الزَّاهِدُ، العَارِفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَارِثُ بنُ أَسَدٍ البَغْدَادِيُّ، المُحَاسِبِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الزُّهْدِيَّةِ.يَرْوِي عَنْ: يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ يَسِيْراً.رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَسْرُوْقٍ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ، وَالجُنَيْدُ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ خَيْرَانَ الفَقِيْهُ - إِنْ صَحَّ -.قَالَ الخَطِيْبُ: لَهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ فِي الزُّهْدِ، وَأُصُوْلِ الدِّيَانَةِ، وَالرَّدِّ عَلَى المُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ.قَالَ الجُنَيْدُ: خَلَّفَ لَهُ أَبُوْهُ مَالاً كَثِيْراً، فَتَرَكَهُ، وَقَالَ: لاَ يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ.وَكَانَ أَبُوْهُ وَاقِفِيّاً. (12/111)قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ مِقْسَمٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ خَيْرَانَ، قَالَ:رَأَيْتُ المُحَاسِبِيَّ مُتَعَلَّقاً بِأَبِيْهِ، يَقُوْلُ: طَلِّقْ أُمِّي، فَإِنَّكَ عَلَى دِيْنٍ، وَهِيَ عَلَى غَيْرِهِ.قَالَ الجُنَيْدُ: قَالَ لِيَ الحَارِثُ: كَمْ تَقُوْلُ: عُزْلَتِي أُنْسِي، لَوْ أَنَّ نِصْفَ الخَلْقِ تَقَرَّبُوا مِنِّي، مَا وَجَدْتُ لَهُمْ أُنْساً، وَلَوْ أَنَّ النِّصْفَ الآخَرَ نَأَوْا عَنِّي، مَا اسْتَوْحَشْتُ.(23/107)وَاجْتَازَ الحَارِثُ يَوْماً بِي، فَرَأَيْتُ فِي وَجْهِهِ الضُّرَّ مِنَ الجُوْعِ، فَدَعَوْتُهُ، وَقدَّمْتُ لَهُ أَلْوَاناً، فَأَخَذَ لُقْمَةً، فَرَأَيْتُهُ يَلُوْكُهَا، فَوَثَبَ وَخَرَجَ، وَلفَظَ اللُّقْمَةَ، فَلَقِيْتُهُ، فَعَاتَبْتُهُ.فَقَالَ: أَمَّا الفَّاقَةُ فَكَانَتْ شَدِيْدَةً، وَلَكِنْ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّعَامُ مَرْضِيّاً، ارْتَفَعَ إِلَى أَنْفِي مِنْهُ زَفْرَةٌ، فَلَمْ أَقْبَلْهُ.وَعَنْ حَارِثٍ، قَالَ: جَوْهَرُ الإِنْسَانِ الفَضْلُ، وَجَوْهَرُ العَقْلِ التَّوْفِيْقُ.وَعَنْهُ، قَالَ: تَرْكُ الدُّنْيَا مَعَ ذِكْرِهَا صِفَةُ الزَّاهِدِيْنَ، وَتَرْكُهَا مَعَ نِسْيَانِهَا صِفَةُ العَارِفِيْنَ. (12/112)قُلْتُ: المُحَاسِبِيُّ كَبِيْرُ القَدْرِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ يَسِيْرٍ مِنَ الكَلاَمِ، فَنُقِمَ عَلَيْهِ.وَوَرَدَ: أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ أَثْنَى عَلَى حَالِ الحَارِثِ مِنْ وَجْهٍ، وَحَذَّرَ مِنْهُ.قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: شَهِدْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَسُئِلَ عَنِ المُحَاسِبِيِّ وَكُتُبِهِ، فَقَالَ:إِيَّاكَ وَهَذِهِ الكُتُبَ، هَذِهِ كُتُبُ بِدَعٍ وضَلاَلاَتٍ، عَلَيْكَ بِالأَثَرِ تَجِدْ غُنيَةً، هَلْ بَلَغَكُم أَنَّ مَالِكاً وَا?ثَّوْرِيَّ وَالأَوْزَاعِيَّ صَنَّفُوا فِي الخَطَرَاتِ وَالوَسَاوِسِ؟ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى البِدَعِ!قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: تَفَقَّهَ الحَارِثُ، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ، وَعَرَفَ مَذَاهِبَ النُّسَّاكِ، وَكَانَ مِنَ العِلْمِ بِمَوْضِعٍ، إِلاَّ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ وَمَسْأَلَةِ الإِيْمَانِ.وَقِيْلَ: هَجَرَهُ أَحْمَدُ، فَاخْتَفَى مُدَّةً.وَمَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. (12/113)(23/108) عدد المشاهدات *: 492277 عدد مرات التنزيل *: 0 حجم الخط : 10 12 14 16 18 20 22 24 26 28 30 32 * : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 13/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة - تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 13/12/2013 سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي