القَاضِي الكَبِيْرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ فَرَجِ بنِ حَرِيْزٍ الإِيَادِيُّ، البَصْرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الجَهْمِيُّ، عَدُوُّ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
كَانَ دَاعِيَةً إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ، لَهُ كَرَمٌ وَسَخَاءٌ وَأَدَبٌ وَافِرٌ وَمَكَارِمُ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: أَكرَمُ الدَّوْلَةِ البَرَامِكَةُ، ثُمَّ ابْنُ أَبِي دُوَادَ، لَوْلاَ مَا وَضَعَ بِهِ نَفْسَه مِنْ مَحَبَّةِ المِحْنَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ، بِالبَصْرَةِ، وَلَمْ يُضَفْ إِلَى كَرَمِهِ كَرَمٌ.
قَالَ حَرِيْزُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ: كَانَ أَبِي إِذَا صَلَّى، رَفَعَ يَدَه إِلَى السَّمَاءِ، وَخَاطَبَ رَبَّهُ، وَيَقُوْلُ:
مَا أَنْتَ بِالسَّبَبِ الضَّعِيْفِ وَإِنَّمَا * نُجْحُ الأُمُورِ بِقُوَّةِ الأَسْبَابِ
فَالْيَوْمَ حَاجَتُنَا إِلَيْكَ، وَإِنَّمَا * يُدْعَى الطَّبِيْبُ لِسَاعَةِ الأَوْصَابِ
وَقَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: كَانَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ شَاعِراً مُجِيْداً، فَصِيْحاً، بَلِيْغاً، مَا رَأَيْتُ رَئِيْساً أَفصَحَ مِنْهُ. (11/170)
قَالَ عَوْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ: لَعَهْدِي بِالكَرْخِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: ابْنُ أَبِي دُوَادَ مُسْلِمٌ، لَقُتِلَ.
ثُمَّ وَقَعَ الحَرِيْقُ فِي الكَرْخِ، فَلَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ قَطُّ.
فَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ المُعْتَصِمَ فِي النَّاسِ، وَرَقَّقَهُ إِلَى أَنْ أَطلَقَ لَهُ خَمْسَةَ آلاَفِ أَلفِ دِرْهَمٍ، فَقَسَمَهَا عَلَى النَّاسِ، وَغَرِمَ مِنْ مَالِهِ جُمْلَةً.
(21/201)
فَلَعَهْدِي بِالكَرْخِ، وَلَوْ أَنَّ إِنْسَاناً قَالَ: زِرُّ أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ وَسِخٌ، لَقُتِلَ.
وَلَمَّا مَاتَ، رَثَتْهُ الشُّعَرَاءُ، فَمِنْ ذَلِكَ:
وَلَيْسَ نَسِيْمَ المِسْكِ رِيْحُ حَنُوْطِهِ * وَلَكِنَّهُ ذَاكَ الثَّنَاءُ المُخَلَّفُ
وَلَيْسَ صَرِيْرَ النَّعْشِ مَا تَسْمَعُوْنَهُ * وَلَكِنَّهُ أَصْلاَبُ قَوْمٍ تَقَصَّفُ
وَقَدْ كَانَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ يَوْم المِحْنَةِ إِلْباً علَى الإِمَامِ أَحْمَدَ، يَقُوْلُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، اقْتُلْهُ، هُوَ ضَالٌّ مُضِلٌّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
اسْتَتَبْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي دُوَادَ مِنْ قَوْلِهِ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ فِي لَيْلَةٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ.
قَالَ الخَلاَّلُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئٍ، قَالَ:
حَضَرتُ العِيْدَ مَعَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَإذَا بِقَاصٍّ يَقُوْلُ: عَلَى ابْنِ أَبِي دُوَادَ اللَّعْنَةُ، وَحَشَا اللهُ قَبْرَهُ نَاراً.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَا أَنْفَعَهُم لِلعَامَّةِ!
وَقَدْ كَانَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ مُحْسِناً إِلَى عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ بِالمَالِ؛ لأَنَّه بَلَدِيُّهُ، وَلِشَيْءٍ آخَرَ، وَقَدْ شَاخَ وَرُمِيَ بِالفَالِجِ، وَعَادَهُ عَبْدُ العَزِيْزِ الكِنَانِيُّ، وَقَالَ: لَمْ آتِكَ عَائِداً، بَلْ لأَحْمَدَ اللهَ عَلَى أَنْ سَجَنَكَ فِي جِلْدِكَ. (11/171)
قَالَ المُغِيْرَةُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ: مَاتَ هُوَ وَوَلَدُهُ مُحَمَّدٌ مَنْكُوْبَيْنِ، الوَلَدُ أَوَّلاً، ثُمَّ مَاتَ الأَبُ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ بِبَغْدَادَ.
قُلْتُ: صَادَرَهُ المُتَوَكِّلُ، وَأَخَذَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَافتَقَرَ، وَوَلَّى القَضَاءَ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ، ثُمَّ عَزَلَهُ بَعْدَ عَامَيْنِ، وَأَخَذَ مِنْهُ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ وَأَرْبَعَةَ آلاَفِ جَرِيبٍ كَانَتْ لَهُ بِالبَصْرَةِ.
فَالدُّنْيَا مِحَنٌ.
(21/202)
كَانَ دَاعِيَةً إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ، لَهُ كَرَمٌ وَسَخَاءٌ وَأَدَبٌ وَافِرٌ وَمَكَارِمُ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: أَكرَمُ الدَّوْلَةِ البَرَامِكَةُ، ثُمَّ ابْنُ أَبِي دُوَادَ، لَوْلاَ مَا وَضَعَ بِهِ نَفْسَه مِنْ مَحَبَّةِ المِحْنَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَةٍ، بِالبَصْرَةِ، وَلَمْ يُضَفْ إِلَى كَرَمِهِ كَرَمٌ.
قَالَ حَرِيْزُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ: كَانَ أَبِي إِذَا صَلَّى، رَفَعَ يَدَه إِلَى السَّمَاءِ، وَخَاطَبَ رَبَّهُ، وَيَقُوْلُ:
مَا أَنْتَ بِالسَّبَبِ الضَّعِيْفِ وَإِنَّمَا * نُجْحُ الأُمُورِ بِقُوَّةِ الأَسْبَابِ
فَالْيَوْمَ حَاجَتُنَا إِلَيْكَ، وَإِنَّمَا * يُدْعَى الطَّبِيْبُ لِسَاعَةِ الأَوْصَابِ
وَقَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: كَانَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ شَاعِراً مُجِيْداً، فَصِيْحاً، بَلِيْغاً، مَا رَأَيْتُ رَئِيْساً أَفصَحَ مِنْهُ. (11/170)
قَالَ عَوْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ: لَعَهْدِي بِالكَرْخِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: ابْنُ أَبِي دُوَادَ مُسْلِمٌ، لَقُتِلَ.
ثُمَّ وَقَعَ الحَرِيْقُ فِي الكَرْخِ، فَلَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ قَطُّ.
فَكَلَّمَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ المُعْتَصِمَ فِي النَّاسِ، وَرَقَّقَهُ إِلَى أَنْ أَطلَقَ لَهُ خَمْسَةَ آلاَفِ أَلفِ دِرْهَمٍ، فَقَسَمَهَا عَلَى النَّاسِ، وَغَرِمَ مِنْ مَالِهِ جُمْلَةً.
(21/201)
فَلَعَهْدِي بِالكَرْخِ، وَلَوْ أَنَّ إِنْسَاناً قَالَ: زِرُّ أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ وَسِخٌ، لَقُتِلَ.
وَلَمَّا مَاتَ، رَثَتْهُ الشُّعَرَاءُ، فَمِنْ ذَلِكَ:
وَلَيْسَ نَسِيْمَ المِسْكِ رِيْحُ حَنُوْطِهِ * وَلَكِنَّهُ ذَاكَ الثَّنَاءُ المُخَلَّفُ
وَلَيْسَ صَرِيْرَ النَّعْشِ مَا تَسْمَعُوْنَهُ * وَلَكِنَّهُ أَصْلاَبُ قَوْمٍ تَقَصَّفُ
وَقَدْ كَانَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ يَوْم المِحْنَةِ إِلْباً علَى الإِمَامِ أَحْمَدَ، يَقُوْلُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، اقْتُلْهُ، هُوَ ضَالٌّ مُضِلٌّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ يَقُوْلُ:
اسْتَتَبْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي دُوَادَ مِنْ قَوْلِهِ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ فِي لَيْلَةٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ.
قَالَ الخَلاَّلُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَانِئٍ، قَالَ:
حَضَرتُ العِيْدَ مَعَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَإذَا بِقَاصٍّ يَقُوْلُ: عَلَى ابْنِ أَبِي دُوَادَ اللَّعْنَةُ، وَحَشَا اللهُ قَبْرَهُ نَاراً.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَا أَنْفَعَهُم لِلعَامَّةِ!
وَقَدْ كَانَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ مُحْسِناً إِلَى عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ بِالمَالِ؛ لأَنَّه بَلَدِيُّهُ، وَلِشَيْءٍ آخَرَ، وَقَدْ شَاخَ وَرُمِيَ بِالفَالِجِ، وَعَادَهُ عَبْدُ العَزِيْزِ الكِنَانِيُّ، وَقَالَ: لَمْ آتِكَ عَائِداً، بَلْ لأَحْمَدَ اللهَ عَلَى أَنْ سَجَنَكَ فِي جِلْدِكَ. (11/171)
قَالَ المُغِيْرَةُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ: مَاتَ هُوَ وَوَلَدُهُ مُحَمَّدٌ مَنْكُوْبَيْنِ، الوَلَدُ أَوَّلاً، ثُمَّ مَاتَ الأَبُ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ بِبَغْدَادَ.
قُلْتُ: صَادَرَهُ المُتَوَكِّلُ، وَأَخَذَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَافتَقَرَ، وَوَلَّى القَضَاءَ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ، ثُمَّ عَزَلَهُ بَعْدَ عَامَيْنِ، وَأَخَذَ مِنْهُ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ وَأَرْبَعَةَ آلاَفِ جَرِيبٍ كَانَتْ لَهُ بِالبَصْرَةِ.
فَالدُّنْيَا مِحَنٌ.
(21/202)
عدد المشاهدات *:
273796
273796
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 13/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 13/12/2013