عَلَمُ الزُّهَّادِ، بَرَكَةُ العَصْرِ، أَبُو مَحْفُوْظٍ البَغْدَادِيُّ.
وَاسْمُ أَبِيْهِ فَيْرُوْزٌ.
وَقِيْلَ: فَيْرُزَانُ، مِنَ الصَّابِئَةِ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبَوَاهُ نَصْرَانِيَّيْنِ، فَأَسلَمَاهُ إِلَى مُؤَدِّبٍ كَانَ يَقُوْلُ لَهُ:
قُل: ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ.
فَيَقُوْلُ مَعْرُوْفٌ: بَلْ هُوَ الوَاحِدُ.
فَيَضرِبُهُ، فَيَهْرُبُ، فَكَانَ وَالِدَاهُ يَقُوْلاَنِ: لَيْتَهُ رَجَعَ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَوَيْهِ أَسْلَمَا.
وَذَكَرَ السُّلَمِيُّ: أَنَّهُ صَحِبَ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، وَلَمْ يَصِحَّ. (9/340)
رَوَى عَنِ: الرَّبِيْعِ بنِ صَبِيْحٍ، وَبَكْرِ بنِ خُنَيْسٍ، وَابْنِ السَّمَّاكِ، وَغَيْرِهِم شَيْئاً قَلِيْلاً.
وَعَنْهُ: خَلَفُ بنُ هِشَامٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ أَسَدٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ.
ذُكِرَ مَعْرُوْفٌ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَقِيْلَ: قَصِيْرُ العِلْمِ.
فَقَالَ: أَمْسِكْ، وَهَلْ يُرَادُ مِنَ العِلْمِ إِلاَّ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مَعْرُوْفٌ؟
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ شَدَّادٍ: قَالَ لَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: مَا فَعَلَ ذَلِكَ الحَبْرُ الَّذِي فِيْكُم بِبَغْدَادَ؟
قُلْنَا: مَنْ هُوَ؟
قَالَ: أَبُو مَحْفُوْظٍ مَعْرُوْفٌ.
قُلْنَا: بِخَيْرٍ.
قَالَ: لاَ يَزَالُ أَهْلُ تِلْكَ المَدِيْنَةِ بِخَيْرٍ مَا بَقِيَ فِيْهِم.
قَالَ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ مَسْجِدَ مَعْرُوْفٍ، فَخَرَجَ، وَقَالَ: حَيَّاكُمُ اللهُ بِالسَّلاَمِ، وَنَعِمْنَا وَإِيَّاكُم بِالأَحزَانِ.
(17/353)
ثُمَّ أَذَّنَ، فَارْتَعَدَ، وَقَفَّ شَعرُهُ، وَانْحَنَى حَتَّى كَادَ يَسْقُطُ.
عَنْ مَعْرُوْفٍ، قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدٍ شَرّاً، أَغلَقَ عَنْهُ بَابَ العَمَلِ، وَفَتَحَ عَلَيْهِ بَابَ الجَدَلِ.
وَقَالَ جُشَمُ بنُ عِيْسَى: سَمِعْتُ عَمِّي مَعْرُوْفَ بنَ الفَيْرُزَانِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ خُنَيْسٍ يَقُوْلُ: كَيْفَ تَتَّقِي، وَأَنْتَ لاَ تَدْرِي مَا تَتَّقِي؟
رَوَاهَا: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، عَنْ مَعْرُوْفٍ. (9/341)
قَالَ: ثُمَّ يَقُوْلُ مَعْرُوْفٌ: إِذَا كُنْتَ لاَ تُحْسِنُ تَتَّقِي، أَكَلتَ الرِّبَا، وَلقِيْتَ المَرْأَةَ، فَلَمْ تَغُضَّ عَنْهَا، وَوَضَعتَ سَيْفَكَ عَلَى عَاتِقِك...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَمَجْلِسِي هَذَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّقِيْهِ، فِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوْعِ، وَذِلَّةٌ لِلتَّابِعِ.
قِيْلَ: أَتَى رَجُلٌ بِعَشْرَةِ دَنَانِيْرَ إِلَى مَعْرُوْفٍ، فَمَرَّ سَائِلٌ، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا.
وَكَانَ يَبْكِي، ثُمَّ يَقُوْلُ: يَا نَفْسُ كَمْ تَبْكِيْنَ؟ أَخْلِصِي تَخْلُصِي.
وَسُئِلَ: كَيْفَ تَصُوْمُ؟
فَغَالَطَ السَّائِلَ، وَقَالَ: صَوْمُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَصَوُمُ دَاوُد كَذَا وَكَذَا.
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أُصْبِحُ دَهْرِي صَائِماً، فَمَنْ دَعَانِي، أَكَلتُ، وَلَمْ أَقُلْ: إِنِّيْ صَائِمٌ.
وَقَصَّ إِنْسَانٌ شَارِبَ مَعْرُوْفٍ، فَلَمْ يَفتُرْ مِنَ الذِّكْرِ، فَقَالَ: كَيْفَ أَقُصُّ؟
فَقَالَ: أَنْتَ تَعْمَلُ، وَأَنَا أَعمَلُ.
وَقِيْلَ: اغْتَابَ رَجُلٌ عِنْدَ مَعْرُوْفٍ، فَقَالَ: اذْكُرِ القُطْنَ إِذَا وُضِعَ عَلَى عَيْنَيْكَ.
وَعَنْهُ، قَالَ: مَا أَكْثَرَ الصَّالِحِيْنَ، وَمَا أَقَلَّ الصَّادِقِيْنَ.
(17/354)
وَعَنْهُ: مَنْ كَابَرَ اللهَ، صَرَعَهُ، وَمَنْ نَازَعَهُ، قَمَعَهُ، وَمَنْ مَاكَرَهُ، خَدَعَهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، مَنَعَهُ، وَمَنْ تَوَاضَعَ لَهُ، رَفَعَهُ، كَلاَمُ العَبْدِ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْه خِذْلاَنٌ مِنَ اللهِ. (9/342)
وَقِيْلَ: أَتَاهُ مَلْهُوْفٌ سُرِقَ مِنْهُ أَلفُ دِيْنَارٍ لِيَدعُوَ لَهُ، فَقَالَ:
مَا أَدْعُو، أَمَا زَوَيْتَهُ عَنْ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ، فَرُدَّهُ عَلَيْهِ.
قِيْلَ: أَنْشَدَ مَرَّةً فِي السَّحَرِ:
مَا تَضُرُّ الذُّنُوْبُ لَوْ أَعْتَقْتَنِي * رَحْمَةً لِي فَقَدْ عَلاَنِي المَشِيْبُ
وَعَنْهُ: مَنْ لَعَنَ إِمَامَهُ، حُرِمَ عَدْلَهُ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيِّ، قَالَ:
قَعَدْتُ مَرَّةً إِلَى مَعْرُوْفٍ، فَلَعَلَّهُ قَالَ: وَاغَوْثَاهُ يَا اللهُ - عَشْرَةَ آلاَفِ مَرَّةٍ، وَتَلاَ: {إِذْ تَسْتَغِيْثُونَ رَبَّكُم، فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأَنْفَالُ: 9].
وَعَنِ ابْنِ شِيْرَوَيْه: قُلْتُ لِمَعْرُوْفٍ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَمْشِي عَلَى المَاءِ.
قَالَ: مَا وَقعَ هَذَا، وَلَكِن إِذَا هَمَمْتُ بِالعُبُوْرِ، جُمِعَ لِي طَرَفَا النَّهْرِ، فَأَتَخَطَّاهُ.
أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيُّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مَعْرُوْفٍ، ثُمَّ جِئْتُ وَفِي وَجْهِهِ أَثَرٌ، فَسُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ لِلسَّائِلِ: سَلْ عَمَّا يَعْنِيْكَ - عَافَاكَ اللهُ -.
فَأَقسَمَ عَلَيْهِ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّيْتُ البَارِحَةَ، وَمَضَيْتُ، فَطُفتُ بِالبَيْتِ، وَجِئْتُ لأَشرَبَ مِنْ زَمْزَمٍ، فَزَلِقْتُ، فَأَصَابَ وَجْهِي هَذَا.
ابْنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ ابْنُ أَخِي مَعْرُوْفٍ:
(17/355)
أَنَّ مَعْرُوْفاً اسْتَسْقَى لَهُم فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَمَا اسْتَتَمُّوا رَفْعَ ثِيَابِهِم حَتَّى مُطِرُوا. (9/343)
وَقَدِ اسْتُجِيْبَ دُعَاءُ مَعْرُوْفٍ فِي غَيْرِ قَضِيَّةٍ، وَأَفْرَدَ الإِمَامُ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ مَنَاقِبَ مَعْرُوْفٍ فِي أَرْبَعِ كَرَارِيْسَ.
قَالَ عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ: مَرَّ مَعْرُوْفٌ - وَهُوَ صَائِمٌ - بِسَقَّاءٍ يَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْ شَرِبَ، فَشَرِبَ رَجَاءَ الرَّحْمَةِ.
وَقَدْ حَكَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ شَيْئاً غَيْرَ صَحِيْحٍ، وَهُوَ أَنَّ مَعْرُوْفاً الكَرْخِيَّ كَانَ يَحْجُبُ عَلِيَّ بنَ مُوْسَى الرِّضَى.
قَالَ: فَكَسَرُوا ضِلْعَ مَعْرُوْفٍ، فَمَاتَ، فَلَعَلَّ الرِّضَى كَانَ لَهُ حَاجِبٌ اسْمُهُ مَعْرُوْفٌ، فَوَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ زَاهِدِ العِرَاقِ. (9/344)
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ، قَالَ: قَبْرُ مَعْرُوْفٍ التِّرْيَاقُ المُجَرَّبُ.
يُرِيْدُ إِجَابَةَ دُعَاءِ المُضْطَرِ عِنْدَهُ؛ لأَنَّ البِقَاعَ المُبَارَكَةِ يُسْتَجَابُ عِنْدَهَا الدُّعَاءُ، كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ فِي السَّحَرِ مَرْجُوٌّ، وَدُبُرَ المَكْتُوْبَاتِ، وَفِي المَسَاجِدِ، بَلْ دُعَاءُ المُضْطَرِ مُجَابٌ فِي أَيِّ مَكَانٍ اتَّفَقَ، اللَّهُمَّ إِنِّيْ مُضْطَرٌ إِلَى العَفْوِ، فَاعْفُ عَنِّي.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُنَادِي، وَثَعْلَبٌ: مَاتَ مَعْرُوْفٌ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيْحِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -. (9/345)
(17/356)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَتْنَا تَجَنِّي مَوْلاَةُ ابْنِ وَهْبَانَ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَزْقُوَيْه، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ، قَالَ:
قَالَ بَكْرُ بنُ خُنَيْسٍ: إِنَّ فِي جَهَنَّمَ لَوَادِياً تَتَعَوَّذُ جَهَنَّمُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَإِنَّ فِي الوَادِي لَجُبّاً يَتَعَوَّذُ الوَادِي وَجَهَنَّمُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَإِنَّ فِيْهِ لَحَيَّةً يَتَعَوَّذُ الجُبُّ وَالوَادِي وَجَهَنَّمُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، يُبدَأُ بِفَسَقَةِ حَمَلَةِ القُرْآنِ، فَيَقُوْلُوْنَ: أَيْ رَبِّ، بُدِئَ بِنَا قَبْلَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ؟!
قِيْلَ لَهُم: لَيْسَ مَنْ يَعْلَمُ كَمَنْ لاَ يَعْلَمُ.
أَنْبَأَنَا مُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِزْقٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا مَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ، حَدَّثَنِي الرَّبِيْعُ بنُ صَبِيْحٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَوْ أَدْرَكْتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، مَا سَأَلْتُ اللهَ إِلاَّ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ. (9/346)
(17/357)
وَاسْمُ أَبِيْهِ فَيْرُوْزٌ.
وَقِيْلَ: فَيْرُزَانُ، مِنَ الصَّابِئَةِ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبَوَاهُ نَصْرَانِيَّيْنِ، فَأَسلَمَاهُ إِلَى مُؤَدِّبٍ كَانَ يَقُوْلُ لَهُ:
قُل: ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ.
فَيَقُوْلُ مَعْرُوْفٌ: بَلْ هُوَ الوَاحِدُ.
فَيَضرِبُهُ، فَيَهْرُبُ، فَكَانَ وَالِدَاهُ يَقُوْلاَنِ: لَيْتَهُ رَجَعَ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَوَيْهِ أَسْلَمَا.
وَذَكَرَ السُّلَمِيُّ: أَنَّهُ صَحِبَ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، وَلَمْ يَصِحَّ. (9/340)
رَوَى عَنِ: الرَّبِيْعِ بنِ صَبِيْحٍ، وَبَكْرِ بنِ خُنَيْسٍ، وَابْنِ السَّمَّاكِ، وَغَيْرِهِم شَيْئاً قَلِيْلاً.
وَعَنْهُ: خَلَفُ بنُ هِشَامٍ، وَزَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ أَسَدٍ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ.
ذُكِرَ مَعْرُوْفٌ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَقِيْلَ: قَصِيْرُ العِلْمِ.
فَقَالَ: أَمْسِكْ، وَهَلْ يُرَادُ مِنَ العِلْمِ إِلاَّ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مَعْرُوْفٌ؟
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ شَدَّادٍ: قَالَ لَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: مَا فَعَلَ ذَلِكَ الحَبْرُ الَّذِي فِيْكُم بِبَغْدَادَ؟
قُلْنَا: مَنْ هُوَ؟
قَالَ: أَبُو مَحْفُوْظٍ مَعْرُوْفٌ.
قُلْنَا: بِخَيْرٍ.
قَالَ: لاَ يَزَالُ أَهْلُ تِلْكَ المَدِيْنَةِ بِخَيْرٍ مَا بَقِيَ فِيْهِم.
قَالَ السَّرَّاجُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ مَسْجِدَ مَعْرُوْفٍ، فَخَرَجَ، وَقَالَ: حَيَّاكُمُ اللهُ بِالسَّلاَمِ، وَنَعِمْنَا وَإِيَّاكُم بِالأَحزَانِ.
(17/353)
ثُمَّ أَذَّنَ، فَارْتَعَدَ، وَقَفَّ شَعرُهُ، وَانْحَنَى حَتَّى كَادَ يَسْقُطُ.
عَنْ مَعْرُوْفٍ، قَالَ: إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبدٍ شَرّاً، أَغلَقَ عَنْهُ بَابَ العَمَلِ، وَفَتَحَ عَلَيْهِ بَابَ الجَدَلِ.
وَقَالَ جُشَمُ بنُ عِيْسَى: سَمِعْتُ عَمِّي مَعْرُوْفَ بنَ الفَيْرُزَانِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ خُنَيْسٍ يَقُوْلُ: كَيْفَ تَتَّقِي، وَأَنْتَ لاَ تَدْرِي مَا تَتَّقِي؟
رَوَاهَا: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيُّ، عَنْ مَعْرُوْفٍ. (9/341)
قَالَ: ثُمَّ يَقُوْلُ مَعْرُوْفٌ: إِذَا كُنْتَ لاَ تُحْسِنُ تَتَّقِي، أَكَلتَ الرِّبَا، وَلقِيْتَ المَرْأَةَ، فَلَمْ تَغُضَّ عَنْهَا، وَوَضَعتَ سَيْفَكَ عَلَى عَاتِقِك...، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَمَجْلِسِي هَذَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّقِيْهِ، فِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوْعِ، وَذِلَّةٌ لِلتَّابِعِ.
قِيْلَ: أَتَى رَجُلٌ بِعَشْرَةِ دَنَانِيْرَ إِلَى مَعْرُوْفٍ، فَمَرَّ سَائِلٌ، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا.
وَكَانَ يَبْكِي، ثُمَّ يَقُوْلُ: يَا نَفْسُ كَمْ تَبْكِيْنَ؟ أَخْلِصِي تَخْلُصِي.
وَسُئِلَ: كَيْفَ تَصُوْمُ؟
فَغَالَطَ السَّائِلَ، وَقَالَ: صَوْمُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَصَوُمُ دَاوُد كَذَا وَكَذَا.
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أُصْبِحُ دَهْرِي صَائِماً، فَمَنْ دَعَانِي، أَكَلتُ، وَلَمْ أَقُلْ: إِنِّيْ صَائِمٌ.
وَقَصَّ إِنْسَانٌ شَارِبَ مَعْرُوْفٍ، فَلَمْ يَفتُرْ مِنَ الذِّكْرِ، فَقَالَ: كَيْفَ أَقُصُّ؟
فَقَالَ: أَنْتَ تَعْمَلُ، وَأَنَا أَعمَلُ.
وَقِيْلَ: اغْتَابَ رَجُلٌ عِنْدَ مَعْرُوْفٍ، فَقَالَ: اذْكُرِ القُطْنَ إِذَا وُضِعَ عَلَى عَيْنَيْكَ.
وَعَنْهُ، قَالَ: مَا أَكْثَرَ الصَّالِحِيْنَ، وَمَا أَقَلَّ الصَّادِقِيْنَ.
(17/354)
وَعَنْهُ: مَنْ كَابَرَ اللهَ، صَرَعَهُ، وَمَنْ نَازَعَهُ، قَمَعَهُ، وَمَنْ مَاكَرَهُ، خَدَعَهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، مَنَعَهُ، وَمَنْ تَوَاضَعَ لَهُ، رَفَعَهُ، كَلاَمُ العَبْدِ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْه خِذْلاَنٌ مِنَ اللهِ. (9/342)
وَقِيْلَ: أَتَاهُ مَلْهُوْفٌ سُرِقَ مِنْهُ أَلفُ دِيْنَارٍ لِيَدعُوَ لَهُ، فَقَالَ:
مَا أَدْعُو، أَمَا زَوَيْتَهُ عَنْ أَنْبِيَائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ، فَرُدَّهُ عَلَيْهِ.
قِيْلَ: أَنْشَدَ مَرَّةً فِي السَّحَرِ:
مَا تَضُرُّ الذُّنُوْبُ لَوْ أَعْتَقْتَنِي * رَحْمَةً لِي فَقَدْ عَلاَنِي المَشِيْبُ
وَعَنْهُ: مَنْ لَعَنَ إِمَامَهُ، حُرِمَ عَدْلَهُ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيِّ، قَالَ:
قَعَدْتُ مَرَّةً إِلَى مَعْرُوْفٍ، فَلَعَلَّهُ قَالَ: وَاغَوْثَاهُ يَا اللهُ - عَشْرَةَ آلاَفِ مَرَّةٍ، وَتَلاَ: {إِذْ تَسْتَغِيْثُونَ رَبَّكُم، فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأَنْفَالُ: 9].
وَعَنِ ابْنِ شِيْرَوَيْه: قُلْتُ لِمَعْرُوْفٍ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَمْشِي عَلَى المَاءِ.
قَالَ: مَا وَقعَ هَذَا، وَلَكِن إِذَا هَمَمْتُ بِالعُبُوْرِ، جُمِعَ لِي طَرَفَا النَّهْرِ، فَأَتَخَطَّاهُ.
أَبُو العَبَّاسِ بنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيُّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ مَعْرُوْفٍ، ثُمَّ جِئْتُ وَفِي وَجْهِهِ أَثَرٌ، فَسُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ لِلسَّائِلِ: سَلْ عَمَّا يَعْنِيْكَ - عَافَاكَ اللهُ -.
فَأَقسَمَ عَلَيْهِ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّيْتُ البَارِحَةَ، وَمَضَيْتُ، فَطُفتُ بِالبَيْتِ، وَجِئْتُ لأَشرَبَ مِنْ زَمْزَمٍ، فَزَلِقْتُ، فَأَصَابَ وَجْهِي هَذَا.
ابْنُ مَسْرُوْقٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ ابْنُ أَخِي مَعْرُوْفٍ:
(17/355)
أَنَّ مَعْرُوْفاً اسْتَسْقَى لَهُم فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَمَا اسْتَتَمُّوا رَفْعَ ثِيَابِهِم حَتَّى مُطِرُوا. (9/343)
وَقَدِ اسْتُجِيْبَ دُعَاءُ مَعْرُوْفٍ فِي غَيْرِ قَضِيَّةٍ، وَأَفْرَدَ الإِمَامُ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ مَنَاقِبَ مَعْرُوْفٍ فِي أَرْبَعِ كَرَارِيْسَ.
قَالَ عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ: مَرَّ مَعْرُوْفٌ - وَهُوَ صَائِمٌ - بِسَقَّاءٍ يَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ مَنْ شَرِبَ، فَشَرِبَ رَجَاءَ الرَّحْمَةِ.
وَقَدْ حَكَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ شَيْئاً غَيْرَ صَحِيْحٍ، وَهُوَ أَنَّ مَعْرُوْفاً الكَرْخِيَّ كَانَ يَحْجُبُ عَلِيَّ بنَ مُوْسَى الرِّضَى.
قَالَ: فَكَسَرُوا ضِلْعَ مَعْرُوْفٍ، فَمَاتَ، فَلَعَلَّ الرِّضَى كَانَ لَهُ حَاجِبٌ اسْمُهُ مَعْرُوْفٌ، فَوَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ زَاهِدِ العِرَاقِ. (9/344)
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ، قَالَ: قَبْرُ مَعْرُوْفٍ التِّرْيَاقُ المُجَرَّبُ.
يُرِيْدُ إِجَابَةَ دُعَاءِ المُضْطَرِ عِنْدَهُ؛ لأَنَّ البِقَاعَ المُبَارَكَةِ يُسْتَجَابُ عِنْدَهَا الدُّعَاءُ، كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ فِي السَّحَرِ مَرْجُوٌّ، وَدُبُرَ المَكْتُوْبَاتِ، وَفِي المَسَاجِدِ، بَلْ دُعَاءُ المُضْطَرِ مُجَابٌ فِي أَيِّ مَكَانٍ اتَّفَقَ، اللَّهُمَّ إِنِّيْ مُضْطَرٌ إِلَى العَفْوِ، فَاعْفُ عَنِّي.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُنَادِي، وَثَعْلَبٌ: مَاتَ مَعْرُوْفٌ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيْحِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -. (9/345)
(17/356)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ المَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَتْنَا تَجَنِّي مَوْلاَةُ ابْنِ وَهْبَانَ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَزْقُوَيْه، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ، قَالَ:
قَالَ بَكْرُ بنُ خُنَيْسٍ: إِنَّ فِي جَهَنَّمَ لَوَادِياً تَتَعَوَّذُ جَهَنَّمُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَإِنَّ فِي الوَادِي لَجُبّاً يَتَعَوَّذُ الوَادِي وَجَهَنَّمُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَإِنَّ فِيْهِ لَحَيَّةً يَتَعَوَّذُ الجُبُّ وَالوَادِي وَجَهَنَّمُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، يُبدَأُ بِفَسَقَةِ حَمَلَةِ القُرْآنِ، فَيَقُوْلُوْنَ: أَيْ رَبِّ، بُدِئَ بِنَا قَبْلَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ؟!
قِيْلَ لَهُم: لَيْسَ مَنْ يَعْلَمُ كَمَنْ لاَ يَعْلَمُ.
أَنْبَأَنَا مُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِزْقٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا مَعْرُوْفٌ الكَرْخِيُّ، حَدَّثَنِي الرَّبِيْعُ بنُ صَبِيْحٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
لَوْ أَدْرَكْتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، مَا سَأَلْتُ اللهَ إِلاَّ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ. (9/346)
(17/357)
عدد المشاهدات *:
365646
365646
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 12/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 12/12/2013