله: "والقطيفة" هي الثوب الذي له خمل "والخميصة الكساء المربع" وقد تقدم الحديث، في كتاب الجهاد من رواية عبد الله بن دينار عن أبي صالح بلفظ: "تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش" وقوله وانتكس أي عاوده المرض فعلى ما تقدم من تفسير التعس بالسقوط يكون المراد أنه إذا قام من سقطته عاوده السقوط، ويحتمل أن يكون المعنى بانتكس بعد تعس انقلب على رأسه بعد أن سقط. ثم وجدته في شرح الطيبي، قال في قوله: "تعس وانتكس" فيه الترقي في الدعاء عليه لأنه إذا تعس انكب على وجهه فإذا انتكس انقلب على رأسه، وقيل التعس الخر على الوجه والنكس الخر على الرأس. وقوله في الرواية المذكورة "وإذا شيك" بكسر المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم كاف أي إذا
(11/254)

دخلت فيه شوكة لم يجد من يخرجها بالمنقاش وهو معنى قوله فلا انتقش، ويحتمل أن يريد لم يقدر الطبيب أن يخرجها.وفيه إشارة إلى الدعاء عليه بما يثبطه عن السعي والحركة، وسوغ الدعاء عليه كونه قصر عمله على جمع الدنيا واشتغل بها عن الذي أمر به من التشاغل بالواجبات والمندوبات.قال الطيبي: وإنما خص انتقاش الشوكة بالذكر لأنه أسهل ما يتصور من المعاونة، فإذا انتفى ذلك الأسهل انتفى ما فوقه بطريق الأولى.قوله: "إن أعطي" بضم أوله. قوله: "وإن لم يعط لم يرض" وقع من وجه آخر عن أبي بكر بن عياش عند ابن ماجه والإسماعيلي بلفظ الوفاء عوض الرضا وأحدهما ملزوم للآخر غالبا. قوله: "عن عطاء" هو ابن أبي رباح، وصرح في الرواية الثانية بسماع ابن جريج له من عطاء، وهذا هو الحكمة في إيراد الإسناد النازل عقب العالي إذ بينه وبين ابن جريح في الأول واحد وفي الثاني اثنان، وفي السند الثاني أيضا فائدة أخرى وهي الزيادة في آخره، ومحمد في الثاني هو ابن سلام وقد نسب في رواية أبي زيد المروزي كذلك، ومخلد بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة. قوله: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم" هذا من الأحاديث التي صرح فيها ابن عباس بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وهي قليلة بالنسبة لمرويه عنه، فإنه أحد المكثرين، ومع ذلك فتحمله كان أكثره عن كبار الصحابة. قوله: "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا" في الرواية الثانية "لو أن لابن آدم واديا مالا لأحب أن له إليه مثله" ونحوه في حديث أنس في الباب وجمع بين الأمرين في الباب أيضا، ومثله في مرسل جبير بن نفير الذي قدمته وفي حديث أبي الذي سأذكره، وقوله: "من مال" فسره في حديث ابن الزبير بقوله: "من ذهب" ومثله في حديث أنس في الباب وفي حديث زيد بن أرقم عند أحمد وزاد: "وفضة" وأوله مثل لفظ رواية ابن عباس الأولى، ولفظه عند أبي عبيدة في فضائل القرآن "كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى الثالث" وله من حديث جابر بلفظ: "لو كان لابن آدم وادي نخل" وقوله: "لابتغى" بالغين المعجمة وهو افتعل بمعنى الطلب، ومثله في حديث زيد بن أرقم، وفي الرواية الثانية "أحب" وكذا في حديث أنس. وقال في حديث أنس "لتمنى مثله ثم تمنى مثله حتى يتمنى أودية". قوله: "ولا يملأ جوف ابن آدم" في رواية حجاج بن محمد عن ابن جريح عند الإسماعيلي: "نفس" بدل "جوف" وفي حديث جابر كالأول، وفي مرسل حبير بن نفير "ولا يشبع" بضم أوله "جوف" وفي حديث ابن الزبير "ولا يسد جوف" وفي الرواية الثانية في الباب: "ولا يملأ عين" وفي حديث أنس فيه: "ولا يملأ فاه" ومثله في حديث أبي واقد عند أحمد، وله في حديث زيد بن أرقم "ولا يملأ بطن" قال الكرماني: ليس المراد الحقيقة في عضو بعينه بقرينة عدم الانحصار في التراب إذ غيره يملؤه أيضا، بل هو كناية عن الموت لأنه مستلزم للامتلاء، فكأنه قال لا يشبع من الدنيا حتى يموت، فالغرض من العبارات كلها واحد وهي من التفنن في العبارة. قلت: وهذا يحسن فيما إذا اختلفت مخارج الحديث، وأما إذا اتحدت فهو من تصرف الرواة، ثم نسبة الامتلاء للجوف واضحة، والبطن بمعناه، وأما النفس فعبر بها عن الذات وأطلق الذات وأراد البطن من إطلاق الكل وإرادة البعض، وأما بالنسبة إلى الفم فلكونه الطريق إلى الوصول للجوف، ويحتمل أن يكون المراد بالنفس العين، وأما العين فلأنها الأصل في الطلب لأنه يرى ما يعجبه فيطلبه ليحوزه إليه، وخص البطن في أكثر الروايات لأن أكثر ما يطلب المال لتحصيل المستلذات أكثرها يكون للأكل والشرب. وقال الطيبي: وقع قوله: "ولا يملأ إلخ" موقع التذييل والتقرير للكلام السابق كأنه قيل ولا يشبع من خلق من
(11/255)

التراب إلا بالتراب.ويحتمل أن تكون الحكمة في ذكر التراب، دون غيره أن المرء لا ينقضي طمعه حتى يموت، فإذا مات كان من شأنه أن يدفن فإذا دفن صب عليه التراب فملأ حوفه وفاه وعينيه ولم يبق منه موضع يحتاج إلى تراب غيره.وأما النسبة إلى الفم فلكونه الطريق إلى للوصول للجوف.قوله: "ويتوب الله على من تاب" أي أن الله يقبل التوبة من الحريص كما يقبلها من غيره، قيل وفيه إشارة إلى ذم الاستكثار من جمع المال وتمني ذلك والحرص عليه، للإشارة إلى أن الذي يترك ذلك يطلق عليه أنه تاب، ويحتمل أن يكون تاب بالمعنى اللغوي وهو مطلق الرجوع أي رجع عن ذلك الفعل والتمني. وقال الطيبي: يمكن أن يكون معناه أن الآدمي مجبول على حب المال وأنه لا يشبع من جمعه إلا من حفظه الله تعالى ووفقه لإزالة هذه الجبلة عن نفسه وقليل ما هم، فوضع "ويتوب" موضعه إشعارا بأن هذه الجبلة مذمومة جارية مجرى الذنب، وأن إزالتها ممكنة بتوفيق الله وتسديده، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ففي إضافة الشح إلى النفس دلالة على أنه غريزة فيها. وفي قوله: "ومن يوق" إشارة إلى إمكان إزالة ذلك، ثم رتب الفلاح على ذلك قال: وتؤخذ المناسبة أيضا من ذكر التراب، فإن فيه إشارة إلى أن الآدمي خلق من التراب ومن طبعه القبض واليبس، وأن إزالته ممكنة بأن يمطر الله عليه ما يصلحه حتى يثمر الخلال الزكية والخصال المرضية، قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً} فوقع قوله: "ويتوب الله إلخ" موقع الاستدراك، أي أن ذلك العسر الصعب يمكن أن يكون يسيرا على من يسره الله تعالى عليه. قوله: "قال ابن عباس: فلا أدري من القرآن هو أم لا" يعني الحديث المذكور، وسيأتي بيان ذلك في الكلام على حديث أبي. قوله: "قال وسمعت ابن الزبير" القائل هو عطاء، وهو متصل بالسند المذكور. وقوله: "على المنبر" بين في الرواية التي بعدها أنه منبر مكة، وقوله: "ذلك" إشارة إلى الحديث، وظاهره أنه باللفظ المذكور بدون زيادة ابن عباس. قوله: "عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل" أي غسيل الملائكة وهو حنظلة بن أبي عامر الأوسي، وهو جد سليمان المذكور لأنه ابن عبد الله بن حنظلة، ولعبد الله صحبة وهو من صغار الصحابة وقتل يوم الحرة وكان الأمير على طائفة الأنصار يومئذ، وأبوه استشهد بأحد وهو من كبار الصحابة وأبوه أبو عامر يعرف بالراهب وهو الذي بني مسجد الضرار بسببه ونزل فيه القرآن. وعبد الرحمن معدود في صغار التابعين لأنه لقي بعض صغار الصحابة، وهذا الإسناد من أعلى ما في صحيح البخاري لأنه في حكم الثلاثيات وإن كان رباعيا، وعباس بن سهل بن سعد هو ولد الصحابي المشهور. قوله: "عبد العزيز" هو الأويسي، وصالح هو ابن كيسان، وابن شهاب هو الزهري. قوله: "أحب أن يكون" كذا وقع بغير لام وهو جائز، وقد تقدم من رواية ابن عباس بلفظ: "لأحب" قوله: "وقال لنا أبو الوليد" هو الطيالسي هشام بن عبد الملك، وشيخه حماد بن سلمة لم يعدوه فيمن خرج له البخاري موصولا، بل علم المزي على هذا السند في" الأطراف" علامة التعليق، وكذا رقم لحماد بن سلمة في التهذيب علامة التعليق ولم ينبه على هذا الموضع، وهو مصير منه إلى استواء قال فلان وقال لنا فلان، وليس بجيد لأن قوله قال لنا ظاهر في الوصل وإن كان بعضهم قال إنها للإجازة أو للمناولة أو للمذاكرة فكل ذلك في حكم الموصول، وإن كان التصريح بالتحديث أشد اتصالا، والذي ظهر لي بالاستقراء من صنيع البخاري أنه لا يأتي بهذه الصيغة إلا إذا كان المتن ليس على شرطه في أصل موضوع كتابه، كأن يكون
(11/256)

ظاهره الوقف، أو في السند من ليس على شرطه في الاحتجاج، فمن أمثلة الأول قوله في كتاب النكاح في "باب ما يحل من النساء وما يحرم": "قال لنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد هو القطان" فذكر عن ابن عباس قال: "حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع" الحديث، فهذا من كلام ابن عباس فهو موقوف، وإن كان يمكن أن يتلمح له ما يلحقه بالمرفوع. ومن أمثلة الثاني قوله في المزارعة "قال لنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان العطار" فذكر حديث أنس "لا يغرس مسلم غرسا" الحديث، فأبان ليس على شرطه كحماد بن سلمة، وعبر في التخريج لكل منهما بهذه الصيغة لذلك، وقد علق عنهما أشياء بخلاف الواسطة التي بينه وبينه وذلك تعليق ظاهر؛ وهو أظهر في كونه لم يسقه مساق الاحتجاج من هذه الصيغة المذكورة هنا، لكن السر فيه ما ذكرت وأمثلة ذلك في الكتاب كثيرة تظهر لمن تتبعها. قوله: "عن ثابت" هو البناني ويقال إن حماد بن سلمة كان أثبت الناس في ثابت، وقد أكثر مسلم من تخريج ذلك محتجا به ولم يكثر من الاحتجاج بحماد بن سلمة كإكثاره في احتجاجه بهذه النسخة. قوله: "عن أبي" هو ابن كعب، وهذا من رواية صحابي عن صحابي وإن كان أبي أكبر من أنس. قوله: "كنا نرى" بضم النون أوله أي نظن، ويجوز فتحها من الرأي أي نعتقد. قوله: "هذا" لم يبين ما أشار إليه بقوله هذا، وقد بينه الإسماعيلي من طريق موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة ولفظه: "كنا نرى هذا الحديث من القرآن: لو أن لابن آدم واديين من مال لتمني واديا ثالثا "الحديث دون قوله: "ويتوب الله إلخ". قوله: "حتى نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} " زاد في رواية موسى بن إسماعيل "إلى آخر السورة" وللإسماعيلي أيضا من طريق عفان ومن طريق أحمد بن إسحاق، الحضرمي قالا "حدثنا حماد بن سلمة" فذكر مثله وأوله "كنا نرى أن هذا من القرآن إلخ". "تنبيه": هكذا وقع حديث أبي بن كعب من رواية ثابت عن أنس عنه مقدما على رواية ابن شهاب عن أنس في هذا الباب عند أبي ذر، وعكس ذلك غيره وهو الأنسب، قال ابن بطال وغيره: قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} خرج على لفظ الخطاب لأن الله فطر الناس على حب المال والولد فلهم رغبة في الاستكثار من ذلك، ومن لازم ذلك الغفلة عن القيام بما أمروا به حتى يفجأهم الموت. وفي أحاديث الباب ذم الحرص والشره ومن ثم آثر أكثر السلف التقلل من الدنيا والقناعة باليسير والرضا بالكفاف، ووجه ظنهم أن الحديث المذكور من القرآن ما تضمنه من ذم الحرص على الاستكثار من جمع المال والتقريع بالموت الذي يقطع ذلك ولا بد لكل أحد منه، فلما نزلت هذه السورة وتضمنت معنى ذلك مع الزيادة عليه علموا أن الأول من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شرحه بعضهم على أنه كان قرآنا ونسخت تلاوته لما نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} فاستمرت تلاوتها فكانت ناسخة لتلاوة ذلك. وأما الحكم فيه والمعنى فلم ينسخ إذ نسخ التلاوة لا يستلزم المعارضة بين الناسخ والمنسوخ كنسخ الحكم، والأول أولى، وليس ذلك من النسخ في شيء. قلت: يؤيد ما رده ما أخرجه الترمذي من طريق زر بن حبيش "عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ عليه {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} قال وقرأ فيها: إن الدين عند الله الحنيفية السمحة" الحديث، وفيه: "وقرأ عليه: لو أن لابن آدم واديا من مال" الحديث وفيه: "ويتوب الله على من تاب" وسنده جيد، والجمع بينه وبين حديث أنس عن أبي المذكور آنفا أنه يحتمل أن يكون أبي لما قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم "لم يكن" وكان هذا الكلام في آخر ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم احتمل عنده أن يكون بقية السورة واحتمل أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتهيأ له أن يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك حتى
(11/257)

نزلت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فلم ينتف الاحتمال. ومنه ما وقع عند أحمد وأبي عبيد في "فضائل القرآن" من حديث أبي واقد الليثي قال: "كنا نأتي النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه فيحدثنا، فقال لنا ذات يوم: إن الله قال إنما أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون له ثان" الحديث بتمامه، وهذا يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر به عن الله تعالى على أنه من القرآن، ويحتمل أن يكون من الأحاديث القدسية، والله أعلم وعلى الأول فهو مما نسخت تلاوته جزما وإن كان حكمه مستمرا. ويؤيد هذا الاحتمال ما أخرج أبو عبيد في "فضائل القرآن" من حديث أبي موسى قال: "قرأت سورة نحو براءة فغبت وحفظت منها: ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا" الحديث، ومن حديث جابر "كنا نقرأ لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب إليه مثله"
(11/258)




عدد المشاهدات *:
374055
عدد مرات التنزيل *:
139914
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 07/11/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 07/11/2013

فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني

روابط تنزيل : بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ, وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ}
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ, وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ}
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ, وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني


@designer
1