ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِدْرِيْسَ، الحَافِظُ، الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، ثُمَّ الأَرْغِيَانِيُّ، الإِسْفَنْجِيُّ، العَابِدُ.
قَالَ وَلَدُهُ المُسَيَّبُ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:وُلِدْتُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ شَاهِيْنٍ، وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيَّ، وَالهَيْثَمَ بنَ مَرْوَانَ العَنْسِيَّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَزَيْدَ بنَ أَخْزَمَ، وَسَهْلَ بنَ صَالِحٍ الأَنْطَاكِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى الزَّمِنَ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَإِسْحَاقَ الكَوْسَجَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيَّ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَهْبِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ رَحْمَةَ المَصِّيْصِيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ سَيَّارٍ الحَرَّانِيَّ - صَاحِبَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ - وَأُمَماً سِوَاهُم بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالجَزِيْرَةِ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ الكِبَارَ، وَكَانَ مِمَّن بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
(27/480)
حَدَّثَ عَنْهُ:إِمَامُ الأَئِمَّةِ؛أَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ - مَعَ سِنِّهِ وَفَضْلِهِ - وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَحُسَيْنَكَ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ، وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَالُوْيِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:كَانَ مِنَ الجَوَّالِينَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ عَلَى الصِّدْقِ وَالوَرَعِ، وَكَانَ مِنَ العُبَّادِ المُجْتَهِدِيْنَ.
سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ بنَ يَعْقُوْبَ الحَافِظَ يَقُوْلُ:كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ يَقْرَأُ عَلَيْنَا، فَإِذَا قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى حَتَّى نَرْحَمَهُ.
قَالَ:وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الكِلاَبِيَّ يَقُوْلُ:بَكَى مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ حَتَّى عَمِيَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ بِوَاسِطَ، وَهُوَ مِنْ أَحسَنِ النَّاسِ عَيْنَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ وَقَدْ عَمِيَ، فَقُلْتُ لَهُ:يَا أَبَا خَالِدٍ!مَا فَعَلَتِ العَيْنَانِ الجَمِيْلتَانِ؟
قَالَ:ذَهَبَ بِهِمَا بُكَاءُ الأَسحَارُ.(14/424)
سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الضَّرِيْرَ يَقُوْلُ:
قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الحَدِيْثِ لِلْفَتْوَى؟مائَةُ أَلْفٍ؟
قَالَ:لاَ.
(27/481)
قُلْتُ:مائَتَا أَلفٍ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:ثَلاَثُ مائَةِ أَلْفٍ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:أَرْبَعُ مائَةِ أَلْفٍِ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:خَمْسُ مائَةِ أَلْفٍ؟
قَالَ:أَرْجُو.
وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظَ بِطُوْسَ، وَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ عَلِيُّ بنُ حَمْشَاد فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ الجَرَّاحِ الأَذنِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ زِيَادٍ، قَالَ:
أَخَذَ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ بِيَدِي، فَقَالَ:يَا حَسَنُ، يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُوْلُ:كَذَبَ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّتِي، فَإِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ، نَامَ عَنِّي.
سَمِعْتُ المُزَكِّي:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ:
كتب الخَلِيْفَةُ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ فِي قَضَاءِ مِصْرَ يَلِيْهِ، فَجَنَّنَ نَفْسَهُ، وَلَزِمَ البَيْتَ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ مِنَ السَّطْحِ، فَقَالَ:يَا أَبَا مُحَمَّدٍ!أَلاَ تَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ فَتَحْكُمَ بَيْنَهُم كَمَا أَمَرَ اللهُ وَرَسُوْلُه؟قَدْ جنَّنْتَ نَفْسَكَ وَلَزِمتَ البَيْتَ!
قَالَ:إِلَى هَا هُنَا انْتَهَى عَقْلُكَ؟أَلَمْ تَعَلَمْ أَنَّ القُضَاةَ يُحشَرُوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ السَّلاَطِيْنِ، وَيُحشَرُ العُلَمَاءُ مَعَ الأَنْبِيَاءِ؟!(14/425)
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِنَا يَذكُرُوْنَ عَنِ الأَرْغِيَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ:
مَا أَعْلَم مِنْبَراً مِنْ مَنَابِرِ الإِسْلاَمِ بَقِيَ عَلَيَّ لَمْ أَدخُلْهُ لِسَمَاعِ الحَدِيْثِ.
(27/482)
أَقُولُ:هَذَا يَقُوْلُهُ الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِ المُبَالَغَةِ، وَإِلاَّ فَهُوَ لَمْ يَدْخُلِ الأَنْدَلُسَ وَلاَ المَغْرِبَ، وَلاَ أَظُنُّ أَنَّهُ عَنَى إِلاَّ المَنَابِرَ الَّتِي بِحَضْرتِهَا رِوَايَةُ الحَدِيْثِ.
قَالَ:وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَمْشِي بِمِصْرَ، وَفِي كُمِّي مائَةُ جُزْءٍ، فِي كُلِّ جُزْءٍ أَلفُ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ:هَذَا يَدُلُّ عَلَى دِقَّةِ خَطِّه، وَإِلاَّ فَأَلفُ حَدِيْثٍ بِخَطٍّ مُفَسَّرٍ تَكُونُ فِي مُجَلَّدٍ، وَالكُمُّ إِذَا حُمِلَ فِيْهِ أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ فَبِالجَهْدِ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ يَقُوْلُ:
كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ يَمْشِي بِمِصْرَ وَفِي كُمِّهِ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ، كَانَتْ أَجزَاؤُهُ صِغَاراً بِخَطٍّ دَقِيقٍ، فِي الجُزْءِ أَلفُ حَدِيْثٍ مَعْدُوْدَةٌ، وَصَارَ هَذَا كَالمَشْهُوْرِ مِنْ شَأْنِهِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ المُسَيَّبَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبِي يَوْم السَّبتِ، النِّصْفَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ:مَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ:مُحَدِّثُ دِمَشْقَ؛أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ الغَسَّانِيُّ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ؛أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الخَثْعَمِيُّ الأُشْنَانِيُّ.
وَالأَخْفَشُ الصَّغِيْرُ؛عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ النَّحْوِيُّ البَغْدَادِيُّ.
وَالمُحَدِّثُ القَاضِي أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِيْنِيُّ.(14/426)
وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
(27/483)
وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَالوييُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:(إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا فَرْطاً وَسَلَفاً بَيْنَ يَدَيْهَا، وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِيْنَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوْا أَمْرَهُ).
وبَالإِسْنَادِ، قَالَ ابْنُ المُسَيَّب:كَتَبَ عَنِّي هَذَا الحَدِيْثَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَيُقَالُ:إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ الجَوْهَرِيَّ تَفَرَّدَ بِهِ.(14/427)
(27/484)
قَالَ وَلَدُهُ المُسَيَّبُ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:وُلِدْتُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ:إِسْحَاقَ بنَ شَاهِيْنٍ، وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيَّ، وَالهَيْثَمَ بنَ مَرْوَانَ العَنْسِيَّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَزَيْدَ بنَ أَخْزَمَ، وَسَهْلَ بنَ صَالِحٍ الأَنْطَاكِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى الزَّمِنَ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَإِسْحَاقَ الكَوْسَجَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيَّ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَهْبِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ رَحْمَةَ المَصِّيْصِيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ سَيَّارٍ الحَرَّانِيَّ - صَاحِبَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ - وَأُمَماً سِوَاهُم بِخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالجَزِيْرَةِ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ الكِبَارَ، وَكَانَ مِمَّن بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
(27/480)
حَدَّثَ عَنْهُ:إِمَامُ الأَئِمَّةِ؛أَبُو بَكْرٍ بنُ خُزَيْمَةَ - مَعَ سِنِّهِ وَفَضْلِهِ - وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَحُسَيْنَكَ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ، وَزَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَالُوْيِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ:كَانَ مِنَ الجَوَّالِينَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ عَلَى الصِّدْقِ وَالوَرَعِ، وَكَانَ مِنَ العُبَّادِ المُجْتَهِدِيْنَ.
سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ بنَ يَعْقُوْبَ الحَافِظَ يَقُوْلُ:كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ يَقْرَأُ عَلَيْنَا، فَإِذَا قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى حَتَّى نَرْحَمَهُ.
قَالَ:وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الكِلاَبِيَّ يَقُوْلُ:بَكَى مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيُّ حَتَّى عَمِيَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ، سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ يَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ بِوَاسِطَ، وَهُوَ مِنْ أَحسَنِ النَّاسِ عَيْنَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ وَقَدْ عَمِيَ، فَقُلْتُ لَهُ:يَا أَبَا خَالِدٍ!مَا فَعَلَتِ العَيْنَانِ الجَمِيْلتَانِ؟
قَالَ:ذَهَبَ بِهِمَا بُكَاءُ الأَسحَارُ.(14/424)
سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الضَّرِيْرَ يَقُوْلُ:
قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الحَدِيْثِ لِلْفَتْوَى؟مائَةُ أَلْفٍ؟
قَالَ:لاَ.
(27/481)
قُلْتُ:مائَتَا أَلفٍ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:ثَلاَثُ مائَةِ أَلْفٍ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:أَرْبَعُ مائَةِ أَلْفٍِ؟
قَالَ:لاَ.
قُلْتُ:خَمْسُ مائَةِ أَلْفٍ؟
قَالَ:أَرْجُو.
وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظَ بِطُوْسَ، وَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ عَلِيُّ بنُ حَمْشَاد فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ الجَرَّاحِ الأَذنِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ زِيَادٍ، قَالَ:
أَخَذَ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ بِيَدِي، فَقَالَ:يَا حَسَنُ، يَنْزِلُ اللهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُوْلُ:كَذَبَ مَنِ ادَّعَى مَحَبَّتِي، فَإِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ، نَامَ عَنِّي.
سَمِعْتُ المُزَكِّي:سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُوْلُ:
كتب الخَلِيْفَةُ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ فِي قَضَاءِ مِصْرَ يَلِيْهِ، فَجَنَّنَ نَفْسَهُ، وَلَزِمَ البَيْتَ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ مِنَ السَّطْحِ، فَقَالَ:يَا أَبَا مُحَمَّدٍ!أَلاَ تَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ فَتَحْكُمَ بَيْنَهُم كَمَا أَمَرَ اللهُ وَرَسُوْلُه؟قَدْ جنَّنْتَ نَفْسَكَ وَلَزِمتَ البَيْتَ!
قَالَ:إِلَى هَا هُنَا انْتَهَى عَقْلُكَ؟أَلَمْ تَعَلَمْ أَنَّ القُضَاةَ يُحشَرُوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ السَّلاَطِيْنِ، وَيُحشَرُ العُلَمَاءُ مَعَ الأَنْبِيَاءِ؟!(14/425)
قَالَ الحَاكِمُ:سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِنَا يَذكُرُوْنَ عَنِ الأَرْغِيَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ:
مَا أَعْلَم مِنْبَراً مِنْ مَنَابِرِ الإِسْلاَمِ بَقِيَ عَلَيَّ لَمْ أَدخُلْهُ لِسَمَاعِ الحَدِيْثِ.
(27/482)
أَقُولُ:هَذَا يَقُوْلُهُ الرَّجُلُ عَلَى وَجْهِ المُبَالَغَةِ، وَإِلاَّ فَهُوَ لَمْ يَدْخُلِ الأَنْدَلُسَ وَلاَ المَغْرِبَ، وَلاَ أَظُنُّ أَنَّهُ عَنَى إِلاَّ المَنَابِرَ الَّتِي بِحَضْرتِهَا رِوَايَةُ الحَدِيْثِ.
قَالَ:وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَمْشِي بِمِصْرَ، وَفِي كُمِّي مائَةُ جُزْءٍ، فِي كُلِّ جُزْءٍ أَلفُ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ:هَذَا يَدُلُّ عَلَى دِقَّةِ خَطِّه، وَإِلاَّ فَأَلفُ حَدِيْثٍ بِخَطٍّ مُفَسَّرٍ تَكُونُ فِي مُجَلَّدٍ، وَالكُمُّ إِذَا حُمِلَ فِيْهِ أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ فَبِالجَهْدِ.
قَالَ الحَاكِمُ:وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ يَقُوْلُ:
كَانَ مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ يَمْشِي بِمِصْرَ وَفِي كُمِّهِ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ، كَانَتْ أَجزَاؤُهُ صِغَاراً بِخَطٍّ دَقِيقٍ، فِي الجُزْءِ أَلفُ حَدِيْثٍ مَعْدُوْدَةٌ، وَصَارَ هَذَا كَالمَشْهُوْرِ مِنْ شَأْنِهِ.
وَسَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ المُسَيَّبَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبِي يَوْم السَّبتِ، النِّصْفَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ:مَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ:مُحَدِّثُ دِمَشْقَ؛أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الفَيْضِ الغَسَّانِيُّ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ؛أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الخَثْعَمِيُّ الأُشْنَانِيُّ.
وَالأَخْفَشُ الصَّغِيْرُ؛عَلِيُّ بنُ سُلَيْمَانَ النَّحْوِيُّ البَغْدَادِيُّ.
وَالمُحَدِّثُ القَاضِي أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِيْنِيُّ.(14/426)
وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
(27/483)
وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَالوييُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:(إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا، فَجَعَلَهُ لَهَا فَرْطاً وَسَلَفاً بَيْنَ يَدَيْهَا، وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِيْنَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوْا أَمْرَهُ).
وبَالإِسْنَادِ، قَالَ ابْنُ المُسَيَّب:كَتَبَ عَنِّي هَذَا الحَدِيْثَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَيُقَالُ:إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ الجَوْهَرِيَّ تَفَرَّدَ بِهِ.(14/427)
(27/484)
عدد المشاهدات *:
275698
275698
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 14/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 14/12/2013