اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 18 شوال 1445 هجرية
????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ??????? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ????????? ?????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

انصر

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
المُجَلَّدُ السَّابِعُ
الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ
سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ (ع)
سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ (ع) ج
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
وَكَانَ وَالِيَ مَكَّةَ، فَلَمَّا رَآهُ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي المُسْلِمِيْنَ أَحَداً أَغَشَّ لَهُم مِنْكَ.
فَقَالَ سُفْيَانُ: كُنْتُ فِيْمَا هُوَ أَوجبُ عَلَيَّ مِنْ إِتْيَانِكَ، إِنَّهُ كَانَ يَتَهَيَّأُ لِلصَّلاَةِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ أَنَّهُ قَدْ جَاءهُ قَوْمٌ، فَأَخبَرُوْهُ أَنَّهُم قَدْ رَأَوُا الهِلاَلَ، هِلاَلَ ذِي الحِجَّةِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَ مَنْ يَصعَدُ الجِبَالَ، ثُمَّ يُؤْذِنُ النَّاسَ بِذَلِكَ، وَيَدُهُ فِي يَدِي، وَتَرَكَ عَبْدَ الصَّمَدِ قَاعِداً عَلَى البَابِ، فَأَخَرَجَ إِلَيَّ سُفرَةً فِيْهَا فَضْلَةٌ مِنْ طَعَامٍ: خُبْزٍ مُكَسَّرٍ وَجُبنٍ، فَأَكَلنَا.
قَالَ: فَأَخَذَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى المَهْدِيِّ وَهُوَ بِمِنَىً، فَلَمَّا رَآهُ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: مَا هَذِهِ الفَسَاطِيْطُ، مَا هَذِهِ السُّرَادِقَاتُ؟ (7/266)
قَالَ عَطَاءٌ الخَفَّافُ: مَا لَقِيْتُ سُفْيَانَ إِلاَّ بَاكِياً، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُكَ؟
قَالَ: أَتَخوَّفُ أَنْ أَكُوْنَ فِي أُمِّ الكِتَابِ شَقِيّاً.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: جَرَّ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ سُفْيَانَ إِلَى الفَضَاءِ، فَتَحَامَقَ عَلَيْهِ، لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنْهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ يَتحَامَقُ، أَرْسَلَه، وَهَرَبَ هُوَ...، وَذَكَرَ الحِكَايَةَ.
رَوَاهَا: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ الوَلِيْدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَخِي رُسْتَه، عَنْهُ.
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: لَيْسَ بِفَقِيْهٍ مَنْ لَمْ يَعُدَّ البَلاَءَ نِعْمَةً، وَالرَّخَاءَ مُصِيْبَةً.
(13/306)

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ فِي الحَرَمِ بَعْدَ المَغْرِبِ صَلَّى، ثُمَّ سَجَدَ سَجدَةً، فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى نُودِيَ بِالعشَاءِ.
وَبِهِ: قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ، قَالَ:
أَتَيْتُ أَبَا مَنْصُوْرٍ أَعُودُهُ، فَقَالَ لِي: بَاتَ سُفْيَانُ فِي هَذَا البَيْتِ، وَكَانَ هُنَا بُلْبُلٌ لابْنِي، فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا مَحْبُوساً، لَوْ خُلِّيَ عَنْهُ.
قُلْتُ: هُوَ لابْنِي، وَهُوَ يَهَبُهُ لَكَ.
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أُعْطِيْهِ دِيْنَاراً.
قَالَ: فَأَخَذَهُ، فَخَلَّى عَنْهُ، فَكَانَ يَذْهَبُ وَيَرْعَى، فَيَجِيْءُ بِالعَشِيِّ، فَيَكُوْنُ فِي نَاحِيَةِ البَيْتِ، فَلَمَّا مَاتَ سُفْيَانُ، تَبِعَ جِنَازَتَه، فَكَانَ يَضطَرِبُ عَلَى قَبْرِهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ لَيَالِيَ إِلَى قَبْرِهِ، فَكَانَ رُبَّمَا بَاتَ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا رَجَعَ إِلَى البَيْتِ، ثُمَّ وَجَدُوْهُ مَيْتاً عِنْدَ قَبْرِهِ، فَدُفِنَ عِنْدَهُ.
أَبُو مَنْصُوْرٍ - هُوَ بُسْرُ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّلِيْمِيُّ -: كَانَ سُفْيَانُ مُختَفِياً عِنْدَهُ بِالبَصْرَةِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْ دَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ.
قَالَهُ: الطَّبَرَانِيُّ.
وَفِي غَيْرِ حِكَايَةٍ: أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَقْبَلُ هَدِيَّةَ بَعْضِ النَّاسِ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. (7/267)
وَعَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَقدِرُ أَنْ أَنظُرَ إِلَى سُفْيَانَ، اسْتِحْيَاءً وَهَيْبَةً مِنْهُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُنَيْنِيُّ: قَالَ لَنَا الثَّوْرِيُّ - وَسُئِلَ - قَالَ:
لَهَا عِنْدِي أَوَّلُ نَوْمَةٍ تَنَامُ مَا شَاءتْ، لاَ أَمنَعُهَا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَتْ، فَلاَ أُقِيْلُهَا وَاللهِ.
(13/307)

الحُسَيْنُ بنُ عَوْنٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى القَطَّانَ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيتُ رَجُلاً أَفْضَلَ مِنْ سُفْيَانَ، لَوْلاَ الحَدِيْثُ كَانَ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الظُّهرِ وَالعَصْرِ، وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، فَإِذَا سَمِعَ مُذَاكَرَةَ الحَدِيْثِ، تَرَكَ الصَّلاَةَ وَجَاءَ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ:
إِذَا أَخَذتَ فِي الحَدِيْثِ، نَشطتَ وَأَنْكَرتُكَ، وَإِذَا كُنْتَ فِي غَيْرِ الحَدِيْثِ كَأَنَّكَ مَيِّتٌ!
فَقَالَ: أَمَا عَلِمتَ أَنَّ الكَلاَمَ فِتْنَةٌ؟
قَالَ مِهْرَانُ الرَّازِيُّ: رَأَيتُ الثَّوْرِيُّ إِذَا خَلَعَ ثِيَابَهُ طَوَاهَا، وَقَالَ: إِذَا طُوِيَتْ، رَجَعَتْ إِلَيْهَا نَفْسُهَا.
وَقِيْلَ: الْتَقَى سُفْيَانُ وَالفُضَيْلُ، فَتَذَاكرَا، فَبَكَيَا، فَقَالَ سُفْيَانُ:
إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ مَجْلِسُنَا هَذَا أَعْظَمَ مَجْلِسٍ جَلَسْنَاهُ بَركَةً.
فَقَالَ لَهُ فُضَيْلٌ: لَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ أَعْظَمَ مَجْلِسٍ جَلَسْنَاهُ شُؤْماً، أَلَيْسَ نَظَرتَ إِلَى أَحْسَنِ مَا عِنْدَكَ، فَتَزَيَّنْتَ بِهِ لِي، وَتزَيَّنتُ لَكَ، فَعَبَدْتَنِي وَعَبَدْتُك؟
فَبَكَى سُفْيَانُ حَتَّى علاَ نَحِيبُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَحْيَيْتَنِي، أَحْيَاكَ اللهُ.
أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَارِثِيَّ يَقُوْلُ:
دَفَنَ سُفْيَانُ كُتُبَهُ، فَكُنْتُ أُعِيْنُهُ عَلَيْهَا.
فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! وَفِي الرِّكَازِ الخُمْسِ. (7/268)
فَقَالَ: خُذْ مَا شِئْتَ، فَعزلْتُ مِنْهَا شَيْئاً كَانَ يُحَدِّثُنِي مِنْهُ.
عَنْ يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ سُفْيَانُ:
لَوْ كَانَ مَعَكُم مَنْ يَرْفَعُ حَدِيْثَكم إِلَى السُّلْطَانِ، أَكُنْتُم تَتَكَلَّمُوْنَ بِشَيْءٍ؟
قُلْنَا: لاَ.
قَالَ: فَإِنَّ مَعَكُم مَنْ يَرْفَعُ الحَدِيْثَ.
(13/308)

وَعَنْ سُفْيَانَ: الزُّهدُ فِي الدُّنْيَا، هُوَ الزُّهدُ فِي النَّاسِ، وَأَوَّلُ ذَلِكَ زُهْدُك فِي نَفْسِكَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي خِدَاشٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
خَرَجْتُ حَاجّاً أَنَا وَشَيْبَانُ الرَّاعِي مُشَاةً، فَلَمَّا صِرنَا بِبَعْضِ الطَّرِيْقِ، إِذَا نَحْنُ بِأَسَدٍ قَدْ عَارَضَنَا، فَصَاحَ بِهِ شَيْبَانُ، فَبَصْبَصَ، وَضربَ بِذَنْبِه مِثْلَ الكَلْبِ، فَأَخَذَ شَيْبَانُ بِأُذُنِهِ، فَعَرَكَهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الشُّهرَةُ لِي؟
قَالَ: وَأَيَّ شُهْرَةٍ تَرَى يَا ثَوْرِيُّ؟ لَوْلاَ كَرَاهِيَةُ الشُّهرَةِ، مَا حَملتُ زَادِي إِلَى مَكَّةَ إِلاَّ عَلَى ظَهْرِهِ.
الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدٍ: أَكَانَ لِسُفْيَانَ امْرَأَةٌ؟
قَالَ: نَعَمْ، رَأَيتُ ابْناً لَهُ، بَعثَتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ سُفْيَانُ: لَيْتَ أَنِّي دُعِيتُ لِجنَازَتِكَ.
قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: فَمَا لَبِثَ حَتَّى دَفَنَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَعَنْ سُفْيَانَ: مَنْ سُرَّ بِالدُّنْيَا، نُزِعَ خَوْفُ الآخِرَةِ مِنْ قَلْبِهِ. (7/269)
وَعَنْهُ: {وَمُلْكاً كَبِيْراً} [الإِنْسَانُ: 20]، قَالَ: اسْتِئْذَانُ المَلاَئِكَةِ عَلَيْهِم.
الفِرْيَابِيُّ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ، وَسُفْيَانَ يَقُوْلاَنِ:
لَمَّا أُلقِيَ دَانِيَالُ فِي الجُبِّ مَعَ السِّبَاعِ، قَالَ: إِلَهِي بِالعَارِ وَالخِزْيِ الَّذِي أَصَبْنَا، سَلَّطْتَ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَعْرِفُكَ.
وَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: جلَسْتُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَدْهَمَ، فَكَأَنَّهُ عَابَ عَلَى سُفْيَانَ تَرْكَ الغَزْوِ، وَقَالَ: هَذَا الأَوْزَاعِيُّ يَغْزُو، وَهُوَ أَسنُّ مِنْهُ.
(13/309)

فَقُلْتُ لِبَهِيْمٍ: مَا كَانَ يَعْنِي سُفْيَانُ فِي تَرْكِ الغَزْوِ؟
قَالَ: كَانَ يَقُوْلُ: إِنَّهُم يُضَيِّعُوْنَ الفَرَائِضَ.
قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: كُنَّا نَتعَزَّى عَنِ الدُّنْيَا بِمَجْلِسِ سُفْيَانَ.
خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
وَجَدْتُ قَلْبِي يَصْلُحُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِيْنَةَ، مَعَ قَوْمٍ غُربَاءَ، أَصْحَابِ صُوْفٍ وَعِبَاءٍ.
وَعَنْ وَكِيْعٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُفْيَانَ لِسُفْيَانَ:
اذْهبْ، فَاطْلُبِ العِلْمَ، حَتَّى أَعُولَكَ بِمِغْزَلِي، فَإِذَا كَتَبتَ عِدَّةَ عَشْرَةِ أَحَادِيْثَ، فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ فِي نَفْسِكَ زِيَادَةً، فَاتَّبِعْهُ، وَإِلاَّ فَلاَ تَتَعَنَّ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: لَمْ يَبْقَ مَنْ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ العَامَّةُ بِالرِّضَى وَالصِّحَّةِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ بِالكُوْفَةِ -يَعْنِي: سُفْيَانَ-.
قَالَ وَكِيْعٌ: كَانَ سُفْيَانُ بَحْراً.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: مَا رَأَيتُ رَجُلاً بِالعِرَاقِ يُشْبِهُ ثَوْرِيَّكُم هَذَا.
وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ: مَا رَأَيتُ بِالكُوْفَةِ مَنْ أَوَدُّ أَنِّي فِي مِسْلاَخِه إِلاَّ سُفْيَانَ. (7/270)
قَالَ الفِرْيَابِيُّ: زَارَنِي ابْنُ المُبَارَكِ، فَقَالَ: أَخرِجْ إِلَيَّ حَدِيْثَ الثَّوْرِيِّ.
فَأَخَرَجْتُهُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ يَبْكِي حَتَّى أَخضَلَ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ: رَحِمَهُ اللهُ، مَا أَرَى أَنِّي أَرَى مِثْلَه أَبَداً.
وَقَالَ زَائِدَةُ: سُفْيَانُ أَفْقَهُ أَهْلِ الدُّنْيَا.
قَالَ زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: كَانَ المُعَافَى يَعِظُ الثَّوْرِيَّ، يَقُوْلُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا هَذَا المُزَاحُ؟ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ العُلَمَاءِ، وَسُفْيَانُ يَقْبَلُ مِنْهُ.
رَوَى: ضَمْرَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
(13/310)

يَثَّغِرُ الغُلاَمُ لِسَبْعٍ، وَيَحْتَلِمُ بَعْدَ سَبْعٍ، ثُمَّ يَنْتَهِي طُوْلُهُ بَعْدَ سَبْعٍ، ثُمَّ يَتَكَامَلُ عَقْلُهُ بَعْدَ سَبْعٍ، ثُمَّ هِيَ التَّجَارِبُ.
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: مَرِضَ سُفْيَانُ، فَذَهَبتُ بِمَائِهِ إِلَى الطَّبِيْبِ، فَقَالَ:
هَذَا بَولُ رَاهِبٍ، هَذَا رَجُلٌ قَدْ فَتَّتَ الحُزْنُ كَبِدَهُ، مَا لَهُ دَوَاءٌ.
قَالَ ضَمْرَةُ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:
إِنَّمَا كَانَتِ العِرَاقُ تَجِيْشُ عَلَيْنَا بِالدَّرَاهِمِ وَالثِّيَابِ، ثُمَّ صَارَتْ تَجِيْشُ عَلَيْنَا بِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ.
وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُوْلُ: مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ حِفْظٌ.
قُلْتُ: هَذَا يَقُوْلُهُ سُفْيَانُ لِقَوَّةِ حَافِظَتِهِ، بِكَثْرَةِ حَدِيْثِه وَرِحلَتِهِ إِلَى الآفَاقِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَلَهُ إِتقَانٌ وَفِقهٌ لاَ يُدْرَكُ شَأْوُهُ فِيْهِ، وَلَهُ حِفْظٌ تَامٌّ - فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: سُفْيَانُ فَقِيْهٌ، حَافِظٌ، زَاهِدٌ، إِمَامٌ، هُوَ أَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: سُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ فِي الإِسْنَادِ وَالمَتنِ. (7/271)
قَالَ عَبْدُ المُؤْمِنِ النَّسَفِيُّ: سَأَلْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ عَنْ سُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، فَقَالَ:
سُفْيَانُ لَيْسَ يَتَقَدَّمُهُ عِنْدِي أَحَدٌ، وَهُوَ أَحْفَظُ وَأَكْثَرُ حَدِيْثاً، وَلَكِنْ كَانَ مَالِكٌ يَنتَقِي الرِّجَالَ، وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ شُعْبَةَ، وَأَكْثَرُ حَدِيْثاً، يَبلُغُ حَدِيْثُه ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَشُعْبَةُ نَحْوُ عَشْرَةِ آلاَفٍ.
(13/311)

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، حَدَّثَنِي المُغِيْرَةُ بنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّكُم مَحْشُوْرُوْنَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً، ثُمَّ قَرَأَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيْدُهُ، وَعْداً عَلَيْنَا، إِنَّا كُنَّا فَاعِلِيْنَ} [الأَنْبِيَاءُ: 104]، أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيْمُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- يَوْمَ القِيَامَةِ، أَلاَ وَإِنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِم ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُوْلُ: أَصْحَابِي أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّهُم لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّيْنَ عَلَى أَعْقَابِهِم مُنْذُ فَارَقْتَهُم، فَأَقُوْلُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ عِيْسَى: {وَكُنْتُ عَلَيْهِم شَهِيْداً مَا دُمْتُ فِيْهِم}، إِلَى قَوْله: {العَزِيْزُ الحَكِيْمُ}).
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، عَنِ ابْنِ كَثِيْرٍ. (7/272)
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَة اللهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى الصَّابُوْنِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ:
(13/312)

قَالَ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أُمِرْتُ أَنْ أُقْرِئَكَ سُوْرَةً).
قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَسُمِّيْتُ لَكَ؟
قَالَ: (نَعَمْ).
قُلْتُ لأُبَيٍّ: فَرِحْتَ بِذَلِكَ؟
قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي، وَهُوَ يَقُوْلُ: {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ، فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا} [يُوْنُسُ: 58].
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كَانَ لِسُفْيَانَ دَرسٌ مِنَ الحَدِيْثِ -يَعْنِي: يُدرِّسُ حَدِيْثَهُ-.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ ثَابِتٍ الجَزَرِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: طَلَبتُ العِلْمَ، فَلَمْ يَكُنْ لِي نِيَّةٌ، ثُمَّ رَزَقَنِي اللهُ النِّيَّةَ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: إِنِّيْ لأَمُرُّ بِالحَائِكِ فَأَسُدُّ أُذُنِي مَخَافَةَ أَنْ أَحْفَظَ مَا يَقُوْلُ.
قَالَ القَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا رَأَيْنَا أَحْفَظَ مِنْ سُفْيَانَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ أَبِي السَّفَرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المَفْلُوْجُ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَمَانٍ، سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: مَا أُحَدِّثُ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ بِوَاحِدٍ.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: قَدْ كَتَبتُ عَنْهُ عِشْرِيْنَ أَلْفاً.
وَأَخْبَرَنِي الأَشْجَعِيُّ: أَنَّهُ كَتَبَ عَنْهُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً. (7/273)
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ.
هَارُوْنُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ العَبْدِيُّ: حَدَّثَنَا حَيَّانُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، سَمِعَ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
مَنْ زَعَمَ أَنَّ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإِخْلاَصُ: 1] مَخْلُوْقٌ، فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ.
وَقَالَ زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: كَانَ سُفْيَانُ يُفَضِّلُ عَلِيّاً عَلَى عُثْمَانَ.
(13/313)

وَعَنْ عَثَّامِ بنِ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: لاَ يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، إِلاَّ فِي قُلُوْبِ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ سُفْيَانَ: اسْتَوْصُوا بِأَهْلِ السُّنَّةِ خَيْراً، فَإِنَّهُم غُرَبَاءُ.
وَقَالَ مُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: لَمْ يُصَلِّ سُفْيَانُ عَلَى ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ لِلإِرْجَاءِ.
وَقَالَ شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ: قَالَ سُفْيَانُ:
لاَ يَنْفَعُكَ مَا كَتَبْتَ حَتَّى يَكُوْنَ إِخفَاءُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} فِي الصَّلاَةِ، أَفْضَلَ عِنْدَكَ مِنَ الجَهْرِ.
وَقَالَ وَكِيْعٌ: عَنْ سُفْيَانَ فِي الحَدِيْثِ: مَا يَعدُّ لَهُ شَيْءٌ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ اللهَ.
وَعَنْهُ: يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُكْرِهِ وَلدَهُ عَلَى العِلْمِ، فَإِنَّهُ مَسْؤُوْلٌ عَنْهُ.
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ حَسَّانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ:
الإِسْنَادُ سِلاَحُ المُؤْمِنِ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِلاَحٌ، فَبِأَيِّ شَيْءٌ يُقَاتِلُ؟ (7/274)
قَبِيْصَةُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: المَلاَئِكَةُ حُرَّاسُ السَّمَاءِ، وَأَصْحَابُ الحَدِيْثِ حُرَّاسُ الأَرْضِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: قِيْلَ لِسُفْيَانَ: لَيْسَتْ لَهُمْ نِيَّةٌ -يَعْنِي: أَصْحَابَ الحَدِيْثِ-.
قَالَ: طَلَبُهُم لَهُ نِيَّةٌ، لَوْ لَمْ يَأْتنِي أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، لأَتَيْتُهُم فِي بُيُوتِهِم.
وَقَالَ الخُرَيْبِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَنفعَ لِلنَّاسِ مِنَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ مَعْدَانُ - الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ ابْنُ المُبَارَكِ: هُوَ مِنَ الأَبْدَالِ -: سَأَلْتُ الثَّوْرِيَّ عَنْ قَوْلِهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ} [الحَدِيْدُ: 4]، قَالَ: عِلْمُهُ.
(13/314)

وَسُئِلَ سُفْيَانُ عَنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ، فَقَالَ: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءتْ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْهُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَفلَتُّ مِنَ الحَدِيْثِ كَفَافاً.
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قَالَ سُفْيَانُ: وَدِدْتُ أَنَّ يَدِي قُطِعَتْ وَلَمْ أَطْلُبْ حَدِيْثاً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: قَالَ سُفْيَانُ: مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي غَيْرَ الحَدِيْثِ.
قَالَ: لأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الضُّعَفَاءِ.
قُلْتُ: وَلأَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسَ عَنْهُم، وَكَانَ يَخَافُ مِنَ الشَّهوَةِ، وَعَدَمِ النِّيَّةِ فِي بَعْضِ الأَحَايِينِ. (7/275)
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ سُفْيَانُ يَخْضِبُ قَلِيْلاً إِذَا دَخَلَ الحَمَّامَ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ: كَانَ سُفْيَانُ مَزَّاحاً، كُنْتُ أَتَأَخَّرُ خَلْفَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِيِّرَنِي بِمُزَاحِهِ.
وَرَوَى: الفَسَوِيُّ، عَنْ عِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَضْحَكُ حَتَّى يَسْتَلْقِيَ، وَيَمُدَّ رِجْلَيْهِ.
قَالَ زَيْدُ بنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ: كَانَ سُفْيَانُ يَقُوْلُ لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ: تَقَدَّمُوا يَا مَعْشَرَ الضُّعَفَاءِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ يَمَانٍ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ: ادْنُ مِنِّي، لَوْ كُنْتَ غَنِيّاً مَا أَدْنَيْتُكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: مَا رَأَيتُ الأَمِيْرَ وَالغَنِيَّ أَذَلَّ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ سُفْيَانَ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: يَزْعُمُوْنَ أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَشْرَبُ النَّبِيذَ، أَشْهَدُ لقَدْ وُصِفَ لَهُ دَوَاءٌ، فَقُلْتُ: نَأتِيْكَ بِنَبِيذٍ؟
فَقَالَ: لاَ، ائْتِنِي بِعَسَلٍ وَمَاءٍ.
قَالَ خَلَفُ بنُ تَمِيْمٍ: رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ بِمَكَّةَ، وَقَدْ كَثُرُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ:
(13/315)

إِنَّا للهِ، أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ اللهُ قَدْ ضَيَّعَ هَذِهِ الأُمَّةَ حَيْثُ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى مِثْلِي.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْلاَ أَنْ أُسْتَذَلَّ، لَسَكَنْتُ بَيْنَ قَوْمٍ لاَ يَعْرِفُونِي.
وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ مُسْتَكِيْناً فِي لِبَاسِه، عَلَيْهِ ثِيَابٌ رَثَّةٌ. (7/276)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: آجَرَ سُفْيَانُ نَفْسَه مِنْ جَمَّالٍ إِلَى مَكَّةَ، فَأَمَرُوْهُ يَعْمَلُ لَهُم خُبزَةً، فَلَمْ تَجِئْ جَيِّدَةً، فَضَرَبَهُ الجَمَّالُ.
فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ، دَخَلَ الجَمَّالُ، فَإِذَا سُفْيَانُ قَدِ اجْتَمَعَ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَسَأَلَ، فَقَالُوا: هَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ.
فَلَمَّا انْفَضَّ عَنْهُ النَّاسُ، تَقَدَّمَ الجمَّالُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: لَمْ نَعْرِفْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: مَنْ يُفسِدُ طَعَامَ النَّاسِ، يُصِيْبُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُرسَلَةٌ، وَكَيْفَ اخْتَفَى طُوْلَ الطَّرِيْقِ أَمرُ سُفْيَانَ، فَلَعَلَّهَا فِي أَيَّامِ شَبَابِهِ.
وَرَوَى: يَحْيَى بنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ: اصحَبْ مَنْ شِئْتَ، ثُمَّ أَغْضِبْهُ، ثُمَّ دُسَّ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْكَ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ: عَنْ سُفْيَانَ: كَثْرَةُ الإِخْوَانِ مِنْ سَخَافَةِ الدِّيْنِ.
وَعَنْ سُفْيَانَ: أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، تَقِلُّ غِيْبَتُكَ.
قَالَ قَبِيْصَةُ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا نَظَرتَ إِلَيْهِ، كَأَنَّهُ رَاهِبٌ، فَإِذَا أَخذَ فِي الحَدِيْثِ، أَنْكَرْتَه.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ لَحِقَ سُفْيَانَ خَوْفٌ مُزعِجٌ إِلَى الغَايَةِ.
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كُنَّا نَكُونُ عِنْدَهُ، فَكَأَنَّمَا وُقِّفَ لِلْحِسَابِ.
(13/316)

وَسَمِعَهُ عَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: لَقَدْ خِفتُ اللهَ خَوْفاً، عَجَباً لِي! كَيْفَ لاَ أَمُوْتُ؟ وَلَكِنْ لِي أَجَلٌ وَدِدْتُ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِّي، مِنَ الخَوْفِ أَخَافُ أَنْ يَذْهَبَ عَقْلِي.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ دُلَيْلٍ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُذهِبَ عَنِّي مِنْ خَوْفِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: كُنْتُ أَرمُقُ سُفْيَانَ فِي اللَّيْلَةِ بَعْدَ اللَّيْلَةِ، يَنهَضُ مَرْعُوباً يُنَادِي: النَّارَ النَّارَ، شَغَلَنِي ذِكْرُ النَّارِ عَنِ النَّوْمِ وَالشَّهَوَاتِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ، لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ أَيَّاماً. (7/277)
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: كَانَ سُفْيَانُ يَبُولُ الدَّمَ مِنْ طُوْلِ حُزنِهِ وَفِكْرَتِهِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: لَمَّا قَدِمَ سُفْيَانُ عَلَيْنَا، طَبَختُ لَهُ قدرَ سِكْبَاجٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِزَبِيْبِ الطَّائِفِ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ الرَّزَّاقِ! اعْلِفِ الحِمَارَ وَكُدَّهُ.
ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى الصَّبَاحِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الفُضَيْلِ:
رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ سَاجِداً، فَطفتُ سَبْعَةَ أَسَابِيْعَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ.
وَعَنْ مُؤَمَّلِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، قَالَ: أَقَامَ سُفْيَانُ بِمَكَّةَ سَنَةً، فَمَا فَتَرَ مِنَ العِبَادَةِ سِوَى مِنْ بَعْدِ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ، كَانَ يَجْلِسُ مَعَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَذَلِكَ عِبَادَةٌ.
وَعَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ: كُنْتُ لاَ أَسْتطِيْعُ سَمَاعَ قِرَاءةِ سُفْيَانَ مِنْ كَثْرَةِ بُكَائِهِ.
(13/317)

وَقَالَ مُؤَمَّلٌ: دَخَلْتُ عَلَى سُفْيَانَ وَهُوَ يَأْكُلُ طَبَاهِجَ بِبَيْضٍ، فَكَلَّمتُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: لَمْ آمُرْكُم أَنْ لاَ تَأْكُلُوا طَيِّباً، اكْتَسِبُوا طَيِّباً وَكُلُوا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ: أَكَلْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ خُشْكَنَانِجَ، فَقَالَ: هَذَا أُهْدِيَ لَنَا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَكَلَ سُفْيَانُ مَرَّةً تَمْراً بِزُبْدٍ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَارَ إِلَى اليَمَنِ بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ مُضَارَبَةً، فَأَنفقَ الرِّبحَ. (7/278)
وَعَنْ يَحْيَى بنِ المُتَوَكِّلِ، قَالَ سُفْيَانُ:
إِذَا أَثْنَى عَلَى الرَّجُلِ جِيْرَانُهُ أَجْمَعُوْنَ، فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ، لأَنَّهُ رُبَّمَا رَآهُم يَعصُوْنَ، فَلاَ يُنْكِرُ، وَيَلقَاهُم بِبِشْرٍ.
وَقَالَ فُضَيْلٌ: عَنْ سُفْيَانَ: إِذَا رَأَيتَ الرَّجُلَ مُحَبَّباً إِلَى جِيْرَانِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُدَاهِنٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي غَنِيَّةَ: مَا رَأَيتُ أَحَداً أَصفَقَ وَجْهاً فِي ذَاتِ الله مِنْ سُفْيَانَ.
وَعَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ المُلُوْكَ قَدْ تَرَكُوا لَكُمُ الآخِرَةَ، فَاتْرُكُوا لَهُمُ الدُّنْيَا.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ لِوُهَيْبٍ: وَرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّةِ، إِنِّيْ لأُحِبُّ المَوْتَ.
وَعَنِ ابْنِ المَهْدِيِّ، قَالَ: مَرِضَ سُفْيَانُ بِالبَطَنِ، فَتَوَضَّأَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ سِتِّيْنَ مَرَّةً، حَتَّى إِذَا عَايَنَ الأَمْرَ، نَزَلَ عَنْ فِرَاشِهِ، فَوَضَعَ خَدَّهُ بِالأَرْضِ، وَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ! مَا أَشدَّ المَوْتِ.
وَلَمَّا مَاتَ غَمَّضْتُهُ، وَجَاءَ النَّاسُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَعَلِمُوا.
(13/318)

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَانَ سُفْيَانُ يَتَمَنَّى المَوْتَ لِيَسلَمَ مِنْ هَؤُلاَءِ، فَلَمَّا مَرِضَ كَرِهَهُ، وَقَالَ لِي: اقْرَأْ عَلَيَّ (يس)، فَإِنَّهُ يُقَالُ: يُخَفَّفُ عَنِ المَرِيْضِ.
فَقَرَأْتُ، فَمَا فَرَغتُ حَتَّى طُفِئَ.
وَقِيْلَ: أُخْرِجَ بِجِنَازَتِهِ عَلَى أَهْلِ البَصْرَةِ بَغْتَةً، فَشهِدَهُ الخَلْقُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ الكُوْفِيُّ، بِوَصِيَّةٍ مِنْ سُفْيَانَ، لِصَلاَحِهِ. (7/279)
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أَقَامَ سُفْيَانُ فِي اخْتِفَائِهِ نَحْوَ سَنَةٍ.
وَقَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ مَوْتُهُ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى.
كَذَلِكَ أَرَّخَهُ: الوَاقِدِيُّ.
وَوَهِمَ خَلِيْفَةُ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ: رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: أَيُّ الأَعْمَالِ وَجَدْتَ أَفْضَلَ؟
قَالَ: القُرْآنُ.
فَقُلْتُ: الحَدِيْثَ؟
فَوَلَّى وَجْهَه.
وَقَالَ بَكْرُ بنُ خَلَفٍ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ:
رَأَيتُ سُفْيَانَ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا وَجَدْتَ أَنفَعَ؟
قَالَ: الحَدِيْثُ.
وَقَالَ سُعَيْرُ بنُ الخِمْسِ: رَأَيتُ سُفْيَانَ فِي المَنَامِ، يَطِيرُ مِنْ نَخْلَةٍ إِلَى نَخْلَةٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ: {الحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزُّمَرُ: 74].
وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: لَقِيْتُ يَزِيْدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ صَبِيْحَةَ اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيْهَا سُفْيَانُ، فَقَالَ لِي:
قِيْلَ لِي اللَّيْلَةَ فِي مَنَامِي: مَاتَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقُلْتُ لِلَّذِي يَقُوْلُ فِي المَنَامِ: مَاتَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
(13/319)

وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ المِقْدَامِ: رَأَيتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ آخِذاً بِيَدِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ يَجزِيه خَيْراً.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَعْيَنَ، قَالَ:
رَأَيتُ سُفْيَانَ بنَ سَعِيْدٍ، فَقُلْتُ: مَا صَنَعْتَ؟
قَالَ: أَنَا مَعَ السَّفَرَةِ، الكِرَامِ البَرَرَةِ.
تَمَّتِ التَّرْجَمَةُ، وَالحَمْدُ للهِ. (7/280)
(13/320)


عدد المشاهدات *:
277241
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 10/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 10/12/2013

سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي

روابط تنزيل : سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ (ع) ج
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  سُفْيَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ (ع) ج لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي


@designer
1