قال أبو الحسن القابسي رحمه الله : الصحيح من المذهب ، و الذي عليه أهل السنة ، أنها ترفعها الملائكة حتى توقفها بين يدي الله تعالى فيسألها ، فإن كانت من أهل السعادة قال لهم : سيروا بها و أروها مقعدها من الجنة . فيسيرون به في الجنة على قدر ما يغسل الميت . فإذا غسل الميت و كفن ردت و أدرجت بين كفنه و جسده ، فإذا حمل على النعش فإنه يسمع كلام الناس ، من تكلم بخير و من تكلم بشر . فإذا وصل إلى قبره و صلي عليه ، ردت فيه الروح و أقعد ذا روح و جسد ، و دخل عليه الملكان الفتانان على ما يأتي .
و عن عمرو بن دينار قال : ما من ميت يموت إلا روحه في يد ملك ، ينظر إلى جسده كيف يغسل ، و كيف يكفن ، و كيف يمشي به فيجلس في قبره .
قال داود : و زاد في هذا الحديث . قال : يقال له و هو على سريره : اسمع ثناء الناس عليك . ذكره أبو نعيم الحافظ في باب عمرو .
و قال أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة : فإذا قبض الملك النفس السعيدة ، تناولها ملكان حسان الوجوه ، عليهما أثواب حسنة ، ولهما رائحة طيبة ، فيلفونها في حرير من حرير الجنة ، و هي على قدر النحلة ، شخص إنساني ما فقد من عقله و لا من علمه المكتسب له في دار الدنيا ، فيعرجون بها في الهواء ، فلا يزال يمر بالأمم السالفة و القرون الخالية كأمثال الجراد المنتشر ، حتى ينتهي إلى سماء الدنيا ، فيقرع الأمين الباب فيقال للأمين : من أنت ؟ فيقول : أنا صلصائيل ، و هذا فلان معي بأحسن أسمائه و أحبها إليه فيقول : نعم الرجل كان فلان ، و كانت عقيدته غير شاك . ثم ينتهي به إلى السماء الثانية ، فيقرع الباب . فيقال له : من أنت ؟ فيقول مقالته الأولى : فيقولون : أهلاً و سهلاً بفلان . كان محافظاً على صلاته بجميع فرائضها . ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء الثالثة . فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول الأمين مقالته الأولى و الثانية فيقال : مرحباً بفلان ، كان يراعي الله في حق ماله و لا يتمسك منه بشيء ، ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء الرابعة ، فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول : كدأبه في مقالته . فيقال : أهلاً بفلان كان يصوم فيحسن الصوم و يحفظه من أدران الرفث و حرام الطعام ، ثم ينتهي إلى السماء الخامسة فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول كعادته . فيقال : أهلاً و سهلاً بفلان ، أدى حجة الله الواجبة من غير سمعاً و لا رياء ، ثم ينتهي إلى السماء السادسة فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول الأمين كدأبه في مقالته . فيقال مرحباً بالرجل الصالح و النفس الطيبة كان كثير البر بوالديه فيفتح له الباب ، ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقرع الباب . فيقال من أنت ؟ فيقول الأمين مقالته . فيقال : مرحباً بفلان كان كثير الاستغفار بالأسحار و يتصدق في السر و يكفل الأيتام ، ثم يفتح له فيمر حتى ينتهي إلى سرادقات الجلال فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول الأمين مثل قوله فيقول : أهلاً و سهلاً بالعبد الصالح و النفس الطيبة . كان كثير الاستغفار ، و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ، و يكرم المساكين ، و يمر بملأ من الملائكة كلهم يبشرونه بالخير و يصافحونه ، حتى ينتهي إلى سدرة المنتهي فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول الأمين كدأبه في مقالته فيقال : أهلاً و سهلاً بفلان ، كان عمله عملاً صالحاً خالصاً لوجه الله عز و جل ، ثم يفتح له فيمر في بحر من نار ، ثم يمر في بحر من نور ، ثم يمر في بحر من ظلمة ، ثم يمر في بحر من ماء ، ثم يمر في بحر من ثلج ، ثم يمر به في بحر من برد ، طول كل بحر منها ألف عام . ثم يخترق الحجب المضروبة على عرش الرحمن ، و هي ثمانون ألفاً من السرادقات ، لها شراريف لكل سرادق ثمانون ألف شرافة على كل شرافة ثمانون ألف قمر ، يهللون لله و يسبحونه و يقدسونه لو برز منها قمر واحد إلى سماء الدنيا ، لعبد من دون الله و لأحرقها نوراً ، فحينئذ ينادي من الحضرة القدسية من وراء أولئك السرادقات : من هذه النفس التي جئتم بها ؟ فيقال : فلان ابن فلان فيقول الجليل جل جلاله : قربوه فنعم العبد كنت يا عبدي ، فإذا أوقفه بين يديه الكريمتين أخجله ببعض اللوم و المعاتبة حتى يظن أنه قد هلك ثم يعفو عنه .
كما روي عن يحيى بن أكثم القاضي و قد رئي في المنام بعد موته فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين يديه . ثم قال : يا شيخ السوء فعلت كذا و فعلت كذا فقلت : يا رب ما بهذا حدثت عنك . قال : فبم حدثت عني يا يحيى ؟ فقلت : حدثني الزهري عن معمر عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم عن جبريل عنك سبحانك أنك قلت : إني لأستحيي أن أعذب ذا شيبة في الإسلام فقال : يا يحيى صدقت و صدق الزهري و صدق معمر و صدق عروة و صدقت عائشة و صدق محمد و صدق جبريل و قد غفرت لك .
و عن ابن نباتة و قد رئي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين الكريمين و قال : أنت الذي تخلص كلامك حتى يقال : ما أفصحه ! فقلت : سبحانك إني أصفك : قال : قل ما كنت تقول في دار الدنيا ، قلت : أبادهم الذي خلقهم ، و أسكنهم الذي أنطقهم و سيوجدهم كما أعدمهم ، و سيجمعهم كما فرقهم . قال لي صدقت اذهب فإني قد غفرت لك .
و عن منصور بن عمار أنه رئي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين يديه و قال لي : بماذا جئتني يا منصور ؟ قلت : بست و ثلاثين حجة . قال : ما قبلت منها شيئاً و لا واحدة . ثم قال : بماذا جئتني يا منصور ؟ قلت : جئتك بثلاثمائة و ستين ختمة للقرآن قال : ما قبلت منها واحدة . ثم قال : فبماذا جئتني يا منصور ؟ قال : جئتك بك . قال سبحانه : الآن جئتني اذهب فقد غفرت لك . و من الناس من إذا انتهى إلى الكرسي سمع النداء : ردوه . فمنهم من يرد من الحجب ، و إنما يصل إلى الله عارفوه .
فصل : و أما الكافر فتؤخذ نفسه عنفاً ، فإذا وجهه كأكل الحنظل و الملك يقول : اخرجي أيتها النفس الخبيثة من الجسد الخبيث ، فإذا له صراخ أعظم ما يكون كصراخ الحمير ، فإذا قبضها عزرائيل ناولها زبانية قباح الوجوه ، سود الثياب منتني الرائحة ، بأيديهم مسوح من شعر ، فليفونها فيستحيل شخصاً إنسانياً على قدر الجرادة ، فإن الكافر أعظم جرماً من المؤمن ، يعني في الجسم في الآخرة ، و في الصحيح أن ضرس الكافر في النار ، مثل أحد ، فيعرج به حتى ينتهي إلى سماء الدنيا ، فيقرع الأمين باب ، فيقال : من أنت ؟ فيقول : أنا دقيائيل لأن اسم الملك الموكل على زبانية العذاب دقيائيل ، فيقال : من معك ؟ فيقول : فلان ابن فلان بأقبح أسمائه و أبغضها إليه في دار الدنيا ، لا أهلا ً و لا سهلاً ، و لا مرحباً ، لا تفتح لهم أبواب السماء ، و لا يدخلون الجنة الآية فإذا سمع الأمين هذه المقالة ، طرحه يده ، أو تهوي به الريح في مكان سحيق أي : بعيد ، و هو قوله عز و جل : و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ، فإذا انتهى إلى الأرض ابتدرته الزبانية ، و سارت به إلى سجين ، و هي صخرة عظيمة تأوي إليها أرواح الفجار . و أما النصارى و اليهود ، فمردودون من الكرسي إلى قبورهم . هذا من كان منهم على شريعته ، و يشاهد غسله و دفنه
و أما المشرك فلا يشاهد شيئاً من ذلك لأنه قد هوى به .
و أما المنافق فمثل الثاني يرد ممقوتاً مطروداً إلى هوى .
و أما المقصورن المؤمنون فتختلف أنواعهم ، فمنهم ترده صلاته ، لأن العبد من إذا قصر في صلاته سارقاً لها . تلف كما يلف الثوب الخلق ، و يضرب بها وجهه . ثم تعرح و تقول : ضيعك الله كما ضيعتني ، و منهم من ترده زكاته لأنه إنما يزكي ليقال : فلان متصدق ، و ربما وضعها عند النساء ، و لقد رأيناه عافانا الله مما حل به ، و من الناس من يرده صومه ، لأنه صام عن الطعام و لم يصم عن الكلام فهو رفث و خسران فيخرج الشهر و قد بهرجه ، و من الناس من يرده حجه ، لأنه إنما حج ليقال فلان حج ، أو يكون حج بمال خبيث ، و من الناس من يرده العقوق ، و سائر أحوال البر كلها ، لا يعرفها إلا العلماء بأسرار المعاملات ، و تخليص العمل الذي للملك الوهاب ، فكل هذه المعاني جاءت بها الآثار و الأخبار ، كالخبر الذي رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه في رد الأعمال و غيره ، فإذا ردت النفس إلى الجسد و وجدته قد أخذ في غسله إن كان قد غسل فتقعد عند رأسه حتى يغسل ، فإذا أدرج الميت في أكفانه صارت ملتصقة بالصدر من خارج الصدر ، و لها خوار و عجيج تقول : أسرعوا بي ، إلى رحمة الله ، أي رحمة لو تعلمون ما أنتم حاملوني إليه ، و إن كان يبشر بالشقاء تقول : رويداً إلى أي عذاب لو تعلمون ما أنتم حاملوني إليه ، فإذا أدخل القبر وهيل عليه التراب ناداه القبر : كنت تفرح على ظهري ، فاليوم تحزن في بطني . كنت تأكل الألوان على ظهري ، فالآن يأكلك الدود في بطني ، و يكثر عليه مثل هذه الألفاظ الموبخة حتى يسوى عليه التراب ثم يناديه ملك يقال له رومان ، و هو أول ما يلقي الميت إذا دخل قبره على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . و الله أعلم بغيبه و أحكم .
و عن عمرو بن دينار قال : ما من ميت يموت إلا روحه في يد ملك ، ينظر إلى جسده كيف يغسل ، و كيف يكفن ، و كيف يمشي به فيجلس في قبره .
قال داود : و زاد في هذا الحديث . قال : يقال له و هو على سريره : اسمع ثناء الناس عليك . ذكره أبو نعيم الحافظ في باب عمرو .
و قال أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة : فإذا قبض الملك النفس السعيدة ، تناولها ملكان حسان الوجوه ، عليهما أثواب حسنة ، ولهما رائحة طيبة ، فيلفونها في حرير من حرير الجنة ، و هي على قدر النحلة ، شخص إنساني ما فقد من عقله و لا من علمه المكتسب له في دار الدنيا ، فيعرجون بها في الهواء ، فلا يزال يمر بالأمم السالفة و القرون الخالية كأمثال الجراد المنتشر ، حتى ينتهي إلى سماء الدنيا ، فيقرع الأمين الباب فيقال للأمين : من أنت ؟ فيقول : أنا صلصائيل ، و هذا فلان معي بأحسن أسمائه و أحبها إليه فيقول : نعم الرجل كان فلان ، و كانت عقيدته غير شاك . ثم ينتهي به إلى السماء الثانية ، فيقرع الباب . فيقال له : من أنت ؟ فيقول مقالته الأولى : فيقولون : أهلاً و سهلاً بفلان . كان محافظاً على صلاته بجميع فرائضها . ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء الثالثة . فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول الأمين مقالته الأولى و الثانية فيقال : مرحباً بفلان ، كان يراعي الله في حق ماله و لا يتمسك منه بشيء ، ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء الرابعة ، فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول : كدأبه في مقالته . فيقال : أهلاً بفلان كان يصوم فيحسن الصوم و يحفظه من أدران الرفث و حرام الطعام ، ثم ينتهي إلى السماء الخامسة فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول كعادته . فيقال : أهلاً و سهلاً بفلان ، أدى حجة الله الواجبة من غير سمعاً و لا رياء ، ثم ينتهي إلى السماء السادسة فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول الأمين كدأبه في مقالته . فيقال مرحباً بالرجل الصالح و النفس الطيبة كان كثير البر بوالديه فيفتح له الباب ، ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقرع الباب . فيقال من أنت ؟ فيقول الأمين مقالته . فيقال : مرحباً بفلان كان كثير الاستغفار بالأسحار و يتصدق في السر و يكفل الأيتام ، ثم يفتح له فيمر حتى ينتهي إلى سرادقات الجلال فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول الأمين مثل قوله فيقول : أهلاً و سهلاً بالعبد الصالح و النفس الطيبة . كان كثير الاستغفار ، و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ، و يكرم المساكين ، و يمر بملأ من الملائكة كلهم يبشرونه بالخير و يصافحونه ، حتى ينتهي إلى سدرة المنتهي فيقرع الباب . فيقال : من أنت ؟ فيقول الأمين كدأبه في مقالته فيقال : أهلاً و سهلاً بفلان ، كان عمله عملاً صالحاً خالصاً لوجه الله عز و جل ، ثم يفتح له فيمر في بحر من نار ، ثم يمر في بحر من نور ، ثم يمر في بحر من ظلمة ، ثم يمر في بحر من ماء ، ثم يمر في بحر من ثلج ، ثم يمر به في بحر من برد ، طول كل بحر منها ألف عام . ثم يخترق الحجب المضروبة على عرش الرحمن ، و هي ثمانون ألفاً من السرادقات ، لها شراريف لكل سرادق ثمانون ألف شرافة على كل شرافة ثمانون ألف قمر ، يهللون لله و يسبحونه و يقدسونه لو برز منها قمر واحد إلى سماء الدنيا ، لعبد من دون الله و لأحرقها نوراً ، فحينئذ ينادي من الحضرة القدسية من وراء أولئك السرادقات : من هذه النفس التي جئتم بها ؟ فيقال : فلان ابن فلان فيقول الجليل جل جلاله : قربوه فنعم العبد كنت يا عبدي ، فإذا أوقفه بين يديه الكريمتين أخجله ببعض اللوم و المعاتبة حتى يظن أنه قد هلك ثم يعفو عنه .
كما روي عن يحيى بن أكثم القاضي و قد رئي في المنام بعد موته فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين يديه . ثم قال : يا شيخ السوء فعلت كذا و فعلت كذا فقلت : يا رب ما بهذا حدثت عنك . قال : فبم حدثت عني يا يحيى ؟ فقلت : حدثني الزهري عن معمر عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم عن جبريل عنك سبحانك أنك قلت : إني لأستحيي أن أعذب ذا شيبة في الإسلام فقال : يا يحيى صدقت و صدق الزهري و صدق معمر و صدق عروة و صدقت عائشة و صدق محمد و صدق جبريل و قد غفرت لك .
و عن ابن نباتة و قد رئي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين الكريمين و قال : أنت الذي تخلص كلامك حتى يقال : ما أفصحه ! فقلت : سبحانك إني أصفك : قال : قل ما كنت تقول في دار الدنيا ، قلت : أبادهم الذي خلقهم ، و أسكنهم الذي أنطقهم و سيوجدهم كما أعدمهم ، و سيجمعهم كما فرقهم . قال لي صدقت اذهب فإني قد غفرت لك .
و عن منصور بن عمار أنه رئي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين يديه و قال لي : بماذا جئتني يا منصور ؟ قلت : بست و ثلاثين حجة . قال : ما قبلت منها شيئاً و لا واحدة . ثم قال : بماذا جئتني يا منصور ؟ قلت : جئتك بثلاثمائة و ستين ختمة للقرآن قال : ما قبلت منها واحدة . ثم قال : فبماذا جئتني يا منصور ؟ قال : جئتك بك . قال سبحانه : الآن جئتني اذهب فقد غفرت لك . و من الناس من إذا انتهى إلى الكرسي سمع النداء : ردوه . فمنهم من يرد من الحجب ، و إنما يصل إلى الله عارفوه .
فصل : و أما الكافر فتؤخذ نفسه عنفاً ، فإذا وجهه كأكل الحنظل و الملك يقول : اخرجي أيتها النفس الخبيثة من الجسد الخبيث ، فإذا له صراخ أعظم ما يكون كصراخ الحمير ، فإذا قبضها عزرائيل ناولها زبانية قباح الوجوه ، سود الثياب منتني الرائحة ، بأيديهم مسوح من شعر ، فليفونها فيستحيل شخصاً إنسانياً على قدر الجرادة ، فإن الكافر أعظم جرماً من المؤمن ، يعني في الجسم في الآخرة ، و في الصحيح أن ضرس الكافر في النار ، مثل أحد ، فيعرج به حتى ينتهي إلى سماء الدنيا ، فيقرع الأمين باب ، فيقال : من أنت ؟ فيقول : أنا دقيائيل لأن اسم الملك الموكل على زبانية العذاب دقيائيل ، فيقال : من معك ؟ فيقول : فلان ابن فلان بأقبح أسمائه و أبغضها إليه في دار الدنيا ، لا أهلا ً و لا سهلاً ، و لا مرحباً ، لا تفتح لهم أبواب السماء ، و لا يدخلون الجنة الآية فإذا سمع الأمين هذه المقالة ، طرحه يده ، أو تهوي به الريح في مكان سحيق أي : بعيد ، و هو قوله عز و جل : و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ، فإذا انتهى إلى الأرض ابتدرته الزبانية ، و سارت به إلى سجين ، و هي صخرة عظيمة تأوي إليها أرواح الفجار . و أما النصارى و اليهود ، فمردودون من الكرسي إلى قبورهم . هذا من كان منهم على شريعته ، و يشاهد غسله و دفنه
و أما المشرك فلا يشاهد شيئاً من ذلك لأنه قد هوى به .
و أما المنافق فمثل الثاني يرد ممقوتاً مطروداً إلى هوى .
و أما المقصورن المؤمنون فتختلف أنواعهم ، فمنهم ترده صلاته ، لأن العبد من إذا قصر في صلاته سارقاً لها . تلف كما يلف الثوب الخلق ، و يضرب بها وجهه . ثم تعرح و تقول : ضيعك الله كما ضيعتني ، و منهم من ترده زكاته لأنه إنما يزكي ليقال : فلان متصدق ، و ربما وضعها عند النساء ، و لقد رأيناه عافانا الله مما حل به ، و من الناس من يرده صومه ، لأنه صام عن الطعام و لم يصم عن الكلام فهو رفث و خسران فيخرج الشهر و قد بهرجه ، و من الناس من يرده حجه ، لأنه إنما حج ليقال فلان حج ، أو يكون حج بمال خبيث ، و من الناس من يرده العقوق ، و سائر أحوال البر كلها ، لا يعرفها إلا العلماء بأسرار المعاملات ، و تخليص العمل الذي للملك الوهاب ، فكل هذه المعاني جاءت بها الآثار و الأخبار ، كالخبر الذي رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه في رد الأعمال و غيره ، فإذا ردت النفس إلى الجسد و وجدته قد أخذ في غسله إن كان قد غسل فتقعد عند رأسه حتى يغسل ، فإذا أدرج الميت في أكفانه صارت ملتصقة بالصدر من خارج الصدر ، و لها خوار و عجيج تقول : أسرعوا بي ، إلى رحمة الله ، أي رحمة لو تعلمون ما أنتم حاملوني إليه ، و إن كان يبشر بالشقاء تقول : رويداً إلى أي عذاب لو تعلمون ما أنتم حاملوني إليه ، فإذا أدخل القبر وهيل عليه التراب ناداه القبر : كنت تفرح على ظهري ، فاليوم تحزن في بطني . كنت تأكل الألوان على ظهري ، فالآن يأكلك الدود في بطني ، و يكثر عليه مثل هذه الألفاظ الموبخة حتى يسوى عليه التراب ثم يناديه ملك يقال له رومان ، و هو أول ما يلقي الميت إذا دخل قبره على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . و الله أعلم بغيبه و أحكم .
عدد المشاهدات *:
165683
165683
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 28/12/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 28/12/2013