التي يعرفونها، وأجاب النووي بأنه ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة فالأكثر ثابت بالحديث الصحيح فلا معارضة. وحاصله أنه يشير إلى أنه أخبر أولا بالمسافة اليسيرة ثم أعلم بالمسافة الطويلة فأخبره بها كأن الله تفضل عليه باتساعه شيئا بعد شيء فيكون الاعتماد على ما يدل على أطولها مسافة. وتقدم قول من جمع الاختلاف بتفاوت الطول والعرض ورده بما في حديث عبد الله بن عمرو "زواياه سواء". ووقع أيضا في حديث النواس بن سمعان وجابر وأبي برزة وأبي ذر "طوله وعرضه سواء" وجمع غيره بين الاختلافين الأولين باختلاف السير البطيء وهو سير الأثقال والسير السريع وهو سير الراكب المخف ويحمل رواية أقلها وهو الثلاث على سير البريد فقد عهد منهم من قطع مسافة الشهر في ثلاثة أيام ولو كان نادرا جدا، وفي هذا الجواب عن المسافة الأخيرة نظر وهو فيما قبله مسلم وهو أولى ما يجمع به، وأما مسافة الثلاث فإن الحافظ ضياء الدين المقدسي ذكر في الجزء الذي جمعه في الحوض أن في سياق لفظها غلطا وذلك الاختصار وقع في سياقه من بعض رواته، ثم ساقه من حديث أبي هريرة وأخرجه من "فوائده عبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي" بسند حسن إلى أبي هريرة مرفوعا في ذكر الحوض فقال فيه: "عرضه مثل ما بينكم وبين جرباء وأذرح" قال الضياء: فظهر بهذا أنه وقع في حديث ابن عمر حذف تقديره كما بين مقامي وبين جرباء وأذرح، فسقط مقامي وبين. وقال الحافظ صلاح الدين العلائي بعد أن حكى قول ابن الأثير في النهاية هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاثة أيام ثم غلطه في ذلك وقال: ليس كما قال بل بينهما غلوة سهم وهما معروفتان بين القدس والكرك، قال: وقد ثبت القدر المحذوف عند الدار قطني وغيره بلفظ: "ما بين المدينة وجرباء وأذرح". قلت: وهذا يوافق رواية أبي سعيد عند ابن ماجه:" كما بين الكعبة وبيت المقدس "وقد وقع ذكر جرباء وأذرح في حديث آخر عند مسلم وفيه: "وافى أهل جرباء وأذرح بحرسهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" ذكره في غزوة تبوك، وهو يؤيد قول العلائي أنهما متقاربتان. وإذا تقرر ذلك رجع جميع المختلف إلى أنه لاختلاف السير البطيء والسير السريع، وسأحكي كلام ابن التين في تقدير المسافة بين جرباء وأذرح في شرح الحديث السادس عشر والله أعلم. قوله: "ماؤه أبيض من اللبن" قال المازري: مقتضى كلام النحاة أن يقال أشد بياضا ولا يقال أبيض من كذا، ومنهم من أجازه في الشعر، ومنهم من أجازه بقلة ويشهد له هذا الحديث وغيره. قلت: ويحتمل أن يكون ذلك من تصرف الرواة، فقد وقع في رواية أبي ذر عند مسلم بلفظ أشد بياضا من اللبن، وكذا لابن مسعود عند أحمد، وكذا لأبي أمامة عند ابن أبي عاصم. قوله: "وريحه أطيب من المسك" في حديث ابن عمر عند الترمذي "أطيب ريحا من المسك" ومثله في حديث أبي أمامة عند ابن حبان رائحة وزاد ابن أبي عاصم وابن أبي الدنيا في حديث بريدة "وألين من الزبد" وزاد مسلم من حديث أبي ذر وثوبان "وأحلى من العسل" ومثله لأحمد عن أبي بن كعب، وله عن أبي أمامة "وأحلى مذاقا من العسل" وزاد أحمد في حديث ابن عمرو من حديث ابن مسعود "وأبرد من الثلج" وكذا في حديث أبي برزة، وعند البزار من رواية عدي بن ثابت عن أنس، ولأبي يعلى من وجه آخر عن أنس وعند الترمذي في حديث ابن عمر "وماؤه أشد بردا من الثلج". قوله: "وكيزانه كنجوم السماء" في حديث أنس الذي بعده "وفيه من الأباريق كعدة نجوم السماء" ولأحمد من رواية الحسن عن أنس "أكثر من عدد نجوم السماء" وفي حديث المستورد في أواخر الباب: "فيه الآنية مثل الكواكب" ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن
(11/472)
ابن عمر "فيه أباريق كنجوم السماء". قوله: "من شرب منها" أي من الكيزان. وفي رواية الكشميهني: "من شرب منه" أي من الحوض "فلا يظمأ أبدا" في حديث سهل بن سعد الآتي قريبا "من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا" وفي رواية موسى ابن عقبة "من ورده فشرب لم يظمأ بعدها أبدا" وهذا يفسر المراد بقوله: "من مر به شرب" أي من مر به فمكن من شربه فشرب لا يظمأ أو من مكن من المرور به شرب، وفي حديث أبي أمامة "ولم يسود وجه أبدا" وزاد ابن أبي عاصم في حديث أبي بن كعب "من صرف عنه لم يرو أبدا" ووقع في حديث النواس بن سمعان عند ابن أبي الدنيا "أول من يرد عليه من يسقي كل عطشان". قوله: "يونس" هو ابن يزيد. قوله: "حدثني أنس" هذا يدفع تعليل من أعله بأن ابن شهاب لم يسمعه من أنس لأن أبا أويس رواه عن ابن شهاب عن أخيه عبد الله بن مسلم عن أنس أخرجه ابن أبي عاصم، وأخرجه الترمذي من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري عن أبيه به، والذي يظهر أنه كان عند ابن شهاب عن أخيه عن أنس ثم سمعه عن أنس فإن بين السياقين اختلافا؛ وقد ذكر ابن أبي عاصم أسماء من رواه عن ابن شهاب عن أنس بلا واسطة فزادوا على عشرة. حديث أنس من رواية قتادة عنه، قوله: "بينا أنا أسير في الجنة" تقدم تفسير سورة الكوثر أن ذلك كان ليلة أسري به وفي أواخر الكلام على حديث الإسراء في أوائل الترجمة النبوية، وظن الداودي أن المراد أن ذلك يكون يوم القيامة فقال: إن كان هذا محفوظا دل على أن الحوض الذي يدفع عنه أقوام غير النهر الذي في الجنة أو يكون يراهم وهو داخل الجنة وهم من خارجها فيناديهم فيصرفون عنه. وهو تكلف عجيب يغني عنه أن الحوض الذي هو خارج الجنة يمد من النهر الذي هو داخل الجنة فلا إشكال أصلا، وقوله في آخره: "طيبه أو طينه" شك هدبة هل هو بموحدة من الطيب أو بنون من الطين وأراد بذلك أن أبا الوليد لم يشك في روايته أنه بالنون وهو المعتمد، وتقدم في تفسير سورة الكوثر من طريق شيبان عن قتادة "فأهوى الملك بيده فاستخرج من طينه مسكا أذفر" وأخرج البيهقي في البعث من طريق عبد الله بن مسلم عن أنس بلفظ: "ترابه مسك". حديث أنس أيضا من رواية عبد العزيز وهو ابن صهيب عنه، قوله: "أصيحابي" بالتصغير. وفي رواية الكشميهني: "أصحابي" بغير تصغير. قوله: "فيقول" في رواية الكشميهني: "فيقال" وقد ذكر شرح ما تضمنه في شرح حديث ابن عباس. حديث سهل بن سعد وأبي سعيد الخدري من رواية أبي حازم عن سهل وعن النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد. قوله: "فأقول سحقا سحقا" بسكون الحاء المهملة فيهما ويجوز ضمها ومعناه بعدا بعدا، ونصب بتقدير ألزمهم الله ذلك. قوله: "وقال ابن عباس سحقا بعدا" وصله ابن أبي حاتم من رواية علي بن أبي طلحة عنه بلفظه. قوله: "يقال سحيق بعيد" هو كلام أبي عبيدة في تفسير قوله تعالى: {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} السحيق البعيد والنخلة السحوق الطويلة. قوله: "سحقه وأسحقه أبعده" ثبت هذا في رواية الكشميهني وهو من كلام أبي عبيدة أيضا قال: يقال سحقه الله وأسحقه أي أبعده، ويقال بعد وسحق إذا دعوا عليه، وسحقته الريح أي طردته. وقال الإسماعيلي: يقال سحقه إذا اعتمده عليه بشيء ففتنه وأسحقه أبعده، وقد تقدم شرح حديث ابن عباس في هذا في "باب كيف الحشر". قوله: "وقال أحمد بن شبيب إلخ" وصله أبو عوانة عن أبي زرعة الرازي وأبي الحسن الميموني قالا "حدثنا أحمد بن شبيب به" ويونس هو ابن يزيد نسبه أبو عوانة في روايته هذه، وكذا
(11/473)
أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما من طرق عن أحمد بن شبيب. قوله: "فيجلون" بضم أوله وسكون الجيم وفتح اللام أي يصرفون. وفي رواية الكشميهني بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام بعدها همزة مضمومة قبل الواو وكذا للأكثر ومعناه يطردون، وحكى ابن التين أن بعضهم ذكره بغير همزة قال: وهو في الأصل مهموز فكأنه سهل الهمزة. قوله: "إنهم ارتدوا" هذا يوافق تفسير قبيصة الماضي في "باب كيف الحشر". قوله: "على أعقابهم" في رواية الإسماعيلي: "على أدبارهم". قوله: "وقال شعيب" هو ابن أبي حمزة عن الزهري يعني بسنده وصله الذهلي في "الزهريات" وهو بسكون الجيم أيضا، وقيل بالخاء المعجمة المفتوحة بعدها لأم ثقيلة وواو ساكنة وهو تصحيف. قوله: "وقال عقيل" هو ابن خالد يعني عن ابن شهاب بسنده يحلؤن يعني بالحاء المهملة والهمزة قوله: "وقال الزبيدي" هو محمد بن الوليد، ومحمد بن علي شيخ الزهري فيه هو أبو جعفر الباقر، وشيخه عبيد الله هو ابن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الجياني أنه وقع في رواية القابسي والأصيلي عن المروزي عبد الله بن أبي رافع بسكون الموحدة وهو خطأ، وفي السند ثلاثة من التابعين مدنيون في نسق، فالزهري والباقر قرينان وعبيد الله أكبر منهما، وطريق الزبيدي المشار إليها وصلها الدار قطني في الأفراد من رواية عبد الله بن سالم عنه كذلك، ثم ساق المصنف الحديث من طريق ابن وهب عن يونس مثل رواية شبيب عن يونس لكن لم يسم أبا هريرة بل قال: "عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحاصل الاختلاف أن ابن وهب وشبيب بن سعيد اتفقا في روايتهما عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، ثم اختلفا فقال ابن سعيد "عن أبي هريرة" وقال ابن وهب عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يضر لأن في رواية ابن وهب زيادة على ما تقتضيه رواية ابن سعيد، وأما رواية عقيل وشعيب فإنما تخالفتا في بعض اللفظ، وخالف الجميع الزبيدي في السند، فيحمل على أنه كان عند الزهري بسندين فإنه حافظ وصاحب حديث، ودلت رواية الزبيدي على أن شبيب بن سعيد حفظ فيه أبا هريرة. وقد أعرض مسلم عن هذه الطرق كلها وأخرج من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة رفعه: "إني لأذود عن حوضي رجالا كما تذاد الغريبة عن الإبل" وأخرجه من وجه آخر عن أبي هريرة في أثناء حديث، وهذا المعنى لم يخرجه البخاري مع كثرة ما أخرج من الأحاديث في ذكر الحوض، والحكمة في الذود المذكور أنه صلى الله عليه وسلم يريد أنه يرشد كل أحد إلى حوض نبيه على ما تقدم أن لكل نبي حوضا وأنهم يتباهون بكثرة من يتبعهم فيكون ذلك من جملة إنصافه ورعاية إخوانه من النبيين، لا أنه يطردهم بخلا عليهم بالماء، ويحتمل أنه يطرد من لا يستحق الشرب من الحوض والعلم عند الله تعالى. حديث أبي هريرة أخرجه من رواية فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء ابن يسار عنه ورجال سنده كلهم مدنيون، وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي وأبي نعيم وسائر من استخرج على الصحيح فأخرجوه من عدة طرق عن البخاري عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه. قوله: "بينا أنا نائم" كذا بالنون للأكثر وللكشميهني: "قائم" بالقاف وهو أوجه، والمراد به قيامه على الحوض يوم القيامة، وتوجه الأولى بأنه رأى في المنام في الدنيا ما سيقع له في الآخرة. قوله: "ثم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم" المراد بالرجل الملك الموكل بذلك، ولم أقف على اسمه. قوله: "إنهم ارتدوا القهقرى" أي رجعوا إلى خلف، ومعنى قولهم رجع القهقرى رجع الرجوع المسمى بهذا الاسم وهو رجوع مخصوص وقيل معناه العدو الشديد. قوله: "فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم" يعني من هؤلاء الذين دنوا من الحوض
(11/474)
وكادوا يردونه فصدوا عنه، والهمل بفتحتين الإبل بلا راع. وقال الخطابي: الهمل ما لا يرعى ولا يستعمل ويطلق على الضوال، والمعنى أنه لا يرده منهم إلا القليل، لأن الهمل في الإبل قليل بالنسبة لغيره. حديث أبي هريرة "ما بين بيتي ومنبري" وفيه: "ومنبري على حوضي" تقدم شرحه في أواخر الحج والمراد بتسمية ذلك الموضع روضة أن تلك البقعة تنقل إلى الجنة فتكون روضة من رياضها، أو أنه على المجاز لكون العبادة فيه تئول إلى دخول العابد روضة الجنة وهذا فيه نظر إذ لا اختصاص لذلك بتلك البقعة، والخبر مسوق لمزيد شرف تلك البقعة على غيرها، وقيل فيه تشبيه محذوف الأداة أي هو كروضة لأن من يقعد فيها من الملائكة ومؤمني الإنس والجن يكثرون الذكر وسائر أنواع العبادة. وقال الخطابي المراد من هذا الحديث الترغيب في سكنى المدينة وأن من لازم ذكر الله في مسجدها آل به إلى روضة الجنة وسقي يوم القيامة من الحوض. حديث جندب، وعبد الملك راويه عنه هو ابن عمير الكوفي، والفرط بفتح الفاء والراء السابق. قوله: "يزيد" هو ابن أبي حبيب، وأبو الخير هو مرثد بن عبد الله اليزني، وعقبة ابن عامر هو الجهني، وقد مر شرحه في كتاب الجنائز فيما يتعلق بالصلاة على الشهداء، وفي علامات النبوة فيما يتعلق بذلك، وقد تقدم الكلام على المنافسة في شرح حديث أبي سعيد في أوائل كتاب الرقاق هذا. قوله: "والله إني لأنظر إلى حوضي الآن" يحتمل أنه كشف له عنه لما خطب وهذا هو الظاهر، ويحتمل أن يريد رؤية القلب. وقال ابن التين: النكتة في ذكره عقب التحذير الذي قبله أنه يشير إلى تحذيرهم من فعل ما يقتضي إبعادهم عن الحوض، وفي الحديث عدة أعلام من أعلام النبوة كما سبق. قوله: "معبد بن خالد" هو الجدلي بفتح الجيم والمهملة من ثقات الكوفيين، ولهم معبد بن خالد اثنان غيره أحدهما أكبر منه وهو صحابي جهني والآخر أصغر منه وهو أنصاري مجهول. قوله: "حارثة بن وهب" هو الخزاعي، صحابي نزل الكوفة له أحاديث، وكان أخا عبيد الله بالتصغير ابن عمر بن الخطاب لأمه. قوله: "كما بين المدينة وصنعاء" قال ابن التين: يرد صنعاء الشام. قلت: ولا بعد في حمله على المتبادر هو صنعاء اليمن لما تقدم توجيهه، وقد تقدم في الحديث الخامس التقييد بصنعاء اليمن فليحمل المطلق عليه، ثم قال يحتمل أن يكون ما بين المدينة وصنعاء الشام قدر ما بينها وصنعاء اليمن وقدر ما بينها وبين أيلة وقدر ما بين جرباء وأذرح انتهى. وهو احتمال مردود فإنها متفاوتة إلا ما بين المدينة وصنعاء وبينها وصنعاء الأخرى والله أعلم. قوله: "وزاد ابن أبي عدي" هو محمد بن إبراهيم، وأبو عدي جده لا يعرف اسمه، ويقال بل هي كنية أبيه إبراهيم، وهو بصري ثقة كثير الحديث، وقد وصله مسلم والإسماعيلي من طريقه. قوله: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال حوضه" كذا لهم وفيه التفات. ووقع في رواية مسلم: "حوضي". قوله: "فقال له المستورد" بضم الميم وسكون المهملة وفتح المثناة بعدها واو ساكنة ثم راء مكسورة ثم مهملة هو ابن شداد بن عمرو بن حسل بكسر أوله وسكون ثانيه وإهمالهما ثم لام القرشي الفهري، صحابي بن صحابي، شهد فتح مصر وسكن الكوفة، ويقال مات سنة خمس وأربعين، وليس له في البخاري إلا هذا الموضع، وحديثه مرفوع وإن لم يصرح به، وقد تقدم البحث فيما زاده من ذكر الأواني. قوله: "عن أسماء بنت أبي بكر" جمع مسلم بين حديث ابن أبي مليكة عن عبد الله ابن عمرو وحديثه عن أسماء، فقدم ذكر حديث عبد الله بن عمرو في صفة الحوض ثم قال بعد قوله لم يظمأ بعدها أبدا" قال وقالت أسماء بنت
(11/475)
أبي بكر" فذكره. قوله: "وسيؤخذ ناس دوني" هو مبين لقوله في حديث ابن مسعود في أوائل الباب ثم ليختلجن دوني وأن المراد طائفة منهم. قوله: "فأقول: يا رب مني ومن أمتي" فيه دفع لقول من حملهم على غير هذه الأمة. قوله: "هل شعرت ما عملوا بعدك" فيه إشارة إلى أنه لم يعرف أشخاصهم بأعيانها وإن كان قد عرف أنهم من هذه الأمة بالعلامة. قوله: "ما برحوا يرجعون على أعقابهم" أي يرتدون كما في حديث الآخرين. قوله: "قال ابن أبي مليكة" هو موصول بالسند المذكور، فقد أخرجه مسلم بلفظ: "قال فكان ابن أبي مليكة يقول". قوله: "أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا" أشار بذلك إلى أن الرجوع على العقب كناية عن مخالفة الأمر الذي تكون الفتنة سببه فاستعاذ منهما جميعا. قوله: "على أعقابكم تنكصون ترجعون على العقب" هو تفسير أبي عبيدة للآية وزاد: نكص رجع على عقبيه. "تنبيه": أخرج مسلم والإسماعيلي هذا الحديث عقب حديث عبد الله بن عمرو وهو الخامس، وكأن البخاري أخر حديث أسماء إلى آخر الباب لما في آخره من الإشارة الأخرية الدالة على الفراغ كما جرى بالاستقراء من عادته أنه يختم كل كتاب بالحديث الذي تكون فيه الإشارة إلى ذلك بأي لفظ اتفق.والله أعلم.
"خاتمة": اشتمل كتاب الرقاق من الأحاديث المرفوعة على مائة وثلاثة وتسعين حديثا، المعلق منها ثلاثة وثلاثون طريقا والبقية موصولة، المكرر منها فيه وفيما مضى مائة وأربعة وثلاثون والخالص تسعة وخمسون وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث ابن عمر "كن في الدنيا كأنك غريب "وحديث ابن مسعود في الخالط وكذا حديث أنس فيه وحديث أبي بن كعب في نزول {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} وحديث ابن مسعود "أيكم مال وارثه أحب إليه" وحديث أبي هريرة "أعذر الله إلى امرئ" وحديثه "الجنة أقرب إلى أحدكم" وحديثه "ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيه" وحديث عبد الله بن الزبير "لو كان لابن آدم واد من ذهب" وحديث سهل بن سعد "من يضمن لي" وحديث أنس "إنكم لتعملون أعمالا" وحديث أبي هريرة "من عادى لي وليا" وحديثه "بعثت أنا والساعة كهاتين" وحديث في بعث النار، وحديث عمران في الجهنميين، وحديث أبي هريرة "لا يدخل أحد الجنة إلا أرى مقعده" وحديث عطاء بن يسار عن أبي هريرة فيمن يدفع عن الحوض فإن فيه زيادات ليست عند مسلم. وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم سبعة عشر أثرا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(11/476)
(11/472)
ابن عمر "فيه أباريق كنجوم السماء". قوله: "من شرب منها" أي من الكيزان. وفي رواية الكشميهني: "من شرب منه" أي من الحوض "فلا يظمأ أبدا" في حديث سهل بن سعد الآتي قريبا "من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا" وفي رواية موسى ابن عقبة "من ورده فشرب لم يظمأ بعدها أبدا" وهذا يفسر المراد بقوله: "من مر به شرب" أي من مر به فمكن من شربه فشرب لا يظمأ أو من مكن من المرور به شرب، وفي حديث أبي أمامة "ولم يسود وجه أبدا" وزاد ابن أبي عاصم في حديث أبي بن كعب "من صرف عنه لم يرو أبدا" ووقع في حديث النواس بن سمعان عند ابن أبي الدنيا "أول من يرد عليه من يسقي كل عطشان". قوله: "يونس" هو ابن يزيد. قوله: "حدثني أنس" هذا يدفع تعليل من أعله بأن ابن شهاب لم يسمعه من أنس لأن أبا أويس رواه عن ابن شهاب عن أخيه عبد الله بن مسلم عن أنس أخرجه ابن أبي عاصم، وأخرجه الترمذي من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري عن أبيه به، والذي يظهر أنه كان عند ابن شهاب عن أخيه عن أنس ثم سمعه عن أنس فإن بين السياقين اختلافا؛ وقد ذكر ابن أبي عاصم أسماء من رواه عن ابن شهاب عن أنس بلا واسطة فزادوا على عشرة. حديث أنس من رواية قتادة عنه، قوله: "بينا أنا أسير في الجنة" تقدم تفسير سورة الكوثر أن ذلك كان ليلة أسري به وفي أواخر الكلام على حديث الإسراء في أوائل الترجمة النبوية، وظن الداودي أن المراد أن ذلك يكون يوم القيامة فقال: إن كان هذا محفوظا دل على أن الحوض الذي يدفع عنه أقوام غير النهر الذي في الجنة أو يكون يراهم وهو داخل الجنة وهم من خارجها فيناديهم فيصرفون عنه. وهو تكلف عجيب يغني عنه أن الحوض الذي هو خارج الجنة يمد من النهر الذي هو داخل الجنة فلا إشكال أصلا، وقوله في آخره: "طيبه أو طينه" شك هدبة هل هو بموحدة من الطيب أو بنون من الطين وأراد بذلك أن أبا الوليد لم يشك في روايته أنه بالنون وهو المعتمد، وتقدم في تفسير سورة الكوثر من طريق شيبان عن قتادة "فأهوى الملك بيده فاستخرج من طينه مسكا أذفر" وأخرج البيهقي في البعث من طريق عبد الله بن مسلم عن أنس بلفظ: "ترابه مسك". حديث أنس أيضا من رواية عبد العزيز وهو ابن صهيب عنه، قوله: "أصيحابي" بالتصغير. وفي رواية الكشميهني: "أصحابي" بغير تصغير. قوله: "فيقول" في رواية الكشميهني: "فيقال" وقد ذكر شرح ما تضمنه في شرح حديث ابن عباس. حديث سهل بن سعد وأبي سعيد الخدري من رواية أبي حازم عن سهل وعن النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد. قوله: "فأقول سحقا سحقا" بسكون الحاء المهملة فيهما ويجوز ضمها ومعناه بعدا بعدا، ونصب بتقدير ألزمهم الله ذلك. قوله: "وقال ابن عباس سحقا بعدا" وصله ابن أبي حاتم من رواية علي بن أبي طلحة عنه بلفظه. قوله: "يقال سحيق بعيد" هو كلام أبي عبيدة في تفسير قوله تعالى: {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} السحيق البعيد والنخلة السحوق الطويلة. قوله: "سحقه وأسحقه أبعده" ثبت هذا في رواية الكشميهني وهو من كلام أبي عبيدة أيضا قال: يقال سحقه الله وأسحقه أي أبعده، ويقال بعد وسحق إذا دعوا عليه، وسحقته الريح أي طردته. وقال الإسماعيلي: يقال سحقه إذا اعتمده عليه بشيء ففتنه وأسحقه أبعده، وقد تقدم شرح حديث ابن عباس في هذا في "باب كيف الحشر". قوله: "وقال أحمد بن شبيب إلخ" وصله أبو عوانة عن أبي زرعة الرازي وأبي الحسن الميموني قالا "حدثنا أحمد بن شبيب به" ويونس هو ابن يزيد نسبه أبو عوانة في روايته هذه، وكذا
(11/473)
أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما من طرق عن أحمد بن شبيب. قوله: "فيجلون" بضم أوله وسكون الجيم وفتح اللام أي يصرفون. وفي رواية الكشميهني بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام بعدها همزة مضمومة قبل الواو وكذا للأكثر ومعناه يطردون، وحكى ابن التين أن بعضهم ذكره بغير همزة قال: وهو في الأصل مهموز فكأنه سهل الهمزة. قوله: "إنهم ارتدوا" هذا يوافق تفسير قبيصة الماضي في "باب كيف الحشر". قوله: "على أعقابهم" في رواية الإسماعيلي: "على أدبارهم". قوله: "وقال شعيب" هو ابن أبي حمزة عن الزهري يعني بسنده وصله الذهلي في "الزهريات" وهو بسكون الجيم أيضا، وقيل بالخاء المعجمة المفتوحة بعدها لأم ثقيلة وواو ساكنة وهو تصحيف. قوله: "وقال عقيل" هو ابن خالد يعني عن ابن شهاب بسنده يحلؤن يعني بالحاء المهملة والهمزة قوله: "وقال الزبيدي" هو محمد بن الوليد، ومحمد بن علي شيخ الزهري فيه هو أبو جعفر الباقر، وشيخه عبيد الله هو ابن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الجياني أنه وقع في رواية القابسي والأصيلي عن المروزي عبد الله بن أبي رافع بسكون الموحدة وهو خطأ، وفي السند ثلاثة من التابعين مدنيون في نسق، فالزهري والباقر قرينان وعبيد الله أكبر منهما، وطريق الزبيدي المشار إليها وصلها الدار قطني في الأفراد من رواية عبد الله بن سالم عنه كذلك، ثم ساق المصنف الحديث من طريق ابن وهب عن يونس مثل رواية شبيب عن يونس لكن لم يسم أبا هريرة بل قال: "عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحاصل الاختلاف أن ابن وهب وشبيب بن سعيد اتفقا في روايتهما عن يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، ثم اختلفا فقال ابن سعيد "عن أبي هريرة" وقال ابن وهب عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يضر لأن في رواية ابن وهب زيادة على ما تقتضيه رواية ابن سعيد، وأما رواية عقيل وشعيب فإنما تخالفتا في بعض اللفظ، وخالف الجميع الزبيدي في السند، فيحمل على أنه كان عند الزهري بسندين فإنه حافظ وصاحب حديث، ودلت رواية الزبيدي على أن شبيب بن سعيد حفظ فيه أبا هريرة. وقد أعرض مسلم عن هذه الطرق كلها وأخرج من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة رفعه: "إني لأذود عن حوضي رجالا كما تذاد الغريبة عن الإبل" وأخرجه من وجه آخر عن أبي هريرة في أثناء حديث، وهذا المعنى لم يخرجه البخاري مع كثرة ما أخرج من الأحاديث في ذكر الحوض، والحكمة في الذود المذكور أنه صلى الله عليه وسلم يريد أنه يرشد كل أحد إلى حوض نبيه على ما تقدم أن لكل نبي حوضا وأنهم يتباهون بكثرة من يتبعهم فيكون ذلك من جملة إنصافه ورعاية إخوانه من النبيين، لا أنه يطردهم بخلا عليهم بالماء، ويحتمل أنه يطرد من لا يستحق الشرب من الحوض والعلم عند الله تعالى. حديث أبي هريرة أخرجه من رواية فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عطاء ابن يسار عنه ورجال سنده كلهم مدنيون، وقد ضاق مخرجه على الإسماعيلي وأبي نعيم وسائر من استخرج على الصحيح فأخرجوه من عدة طرق عن البخاري عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه. قوله: "بينا أنا نائم" كذا بالنون للأكثر وللكشميهني: "قائم" بالقاف وهو أوجه، والمراد به قيامه على الحوض يوم القيامة، وتوجه الأولى بأنه رأى في المنام في الدنيا ما سيقع له في الآخرة. قوله: "ثم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم" المراد بالرجل الملك الموكل بذلك، ولم أقف على اسمه. قوله: "إنهم ارتدوا القهقرى" أي رجعوا إلى خلف، ومعنى قولهم رجع القهقرى رجع الرجوع المسمى بهذا الاسم وهو رجوع مخصوص وقيل معناه العدو الشديد. قوله: "فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم" يعني من هؤلاء الذين دنوا من الحوض
(11/474)
وكادوا يردونه فصدوا عنه، والهمل بفتحتين الإبل بلا راع. وقال الخطابي: الهمل ما لا يرعى ولا يستعمل ويطلق على الضوال، والمعنى أنه لا يرده منهم إلا القليل، لأن الهمل في الإبل قليل بالنسبة لغيره. حديث أبي هريرة "ما بين بيتي ومنبري" وفيه: "ومنبري على حوضي" تقدم شرحه في أواخر الحج والمراد بتسمية ذلك الموضع روضة أن تلك البقعة تنقل إلى الجنة فتكون روضة من رياضها، أو أنه على المجاز لكون العبادة فيه تئول إلى دخول العابد روضة الجنة وهذا فيه نظر إذ لا اختصاص لذلك بتلك البقعة، والخبر مسوق لمزيد شرف تلك البقعة على غيرها، وقيل فيه تشبيه محذوف الأداة أي هو كروضة لأن من يقعد فيها من الملائكة ومؤمني الإنس والجن يكثرون الذكر وسائر أنواع العبادة. وقال الخطابي المراد من هذا الحديث الترغيب في سكنى المدينة وأن من لازم ذكر الله في مسجدها آل به إلى روضة الجنة وسقي يوم القيامة من الحوض. حديث جندب، وعبد الملك راويه عنه هو ابن عمير الكوفي، والفرط بفتح الفاء والراء السابق. قوله: "يزيد" هو ابن أبي حبيب، وأبو الخير هو مرثد بن عبد الله اليزني، وعقبة ابن عامر هو الجهني، وقد مر شرحه في كتاب الجنائز فيما يتعلق بالصلاة على الشهداء، وفي علامات النبوة فيما يتعلق بذلك، وقد تقدم الكلام على المنافسة في شرح حديث أبي سعيد في أوائل كتاب الرقاق هذا. قوله: "والله إني لأنظر إلى حوضي الآن" يحتمل أنه كشف له عنه لما خطب وهذا هو الظاهر، ويحتمل أن يريد رؤية القلب. وقال ابن التين: النكتة في ذكره عقب التحذير الذي قبله أنه يشير إلى تحذيرهم من فعل ما يقتضي إبعادهم عن الحوض، وفي الحديث عدة أعلام من أعلام النبوة كما سبق. قوله: "معبد بن خالد" هو الجدلي بفتح الجيم والمهملة من ثقات الكوفيين، ولهم معبد بن خالد اثنان غيره أحدهما أكبر منه وهو صحابي جهني والآخر أصغر منه وهو أنصاري مجهول. قوله: "حارثة بن وهب" هو الخزاعي، صحابي نزل الكوفة له أحاديث، وكان أخا عبيد الله بالتصغير ابن عمر بن الخطاب لأمه. قوله: "كما بين المدينة وصنعاء" قال ابن التين: يرد صنعاء الشام. قلت: ولا بعد في حمله على المتبادر هو صنعاء اليمن لما تقدم توجيهه، وقد تقدم في الحديث الخامس التقييد بصنعاء اليمن فليحمل المطلق عليه، ثم قال يحتمل أن يكون ما بين المدينة وصنعاء الشام قدر ما بينها وصنعاء اليمن وقدر ما بينها وبين أيلة وقدر ما بين جرباء وأذرح انتهى. وهو احتمال مردود فإنها متفاوتة إلا ما بين المدينة وصنعاء وبينها وصنعاء الأخرى والله أعلم. قوله: "وزاد ابن أبي عدي" هو محمد بن إبراهيم، وأبو عدي جده لا يعرف اسمه، ويقال بل هي كنية أبيه إبراهيم، وهو بصري ثقة كثير الحديث، وقد وصله مسلم والإسماعيلي من طريقه. قوله: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال حوضه" كذا لهم وفيه التفات. ووقع في رواية مسلم: "حوضي". قوله: "فقال له المستورد" بضم الميم وسكون المهملة وفتح المثناة بعدها واو ساكنة ثم راء مكسورة ثم مهملة هو ابن شداد بن عمرو بن حسل بكسر أوله وسكون ثانيه وإهمالهما ثم لام القرشي الفهري، صحابي بن صحابي، شهد فتح مصر وسكن الكوفة، ويقال مات سنة خمس وأربعين، وليس له في البخاري إلا هذا الموضع، وحديثه مرفوع وإن لم يصرح به، وقد تقدم البحث فيما زاده من ذكر الأواني. قوله: "عن أسماء بنت أبي بكر" جمع مسلم بين حديث ابن أبي مليكة عن عبد الله ابن عمرو وحديثه عن أسماء، فقدم ذكر حديث عبد الله بن عمرو في صفة الحوض ثم قال بعد قوله لم يظمأ بعدها أبدا" قال وقالت أسماء بنت
(11/475)
أبي بكر" فذكره. قوله: "وسيؤخذ ناس دوني" هو مبين لقوله في حديث ابن مسعود في أوائل الباب ثم ليختلجن دوني وأن المراد طائفة منهم. قوله: "فأقول: يا رب مني ومن أمتي" فيه دفع لقول من حملهم على غير هذه الأمة. قوله: "هل شعرت ما عملوا بعدك" فيه إشارة إلى أنه لم يعرف أشخاصهم بأعيانها وإن كان قد عرف أنهم من هذه الأمة بالعلامة. قوله: "ما برحوا يرجعون على أعقابهم" أي يرتدون كما في حديث الآخرين. قوله: "قال ابن أبي مليكة" هو موصول بالسند المذكور، فقد أخرجه مسلم بلفظ: "قال فكان ابن أبي مليكة يقول". قوله: "أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا" أشار بذلك إلى أن الرجوع على العقب كناية عن مخالفة الأمر الذي تكون الفتنة سببه فاستعاذ منهما جميعا. قوله: "على أعقابكم تنكصون ترجعون على العقب" هو تفسير أبي عبيدة للآية وزاد: نكص رجع على عقبيه. "تنبيه": أخرج مسلم والإسماعيلي هذا الحديث عقب حديث عبد الله بن عمرو وهو الخامس، وكأن البخاري أخر حديث أسماء إلى آخر الباب لما في آخره من الإشارة الأخرية الدالة على الفراغ كما جرى بالاستقراء من عادته أنه يختم كل كتاب بالحديث الذي تكون فيه الإشارة إلى ذلك بأي لفظ اتفق.والله أعلم.
"خاتمة": اشتمل كتاب الرقاق من الأحاديث المرفوعة على مائة وثلاثة وتسعين حديثا، المعلق منها ثلاثة وثلاثون طريقا والبقية موصولة، المكرر منها فيه وفيما مضى مائة وأربعة وثلاثون والخالص تسعة وخمسون وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث ابن عمر "كن في الدنيا كأنك غريب "وحديث ابن مسعود في الخالط وكذا حديث أنس فيه وحديث أبي بن كعب في نزول {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} وحديث ابن مسعود "أيكم مال وارثه أحب إليه" وحديث أبي هريرة "أعذر الله إلى امرئ" وحديثه "الجنة أقرب إلى أحدكم" وحديثه "ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيه" وحديث عبد الله بن الزبير "لو كان لابن آدم واد من ذهب" وحديث سهل بن سعد "من يضمن لي" وحديث أنس "إنكم لتعملون أعمالا" وحديث أبي هريرة "من عادى لي وليا" وحديثه "بعثت أنا والساعة كهاتين" وحديث في بعث النار، وحديث عمران في الجهنميين، وحديث أبي هريرة "لا يدخل أحد الجنة إلا أرى مقعده" وحديث عطاء بن يسار عن أبي هريرة فيمن يدفع عن الحوض فإن فيه زيادات ليست عند مسلم. وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم سبعة عشر أثرا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(11/476)
عدد المشاهدات *:
475496
475496
عدد مرات التنزيل *:
151867
151867
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 07/11/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 07/11/2013