قال أصحابنا كمال غسل الجنابة أن يبدأ المغتسل فيغسل كفيه ثلاثا قبل ادخالهما في الاناء ثم يغسل ما على فرجه وسائر بدنه من الأذى ثم يتوضأ وضوءه للصلاة بكماله ثم يدخل أصابعه كلها في الماء فيغرف غرفة يخلل بها أصول شعره من رأسه ولحيته ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات ويتعاهد معاطف بدنه كالابطين وداخل الأذنين والسرة وما بين الأليتين وأصابع الرجلين وعكن البطن وغير ذلك فيوصل الماء إلى جميع ذلك ثم يفيض على رأسه ثلاث حثيات ثم يفيض الماء على سائر جسده ثلاث مرات يدلك في كل مرة ما تصل إليه يداه من بدنه وان كان يغتسل في نهر أو بركة انغمس فيها ثلاث مرات ويوصل الماء إلى جميع بشرته والشعور الكثيفة والخفيفة ويعم بالغسل ظاهر الشعر وباطنه وأصول منابته والمستحب أن يبدأ بميامنه وأعالى بدنه وأن يكون مستقبل القبلة وأن يقول بعد الفراغ أشهد أن لا اله
(3/228)
الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وينوي الغسل من أول شروعه فيما ذكرناه ويستصحب النية إلى أن يفرغ من غسله فهذا كمال الغسل والواجب من هذا كله النية في أول ملاقاة أول جزء من البدن للماء وتعميم البدن شعره وبشره بالماء ومن شرطه أن يكون البدن طاهرا من النجاسة وما زاد على هذا مما ذكرناه سنة وينبغي لمن اغتسل من اناء كالابريق ونحوه أن يتفطن لدقيقة قد يغفل عنها وهي انه إذا استنجى وطهر محل الاستنجاء بالماء فينبغي أن يغسل محل الاستنجاء بعد ذلك بنية غسل الجنابة لانه إذا لم يغسله الآن ربما غفل عنه بعد ذلك فلا يصح غسله لترك ذلك وان ذكره احتاج إلى مس فرجه فينتقض وضوءه أو يحتاج إلى كلفة في لف خرقة على يده والله أعلم هذا مذهبنا ومذهب كثيرين من الأئمة ولم يوجب أحد من العلماء الدلك في الغسل ولا في الوضوء الا مالك والمزني ومن سواهما يقول هو سنة لو تركه صحت طهارته في الوضوء والغسل ولم يوجب أيضا الوضوء في غسل الجنابة الا داود الظاهري ومن سواه يقولون هو سنة فلو أفاض الماء على جميع بدنه من غير وضوء صح غسله واستباح به الصلاة وغيرها ولكن الأفضل أن يتوضأ كما ذكرنا وتحصل الفضيلة بالوضوء قبل الغسل أو بعده واذا توضأ أولا لا يأتي به ثانيا فقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب وضوءان والله أعلم فهذا مختصر ما يتعلق بصفة الغسل وأحاديث الباب تدل على معظم ما ذكرناه وما بقي فله دلائل مشهورة والله أعلم واعلم أنه جاء في روايات عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه و سلم توضأ وضوءه للصلاة قبل افاضة الماء عليه فظاهر هذا أنه صلى الله عليه و سلم أكمل الوضوء بغسل الرجلين وقد جاء في أكثر روايات ميمونة توضأ ثم أفاض الماء عليه ثم تنحى فغسل رجليه وفي رواية من حديثها رواها البخارى توضأ وضوءه للصلاة غير قدميه ثم أفاض الماء عليه ثم نحى قدميه فغسلهما وهذا تصريح بتأخير القدمين وللشافعي رضي الله عنه قولان أصحهما وأشهرهما والمختار منهما أنه يكمل وضوءه بغسل القدمين والثاني أنه يؤخر غسل القدمين فعلى القول الضعيف يتأول روايات عائشة وأكثر روايات ميمونة على أن المراد بوضوء الصلاة أكثره وهو ما سوى الرجلين كما بينته ميمونة في رواية البخاري فهذه الرواية صريحة وتلك الرواية محتملة للتأويل فيجمع بينهما بما ذكرناه وأما على المشهور الصحيح فيعمل بظاهر الروايات المشهورة المستفيضة عن عائشة وميمونة جميعا في تقديم وضوء
(3/229)
الصلاة فان ظاهره كمال الوضوء فهذا كان الغالب والعادة المعروفة له صلى الله عليه و سلم وكان يعيد غسل القدمين بعد الفراغ لازالة الطين لا لاجل الجنابة فتكون الرجل مغسولة مرتين وهذا هو الاكمل الافضل فكان صلى الله عليه و سلم يواظب عليه وأما رواية البخاري عن ميمونة فجرى ذلك مرة أو نحوها بيانا للجواز وهذا كما ثبت أنه صلى الله عليه و سلم توضأ ثلاثا ثلاثا ومرة مرة فكان الثلاث في معظم الاوقات لكونه الافضل والمرة في نادر من الاوقات لبيان الجواز ونظائر هذا كثيرة والله أعلم وأما نية هذا الوضوء فينوى به رفع الحدث الاصغر الا أن يكون جنبا غير محدث فانه ينوي به سنة الغسل والله أعلم قوله فيدخل أصابعه في أصول الشعر انما فعل ذلك ليلين الشعر ويرطبه فيسهل مرور الماء عليه قوله ( حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على
(3/230)
رأسه ثلاث حفنات ) معنى استبرأ أى أوصل البلل إلى جميعه ومعنى حفن أخذ الماء بيديه جميعا قولها ( أدنيت لرسول الله صلى الله عليه و سلم غسله من الجنابة ) هو بضم الغين وهو الماء الذي يغتسل به قولها ( ثم ضرب بيده الارض فدلكها دلكا شديدا ) فيه أنه يستحب للمستنجي بالماء إذا فرغ أن يغسل يده بتراب أو اشنان أو يدلكها بالتراب أو بالحائط ليذهب الاستقذار منها قولها ( ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه ) هكذا هو في الأصول التي ببلادنا كفه بلفظ الافراد وكذا نقله القاضي عياض عن رواية الأكثرين وفي رواية الطبري كفيه بالتثنية وهي مفسرة لرواية الأكثرين والحفنة ملء الكفين جميعا قولها ( ثم أتيته بالمنديل فرده ) فيه استحباب ترك تنشيف الأعضاء وقد اختلف علماء أصحابنا في تنشيف الأعضاء في الوضوء والغسل على خمسة اوجه أشهرها أن المستحب تركه ولا يقال فعله مكروه والثاني أنه مكروه والثالث أنه مباح يستوي فعله وتركه وهذا هو الذي نختاره فان المنع والاستحباب يحتاج إلى دليل ظاهر والرابع أنه مستحب لما فيه من الاحتراز عن الأوساخ والخامس يكره في الصيف دون الشتاء هذا ما ذكره أصحابنا وقد اختلف الصحابة وغيرهم في التنشيف على ثلاثة مذاهب أحدها أنه لا بأس به في الوضوء والغسل وهو قول أنس بن مالك والثوري والثاني مكروه فيهما وهو قول بن عمر وبن أبي ليلى والثالث يكره في الوضوء دون الغسل وهو قول بن عباس رضي الله عنهما وقد جاء في ترك التنشيف هذا الحديث والحديث الآخر في الصحيح أنه
(3/231)
صلى الله عليه و سلم
( اغتسل وخرج ورأسه يقطر ماء وأما فعل التنشيف فقد رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم من أوجه لكن أسانيدها ضعيفة قال الترمذي لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه و سلم شئ وقد احتج بعض العلماء على اباحة التنشيف بقول ميمونة في هذا الحديث وجعل يقول بالماء هكذا يعنى ينفضه قال فاذا كان النفض مباحا كان التنشيف مثله أو أولى لاشتراكهما في ازالة الماء والله أعلم وأما المنديل فبكسر الميم وهو معروف وقال بن فارس لعله مأخوذ من الندل وهو النقل وقال غيره هو مأخوذ من الندل وهو الوسخ لانه يندل به ويقال تندلت بالمنديل قال الجوهري ويقال أيضا تمندلت به وأنكرها الكسائي والله أعلم قولها ( وجعل يقول بالماء هكذا يعنى ينفضه ) فيه دليل على أن نفض اليد بعد الوضوء والغسل لا بأس به وقد اختلف أصحابنا فيه على أوجه أشهرها أن المستحب تركه ولا يقال أنه مكروه والثاني أنه مكروه والثالث أنه مباح يستوي فعله وتركه وهذا هو الأظهر المختار فقد جاء هذا الحديث الصحيح في الاباحة ولم يثبت في النهي شئ أصلا والله أعلم قوله ( وحدثنا محمد بن المثنى العنزي ) هو بفتح العين والنون وبالزاي )
(3/232)
قولها ( دعا بشئ نحو الحلاب ) هو بكسر الحاء وتخفيف اللام وآخره باء موحدة وهو اناء يحلب فيه ويقال له المحلب أيضا بكسر الميم قال الخطابي هو اناء يسع قدر حلبة ناقة وهذا هو المشهور الصحيح المعروف في الرواية وذكر الهروى عن الأزهري أنه الجلاب بضم الجيم وتشديد اللام قال الأزهري وأراد به ماء الورد وهو فارسي معرب وأنكر الهروى هذا وقال أراه الحلاب وذكر نحو ما قدمناه والله أعلم
(3/228)
الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وينوي الغسل من أول شروعه فيما ذكرناه ويستصحب النية إلى أن يفرغ من غسله فهذا كمال الغسل والواجب من هذا كله النية في أول ملاقاة أول جزء من البدن للماء وتعميم البدن شعره وبشره بالماء ومن شرطه أن يكون البدن طاهرا من النجاسة وما زاد على هذا مما ذكرناه سنة وينبغي لمن اغتسل من اناء كالابريق ونحوه أن يتفطن لدقيقة قد يغفل عنها وهي انه إذا استنجى وطهر محل الاستنجاء بالماء فينبغي أن يغسل محل الاستنجاء بعد ذلك بنية غسل الجنابة لانه إذا لم يغسله الآن ربما غفل عنه بعد ذلك فلا يصح غسله لترك ذلك وان ذكره احتاج إلى مس فرجه فينتقض وضوءه أو يحتاج إلى كلفة في لف خرقة على يده والله أعلم هذا مذهبنا ومذهب كثيرين من الأئمة ولم يوجب أحد من العلماء الدلك في الغسل ولا في الوضوء الا مالك والمزني ومن سواهما يقول هو سنة لو تركه صحت طهارته في الوضوء والغسل ولم يوجب أيضا الوضوء في غسل الجنابة الا داود الظاهري ومن سواه يقولون هو سنة فلو أفاض الماء على جميع بدنه من غير وضوء صح غسله واستباح به الصلاة وغيرها ولكن الأفضل أن يتوضأ كما ذكرنا وتحصل الفضيلة بالوضوء قبل الغسل أو بعده واذا توضأ أولا لا يأتي به ثانيا فقد اتفق العلماء على أنه لا يستحب وضوءان والله أعلم فهذا مختصر ما يتعلق بصفة الغسل وأحاديث الباب تدل على معظم ما ذكرناه وما بقي فله دلائل مشهورة والله أعلم واعلم أنه جاء في روايات عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه و سلم توضأ وضوءه للصلاة قبل افاضة الماء عليه فظاهر هذا أنه صلى الله عليه و سلم أكمل الوضوء بغسل الرجلين وقد جاء في أكثر روايات ميمونة توضأ ثم أفاض الماء عليه ثم تنحى فغسل رجليه وفي رواية من حديثها رواها البخارى توضأ وضوءه للصلاة غير قدميه ثم أفاض الماء عليه ثم نحى قدميه فغسلهما وهذا تصريح بتأخير القدمين وللشافعي رضي الله عنه قولان أصحهما وأشهرهما والمختار منهما أنه يكمل وضوءه بغسل القدمين والثاني أنه يؤخر غسل القدمين فعلى القول الضعيف يتأول روايات عائشة وأكثر روايات ميمونة على أن المراد بوضوء الصلاة أكثره وهو ما سوى الرجلين كما بينته ميمونة في رواية البخاري فهذه الرواية صريحة وتلك الرواية محتملة للتأويل فيجمع بينهما بما ذكرناه وأما على المشهور الصحيح فيعمل بظاهر الروايات المشهورة المستفيضة عن عائشة وميمونة جميعا في تقديم وضوء
(3/229)
الصلاة فان ظاهره كمال الوضوء فهذا كان الغالب والعادة المعروفة له صلى الله عليه و سلم وكان يعيد غسل القدمين بعد الفراغ لازالة الطين لا لاجل الجنابة فتكون الرجل مغسولة مرتين وهذا هو الاكمل الافضل فكان صلى الله عليه و سلم يواظب عليه وأما رواية البخاري عن ميمونة فجرى ذلك مرة أو نحوها بيانا للجواز وهذا كما ثبت أنه صلى الله عليه و سلم توضأ ثلاثا ثلاثا ومرة مرة فكان الثلاث في معظم الاوقات لكونه الافضل والمرة في نادر من الاوقات لبيان الجواز ونظائر هذا كثيرة والله أعلم وأما نية هذا الوضوء فينوى به رفع الحدث الاصغر الا أن يكون جنبا غير محدث فانه ينوي به سنة الغسل والله أعلم قوله فيدخل أصابعه في أصول الشعر انما فعل ذلك ليلين الشعر ويرطبه فيسهل مرور الماء عليه قوله ( حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على
(3/230)
رأسه ثلاث حفنات ) معنى استبرأ أى أوصل البلل إلى جميعه ومعنى حفن أخذ الماء بيديه جميعا قولها ( أدنيت لرسول الله صلى الله عليه و سلم غسله من الجنابة ) هو بضم الغين وهو الماء الذي يغتسل به قولها ( ثم ضرب بيده الارض فدلكها دلكا شديدا ) فيه أنه يستحب للمستنجي بالماء إذا فرغ أن يغسل يده بتراب أو اشنان أو يدلكها بالتراب أو بالحائط ليذهب الاستقذار منها قولها ( ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه ) هكذا هو في الأصول التي ببلادنا كفه بلفظ الافراد وكذا نقله القاضي عياض عن رواية الأكثرين وفي رواية الطبري كفيه بالتثنية وهي مفسرة لرواية الأكثرين والحفنة ملء الكفين جميعا قولها ( ثم أتيته بالمنديل فرده ) فيه استحباب ترك تنشيف الأعضاء وقد اختلف علماء أصحابنا في تنشيف الأعضاء في الوضوء والغسل على خمسة اوجه أشهرها أن المستحب تركه ولا يقال فعله مكروه والثاني أنه مكروه والثالث أنه مباح يستوي فعله وتركه وهذا هو الذي نختاره فان المنع والاستحباب يحتاج إلى دليل ظاهر والرابع أنه مستحب لما فيه من الاحتراز عن الأوساخ والخامس يكره في الصيف دون الشتاء هذا ما ذكره أصحابنا وقد اختلف الصحابة وغيرهم في التنشيف على ثلاثة مذاهب أحدها أنه لا بأس به في الوضوء والغسل وهو قول أنس بن مالك والثوري والثاني مكروه فيهما وهو قول بن عمر وبن أبي ليلى والثالث يكره في الوضوء دون الغسل وهو قول بن عباس رضي الله عنهما وقد جاء في ترك التنشيف هذا الحديث والحديث الآخر في الصحيح أنه
(3/231)
صلى الله عليه و سلم
( اغتسل وخرج ورأسه يقطر ماء وأما فعل التنشيف فقد رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم من أوجه لكن أسانيدها ضعيفة قال الترمذي لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه و سلم شئ وقد احتج بعض العلماء على اباحة التنشيف بقول ميمونة في هذا الحديث وجعل يقول بالماء هكذا يعنى ينفضه قال فاذا كان النفض مباحا كان التنشيف مثله أو أولى لاشتراكهما في ازالة الماء والله أعلم وأما المنديل فبكسر الميم وهو معروف وقال بن فارس لعله مأخوذ من الندل وهو النقل وقال غيره هو مأخوذ من الندل وهو الوسخ لانه يندل به ويقال تندلت بالمنديل قال الجوهري ويقال أيضا تمندلت به وأنكرها الكسائي والله أعلم قولها ( وجعل يقول بالماء هكذا يعنى ينفضه ) فيه دليل على أن نفض اليد بعد الوضوء والغسل لا بأس به وقد اختلف أصحابنا فيه على أوجه أشهرها أن المستحب تركه ولا يقال أنه مكروه والثاني أنه مكروه والثالث أنه مباح يستوي فعله وتركه وهذا هو الأظهر المختار فقد جاء هذا الحديث الصحيح في الاباحة ولم يثبت في النهي شئ أصلا والله أعلم قوله ( وحدثنا محمد بن المثنى العنزي ) هو بفتح العين والنون وبالزاي )
(3/232)
قولها ( دعا بشئ نحو الحلاب ) هو بكسر الحاء وتخفيف اللام وآخره باء موحدة وهو اناء يحلب فيه ويقال له المحلب أيضا بكسر الميم قال الخطابي هو اناء يسع قدر حلبة ناقة وهذا هو المشهور الصحيح المعروف في الرواية وذكر الهروى عن الأزهري أنه الجلاب بضم الجيم وتشديد اللام قال الأزهري وأراد به ماء الورد وهو فارسي معرب وأنكر الهروى هذا وقال أراه الحلاب وذكر نحو ما قدمناه والله أعلم
عدد المشاهدات *:
405555
405555
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 10/03/2015