اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 19 رمضان 1445 هجرية
?? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ???????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

الأعمال

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
المُجَلَّدُ الحَادِي عَشَرَ
الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنَ التَّابِعِيْنَ
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع)
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) ص
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
عَنْكَ أَلَمُ الضَّربِ؟
(21/303)

فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ، وَقبضَ كُوعَيْهِ اليَمِيْنَ وَاليسَارَ، وَقَالَ: هَذَا، كَأَنَّهُ يَقُوْلُ: خُلعَ، وَإِنَّهُ يَجِدُ مِنْهُمَا أَلَمَ ذَلِكَ.
وَبِهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى صَاحِبُ بِشْرٍ، قَالَ:
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: قِيلَ لِي: اكتبْ ثَلاَثَ كَلِمَاتٍ، وَيُخَلَّى سَبيلُكَ.
فَقُلْتُ: هَاتُوا.
قَالُوا: اكتبْ: اللهُ قَدِيْمٌ لَمْ يَزَلْ.
قَالَ: فكتبتُ.
فَقَالُوا: اكْتُبْ: كُلُّ شَيْءٍ دُوْنَ اللهِ مَخْلُوْقٌ.
وَقَالُوا: اكتبْ: اللهُ رَبُّ القُرْآنِ.
قُلْتُ: أَمَّا هَذِهِ فَلاَ، وَرَمَيتُ بِالقلمِ.
فَقَالَ بِشْرُ بنُ الحَارِثِ: لَوْ كَتَبهَا، لأَعطَاهُم مَا يُرِيْدُوْنَ. (11/259)
وَبِهِ، قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَارِثِ العُبَادِيُّ - وَكَانَ رَافَقَنَا فِي بلاَدِ الرُّوْمِ - قَالَ:
حضَرَ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الطُّفَاوِيُّ، فَذُكِرَ لَهُ حَدِيْثٌ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: أُخْبِرَكَ بنَظِيْرِ هَذَا، لَمَّا أُخرجَ بِنَا، جَعَلتُ أُفكرُ فِيْمَا نَحْنُ فِيْهِ، حَتَّى إِذَا صِرنَا إِلَى الرَّحبَةِ، أُنزِلنَا بِظَاهِرهَا، فمددتُ بَصَرِي، فَإذَا بِشَيْءٍ لَمْ أَسْتثبتْه، فَلَمْ يَزَلْ يدنُو، وَإِذَا أَعْرَابِيٌّ جَعَلَ يَتخطَّى تِلْكَ المَحَاملَ حَتَّى صَارَ إِلَيَّ، فَوَقَفَ عَليَّ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟
فَسَكَتُّ تَعجُّباً!! ثُمَّ أعَادَ، فَسَكَتُّ، فَبركَ عَلَى رُكبتَيه، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَال: أَبشرْ، وَاصْبرْ، فَإِنَّمَا هِيَ ضَربَةٌ هَا هُنَا، وَتَدْخُلُ الجَنَّةَ هَا هُنَا.
ثُمَّ مَضَى، فَقَال الطُّفَاوِيُّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! إِنكَ محمودٌ عِنْدَ العَامَّةِ.
(21/304)

فَقَالَ: أَحْمَدُ اللهَ عَلَى دِيْنِي، إِنَّمَا هَذَا دِينٌ، لَوْ قُلْتُ لَهُم، كفرتُ.
فَقَال الطُّفَاوِيُّ: أَخْبِرْنِي بِمَا صَنعُوا بِكَ؟
قَالَ: لَمَّا ضُربتُ بِالسيَاطِ، جَعَلتُ أَذكرُ كَلاَمَ الأَعْرَابِيِّ، ثُمَّ جَاءَ ذَاكَ الطَّوِيْلُ اللِّحْيَةِ -يَعْنِي: عُجَيفاً- فَضَربنِي بقَائِمِ السَّيْفِ، ثُمَّ جَاءَ ذَاكَ، فَقُلْتُ: قَدْ جَاءَ الفرجُ، يَضْرِبُ عُنُقِي، فَأَستريحُ.
فَقَال لَهُ ابْن سمَاعَةَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، اضربْ عُنُقَه، وَدمُه فِي رَقَبَتِي.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: لاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لاَ تفعلْ، فَإِنَّه إِنْ قُتلَ أَوْ مَاتَ فِي دَارِكَ، قَالَ النَّاسُ: صَبَرَ حَتَّى قُتلَ، فَاتَّخذَه النَّاسُ إِمَاماً، وَثَبَتُوا عَلَى مَا هُم عَلَيْهِ، وَلَكِنْ أَطلِقْه السَّاعَةَ، فَإِنْ مَاتَ خَارجاً مِنْ مَنْزِلِكَ، شَكَّ النَّاسُ فِي أَمرِه، وَقَالَ بَعْضُهُم: أَجَابَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُجِبْ.
فَقَالَ الطُّفَاوِيُّ: وَمَا عَلَيْكَ لَوْ قُلْتَ؟
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَوْ قُلْتُ، لَكفرتُ.
وَبِهِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
دَعَا المُعْتَصِمُ بِعَمِّ أَحْمَدَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: تَعْرِفونَه؟
قَالُوا: نَعَمْ، هُوَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ.
قَالَ: فَانظرُوا إِلَيْهِ، أَلَيْسَ هُوَ صَحِيْحَ البَدَنِ؟
قَالُوا: نَعَمْ، وَلَوْلاَ أَنَّهُ فعلَ ذَلِكَ، لكُنْتُ أَخَافُ أَنْ يَقَعَ شَيْءٌ لاَ يُقَامُ لَهُ.
قَالَ: وَلَمَّا قَالَ: قَدْ سَلَّمْتُه إِلَيْكُم صَحِيْحَ البَدَنِ، هَدأَ النَّاسُ وَسَكَنُوا. (11/260)
قُلْتُ: مَا قَالَ هَذَا مَعَ تَمكُّنِهِ فِي الخِلاَفَةِ وَشَجَاعتِهِ إِلاَّ عَنِ أمرٍ كَبِيْرٍ، كَأنَّهُ خَافَ أَنْ يَمُوْتَ مِنَ الضَّربِ، فَتَخْرُجَ عَلَيْهِ العَامَّةُ.
(21/305)

وَلَوْ خَرَجَ عَلَيْهِ عَامَّةُ بَغْدَادَ، لَرُبَّمَا عجِزَ عَنْهُم.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: لَمَّا أَمرَ المُعْتَصِمُ بِتخليَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، خَلعَ عَلَيْهِ مُبَطَّنَةً وَقَمِيصاً، وَطَيلسَاناً وَقَلَنْسُوَةً وَخُفّاً.
فَبَينَا نَحْنُ عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَالنَّاسُ فِي المَيدَانِ وَالدُّروبِ وَغَيْرِهَا، وَغُلَّقتِ الأسواقُ، إِذ خَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عَلَى دَابَّةٍ مِنْ دَارِ المُعْتَصِمِ فِي تِلْكَ الثِّيَابِ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ -يَعْنِي: نَائِبَ بَغْدَادَ- عَنْ يسَارِهِ.
فَلَمَّا صَارَ فِي الدِّهلِيزِ قَبْلَ أَنْ يَخرُجَ، قَالَ لَهُمُ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: اكشفُوا رَأْسَهُ.
فَكشفُوهُ -يَعْنِي: مِنَ الطَّيلسَانِ- وَذَهَبُوا يَأْخُذُوْنَ بِهِ نَاحِيَةَ المَيدَانِ نَحْوَ طَرِيْقِ الحَبْسِ، فَقَالَ لَهُم إِسْحَاقُ: خُذُوا بِهِ هَا هُنَا - يُرِيْدُ دِجلَةَ -.
فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الزَّوْرَقِ، وَحُمِلَ إِلَى دَارِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ صُلِّيَتِ الظُّهرُ، وَبَعَثَ إِلَى وَالِدِي وَإِلَى جِيرَاننَا وَمَشَايِخِ المَحَالِّ، فَجُمِعُوا، وَأُدْخِلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُم: هَذَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَإِنْ كَانَ فِيْكُم مَنْ يَعْرِفُهُ، وَإِلاَّ فَلْيَعْرِفْهُ.
(21/306)

قَالَ ابْنُ سمَاعَةَ - حِيْنَ دَخَلَ الجَمَاعَةُ - لَهُم: هَذَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَإنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ نَاظرَهُ فِي أَمرِهِ، وَقَدْ خَلَّى سَبِيلَهُ، وَهَا هُوَ ذَا، فَأُخْرِجَ عَلَى فَرَسٍ لإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ عِنْدَ غُروبِ الشَّمْسِ، فَصَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَمَعَهُ السُّلْطَانُ وَالنَّاسُ، وَهُوَ مُنْحَنٍ، فَلَمَّا ذهبَ لِينزلَ، احتَضنْتُهُ، وَلَمْ أَعْلَمْ، فَوَقعَتْ يَدِي عَلَى مَوْضِعِ الضَّربِ، فَصَاحَ، فَنَحَّيْتُ يَدِي، فَنَزَلَ مُتَوَكِّئاً عَلَيَّ، وَأغلقَ البَابَ، وَدَخلنَا مَعَهُ، وَرَمَى بِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِهِ لاَ يَقدِرُ أَنْ يتحرَّكَ إِلاَّ بِجهدٍ، وَنزعَ مَا كَانَ خُلِعَ عَلَيْهِ، فَأمرَ بِهِ، فَبِيعَ، وَتَصدَّقَ بِثمنِهِ. (11/261)
وَكَانَ المُعْتَصِمُ أمرَ إِسْحَاقَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ أَنْ لاَ يقطعَ عَنْهُ خَبَرَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تُرِكَ فِيْمَا حُكِيَ لَنَا عِنْدَ الإِيَاسِ مِنْهُ.
وَبَلَغَنَا: أَنَّ المُعْتَصِمَ ندمَ، وَأُسقطَ فِي يَدِه، حَتَّى صلحَ، فَكَانَ صَاحِبُ خَبَرِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ يَأتِينَا كُلَّ يَوْمٍ يَتَعرَّفُ خبرَه، حَتَّى صَحَّ، وَبقيتْ إِبهَامَاهُ مُنخلعَتينِ، يَضْرِبَانِ عَلَيْهِ فِي البَردِ، فَيُسَخَّنُ لَهُ المَاءُ، وَلَمَّا أَردنَا علاجَه، خِفْنَا أَنْ يدسَّ أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ سُمّاً إِلَى المُعَالِجِ، فَعمِلنَا الدَّوَاءَ وَالمرهَمَ فِي مَنْزِلنَا.
(21/307)

وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُلُّ مَنْ ذَكَرنِي فَفِي حِلٍّ إِلاَّ مُبتدِعاً، وَقَدْ جَعَلتُ أَبَا إِسْحَاقَ -يَعْنِي: المُعْتَصِمَ- فِي حِلٍّ، وَرَأَيْتُ اللهَ يَقُوْلُ: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلاَ تُحِبُّوْنَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُم} [النُّورُ: 22] وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ بِالعفوِ فِي قِصَّةِ مِسْطَحٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَمَا ينفعُكَ أَنْ يُعَذِّبَ اللهُ أَخَاكَ المُسْلِمَ فِي سَبَبكَ؟!! (11/262)
قَالَ حَنْبَلٌ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: قَالَ بُرْغُوْثُ -يَعْنِي: يَوْمَ المِحْنَةِ-: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هُوَ كَافِرٌ حلاَلُ الدَّمِ، اضربْ عُنُقَه، وَدمُه فِي عُنُقِي.
وَقَالَ شُعَيْبٌ كَذَلِكَ أَيْضاً: تَقَلَّدْ دَمِي، فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو إِسْحَاقَ إِلَيْهِمَا.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَمْ يَكُنْ فِي القَوْمِ أَشَدُّ تَكْفِيْراً لِي مِنْهُمَا، وَأَمَّا ابْنُ سِمَاعَةَ، فَقَالَ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنَّه مِنْ أَهْلِ بَيْتِ شَرفٍ ولَهُم قَدَمٌ، وَلَعَلَّهُ يَصيرُ إِلَى الَّذِي عَلَيْهِ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، فَكَأنَّه رقَّ عِنْدَهَا، وَكَانَ إِذَا كَلَّمنِي ابْنُ أَبِي دُوَادَ، لَمْ ألتفتْ إِلَى كَلاَمِه، وَإِذَا كلَّمنِي أَبُو إِسْحَاقَ، أَلَنْتُ لَهُ القَوْلَ.
قَالَ: فَقَالَ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ: أَجِبنِي يَا أَحْمَدُ، فَإِنَّه بَلَغَنِي أَنَّكَ تحبُّ الرِّئاسَةَ، وَذَلِكَ لَمَّا أوَغرُوا قَلْبَه عَلَيَّ.
وَجَعَلَ بَرْغُوْثُ يَقُوْلُ: قَالَ الجَبْرِيُّ: كَذَا وَكَذَا كَلاَمٌ هُوَ الكُفْرُ بِاللهِ.
فَجعلتُ أَقُوْلُ: مَا أَدرِي مَا هَذَا، إِلاَّ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ أَحَدٌ صَمَدٌ لاَ شِبْهَ لَهُ وَلاَ عِدْلَ، وَهُوَ كَمَا وَصفَ نَفْسَهُ، فَسَكَتَ.
(21/308)

وَقَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ: يَا أَحْمَدُ، إِنِّي لأُشْفِقُ عَلَيْكَ كَشفقَتِي عَلَى ابْنِي هَارُوْنَ، فَأَجِبْنِي، وَاللهِ لَودِدتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَرفتُكَ يَا أَحْمَدُ، اللهَ اللهَ فِي دَمِكَ.
فلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ ذَلِكَ، قَالَ: لَعنكَ اللهُ، لَقَدْ طَمعتُ أَنْ تُجِيبَنِي.
ثُمَّ قَالَ: خُذُوهُ، وَاسحَبُوهُ.
فَأُخذتُ ثُمَّ خُلِّعتُ، وَجِيْءَ بِعُقَابَيْنِ وَأَسيَاطٍ، وَكَانَ مَعِي شعرٌ مِنْ شعرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ صُيِّرتُ بَيْنَ العُقَابينِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، اللهَ اللهَ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ)، يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فِيمَ تَسْتحلُّ دَمِي؟ اللهَ اللهَ، لاَ تَلقَ اللهَ وَبَيْنِي وَبَيْنَكَ مُطَالَبَةٌ، اذكرْ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وُقُوفَك بَيْنَ يَدَيِ اللهِ -تَعَالَى- كَوقُوفِي بَيْن يَدَيكَ، وَرَاقبِ اللهَ.
فَكَأَنَّهُ أَمسكَ، فَخَافَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ أَنْ يَكُوْنَ مِنْهُ عطفٌ أَوْ رَأفَةٌ، فَقَالَ: إِنَّه كَافِرٌ بِاللهِ، ضَالٌّ مُضِلٌّ.
قَالَ حَنْبَلٌ: لَمَّا أَردنَا علاجَه، خِفْنَا أَنْ يَدُسَّ ابْنُ أَبِي دُوَادَ إِلَى المُعَالِجِ، فَيُلقِيَ فِي دَوائِه سُمّاً، فَعمِلنَا الدَّوَاءَ وَالمرهَمَ عِنْدنَا، فَكَانَ فِي بَرنِيَّةٍ، فَإِذَا دَاوَاهُ رَفَعنَاهَا.
قَالَ: وَكَانَ إِذَا أصَابَه البَرْدُ، ضُرِبَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ: لَقَدْ ظننتُ أَنِّي أَعطَيتُ المجهودَ مِنْ نَفْسِي. (11/263)
(21/309)

مِحْنَةُ الوَاثِقِ:
قَالَ حَنْبَلٌ: لَمْ يَزَلْ أَبُو عَبْدِ اللهِ بَعْدَ أَنْ بَرِئَ مِنَ الضَّربِ يَحضرُ الجُمُعَةَ وَالجَمَاعَةَ، وَيُحَدِّثُ وَيُفْتِي، حَتَّى مَاتَ المُعْتَصِمُ، وَوَلِيَ ابْنُهُ الوَاثِقُ، فَأَظهَرَ مَا أَظهرَ مِنَ المِحْنَةِ وَالمَيلِ إِلَى أَحْمَدَ بنِ أَبِي دُوَادَ وَأَصْحَابِه.
فَلَمَّا اشتدَّ الأَمْرُ عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ، وَأَظْهَرتِ القُضَاةُ المِحْنَةَ بِخلقِ القُرْآنِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ فَضْلٍ الأَنْمَاطِيِّ وَبَيْنَ امْرَأَتِه، وَبَيْنَ أَبِي صَالِحٍ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يَشْهَدُ الجُمُعَةَ، وَيُعِيدُ الصَّلاَةَ إِذَا رَجَعَ، وَيَقُوْلُ: تُؤْتَى الجُمُعَةُ لِفَضلِهَا، وَالصَّلاَةُ تُعَادُ خَلْفَ مَنْ قَالَ بِهَذِهِ المَقَالَةِ.
وَجَاءَ نَفرٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَقَالُوا: هَذَا الأَمْرُ قَدْ فَشَا وَتفَاقمَ، وَنَحْنُ نَخَافُه عَلَى أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، وَذَكَرُوا ابْنَ أَبِي دُوَادَ، وَأَنَّهُ عَلَى أَنْ يَأْمُرَ المُعَلِّمِيْنَ بِتعَلِيْمِ الصِّبْيَانِ فِي المكَاتِبِ: القُرْآنُ كَذَا وَكَذَا، فَنَحْنُ لاَ نَرضَى بِإِمَارَتِه.
فَمَنَعهُم مِنْ ذَلِكَ، وَنَاظَرَهُم. (11/264)
وحَكَى أَحْمَدُ قَصدَهُ فِي مُنَاظَرَتِهِم، وَأَمَرَهُم بِالصَّبْرِ.
قَالَ: فَبَينَا نَحنُ فِي أَيَّامِ الوَاثِقِ، إِذ جَاءَ يَعْقُوْبُ لَيلاً بِرِسَالَةِ الأَمِيْرِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ:
(21/310)

يَقُوْلُ لَكَ الأَمِيْرُ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ ذَكَرَكَ، فَلاَ يَجتَمِعَنَّ إِلَيْكَ أَحَدٌ وَلاَ تُسَاكِنِّي بِأَرْضٍ وَلاَ مَدينَةٍ أَنَا فِيْهَا، فَاذهبْ حَيْثُ شِئْتَ مِنْ أَرضِ اللهِ.
قَالَ: فَاختَفَى أَبُو عَبْدِ اللهِ بَقِيَّةَ حَيَاةِ الوَاثِقِ.
وَكَانَتْ تِلْكَ الفِتْنَةُ، وَقُتِلَ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الخُزَاعِيُّ.
وَلَمْ يَزَلْ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُختفياً فِي

عدد المشاهدات *:
266285
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 13/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 13/12/2013

سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي

روابط تنزيل : أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) ص
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ (ع) ص لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي


@designer
1