مِثْلَ هَذِهِ، إِنِّيْ لأَضعُ كَبِدِي.
فَقَالَ: مَنْ فَعَلَهُ؟
فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَهُ.
(5/266)
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، قَالَ:
كَانَ الحَسَنُ كَثِيْرَ النِّكَاحِ، وَقَلَّ مَنْ حَظِيَتْ عِنْدَهُ، وَقَلَّ مَنْ تَزَوَّجَهَا إِلاَّ أَحبَّتْهُ، وَصَبَتْ بِهِ.
فَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ سُقِيَ، ثُمَّ أُفْلِتَ، ثُمَّ سُقِيَ فَأُفْلِتَ، ثُمَّ كَانَتِ الآخِرَةُ، وَحَضرَتْهُ الوَفَاةُ، فَقَالَ الطَّبِيْبُ: هَذَا رَجُلٌ قَدْ قَطَعَ السُّمُّ أَمْعَاءهُ.
وَقَدْ سَمِعْتُ بَعضَ مَنْ يَقُوْلُ: كَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ تَلَطَّفَ لِبَعضِ خَدَمِهِ أَنْ يَسْقِيَهُ سُمّاً.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوْسَى:
أَنَّ جَعْدَةَ بِنْتَ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ، سَقَتِ الحَسَنَ السُّمَّ، فَاشْتَكَى، فَكَانَ تُوضَعُ تَحْتَهُ طِشْتٌ، وَتُرفَعُ أُخْرَى نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً. (3/275)
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ رَقَبَةَ بنِ مَصْقَلَةَ:
لَمَّا احتُضِرَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْرِجُوا فِرَاشِي إِلَى الصَّحْنِ.
فَأَخْرَجُوْهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَحتسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ، فَإِنَّهَا أَعزُّ الأَنْفُسِ عَلَيَّ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
حَضَرْتُ مَوْتَ الحَسَنِ، فَقُلْتُ لِلْحُسَيْنِ: اتَّقِ اللهَ، وَلاَ تُثِرْ فِتْنَةً، وَلاَ تَسفِكِ الدِّمَاءَ، ادفُنْ أَخَاكَ إِلَى جَنْبِ أُمِّهِ، فَإِنَّهُ قَدْ عَهِدَ بِذَلِكَ إِلَيْكَ.
أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ:
لَمَّا حُضِرَ الحَسَنُ، قَالَ لِلْحُسَيْنِ: ادفِنِّي عِنْد أَبِي -يَعْنِي: النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلاَّ أَنْ تَخَافُوا الدِّمَاءَ، فَادْفِنِّي فِي مَقَابرِ المُسْلِمِيْنَ.
(5/267)
فَلَمَّا قُبِضَ، تَسَلَّحَ الحُسَيْنُ، وَجَمعَ مَوَالِيهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللهَ وَوَصِيَّةَ أَخِيْكَ، فَإِنَّ القَوْمَ لَنْ يَدَعُوْكَ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَكُم دِمَاءٌ.
فَدفَنَهُ بِالبَقِيْعِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَرَأَيْتُم لَوْ جِيْءَ بِابْنِ مُوْسَى لِيُدفَنَ مَعَ أَبِيْهِ، فَمُنِعَ، أَكَانُوا قَدْ ظَلمُوْهُ؟
فَقَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَهَذَا ابْنُ نَبِيِّ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جِيْءَ لِيُدْفَنَ مَعَ أَبِيْهِ.
وَعَنْ رَجُلٍ، قَالَ:
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَرَّةً يَوْمَ دُفِنَ الحَسَنُ: قَاتَلَ اللهُ مَرْوَانَ.
قَالَ: وَاللهِ مَا كُنْتُ لأَدَعَ ابْنَ أَبِي تُرَابٍ يُدفَنُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ دُفنَ عُثْمَانُ بِالبَقِيْعِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مِرْدَاسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ:
جَعَلَ الحَسَنُ يُوعِزُ لِلْحُسَيْنِ: يَا أَخِي؛ إِيَّاكَ أَنْ تَسفِكَ دَماً، فَإِنَّ النَّاسَ سِرَاعٌ إِلَى الفِتْنَةِ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ، ارْتَجَّتِ المَدِيْنَةُ صيَاحاً، فَلاَ تَلْقَى إِلاَّ بَاكِياً.
وَأَبردَ مَرْوَانُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِخَبرِهِ، وَأَنَّهُم يُرِيْدُوْنَ دَفْنَهُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلاَ يَصِلُوْنَ إِلَى ذَلِكَ أَبَداً وَأَنَا حَيٌّ.
فَانْتَهَى حُسَيْنٌ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: احْفِرُوا.
فَنكبَ عَنْهُ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ -يَعْنِي: أَمِيْرَ المَدِيْنَةِ - فَاعْتزلَ، وَصَاحَ مَرْوَانُ فِي بَنِي أُمَيَّةَ، وَلَبِسُوا السِّلاَحَ.
فَقَالَ لَهُ حُسَيْنٌ: يَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ، مَا لَكَ وَلِهَذَا! أَوَالٍ أَنْتَ؟
(5/268)
فَقَالَ: لاَ تَخْلُصُ إِلَى هَذَا وَأَنَا حَيٌّ.
فَصَاحَ حُسَيْنٌ بِحلفِ الفُضُولِ، فَاجتمعتْ هَاشِمٌ، وَتَيْمٌ، وَزُهْرَةُ، وَأَسدٌ فِي السِّلاَحِ، وَعَقَدَ مَرْوَانُ لِوَاءً، وَكَانَتْ بَيْنَهُم مُرَامَاةٌ.
وَجَعلَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ يُلِحُّ عَلَى الحُسَيْنِ، وَيَقُوْلُ: يَا ابْنَ عَمِّ! أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى عَهدِ أَخِيْكَ؟ أُذَكِّرُكَ اللهَ أَنْ تَسفِكَ الدِّمَاءَ، وَهُوَ يَأبَى.
قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ: فَسَمِعْتُ أَبِي، يَقُوْلُ:
لَقَدْ رَأَيتُنِي يَوْمَئِذٍ وَإِنِّي لأُرِيْدُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَ مَرْوَانَ، مَا حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ أَكُوْنَ أَرَاهُ مُسْتوجِباً لِذَلِكَ. (3/276)
ثُمَّ رَفقتُ بِأَخِي، وَذَكَّرْتُهُ وَصيَّةَ الحَسَنِ، فَأَطَاعنِي.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ: لَمَّا أَخرجُوا جَنَازَةَ الحَسَنِ، حَمَلَ مَرْوَانُ سَرِيرَهُ، فَقَالَ الحُسَيْنُ: تَحملُ سَرِيْرَهُ! أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتَ تُجَرِّعُهُ الغَيْظَ.
قَالَ: كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَنْ يُوَازِنُ حِلْمُهُ الجِبَالَ.
وَيُرْوَى أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لاَ يَكُوْنُ لَهُم رَابعٌ أَبَداً، وَإِنَّهُ لَبَيْتِي أَعْطَانِيْهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ.
إِسْنَادهُ مُظْلِمٌ.
الثَّوْرِيُّ: عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ؛ سَمِعَ أَبَا حَازِمٍ يَقُوْلُ:
إِنِّيْ لَشَاهِدٌ يَوْمَ مَاتَ الحَسَنُ، فَرَأَيْتُ الحُسَيْنَ يَقُوْلُ لِسَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَيَطْعَنُ فِي عُنُقِهِ:
تَقَدَّمْ، فَلَوْلاَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مَا قُدِّمْتَ -يَعْنِي: فِي الصَّلاَةِ -.
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي). (3/277)
(5/269)
ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُسَاوِرٌ السَّعْدِيُّ، قَالَ:
رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَائِماً عَلَى مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ مَاتَ الحَسَنُ؛ يَبْكِي، وَيُنَادِي بِأَعلَى صَوْتِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! مَاتَ اليَوْمَ حِبُّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَابْكُوا.
قَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: عَاشَ الحَسَنُ سَبْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَغَلِطَ مَنْ نَقَلَ عَنْ جَعْفَرٍ أَنَّ عُمُرَهُ ثَمَانٍ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً غَلطاً بَيِّناً.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَخَلِيْفَةُ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَالغَلاَبِيُّ، وَالزُّبَيْرُ، وَابْنُ الكَلْبِيِّ، وَغَيْرُهُم: مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَزَادَ بَعْضُهُم: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَغَلِطَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، وَقَالَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: أَنَّهُم لَمَّا التَمَسُوا مِنْ عَائِشَةَ أَنْ يُدفنَ الحَسَنُ فِي الحُجْرَةِ، قَالَتْ: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ.
فَردَّهُم مَرْوَانُ، وَلَبِسُوا السِّلاَحَ، فَدُفنَ عِنْدَ أُمِّهِ بِالبَقِيْعِ إِلَى جَانِبِهَا. (3/278)
وَمِنَ (الاسْتِيْعَابِ) لأَبِي عُمَرَ، قَالَ:
سَارَ الحَسَنُ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَسَارَ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لاَ تَغْلِبُ طَائِفَةٌ الأُخْرَى حَتَّى تَذهبَ أَكْثَرُهَا، فَبَعَثَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ يَصِيْرُ الأَمْرُ إِلَيْكَ بِشَرْطِ أَنْ لاَ تَطْلُبَ أَحَداً بِشَيْءٍ كَانَ فِي أَيَّامِ أَبِي، فَأَجَابَهُ، وَكَادَ يَطِيرُ فَرَحاً، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا عَشْرَةُ أَنْفُسٍ فَلاَ.
(5/270)
فَرَاجَعَهُ الحَسَنُ فِيْهِم، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّيْ قَدْ آلَيْتُ مَتَى ظَفِرْتُ بِقَيْسِ بنِ سَعْدٍ أَنْ أَقْطَعَ لِسَانَهُ وَيَدَهُ.
فَقَالَ: لاَ أُبَايِعُكَ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِرَقٍّ أَبْيضَ، وَقَالَ: اكتُبْ مَا شِئْتَ فِيْهِ، وَأَنَا أَلتَزِمُهُ.
فَاصْطَلَحَا عَلَى ذَلِكَ.
وَاشْتَرطَ عَلَيْهِ الحَسَنُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ الأَمْرُ مِنْ بَعْدِهِ، فَالْتَزمَ ذَلِكَ كُلَّهُ مُعَاوِيَةُ.
فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: إِنَّهُ انفَلَّ حَدُّهُم، وَانكسَرَتْ شَوْكتُهُم.
قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ بَايَعَ عَلِيّاً أَرْبَعُوْنَ أَلْفاً عَلَى المَوْتِ، فَوَاللهِ لاَ يُقتَلُوْنَ حَتَّى يُقتَلَ أَعْدَادُهُم مِنَّا، وَمَا -وَاللهِ - فِي العَيشِ خَيْرٌ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَسَلَّمَ فِي نِصْفِ جُمَادَى الأَوَّلِ الأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ: وَمَاتَ - فِيْمَا قِيْلَ - سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقِيْلَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
قَالَ: وَرَوَيْنَا مِنْ وُجُوْهٍ: أَنَّ الحَسَنَ لَمَّا احتُضِرَ، قَالَ لِلْحُسَيْنِ:
(5/271)
يَا أَخِي! إِنَّ أَبَاكَ لَمَّا قُبِضَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَشْرَفَ لِهَذَا الأَمْرِ، فَصَرَفَهُ اللهُ عَنْهُ، فَلَمَّا احْتُضِرَ أَبُو بَكْرٍ، تَشَرَّفَ أَيْضاً لَهَا، فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُمَرَ، فَلَمَّا احتُضِرَ عُمَرُ، جَعَلَهَا شُوْرَى، أَبِي أَحَدُهُم، فَلَمْ يَشُكَّ أَنَّهَا لاَ تَعْدُوْهُ، فَصُرِفَتْ عَنْهُ إِلَى عُثْمَانَ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، بُوْيِعَ، ثُمَّ نُوزِعَ حَتَّى جَرَّدَ السَّيْفَ وَطَلَبَهَا، فَمَا صَفَا لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَإِنِّي -وَاللهِ - مَا أَرَى أَنْ يَجْمَعَ اللهُ فِيْنَا - أَهْلَ البَيْتِ - النُّبُوَّةَ وَالخِلاَفَةَ؛ فَلاَ أَعْرِفَنَّ مَا اسْتَخَفَّكَ سُفَهَاءُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَأَخرَجُوكَ، وَقَدْ كُنْتُ طَلَبتُ إِلَى عَائِشَةَ أَنْ أُدفَنَ فِي حُجرَتِهَا؛ فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهَا حَيَاءً، فَإِذَا مَا مِتُّ، فَاطلُبْ ذَلِكَ إِلَيْهَا، وَمَا أَظنُّ القَوْمَ إِلاَّ سَيَمنعُوْنَكَ، فَإِنْ فَعَلُوا، فَادْفِنِّي فِي البَقِيْعِ. (3/279)
فَلَمَّا مَاتَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: نَعَمْ، وَكرَامَةٌ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مَرْوَانَ، فَقَالَ: كَذَبَ وَكَذَبَتْ، وَاللهِ لاَ يُدفَنُ هُنَاكَ أَبَداً؛ مَنَعُوا عُثْمَانَ مِنْ دَفْنهِ فِي المَقْبُرَةِ، وَيُرِيْدُوْنَ دَفْنَ حَسَنٍ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
فَلَبِسَ الحُسَيْنُ وَمَنْ مَعَهُ السِّلاَحَ، وَاسْتَلأمَ مَرْوَانُ أَيْضاً فِي الحَديدِ، ثُمَّ قَامَ فِي إِطفَاءِ الفِتْنَةِ أَبُو هُرَيْرَةَ.
(5/272)
أَعَاذنَا اللهُ مِنَ الفِتَنِ، وَرَضِيَ عَنْ جَمِيْعِ الصَّحَابَةِ، فَترضَّ عَنْهُم يَا شِيْعِيُّ تُفلحْ، وَلاَ تَدْخُلْ بَيْنَهُم، فَاللهُ حَكَمٌ عَدْلٌ، يَفعلُ فِيْهِم سَابقَ عِلْمِهِ، وَرَحْمتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ القَائِلُ: (إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي)، وَ: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُم يُسَألُوْنَ} [الأَنْبِيَاءُ: 23].
فَنسَألُ اللهَ أَنْ يَعفُوَ عَنَّا، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا بِالقَولِ الثَّابتِ، آمِيْنَ.
فَبنُو الحَسَنِ هُم: الحَسَنُ، وَزَيْدٌ، وَطَلْحَةُ، وَالقَاسِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ - فَقُتِلُوا بِكَرْبَلاَءَ مَعَ عَمِّهِمُ الشَّهِيْدِ - وَعَمْرٌو، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالحُسَيْنُ، وَمُحَمَّدٌ، وَيَعْقُوْبُ، وَإِسْمَاعِيْلُ، فَهَؤُلاَءِ الذُّكُورُ مِنْ أَوْلاَدِ السَّيِّدِ الحَسَنِ.
وَلَمْ يُعْقِبْ مِنْهُم سِوَى الرَّجُلَيْنِ الأَوَّلَيْنِ؛ الحَسَنِ، وَزَيْدٍ.
فَلِحَسَنٍ خَمْسَةُ أَوْلاَدٍ أَعْقَبُوا، وَلزِيدٍ ابْنٌ وَهُوَ الحَسَنُ بنُ زَيْدٍ، فَلاَ عَقِبَ لَهُ إِلاَّ مِنْهُ، وَلِي إِمْرَةَ المَدِيْنَةِ، وَهُوَ وَالِدُ السِّتِّ نَفِيْسَةَ، وَالقَاسِمِ، وَإِسْمَاعِيْلَ، وَعَبْدِ اللهِ، وَإِبْرَاهِيْمَ، وَزَيْدٍ، وَإِسْحَاقَ، وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُم -. (3/280)
عدد المشاهدات *:
266090
266090
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 27/11/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 27/11/2013