اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 18 رمضان 1445 هجرية
? ??? ???????? ???? ??? ???? ???????? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ???????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

الإيمان

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
النكاح
زاد المعاد في هدي خير العباد
المجلد الخامس
فصل ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الولد من أحق به في الحضانة
الكتب العلمية
روى أبو داود في ((سننه)): من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديى له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباهُ طلقني، فأراد أن ينتزعه منى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنت أحق به ما لم تنكحي)) وفي ((الصحيحين)): من حديث البراء بن عازب، أن ابنة حمزة اختصم فيها على وجعفر، وزيد. فقال على: أنا أحق بها وهي ابنة عمى، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال: زيد: ابنة أخي، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها، وقال: ((الخالة بمنزلة الأم)).
وروى أهل السنن: من حديث أبى هريرة رضىالله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه. قال الترمذي: حديث صحيح.
وروى أهل السنن أيضا: عنه، أن امرأة جاءت، فقالت يا رسول الله ! إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبى عنبة وقد نفعني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استهما عليه))، فقال زوجها من يحاقني في ولدي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا أبوك وهذه أمك خذ بيد أيهما شئت))، فأخذ بيد أمه، فانطلقت به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفي ((سنن النسائي)): عن عبد الحميد بن سلمة الأنصاري، عن أبيه، عن جده، أن جدَّه أسلم وأبت امرأتُه أن تسلم، فجاء بابن له صغير لم يَبلغ، قال فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأب هاهنا والأم هاهنا، ثم خير وقال ((اللَّهُمَّ اهدِهِ)) فذهب إلى أبيه.
ورواه أبو داود عنه وقال: أخبرنى جدي رافع بن سنان، أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم، فأتت النبى صلى الله عليه وسلم، فقالت: ابنتى وهي فطيم أو شبهه، وقال رافع: ابنتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقعد ناحية))، وقال لها: ((اقعدي ناحية))، فأقعد الصبية بينهما، ثم قال: ((ادعواها))، فمالت إلى أمها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اهدها))، فمالت إلى أبيها، فأخذها.
فصل
الكلام على هذه الأحكام
أما الحديث الأول، فهو حديث احتاج الناس فيه إلى عمرو بن شعيب، ولم يجدوا بدا من الاحتجاج هنا به، ومدار الحديث عليه، وليس عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثٌ في سقوط الحضانة بالتزويج غير هذا، وقد ذهب إليه الأئمةُ الأربعة وغيرُهم، وقد صرح بأن الجد هو عبد اللّه بن عمرو، فبطل قولُ مَنْ يقولُ: لعله محمد والدُ شعيب، فيكون الحديثُ مرسلاً. وقد صحَّ سماعُ شعيب من جَدّه عبد اللّه بن عمرو، فبطل قولُ من قال: إنه منقطع، وقد احتج به البخاريُّ خارجَ صحيحه، ونص على صحة حديثه، وقال: كان عبدُ اللّه بن الزُّبير الحميدي، وأحمد وإسحاق وعلي بن عبد اللّه يحتجُّون بحديثه، فَمَن النَّاسُ بَعْدَهُم؟! هذا لفظه. وقال إسحاق بن راهويه: هو عندنا، كأيوب عن نافع، عن ابن عمر. وحكى الحاكم في ((علوم الحديث)) له الاتفاق على صحة حديثه، وقال أحمد بن صالح: لايختلف على عبد اللّه أنها صحيفة.
وقولها: كان بطني وعاء إلى آخره، إدلاءٌ منها، وتوسُّل إلى اختصاصها به، كما اختصَّ بها في هذه المواطنِ الثلاثة، والأبُ لم يُشاركها في ذلك، فنبهت في هذا الاختصاص الذي لم يُشارِكْها فيه الأبُ على الاختصاص الذي طلبته بالاستفتاء والمخاصمة.
وفي هذا دليل على اعتبار المعاني والعِلل، وتأثيرها في الأحكام، وإناطتها بها، وأن ذلك أمر مستقر في الفِطَرِ السَّليمةِ حتى فِطَر النساء، وهذا الوصفُ الذيَ أدلت به المرأةُ وجعلته سبباً لتعليق الحكم به، قد قرَّرهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ورتَّب عليه أثره، ولو كان باطلاً ألغاه، بل ترتيبُه الحكمَ عقيبَه دليل على تأثيره فيه، وأنه سببه.
واستدل بالحديث على القضاء على الغائب، فإن الأبَ لم يذكر له حضورولا مخاصمة، ولا دلالة فيه لأنها واقعةُ عين، فإن كان الأبُ حاضراً، فظاهر، وإن كان غائباً، فالمرأة إنما جاءت مستفتية أفتاها النبيّ صلى الله عليه وسلم بمقتضى مسألتها، وإلا فلا يُفبل قولُها على الزوج: إنه طلقها حتى يُحكم لها بالولد بمجرَّدِ قولها.
فصل
ودلّ الحديث على أنه إذا افترق الأبوانِ، وبينهما ولد، فالأمّ أحقُّ به من الأب ما لم يقم بالأمِّ ما يمنعُ تقديمَها، أو بالولد وصفٌ يقتضي تخييرَه، وهذا ما لا يُعرف فيه نزاعٌ، وقد قضى به خليفةُ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم أبو بكر على عمر بن الخطاب، ولم يُنْكِرْ عليهِ مُنْكِر. فلما وَليَ عمرُ قضى بمثله، فروى مالك في ((الموطأ)) عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: كانت عند عمرَ بن الخطاب رضي اللّه عنه امرأةٌ من الأنصار، فولدت له عاصمَ بن عمر، ثم إن عمرَ فارقها، فجاء عُمَرُ قُبَاء، فوجد ابنه عاصماً يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضدهِ، فوضعه بين يديه على الدابة، فأدركته جدةُ الغلام، فنازعته إيَّاه، حتَّى أتيا أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه، فقال عمر: ابني. وقالت المرأة: ابني، فقال أبو بكر رضي الله عنه: خَلِّ بينها وبينه، فما راجعه عُمَرُ الكَلاَم قال ابن عبد البر: هذا خبر مشهور من وجوه منقطعة ومتصلة، تلقاه أهل العلم بالقبول والعمل، وزوجة عمر أمُّ ابنه عاصم: هي جميلة ابنة عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري.
قال: وفيه دليل على أن عمر كان مذهبُه في ذلك خلافَ أبي بكر، ولكنه سلم للقضاء ممن له الحكمُ والإِمضاء، ثم كانَ بعْدُ في خلافته يقضي به ويُفتي، ولم يُخالف أبا بكر في شيء منه ما دام الصبيُّ صغيراً لا يُميز، ولا مخالف لهما مِن الصحابة.
وذكر عبد الرزاق، عن ابن جريج، أنه أخبره عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قال: طلق عمرُ بنُ الخطاب امرأتَه الأنصارية أمَّ ابنه عاصم، فلقيها تَحمِلُه بمحسر، وقد فُطِمَ ومشى، فأخذ بيده لينتزعهُ منها، ونازعها إياه حتَّى أوجعَ الغلام وبكى، وقال:أنا أحقُّ بإبني مِنْكِ، فاختصما إلى أبي بكر، فقضى لها بِهِ وقال: ريحُها وفِراشُها وحجرُهَا خيرٌ له منك حتى يَشِبَّ ويختارَ لنفسه، ومحسر: سوق بين قباء والمدينة.
وذكر عن الثوري، عن عاصم، عن عكرمة قال: خاصمتِ امرأةُ عُمَرَ عُمَرَ إلى أبي بكر رضي اللّه عنه، وكان طلّقها، فقالَ أبو بكر رضي اللّه عنه: الأم أعطفُ، وألطفُ، وأرحمُ، وأحنى، وأرأف، هي أحقُّ بولدها ما لم تتزوج.
وذكر عن معمر قال: سمعتُ الزهريَّ يقول: إن أبا بكر قضَى على عُمَرَ في ابنه مع أمِّه، وقال: أمُّهُ أحقُّ به ما لم تتزوج.فإن قيل: فقد اختلفت الروايةُ: هل كانت المنازعةُ وقعت بينَه وبينَ الأم أولاً،ثم بينه وبين الجدة،أو وقعت مرة واحدة بينه وبين إحداهما.
قيل:الأمر فى ذلك قريب،لأنها إن كانت من الأم فواضح،وإن كانت من الجدة،فقضاء الصديق رضى الله عنه لها يدل على أن الأم أولى.
فصل
والولاية على الطفل نوعان: نوع يقدم فيه الأبُ على الأم ومن في جهتها، وهي ولاية المال والنكاح، ونوعٌ تُقدَّم فيه الأم على الأب، وهي ولايةُ الحضانة والرضاع، وقُدِّمَ كُلٌّ من الأبوين فيما جعل له من ذلك لتمام مصلحة الولد، وتوقف مصلحته على من يلي ذلك من أبويه، وتحصل به كفايته.
ولما كان النساءُ أعرفَ بالتربية، وأقدرَ عليها، وأصبَر وأرأفَ وأفرغ لها،لذلك قُدِّمَتِ الأم فيها على الأب.
ولما كان الرجالُ أقومَ بتحصيل مصلحةالولدوالاحتياط له في البضع، قُدِّمَ
الأبُ فيها على الأم، فتقديمُ الأم في الحضانة مِن محاسن الشريعة والاحتياط للأطفال، والنظر لهم، وتقديمُ الأب في ولاية المال والتزويج كذلك.
إذا عُرِفَ هذا، فهل قُدِّمتِ الأُمُّ لكون جهتها مقدمةً على جهة الأبوة في الحضانة، فقدمت لأجل الأمومة، أو قُدِّمت على الأب، لكون النساء أقوم بمقاصد الحضانة والتربية من الذكور، فيكون تقديمُها لأجل الأنوثة؟ ففي هذا للناس قولان وهما في مذهب أحمد يظهر أثرهُما في تقديم نساء العصبة على أقارب الأم أو بالعكس، كأم الأم، وأم الأب، والأخت من الأب، والأخت من الأم، والخالة، والعمة، وخالة الأم، وخالة الأب، ومن يُدلي من الخالات والعمات بأم، ومن يُدلي منهن بأب، ففيه روايتان عن الإِمام أحمد. إحداهما تقديمُ أقاربِ الأم على أقاربِ الأبِ. والثانية وهيَ أصحُّ دليلاً، واختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية: تقديمُ أقارب الأب وهذا هو الذي ذكره الخرقي في ((مختصره)) فقال والأختُ من الأب أحقُّ من الأخت من الأم وأحقُّ من الخالة، وخالة الأب أحقُّ مِن خالة الأم، وعلى هذا فأمُّ الأبِ مقدَّمة على أمِّ الأم كما نصَّ عليه أحمد في إحدى الروايتين عنه..
وعلى هذه الرواية: فأقاربُ الأب من الرجال مقدَّمون على أقارب الأم، والأخ للأب أحق من الأخ للأم،والعم أولى من الخال،هذا إن قلنا:إن لأقارب الأم من الرجال مدخلاً في الحضانة، وفي ذلك وجهان في مذهب أحمد والشافعي. أحدهما: أنه لا حضانة إلا لرجل مِن العصبة مَحْرَمٍ، أو لامرأة وارثة،أو مُدلية بعصبة، أو وارث..
والثاني: أن لهم الحضانة والتفريع على هذا الوجه، وهو قولُ أبي حنيفة،
وهذا يدل على رجحان جهة الأبوة على جهة الأمومة في الحضانة، وأن الأم إنما قدِّمت لكونها أنثى لا لتقديم جهتها، إذ لو كان جهتها راجحةً لترجَّحَ رجالها
ونساؤها على الرجالِ والنساءِ من جهة الأب، ولما لم يترجَّح رجالُها اتفاقاًفكذلك النساء، وما الفرقُ المؤثر؟وأيضاً فإن أصولَ الشرع وقواعِدَهُ شاهدةٌ بتقديم أقارب الأب في الميراث، وولاية النكاح، وولاية الموت وغير ذلك، ولم يُعهد في الشرع تقديمُ قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام، فمن قدَّمها في الحضانة، فقد خرج عن موجب الدليل.
فالصوابُ في المأخذ هو أن الأم إنما قُدِّمت، لأن النساءَ أرفقُ بالطفل، وأخبرُ بتربيته، وأصبرُ على ذلك، وعلى هذا فالجدَّةُ أم الأب أولى من أمِّ الأم، والأخت للأب أولى مِن الأخت للأم، والعمةُ أولى من الخالة، كما نصَّ عليه أحمد في إحدى الروايتين، وعلى هذا فتقدَمُ أتمُ الأب على أب الأب، كما تُقدَّم الأم على الأب.
وإذا تقرر هذا الأصل، فهو أصل مطَّرِد منضبط لا تتناقض فروعُه، بل إن اتفقت القرابةُ والدرجةُ واحدة قُدِّمت الأنثى على الذكر، فتُقدَّم الأخت على الأخ،والعمة على العم، والخالة على الخال، والجدةُ على الجد، وأصلُه تقديم الأم على الأب. وإن اختلفت القرابةُ، قُدِّمت قرابةُ الأب على قرابة الأم، فتقدم الأخت للأب على الأخت للأم، والعمة على الخالة، وعمةُ الأب على خالته، وهلم جراً.
وهذا هو الاعتبارُ الصحيح، والقياسُ المطرد، وهذا هو الذي قضى به سيِّدُ قُضاةِ الإِسلام شريح، كما روى وكيع في ((مصنفه)) عن الحسن بن عقبة، عن سعيد بن الحارث قال: اختصم عمُّ وخالٌ إلى شُريح في طفل، فقضى به للعم، فقال الخال: أنا أُنفق عليه من مالي، فدفعه إليه شريح.
ومن سلكَ غيرَ هذا المسلك لم يجد بداً من التناقض، مثاله: أن الثلاثة وأحمد في إحدى روايتيه، يُقدِّمُون أم الأم على أم الأب، ثم قال الشافعي في ظاهر مذهبه، وأحمد في المنصوص عنه: تُقدَّم الأخت للأب على الأخت للأم، فتركوا القياسَ، وطرَّده أبو حنيفة، والمزني، وابن سريج، فقالوا: تُقدَّم الأختُ للأم على الأخت للأب. قالوا: لأنها تُدلي بالأم، والأخت للأب بالأب، فلما قُدِّمَت الأم على الأب، قُدِّمَ من يُدلي بها على من يُدلي به، ولكن هذا أشدُّ تناقضاً من الأول لأن أصحاب القول الأول جَرَوْا على القياس والأصول في تقديمِ قرابة الأب على قرابة الأم، وخالفوا ذلك في أم الأم وأم الأب، وهؤلاء تركوا القياسَ في الموضعينِ، وقدَّموا القرابةَ التي أخَّرها الشرعُ، وأخَّروا القرابةَ التي قدَّمها، ولم يمكنهم تقديمُها في كُلِّ موضع، فقدَّموها في موضع، وأخَرُوها في غيرهِ مع تساويهما، ومن ذلك تقديمُ الشافعي في الجديد الخالةَ على العمة مع تقديمه الأخت للأب على الأخت للأم، وطرَّد قياسه في تقديم أم الأم على أم الأب، فوجب تقديمُ الأخت للأم، والخالة على الأخت للأب والعمة، وكذلكَ مَنْ قَدَّمَ مِن أصحاب أحمد الخالَة على العمة، وقدَّمَ الأخت للأب على الأخت للأم، كقول القاضي وأصحابه،وصاحب ((المغني)) فقد تناقضوا.
فإن قيل: الخالةُ تُدلي بالأم، والعمة تُدلي بالأب، فكما قدِّمتِ الأم على الأب، قُدِّم من يُدلي بها، ويزيدُه بياناً كونُ الخالة أمّاً كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فالعمةُ بمنزلة الأب. قيل: قد بينا أنه لم يقدم الأم على الأب لقوة الأمومة، وتقديم هذه الجهة، بل لكونها أنثى، فإذا وُجِدَ عمةٌ وخالة، فالمعنى الذي قُدِّمَتْ له الأم موجود فيهما، وامتازت العمةُ بأنها تُدلي بأقوى القرابتين، وهي قرابةُ الأب، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قضى بابنة حمزة لخالتها، وقال: ((الخَالةُ أُم))حيث لم يكن لها مزاحم مِن أقارب الأب تُساويها في درجتها.
فإن قيل: فقد كان لها عمة وهى صفيةُ بنت عبد المطلب أختُ حمزة، وكانت إذ ذاك موجودة في المدينة، فإنها هاجرت، وشهدت الخندقَ، وقتلت رجلاً مِن اليهود كان يطوفُ بالحِصن الذي هي فيه، وهي أوَّل امرأة قتلت رجلاً من المشركين، وبقيت إلى خلافة عمر رضي اللّه عنه، فقدَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم الخالة عليها، وهذا يدلُّ على تقديم من في جهة الأم على من في جهة الأب.
قيل: إنما يدلُّ هذا إذا كانت صفية قد نازعت معهم، وطلبت الحضانة،
فلم يقض لها بها بعد طلبها، وقدَّم عليها الخالة، هذا إذا كانت لم تمنع منها لعجزها عنها، فإنها تُوفيت سنة عشرين عن ثلاث وسبعين سنة، فيكون لها وقتَ هذه الحكومة بِضعٌ وخمسون سنة، فيحتمِلُ أنها تركتها لعجزها عنها، ولم تطلبها مع قدرتها، والحضانةُ حقّ للمرأة، فإذا تركتها، انتقلت إلى غيرها.
وبالجملة: فإنما يدل الحديث على تقديم الخالة على العمة إذا ثبت أن صفيةَ خاصمت في ابنة أخيها، وطلبت كفالَتها، فقدَّم رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم الخالة، وهذا لا سبيلَ إليه.
فصل
ومن ذلك أن مالكاً لما قدَّم أمَّ الأم على أمِّ الأب، قدم الخالةَ بعدها على الأب وأمه، واختلف أصحابه في تقديم خالة الخالة على هؤلاء، على وجهين، فأحدُ الوجهين: تقديم خالة الخالة على الأب نفسِه، وعلى أمه، وهذا في غاية البعد، فكيف تُقدم قرابةُ الأم وإن بعدت على الأب نفسه، وعلى قرابته مع أن الأبَ وأقاربه أشفقُ على الطفل، وأرعى لمصلحة من قرابة الأم؟ فإنه ليس إليهم بحال، ولا يُنسب إليهم، بل هو أجنبيٌّ منهم، وإنما نسبه وولاؤه إلى أقاربِ أبيه، وهم أولى به، يعقِلُون عنه، وينفقون عليه عند الجمهور، ويتوارثون بالتعصيب وإن بعدتِ القرابةَ بينهم بخلاف قرابةِ الأم، فإنه لا يثبتُ فيها ذلك، ولا توارُثَ فيها إلا في أمهاتها، وأول درجة مِن فروعها، وهم ولدُها، فكيف تقدم هذه القرابة على الأب، ومن في جهته، ولا سيما إذا قيل بتقديم خالة الخالة على الأب نفسه وعلى أمه، فهذا القولُ مما تأباه أصولُ الشريعة وقواعِدُها.
وهذا نظيرُ إحدى الروايتين عن أحمد في تقديم الأخت على الأم، والخالة على الأب، وهذا أيضاً في غاية البعد، ومخالفة القياس..وحجة هذا القول: أن كلتيهما تُدليان بالأم المقدمة على الأب، فتُقدمان
عليه، وهذا ليس بصحيح، فإن الأم لما ساوت الأب في الدرجة، وامتازت عليه بكونها أقومَ بالحضانة، وأقدرَ عليها وأصبرَ، قُدِّمَتْ عليه، وليس كذلك الأختُ من الأم، والخالةُ مع الأب، فإنهما لا يُساويانه، وليس أحدٌ أقربَ إلى ولده منه، فكيف تُقَدَّمُ عليه بنتُ امرأته، أو أختها؟ وهل جعل اللّه الشفقة فيهما أكمل منه؟
ثم اختلف أصحاب الإِمام أحمد في فهم نصه هذا على ثلاثة أوجه.
أحدها: إنما قدمها على الأب لأنوثتها، فعلى هذا تُقدَّمُ نساء الحضانة علىكل رجل، فتُقدَّمُ خالة الخالة وإن علت، وبنت الأخت على الأب.
الثاني: أن الخالةَ والأخت للأم لم تدليا بالأب، وهما من أهل الحضانة،
فَتُقدَّمُ نساءُ الحضانة على كل رجلٍ إلا على من أدلين به، فلا تُقدمن عليه، لأنهن فرعه، فعلى هذا الوجه لا تُقَدَّم أمُّ الأب على الأب، ولا الأخت والعمة عليه، وتقدم عليه أم الأم، والخالة، والأخت للأم، وهذا أيضاً ضعيف جداً، إذ يستلزِمُ تقديم قرابة الأم البعيدة على الأب وأمه، ومعلوم أن الأبَ إذا قُدِّمَ على الأخت للأب فتقديمُه على الأخت للأم أولى، لأن الأخت للأب مقدمة عليها، فكيف تُقدَّم على الأب نفسه؟ هذا تناقض بيِّن..
الثالث: تقديمُ نساء الأم على الأب وأمهاته وسائر مَن في جهته، قالوا:.
فعلى هذا، فكل امرأة في درجة رجل تُقَدَّمُ عليه، ويُقدَّم من أدلى بها على من أدلى بالرجل، فلما قُدِّمَتِ الأمُّ على الأب وهي في درجته قدمت الأخت من الأم على الأخت من الأب، وقُدِّمَتِ الخالة على العمة. هذا تقرير ما ذكره أبو البركات بن تيمية في ((محرره)) من تنزيل نص أحمد على هذه المحامل الثلاث، وهو مخالف لعامة نصوصه في تقديمِ الأخت للأب على الأخت للأم، وعلى الخالة، وتقديم خالة الأب على خالة الأم، وهو الذي لم يذكر الخرقي فى((مختصره)) غيره، وهو الصحيحُ، وخرجها ابنُ عقيل على الروايتين في أم الأم، وأم الأب، ولكن نصه ما ذكره الخرقي، وهذه الرواية التي حكاها صاحب ((المحرر))ضعيفة مرجوحة، فلهذا جاءت فروعُها ولوازِمُها أضعفَ منها بخلاف سائر نصوصه في جادة مذهبه.
فصل
وقد ضبط بعض أصحابه هذا البابَ بضابط، فقال: كُلُّ عصبة، فإنه يقدَّمُ على كل امرأة هي أبعدُ منه، ويتأخر عمن هي أقربُ منه، وإذا تساويا، فعلى وجهين. فعلى هذا الضابط يُقدَّمُ الأب على أمه، وعلى أم الأم ومن معها، ويُقدَّم الأخ على ابنته وعلى العمة، والعم على عمة الأب، وتقدَّم أمُ الأب على جد الأب، في تقديمها على أب الأب وجهان. وفي تقديم الأخت للأب على الأخ للأب وجهان، وفي تقديم العمة على العم وجهان.
والصواب: تقديم الأنثى مع التساوي، كما قُدِّمَتِ الأمُّ على الأب لما استويا، فلا وجه لتقديم الذكر على الأنثى مع مساواتها له، وامتيازِها بقوة أسباب الحضانة والتربية فيها.واختُلفَ في بنات الإخوة والأخوات، هل يُقدمن على الخالات والعمات،أو تقدم الخالاتُ والعماتُ عليهن؟ على وجهين مأخذهُما: أن الخالة والعمة تُدليان بأخوة الأم والأب، وبنات الإخوة والأخوات يُدلين ببنوة الأب، فمن قدَّم بنات الإِخوة، راعى قوة البنوة على الأخوة، وليس ذلك بجديد، بل الصوابُ تقديم العمة والخالة لوجهين.
أحدهما: أنها أقرب إلى الطفل من بنات أخيه، فإن العمة أخت أبيه، وابنةالأخ ابنة ابن أبيه، وكذلك الخالةُ أخت أمه، وبنت الأخت من الأم، أو لأب بنت بنت أمه أو أبيه، ولا ريبَ أن العمة والخالة أقرب إليه من هذه القرابة.
الثاني: أن صاحبَ هذا القول إن طرَّد أصله، لزمه ما لا قبل له به من تقديم بنت بنت الأخت وإن نزلت على الخالة التي هي أم، وهذا فاسدٌ من القول، وإن خصَّ ذلك ببنت الأخت دون من سفل منها، تناقض.
واختلف أصحابُ أحمد أيضاً في الجد والأخت للأب أيهما أولى؟ فالمذهب: أن الجدَّ أولى منها وحكى القاضي في((المجرد)) وجهاً: أنها أولى منه، وهذا يجيء على أحد التأويلات التي تأوَّل عليها الأصحابُ نص أحمد، وقد تقدمت.
فصل
ومما يُبين صحة الأصل المتقدِّم أنهم قالوا: إذا عَدِمَ الأمهات، ومن في جِهَتِهِنَّ، انتقلت الحَضَانةُ إلى العصبات، وقُدِّمَ الأقربُ فالأقربُ منهم، كما في الميراث، فهذا جارٍ على القياس، فيقال لهم: هَلاَّ راعيتُم هذا في جنس القرابة، فقدمتم القرابة القوية الراجحةَ على الضعيفة المرجوحة كما فعلتم في العصبات؟
وأيضاً فإن الصحيح في الأخوات عندكم أنه يُقدَّم منهن من كانت لأبوين،ثم من كانت لأب، ثم من كانت لأم، وهذا صحيح موافق للأصول والقياس، لكن إذا ضمَّ هذا إلى قولهم بتقديم قرابة الأم على قرابة الأب جاء التناقضُ، وتلك الفروعُ المشكلة المتناقضة.
وأيضاً فقد قالوا بتقديم أمهاتِ الأبِ والجدِّ على الخالات والأخواتِ للأم،وهو الصوابُ الموافقُ لأصول الشرع، لكنه مناقض لِتقديمهم أمهاتِ الأم على أمهاتِ الأب، ويُناقض تقديم الخالة والأخت للأم على الأب، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد رحمه اللّه، والقول القديم للشافعي. ولا ريب أن القول به أطردُ للأصل، لكنه في غاية البُعد من قياس الأصول كما تقدم، ويلزمهم من طَرْده أيضاً تقديمُ من كان من الأخوات لأم على من كان منهن لأب، وقد التزمه أبو حنيفة، والمزني، وابنُ سريج، ويلزمهم مِن طَرْدهِ أيضاً تقديمُ بنت الخالة على الأخت للأب، وقد التزمه زفر، وهو رواية عن أبي حنيفة، ولكن أبو يوسف استشنع ذلك، فقدَّم الأخت للأب كقول الجمهور، ورواه عن أبي حنيفة.
ويلزمهم أيضاً من طرده تقديم الخالة والأخت للأم على الجدة أم الأب،
( وهذا في غاية البعد والوهن، وقد التزمه زفر، ومثلُ هذا من المقاييس التي حذر منها أبو حنيفة أصحابه، وقال لا تأخذوا بمقاييس زفر، فإنكم إن أخذتم بمقاييس زفر حرَّمْتُمُ الحَلاَلَ، وحلَّلتمُ الحَرَامَ..
فصل
وقد رام بعضُ أصحاب أحمد ضبط هذا الباب بضابط زعم أنه يتخلَّص بِه مِن التناقض، فقال: الاعتبارُ في الحضانة بالولادة المتحققة وهي الأمومة، ثم الولادة الظاهرة وهي الأبوة، ثم الميراث. قال: ولذلك تُقدَّمُ الأخت من الأب على الأخت من الأم، وعلى الخالة، لأنها أقوى إرثاً منهما. قال: ثم الإِدلاء، فتقدَّم الخالة على العمة لأن الخالة تدلي بالأم، والعمة تدلي بالأب، فذكر أربع أسباب للحضانة مرتبة: الأمومة، ثم بعدها الأبوة، ثم بعدها الميراث، ثم الإِدلاء، وهذه طريقة صاحب ((المستوعب))، وما زادتهُ هذه الطريقةُ إلا تناقضاًوبعداً عن قواعد الشَّريعة، وهي من أفسد الطرق، وإنما يتبينُ فسادُها بلوازمها الباطلة، فإنه إن أراد بتقديم الأمومة على الأبوة تقديمَ من في جهتها على الأب ومَنْ في جهته، كانت تلك اللوازم الباطلة المتقدمة من تقديم الأخت للأم، وبنت الخالة على الأب وأمه، وتقديم الخالة على العمة، وتقديم خالة الأم على الأب وأمه، وتقديم بنات الأخت من الأم على أم الأب، وهذا مع مخالفته لِنصوص إمامه، فهو مخالفٌ لأصول الشرع وقواعده.
وإن أراد أن الأم نفسها تُقَدَّمُ على الأب، فهذا حق لكن الشأن في مناط هذا التقديم: هل هو لكون الأم ومن في جهتها تقدم على الأب ومن في جهته، أو لكونها أنثى في درجة ذكر، وكل أنثى كانت في درجة ذكر قُدِّمَتْ عليه مع تقديم قرابة الأب على قرابة الأم؟ وهذا هو الصواب كما تقدم، وكذلك قولُه ((ثم الميراث)) إن أراد به أن المقدَم في الميراث مقدم في الحضانة فصحيح، وطرده تقديمُ قرابة الأب على قرابة الأم، لأنها مقدَّمة عليها في الميراث، فتقدم الأختُ على العمة والخالة. وقوله وكذلك تقديمُ الأخت للأب على الأخت للأم، والخالة، لأنها أقوى إرثاً منهما، فيقال:لم يكن تقديمُها لأجل الإِرث وقوته، ولو كان لأجل ذلك، لكان العصبات أحقَّ بالحضانة من النساء، فيكون العمُّ أولى مِن الخالة والعمة، وهذا باطل..
فصل
وقد ضبط الشيخ في ((المغني)) هذا الباب بضابط آخر فقال: فصل في بيان الأولى فالأولى من أهل الحضانة عند اجتماع الرجال والنساء. وأولى الكلّ بها: الأمُّ، ثم أمهاتُها وإن علون يُقدَّم منهن الأقرب فالأقرب لأنهن نساء ولادتهن متحققة، فهن في معنى الأم: وعن أحمد، أن أم الأب وأمهاتِها يُقدّمن على أم الأم، فعلى هذه الرواية يكون الأب أولى بالتقديم، لأنَّهنَّ يُدلين به، فيكون الأب بعد الأم، ثم أمهاته، والأولى هي المشهورة عند أصحابنا، فإن المقدَّم الأم، ثم أمهاتها، ثم الأب، ثم أمهاتُه، ثم الجدُّ، ثم أمهاتُه، ثم جدُّ الأب، ثم أمهاتُه، وإن كن غيرَ وارثات لأنهن يُدلين بعصبةٍ مِن أهل الحضانة، بخلاف أمِّ أب الأم. وحُكي عن أحمد رواية أخرى: أن الأختَ من الأم والخالة أحقّ من الأب، فتكون الأختُ من الأبوين أحقَّ منه، ومنهما، ومن جميع العصبات، والأولى هي المشهورة من المذهب، فإذا انقرض الآباء والأمهات، انتقلت الحضانة إلى الأخوات وتُقدّمُ الأختُ من الأبوين، ثم الأختُ من الأب، ثم الأختُ من الأم، وتقدَّمُ الأخت على الأخ لأنها امرأة من أهل الحضانة، فَقُدِّمَتْ على مَن في درجتها من الرجال، كالأم تُقدَّمُ على الأب، وأمُّ الأب على أب الأب، وكُل جدة في درجة جد تُقدَّمُ عليه لأنها تلي الحَضانة بنفسها، والرجلُ لا يليها بنفسه..
وفيه وجه آخر: أنه يقدم عليها لأنه عصبة بنفسه، والأول أولى، وفي تقديم الأخت من الأبوين، أو من الأب على الجد وجهان، وإذا لم تكن أخت فالأخ للأبوين أولى، ثم الأخُ للأب، ثم ابناهما، ولا حَضانة للأخ من الأمِّ لما ذكرنا..
فإذا عدموا، صارت الحضانةُ للخالات على الصحيح، وترتيبُهن فيها كترتيبِ الأخوات، ولا حضانةَ للأخوال، فإذا عدموا، صارت للعمات ويقدَّمن على الأعمام كتقديمِ الأخوات على الإِخوة، ثم للعم للأبوين، ثم للعم للأب، ولا حضانة للعم من الأم، ثم ابناهما، ثم إلى خالاتِ الأب على قول الخرقي، وعلى القول الآخر: إلى خالات الأم، ثم إلى عمات الأب، ولا حَضانة لعمات الأم، لأنهن يُدلين بأب الأم، ولا حضانة له. وإن اجتمع شخصانِ أو أكثر مِن أهل الحضانة في درجة قدِّمَ المستحق منهم بالقرعة، انتهى كلامه..
وهذا خيرٌ مما قبله من الضوابط، ولكن فيه تقديمُ أم الأم وإن علت علىالأب وأمهاته، فإن طَرَّدَ تقديم من في جهة الأم على من في جهة الأب جاءت تلك اللوازمُ الباطلة، وهو لم يُطرده، وإن قَدَّمَ بعضَ من في جهة الأب على بعض من في جهة الأم كما فعل، طولِبَ بالفرق، وبمَنَاط التقديم.وفيه إثباتُ الحضانة للأخت من الأم دون الأخِ مِن الأم، وهو في درجتها ومساوٍ لها من كل وجه، فإن كان ذلك لأنوثتها وهو ذكر، انتقض برجال العصبة كلهم، وإن كان ذلك لكونه ليس مِن العصبة، والحضانة لا تكون لرجل إلا أن يكون مِن العصبةِ. قيل: فكيف جعلتمُوها لِنساء ذوىَ الأرحام مع مساواتِ قرابتهن لقرابة مَنْ في درجتهن من الذكورِ من كل وجه؟ فإما أن تعتبِرُوا الأنوثة فلا تجعلُوها للذكر، أو الميراثَ فلا تجعلُوها لغير وارث، أو القرابة فلا تمنعوا منها الأخَ من الأم والخال وأبا الأم، أو التعصيبَ، فلا تعطوها لغير عصبة.
فإن قلتم: بقي قسم آخر وهو قولنا، وهو اعتبار التعصيب في الذكور والقرابة في النساء.
قيل: هذا مخالف لباب الولايات، وباب الميراث، والحضانة وِلاية على الطفل، فإن سلكتم بها مسلكَ الولايات، فخصُّوها بالأب والجد، وإن سلكتم بها مسلكَ الميراث، فلا تُعطوها لغير وارث، وكلاهما خلاف قولكم وقولِ الناس أجمعين..
وفي كلامه أيضاً: تقديمُ ابن الأخ وإن نزلت درجتُه على الخالة التي هي أم،وهو في غاية البعد، وجمهورُ الأصحاب إنما جعلوا أولاد الإِخوة بعد أب الأب والعمات وهو الصحيح، فإن الخالة أختُ الأم، وبها تُدلي، والأمُّ مقدَّمة على الأب، وابنُ الأخ إنما يُدلي بالأخ الذي يُدلي بالأب، فكيف يقدَّمُ على الخالة، وكذا العمةُ أختُ الأب وشقيقتُه، فكيف يقدمُ ابنُ ابنه عليها.
وقد ضبط هذا البابَ شيخُنا شيخُ الإِسلام ابن تيمية بضابط آخر. فقال:أقربُ ما يُضبط به بابُ الحضانة أن يقال: لما كانت الحضانة ولايةً تعتمد الشفقة والتربية والملاطفة كان أحق الناس بها أقومَهم بهذه الصفات وهم أقاربُه يقدَّم منهم أقربهم إليه وأقومُهم بصفات الحضانة. فإن إجتمع منهم اثنان فصاعداً، فإن استوت درجتهم قُدِّم الأنثى على الذكر، فتُقدَّم الأمُّ على الأب، والجدة علىالجد، والخالة على الخال، والعمة على العم، والأخت على الأخ. فإن كانا ذكرين أو انْثَيَيْن، قُدِّمَ أحدهما بالقرعة يعني مع استواء درجتهما، وإن اختلفت درجتُهُما من الطفل، فإن كانوا من جهة واحدة، قُدمَ الأقرب إليه، فتقدَّمُ الأخت على ابنتها، والخالةُ على خالة الأبوين، وخالةُ الأبوين على خالة الجد والجدة، والجد أبو الأم على الأخ للأم، هذا هو الصحيحُ لأن جهة الأبوة والأمومة في الحضانة أقوى مِن جهة الأخوة فيها. وقيل: يقدم الأخ للأم لأنه أقوى من أب الأم في الميراث. والوجهان في مذهب أحمد.
وفيه وجه ثالث: أنه لا حضانة للأخ من الأم بحال، لأنه ليس من العصبات، ولا من نساء الحضانة، وكذلك الخالُ أيضاً، فإن صاحب هذا الوجه يقولُ: لا حضانة له، ولا نِزاع أن أبا الأم وأمهاته أولى مِن الخال وإن كانوا من جهتين، كقرابة الأم وقرابة الأب مثل العمة والخالة، والأخت للأب، والأخت للأم، وأم الأب، وأم الأم، وخالة الأب، وخالة الأم قدِّم من في جهة الأب في ذلك كله على إحدى الروايتين فيه. هذا كلهُ إذا استوت درجتهم، أو كانت جهة الأب أقربَ إلى الطفل، وأما إذا كانت جِهةُ الأم أقرب، وقرابة الأب أبعد، كأم الأم، وأم أب الأب، وكخالة الطفل، وعمة أبيه، فقد تقابل الترجيحان، ولكن يُقدّمُ الأقربُ إلى الطفل لقوة شفقته وحنِّوه على شفقة الأبعد، ومن قَدَّم قرابةَ الأب، فإنما يُقدِّمها مع مساواةِ قرابة الأم لها، فأما إذا كانت أبعدَ منها، قُدمت قرابةُ الأم القريبة، وإلا لزم مِن تقديم القرابة البعيدة لوازم باطلة لا يقولُ بها أحد، فبهذا الضابِطِ يُمكن حصرُ جميع مسائل هذا الباب وجريها على القياس الشرعي، واطرادها وموافقتها لأصول الشرع، فأي مسألة وردت عليك أمكَن أخذُها من هذا الضابط مع كونه مقتضى الدليل، ومع سلامتِهِ من التناقض ومناقضة قياس ا لأصول، وبالله التوفيق.



عدد المشاهدات *:
453618
عدد مرات التنزيل *:
93331
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 21/02/2015

الكتب العلمية

روابط تنزيل : فصل ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الولد من أحق به في الحضانة
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  فصل ذكر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم  في الولد من أحق به في الحضانة لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1