اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 18 رمضان 1445 هجرية
???? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ??????? ??? ????? ??? ??? ???? ????? ???????????? ??????????? ???????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

القلوب

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
المُجَلَّدُ الثَّانِي عَشَرَ
الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةَ عَشَرةَ مِنَ التَّابِعِيْنَ
المُعْتَمِدُ عَلَى اللهِ الخَلِيْفَةُ أَحْمَدُ بنُ المُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ
المُعْتَمِدُ عَلَى اللهِ الخَلِيْفَةُ أَحْمَدُ بنُ المُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
أَبُو العَبَّاسِ، وَقِيْلَ: أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ المُتوَكِّل عَلَى اللهِ جَعْفَر بن المُعْتَصِم أَبِي إِسْحَاقَ بن الرَّشِيْد، الهَاشِمِيّ العَبَّاسِيّ السَّامَرِّيّ.
وَأُمُّه رُومِيَّة اسْمهَا فِتيَان.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ أَسْمَر، رَقِيْق اللُوْنَ، أَعْيَن جَمِيْلاً، خَفِيْف اللِّحْيَة.
قُلْتُ: اسْتُخلِف بَعْد قتل المُهْتَدِي بِاللهِ فِي سَادس عشر رَجَب سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدِمَ مُوْسَى بن بغَا بَعْد أَرْبَعَة أَيَّام إِلَى سَامَرَّاء، وَخمدت الفِتْنَة، وَكَانَ فِي حبس المُهْتَدِي بِالجوسق، فَأَخرجُوهُ وَبَايعُوهُ، فضيق المُعْتَمِد عَلَى عيَال المُهْتَدِي، وَاسْتعمل أَخَاهُ أَبَا أَحْمَدَ الموفّق عَلَى سَائِر المَشْرِق، وَعقد بولاَيَة العهد لاِبْنِهِ جَعْفَر، وَلقبَّه المفوّض إِلَى اللهِ، وَاسْتعمله عَلَى مِصْرَ وَالمَغْرِب، وَانهمك فِي اللَّهو وَاللَّعبِ، وَاشتغل عَنِ الرَّعِيَة، فكرهوهُ، وَأَحَبّوا أَخَاهُ الموفّق. (12/541)
وفِي رَجَبٍ أَيْضاً اسْتولَتِ الزَّنج عَلَى البَصْرَةِ وَالأُبُلَّة وَالأَهْوَاز، وَقْتلُوا وَسَبَوا، وَهُم عبيدُ العوامِّ، وَغوَغَاء الأَنذَال المُلْتفِّين عَلَى الخَبِيْث.
وَقَامَ بِالْكُوْفَةِ عَلِيُّ بن زَيْدٍ العَلَوِيّ، وَاسْتفحل أَمره وَهزم جَيْش الخَلِيْفَة.
(24/45)

وَظهر أَخُوْهُ حَسَن بن زَيْد بِالرَّيّ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ مُوْسَى بن بغَا.
وَحَجّ بِالنَّاسِ مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى بنِ المَنْصُوْر العَبَّاسِيّ.
وَنُودِي عَلَى صَالِح بن وَصيف المختفِي: مَنْ جَاءَ بِهِ فَلَهُ عَشْرَة آلاَف دِيْنَار.
فَاتَّفَقَ أَن غُلاَماً دَخَلَ درباً، فَرَأَى بَاباً مَفْتُوْحاً، فمشَى فِي الدِهْلِيْز، فَرَأَى صَالِحاً نَائِماً، فَعَرفه، فَأَسرع إِلَى مُوْسَى بن بغَا، فَأَخْبَرَهُ، فَبَعَثَ جَمَاعَة أَحضروهُ، وَذَهَبُوا بِهِ مكشوف الرَّأْس إِلَى الجوسق، فَبدره تركِيٌّ مِنْ وَرَائِه فَأَثْبَته، وَاحتزُّوا رَأْسه قَبْل مَقْتَل المُهْتَدِي، بِيَسِيْرٍ.
فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ صَالِحاً، فَلَقَدْ كَانَ نَاصحاً.
وَأَمَّا الصُّوْلِيّ: فَقَالَ: بَلْ عذَّبوهُ فِي حَمَّام، كَمَا هُوَ فعل بِالمُعْتَزّ، حَتَّى أَقرَّ بِالأَمْوَالِ، ثُمَّ خُنِقَ.
وقتلتِ الزَّنجُ بِالأُبُلَّةِ نَحْو ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً فَحَاربهُم سَعِيْد الحَاجِب، ثُمَّ قووا عَلَيْهِ، وَقْتلُوا خلقاً مِنْ جنده، وَتمت بَيْنَهُم وَبَيْنَ العَسْكَر وَقعَات.
وَفِيْهَا قتل مِيخَائِيل بن توفيل طَاغيَة الرُّوْم، قتله بَسِيْل الصَّقلبِيّ، فَكَانَ دَوْلَة مِيخَائِيل أَرْبَعاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً. (12/542)
وَفِي سَنَةِ 258 جرت وَقعَة بَيْنَ الزَّنجِ، وَبَيْنَ العَسْكَر، فَانهزم العَسْكَر، وَقُتِلَ قَائِدهُم مَنْصُوْر، ثُمَّ نهض أَبُو أَحْمَدَ الموفّق وَمفلح فِي عَسْكَر عَظِيْم إِلَى الغَايَة لِحَرْب الخَبِيْث، فَانهزم جَيْشه، ثُمَّ تَهَيَّأَ وَجَمَع الجُيُوش، وَأَقبلَ فَتمّت ملحمَة لَمْ يُسْمَعْ بِمثلهَا.
وَظهر المُسْلِمُوْنَ، ثُمَّ قُتل مقدَّمُهُم مفلح، فَانهزم النَّاس، وَاسْتبَاحهُم الزَّنج، وَفَرَّ الموفّق إِلَى الأُبُلَّةِ، وَترَاجعت إِلَيْهِ العَسَاكِر.
(24/46)

ثُمَّ الْتَقَى الزَّنجَ فَانتصر، وَأَسرَ طَاغيتهُم يَحْيَى، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى سَامَرَّاء فذبح، وَوَقَعَ الوبَاء، فَمَاتَ خَلاَئِق.
ثُمَّ الْتَقَى الموفَّقُ الزَّنجَ فَانكسر، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْ جَيْشه، وَتحيَّز هُوَ فِي طَائِفَة، وَعظُم البلاَء.
وَكَادَ الخَبِيْث أَنْ يملك الدُّنْيَا، وَكَانَ كذَّاباًَ مُمَخرِقاً مَاكراً شُجَاعاً دَاهِيَةً، ادَّعَى أَنَّهُ بُعِثَ إِلَى الخَلْق، فردَّ الرِّسَالَة، وَكَانَ يدّعِي عِلمَ الغيب - لعنه الله -.
وَدخلت سنَة تِسْع، فَعَرض الموفّق جَيْشه بِوَاسِطَ، وَأَمَّا الخَبِيْث فَدَخَلَ البطَائِح، وَبثق حَوْلَهُ الأَنهَار وَتحصَّن، فَهجم عَلَيْهِ الموفّق، وَأَحرق وَقَتَلَ فِيْهِم، وَاسْتنقذ مِنَ السّبايَا، وَردّ إِلَى بَغْدَادَ، فَسَارَ خَبِيْث الزَّنج إِلَى الأَهْوَاز، فَوَضَع السَّيْف، وَقَتَلَ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَسبَى أَرْبَعِيْنَ أَلفاً، فَسَارَ لِحَرْبِهِ مُوْسَى بن بغَا، فَتحَاربا بَضْعَة عشر شَهْراً، وَذَهَبَ تَحْتَ السَّيْف خَلاَئِق مِنَ الفَرِيْقَيْنِ - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون -.
وَفِيْهَا عصَى كَنْجُور، فَسَارَ لِحَرْبِهِ عِدَّة أُمرَاء، فَأَسر وَذبح.
وَأَقبلت الرُّوْم، فَنَازلُوا ملطيَة وَسُمَيسَاط، فَبرز القَابوس بِأَهْل ملطيَة، فَهُزم الرُّوْمُ، وَقُتِلَ مُقدَّمهُم. (12/543)
وَفِيْهَا تملَّك يَعْقُوْب الصَّفَّار نَيْسَابُوْر، وَركب إِلَى خدمته نَائِبهَا مُحَمَّد بن طَاهِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ، فعنَّفه وَسَبَّهُ، وَاعتقله، فَبَعَثَ المُعْتَمِد يَلُوْم الصَّفَّار، وَيَأْمره بِالانْصِرَاف إِلَى وَلاَيته، فَأَبَى، وَاسْتَوْلَى عَلَى الإقلِيم، وَدَانت لَهُ البِلاَد.
(24/47)

وَفِي سَنَةِ سِتِّيْنَ الْتَقَى الصَّفَّارُ الحَسَنَ بن زَيْدٍ العَلَوِيّ، فَانهزم العَلَوِيّ، وَدَخَلَ الصَّفَّار طَبَرِسْتَان وَالدَّيْلَم، وَاحتمَى العَلَوِيّ بِالجِبَال، فَتبعه الصَّفَّار، فَهلك خلق مِنْ جَيْشه بِالثلج، وَوَقَعَ الغلاَء، وَأُبيع بِبَغْدَادَ الكُرُّ بِمائَة وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.
وَأَخذت الرُّوْمُ مَدِيْنَة لُؤْلُؤة.
وَفِي سَنَةِ 261 مَالت الدَّيْلَم إِلَى الصَّفَّار وَنَابذُوا العلويَّ، فَصَارَ إِلَى كِرْمَان.
وَأَمَّا الزَّنج فَحُرُوبهُم متتَاليَة، وَسَارَ يَعْقُوْب الصَّفَّار إِلَى فَارِس، فَالتَقَى هُوَ وَابْن وَاصل، فَهَزمه الصَّفَّار، وَأَخَذَ لَهُ مِنْ قلعته أَرْبَعِيْنَ أَلف أَلف دِرْهَم.
وَأَعيَا المُعْتَمِدَ شَأنُ الصَّفَّار، وَحَار، فَلاَن لَهُ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالخلع وَبولاَيَة خُرَاسَان وَجُرْجَان، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ، حَتَّى يَجِيْء إِلَى سَامَرَّاء، وَأَضمرَ الشَّرّ، فَتَحَوَّل المُعْتَمِد إِلَى بَغْدَادَ، وَأَقبلَ الصَّفَّار بِكتَائِبَ كَالجِبَال.
فَقِيْلَ: كَانُوا سَبْعِيْنَ أَلف فَارِس، وثقله عَلَى عَشْرَة آلاَف جمل، فَأَنَاخ بِوَاسِطَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، وَانضمت العَسَاكِر المعتمديَّة، ثُمَّ زحف الصَّفَّار إِلَى دير عَاقول، فَجَهَّزَ المُعْتَمِد الملتقَى أَخَاهُ الموفّق، وَمُوْسَى بن بغَا وَمسُرُوْراً، فَالتَقَى الجمعَان فِي رَجَبٍ وَاشتدَّ القِتَال، فَكَانَتِ الهَزِيْمَة أَوَّلاً عَلَى الموفّق، ثُمَّ صَارت عَلَى الصَّفَّار، وَانهزم جَيْشه. (12/544)
فَقِيْلَ: نهب مِنْهُم عَشْرَة آلاَف فَرَس، وَمِنَ العين أَلفَا أَلف دِيْنَار، وَمِنَ الأَمتعَة مَا لاَ يحصَى، وَخُلِّصَ ابْنُ طَاهِر مِنَ الأَسر، وَرَجَعَ الصَّفَّار إِلَى فَارِس، وَردَّ المُعْتَمِدُ ابْنَ طَاهِر إِلَى وَلاَيته، وَأَعطَاهُ خَمْس مائَة أَلْف دِرْهَم.
(24/48)

وَأَمَّا الخَبِيْث فَاغتنم اشْتِغَال الجَيْش، فعمل كُلّ قبيح مِنَ القتل وَالأَسر.
وَفِيْهَا وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاةِ بِسَامَرَّاء عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَكَانَ أَخُوْهُ الحَسَن قَدْ تُوُفِّيَ حَاجّاً، وَوَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَاد إِسْمَاعِيْل القَاضِي.
وَفِيْهَا وَاقع المُسْلِمُوْنَ الزَّنج وَهزموهُم، وَقْتلُوا قَائِدهُم الصعلوك.
وفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ أَقبل الصَّفَّار، فَاسْتولَى عَلَى الأَهْوَاز.
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ سَارَ الموفَّقُ وَابْنُ بغَا لِحَرْب الزَّنج، فَمَاتَ ابْنُ بغَا، وَغزَا المُسْلِمُوْنَ الرُّوْم، وَغنمُوا.
ثُمَّ بيتَّتِ الرُّوْم مقدَّم المُسْلِمِيْنَ ابْنَ كَاوس، فَأَسروهُ جريحاً.
وَغلبت الزَّنج عَلَى وَاسِطَ، وَنهبُوهَا وَأَحرقوهَا.
وَغَضِبَ المُعْتَمِدُ عَلَى وَزيره سُلَيْمَان بن وَهْبٍ، وَأَخَذَ أَمْوَاله، وَاسْتَوْزَرَ الحَسَن بن مَخْلَدٍ، وَتَمَكَّنَ الموفّق، وَبَقِيَ لاَ يَلْتَفِت عَلَى أَحَد، وَأَظهر المنَابذَة، وَقصد سَامَرَّاء فَتَأَخر المُعْتَمِد أَخُوْهُ، ثُمَّ ترَاسلاَ، وَوَقَعَ الصُّلح وَأَطلق سُلَيْمَان بن وَهْبٍ، وَهَرَبَ الحَسَن بن مَخْلَدٍ. (12/545)
وَفِي سَنَةِ 65 مَاتَ يَعْقُوْب بن اللَّيْثِ الصَّفَّار المتغلّب عَلَى خُرَاسَان وَفَارِس بِالأَهْوَاز، فَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ عَمْرو، وَدَخَلَ فِي الطَّاعَة، وَاسْتنَابه الموفّق عَلَى المَشْرِق، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِالخلع.
وَقِيْلَ: بَلَغت تَرِكَةُ الصَّفَّار ثَلاَثَة آلاَف أَلف دِيْنَار، وَدُفِنَ بجندسَابور، وَكُتِبَ عَلَى قَبْره: هَذَا قَبْر المِسْكِيْن يَعْقُوْب، وَكَانَ فِي صباهُ يَعْمَل فِي ضرب النَّحَاس بدِرْهَمَيْنِ.
وَفِي سَنَةِ 66 أَقبلت الرُّوْم إِلَى ديَار رَبِيْعَة، وَقْتلُوا وَسبَوا، وَهَرَبَ أَهْل الجَزِيْرَة.
(24/49)

وَتمّت وَقعَة مَعَ خَبِيْث الزَّنج، وَظهرُوا فِيْهَا، وَسَارَ أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ الخُجُستَانِيّ، فَهَزم الحَسَنَ بن زَيْدٍ العَلَوِيّ، وَظفر بِهِ فَقَتَلَهُ، وَحَارَبَ عَمْرو بن اللَّيْثِ الصَّفَّار، وَظهر عَلَى عَمْرو، وَدَخَلَ نَيْسَابُوْر، وَقتل وَصَادر، وَاسْتبَاحت الزَّنج رَامَهُرْمُز.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ كَرُّوا عَلَى وَاسِطَ، وَعَثّرُوا أَهلهَا، فَجَهَّزَ الموفَّق وَلده أَبَا العَبَّاسِ الَّذِي صَارَ خَلِيْفَة، فَقتل وَأَسر، وَغَرَّق سفنَهُم.
ثُمَّ تجمَّع جَيْش الخَبِيْث، وَالتَقَوا بِالعَبَّاس فَهَزمهُم، ثُمَّ التَقَوا ثَالِثاً فَهَزمهُم، وَدَام القِتَال شَهْرَيْنِ، وَرغبُوا فِي أَبِي العَبَّاسِ، وَاسْتَأَمن إِلَيْهِ خلق مِنْهُم، ثُمَّ حَاربهُم حَتَّى دوّخ فِيْهِم، وَرُدَّ سَالماً غَانماً، وَبَقِيَ لَهُ وَقْعَ فِي النُّفُوْس، وَسَارَ إِلَيْهِم الموفَّق فِي جَيْش كثيف فِي المَاء وَالبرِّ، وَلَقِيَهُ وَلده، وَالتَقَوا الزَّنج، فَهَزموهُم أَيْضاً.
وَخَارت قوَى الخَبِيْث، وَأَلحّ الموفق فِي حربِهِم، وَنَازل طِهْثِيّاً، وَكَانَ عَلَيْهَا خَمْسَة أَسوَار، فَأَخَذَهَا، وَاسْتخلص مِنْ أَسر الخبثَاء عَشْرَة آلاَف مسلمَة، وَهدمهَا. (12/546)
(24/50)

وَكَانَ المُهَلَّبِيّ القَائِد مقيماً بِالأَهْوَاز فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً مِنَ الزَّنج، فَسَارَ الموفَّق لِحَرْبِهِ، فَانهزم، وَتفرَّق عَسْكَره، وَطلب خلق مِنْهُم الأَمَان، فَأَمَّنهُم، وَرفق بِهِم، وَخلعَ عَلَيْهِم، وَنَزَلَ الموفّق بتُستَر، وَأَنفق فِي الجَيْش، وَمهَّدَ البِلاَد، وَجَهَّزَ ابْنه المعتضد أَبَا العَبَّاسِ لِحَرْب الخَبِيْث، فَجَهَّزَ لَهُ سفناً فَاقْتَتَلُوا، وَانتصر أَبُو العَبَّاسِ، وَكَتَبَ كِتَاباً إِلَى الخَبِيْث يُهدِّده، وَيَدْعُوهُ إِلَى التَّوبَة مِمَّا فعل، فعتَا وَتمرّد، وَقَتَلَ الرَّسُوْلَ، فَسَارَ الموفّق إِلَى مَدِيْنَة الخَبِيْث بنهر أَبِي الخصيب، وَنصب السَّلاَلِم وَدخلوهَا، وَملكُوا السُّوْر، فَانهزمت الزَّنج، وَلَمَّا رَأَى الموفّق حصَانتهَا اندهش، وَاسمهَا المختَارَة، وَهَاله كَثْرَة المُقَاتِلَة بِهَا، لَكِن اسْتَأَمن إِلَيْهِ عِدَّة، فَأَكرمهُم.
وَنَقَلْتُ تفَاصيل حُرُوب الزَّنج فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم) فَمِنْ ذَلِكَ: لَمَّا كَانَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ برز الخَبِيْث وَعَسْكَره - فِيْمَا قِيْلَ - فِي ثَلاَث مائَة أَلْفٍ مَا بَيْنَ فَارِس وَرَاجل، فَرَكِبَ الموفق فِي خَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَحجز بَيْنَهُم النَّهْر، وَنَادَى الموفق بِالأَمَان، فَاسْتَأَمن إِلَيْهِ خلق، ثُمَّ إِنَّ الموفق بَنَى بِإِزَاء المختَارَة مَدِيْنَة عَلَى دجلَة سَمَّاهَا الموفقيَّة، وَبنَى بِهَا الجَامِع وَالأَسواق، وَسَكَنهَا الخلق، وَاسْتَأَمن إِلَيْهِ فِي شَهْر خَمْسَة آلاَف.
وَتمت ملحمَة فِي شَوَّالٍ، وَنُصِرَ الموفّق.
وفِي ذِي الحِجَّةِ عبر الموفق بجيشه إِلَى نَاحِيَة المختَارَة، وَهَرَبَ الخَبِيْث، لَكِنَّه رَجَعَ، وَأَزَال الموفق عَنْهَا.
وَاسْتَوْلَى أَحْمَد الخُجُستَانِي عَلَى خُرَاسَان وَكرمَان وَسِجِسْتَان، وَعزم عَلَى قصد العِرَاق. (12/547)
(24/51)

وفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ تتَابع أَجنَاد الخَبِيْث فِي الخُرُوْجِ إِلَى الموفق، وَهُوَ يحسن إِلَيْهِم.
وَأَتَاهُ جَعْفَر السَّجَّان صَاحِب سرّ الخَبِيْث، فَأَعطَاهُ ذهباً كَثِيْراً، فَرَكِبَ فِي سَفِيْنَة حَتَّى حَاذَى قصر الخَبِيْث، فصَاح: إِلَى مَتَى تصبرُوْنَ عَلَى الخَبِيْث الكَذَّاب؟
وَحدَّثهُم بِمَا اطَّلع عَلَيْهِ مِنْ كذبه وَكفره، فَاسْتَأَمن خلق.
ثُمَّ زحف الموفق عَلَى البلد، وَهدّ مِنَ السور أَمَاكن، وَدَخَلَ العَسْكَر مِنْ أَقطَارهَا، وَاغترُّوا، فكرَّ عَلَيْهِم الزَّنجُ، فَأَصَابُوا مِنْهُم، وَغَرِق خلق.
وَردَّ الموفق إِلَى بلده حَتَّى رمَّ شعثه، وَقطع الجلب عَنِ الخَبِيْث، حَتَّى أَكل أَصْحَابه الكِلاَب وَالمَيْتَة، وَهَرَبَ خلق، فَسَأَلهُم الموفق، فَقَالُوا: لَنَا سنَة لَمْ نر الخبز، وَقُتِلَ بهبُودُ أَكْبَرُ أُمرَاء الخَبِيْث، وَقَتَلَ الخَبِيْثُ وَلدَه لِكَوْنِهِ هَمَّ أَنْ يخرج إِلَى الموفق، وَشدَّ عَلَى أَحْمَد الخُجُستَانِي غلمَانُه فَقتلُوهُ، وَغزَا النَّاس مَعَ خَلْف التركِي، فَقتلُوا مِنَ الرُّوْم بَضْعَة عشر أَلْفاً.
وَفِي سَنَةِ تِسْع دَخَلَ الموفق المختَارَة عَنْوَة، وَنَادَى الأَمَان، وَقَاتَلَ حَاشيَةُ الخَبِيْث دُوْنَهُ أَشَدّ قتَال، وَحَاز الموفقُ خزَائِنَ الخَبِيْث، وَأَلقَى النَّار فِي جَوَانب المَدِيْنَة، وَجُرح الموفقُ بِسهْم، فَأَصبح عَلَى الحَرْب، وَآلمه جرحه، وَخَافُوا، فَخرجُوا حَتَّى عوفِي، وَرمَّ الخَبِيْثُ بلده.
(24/52)

وفِي السّنَة خَرَجَ المُعْتَمِد مِنْ سَامَرَّاء ليلحق لصَاحِب مصر أَحْمَد بن طولُوْنَ، وَكَانَ بِدِمَشْقَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الموفق، فَأَغرَى بِأَخِيْهِ إِسْحَاق بن كندَاج، فلقِي المُعْتَمِد بَيْنَ المَوْصِل وَالحَدِيْثَة، وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا هَذَا؟ فَأَخوك فِي وَجْه العَدُوّ وَأَنْت تخرج مِنْ مقرّ عِزِّك! وَمتَى علم بِهَذَا ترك مقَاومَة عدوك، وَتغلب الخَارِجِيّ عَلَى ديَار آبَائِك.
وَهَذَا كِتَاب أَخِيك يَأْمرنِي بردِّك.
فَقَالَ: أَنْتَ غُلاَمِي أَوْ غُلاَمه؟
قَالَ: كلّنَا غلمَانك مَا أَطعت الله، وَقَدْ عصيتَ بخُرُوْجك وَتسليطك عدوك عَلَى المُسْلِمِيْنَ. (12/548)
ثُمَّ قَامَ، وَوَكَّل بِهِ جَمَاعَة، ثُمَّ إنَّهُ بعثَ إِلَيْهِ يَطْلُب مِنْهُ ابْن خَاقَان وَجَمَاعَة لينَاظرهُم، فَبَعَثَ بِهِم، فَقَالَ لَهُم: مَا جنَى أَحَد عَلَى الإِمَامِ وَالإِسْلاَم جنَايتكُم، أَخرجتُمُوهُ مِنْ دَار ملكه فِي عِدَّة يَسِيْرَة، وَهَذَا هَارُوْنَ الشَّارِي بِإِزَائِكم فِي جمع كَثِيْر، فَلَو ظفر بِالخَلِيْفَة، لكَانَ عَاراً عَلَى الإِسْلاَم، ثُمَّ رسم أَيْضاً عَلَيْهِم، وَأَمر المُعْتَمِد بِالرُّجُوع، فَقَالَ: فَاحلف لِي أَنَّك تَنحدر معِي وَلاَ تُسلِمنِي، فحلف، وَانحدر إِلَى سَامَرَّاء.
فتلقَّاهُ كَاتِب الموفق صَاعِد، فَأَنزله فِي دَار أَحْمَد بن الخصيب، وَمنعه مِنْ نزول دَار الخِلاَفَة، وَوَكَّل بِهِ خَمْس مائَة نَفْس، وَمنع مِنْ أَنْ يجتمع بِهِ أَحَد.
وَبَعَثَ الموفق إِلَى ابْنِ كندَاج بِخِلَعٍ وَذَهَبٍ عَظِيْم.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: تحيَّل المُعْتَمِد مِنْ أَخِيْهِ، فَكَاتَبَ ابْن طولُوْنَ.
وَمِمَّا قَالَ:
أَلَيْسَ مِنَ العَجَائِب أَن مِثْلِي * يرَى مَا قلَّ ممتنعاً عَلَيْهِ
وَتُؤكل بِاسْمه الدُّنْيَا جَمِيْعاً * وَمَا مِنْ ذَاكَ شَيْء فِي يَدَيْهِ؟! (12/549)
(24/53)

وَلقَّب الموفقُ صَاعِدَ بن مَخْلَدٍ ذَا الوزرَاتين، وَلقب ابْن كندَاج ذَا السّيفين.
فَلَمَّا علم ابْن طولُوْنَ جمع الأَعْيَان، وَقَالَ: قدْ تَلاَ نكث الموفق بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، فَاخلعُوهُ مِنَ العهد، فَخَلَعُوهُ سِوَى القَاضِي بَكَّار بن قُتَيْبَةَ.
فَقَالَ لاِبْنِ طولُوْنَ: أَنْتَ أَريتَنِي كِتَاب أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ بتوليته العهد، فَأَرنِي كِتَابهُ بخلعه.
قَالَ: إِنَّهُ محجوز عَلَيْهِ، قَالَ: لاَ أَدْرِي.
قَالَ: أَنْتَ قَدْ خرفت وَحَبَسَهُ، وَأَخَذَ مِنْهُ عَطَاءهُ عَلَى القَضَاء عَشْرَة آلاَف دِيْنَار، وَأَمر الموفق بلعنَة أَحْمَد بن طولُوْنَ عَلَى المنَابر.
وَسَارَ ابْن طولُوْنَ، فَحَاصر المِصِّيْصَة، وَبِهَا خَادم، فسلَّط الخَادِم عَلَى جَيْش أَحْمَد بُثُوق النَّهْر، فَهلك مِنْهُم خلق، وَترحّلُوا، وَتخطَّفَهُم أَهْلُ المَدِيْنَة، وَمَرِضَ أَحْمَد، وَمَاتَ مغبوناً.
وفِي شَوَّالٍ كَانَتِ المَلْحَمَة الكُبْرَى بَيْنَ الخَبِيْث وَالموفق.
ثُمَّ وَقعت الهَزِيْمَة عَلَى الزَّنج، وَكَانُوا فِي جوع شَدِيد وَبلاَء - لاَ خفَّف الله عَنْهُم - وَخَامر عِدَّةٌ مِنْ قُوَّاد الخَبِيْث وَخوَاصّه، وَأُدخِلَ المُعْتَمِدُ فِي ذِي القَعْدَةِ إِلَى وَاسِطَ، ثُمَّ الْتَقَى الخَبِيْث وَالموفق، فَانهزمت الزَّنج أَيْضاً، وَأَحَاط الجَيْش، فحصرُوا الخَبِيْث فِي دَارِ الإِمَارَة، فَانملس مِنْهَا إِلَى دَار المُهَلَّبِيّ أَحَد قُوَّاده، وَأُسِرَت حُرَمُه، فَكَانَ النِّسَاء نَحْو مائَة، فَأَحسن إِليهنّ الموفق، وَأُحرِقَت الدَّار.
ثُمَّ جرت ملحمَة بَيْنَ الموفق وَالخَبِيْث فِي أَوّل سنَة سَبْعِيْنَ، ثُمَّ وَقعَة أُخْرَى قُتِلَ فِيْهَا الخَبِيْث - لاَ رَحِمَهُ اللهُ -.
وَكَانَ قَدِ اجْتَمَع مِنَ الجُنْد، وَمِنَ المطوّعَة مَعَ الموفق نَحْو ثَلاَث مائَة أَلْف.
(24/54)

وَفِي آخِر الأَمْر شدَّ الخَبِيْث وَفُرْسَانه، فَأَزَالوا النَّاس عَنْ موَاقفهم، فَحْمل الموفق، فَهَزمهُم، وَسَاقَ وَرَاءهُم إِلَى آخِر النَّهْر، فَبينَا الحَرْب تَسْتعر إِذْ أَتَى فَارِس إِلَى الموفق وَبِيَدِهِ رَأْس الخَبِيْث، فَمَا صدَّق، وَعرضه عَلَى جَمَاعَة، فَقَالُوا: هُوَ هُوَ، فَترجّل الموفق وَالأُمَرَاء، وَخرُّوا سَاجدين للهِ، وضجُوا بِالتّكبِير، وَبَادر أَبُو العَبَّاسِ بن الموفق فِي خوَّاصه، وَمَعَهُ رَأْس الخَبِيْث عَلَى قَنَاة إِلَى بَغْدَادَ، وَعُمِلَت قبَاب الزينَة، وَكَانَ يَوْماً مشهوداً، وَشرع النَّاس يترَاجِعُون إِلَى المَدَائِن الَّتِي أَخذهَا الخَبِيْث، وَكَانَتْ أَيَّامه خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. (12/550)
قَالَ الصُّوْلِيُّ: قَدْ قتل مِنَ المُسْلِمِيْنَ أَلف أَلف وَخَمْس مائَة.
قُلْتُ: وَكَذَا عَدَد قَتْلَى بَابك.
قَالَ: وَكَانَ يصعد عَلَى مِنْبَره بِمدينته، وَيَسُبّ عُثْمَان وَعَلِيّاً وَطَلْحَة وَعَائِشَة كمَذْهَب الأَزَارقَة، وَكَانَ يُنَادِي عَلَى المَسَبِّيَّةِ العَلَوِيَّة فِي عَسْكَره بدِرْهَمَيْنِ.
وَكَانَ عِنْد الزَّنْجِيّ الوَاحِد نَحْو عشر علويَّات، يَفترشهنّ وَيَخدُمن امْرَأَته.
وَفِي شَعْبَانَ أَعَادُوا المُعْتَمِد إِلَى سَامَرَّاء فِي أُبَّهَة تَامَّة.
وظهر بِالصعيد أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ الحسنِي، فَحَارَبَهُ عَسْكَر مِصْر غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ أُسر وَقُتِلَ.
وَفِيْهَا أَوّل ظهور دَعْوَة العُبَيْدِيَّة، وَذَلِكَ بِاليَمَنِ.
وَفِيْهَا نَازلت الرُّوْم فِي مائَةِ أَلْفٍ طَرَسُوْس، فَبيَّتهُم يَازمَان الخَادِم، فَقِيْلَ: قتل مِنْهُم سَبْعُوْنَ أَلْفاً، وَقُتِلَ ملكهُم، وَأُخِذَ مِنْهُم صَلِيبُ الصَّلبُوت.
فَالحَمْدُ للهِ عَلَى هَذَا النَّصْر العَزِيْز الَّذِي لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، مَعَ تمَام المنَّة عَلَى الإِسْلاَم بِمصرع الخَبِيْث.
(24/55)

قَالَتْ أُمّه: أَخذه أَبُوْهُ مِنِّي، وَغَاب سِنِيْنَ، وَتزوجت أَنَا، وَجَاءنِي وَلد، ثُمَّ جَاءنِي الغُلاَم وَقَدْ مَاتَ أَبُوْهُ بِاليَمَنِ، فَأَقَامَ عِنْدِي مُدَّة لاَ يدع بِالرَّيّ أَحَداً عِنْدَهُ أَدب أَوْ حَدِيْث إِلاَّ خَالطهُم وَعَاشرهُم. (12/551)
وَفِي سَنَةِ 271 كَانَتِ المَلْحَمَة بَيْنَ أَبِي العَبَّاسِ بن الموفق، وَبَيْنَ صَاحِب مِصْر خُمَارويه بفِلَسْطِيْن، وَجرت السيول مِنَ الدمَاء، ثُمَّ انهزم خمَارويه، وَذَهَبت خزَائِنه.
وَنَزَلَ أَبُو العَبَّاسِ فِي مضربه.
وَلَكِنْ كَانَ سَعْد الأَعسر كمِيْناً، فَخَرَجَ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بغتَة، فَهَزم جَيْشه، وَنجَا هُوَ فِي نَفَر يَسِيْر، وَنهب سَعْدٌ وَأَصْحَابٌه مَا لاَ يوصف.
وَفِي سَنَةِ 72 نَزَل أَبُو العَبَّاسِ بطَرَسُوْس، وَترَاجع عَسْكَره، وَآذُوا أَهْل البلد، فَتَنَاخوا وَطردوهُم، وَاسْتَوْلَى هَارُوْنَ الشَّارِي الخَارِجِيّ وَحَمْدَان بن حمدُوْنَ التَّغْلِبِيّ عَلَى المَوْصِل، وَقبض الموفق عَلَى ذِي الوزَارتين صَاعِد، وَأَخَذَ أَمْوَاله، وَاسْتَكْتَب إِسْمَاعِيْل بن بلبل، وَهَاجت بقَايَا الزَّنج بِوَاسِطَ، وَصَاحُوا: أَنكلاَي يَا مَنْصُوْر، وَهُوَ وَلد الخَبِيْث، وَكَانَ فِي سجن بَغْدَاد هُوَ وَالقوَّاد: ابْن جَامع وَالمُهَلَّبِيّ وَالشّعرَانِيّ، فَأخرجُوا وَصلبُوا.
وَسَارَ الموفق إِلَى كِرْمَان لِحَرْب عَمْرو بن اللَّيْثِ الصَّفَّار.
وَسَارَ يَازمَان الخَادِم أَمِيْر الثغور، فَوَغل فِي أَرْض الرُّوْم، فَقتل وَسبَى، وَرَجَعَ مُؤيّداً، وَأَخَذَ عِدَّة مرَاكب.
وَفِي سَنَةِ 76 وَقَعَ الرِّضَى عَنِ الصَّفَّار، وَكَتَبَ اسْمه عَلَى الأَعْلاَم وَالأَترسَة.
وَتمت بَيْنَ مُحَمَّد بن أَبِي السَّاج وَخمَارويه وَقعَات، ثُمَّ انكسر مُحَمَّد.
(24/56)

وَاتَّفَقَ يَازمَان مَعَ صَاحِب مِصْر، وَخطب لَهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ خمَارويه بِخِلَعٍ وَذَهَبٍ عَظِيْم.
وَاسْتَوْلَى رَافع بن هَرْثَمَة عَلَى طَبَرِسْتَان.
وَعَاد الموفق إِلَى بَغْدَادَ مَرِيْضاً مِنْ نقرس، ثُمَّ صَارَ دَاء الفيل، وَقَاسَى بلاَء، فَكَانَ يَقُوْلُ: فِي دِيْوَانِي مائَة أَلْف مرتزق، مَا أَصْبَحَ فِيْهِم أَسوَأَ حَالاً منِي، ثُمَّ مَاتَ. (12/552)
وَفِي سَنَةِ 78 ظهور القرَامطَة بِأَعْمَال الكُوْفَة.
وَحَاصَرَ يَازمَان الخَادِم حصناً لِلْعدو، فَجَاءَ حجر، فَقَتَلَهُ، وَكَانَ مَهِيْباً، مُفْرِط الشَّجَاعَة.
وَفِي سَنَةِ 79 خلع المفوض بن المُعْتَمِد مِنْ وَلاَيَة العهد، وَقَدِمَ عَلَيْهِ أَبُو العَبَّاسِ المعتضد بن الموفق.
نهض بِذَلِكَ الأُمَرَاء.
وَفِيْهَا منع أَبُو العَبَّاسِ القُصَّاص وَالمنجِّمِيْن، وَأَلزم الكتبيين أَنْ لاَ يَبِيْعُوا كُتُب الفلسفَة وَالجَدَل، وضعف أَمر عَمّه المُعْتَمِد مَعَهُ، ثُمَّ مَاتَ فَجْأَةً لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَة بقيت مِنْ رَجَب، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، بِبَغْدَادَ، وَنقل فَدُفِنَ بِسَامَرَّاء.
فَكَانَتْ خِلاَفَته ثَلاَثاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً وَثَلاَثَة أَيَّام.
وَقِيْلَ: كَانَ نَحِيْفاً ثُمَّ سَمِن، وَأَسرع إِلَيْهِ الشّيب.
مَاتَ بِالقصر الحسنِي مَعَ النّدَمَاء وَالمَطَربين، أَكل فِي ذَلِكَ اليَوْم رُؤُوْس الجدَاء، فَيُقَالُ: سُمَّ، وَمَاتَ مَعَهُ مِنْ أَكل مِنْهَا.
وَقِيْلَ: نَام، فغمُوهُ ببسَاط.
وَقِيْلَ: سُمّ فِي كَأَس، وَأَدخلُوا إِلَيْهِ إِسْمَاعِيْل القَاضِي وَالشُّهُود، فَلَمْ يرُوا بِهِ أَثراً.
وَاسْتُخْلف أَبُو العَبَّاسِ المعتضد.
وَكَانَتْ عريب جَارِيَة المُعْتَمِد ذَات أَمْوَال جَزِيْلَة، وَلَهَا فِي المُعْتَمِد مدَائِح.
وَكَانَ يَسْكَرُ وَيعربد عَلَى النّدَمَاء - سَامحه الله -.
وَكَانَتْ دولتُه بهمَّة أَخِيْهِ الموفق لاَ بَأْسَ بِهَا.
وَللمعتمد مِنَ البنين: المفوّض جَعْفَر، وَمُحَمَّد، وَعَبْد العَزِيْزِ، وَإِسْحَاق، وَعُبَيْد اللهِ، وَعَبَّاس، وَإِبْرَاهِيْم، وَعِيْسَى، وَعِدَّةُ بنَات.
وَكَتَبَ لَهُ سُلَيْمَان بن وَهْب، ثُمَّ عبيد الله بن يَحْيَى بنِ خَاقَان، وَغَيْرهُمَا. (12/553)
(24/57)




عدد المشاهدات *:
265735
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 14/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 14/12/2013

سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي

روابط تنزيل : المُعْتَمِدُ عَلَى اللهِ الخَلِيْفَةُ أَحْمَدُ بنُ المُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  المُعْتَمِدُ عَلَى اللهِ الخَلِيْفَةُ أَحْمَدُ بنُ المُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي


@designer
1