ابْنِ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ القَاضِي، أَبُو أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ، الحَافِظُ، المَعْرُوفُ بِالعَسَّالِ، صَاحِبُ المُصَنَّفَاتِ.
رَأَيْتُ لَهُ تَرْجَمَةً مُفْرَدَةً فِي جُزْءٍ لِلْحَافِظِ أَبِي مُوْسَى، قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ.
سَمِعَ مِنْ:وَالِدِهِ وَهُوَ مِنْ قُدمَاءِ شُيُوْخِهِ، فَإِنَّ وَالِدَهُ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ الرَّازِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ المَدِيْنِيِّ صَاحِبِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ السُّرِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ زُهَيْرٍ الحُلْوَانِيِّ، وَمُطَيَّنٍ، وَأَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَبَكْرِ بنِ سَهْلٍ الدِّمْيَاطيِّ، وَأَمْثَالِهِم.
وَقَرَأَ القُرْآنَ لِنَافِعٍ عَلَى الأُسْتَاذِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ سَهْلٍ الأَصْبَهَانِيِّ الصُّوْفِيِّ، عَنْ قِراءتِهِ عَلَى الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيِّ.
تَلاَ عَلَيْهِ:وَلَدُهُ؛أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، وَمُتَمَوِّلِيْهِم.
طَالَعْتُ كِتَابَ (المَعْرِفَةِ)لَهُ فِي السُّنَّةِ، يُنَبِّئُ عَنْ حِفْظِهِ وَإِمَامَتِهِ، وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لِوَالِدِهِ هُوَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَجَلِيُّ صَاحبُ مِسْعَرٍ.
(31/2)
حَدَّثَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ:أَولاَدُهُ؛أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ، وَأَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَأَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَامِرٌ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ، وَكَانَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُم مُعَدّلِيْنَ مُحَدِّثِيْنَ، وَهُم أَحْمَدُ وَإِبْرَاهِيْمُ وَعَامِرٌ وَأَبُو بَكْرٍ.(16/8)
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً:أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرِّبَاطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَصَّارُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجَةَ المُؤَدِّبُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُصْعَبٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ البَاطِرقَانِيُّ:أَخْبَرْنَا ابْنُ مَنْدَةَ، قَالَ:
كَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ يَخْلُفُ الطَّبَرِيَّ وَابْنَهُ، وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ:كَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه:كَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ المُعَدِّلُ يَتَوَلَّى القَضَاءَ خَلِيْفَةً لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ الطَّبرِيِّ، هُوَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ فِي الحَدِيْثِ فَهْماً، وَإِتْقَاناً، وَأَمَانَةً.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ:أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَلَمْ نَرَ مِثْلَهُ فِي الإِتْقَانِ وَالحِفْظِ.
قُلْتُ:وَقدْ رَأَى النَّقَّاشُ الحَاكِمَيْنِ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ، وَأَبَا بكرٍ الجِعَابِيَّ، وَأَبا إِسْحَاقَ بنَ حَمْزَةَ، وَأَخَذَ عَنْهُم، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقُوْلُ هَذَا القَوْلَ.
(31/3)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ القَاضِي:أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ الثِّقَةُ، المَأْمُوْنُ، الكَبِيْرُ فِي الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:أَبُو أَحْمَدَ مِنْ كِبَارِ النَّاسِ فِي المَعْرِفَةِ، وَالإِتْقَانِ، وَالحِفْظِ، صَنَّفَ الشُّيُوْخَ، وَالتَّفْسِيْرَ، وَعَامَّةَ المُسْنَدِ، وَلِيَ القَضَاءَ بِأَصْبَهَانَ، مَقْبُولُ القَوْلِ.(16/9)
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ فِي (الإِرْشَادِ):وَمِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، حَافظٌ، مُتْقِنٌ، عَالِمٌ بِهَذَا الشَّأْنِ، كَانَ عَلَى قَضَاءِ أَصْبَهَانَ مِنْ شَرْطِ الصِّحَاحِ، لَقِيْتُ ابْنَهُ أَحْمَدَ بِالرَّيِّ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ.
قُلْتُ:وَقَدْ حَدَّثَ العَسَّالُ بِبَغْدَادَ، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ)، وَقَالَ:أَخْبَرَنَا المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرو بنِ أَبِي عَاصِمٍ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ:ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ بنُ هَارُوْنَ الأَدِيْبُ، قَالَ:
كَانَ يُكْرَهُ عَلَى تَقَلُّدِ القَضَاءِ، فَكَانَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ، وَكَانَ يُلحُّ عَلَيْهِ، حَتَّى أَجَابَ خِلاَفَةً وَنيَابَةً، اسْتَخَلَفَهُ الطَّبرِيُّ وَهُوَ مُقِيْمٌ بِحَضْرَةِ رُكْنِ الدِّينِ حَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ بُوَيْه سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ الطَبَرِيُّ وَلدَهُ عُتْبَةَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، وَولِيَ عُتْبَةُ القَضَاءَ بِرَأْسِهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ، فَاسْتَخْلَفَ أَبَا أَحْمَدَ.
(31/4)
وَقِيْلَ:إِنَّهُ كَانَ لاَ يُغْلِقُ بَابَهُ عَنْ أَحَدٍ، وَكَانَ إِذَا تَوَجَّهَ عَلَى الخَصْمِ يَمِينٌ لاَ يُحَلِّفُهُ مَا أَمْكَنَهُ، بَلْ يغرمُ عَنْهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ مائَةَ دِيْنَارٍ، فَإِذَا بَلَغَ المائَةَ أَوْ جَاوَزَهَا، كَانَ يَتَثَبَّتُ وَيُدَافِعُ وَيُمْهِلُ إِلَى المَجْلِسِ الثَّانِي، وَيُحذِّرُ المُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَالَ اليَمِينِ، وَيُخَوِّفُهُ يَوْمَ الدِّينِ، وَيُذَكِّرُهُ الوُقُوْفَ بَيْنَ يَدَي رَبِّ العَالَمِينَ، ثُمَّ يُحَلِّفُهُ عَلَى كُرْهٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه:سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ يَقُوْلُ:أَحْفَظُ فِي القُرْآنِ خَمْسِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ.(16/10)
قَالَ أَبُو مُوْسَى:ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بِخَطِّهِ، قَالَ:سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ:
أَنَّ مُحَدِّثاً حَضَرَ القَاضِيَ أَبَا أَحْمَدَ، قَالَ:إِنِّيْ حَلَفْتُ أَنَّكَ تَحْفَظُ سَبْعِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ، فَهَلْ أَنَا بَارٌّ؟
قَالَ:بَرَّتْ يَمِينُكَ، إِنِّيْ أَحْفَظُ فِي القُرْآنِ سَبْعِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ.
وَيُقَالُ:إِنَّهُ أَمْلَى(تَفْسِيراً)كَثِيْراً مِنْ حِفْظِهِ، وَقِيْلَ:أَمْلَى أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ بِأَرْدِسْتَانَ، فَلَمَّا رَجعَ إِلَى أَصْبَهَانَ، قَابَلَ ذَلِكَ، فَكَانَ كَمَا أَمْلاَهُ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانِيُّ - وَكَانَ دَيِّناً ثِقَةً - قَالَ:سَمِعْتُ ابنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ لَمْ أَرَ فِيهِم أَتْقَنَ مِنْ أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ:سَمِعْتُ عَمِّي يَقُوْلُ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
(31/5)
كَتَبْتُ عَنْ أَلفٍ وَسَبْعِ مائَةِ شَيْخٍ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِم مِثْلَ أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ.
وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الفَقِيْهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ:أَلفٌ وَسَبْعُ مائَةٍ.
وَعَنِ ابْنِ مَنْدَةَ، قَالَ:طُفْتُ الدُّنْيَا مَرَّتَيْن، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ العَسَّالِ.
ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ أَيْضاً، قَالَ:يُحْكَى أَنَّهُ مَا كَانَ يَجْلِسُ لإِملاَءِ الحَدِيْثِ، وَلاَ يَمَسُّ جُزْءاً إِلاَّ عَلَى طَهَارَةٍ، وَأَنَّهُ كَانَ مَرَّةً مَعَ صِهْرهِ، فَدَخَلَ مَسْجِداً، وَشَرَعَ فِي الصَّلاَةِ، فَخَتَمَ القُرْآنَ فِي رَكْعَة.
قَالَ أَبُو غَالِبٍ:وَسَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ:سَمِعْتُ وَالِدِي أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ ابنَ القَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالَ يَقُوْلُ:لَمَّا مَاتَ القَاضِي، وَجَلَسَ بَنُوهُ للتَّعْزِيَةِ، فَدَخَلَ رَجُلاَنِ فِي لِبَاسِ سَوَادٍ، وَأَخَذَا يُوَلْوِلاَنِ وَيقولاَن:وَاإِسْلاَمَاهُ، فَسُئِلاَ عَنْ حَالِهِمَا، فَقَالاَ:إِنَّا وَرَدْنَا مِنْ أَغْمَاتَ مِنَ المَغْرِبِ، لَنَا سَنَةٌ وَنِصْفٌ فِي الطَّرِيْقِ فِي الرِّحْلَةِ إِلَى هَذَا الإِمَامِ لنَسْمَعَ مِنْهُ، فَوَافَقَ وُرُودُنَا وَفَاتَهُ.(16/11)
(31/6)
تَصَانِيْفَهُ:(تَفْسِيْرُ القُرْآنِ)، كِتَابُ (التَّارِيْخِ)، كِتَابُ (تَارِيخِ النِّسَاءِ)، كِتَابُ (مُعْجَمِهِ)، كِتَابُ (السُّنَّةِ)، كِتَابُ (الأَمْثَالِ)، كِتَابُ (الرُّؤْيَةِ)، كِتَابُ (العَظَمَةِ)، كِتَابُ (الجِزيَةِ)، كِتَابُ (الرَّقَائِقِ)، كِتَابُ (مُسْنَدِ الأَبْوَابِ)، كِتَابُ (الأَبْوَابِ)عَلَى غَرِيْبِ الحَدِيْثِ، كِتَابُ (حُرُوفِ القِرَاءاتِ)، كِتَابُ (الآيَاتِ وَكرَامَاتِ الأَولِيَاءِ)، كِتَابُ (مَنْ يُجْمَعُ حَدِيْثُهُ مِنَ المُقِلِّيْنَ)، (طُرُقِ غُسْلِ يَوْمِ الجُمُعَةِ)، (أَحَادِيثُ مَالِكٍ)، كِتَابُ (الفَوَائِدِ)، (أَحَادِيثُ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَحَادَةٍ، وَقُرَّةَ بنِ خَالِدٍ)، وَأَشيَاءُ سِوَى ذَلِك.
كَانَ أَبُوْهُ أَحْمَدُ مِنْ كِبَارِ التُّجَّارِ المُتَمَوِّلِيْنَ، وَقَفَ أَمْلاَكَهُ عَلَى أَولاَدِهِ، وَهِيَ بَسَاتِيْنٌ وَدورٌ وَحوَانيتُ.
سَمِعَ مِنْ:إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ ومائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ فِي (تَارِيخِ أَصْبَهَانَ):مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى العَلاَءِ بنِ كَسِيْبٍ العَنْبَرِيِّ، أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ:مَقْبُولُ القَوْلِ، مِنْ كِبَارِ النَّاسِ فِي المعرفَةِ وَالحِفْظِ، صَنَّفَ الشُّيُوْخَ، وَالتَّارِيْخَ، وَالتَّفْسِيْرَ وَعَامَّةَ المُسْنَدِ.(16/12)
(31/7)
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ سَندٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَيْثَمِ الوَاعِظُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَربَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَسَّالُ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعمٍ:
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ:اسْتَيْقَظَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَإِذَا الفَأرَةُ قَدْ أَخَذَتِ الفَتِيْلَةَ، وَصَعَدَتْ إِلَى السَّقْفِ لِتُحْرِقَ عَلَيْهِ البَيْتَ، قَالَ:فَلَعَنَهَا، وَأَحَلَّ قَتْلَهَا للمُحْرِمِ، هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، مِنَ الأَفرَادِ الحِسَانِ.(16/13)
قَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ مَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ:
لَقَدْ مَاتَ مَنْ يَرْعَى الأَنَامَ بِعِلْمِهِ *وَكَانَ لَهُ ذِكْرٌ وَصِيْتٌ فَيَنْفَعُ
وَقَدْ مَاتَ حُفَّاظُ الحَدِيْثِ وَأَهْلُهُ *وَمِمَّنْ رَأَيْنَا وَهُوَ فِي النَّاسِ مقنعُ
أَبُو أَحْمَدَ القَاضِي، وَقَدْ كَانَ حَافِظاً *وَلَمْ يَكُ مِنْ أَهْلِ الضَّلاَلَةِ يتْبَعُ
وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ ممّنْ شهرتُهُ *يُدرِّسُ أَخْبَارَ الرَّسُولِ وَيُوسِعُ
وثَالِثُهُمْ قطبُ الزَّمَانِ وَعَصْرهُ *أَبُو القَاسِمِ الَّلخْمِيُّ قَدْ كَانَ يُبْدِعُ
وَرَابِعُهُمْ كَانَ ابنَ حَيَّانَ آخراً *وَمَاتَ فَكَيْفَ الآنَ فِي العِلْمِ يُطْمَعُ
(31/8)
فَأَبُو إِسْحَاقَ:هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ الأَصْبَهَانِيُّ الحَافِظُ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَالَّلخْمِيُّ:هُوَ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِيُّ الحَافِظُ، مَاتَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ مائَةِ سَنَةٍ.
وَابنُ حَيَّانَ:هُوَ الحَافِظُ أَبُو الشَّيْخِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِيُّ، ذُو التَّصَانِيْفِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةٍ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه الحَافِظُ فِي (تَارِيْخِهِ):تُوُفِّيَ القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَأَنَا بِبَغْدَادَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ:مَاتَ فِي تَاسعِ رَمَضَانَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - .(16/14)
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه:وَكَانَ مَوْلِدُهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ:عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَرَوَى فِي (مُعْجَمِهِ)، عَنْ أَرْبَعِ مائَةِ شَيْخٍ.
سَمِعَ:بِأَصْبَهَانَ، وَهَمَذَانَ، وَبَغْدَادَ، وَالكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ، وَالحَرَمَيْنِ، وَوَاسِطَ، وَالرَّيِّ، وَخوزستَانَ.
وَلهُ ثَلاَثَةُ إِخْوَةٍ:إِبْرَاهِيْمُ، وَالحَسَنُ، وَالحُسَيْنُ، وَلِكُلٍ مِنْهُم نَسْلٌ وَعَقِبٌ.
أَمَا أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، فَرَوَى عَنْ:أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ الضَّبِّيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ أَخِيْهِ سَعِيْدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ.
(31/9)
وَلِلْحَسَنِ وَلَدٌ حَدَّثَ أَيْضاً، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ):حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ سَابُورَ الرَّقِّيُّ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَأَمَّا سَعِيْدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ العسَّالُ، فَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ، مَشْهُوْرٌ، رَوَى عَنْ:عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رُسْتُمٍ، وَأَبِي الحَسَنِ اللُّنْبَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُمَا.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ، فَرَوَى عَنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بن نَصْرٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَمَاتَ ابنُهُ أَبُو عَامِرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، يَرْوِي عَنْ:أَبِي مُحَمَّدٍ الجَابِرِيِّ المَوْصِلِيِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.(16/15)
(31/10)
رَأَيْتُ لَهُ تَرْجَمَةً مُفْرَدَةً فِي جُزْءٍ لِلْحَافِظِ أَبِي مُوْسَى، قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ.
سَمِعَ مِنْ:وَالِدِهِ وَهُوَ مِنْ قُدمَاءِ شُيُوْخِهِ، فَإِنَّ وَالِدَهُ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ:أَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ الرَّازِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ المَدِيْنِيِّ صَاحِبِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ السُّرِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ زُهَيْرٍ الحُلْوَانِيِّ، وَمُطَيَّنٍ، وَأَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَبَكْرِ بنِ سَهْلٍ الدِّمْيَاطيِّ، وَأَمْثَالِهِم.
وَقَرَأَ القُرْآنَ لِنَافِعٍ عَلَى الأُسْتَاذِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ سَهْلٍ الأَصْبَهَانِيِّ الصُّوْفِيِّ، عَنْ قِراءتِهِ عَلَى الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيِّ.
تَلاَ عَلَيْهِ:وَلَدُهُ؛أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، وَمُتَمَوِّلِيْهِم.
طَالَعْتُ كِتَابَ (المَعْرِفَةِ)لَهُ فِي السُّنَّةِ، يُنَبِّئُ عَنْ حِفْظِهِ وَإِمَامَتِهِ، وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لِوَالِدِهِ هُوَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَجَلِيُّ صَاحبُ مِسْعَرٍ.
(31/2)
حَدَّثَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ:أَولاَدُهُ؛أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ، وَأَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَأَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَامِرٌ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ، وَكَانَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُم مُعَدّلِيْنَ مُحَدِّثِيْنَ، وَهُم أَحْمَدُ وَإِبْرَاهِيْمُ وَعَامِرٌ وَأَبُو بَكْرٍ.(16/8)
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً:أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرِّبَاطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَصَّارُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجَةَ المُؤَدِّبُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُصْعَبٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ البَاطِرقَانِيُّ:أَخْبَرْنَا ابْنُ مَنْدَةَ، قَالَ:
كَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ يَخْلُفُ الطَّبَرِيَّ وَابْنَهُ، وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ:كَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه:كَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ المُعَدِّلُ يَتَوَلَّى القَضَاءَ خَلِيْفَةً لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ الطَّبرِيِّ، هُوَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ فِي الحَدِيْثِ فَهْماً، وَإِتْقَاناً، وَأَمَانَةً.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ:أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَلَمْ نَرَ مِثْلَهُ فِي الإِتْقَانِ وَالحِفْظِ.
قُلْتُ:وَقدْ رَأَى النَّقَّاشُ الحَاكِمَيْنِ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ، وَأَبَا بكرٍ الجِعَابِيَّ، وَأَبا إِسْحَاقَ بنَ حَمْزَةَ، وَأَخَذَ عَنْهُم، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقُوْلُ هَذَا القَوْلَ.
(31/3)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ القَاضِي:أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ الثِّقَةُ، المَأْمُوْنُ، الكَبِيْرُ فِي الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ:أَبُو أَحْمَدَ مِنْ كِبَارِ النَّاسِ فِي المَعْرِفَةِ، وَالإِتْقَانِ، وَالحِفْظِ، صَنَّفَ الشُّيُوْخَ، وَالتَّفْسِيْرَ، وَعَامَّةَ المُسْنَدِ، وَلِيَ القَضَاءَ بِأَصْبَهَانَ، مَقْبُولُ القَوْلِ.(16/9)
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ فِي (الإِرْشَادِ):وَمِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، حَافظٌ، مُتْقِنٌ، عَالِمٌ بِهَذَا الشَّأْنِ، كَانَ عَلَى قَضَاءِ أَصْبَهَانَ مِنْ شَرْطِ الصِّحَاحِ، لَقِيْتُ ابْنَهُ أَحْمَدَ بِالرَّيِّ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ.
قُلْتُ:وَقَدْ حَدَّثَ العَسَّالُ بِبَغْدَادَ، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ)، وَقَالَ:أَخْبَرَنَا المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرو بنِ أَبِي عَاصِمٍ...، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ:ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ بنُ هَارُوْنَ الأَدِيْبُ، قَالَ:
كَانَ يُكْرَهُ عَلَى تَقَلُّدِ القَضَاءِ، فَكَانَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ، وَكَانَ يُلحُّ عَلَيْهِ، حَتَّى أَجَابَ خِلاَفَةً وَنيَابَةً، اسْتَخَلَفَهُ الطَّبرِيُّ وَهُوَ مُقِيْمٌ بِحَضْرَةِ رُكْنِ الدِّينِ حَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ بُوَيْه سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ الطَبَرِيُّ وَلدَهُ عُتْبَةَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، وَولِيَ عُتْبَةُ القَضَاءَ بِرَأْسِهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ، فَاسْتَخْلَفَ أَبَا أَحْمَدَ.
(31/4)
وَقِيْلَ:إِنَّهُ كَانَ لاَ يُغْلِقُ بَابَهُ عَنْ أَحَدٍ، وَكَانَ إِذَا تَوَجَّهَ عَلَى الخَصْمِ يَمِينٌ لاَ يُحَلِّفُهُ مَا أَمْكَنَهُ، بَلْ يغرمُ عَنْهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ مائَةَ دِيْنَارٍ، فَإِذَا بَلَغَ المائَةَ أَوْ جَاوَزَهَا، كَانَ يَتَثَبَّتُ وَيُدَافِعُ وَيُمْهِلُ إِلَى المَجْلِسِ الثَّانِي، وَيُحذِّرُ المُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَالَ اليَمِينِ، وَيُخَوِّفُهُ يَوْمَ الدِّينِ، وَيُذَكِّرُهُ الوُقُوْفَ بَيْنَ يَدَي رَبِّ العَالَمِينَ، ثُمَّ يُحَلِّفُهُ عَلَى كُرْهٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه:سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ يَقُوْلُ:أَحْفَظُ فِي القُرْآنِ خَمْسِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ.(16/10)
قَالَ أَبُو مُوْسَى:ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بِخَطِّهِ، قَالَ:سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ:
أَنَّ مُحَدِّثاً حَضَرَ القَاضِيَ أَبَا أَحْمَدَ، قَالَ:إِنِّيْ حَلَفْتُ أَنَّكَ تَحْفَظُ سَبْعِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ، فَهَلْ أَنَا بَارٌّ؟
قَالَ:بَرَّتْ يَمِينُكَ، إِنِّيْ أَحْفَظُ فِي القُرْآنِ سَبْعِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ.
وَيُقَالُ:إِنَّهُ أَمْلَى(تَفْسِيراً)كَثِيْراً مِنْ حِفْظِهِ، وَقِيْلَ:أَمْلَى أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ بِأَرْدِسْتَانَ، فَلَمَّا رَجعَ إِلَى أَصْبَهَانَ، قَابَلَ ذَلِكَ، فَكَانَ كَمَا أَمْلاَهُ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانِيُّ - وَكَانَ دَيِّناً ثِقَةً - قَالَ:سَمِعْتُ ابنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ لَمْ أَرَ فِيهِم أَتْقَنَ مِنْ أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ:سَمِعْتُ عَمِّي يَقُوْلُ:سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
(31/5)
كَتَبْتُ عَنْ أَلفٍ وَسَبْعِ مائَةِ شَيْخٍ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِم مِثْلَ أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ.
وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الفَقِيْهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ:أَلفٌ وَسَبْعُ مائَةٍ.
وَعَنِ ابْنِ مَنْدَةَ، قَالَ:طُفْتُ الدُّنْيَا مَرَّتَيْن، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ العَسَّالِ.
ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ أَيْضاً، قَالَ:يُحْكَى أَنَّهُ مَا كَانَ يَجْلِسُ لإِملاَءِ الحَدِيْثِ، وَلاَ يَمَسُّ جُزْءاً إِلاَّ عَلَى طَهَارَةٍ، وَأَنَّهُ كَانَ مَرَّةً مَعَ صِهْرهِ، فَدَخَلَ مَسْجِداً، وَشَرَعَ فِي الصَّلاَةِ، فَخَتَمَ القُرْآنَ فِي رَكْعَة.
قَالَ أَبُو غَالِبٍ:وَسَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ:سَمِعْتُ وَالِدِي أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ ابنَ القَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالَ يَقُوْلُ:لَمَّا مَاتَ القَاضِي، وَجَلَسَ بَنُوهُ للتَّعْزِيَةِ، فَدَخَلَ رَجُلاَنِ فِي لِبَاسِ سَوَادٍ، وَأَخَذَا يُوَلْوِلاَنِ وَيقولاَن:وَاإِسْلاَمَاهُ، فَسُئِلاَ عَنْ حَالِهِمَا، فَقَالاَ:إِنَّا وَرَدْنَا مِنْ أَغْمَاتَ مِنَ المَغْرِبِ، لَنَا سَنَةٌ وَنِصْفٌ فِي الطَّرِيْقِ فِي الرِّحْلَةِ إِلَى هَذَا الإِمَامِ لنَسْمَعَ مِنْهُ، فَوَافَقَ وُرُودُنَا وَفَاتَهُ.(16/11)
(31/6)
تَصَانِيْفَهُ:(تَفْسِيْرُ القُرْآنِ)، كِتَابُ (التَّارِيْخِ)، كِتَابُ (تَارِيخِ النِّسَاءِ)، كِتَابُ (مُعْجَمِهِ)، كِتَابُ (السُّنَّةِ)، كِتَابُ (الأَمْثَالِ)، كِتَابُ (الرُّؤْيَةِ)، كِتَابُ (العَظَمَةِ)، كِتَابُ (الجِزيَةِ)، كِتَابُ (الرَّقَائِقِ)، كِتَابُ (مُسْنَدِ الأَبْوَابِ)، كِتَابُ (الأَبْوَابِ)عَلَى غَرِيْبِ الحَدِيْثِ، كِتَابُ (حُرُوفِ القِرَاءاتِ)، كِتَابُ (الآيَاتِ وَكرَامَاتِ الأَولِيَاءِ)، كِتَابُ (مَنْ يُجْمَعُ حَدِيْثُهُ مِنَ المُقِلِّيْنَ)، (طُرُقِ غُسْلِ يَوْمِ الجُمُعَةِ)، (أَحَادِيثُ مَالِكٍ)، كِتَابُ (الفَوَائِدِ)، (أَحَادِيثُ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَحَادَةٍ، وَقُرَّةَ بنِ خَالِدٍ)، وَأَشيَاءُ سِوَى ذَلِك.
كَانَ أَبُوْهُ أَحْمَدُ مِنْ كِبَارِ التُّجَّارِ المُتَمَوِّلِيْنَ، وَقَفَ أَمْلاَكَهُ عَلَى أَولاَدِهِ، وَهِيَ بَسَاتِيْنٌ وَدورٌ وَحوَانيتُ.
سَمِعَ مِنْ:إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ ومائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ فِي (تَارِيخِ أَصْبَهَانَ):مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى العَلاَءِ بنِ كَسِيْبٍ العَنْبَرِيِّ، أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ:مَقْبُولُ القَوْلِ، مِنْ كِبَارِ النَّاسِ فِي المعرفَةِ وَالحِفْظِ، صَنَّفَ الشُّيُوْخَ، وَالتَّارِيْخَ، وَالتَّفْسِيْرَ وَعَامَّةَ المُسْنَدِ.(16/12)
(31/7)
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ سَندٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَيْثَمِ الوَاعِظُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَربَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَسَّالُ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعمٍ:
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ:اسْتَيْقَظَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَإِذَا الفَأرَةُ قَدْ أَخَذَتِ الفَتِيْلَةَ، وَصَعَدَتْ إِلَى السَّقْفِ لِتُحْرِقَ عَلَيْهِ البَيْتَ، قَالَ:فَلَعَنَهَا، وَأَحَلَّ قَتْلَهَا للمُحْرِمِ، هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، مِنَ الأَفرَادِ الحِسَانِ.(16/13)
قَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ مَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ:
لَقَدْ مَاتَ مَنْ يَرْعَى الأَنَامَ بِعِلْمِهِ *وَكَانَ لَهُ ذِكْرٌ وَصِيْتٌ فَيَنْفَعُ
وَقَدْ مَاتَ حُفَّاظُ الحَدِيْثِ وَأَهْلُهُ *وَمِمَّنْ رَأَيْنَا وَهُوَ فِي النَّاسِ مقنعُ
أَبُو أَحْمَدَ القَاضِي، وَقَدْ كَانَ حَافِظاً *وَلَمْ يَكُ مِنْ أَهْلِ الضَّلاَلَةِ يتْبَعُ
وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ ممّنْ شهرتُهُ *يُدرِّسُ أَخْبَارَ الرَّسُولِ وَيُوسِعُ
وثَالِثُهُمْ قطبُ الزَّمَانِ وَعَصْرهُ *أَبُو القَاسِمِ الَّلخْمِيُّ قَدْ كَانَ يُبْدِعُ
وَرَابِعُهُمْ كَانَ ابنَ حَيَّانَ آخراً *وَمَاتَ فَكَيْفَ الآنَ فِي العِلْمِ يُطْمَعُ
(31/8)
فَأَبُو إِسْحَاقَ:هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ الأَصْبَهَانِيُّ الحَافِظُ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَالَّلخْمِيُّ:هُوَ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِيُّ الحَافِظُ، مَاتَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ مائَةِ سَنَةٍ.
وَابنُ حَيَّانَ:هُوَ الحَافِظُ أَبُو الشَّيْخِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِيُّ، ذُو التَّصَانِيْفِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةٍ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه الحَافِظُ فِي (تَارِيْخِهِ):تُوُفِّيَ القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَأَنَا بِبَغْدَادَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ:مَاتَ فِي تَاسعِ رَمَضَانَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - .(16/14)
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه:وَكَانَ مَوْلِدُهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ:عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَرَوَى فِي (مُعْجَمِهِ)، عَنْ أَرْبَعِ مائَةِ شَيْخٍ.
سَمِعَ:بِأَصْبَهَانَ، وَهَمَذَانَ، وَبَغْدَادَ، وَالكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ، وَالحَرَمَيْنِ، وَوَاسِطَ، وَالرَّيِّ، وَخوزستَانَ.
وَلهُ ثَلاَثَةُ إِخْوَةٍ:إِبْرَاهِيْمُ، وَالحَسَنُ، وَالحُسَيْنُ، وَلِكُلٍ مِنْهُم نَسْلٌ وَعَقِبٌ.
أَمَا أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، فَرَوَى عَنْ:أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ الضَّبِّيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ:ابْنُ أَخِيْهِ سَعِيْدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ.
(31/9)
وَلِلْحَسَنِ وَلَدٌ حَدَّثَ أَيْضاً، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ):حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ سَابُورَ الرَّقِّيُّ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَأَمَّا سَعِيْدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ العسَّالُ، فَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ، مَشْهُوْرٌ، رَوَى عَنْ:عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رُسْتُمٍ، وَأَبِي الحَسَنِ اللُّنْبَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ:ابْنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُمَا.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ، فَرَوَى عَنْ:عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بن نَصْرٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَمَاتَ ابنُهُ أَبُو عَامِرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، يَرْوِي عَنْ:أَبِي مُحَمَّدٍ الجَابِرِيِّ المَوْصِلِيِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.(16/15)
(31/10)
عدد المشاهدات *:
266115
266115
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 14/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 14/12/2013