اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 17 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ????????????????????????? ?????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

غريب

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
المُجَلَّدُ الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ
الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلاَثُوْنَ مِنَ التَّابِعِيْنَ
النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ المُسْتَضِيْءِ
النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ المُسْتَضِيْءِ ت
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي
عَنْهُ. (22/220)
(42/233)

قَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: وَعُدِمَ البَيْضُ، وَلَمَّا وُجِدَ بِيْعَتِ البيضَةُ بِدِرْهَمٍ، وَبيعَ فَرُّوجٌ بِمائَةٍ، وَبيعَ مُدَيدَة بدِيْنَارٍ، وَالَّذِي دَخَلَ تَحْتَ قَلَمِ الحُشْرِيَّةِ مِنَ الموتَى فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ شَهْراً مائَةُ أَلْفٍ وَأَحَدَ عشرَ أَلْفاً، إِلاَّ شَيْئاً يَسيراً، وَهُوَ نَزْرٌ فِي جَنْبِ مَا هَلَكَ بِمِصْرَ وَالحوَاضرِ، وَكلُّهُ نَزرٌ فِي جَنْبِ مَا هَلَكَ بِالإِقْلِيْمِ، وَسَمِعنَا مِنْ ثِقَاتٍ عَنِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَنَّ الإِمَامَ صَلَّى يَوْمَ جُمُعَةٍ عَلَى سَبْعِ مائَةِ جَنَازَةٍ، ثُمَّ سَاقَ عِدَّةَ حِكَايَاتٍ فِي أَكْلِ لُحُوْمِ بنِي آدَمَ، وَتَمَّتْ زَلْزَلَةٌ فَكَانَتْ حَرَكَتُهَا كَالغَرْبَلَةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، قَالَ: فَصحَّ عِنْدِي أَنَّهَا حَرَّكَتْ مِنْ قُوصٍ إِلَى الشَّامِ، وَتعفَّتْ بلاَدٌ كَثِيْرَةٌ، وَهَلَكَ أُمَمٌ لاَ تُحصَى، وَأَنْكَتْ فِي بلاَدِ الفِرَنْجِ أَكْثَرَ، وَسَمِعنَا أَنَّهَا وَصلَتْ إِلَى خِلاَطٍ، وَجَاءنِي كِتَابٌ مِنَ الشَّامِ فِيْهِ: كَادَتْ لَهَا الأَرْضُ تسيرُ سَيْراً، وَالجِبَالُ تَمورُ مَوْراً، وَمَا ظَنَنَّا إِلاَّ أَنَّهَا زَلْزَلَةُ السَّاعَةِ، وَأَتَتْ دُفْعَتَينِ: الأُوْلَى مِقْدَارَ سَاعَةٍ أَوْ أَزْيَدَ، وَالثَّانِيَةُ دُوْنَ ذَلِكَ، لَكِنْ أَشدُّ، وَفِي كِتَابٍ آخرَ: دَامَتْ بقدَرِ مَا قرَأَ سُوْرَةَ الكهفِ، وَأَنَّ صَفَدَ لَمْ يَسلَمْ بِهَا سِوَى وَلدِ صَاحِبِهَا...
قُلْتُ: فِي هَذَا الكِتَابِ خسفٌ وَإِفكٌ، وَفِيْهِ أَنَّ عِرقَةَ وَصَافِيثَا خُسِفَ بِهِمَا.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِي شَعْبَانَ جَاءتْ زَلْزَلَةٌ عَمَّتِ الدُّنْيَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَهدمَتْ نَابُلُسَ، فَمَاتَ تَحْتَ الهَدْمِ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، وَهدمَتْ عكَّا وَصُوْرَ، وَجَمِيْعَ قلاعِ السَّاحِلِ.
(42/234)

قُلْتُ: وَهَذِهِ مُجَازفَةٌ ظَاهِرَةٌ. (22/221)
قَالَ: وَرُمَّتْ بَعْضُ المنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَأَكْثَرُ الكَلاّسَةِ وَالمَارستَان وَعَامَّةُ دورِ دِمَشْقَ، وَهَرَبَ النَّاسُ إِلَى المِيَادِيْنِ، وَسقطَ مِنَ الجَامِعِ سِتَّةَ عشرَ شُرْفَةً، وَتشقَّقَتْ قُبَّةُ النَّسْرِ...، إِلَى أَنْ قَالَ - وَالعُهْدَةُ عَلَيْهِ -: وَأُحْصِيَ مَنْ هَلَكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَكَانَ أَلفَ أَلفٍ وَمائَةَ أَلْفِ إِنْسَانٍ، ثُمَّ قَالَ: نقَلْتُ ذَلِكَ مِنْ تَارِيخِ أَبِي المُظَفَّرِ سِبْطِ ابْنِ الجَوْزِيِّ.
وَكَانَتْ خُرَاسَانُ فِي هَيْجٍ وَحُرُوْبٍ عَلَى المُلكِ، وَالتَقَى جَيْشُ السُّلْطَانِ غِيَاثِ الدِّيْنِ الغُوْرِيِّ كُفَّارَ الهِنْدِ، فَانْهَزَمَ الكُفَّارُ.
وَأَنْبَأَنِي ابْنُ البُزُوْرِيِّ فِي (تَارِيْخِهِ) قَالَ: زُلْزِلَتِ الجَزِيْرَةُ وَالشَّامُ وَمِصْرُ، فَتخرَّبَتْ أَمَاكنُ كَثِيْرَةٌ جِدّاً بِدِمَشْقَ وَحِمْصَ وَحَمَاةَ، وَاسْتَوْلَى الخرَابُ عَلَى صُوْرٍ وَعكَا وَنَابُلُسَ وَطَرَابُلُسَ، وَانخسفَتْ قَرْيَةٌ، وَخَرِبَتْ عِدَّةُ قلاعٍ.
وَحَارَبَ المُعِزُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَيْفِ الإِسْلاَمِ صَاحِبُ اليَمَنِ عَلَويّاً خَرَجَ عَلَيْهِ، فَهَزمَ العَلَوِيّ، وَقتلَ مِنْ جندِهِ سِتَّةَ آلاَفٍ، وَقهرَ الرَّعِيَّةَ، وَادَّعَى أَنَّهُ أُمَوِيٌّ، وَتَسَمَّى بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
وَقَدِمَ مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ بُعِثَ رَسُوْلاً مِنَ النَّاصِرِ إِلَى الغُوْرِيِّ.
وَنُدِبَ طَاشتكين لِلْحَجِّ، وَلمُحَارَبَة المُعِزِّ بِاليَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَى أُمَرَاءَ يُنْذِرُهُم، وَيَحضُّهُم عَلَى طَاعَةِ الإِمَامِ، فَشدُّوا عَلَى المُعِزِّ فَقتلُوْهُ.
(42/235)

سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ: تَنَاقَصَ الفنَاءُ بِمِصْرَ لقلَّةِ مَنْ بَقِيَ، فَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ كَبِيْرَةٍ لَمْ يَبْقَ بِهَا بَشَرٌ، حَتَّى لِنَقَلَ بَعْضُهُم أَنَّ بَلَداً كَانَ بِهَا أَرْبَعُ مائَةِ نَولٍ لِلنَّسَّاجَةِ لَمْ يَبْقَ بِهَا أَحَدٌ. (22/222)
وَأَرَّخَ العِزُّ النَّسَّابَةُ خَبَرَ الزَّلْزَلَةِ فِيْهَا، فَوَهِمَ، وَقَالَ: هِيَ الزَّلْزَلَةُ العُظْمَى الَّتِي هَدَمَتْ بلاَدَ السَّاحِلِ صُوْرَ وَطَرَابُلُسَ وَعِرقَةَ، وَرَمتْ بِدِمَشْقَ رُؤُوْسَ المآذنِ، وَأَهْلكَتِ اثْنَيْنِ بِالكلاَّسَةِ.
سَنَة 599: قَالَ لَنَا ابْنُ البُزُوْرِيِّ: مَاجَتِ النُّجُوْمُ، وَتطَايرَتْ كَالجَرَادِ، وَدَامَ ذَلِكَ إِلَى الفَجْرِ، وَضجَّ الخلقُ إِلَى اللهِ.
وَمَاتَ سُلْطَانُ غَزْنَةَ غِيَاثُ الدِّيْنِ، وَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ شِهَابُ الدِّيْنِ.
وَأَبعدَ العَادلُ ابْنَ ابْنِ أَخِيْهِ المَنْصُوْرَ العَزِيْزَ إِلَى الرُّهَا، وَحَاصَرَ مَارْدِيْنَ، ثُمَّ صَالَحَهُ صَاحِبُهَا عَلَى حملِ مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ فِي العَامِ، وَأَنْ يَخطبَ لَهُ، وَالتَقَى صَاحِبُ حَمَاةَ المَنْصُوْرُ الفِرَنْجَ مرَّتينِ، وَيهزمُهُم.
وَفِي سَنَةِ سِتِّ مائَةٍ: التَقَى الأَشْرَفُ ابْنُ العَادلِ وَصَاحِبُ المَوْصِلِ نُوْرُ الدِّيْنِ، فَكسرَهُ الأَشْرَفُ، وَأَسَرَ أُمَرَاءهُ، ثُمَّ اصطلحَا، وَتَزَوَّجَ الأَشْرَفُ بِالأَتَابَكيَّةِ أُخْتِ نُوْرِ الدِّيْنِ.
وَدَخَلَتِ الفِرَنْجُ فِي النِّيلِ، فَاسْتبَاحُوا فوّة يَوْمِ العِيْدِ.
(42/236)

وَنَازلَ صَاحِبُ سيس أَنطَاكيَةَ، وَجدَّ فِي حصَارِهَا، ثُمَّ ترحَّلَ خَوْفاً مِنْ عَسْكَرِ حَلَبَ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ أَقْبَلَ وَهجمَ أَنطَاكيَةَ بِموَاطَأَةٍ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَابلَهُ البُرْنُسُ سَاعَةً، ثُمَّ التَجَأَ إِلَى القَلْعَةِ، وَنَادَى بشعَارِ صَاحِبِ حَلَبَ، وَسرَّحَ بطَاقَةً، فَسَارعَ لنجدتِهِ صَاحِبُ حَلَبَ، فَفَرَّ الأَرْمَنِيُّ. (22/223)
وَأَقْبَلتْ جيوشُ الفِرَنْجِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ إِلَى عَكَّا، عَازمِينَ عَلَى قصدِ القُدْسِ، وَنَزَلَ العَادلُ تَحْتَ الطُّورِ، وَجَاءتْهُ أَمْدَادُ العَسَاكِرِ، وَأَغَارتِ الفِرَنْجُ، وَعَاثَتْ، وَاسْتمرَّ الخوفُ شُهوراً.
وَمَا زَالتِ قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ لِلرُّومِ، فَتحزَّبَتِ الفِرَنْجُ وَملوكُهَا فِي هَذَا الوَقْتِ.
وَسَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّ مائَةٍ: احترقَتْ دَارُ الخِلاَفَةِ، وَكَانَ أَمراً مهولاً، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّ قيمَةَ مَا ذهبَ ثَلاَثَةُ آلاَفِ أَلفِ دِيْنَارٍ وَسَبْعِ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، قَالَهُ أَبُو شَامَةَ.
(42/237)

وَفِيْهَا: وَقعَتِ الهدنَةُ بَيْنَ العَادلِ وَبَيْنَ الفِرَنْجِ، بَعْدَ أَنْ عَاثُوا وَأَغَارُوا عَلَى حِمْصَ وَعَلَى حَمَاةَ، وَلَوْلاَ ثَبَاتُ المَنْصُوْرِ لرَاحَتْ حَمَاةُ، ثُمَّ أَغَارُوا عَلَى جبلَةَ وَاللاَّذِقِيَّةَ، وَاسْتضرُّوا، وَكَانَ العَادلُ قَدْ مَضَى إِلَى مِصْرَ، فَخَافَ وَأَهَمَّهُ أَمرُ العَدُوِّ، ثُمَّ عَملَ هِمَّةً، وَأَقْبَلَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ، فَحَاصَرَ عَكَّا مُدَّةً، فَصَالَحُوْهُ، فَلَمْ يَغْتَرَّ، وَطلبَ العَسْكَرَ مِنَ النَّوَاحِي، وَأَنفقَ الأَمْوَالَ، وَعلمَ أَنَّ الفِرَنْجَ لاَ يَنَامُوْنَ، فَنَازَلَ حصنَ الأَكرَادِ، وَأَخَذَ مِنْهَا بُرْجاً، ثُمَّ نَازلَ طَرَابُلُسَ مُدَّةً، فَملَّ جندُهُ، وَخضعَ لَهُ ملكُ طَرَابُلُسَ، وَسَيّرَ لَهُ تُحَفاً وَثَلاَثَ مائَةِ أَسيرٍ وَصَالح.
وَاستضرَّتِ الكُرْجُ، وَعَاثُوا بِأَذْرَبِيْجَانَ، وَقتلُوا خَلْقاً، وَعظُمَ البَلاَءُ، فَالتقَاهُم صَاحِبُ خِلاَطٍ وَنجدَةُ مِنَ الرُّومِيِّينَ، فَنَصْرَ اللهُ، وَقُتِلَ طَاغِيَةُ الكُرْجِ.
وَفِي سَنَةِ 602: وَزَرَ النَّصِيْر بن مَهْدِيٍّ العَلَوِيّ، وَركِبَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ دَوَاةٌ مُحلاَّةٌ بِأَلفِ مثقَالٍ، وَورَاءهُ المهدُ وَأَلويَةُ الحَمْدِ وَالكوسَاتُ، وَالعَهْدُ مَنْشُوْراً، وَالأُمَرَاءُ مشَاةٌ، فَعذَّبَ الوَزِيْر ابْن حديدَة، وَصَادرَهُ، فَهَرَبَ مِنْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ مُدَّةٍ خَبَرُهُ بِمَرَاغَةَ. (22/224)
وَأَغَارتِ الأَرمنُ عَلَى نوَاحِي حَلَبَ، وَكبسُوا العَسْكَرَ، وَقَتَلُوا فِيهِم، فَسَارعَ الظَّاهِرُ، وَقصدَ ابْنَ لاَون، فَفَرَّ إِلَى قلاعِهِ.
وَسَلَّمَ خُوَارِزْم شَاه بلدَ تِرْمِذَ إِلَى الخَطَا مَكِيدَةً، ليتمكَّنَ مِنْ تَملُّكِ خُرَاسَانَ.
وَفِيْهَا وُجِدَ بِإِرْبِلَ خروفٌ وَجهُهُ وَجهُ آدَمِيٍّ.
(42/238)

وَسَارَ صَاحِبُ الرَّيِّ إِيدغمش، فَافْتَتَحَ خَمْسَ قلاعٍ لِلإسْمَاعِيليَّةِ، وَصمَّمَ عَلَى أَخْذِ ألموتَ، وَاسْتِئصَالهُم، وَكَانَتْ خُرَاسَانُ تَموجُ بِالحُرُوْبِ.
و فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ: قصدَ خوَارم شَاه الخَطَا فِي جَيْشٍ عَظِيْمٍ، فَالتَقَوا، وَتَمَّتْ بَيْنهُم مصَافَّاتٌ، ثُمَّ وَقعَتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَأُسِرَ السُّلْطَانُ وَأَمِيْرٌ مِنْ أُمَرَائِهِ، فَأَظهرَ أَنَّهُ مَمْلُوْكٌ لِلأَمِيْرِ، فَبقِي الَّذِي أَسَرَهُمَا يَحترمُ الأَمِيْرَ.
فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُقَرِّرَ عليَّ مَالاً، وَأَبعثُ مَمْلُوْكِي هَذَا حَتَّى يَحضرُ المَالُ، فَانخدعَ الخطائِيُّ، وَسيَّبَ المَمْلُوْكَ، وَمَعَهُ مَنْ يَخْفُرُهُ وَيَحفظُهُ إِلَى خُوَارِزْم، فَنجَا السُّلْطَانُ، وَتَمَّتِ الحيلَةُ، وَزُيِّنَتِ البِلاَدُ.
ثُمَّ قَالَ الخطائِيُّ لذَاكَ الأَمِيْرِ: قَدْ عُدِمَ سُلْطَانُكُم.
قَالَ: أَومَا تَعرفُهُ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: هُوَ مَمْلُوْكِي الَّذِي رَاحَ.
قَالَ الخطائِيُّ: فَسِرْ بِنَا إِلَى خِدْمَتِهِ، وَهلاَّ عَرَّفْتَنِي حَتَّى كُنْتُ أَخدمُهُ!؟ وَكَانَ خُوَارِزْم شَاه مُحَمَّد قَدْ عَظُمَ جِدّاً، وَدَانَتْ لَهُ الأُمَمُ، وَتحتَ يَدِهِ مُلُوْكٌ وَأَقَالِيمُ. (22/225)
وَفِي سَنَةِ 605: كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ العُظْمَى بِنَيْسَابُوْرَ، دَامت عَشْرَةُ أَيَّامٍ، وَمَاتَ الخلقُ تَحْتَ الرَّدْمِ.
(42/239)

وَفِي سَنَةِ 606: حَاصرَ ملكُ الكُرْجِ خِلاَط، وَكَادَ أَنْ يَأْخذَهَا، وَبِهَا الأَوحدُ ابْنُ الملكِ العَادلِ، فَقَالَ لإِيوَاي الملكِ منجِّمُهُ: مَا تَبِيْتُ اللَّيْلَةَ إِلاَّ فِي قَلْعَةِ خِلاَط، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ سَكِرَ وَحَمَلَ فِي جَيْشِهِ، وَخَرَجَ المُسْلِمُوْنَ، وَالْتَحَمَ الحَرْبُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَأُسِرَ إِيوَاي، فَمَا بَاتَ إِلاَّ فِي القَلْعَةِ، وَنَازلَتِ الكُرْجُ أَرْجَيْش، وَافْتَتَحوهَا بِالسَّيْفِ.
وَكَانَ العَادلُ رُبَّمَا تركَ الجِهَادَ، وَقَاتَلَ عَلَى الدُّنْيَا، فَحَاصَرَ سِنْجَارَ مُدَّةً.
وَقَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: سَارَ خُوَارِزْم شَاه، فَعبَرَ جَيْحُونَ بجيوشِهِ، فَالتقَاهُ طَاينكو طَاغِيَةُ الخَطَا، فَانْهَزَمَتِ الخَطَا، وَأُسِرَ ملكُهُم، وَأَتَى بِهِ خُوَارِزْمشَاه، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى خُوَارِزْم، وَعصَى صَاحِبُ سَمَرْقَنْدَ عَلَى حَمُوْهُ خُوَارِزْمشَاه، وَظلمَ وَتَمرَّدَ، وَقَتَلَ مَنْ عِنْدَهِ مِنَ العَسْكَرِ الخُوَارِزْمِيَّةِ، فَنَازلَهُ خُوَارِزْم شَاه، وَأَخَذَ مِنْهُ سَمَرْقَنْدَ، وَبَذَلَ فِيْهَا السَّيْفَ، فَيُقَالُ: قتلَ بِهَا مائَتَا أَلف مُسْلِمٍ، ثُمَّ زَحَفَ عَلَى القَلْعَةِ، وَأَسَرَ ملكَهَا، فَذبَحَهُ. (22/226)
(42/240)

وَفِي هَذَا الوَقْتِ أَوَّلُ مَا سُمِعَ بذِكْرِ التَّتَارِ، فَخَرَجُوا مِنْ أَرَاضيهِم بَادِيَةِ الصِّينِ، وَرَاءَ بلاَدِ تُرْكُستَانَ، فَحَاربُوا الخَطَا مَرَّاتٍ، وَقووا بِكسرَةِ خُوَارِزْم شَاه لِلْخَطَا، وَعَاثُوا، وَكَانَ رَأْسُهُم يُدعَى كشلو خَان، فَكَتَبَ ملكُ الخَطَا إِلَى خُوَارِزْمشَاه: مَا جَرَى بَيْنَنَا مغفورٌ، فَقَدْ أَتَانَا عدوٌّ صعبٌ، فَإِنْ نُصِرُوا عَلَيْنَا، فَلاَ دَافع لَهُم عَنْكَ، وَالمصلحَةُ أَنْ تُنْجِدَنَا، فَكَتَبَ: هَا أَنَا قَادِمٌ لنصرتِكُم، وَكَاتَبَ كشلوخَان: إِنَّنِي قَادِمٌ وَأَنَا مَعَكَ عَلَى الخَطَا، فَكَانَ بِئسَ الرَّأْي، فَأَقْبَلَ وَالتَقَى الجمعَانِ، وَنَزَلَ خُوَارِزْم شَاه بِإِزَائِهِمَا، يُوهِمُ كُلاًّ مِنَ الفرقَيْنِ أَنَّهُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ كَمِينٌ لَهُ، فَوَقَعتِ الكَسْرَةُ عَلَى الخَطَا، فَمَالَ خُوَارِزْم شَاه حِيْنَئِذٍ مُعِيناً لَكشلوخَان، وَاسْتَحَرَّ القتلُ بِالخَطَا، وَلجؤُوا إِلَى رُؤُوْسِ الجِبَالِ، وَانضمَّ مِنْهُم خلقٌ إِلَى خُوَارِزْم شَاه، وَخضعَ لَهُ كشلوخَان، وَقَالَ: نَتقَاسمُ مَمْلَكَةَ الخَطَا.
فَقَالَ خُوَارِزْم شَاه: بَلِ البِلاَدُ لِي، وَسَارَ لِحَرْبِهِ، ثُمَّ تَبيَّن لَهُ قوَّةَ التَّتَارِ، فَأَخَذَ يُرَاوِغُهُم وَيَكبِسُهُم، فَبَعَثَ إِلَيْهِ كشلو: مَا ذَا فِعلُ ملكٍ، ذَا فِعْلُ اللُّصُوصِ، فَإِنْ كُنْتَ ملِكاً فَاعملْ مصَافّاً.
فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَمرَ أَهْلَ فَرغَانَةَ وَالشَّاشَ وَمَدَائِنَ التُّرْكِ بِالجفلِ إِلَى بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، وَخرَّبَ المَدَائِنَ وَدحَاهَا عجزاً عَنْ حَفِظِهَا مِنْهُم. (22/227)
(42/241)

ثُمَّ خَرَجَ عَلَى كشلوخَان الطَّاغِيَةُ جِنْكِزْ خَان، فَتحَاربُوا مُدَّةً، وَظَفِرَ جِنْكِزْ خَان، وَطغَى وَتَمرَّدَ، وَأَبَاد البِلاَدَ وَالعِبَادَ، وَأَخَذَ أَقَالِيمَ الخَطَا، وَجَعَلَ خَان بِالق دَارَ مُلْكِهِ، وَأَفنَى الأُمَمَ بِإِقْلِيْمِ التُّرْكِ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَخُرَاسَانَ، وَهَزَمَ الجُيُوْشَ.
وَمَا جَرَى لَهُ فَسِيرَةٌ مُفْرَدَةٌ، وَقَدْ جَوَّدَ وَصفَهُم المُوَفَّقُ البَغْدَادِيُّ، فَقَالَ:
حَدِيْثُهُم حَدِيْثٌ يَأْكُلُ الأَحَادِيْثَ، وَخبرٌ يُنسِي التَّوَارِيخَ، وَنَازلَةٌ تُطْبِقُ الأَرْضَ، هَذِهِ أُمَّةٌ لغتُهَا مَشوبَةٌ بلُغَةِ الهِنْدِ لمُجَاوِرتِهِم، عِرَاضُ الوُجُوهِ، وَاسِعُو الصُّدُوْرِ، خفَافُ الأَعجَازِ، صِغَارُ الأَطرَافِ، سُمْرٌ، سرِيعُو الحركَةِ، تَصلُ إِلَيْهِم أَخْبَارُ الأُمَمِ، وَلاَ تَصلُ أَخْبَارُهَا إِلَيْهِم، وَقَلَّمَا يَقدِرُ جَاسوسٌ أَنْ يَتمكَّنَ مِنْهُم؛ لأَنَّ الغَرِيْبَ لاَ يُشْبِهُهُم، وَإِذَا أَرَادُوا وجهَةً كتمُوا أَمرَهُم، وَنهضُوا دَفْعَةً، فَتنسدُّ لِهَذَا عَلَى النَّاسِ وُجُوهُ الحِيَلِ، وَتضيقُ طُرُقُ الهربِ، وَيسبقُوْنَ التَأَهُّبَ، نِسَاؤهُم يقَاتِلْنَ، يَقتلُوْنَ النِّسَاءَ وَالوِلدَانَ بِغَيْرِ اسْتثنَاءٍ، وَرُبَّمَا أَبقَوا ذَا صنعَةٍ، أَوْ ذَا قُوَّةٍ، وَغَالِبُ سلاَحِهِم النُّشَّابُ، وَيطعنُوْنَ بِالسُّيوفِ أَكْثَرَ مِمَّا يَضربُوْنَ بِهَا، جَوَاشنُهُم مِنْ جُلُودٍ، وَخيلُهُم تَأْكلُ الكلأَ وَمَا تَجدُ مِنْ وَرقٍ وَخشَبٍ، وَسُرُوجُهُم صِغَارٌ، لَيْسَ لَهَا قيمَةٌ، وَأَكلُهُم أَيُّ حيوَانٍ وُجِدَ، وَتَمَسُّهُ النَّارُ تَحِلَّةَ القسمِ، لَيْسَ فِي قتلِهِم اسْتثنَاءٌ، كَانَ قصدُهُم إِفنَاءُ النَّوعِ، مَا سَلِمَ مِنْهُم إِلاَّ غَزْنَةَ وَأَصْبَهَانَ.
قُلْتُ: ثُمَّ اسْتبَاحُوا أَصْبَهَانَ سَنَة 632. (22/228)
(42/242)

قَالَ: وَهَذِهِ القبيلَةُ الخبيثَةُ تُعْرَفُ بِالتّمرجِيِّ، سُكانَ برَارِي قَاطع الصَّينِ، وَمَشتَاهُم بِأَرغونَ، وَهُم مَشْهُوْرُوْنَ بِالشَّرِّ وَالغَدْرِ، وَالصِّينُ مُتَّسِعٌ، وَهُوَ سِتُّ مَمَالِكَ، قَانُهُمُ الأَكْبَرُ مُقِيْمٌ بطمغَاج، وَكَانَ سُلْطَانُ أَحَدِ المَمَالِكِ السِّتِّ دوش خَان، زوجَ عمَّةِ جِنْكِزْ خَان، فَزَارَ جِنْكِزْ خَان عَمَّتَهُ إِذْ مَاتَ زوجُهَا وَمَعَهُ كشلوخَان.
فَقَالَتْ: زوجِي مَا خلَّفَ ابْناً، فَأَرَى أَنْ تَقُوْمَ مقَامَهُ، فَقَامَ جِنْكِزْ خَان وَنفذَ تُحَفاً إِلَى القَانِ الكَبِيْرِ، فَتنمَّرَ وَأَنِفَ منْ تَملّكِ تَترِيٍّ، فَتعَاقدَ جِنْكِزْ خَان وَكشلوخَان عَلَى التَّنَاصُرِ، وَأَبدوا الخلاَفَ، وَكثُرَ جمعُهُم، فَالتَقَوا، فَطحنُوا عَسَاكِرَ البِلاَدِ، وَعلمَ القَانُ قوَّتَهُم، فَأَرْسَلَ يُخَوِّفُهُم، ثُمَّ التقَوْهُ، فَكسرُوهُ أَقبحَ كَسْرَة، وَنجَا القَانُ بِنَفْسِهِ، وَاسْتَوْلَى جِنْكِزْ خَان عَلَى بلاَدِهِ، فَرَاسلَهُ القَانُ بِالمسَالَمَةِ، وَقنعَ بِمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، وَسَارَا إِلَى سَاقُوْنَ مِنَ الصِّيْنِ، فَملكَاهَا، ثُمَّ مَاتَ كشلوخَان، فَقَامَ بَعْدَهُ وَلدُهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَ جِنْكِزْ خَان كَبِيْر أَمرٍ، فَتَأَلَّمَ وَافترقَا، وَتحَاربَا، فَظَفِرَ جِنْكِزْ خَان بِهِ، وَانْفَرَدَ، وَدَانَتْ لَهُ قبَائِلُ المغولِ، وَوَضَعَ لَهُم يَاسَةً يَتمسَّكُوْنَ بِهَا، لاَ يُخَالِفونَهَا أَلبتَةَ، وَتعبَّدُوا بطَاعتِهِ وَتعَظِيْمِهِ، ثُمَّ أَوَّلُ مَصَافٍّ وَقَعَ بَيْنَ خُوَارِزْم شَاه وَبَيْنَ التَّتَارِ كَانَ قَائِدُهُم وَلدُ جِنْكِزْ خَان دوشِي خَان، فَانْهَزَمَ دوشِي خَان، وَرجعَ خُوَارِزْم شَاه مِنْ بلاَدِ التُّرْكِ فِي هَمٍّ وَفِكْرٍ مِنْ هَذَا العَدُوِّ لما رَأَى مِنْ كثرَتِهِم وَإِقدَامِهِم وَشَجَاعَتِهِم.
(42/243)

وَفِي سَنَةِ 607: اتَّفَقتِ المُلُوْكُ عَلَى العَادلِ، سُلْطَانُ الرُّوْمِ وَصَاحِبُ المَوْصِلِ وَالظَّاهِرُ وَمَلِكُ الجَزِيْرَةِ وَصَاحِبُ إِرْبِلَ، وَعزمُوا عَلَى إِقَامَةِ الخطبَةِ بِالسَّلطنَةِ لِصَاحِبِ الرُّوْمِ خسروشاه بنِ قِلْج أَرْسَلاَن، وَحَسَّنُوا لِلْكُرجِ قصد خِلاَط، فَلَمَّا أُسِرَ مُقَدِّمُهُم تَفرَّقَتِ الآرَاءُ، وَصَالحُوا العَادلَ، وَافتكَّ إِيوَائِي نَفْسَهُ بِأَلْفَي أَسِيْرٍ وَثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ وَعِشْرِيْنَ قَلْعَةٍ كَانَ تغلَّبَ عَلَيْهَا، وَأَنَّ يُزَوِّجَ الملكَ الأَوحدَ بِابْنتِهِ، فَعَاد إِلَى مُلْكِهِ، وَسومِحَ بِبَعْضِ مَا التزَمَهُ، وَلَمَّا تَملَّكَ الأَشْرَفُ خِلاَط، تَزَوَّجَ بِابْنَةِ إِيوَائِي، وَتَزَوَّجَ صَاحِبُ المَوْصِلِ بِبنتِ العَادلِ، فَمَاتَ قَبْلَ وُصُوْلِهَا إِلَيْهِ.
وَنقصَتْ دِجْلَةَ إِلَى الغَايَةِ حَتَّى خَاضَهَا النَّاسُ فَوْقَ بَغْدَادَ. (22/229)
سَنَة 608: فِيْهَا اسْتبَاحَ رَكْبَ العِرَاقِ قَتَادَةُ صَاحِبُ مَكَّةَ، وَقُتِلَ عِدَّةٌ، وَخَرَجَ خلقٌ، فَيُقَالُ: ذهبَ لِلوفْدِ مَا قيمتُهُ أَلْفَا أَلفِ دِيْنَارٍ، وَزُفَّتْ بِنْتُ العَادلِ ضَيْفَةً إِلَى صَاحِبِ حَلَبَ الظَّاهِرِ، تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْسِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَنفّذَ جهَازَهَا عَلَى ثَلاَثِ مائَةِ جَمَلٍ وَخَمْسِيْنَ بَغْلاً وَخَمْسُوْنَ جَارِيَةً، وَخلَعَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ جَوَاهرَ بِثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَتَمَلَّكَ أَلبَانُ صَاحِبُ عَكَّا أَنطَاكيَةَ، فَشنَّ الغَارَاتِ عَلَى التُّرُكْمَانِ، وَهجمَ عَلَى بُورَةَ مِنْ إِقْلِيْمِ مِصْرَ، فَاسْتبَاحهَا، فَبَيَّتَهُ التُّرُكْمَانُ وَقتلُوْهُ، وَقتلُوا فُرْسَانَهُ.
(42/244)

وَفِي سَنَةِ 609: المَلْحَمَةُ الكُبْرَى بِالأَنْدَلُسِ، وَتُعْرَفُ بوقعَةِ العُقَابِ بَيْنَ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيِّ، وَبَيْنَ الفِرَنْجِ، فَنَزَلَ النَّصْرُ، لَكِنِ اسْتُشْهِدَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ.
سَنَة عشر: قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِيْهَا خلصَ خُوَارِزْم شَاه مِنَ الأَسرِ، خطرَ لَهُ أَنْ يَكشِفَ التَّتَارَ بِنَفْسِهِ، فَدَخَلَ فِيهِم هُوَ وَثَلاَثَةٌ بِزِيِّهِم، فَقبضُوا عَلَيْهِم، فَضربُوا اثْنَيْنِ فَمَاتَا تَحْتَ العَذَابِ، وَرَسَمُوا عَلَى خُوَارِزْم شَاه وَآخرَ فَهَرَبا فِي اللَّيْلِ.
وَقتلَتِ التُّرُكْمَانُ إِيدغمش صَاحِبَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ، فَتَأَلَّمَ الخَلِيْفَةُ، وَتَمَكَّنَ منْكلِي وَعظم.
فِي سَنَةِ 611: تَملَّكَ خُوَارِزْم شَاه كِرْمَانَ وَمُكْرَانَ وَالسِّنْدَ، وَخَطَبَ لَهُ بِهُرْمُزَ وَهلوَات، وَكَانَ يصيفُ بِسَمَرْقَنْدَ، وَإِذَا قصدَ بَلَداً سبقَ خَبَرُهُ. (22/230)
وَفِي سَنَةِ 612: أَغَارتِ الكُرْجُ عَلَى أَذْرَبِيْجَانَ، وَغَنِمُوا الأَمْوَالَ، وَأَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ أَسِيْرٍ، قَالَهُ أَبُو شَامَةَ.
وَبَعَثَ الملكُ الكَامِلُ وَلَدَهُ المَسْعُوْدَ، فَأَخَذَ اليَمَنَ بِلاَ كُلْفَةٍ وَظَلَمَ وَعَتَا وَتَمرَّدَ.
وَتَوثَّبَ خُوَارِزْم شَاه عَلَى غَزْنَةَ، فَتَمَلَّكهَا، وَجَعَلَ بِهَا وَلدَهُ جَلاَلَ الدِّيْنِ منْكُوبرِي.
وَهَزَمَ صَاحِبُ الرُّوْمِ كيكَاوس الفِرَنْجَ، وَأَخَذَ مِنْهُم أَنطَاكيَةَ، ثُمَّ صَارَت لِبِرِنْسَ طَرَابُلُسَ.
وَفِيْهَا: كُسِرَ مُنْكلِي صَاحِبُ أَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ وَهَمَذَانَ وَقُتِلَ.
وَفِي سَنَةِ 613: أُحْضِرَتْ أَرْبَعَةُ أَوتَارٍ لِنَسْرِ القُبَّةِ، طُولُ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ ذَرَاعاً، أُدْخِلَتْ مِنْ بَابِ الفَرَجِ إِلَى بَابِ النَّاطِفِيِّينَ، وَأُقِيمَتْ لأَجْلِ القرنَة، ثُمَّ مُدِّدَتْ.
(42/245)

وَحُرِّرَ خَنْدَقُ القَلْعَةِ، وَعَمِلَ فِيْهِ كُلُّ أَحَدٍ، وَالفُقَهَاءُ وَالصُّوْفِيَّةُ. وَالمُعَظَّمُ بِنَفْسِهِ، وَأُنشِئَ المُصلَّى، وَعُمِلَ بِهِ الخَطْبَةُ.
وَوَقَعَ بِالبَصْرَةِ بَرَدٌ صِغَارُهُ كَالنَّارِنْجِ. (22/231)
وَفِي سَنَةِ 614: كَانَ الغَرقُ.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ - بِقِلَّةِ وَرَعٍ -: فَانهدمَتْ بَغْدَادُ بِأَسْرِهَا، وَلَمْ يَبْقَ أَنْ يَطفحَ المَاءُ عَلَى رَأْسِ السُّوْرِ إِلاَّ قَدرَ إِصبعينِ...، إِلَى أَنْ قَالَ: وَبَقِيَتْ بَغْدَادُ مِنَ الجَانِبَينِ تُلُوْلاً لاَ أَثرَ لَهَا.
قُلْتُ: العجبُ مِنْ أَبِي شَامَةَ يَنقلُ أَيْضاً هَذَا وَلاَ يُبَالِي بِمَا يَقُوْلُ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ: نَزلَ خُوَارِزْم شَاه فِي أَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ قَاصداً بَغْدَادَ، فَاسْتعدَّ النَّاصِرُ، وَفرَّقَ الأَمْوَالَ وَالعُدَدَ، وَنفَّذَ إِلَيْهِ رَسُوْلاً السُّهْرَوَرْدِيَّ، فَأَهَانَهُ، فَاسْتوقفَهُ وَلَمْ يُجْلِسْهُ، وَفِي الخِدْمَةِ مُلُوْكُ العجمِ.
قَالَ: وَهُوَ شَابٌّ عَلَى تَخْتٍ، وَعَلَيْهِ قبَاءٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ درَاهِم، وَعَلى رَأْسِهِ قُبعُ جلدٍ يُسَاوِي دِرْهَماً، فَسَلَّمْتُ فَمَا ردَّ، فَخطبْتُ وَذكَّرْتُ فَضلَ بَنِي العَبَّاسِ، وَعَظَّمْتُ الخَلِيْفَةَ، وَالتَّرْجَمَانُ يُعيدُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ لِلتَّرْجَمَانِ: قُلْ هَذَا الَّذِي يَصفُهُ: مَا هُوَ فِي بَغْدَادَ، بَلَى أَنَا أُقيمُ خَلِيْفَةً كَمَا تَصِفُ، وَرَدّنَا بِلاَ جَوَابٍ، وَنَزَلَ ثَلجٌ عَظِيْمٌ، فَهلكَتْ خَيْلُهُم وَجَاعُوا، وَكَانَ مَعَهُ سَبْعُوْنَ أَلْفاً مِنَ الخَطَا، فَصرَفَهُ اللهُ عَنْ بَغْدَادَ.
(42/246)

وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: أَنَا مَنْ آذِيتُ أَحَداً مِنْ بَنِي العَبَّاسِ؟ بَلْ فِي جَيْشِ الخَلِيْفَةِ خَلْقٌ مِنْهُم، فَأَعِدْ هَذَا عَلَى مَسَامِعِ الخَلِيْفَةِ، وَمَنَعَهُ اللهُ بثلوجٍ لاَ تُوصَفُ. (22/232)
وَفِيْهَا: أَقْبَلتْ جُيوشُ الفِرَنْجِ لِقَصدِ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَالأَخْذِ بِالثَّأْرِ، وَوصلُوا إِلَى بَيْسَانَ، وَتَأَخَّرَ العَادلُ فَتَبِعُوْهُ، وَنَزَلَ بِمرْجِ الصُّفَّرِ، وَاسْتحثَّ العَسَاكِرَ وَالمُلُوْكَ، وَضَجَّ الخَلْقُ بِالدُّعَاءِ، وَكَانَتْ هُدنَةٌ، فَانْفسخَتْ وَنَهَبَتِ الفِرَنْجُ بلاَدَ الشَّامِ، وَوصلُوا إِلَى الخربَةِ، وَحَاصرُوا قَلْعَةَ الطُّورِ الَّتِي بنَاهَا المُعَظَّمُ مُدَّةً، وَعَجَزُوا عَنْهَا، وَرَجَعُوا، فَجَاءَ المُعَظَّم، وَخَلَعَ عَلَى مَنْ بِهَا، ثُمَّ اتَّفَقَ هُوَ وَأَبُوْهُ عَلَى هَدْمِهَا، وَأَخَذَتْ خَمْسُ مائَةٍ مِنَ الفِرَنْجِ جِزِّينَ، وَفَرَّ رِجَالُهَا فِي الجبلِ، ثُمَّ بَيَّتُوا الفِرَنْجَ، فَاسْتَحَرَّ بِهِمُ القتلُ، حَتَّى مَا نَجَا مِنَ الفِرَنْجِ سِوَى ثَلاَثَةٌ.
وَبَادَرَتِ الفِرَنْجُ إِلَى قَصْدِ مِصْرَ لِخُلُوِّهَا مِنَ العَسَاكِرِ، وَأَشرفَ النَّاسُ عَلَى التَّلَفِ، وَمَا جَسَرَ العَادلُ عَلَى المُلْتَقَى

عدد المشاهدات *:
277062
عدد مرات التنزيل *:
0
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 15/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 15/12/2013

سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي

روابط تنزيل : النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ المُسْتَضِيْءِ ت
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط   النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ المُسْتَضِيْءِ ت لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي


@designer
1