فمنها: وهم لأبى محمد بن حزم فى حَجَّة الوداع، حيث قال: إن النبىَّ صلى الله عليه وسلم أعْلَم النَّاسَ وقتَ خروجه ((أنَّ عُمْرَةً فى رَمَضَانَ، تَعْدِلُ حَجَّةً)) وهذا وَهْمٌ ظاهر، فإنَه إنما قال ذلك بعد رجوعه إلى المدينة من حَجَّته، إذ قال لأُمِّ سِنَان الأَنْصَارِية: ما مَنَعَكِ أنْ تَكُونى حَجَجْتِ مَعَنا؟ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إلاَّ نَاضِحَانِ، فَحَجَّ أَبُو وَلَدى وَابْنى عَلَى نَاضِحٍ، وتَرَكَ لَنَا ناضحاً نَنْضَحُ عَلَيْهِ. قَالَ: ((فإذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فاعْتَمرى، فإنَّ عُمْرَةً فى رَمَضَانَ تَقْضى حَجَّةً)) هكذا رواه مسلم فى صحيحه
وكذلِكَ أيضاً قال هذا لأُمِّ معقلِ بعد رجوعه إلَى المدينة، كما رواه أبو داود، من حديث يوسف بن عبداللَّه بن سلام، عن جدَّته أم مَعْقِلٍ، قالت: لما حجَّ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حجَّة الوَدَاع، وكان لنا جمل، فجعله أبو مَعْقِل فى سبيل اللَّه، فأصابنا مرضٌ، فهلك أبو مَعْقِل، وخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما فَرَغَ من حَجِّهِ، جئتُه، فَقال: ((مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجى مَعَنا))؟ فقالت: لقد تهيَّأنا، فهلَكَ أبو مَعقِل، وكان لنا جمل وهو الذى نَحُجُّ عليه، فأوصى به أبو مَعْقل فى سبيل اللَّه. قال: ((فَهَلاَّ خَرَجْتِ عَلَيْهِ؟ فإنَّ الحَجَّ فى سَبيلِ اللَّه، فَأمَّا إذْ فَاتَتْكِ هذِه الحَجَّةُ مَعَنَا فاعْتَمرى فى رَمَضَانَ، فإنَّها كحَجَّة)).
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر له، وهو أنَّ خروجه كان يومَ الخميس لِستٍ بَقِين من ذى القِعْدَةِ، وقد تقدَّم أنه خرج لخمس، وأن خروجه كان يومَ السبت.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر لبعضهم: ذكر الطبرى فى ((حَجة الوداع)) أنه خرج يومَ الجمعة بعد الصَّلاة. والذى حمله على هذا الوهم القبيح، قوله فى الحديث: ((خرج لِستٍ بقين))، فظن أن هذا لا يُمكن إلا أن يكون الخروجُ يومَ الجمعة، إذ تمامُ الست يوم الأربعاء، وأولُ ذى الحِجة كان يوم الخميس بلا ريب، وهذا خطأ فاحش، فإنه من المعلوم الذى لا ريب فيه، أنه صلَّى الظهرَ يومَ خروجه بالمدينة أربعاً، والعصر بذى الحُليفة ركعتين، ثبت ذلك فى ((الصحيحين)).
وحكى الطبرى فى حَجته قولاً ثالثاً: إن خروجه كان يومَ السبت، وهو اختيارُ الواقدى، وهو القول الذى رجحناه أولاً، لكن الواقدى، وهم فى ذلك ثلاثة أوهام، أحدها: أنه زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم صلَّى يومَ خروجه الظهر بذى الحُليفة ركعتين، الوهم الثانى: أنه أحرم ذلكَ اليومَ عَقيبَ صلاةِ الظهر، وإنما أحرم من الغد بعد أن بات بذى الحُليفة، الوهم الثالث: أن الوقفة كانت يومَ السبت، وهذا لم يقلْه غيره، وهو وَهْمٌ بيِّنٌ.
فصل
ومنها وَهْمٌ للقاضى عياض رحمه اللَّه وغيره: أنه صلى اللَّه عليه وسلم، تطيَّب هُناكَ قبل غسله، ثم غسل الطِّيب عنه لما اغتسل، ومنشأ هذا الوهم، مِن سياق ما وقع فى ((صحيح مسلم)) فى حديثِ عائشة رضى اللَّه عنها أنها قالت: ((طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ طافَ عَلى نِسائِه بَعدَ ذلِك، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِماً)).
والذى يردُّ هذا الوهم، قولُها: طيَّبتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لإحرامه، وقولُها: كأنى أنظر إلى وَبِيصِ الطِّيب - أى: بريقه - فى مفارِق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو مُحرِم، وفى لفظ: وهو يُلبِّى بعد ثلاثٍ من إحرامه، وفى لفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يُحرم، تطيَّب بأطيبِ ما يجد، ثم أرَى وَبيصَ الطِّيبِ فى رأسه ولحيته بعد ذلك، وكل هذه الألفاظ ألفاظُ الصحيح.
وأما الحديثُ الذى احتج به، فإنه حديث إبراهيم بن محمد بن المنتَشِرِ، عن أبيه، عنها: ((كُنْتُ أُطَيِّبُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً)). وهذا ليس فيه ما يمنع الطيب الثانى عند إحرامه.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر لأبى محمد بن حزم: أنه صلى الله عليه وسلم أحرم قبل الظهر، وهو وَهْمٌ ظاهر، لم يُنقل فى شىء من الأحاديث، وإنما أهلَّ عقيب صلاة الظهر فى موضع مُصلاه، ثم ركب ناقته، واستوت به على البيداء وهو يُهِلُّ، وهذا يقيناً كان بعد صلاة الظهر، واللَّه أعلم.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر له وهو قوله: وساق الهَدْى مع نفسه، وكان هَدْىَ تطوع، وهذا بناء منه على أصله الذى انفرد به عن الأئمة، أن القارِن لا يلزمه هَدْى، وإنما يلزم المتمتع، وقد تقدَّم بطلانُ هذا القول.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر لمن قال: إنه لم يُعيِّن فى إحرامه نُسُكاً، بل أطلقه، ووَهْمٌ مََن قال: إنه عيَّن عُمرة مفردة كان متمتعاً بها، كما قاله القاضى أبو يعلى، وصاحب ((المغنى)) وغيرهما، ووَهْمُ مَن قال: إنه عيَّن حَجّاً مفرداً مجرداً لم يعتمِر معه، ووَهْمُ مَن قال: إنه عيَّن عُمرة، ثم أدخل عليها الحَجَّ، ووَهْمُ مَن قال: إنه عيَّن حجاً مفرداً، ثم أدخل عليه العُمرة بعد ذلك، وكان مِن خصائصه، وقد تقدَّم بيانُ مستند ذلك، ووجهُ الصوابِ فيه. واللَّه أعلم.
فصل
ومنها وَهْمٌ لأحمد بن عبد اللَّه الطبرى فى ((حَجة الوداع)) له: أنهم لما كانوا ببعض الطريق، صاد أبو قتادة حِماراً وحشياً ولم يكن محرماً، فأكل منه النبىُّ صلى الله عليه وسلم، وهذا إنما كان فى عُمرة الحُديبية، كما رواه البخارى.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر لبعضهم، حكاه الطبرى عنه صلى اللَّه عليه وسلم: أنه دخل مكة يوم الثلاثاء وهو غلط، فإنما دخلها يوم الأحد صُبح رابعةٍ من ذى الحِجة.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن قال: إنه صلى اللَّه عليه وسلم حلَّ بعد طوافه وسعيه، كما قاله القاضى أبو يعلى وأصحابُه، وقد بيَّنا أن مستند هذا الوهم وَهْمُ معاوية، أو مَنْ روى عنه أنه قصَّر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ على المروة فى حجته.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم: أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان يُقَبِّل الرُّكن اليمانى فى طوافه، وإنما ذلك الحجرُ الأسود، وسماه اليمانى، لأنه يُطلق عليه، وعلى الآخر اليمانيين، فعبَّر بعضُ الرواة عنه باليمانى منفرداً.
فصل
ومنها وَهْمٌ فاحش لأبى محمد بن حزم: أنه رَمَلَ فى السعى ثلاثة أشواط، ومشى أربعة، وأعجبُ من هذا الوهم، وهمُه فى حكاية الاتفاق على هذا القول الذى لم يقله أحد سواه.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم أنه طاف بين الصفَّا والمروة أربعةَ عشر شوطاً، وكان ذهابُه وإيابُه مرةً واحدة، وقد تقدَّم بيانُ بطلانه.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم، أنَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلَّى الصُّبْحَ يومَ النَّحر قبل الوقت، ومُسْتَنَدُ هذا الوهم، حديثُ ابن مسعود، أن النبى صلى الله عليه وسلم صلَّى الفجر يومَ النحر قبلَ ميقاتها وهذا إنما أراد به قبلَ ميقاتها الذى كانت عادتُه أن يُصليَها فيه، فعجَّلها عليه يومئذ، ولا بُدَّ من هذا التأويل، وحديث ابن مسعود، إنما يدل على هذا، فإنه فى صحيح البخارى عنه، أنه قال:((هُمَا صَلاَتَانِ تُحَوَّلاَنِ عَنْ وَقْتِهِمَا: صَلاَةُ المَغْرِب بَعْدَمَا يأتى الناسُ المُزْدَلِفة، والفَجْرِ حِينَ يَبْزُغُ الفَجْرُ. وقال فى حديث جابر فى حجَّة الوداع: فصلَّى الصُّبحَ حين تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بأَذَانٍ وَإقَامَةٍ)).
فصل
ومنها وَهْمُ مَن وَهِمَ فى أنه صلَّى الظُّهر والعًَصْرَ يومَ عرفة، والمغربَ، والعِشاء، تلك الليلة، بأذانين وإقامتين، ووَهْمُ مَن قال: صلاَّهما بإقامتين بلا أذان أصلاً، ووَهْمُ مَن قال: جمع بينهما بإقامَةٍ واحِدة، والصحيح: أنه صلاَّهُما بأذان واحد، وإقامة لِكلِّ صلاة.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم أنه خطب بعرفة خُطبتين، جلس بينهما، ثمَّ أذَّن المؤذِّنُ، فلما فرغ، أخذ فى الخُطبة الثانية، فلما فرغ منها، أقام الصَّلاة، وهذا لم يجئ فى شئ من الأحاديث البتة، وحديث جابر صريح، فى أنه لما أكمل خُطبته أذَّن بلال، وأقامَ الصلاَة، فصلَّى الظهر بعد الخطبة.
فصل
ومنها وَهْمٌ لأبى ثور: أنه لما صَعِدَ، أذَّن المؤذِّن، فلما فرغ، قام فخطب، وهذا وهم ظاهر، فإن الأذان إنما كان بعد الخطبة.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن روى، أنه قدَّم أُمَّ سلمة ليلةَ النحر، وأمرها أن تُوافيَه صلاة الصبح بمكة، وقد تقدَّم بيانه.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم، أنه أخَّر طواف الزيارة يومَ النحر إلى الليل، وقد تقدَّم بيانُ ذلك، وأن الذى أخَّره إلى الليل، إنما هو طوافُ الوَداع، ومستند هذا الوهم - واللَّه أعلم - أن عائشة قالت: ((أفاضَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من آخر يومه))، كذلك قال عبدُ الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عنها، فحمل عنها على المعنى، وقيل: أخَّر طواف الزيارة إلى الليل.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن وَهِمَ وقال: إنه أفاض مرتين: مرَّة بالنهار، ومرةً مع نسائه بالليل، ومستند هذا الوهم، ما رواه عمر بن قيس، عن عبد الرحمنِ ابن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، ((أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم، أَذِنَ لأصحابه، فزارُوا البيتَ يَوْمَ النَّحرِ ظهيرةً، وزارَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مع نسائه ليلاً)).
وهذا غلط، والصحيح عن عائشة خلاف هذا: أنه أفاض نهاراً إفاضة واحدة، وهذه طريقة وخيمة جداً، سلكها ضِعافُ أهل العلم المتمسكون بأذيال التقليد. والله أعلم.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم، أنه طاف للقدوم يومَ النحر، ثم طافَ بعده للزيارة، وقد تقدَّم مستندُ ذلك وبطلانُه.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم أنه يومئذ سعى مع هذا الطواف. واحتج بذلك على أن القارِن يحتاجُ إلى سعيين، وقد تقدَّم بطلانُ ذلك عنه، وأنه لم يسع إلا سعياً واحداً، كما قالت عائشةُ وجابر رضى اللَّه عنهما.
فصل
ومنها - على القول الراجح - وَهْمُ مَن قال: إنه صلَّى الظهر يومَ النحر بمكة، والصحيح: أنه صلاها بمِنَى كما تقدَّم.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم أنه لم يُسرِعْ فى وادى مُحَسِّرٍ حين أفاض من جَمْع إلى مِنَى، وأن ذلك إنما هو فعل الأعراب، ومستند هذا الوهم قولُ ابن عباس: إنما كان بدْءُ الإيضَاع من قِبَلِ أهل البادية، كانوا يقِفون حافتى الناس حتى علَّقوا القِعَابَ والعِصِىَّ والجِعَابَ، فإذا أفاضوا، تقعقعت تلك فنفروا بالناس، ولقد رؤى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإن ذِفْرَى ناقته لَيَمَسُّ حَارِكَها وهو يقول: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ ؛ عَلَيْكُم السَّكِينَة)). وفى رواية: ((إنَّ البِرَّ لَيْسَ بِايجَافِ الخَيْلِ وَالإبِلِ، فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ))، فَمَا رَأَيْتُها رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى مِنَى، رواه أبو داود
ولذلك أنكره طاووس والشعبىُّ، قال الشعبى: حدَّثنى أُسامة بن زيد، أنه أفاض مع رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِن عرفة، فلم ترفع راحلتُه رِجلها عاديةً حتى بلغ جَمْعاً. قال: وحدثنى الفضلُ بنُ عباس، أنه كان رديفَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فى جَمْع، فلم ترفع راحلتُه رجلها عادية حتَّى رمى الجمرة. وقال عطاء: إنما أحدث هؤلاء الإسراع، يُريدون أن يفوتوا الغُبار. ومنشأ هذا الوهم اشتباهُ الإيضاع وقتَ الدفع من عرفة الذى يفعله الأعرابُ وجفاةُ الناس بالإيضاع فى وادى مُحَسِّرٍ، فإن الإيضَاعَ هناك بدعة لم يفعلْه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، بل نهى عنه، والإيضاعُ فى وادى محسِّر سُـنَّة نقلها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: جابر، وعلى بن أبى طالب، والعباسُ بن عبد المطلب رضى اللَّه عنهم، وفعله عمرُ بن الخطاب رضى اللَّه عنه، وكان ابن الزبير يُوضِع أشدَّ الإيضاعِ، وفعلته عائشةُ وغيرُهم مِن الصحابة، والقولُ فى هذا قولُ مَن أثبت، لا قولُ مَن نفى. واللَّه أعلم.
فصل
ومنها وَهْمُ طاووس وغيره: أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُفيضُ كُلَّ ليلة من ليالى مِنَى إلى البيت، وقال البخارى فى ((صحيحه)): ويُذكر عن أبى حسان، عن ابنِ عباس أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم ((كان يزورُ البيتَ أيامَ مِنَى)) ورواه ابنُ عَرْعَرَةَ، دفع إلينا مُعاذُ بنُ هِشام كتاباً قال: سمعتُه من أبى ولم يقرأه، قال: وكان فيه عن أبى حسان، عن ابن عباس أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ((كان يزورُ البيت كُلَّ ليلةٍ ما دام بمِنَى)). قال: وما رأيتُ أحداً واطأه عليه... انتهى.
ورواه الثورى فى ((جامعه)) عن ابن طاووس عن أبيه مرسلاً، وهو وَهْمٌ، فإن النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَرْجِعْ إلى مكة بعد أن طاف للإفاضة، وبقى فى مِنَى إلى حين الوَداع، واللَّه وأعلم.
فصل
ومنها وَهْمٌ مَن قال: إنه ودَّع مرتين، ووَهْمُ مَن قال: إنه جعل مكة دائرة فى دخوله وخروجه، فبات بذى طُوَى، ثم دخل من أعلاها، ثم خرج من أسفلها، ثم رجع إلى المحصَّب عن يمين مكة، فكملت الدائرة.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم: أنه انتقل من المحصَّب إلى ظهر العقبة، فهذه كلُّها من الأوهام نبهَّنا عليها مفصَّلاً ومجملاً، وباللَّه التوفيق.
وكذلِكَ أيضاً قال هذا لأُمِّ معقلِ بعد رجوعه إلَى المدينة، كما رواه أبو داود، من حديث يوسف بن عبداللَّه بن سلام، عن جدَّته أم مَعْقِلٍ، قالت: لما حجَّ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حجَّة الوَدَاع، وكان لنا جمل، فجعله أبو مَعْقِل فى سبيل اللَّه، فأصابنا مرضٌ، فهلك أبو مَعْقِل، وخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما فَرَغَ من حَجِّهِ، جئتُه، فَقال: ((مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجى مَعَنا))؟ فقالت: لقد تهيَّأنا، فهلَكَ أبو مَعقِل، وكان لنا جمل وهو الذى نَحُجُّ عليه، فأوصى به أبو مَعْقل فى سبيل اللَّه. قال: ((فَهَلاَّ خَرَجْتِ عَلَيْهِ؟ فإنَّ الحَجَّ فى سَبيلِ اللَّه، فَأمَّا إذْ فَاتَتْكِ هذِه الحَجَّةُ مَعَنَا فاعْتَمرى فى رَمَضَانَ، فإنَّها كحَجَّة)).
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر له، وهو أنَّ خروجه كان يومَ الخميس لِستٍ بَقِين من ذى القِعْدَةِ، وقد تقدَّم أنه خرج لخمس، وأن خروجه كان يومَ السبت.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر لبعضهم: ذكر الطبرى فى ((حَجة الوداع)) أنه خرج يومَ الجمعة بعد الصَّلاة. والذى حمله على هذا الوهم القبيح، قوله فى الحديث: ((خرج لِستٍ بقين))، فظن أن هذا لا يُمكن إلا أن يكون الخروجُ يومَ الجمعة، إذ تمامُ الست يوم الأربعاء، وأولُ ذى الحِجة كان يوم الخميس بلا ريب، وهذا خطأ فاحش، فإنه من المعلوم الذى لا ريب فيه، أنه صلَّى الظهرَ يومَ خروجه بالمدينة أربعاً، والعصر بذى الحُليفة ركعتين، ثبت ذلك فى ((الصحيحين)).
وحكى الطبرى فى حَجته قولاً ثالثاً: إن خروجه كان يومَ السبت، وهو اختيارُ الواقدى، وهو القول الذى رجحناه أولاً، لكن الواقدى، وهم فى ذلك ثلاثة أوهام، أحدها: أنه زعم أن النبى صلى الله عليه وسلم صلَّى يومَ خروجه الظهر بذى الحُليفة ركعتين، الوهم الثانى: أنه أحرم ذلكَ اليومَ عَقيبَ صلاةِ الظهر، وإنما أحرم من الغد بعد أن بات بذى الحُليفة، الوهم الثالث: أن الوقفة كانت يومَ السبت، وهذا لم يقلْه غيره، وهو وَهْمٌ بيِّنٌ.
فصل
ومنها وَهْمٌ للقاضى عياض رحمه اللَّه وغيره: أنه صلى اللَّه عليه وسلم، تطيَّب هُناكَ قبل غسله، ثم غسل الطِّيب عنه لما اغتسل، ومنشأ هذا الوهم، مِن سياق ما وقع فى ((صحيح مسلم)) فى حديثِ عائشة رضى اللَّه عنها أنها قالت: ((طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ طافَ عَلى نِسائِه بَعدَ ذلِك، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِماً)).
والذى يردُّ هذا الوهم، قولُها: طيَّبتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لإحرامه، وقولُها: كأنى أنظر إلى وَبِيصِ الطِّيب - أى: بريقه - فى مفارِق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو مُحرِم، وفى لفظ: وهو يُلبِّى بعد ثلاثٍ من إحرامه، وفى لفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يُحرم، تطيَّب بأطيبِ ما يجد، ثم أرَى وَبيصَ الطِّيبِ فى رأسه ولحيته بعد ذلك، وكل هذه الألفاظ ألفاظُ الصحيح.
وأما الحديثُ الذى احتج به، فإنه حديث إبراهيم بن محمد بن المنتَشِرِ، عن أبيه، عنها: ((كُنْتُ أُطَيِّبُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِماً)). وهذا ليس فيه ما يمنع الطيب الثانى عند إحرامه.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر لأبى محمد بن حزم: أنه صلى الله عليه وسلم أحرم قبل الظهر، وهو وَهْمٌ ظاهر، لم يُنقل فى شىء من الأحاديث، وإنما أهلَّ عقيب صلاة الظهر فى موضع مُصلاه، ثم ركب ناقته، واستوت به على البيداء وهو يُهِلُّ، وهذا يقيناً كان بعد صلاة الظهر، واللَّه أعلم.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر له وهو قوله: وساق الهَدْى مع نفسه، وكان هَدْىَ تطوع، وهذا بناء منه على أصله الذى انفرد به عن الأئمة، أن القارِن لا يلزمه هَدْى، وإنما يلزم المتمتع، وقد تقدَّم بطلانُ هذا القول.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر لمن قال: إنه لم يُعيِّن فى إحرامه نُسُكاً، بل أطلقه، ووَهْمٌ مََن قال: إنه عيَّن عُمرة مفردة كان متمتعاً بها، كما قاله القاضى أبو يعلى، وصاحب ((المغنى)) وغيرهما، ووَهْمُ مَن قال: إنه عيَّن حَجّاً مفرداً مجرداً لم يعتمِر معه، ووَهْمُ مَن قال: إنه عيَّن عُمرة، ثم أدخل عليها الحَجَّ، ووَهْمُ مَن قال: إنه عيَّن حجاً مفرداً، ثم أدخل عليه العُمرة بعد ذلك، وكان مِن خصائصه، وقد تقدَّم بيانُ مستند ذلك، ووجهُ الصوابِ فيه. واللَّه أعلم.
فصل
ومنها وَهْمٌ لأحمد بن عبد اللَّه الطبرى فى ((حَجة الوداع)) له: أنهم لما كانوا ببعض الطريق، صاد أبو قتادة حِماراً وحشياً ولم يكن محرماً، فأكل منه النبىُّ صلى الله عليه وسلم، وهذا إنما كان فى عُمرة الحُديبية، كما رواه البخارى.
فصل
ومنها وَهْمٌ آخر لبعضهم، حكاه الطبرى عنه صلى اللَّه عليه وسلم: أنه دخل مكة يوم الثلاثاء وهو غلط، فإنما دخلها يوم الأحد صُبح رابعةٍ من ذى الحِجة.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن قال: إنه صلى اللَّه عليه وسلم حلَّ بعد طوافه وسعيه، كما قاله القاضى أبو يعلى وأصحابُه، وقد بيَّنا أن مستند هذا الوهم وَهْمُ معاوية، أو مَنْ روى عنه أنه قصَّر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بِمِشْقَصٍ على المروة فى حجته.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم: أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان يُقَبِّل الرُّكن اليمانى فى طوافه، وإنما ذلك الحجرُ الأسود، وسماه اليمانى، لأنه يُطلق عليه، وعلى الآخر اليمانيين، فعبَّر بعضُ الرواة عنه باليمانى منفرداً.
فصل
ومنها وَهْمٌ فاحش لأبى محمد بن حزم: أنه رَمَلَ فى السعى ثلاثة أشواط، ومشى أربعة، وأعجبُ من هذا الوهم، وهمُه فى حكاية الاتفاق على هذا القول الذى لم يقله أحد سواه.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم أنه طاف بين الصفَّا والمروة أربعةَ عشر شوطاً، وكان ذهابُه وإيابُه مرةً واحدة، وقد تقدَّم بيانُ بطلانه.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم، أنَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلَّى الصُّبْحَ يومَ النَّحر قبل الوقت، ومُسْتَنَدُ هذا الوهم، حديثُ ابن مسعود، أن النبى صلى الله عليه وسلم صلَّى الفجر يومَ النحر قبلَ ميقاتها وهذا إنما أراد به قبلَ ميقاتها الذى كانت عادتُه أن يُصليَها فيه، فعجَّلها عليه يومئذ، ولا بُدَّ من هذا التأويل، وحديث ابن مسعود، إنما يدل على هذا، فإنه فى صحيح البخارى عنه، أنه قال:((هُمَا صَلاَتَانِ تُحَوَّلاَنِ عَنْ وَقْتِهِمَا: صَلاَةُ المَغْرِب بَعْدَمَا يأتى الناسُ المُزْدَلِفة، والفَجْرِ حِينَ يَبْزُغُ الفَجْرُ. وقال فى حديث جابر فى حجَّة الوداع: فصلَّى الصُّبحَ حين تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بأَذَانٍ وَإقَامَةٍ)).
فصل
ومنها وَهْمُ مَن وَهِمَ فى أنه صلَّى الظُّهر والعًَصْرَ يومَ عرفة، والمغربَ، والعِشاء، تلك الليلة، بأذانين وإقامتين، ووَهْمُ مَن قال: صلاَّهما بإقامتين بلا أذان أصلاً، ووَهْمُ مَن قال: جمع بينهما بإقامَةٍ واحِدة، والصحيح: أنه صلاَّهُما بأذان واحد، وإقامة لِكلِّ صلاة.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم أنه خطب بعرفة خُطبتين، جلس بينهما، ثمَّ أذَّن المؤذِّنُ، فلما فرغ، أخذ فى الخُطبة الثانية، فلما فرغ منها، أقام الصَّلاة، وهذا لم يجئ فى شئ من الأحاديث البتة، وحديث جابر صريح، فى أنه لما أكمل خُطبته أذَّن بلال، وأقامَ الصلاَة، فصلَّى الظهر بعد الخطبة.
فصل
ومنها وَهْمٌ لأبى ثور: أنه لما صَعِدَ، أذَّن المؤذِّن، فلما فرغ، قام فخطب، وهذا وهم ظاهر، فإن الأذان إنما كان بعد الخطبة.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن روى، أنه قدَّم أُمَّ سلمة ليلةَ النحر، وأمرها أن تُوافيَه صلاة الصبح بمكة، وقد تقدَّم بيانه.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم، أنه أخَّر طواف الزيارة يومَ النحر إلى الليل، وقد تقدَّم بيانُ ذلك، وأن الذى أخَّره إلى الليل، إنما هو طوافُ الوَداع، ومستند هذا الوهم - واللَّه أعلم - أن عائشة قالت: ((أفاضَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من آخر يومه))، كذلك قال عبدُ الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عنها، فحمل عنها على المعنى، وقيل: أخَّر طواف الزيارة إلى الليل.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن وَهِمَ وقال: إنه أفاض مرتين: مرَّة بالنهار، ومرةً مع نسائه بالليل، ومستند هذا الوهم، ما رواه عمر بن قيس، عن عبد الرحمنِ ابن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، ((أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم، أَذِنَ لأصحابه، فزارُوا البيتَ يَوْمَ النَّحرِ ظهيرةً، وزارَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مع نسائه ليلاً)).
وهذا غلط، والصحيح عن عائشة خلاف هذا: أنه أفاض نهاراً إفاضة واحدة، وهذه طريقة وخيمة جداً، سلكها ضِعافُ أهل العلم المتمسكون بأذيال التقليد. والله أعلم.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم، أنه طاف للقدوم يومَ النحر، ثم طافَ بعده للزيارة، وقد تقدَّم مستندُ ذلك وبطلانُه.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم أنه يومئذ سعى مع هذا الطواف. واحتج بذلك على أن القارِن يحتاجُ إلى سعيين، وقد تقدَّم بطلانُ ذلك عنه، وأنه لم يسع إلا سعياً واحداً، كما قالت عائشةُ وجابر رضى اللَّه عنهما.
فصل
ومنها - على القول الراجح - وَهْمُ مَن قال: إنه صلَّى الظهر يومَ النحر بمكة، والصحيح: أنه صلاها بمِنَى كما تقدَّم.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم أنه لم يُسرِعْ فى وادى مُحَسِّرٍ حين أفاض من جَمْع إلى مِنَى، وأن ذلك إنما هو فعل الأعراب، ومستند هذا الوهم قولُ ابن عباس: إنما كان بدْءُ الإيضَاع من قِبَلِ أهل البادية، كانوا يقِفون حافتى الناس حتى علَّقوا القِعَابَ والعِصِىَّ والجِعَابَ، فإذا أفاضوا، تقعقعت تلك فنفروا بالناس، ولقد رؤى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإن ذِفْرَى ناقته لَيَمَسُّ حَارِكَها وهو يقول: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ ؛ عَلَيْكُم السَّكِينَة)). وفى رواية: ((إنَّ البِرَّ لَيْسَ بِايجَافِ الخَيْلِ وَالإبِلِ، فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ))، فَمَا رَأَيْتُها رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى مِنَى، رواه أبو داود
ولذلك أنكره طاووس والشعبىُّ، قال الشعبى: حدَّثنى أُسامة بن زيد، أنه أفاض مع رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِن عرفة، فلم ترفع راحلتُه رِجلها عاديةً حتى بلغ جَمْعاً. قال: وحدثنى الفضلُ بنُ عباس، أنه كان رديفَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فى جَمْع، فلم ترفع راحلتُه رجلها عادية حتَّى رمى الجمرة. وقال عطاء: إنما أحدث هؤلاء الإسراع، يُريدون أن يفوتوا الغُبار. ومنشأ هذا الوهم اشتباهُ الإيضاع وقتَ الدفع من عرفة الذى يفعله الأعرابُ وجفاةُ الناس بالإيضاع فى وادى مُحَسِّرٍ، فإن الإيضَاعَ هناك بدعة لم يفعلْه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، بل نهى عنه، والإيضاعُ فى وادى محسِّر سُـنَّة نقلها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: جابر، وعلى بن أبى طالب، والعباسُ بن عبد المطلب رضى اللَّه عنهم، وفعله عمرُ بن الخطاب رضى اللَّه عنه، وكان ابن الزبير يُوضِع أشدَّ الإيضاعِ، وفعلته عائشةُ وغيرُهم مِن الصحابة، والقولُ فى هذا قولُ مَن أثبت، لا قولُ مَن نفى. واللَّه أعلم.
فصل
ومنها وَهْمُ طاووس وغيره: أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يُفيضُ كُلَّ ليلة من ليالى مِنَى إلى البيت، وقال البخارى فى ((صحيحه)): ويُذكر عن أبى حسان، عن ابنِ عباس أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم ((كان يزورُ البيتَ أيامَ مِنَى)) ورواه ابنُ عَرْعَرَةَ، دفع إلينا مُعاذُ بنُ هِشام كتاباً قال: سمعتُه من أبى ولم يقرأه، قال: وكان فيه عن أبى حسان، عن ابن عباس أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ((كان يزورُ البيت كُلَّ ليلةٍ ما دام بمِنَى)). قال: وما رأيتُ أحداً واطأه عليه... انتهى.
ورواه الثورى فى ((جامعه)) عن ابن طاووس عن أبيه مرسلاً، وهو وَهْمٌ، فإن النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَرْجِعْ إلى مكة بعد أن طاف للإفاضة، وبقى فى مِنَى إلى حين الوَداع، واللَّه وأعلم.
فصل
ومنها وَهْمٌ مَن قال: إنه ودَّع مرتين، ووَهْمُ مَن قال: إنه جعل مكة دائرة فى دخوله وخروجه، فبات بذى طُوَى، ثم دخل من أعلاها، ثم خرج من أسفلها، ثم رجع إلى المحصَّب عن يمين مكة، فكملت الدائرة.
فصل
ومنها وَهْمُ مَن زعم: أنه انتقل من المحصَّب إلى ظهر العقبة، فهذه كلُّها من الأوهام نبهَّنا عليها مفصَّلاً ومجملاً، وباللَّه التوفيق.
عدد المشاهدات *:
625897
625897
عدد مرات التنزيل *:
108724
108724
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 13/02/2015