اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الثلاثاء 15 شوال 1445 هجرية
?????????? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ????????? ?????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

الجنة

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
المُجَلَّدُ السَّادِسُ
الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ
أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ
أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ أ
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ
اسْمُهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ.
وَيُقَالُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ بنِ يَسَارٍ الخُرَاسَانِيُّ، الأَمِيْرُ، صَاحِبُ الدَّعوَةِ، وَهَازِمُ جُيُوْشِ الدَّولَةِ الأُمَوِيَّةِ، وَالقَائِمُ بِإِنشَاءِ الدَّولَةِ العَبَّاسِيَّةِ.
كَانَ مِنْ أَكْبَرِ المُلُوْكِ فِي الإِسْلاَمِ، كَانَ ذَا شَأْنٍ عَجِيْبٍ، وَنَبَأٍ غَرِيْبٍ، مِنْ رَجُلٍ يَذْهَبُ عَلَى حِمَارٍ بِإِكَافٍ مِنَ الشَّامِ حَتَّى يَدْخُلَ خُرَاسَانَ، ثُمَّ يَملِكُ خُرَاسَانَ بَعْدَ تِسْعَةَ أَعْوَامٍ، وَيَعُودُ بِكَتَائِبَ أَمثَالِ الجِبَالِ، وَيَقْلِبُ دَوْلَةً، وَيُقِيْمُ دَوْلَةً أُخْرَى!
ذَكَرَهُ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ بنِ خَلِّكَانَ، فَقَالَ: كَانَ قَصِيْراً، أَسْمَرَ، جَمِيْلاً، حُلْواً، نَقِيَّ البَشْرَةِ، أَحوَرَ العَيْنِ، عَرِيْضَ الجَبهَةِ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ، طَوِيْلَ الشَّعْرِ، طَوِيْلَ الظَّهْرِ، خَافِضَ الصَّوْتِ، فَصِيْحاً بِالعَرَبِيَّةِ وَبِالفَارِسِيَّةِ، حُلْوَ المَنْطِقِ.
وَكَانَ رَاوِيَةً لِلشِّعْرِ، عَارِفاً بِالأُمُوْرِ، لَمْ يُرَ ضَاحِكاً وَلاَ مَازِحاً إِلاَّ فِي وَقْتِهِ.
وَكَانَ لاَ يَكَادُ يُقَطِّبُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحوَالِهِ، تَأْتِيْهِ الفُتُوْحَاتُ العِظَامُ، فَلاَ يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَثَرُ السُّرُوْرِ، وَتَنْزِلُ بِهِ الفَادِحَةُ الشَّدِيْدَةُ، فَلاَ يُرَى مُكْتَئِباً.
وَكَانَ إِذَا غَضِبَ، لَمْ يَسْتَفِزَّهُ الغَضَبُ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
(11/56)

وَكَانَ لاَ يَأْتِي النِّسَاءَ فِي العَامِ إِلاَّ مَرَّةً، يُشِيْرُ إِلَى شَرَفِ نَفْسِهِ وَتَشَاغُلِهَا بِأَعبَاءِ المُلْكِ.
قِيْلَ: مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ مائَةٍ، وَأَوَّلُ ظُهُوْرِهِ كَانَ بِمَرْوَ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، يَوْمَ الجُمُعَةِ، مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، وَمُتَوَلِّي خُرَاسَانَ إِذْ ذَاكَ الأَمِيْرُ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ اللَّيْثِيُّ؛ نَائِبُ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ الحِمَارِ، خَاتِمَةُ خُلَفَاءِ بَنِي مَرْوَانَ...، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَكَانَ ظُهُوْرُهُ يَوْمَئِذٍ فِي خَمْسِيْنَ رَجُلاً، وَآلَ أَمرُهُ إِلَى أَنْ هَرَبَ مِنْهُ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ قَاصِداً العِرَاقَ، فَنَزَلَ بِهِ المَوْتُ بِنَاحِيَةِ سَاوَةَ، وَصَفَا إِقْلِيْمُ خُرَاسَانَ لأَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعوَةِ، فِي ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِيْنَ شَهْراً. (6/49)
قَالَ: وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَهْلِ رُسْتَاقِ فريذينَ، مِنْ قَرْيَةٍ تُسَمَّى: سنجردَ، وَكَانَتْ هِيَ وَغَيْرُهَا مُلْكاً لَهُ، وَكَانَ يَجلِبُ فِي بَعْضِ الأَوقَاتِ مَوَاشِيَ إِلَى الكُوْفَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ قَاطَعَ عَلَى رُسْتَاقِ فريذينَ -يَعْنِي: ضَمِنَهُ- فَغَرِمَ، فَنَفَذَ إِلَيْهِ عَامِلُ البَلَدِ مَنْ يُحْضِرُهُ، فَهَرَبَ بِجَارِيَتِهِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَلَدَتْ لَهُ هَذَا.
فَطَلَعَ ذَكِيّاً، وَاخْتَلَفَ إِلَى الكُتَّابِ، وَحَصَّلَ.
ثُمَّ اتَّصَلَ بِعِيْسَى بنِ مَعْقِلٍ؛ جَدِّ الأَمِيْرِ أَبِي دُلَفٍ العِجْلِيِّ، وَبأَخِيْهِ إِدْرِيْسَ بنِ مَعْقِلٍ، فَحَبَسَهُمَا أَمِيْرُ العِرَاقِ عَلَى خَرَاجٍ انْكَسَرَ، فَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمَا إِلَى السِّجْنِ، وَيَتَعَهَّدُهُمَا، وَذَلِكَ بِالكُوْفَةِ، فِي اعْتِقَالِ الأَمِيْرِ خَالِدِ بنِ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيِّ.
(11/57)

فَقَدِمَ الكُوْفَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ نُقَبَاءِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ؛ وَالِدِ المَنْصُوْرِ وَالسَّفَّاحِ، فَدَخَلُوا عَلَى الأَخَوَيْنِ يُسَلِّمُوْنَ عَلَيْهمَا، فَرَأَوْا عِنْدَهُمَا أَبَا مُسْلِمٍ، فَأَعْجَبَهُم عَقْلُهُ وَأَدبُهُ وَكَلاَمُهُ، وَمَالَ هُوَ إِلَيْهِم.
ثُمَّ إِنَّهُ عَرَفَ أَمْرَهُم وَدَعْوَتَهُم -يَعْنِي: إِلَى بَنِي العَبَّاسِ- ثُمَّ هَرَبَ الأَخَوَانِ عِيْسَى وَإِدْرِيْسُ مِنَ السِّجْنِ، فَلَزِمَ هُوَ النُّقَبَاءَ، وَسَارَ صُحْبَتَهُم إِلَى مَكَّةَ، فَأَحضَرُوا إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الإِمَامِ - وَقَدْ مَاتَ الإِمَامُ مُحَمَّدٌ - عِشْرِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ وَمائَتَي أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَهْدَوْا لَهُ أَبَا مُسْلِمٍ، فَأُعْجِبَ بِهِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ لَهُم: هَذَا عُضْلَةٌ مِنَ العُضَلِ.
فَأَقَامَ مُسْلِمٌ يَخدِمُ الإِمَامَ إِبْرَاهِيْمَ، وَرَجَعَ النُّقَبَاءُ إِلَى خُرَاسَانَ.
فَقَالَ: إِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ هَذَا الأَصْبَهَانِيَّ، وَعَرَفتُ ظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ، فَوَجَدتُهُ حَجَرَ الأَرْضِ، ثُمَّ قَلَّدَهُ الأَمْرَ، وَنَدَبَهُ إِلَى المُضِيِّ إِلَى خُرَاسَانَ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ. (6/50)
قَالَ المَأْمُوْنُ: أَجلُّ مُلُوْكِ الأَرْضِ ثَلاَثَةٌ، الَّذِيْنَ قَامُوا بِنَقْلِ الدُّوَلِ، وَهُم: الإِسْكَنْدَرُ، وَأَزْدَشِيْرُ، وَأَبُو مُسْلِمٍ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: ذَكَرَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَوَّاسِ فِي (تَارِيْخِهِ):
(11/58)

قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ هُوَ وَحَفْصُ بنُ سَلَمَةَ الخَلاَّلُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الإِمَامِ، فَأَمَرَهُمَا بِالمَصِيْرِ إِلَى خُرَاسَانَ، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ بِالحُمَيْمَةِ مِنْ أَرْضِ البلقَاءِ إِذْ ذَاكَ، سَمِعَ أَبُو مُسْلِمٍ مِنْ عِكْرِمَةَ.
هَكَذَا قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ، وَهَذَا غَلَطٌ، لَمْ يُدْرِكْهُ.
قَالَ: وَسَمِعَ ثَابِتاً البُنَانِيَّ، وَأَبَا الزُّبَيْرِ المَكِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الإِمَامَ، وَابْنَهُ، وَإِسْمَاعِيْلَ السُّدِّيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ حَرْمَلَةَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَيْمُوْنٍ الصَّائِغُ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ الفَقِيْهُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ، وَغَيْرُهُم.
قُلْتُ: وَلاَ أَدْرَكَ ابْنُ المُبَارَكِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ، بَلْ رَآهُ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو يُوْسُفَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدَكَ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ بِشْرٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
قَامَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: مَا هَذَا السَّوَادُ عَلَيْكَ؟
فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَهَذِهِ ثِيَابُ الهَيْبَةِ، وَثِيَابُ الدَّولَةِ، يَا غُلاَمُ! اضرِبْ عُنُقَهُ. (6/51)
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بنُ حَسَنِ بنِ هَارُوْنَ الرَّازِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي خُرَاسَانَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ الدَّاوُوْدِيُّ، قَالَ:
(11/59)

دَخَلَ رَجُلٌ وَعَلَى رَأْسِ أَبِي مُسْلِمٍ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قَالَ: اسْكُتْ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، يَا غُلاَمُ! اضْرِبْ عُنُقَهُ.
وَرُوِيَتُ القِصَّةَ بِإِسْنَادٍ ثَالِثٍ مُظْلِمٍ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ، يَزِيْدُ عَلَى الحَجَّاجِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ لِلدَّولَةِ لُبْسَ السَّوَادِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ فِي (تَارِيْخِهِ): ذَكَرَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ -يَعْنِي: المَدَائِنِيَّ- أَنَّ حَمْزَةَ بنَ طَلْحَةَ السُّلَمِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ بُكَيْرُ بنُ مَاهَانَ كَاتِباً لبَعْضِ عُمَّالِ السِّنْدِ، فَقَدِمَ، فَاجْتَمَعُوا بِالكُوْفَةِ فِي دَارٍ، فَغُمِزَ بِهِم، فَأُخِذُوا، فَحُبِسَ بُكَيْرٌ، وَخُلِّيَ عَنِ الآخَرِيْنَ، وَكَانَ فِي الحَبْسِ أَبُو عَاصِمٍ، وَعِيْسَى العِجْلِيُّ، وَمَعَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ، فَحَدَّثَهُ، فَدَعَاهُم بُكَيْرٌ، فَأَجَابُوْهُ إِلَى رَأْيِهِ، فَقَالَ لِعِيْسَى العِجْلِيِّ: مَا هَذَا الغُلاَمُ؟
قَالَ: مَمْلُوْكٌ.
قَالَ: تَبِيْعُهُ؟
قَالَ: هُوَ لَكَ.
قَالَ: أُحِبُّ أَنْ تَأخُذَ ثَمَنَهُ.
فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَ مائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أُخْرِجُوا مِنَ السِّجْنِ، وَبَعَث بِهِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ، فَدَفَعَهُ إِبْرَاهِيْمُ إِلَى مُوْسَى السَّرَّاجِ، فَسَمِعَ مِنْهُ وحَفِظَ، ثُمَّ اخْتَلَفَ إِلَى خُرَاسَانَ. (6/52)
(11/60)

وَقَالَ غَيْرُهُ: تَوَجَّهَ سُلَيْمَانُ بنُ كَثِيْرٍ، وَمَالِكُ بنُ الهَيْثَمِ، وَلاَهِزٌ، وَقَحْطَبَةُ بنُ شَبِيْبٍ مِنْ بِلاَدِ خُرَاسَانَ لِلْحَجِّ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، فَدَخَلُوا الكُوْفَةَ، فَأَتَوْا عَاصِمَ بنَ يُوْنُسَ العِجْلِيَّ، وَهُوَ فِي الحَبسِ، فَبَدَأَهُم بِالدُّعَاءِ إِلَى وَلَدِ العَبَّاسِ، وَمَعَهُ عِيْسَى بنُ مَعْقِلٍ العِجْلِيُّ، وَأَخُوْهُ، حَبَسَهُمَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ أَمِيْرُ العِرَاقِ فِيْمَنْ حَبَسَ مِنْ عُمَّالِ خَالِدٍ القَسْرِيِّ، هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
قَالَ: وَمَعَهُمَا أَبُو مُسْلِمٍ يَخدِمُهُمَا، فَرَأَوْا فِيْهِ العَلاَمَاتِ، فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ هَذَا الفَتَى؟
قَالَ: غُلاَمٌ مَعَنَا مِنَ السَّراجِينَ.
وَقَدْ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ إِذَا سَمِعَ عِيْسَى وَإِدْرِيْسَ يَتَكَلَّمَانِ فِي هَذَا الرّأيِ، بَكَى، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، دَعَوْهُ إِلَى مَا هُم عَلَيْهِ -يَعْنِي: مَنْ نُصْرَةِ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَجَابَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه: أَنْبَأَنَا مُظَفَّرُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْثَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّلْحِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بنُ المُطَّلِبِ بنِ فَهْمٍ؛ مِنْ وَلَدِ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّعْوَةِ، قَالَ:
(11/61)

كَانَ اسْمُ أَبِي مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يَسَارٍ، مِنْ وَلَدِ بزرجمهرَ، وَكَانَ يُكْنَى: أَبَا إِسْحَاقَ، وُلِدَ بِأَصْبَهَانَ، وَنَشَأَ بِالكُوْفَةِ، وَكَانَ أَبُوْهُ أَوْصَى إِلَى عِيْسَى السَّرَّاجِ، فَحَمَلَهُ إِلَى الكُوْفَةِ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِيْنَ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ لَمَّا عزَمَ عَلَى تَوجِيْهِهِ إِلَى خُرَاسَانَ: غَيِّرِ اسْمَكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَتِمُّ لَنَا الأَمْرُ إِلاَّ بِتَغْيِيْرِ اسْمِكَ عَلَى مَا وَجَدْتُهُ فِي الكُتُبِ.
فَقَالَ: قَدْ سَمَّيتُ نَفْسِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُسْلِمٍ.
ثُمَّ تَكَنَّى أَبَا مُسْلِمٍ، وَمَضَى لِشَأْنِهِ، وَلَهُ ذُؤَابَةٌ، فَمَضَى عَلَى حِمَارٍ، فَقَالَ لَهُ: خُذْ نَفَقَةً.
قَالَ: ثُمَّ مَاتَ عِيْسَى السَّرَّاجُ، وَمَضَى أَبُو مُسْلِمٍ لِشَأْنِهِ، وَلَهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَزَوَّجَهُ إِبْرَاهِيْمُ الإِمَامُ بَابْنَةِ أَبِي النَّجْمِ عِمْرَانَ الطَّائِيِّ، وَكَانَتْ بِخُرَاسَانَ، فَبَنَى بِهَا. (6/53)
ابْنُ دُرَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ خُرَاسَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كُنْتُ أَطْلُبُ العِلْمَ، فَلاَ آتِي مَوْضِعاً إِلاَّ وَجَدْتُ أَبَا مُسْلِمٍ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، فَأَلِفْتُهُ، فَدَعَانِي إِلَى مَنْزِلِهِ، وَدَعَا بِمَا حَضَرَ، ثُمَّ لاَعَبْتُهُ بِالشَّطْرَنْجِ وَهُوَ يَلهُوَ بِهَذَيْنِ البَيْتَيْنِ:
ذَرُوْنِي، ذَرُوْنِي مَا قَرَرْتُ فَإِنَّنِي * مَتَى مَا أُهِجْ حَرْباً تَضِيقُ بِكُم أَرْضِي
وَأَبْعَثُ فِي سُوْدِ الحَدِيْدِ إِلَيْكُمُ * كَتَائِبَ سُوْدٍ طَالَمَا انْتَظَرَتْ نَهْضِي
قَالَ رُؤْبَةُ بنُ العَجَاجِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ عَالِماً بِالشِّعْرِ.
(11/62)

وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الجُلُوْدِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زَكَوَيْه، قَالَ:
رُوِيَ لَنَا: أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّولَةِ، قَالَ: ارْتَدَيْتُ الصَّبْرَ، وَآثَرْتُ الكِتْمَانَ، وَحَالَفْتُ الأَحزَانَ، وَالأَشجَانَ، وَسَامَحْتُ المَقَادِيرَ وَالأَحكَامَ، حَتَّى أَدْرَكتُ بُغْيَتِي.
ثُمَّ أَنْشَدَ:
قَدْ نِلْتُ بِالحزْمِ وَالكِتمَانِ مَا عَجَزَتْ * عَنْهُ مُلُوْكُ بَنِي مَرْوَانَ إِذْ حَشَدُوا
مَا زِلْتُ أَضْرِبُهُم بِالسَّيْفِ فَانْتَبَهُوا * مِنْ رَقْدَةٍ لَمْ يَنَمْهَا قَبْلَهُم أَحَدُ
طَفِقْتُ أَسْعَى عَلَيْهِم فِي دِيَارِهِمُ * وَالقَوْمُ فِي مُلْكِهِمْ بِالشَّامِ قَدْ رَقَدُوا
وَمَنْ رَعَى غَنَماً فِي أَرْضِ مَسْبَعَةٍ * وَنَامَ عَنْهَا تَوَلَّى رَعْيَهَا الأَسَدُ
وَرُوِيتُ هَذِهِ عَنِ الحَسَنِ بنِ عَقِيْلٍ التّبعِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاءُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَثَّامٍ يَقُوْلُ:
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الصَّائِغُ: لَمَّا رَأَيْتُ العَرَبَ وَصَنِيْعَهَا، خِفْتُ أَلاَّ يَكُوْنَ للهِ فِيْهِم حَاجَةٌ، فَلَمَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِم أَبَا مُسْلِمٍ، رَجَوْتُ أَنْ تَكُوْنَ للهِ فِيْهِم حَاجَةٌ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ بَلاَءً عَظِيْماً عَلَى عَرَبِ خُرَاسَانَ، فَإِنَّهُ أَبَادَهُم بِحَدِّ السَّيفِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّارٍ فِي (تَارِيْخِ مَرْوَ): حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ رَشِيْدٍ العَنْبَرِيُّ، سَمِعْتُ يَزِيْدَ النَّحْوِيَّ يَقُوْلُ:
أَتَانِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغُ، فَقَالَ لِي: مَا تَرَى مَا يَعْمَلُ هَذَا الطَّاغِيَةُ، إِنَّ النَّاسَ مَعَهُ فِي سَعَةٍ، غَيْرَنَا أَهْلَ العِلْمِ؟
(11/63)

قُلْتُ: لَوْ عَلِمتُ أَنَّهُ يَصْنَعُ بِي إِحْدَى الخَصْلَتَيْنِ لَفَعَلتُ، إِنْ أَمَرْتُ وَنَهَيْتُ يُقِيْلُ أَوْ يَقْتُلُ، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَبسُطَ عَلَيْنَا العَذَابَ، وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيْرٌ، لاَ صَبْرَ لِي عَلَى السِّيَاطِ.
فَقَالَ الصَّائِغُ: لَكِنِّي لاَ أَنْتَهِي عَنْهُ.
فَذَهَبَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُم: أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ كَانَ يَجْتَمِعُ - قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَ - بِإِبْرَاهِيْمَ الصَّائِغِ، وَيَعِدُهُ بِإِقَامَةِ الحَقِّ، فَلَمَّا ظَهَرَ وَبَسَطَ يَدَه، دَخَلَ عَلَيْهِ، فَوَعَظَهُ. (6/54)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ السَّفَّاحِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَه أَخُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ! هَذَا أَبُو جَعْفَرٍ.
فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! هَذَا مَوْضِعٌ لاَ يُؤَدَّى فِيْهِ إِلاَّ حَقُّكَ.
وَكَانَتْ بِخُرَاسَانَ فِتَنٌ عَظِيْمَةٌ، وَحُرُوْبٌ مُتَوَاتِرَةٌ، فَسَارَ الكَرْمَانِيُّ فِي جَيْشٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، فَالتَقَاهُ سَلْمُ بنُ أَحْوَزَ المَازِنِيُّ؛ مُتَوَلِّي مَرْوِ الرُّوْذِ، فَانْهَزَمَ أَوَّلاً الكَرْمَانِيُّ، ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِم بِاللَّيلِ، فَاقْتَتَلُوا، ثُمَّ إِنَّهُم تَهَادَنُوا.
ثُمَّ سَارَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ، فَحَاصَرَ الكَرْمَانِيَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ يَطُولُ شَرحُهَا، أَوْجَبَتْ ظُهُوْرَ أَبِي مُسْلِمٍ؛ لِخُلُوِّ الوَقْتِ لَهُ، فَقَتَلَ الكَرْمَانِيَّ، وَلَحِقَ جُمُوْعَه شَيْبَانُ بنُ مَسْلَمَةَ السَّدُوْسِيُّ الخَارِجِيُّ؛ المُتَغَلِّبُ عَلَى سَرْخَسَ وَطُوْسَ، فَحَارَبَهُم نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ نَحْواً مِنْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ.
(11/64)

ثُمَّ اصْطَلَحَ نَصْرٌ وَجُدَيْعُ بنُ الكَرْمَانِيِّ عَلَى أَنْ يُحَارِبُوا أَبَا مُسْلِمٍ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ حَرْبِه وَظَهَرُوا، نَظَرُوا فِي أَمرِهِم.
فَدَسَّ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى ابْنِ الكَرْمَانِيِّ يَخْدَعُه، وَيَقُوْلُ: إِنِّي مَعَكَ.
فَوَافَقَه ابْنُ الكَرْمَانِيِّ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ، فَحَارَبَا نَصْراً، وَعَظُمَ الخَطبُ.
ثُمَّ إِنَّ نَصْرَ بنَ سَيَّارٍ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: أَنَا أُبَايِعُكَ، وَأَنَا أَحَقُّ بِكَ مِنِ ابْنِ الكَرْمَانِيِّ.
فَقَوِيَ أَمرُ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَثُرَتْ جُيُوْشُه، ثُمَّ عَجَزَ عَنْهُ نَصْرٌ، وَتَقَهقَرَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَاسْتَولَى أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَسبَابِه وَأَهْلِه. (6/55)
ثُمَّ جَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ جَيْشاً إِلَى سَرْخَسَ، فَقَاتَلَهم شَيْبَانُ، فَقُتِلَ، وَقُتِلَتْ أَبْطَالُه، ثُمَّ التَقَى جَيْشُ أَبِي مُسْلِمٍ وَجَيْشُ نَصْرٍ - وَسَعَادَةُ أَبِي مُسْلِمٍ فِي إِقبَالٍ - فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ نَصْرٍ، وَتَأَخَّرَ هُوَ إِلَى قُوْمِسَ.
ثُمَّ ظَفِرَ أَبُو مُسْلِمٍ بِسَلْمِ بنِ أَحْوَزَ الأَمِيْرِ، فَقَتَلَه، وَاسْتَولَى عَلَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ.
وَظَفِرَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ، فَقَتَلَه.
ثُمَّ جَهَّزَ أَبُو مُسْلِمٍ قَحْطَبَةَ بنَ شَبِيْبٍ، فَالْتَقَى هُوَ وَنُبَاتَةُ بنُ حَنْظَلَةَ الكِلاَبِيُّ عَلَى جُرْجَانَ، فَقَتَلَ الكِلاَبِيَّ، وَتَمَزَّقَ جَيْشُه، وَتَقَهقَرَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ إِلَى وَرَاءَ، وَكَتَبَ إِلَى مُتَوَلِّي العِرَاقِ يَزِيْدَ بنِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ؛ وَالِي الخَلِيْفَةِ مَرْوَانَ يَسْتَصْرِخُ بِهِ، وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصَ.
(11/65)

وَكَثُرَتِ البُثُوقُ عَلَى مَرْوَانَ مِنْ خَوَارِجِ المَغْرِبِ، وَمِنَ القَائِمِيْنَ بِاليَمَنِ، وَبِمَكَّةَ، وَبِالجَزِيْرَةِ، وَوَلَّتْ دَوْلَتُه.
فَجَهَّزَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جَيْشاً عَظِيْماً، فَنَزَلَ بَعْضُهم هَمْدَانَ، وَبَعْضُهم بِمَاه، فَالتَقَاهُم قَحْطَبَةُ بنُ شَبِيْبٍ بِنَوَاحِي أَصْبَهَانَ، فِي رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ، فَانْكَسَرَ جَيْشُ ابْنِ هُبَيْرَةَ، ثُمَّ نَازَلَ قَحْطَبَةُ نَهَاوَنْدَ يُحَاصِرُهَا، وَتَقَهقَرَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ إِلَى الرَّيِّ.
ذَكَرَ ابْنُ جَرِيْرٍ: أَنَّ جَيْشَ ابْنِ هُبَيْرَةَ كَانُوا مائَةَ أَلْفٍ، عَلَيْهِم عَامِرُ بنُ ضُبَارَةَ، وَكَانَ قَحْطَبَةُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً، فَنَصَبَ قَحْطَبَةُ رُمْحاً عَلَيْهِ مُصْحَفٌ، وَنَادَوْا: يَا أَهْلَ الشَّامِ! نَدْعُوْكُم إِلَى مَا فِي هَذَا المُصْحَفِ.
فَشَتَمُوهُم، فَحَمَلَ قَحْطَبَةُ، فَلَمْ يَطُلِ القِتَالُ حَتَّى انْهَزَمَ جُنْدُ مَرْوَانَ، وَمَاتَ نَصْرُ بنُ سَيَّارٍ بِالرَّيِّ.
وَقِيْلَ: بِسَاوَةَ.
وَأَمَرَ أَوْلاَدَهُ أَنْ يَلْحَقُوا بِالشَّامِ، وَكَانَ يُنشِدُ لَمَّا أَبْطَأَ عَنْهُ المَدَدُ:
أَرَى خَلَلَ الرَّمَادِ وَمِيضَ نَارٍ * خَلِيقٌ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ ضِرَامُ
فَإِنَّ النَّارَ بِالزَّنْدَيْنِ تُورَى * وَإِنَّ الفِعلَ يَقْدُمُهُ الكَلاَمُ
وَإِنْ لَمْ يُطفِهَا عُقَلاَءُ قَوْمٍ * يَكُوْنُ وَقُوْدَهَا جُثَثٌ وَهَامُ
أَقُوْلُ مِنَ التَّعَجُّبِ: لَيْتَ شِعْرِي * أَيَقْظَانٌ أُمَيَّةُ، أَمْ نِيَامُ؟! (6/56)
(11/66)

وَكَتَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى مَرْوَانَ الخَلِيْفَةِ يُخْبِرُه بِقَتلِ ابْنِ ضُبَارَةَ، فَوَجَّه لِنَجدَتِه حَوْثَرَةَ بنَ سُهَيْلٍ البَاهِلِيَّ فِي عَشْرَةِ آلاَفٍ مِنَ القَيْسِيَّةِ، فَتَجَمَّعَتْ عَسَاكِرُ مَرْوَانَ بِنَهَاوَنْدَ، وَعَلَيْهِم مَالِكُ بنُ أَدْهَمَ، فَحَاصَرَهُم قَحْطَبَةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَضَايَقَهُم حَتَّى أَكَلُوا دَوَابَّهُم مِنَ الجُوْعِ، ثُمَّ خَرَجُوا بِالأَمَانِ فِي شَوَّالٍ، وَقَتَلَ قَحْطَبَةُ وَجُوْهَ أُمَرَاءِ نَصْرِ بنِ سَيَّارٍ وَأَوْلاَدَه.
وَأَقبَلَ يُرِيْدُ العِرَاقَ، فَبَرَزَ لَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَنَزَلَ بِقُربِ حُلْوَانَ، فَكَانَ فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَتَقَارَبَ الجَمْعَانِ.
فَفِي هَذِهِ السَّنَةِ؛ سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ: تَحَوَّلَ أَبُو مُسْلِمٍ مِنْ مَرْوَ، فَنَزَلَ بِنَيْسَابُوْرَ، وَدَانَ لَهُ الإِقْلِيْمُ جَمِيْعُه.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، فَبَلَغَ ابْنَ هُبَيْرَةَ أَنَّ قَحْطَبَةَ تَوَجَّه نَحْوَ المَوْصِلِ، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: مَا بَالُهُم تَنَكَّبُونَا؟
قِيْلَ: يُرِيْدُوْنَ الكُوْفَةَ.
فَرَحَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ رَاجعاً نَحْوَ الكُوْفَةِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ قَحْطَبَةُ، ثُمَّ جَازَ قَحْطَبَةُ الفُرَاتَ فِي سَبْعِ مائَةِ فَارِسٍ، وَتَتَامَّ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ نَحْوُ ذَلِكَ، وَاقْتَتَلُوا، فَطُعِنَ قَحْطَبَةُ بنُ شَبِيْبٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي المَاءِ، فَهَلَكَ، وَلَمْ يَدرِ بِهِ قَوْمُه، وَلَكِنِ انْهَزَمَ أَيْضاً أَصْحَابُ ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَغَرِقَ بَعْضُهم، وَرَاحَتْ أَثقَالُهُم.
قَالَ بَيْهَسُ بنُ حَبِيْبٍ: أَجْمَعَ النَّاسُ بَعْدَ أَنْ عَدَّيْنَا، فَنَادَى مُنَادٍ: مَنْ أَرَادَ الشَّامَ، فَهَلُمَّ!
(11/67)

فَذَهَبَ مَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ، وَنَادَى آخَرُ: مَنْ أَرَادَ الجَزِيْرَةَ...
وَنَادَى آخَرُ: مَنْ أَرَادَ الكُوْفَةَ...
وَتَفَرَّقَ الجَيْشُ إِلَى هَذِهِ النَّوَاحِي، فَقُلْتُ: مَنْ أَرَادَ وَاسِطَ، فَهَلُمَّ.
فَأَصبَحْنَا بِقَنَاطِرِ المُسَيِّبِ مَعَ الأَمِيْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَدَخَلنَاهَا يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ.
وَأَصبَحَ المُسَوِّدَةُ قَدْ فَقَدُوا أَمِيْرَهُم قَحْطَبَةَ، ثُمَّ أَخْرُجُوْه مِنَ المَاءِ، وَدَفَنُوْهُ، وَأَمَّرُوا مَكَانَه وَلَدَهُ الحَسَنَ بنَ قَحْطَبَةَ، فَسَارَ بِهِم إِلَى الكُوْفَةِ، فَدَخَلُوهَا يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ أَيْضاً، فَهَرَبَ مُتَوَلِّيْهَا زِيَادُ بنُ صَالِحٍ إِلَى وَاسِطَ.
وَتَرَتَّبَ فِي إِمْرَةِ الكُوْفَةِ لِلْمُسَوِّدَةِ أَبُو سَلَمَةَ الخَلاَّلُ.
ثُمَّ سَارَ ابْنُ قَحْطَبَةَ، وَحَازِمُ بنُ خُزَيْمَةَ، فَنَازَلُوا وَاسِطَ، وَعَمِلُوا عَلَى أَنْفُسِهم خَنْدَقاً، فَعَبَّأَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جُيُوْشَه، وَالتَقَاهُم، فَانْكَسَرَ جَمعُه، وَنَجَوْا إِلَى وَاسِطَ.
وَقُتِلَ فِي المَصَافِّ: يَزِيْدُ أَخُو الحَسَنِ بنِ قَحْطَبَةَ، وَحَكِيْمُ بنُ المُسَيِّبِ الجَدَلِيُّ. (6/57)
وَفِي المُحَرَّمِ: قَتَلَ أَبُو مُسْلِمٍ جَمَاعَةً، مِنْهُمُ ابْنُ الكَرْمَانِيِّ، وَجَلَسَ عَلَى تَخْتِ المُلْكِ، وَبَايَعُوْهُ، وَخَطَبَ، وَدَعَا لِلسَّفَّاحِ.
وَفِي ثَالِثِ يَوْمٍ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ: بُوْيِعَ السَّفَّاحُ بِالخِلاَفَةِ، بِالكُوْفَةِ، فِي دَارِ مَوْلاَهُ الوَلِيْدِ بنِ سَعْدٍ.
وَسَارَ الخَلِيْفَةُ مَرْوَانُ فِي مائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ، حَتَّى نَزَلَ الزَّابَيْنِ دُوْنَ المَوْصِلِ، يَقْصِدُ العِرَاقَ.
(11/68)

فَجَهَّزَ السَّفَّاحُ لَهُ عَمَّه عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيٍّ، فَكَانَتِ الوَقعَةُ عَلَى كُشَافٍ، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، فَانْكَسَرَ مَرْوَانُ، وَتَقَهقَرَ، وَعَدَّى الفُرَاتَ، وَقَطَعَ وَرَاءهُ الجِسْرَ، وَقَصَدَ الشَّامَ لِيَتَقَوَّى، وَيَلتَقِيَ ثَانِياً.
فَجَدَّ فِي طَلَبِه عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ حَتَّى طَرَدَه عَنْ دِمَشْقَ، وَنَازَلَهَا، وَأَخَذَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ، وَبَذَلَ السَّيفَ، وَقَتَلَ بِهَا فِي ثَلاَثِ سَاعَاتٍ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلفاً، غَالِبُهم مِنْ جُنْدِ بَنِي أُمَيَّةَ.
وَانقَضَتْ أَيَّامُهُم، وَهَرَبَ مَرْوَانُ إِلَى مِصْرَ فِي عَسْكَرٍ قَلِيْلٍ، فَجَدُّوا فِي طَلَبِه، إِلَى أَنْ بَيَّتُوهُ بِقَرْيَةِ بُوْصِيْرَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَطِيْفَ بِرَأْسِهِ فِي البُلْدَانِ، وَهَرَبَ ابْنَاهُ إِلَى بِلاَدِ النُّوْبَةِ. (6/58)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ فِي (تَارِيْخِهِ): كَانَ بُدُوُّ أَمْرِ بَنِي العَبَّاسِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْمَا قِيْلَ - أَعْلَمَ العَبَّاسَ أَنَّ الخِلاَفَةَ تَؤُولُ إِلَى وَلَدِه، فَلَمْ يَزَلْ وَلَدُه يَتَوَقَّعُوْنَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: لَمْ يَصِحَّ هَذَا الخَبَرُ، وَلَكِنَّ آلَ العَبَّاسِ كَانَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُم، وَيُحِبُّوْنَ آلَ عَلِيٍّ، وَيَوَدُّوْنَ أَنَّ الأَمْرَ يَؤُولُ إِلَيْهِم؛ حُبّاً لآلِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبُغْضاً فِي آلِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، فَبَقُوا يَعْمَلُوْنَ عَلَى ذَلِكَ زَمَاناً حَتَّى تَهَيَّأَتْ لَهُمُ الأَسبَابُ، وَأَقبَلَتْ دَوْلَتُهُم، وَظَهَرَتْ مِنْ خُرَاسَانَ.
(11/69)

وَعَنْ رِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ: أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ بنَ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَلَقِيَ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ؛ وَالِدَ السَّفَّاحِ، فَقَالَ:
يَا ابْنَ عَمِّ! إِنَّ عِنْدِي عِلْماً أُرِيْدُ أَنْ أُلْقِيَه إِلَيْكَ، فَلاَ تُطْلِعَنَّ عَلَيْهِ أَحَداً، إِنَّ هَذَا الأَمْرَ الَّذِي يَرتَجِيْهِ النَّاسُ هُوَ فِيْكُم.
قَالَ: قَدْ عَلِمتُه، فَلاَ يَسْمَعَنَّهُ مِنْكَ أَحَدٌ.
قُلْتُ: فَرِحنَا بِمَصِيْرِ الأَمْرِ إِلَيْهِم، وَلَكِنْ -وَاللهِ- سَاءنَا مَا جَرَى؛ لِمَا جَرَى مِنْ سُيُولِ الدِّمَاءِ، وَالسَّبْيِ، وَالنَّهْبِ - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ - فَالدَّولَةُ الظَّالِمَةُ مَعَ الأَمنِ وَحَقنِ الدِّمَاءِ، وَلاَ دَوْلَةً عَادلَةً تُنتَهَكُ دُوْنَهَا المَحَارِمُ، وَأَنَّى لَهَا العَدْلُ؟ بَلْ أَتَتْ دَوْلَةً أَعْجَمِيَّةً خُرَاسَانِيَّةً جَبَّارَةً، مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ.
رَوَى: أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ:
أَنَّ الإِمَامَ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ لَنَا: ثَلاَثَةُ أَوقَاتٍ: مَوْتُ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَرَأْسُ المائَةِ، وَفَتْقٌ بِإِفْرِيْقِيَا، فَعِندَ ذَلِكَ يَدْعُو لَنَا دُعَاةٌ، ثُمَّ يُقْبِلُ أَنْصَارُنَا مِنَ المَشْرِقِ حَتَّى تَرِدَ خُيُوْلُهُمُ المَغْرِبَ.
فَلَمَّا قُتِلَ يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ بِأَفْرِيْقِيَةَ، وَنَقَضَتِ البَرْبَرُ، بَعَثَ مُحَمَّدٌ الإِمَامُ رَجُلاً إِلَى خُرَاسَانَ، وَأَمَرَه أَنْ يَدْعُوَ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَلاَ يُسَمِّي أَحَداً.
(11/70)

ثُمَّ إِنَّهُ وَجَّه أَبَا مُسْلِمٍ، وَكَتَبَ إِلَى النُّقَبَاءِ، فَقَبِلُوا كُتُبَه، ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ مَرْوَانَ بنِ مُحَمَّدٍ كِتَابٌ لإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، جَوَابَ كِتَابٍ، يَأمُرُ أَبَا مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ بِالعَرَبِيَّةِ بِخُرَاسَانَ. (6/59)
فَقَبَضَ مَرْوَانُ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ، وَقَدْ كَانَ مَرْوَانُ وَصَفَ لَهُ صِفَةَ السَّفَّاحِ الَّتِي كَانَ يَجِدُهَا فِي الكُتُبِ، فَلَمَّا جِيْءَ بِإِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ.
وَرَدَّ أَعْوَانَه فِي طَلَبِ المَنْعُوتِ لَهُ، وَإِذَا بِالسَّفَّاحِ وَإِخْوَتِهِ وَأَعْمَامِه قَدْ هَرَبُوا إِلَى العِرَاقِ، وَاخْتَفَوْا بِهَا عِنْدَ شِيْعَتِهم.
فَيُقَالُ: إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ نَعَى إِلَيْهِم نَفْسَه، وَأَمَرَهُم بِالهَرَبِ، فَهَرَبُوا مِنَ الحُمَيْمَةِ، فَلَمَّا قَدِمُوا الكُوْفَةَ، أَنْزَلَهم أَبُو سَلَمَةَ الخَلاَّلُ، وَكَتَمَ أَمْرَهُمْ.
فَبَلَغَ الخَبَرُ أَبَا الجَهْمِ، فَاجْتَمَعَ بِكِبَارِ الشِّيْعَةِ، فَدَخَلُوا عَلَى آلِ العَبَّاسِ، فَقَالُوا: أَيُّكُم عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِيَّةِ؟
قَالُوا: هَذَا.
فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ، ثُمَّ خَرَجَ أَبُو الجَهْمِ، وَمُوْسَىُ بنُ كَعْبٍ، وَالأَعْيَانُ، فَهَيَّؤُوا أَمْرَهُم، وَخَرَجَ السَّفَّاحُ عَلَى بِرْذَوْنٍ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ الجُمُعَةَ.
وذَلِكَ مُسْتَوْفَىً فِي تَرْجَمَةِ السَّفَّاحِ، وَفِي (تَارِيْخِي الكَبِيْرِ)، وَفِي تَرْجَمَةِ عَمِّ السَّفَّاحِ عَبْدِ اللهِ.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ: سَارَ أَبُو جَعْفَرٍ المَنْصُوْرُ إِلَى خُرَاسَانَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، لِيَأْخُذَ رَأْيَه فِي قَتْلِ أَبِي سَلَمَةَ حَفْصِ بنِ سُلَيْمَانَ الخَلاَّلِ وَزِيْرِهِم.
(11/71)

وذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ بِهِ السَّفَّاحُ وَأَقَارِبُه، حَدّثَتْهُ نَفْسُه بِأَنْ يُبَايِعَ عَلَوِيّاً، وَيَدَعَ هَؤُلاَءِ، وَشَرَعَ يُعَمِّي أَمْرَهُم عَلَى قُوَّادِ شِيْعَتِهم، فَبَادَرَ كِبَارُهم، وَبَايَعُوا لِسَفَّاحٍ، وَأَخْرَجُوْه، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَمَا وَسِعَهُ - أَعْنِي: أَبَا سَلَمَةَ - إِلاَّ المُبَايَعَةُ، فَاتَّهَمُوْهُ.
فَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ:
انْتَدَبَنِي أَخِي السَّفَّاحُ لِلذَّهَابِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَسِرتُ عَلَى وَجَلٍ، فَقَدِمتُ الرَّيَّ، ثُمَّ شَرُفْتُ عَنْهَا فَرْسَخَيْنِ، فَلَمَّا صَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ مَرْوَ فَرْسَخَيْنِ، تَلَقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ فِي الجُنُوْدِ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي، تَرَجَّلَ مَاشِياً، فَقَبَّلَ يَدِي.
ثُمَّ نَزَلتُ، فَمَكَثتُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ، ثُمَّ سَأَلَنِي، فَأَخْبَرْتُه.
فَقَالَ: فَعَلهَا أَبُو سَلَمَةَ؟ أَنَا أَكْفِيْكُمُوْهُ.
فَدَعَا مَرَّارَ بنَ أَنَسٍ الضَّبِّيَّ، فَقَالَ: انْطلِقْ إِلَى الكُوْفَةِ، فَاقْتُلْ أَبَا سَلَمَةَ حَيْثُ لَقِيْتَه.
قَالَ: فَقَتَلَهُ بَعْدَ العِشَاءِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: وَزِيْرُ آلِ مُحَمَّدٍ. (6/60)
وَلَمَّا رَأَى أَبُو جَعْفَرٍ عَظَمَةَ أَبِي مُسْلِمٍ، وَسَفْكَه لِلدِّمَاءِ، رَجَعَ مِنْ عِنْدِه، وَقَالَ لِلسَّفَّاحِ: لَسْتَ بِخَلِيْفَةٍ إِنْ أَبْقَيْتَ أَبَا مُسْلِمٍ.
قَالَ: وَكَيْفَ؟
قَالَ: مَا يَصْنَعُ إِلاَّ مَا يُرِيْدُ.
قَالَ: فَاسْكُتْ، وَاكْتُمْهَا.
وَأَمَّا ابْنُ هُبَيْرَةَ، فَدَامَ ابْنُ قَحْطَبَةَ يُحَاصِرُه بِوَاسِطَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً، فَلَمَّا تَيَقَّنُوا هَلاَكَ مَرْوَانَ، سَلَّمُوْهَا

عدد المشاهدات *:
275600
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 09/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 09/12/2013

سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي

روابط تنزيل : أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ أ
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط   أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ أ لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي


@designer
1