( وفي الطواف الأول في الحج ) [ 1261 ] قوله ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان اذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى
(9/6)
أربعا ) قوله ( خب ) هو الرمل بفتح الراء والميم فالرمل والخبب بمعنى واحد وهو اسراع المشى مع تقارب الخطا ولا يثب وثبا والرمل مستحب في الطوفات الثلاث الأول من السبع ولا يسن ذلك الا في طواف العمرة وفي طواف واحد في الحج واختلفوا في ذلك الطواف وهما قولان للشافعي أصحهما أنه انما يشرع في طواف يعقبه سعى ويتصور ذلك في طواف القدوم ويتصور في طواف الافاضة ولا يتصور في طواف الوداع لأن شرط طواف الوداع أن يكون قد طاف للإفاضة فعلى هذا القول اذا طاف للقدوم وفي نيته أنه يسعى بعده استحب الرمل فيه وإن لم يكن هذا في نيته لم يرمل فيه بل يرمل في طواف الإفاضة والقول الثاني أنه يرمل في طواف القدوم سواء أراد السعى بعده أم لا والله أعلم قال أصحابنا فلو أخل بالرمل في الثلاث الأول من السبع لم يأت به في الأربع الأواخر لأن السنة في الأربع الأخيرة المشى على العادة فلا يغيره ولو لم يمكنه الرمل للزحمة أشار في هيئة مشيه إلى صفة الرمل ولو لم يمكنه الرمل بقرب الكعبة للزحمة وأمكنه اذا تباعد عنها فالأولى أن يتباعد ويرمل لأن فضيلة الرمل هيئة للعبادة في نفسها والقرب من الكعبة هيئة في موضع العبادة لا في نفسها فكان تقديم ما تعلق بنفسها أولى والله أعلم واتفق العلماء على أن الرمل لا يشرع للنساء كما لا يشرع لهن شدة السعى بين الصفا والمروة ولو ترك الرجل الرمل حيث شرع له فهو تارك سنة ولا شيء عليه هذا مذهبنا واختلف أصحاب مالك فقال بعضهم عليه دم وقال بعضهم لادم كمذهبنا قوله ( وكان يسعى ببطن المسيل اذا طاف بين الصفا والمروة ) هذا مجمع على استحبابه وهو أنه اذا سعى بين الصفا والمروة استحب أن يكون سعيه شديدا في بطن المسيل وهو قدر معروف وهو من قبل وصوله إلى الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد إلى أن يحاذى الميلين الأخضرين المتقابلين اللذين بفناء المسجد ودار العباس والله أعلم قوله
(9/7)
( ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان اذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ثم يمشى أربعا ثم يصلى سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة ) أما قوله أول ما يقدم فتصريح بأن الرمل أول ما يشرع في طواف العمرة أو في طواف القدوم في الحج وأما قوله يسعى ثلاثة أطواف فمراده يرمل وسماه سعيا مجازا لكونه يشارك السعى في أصل الاسراع وإن اختلفت صفتهما وأما قوله ثلاثة وأربعة فمجمع عليه وهو أن الرمل لا يكون الا في الثلاثة الأول من السبع وأما قوله ثم يصلى سجدتين فالمراد ركعتين وهما سنة على المشهور من مذهبنا وفي قول واجبتان وسماهما سجدتين مجازا كما سبق تقريره في كتاب الصلاة وأما قوله ثم يطوف بين الصفا والمروة ففيه دليل على وجوب الترتيب بين الطواف والسعى وأنه يشترط تقدم الطواف على السعى فلو قدم السعى لم يصح السعى وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور وفيه خلاف ضعيف لبعض السلف والله أعلم قوله ( رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم حين يقدم مكة اذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف ) إلى آخره فيه استحباب استلام الحجر الأسود في ابتداء الطواف وهو سنة من سنن الطواف بلا خلاف وقد استدل به القاضي أبو الطيب من أصحابنا في قوله أنه يستحب أن يستلم الحجر الأسود وأن يستلم معه الركن الذي هو فيه فيجمع في استلامه بين الحجر والركن جميعا واقتصر جمهور أصحابنا على أنه يستلم الحجر وأما الاستلام فهو المسح باليد عليه وهو مأخوذ من السلام بكسر السين وهي الحجارة وقيل من
(9/8)
السلام بفتح السين الذي هو التحية [ 1262 ] قوله ( رمل رسول الله صلى الله عليه و سلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعا ) فيه بيان أن الرمل يشرع في جميع المطاف من الحجر إلى الحجر وأما حديث بن عباس المذكور بعد هذا بقليل قال وأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين فمنسوخ بالحديث الأول لأن حديث بن عباس كان في عمرة القضاء سنة سبع قبل فتح مكة وكان في المسلمين ضعف في أبدانهم وإنما رملوا اظهارا للقوة واحتاجوا إلى ذلك في غير ما بين الركنين اليمانيين لأن المشركين كانوا جلوسا في الحجر وكانوا لا يرونهم بين هذين الركنين ويرونهم فيما سوى ذلك فلما حج النبي صلى الله عليه و سلم حجة الوداع سنة عشر رمل من الحجر إلى الحجر فوجب الأخذ بهذا المتأخر قوله ( حدثنا سليم بن الأخضر ) هو بضم السين وأخضر بالخاء والضاد المعجمتين قوله في رواية أبي الطاهر بإسناده عن جابر ( رمل الثلاثة أطواف ) هكذا هو في معظم النسخ المعتمدة وفي نادر منها الثلاثة
(9/9)
الأطواف وفي أندر منه ثلاثة أطواف فأما ثلاثة أطواف فلا شك في جوازه وفصاحته وأما الثلاثة الأطواف بالألف واللام فيهما ففيه خلاف مشهور بين النحويين منعه البصريون وجوزه الكوفيون وأما الثلاثة أطواف بتعريف الأول وتنكير الثاني كما وقع في معظم النسخ فمنعه جمهور النحويين وهذا الحديث يدل لمن جوزه وقد سبق مثله في رواية سهل بن سعد في صفة منبر النبي صلى الله عليه و سلم قال فعمل هذه الثلاث درجات وقد رواه مسلم هكذا في كتاب الصلاة وقد سبق التنبيه عليه [ 1264 ] قوله ( قلت لابن عباس أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف ومشى أربعة أطواف أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة فقال صدقوا وكذبوا ) إلى آخره يعني صدقوا في أن النبي صلى الله عليه و سلم فعله وكذبوا في قولهم انه سنة مقصودة متأكدة لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يجعله سنة مطلوبة دائما على تكرر السنين وإنما أمر به تلك السنة لاظهار القوة عند الكفار وقد زال ذلك المعنى هذا معنى كلام بن عباس وهذا الذي قاله من كون الرمل ليس سنة مقصودة هو مذهبه وخالفه جميع العلماء من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن بعدهم فقالوا هو سنة في الطوفات الثلاث من السبع فإن تركه فقد ترك سنة وفاتته فضيلة ويصح طوافه ولادم عليه وقال عبد الله بن الزبير يسن في الطوفات السبع وقال الحسن البصري والثوري وعبد الملك بن الماجشون المالكي اذا ترك الرمل لزمه دم وكان مالك يقول به ثم رجع عنه دليل الجمهور أن النبي صلى الله عليه و سلم رمل في حجة الوداع في الطوفات الثلاث الأول ومشى في الأربع ثم قال صلى الله عليه و سلم بعد ذلك لتأخذوا مناسككم عني والله أعلم
(9/10)
قوله ( قلت له أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة قال صدقوا وكذبوا ) إلى آخره يعني صدقوا في أنه طاف راكبا وكذبوا في أن الركوب أفضل بل المشي أفضل وإنما ركب النبي صلى الله عليه و سلم للعذر الذي ذكره وهذا الذي قاله بن عباس مجمع عليه أجمعوا على أن الركوب في السعى بين الصفا والمروة جائز وأن المشي أفضل منه الا لعذر والله أعلم قوله ( لايستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزل ) هكذا هو في معظم النسخ الهزل بضم الهاء واسكان الزاي وهكذا حكاه القاضي في المشارق وصاحب المطالع عن رواية بعضهم قالا وهو وهم والصواب الهزال بضم الهاء وزيادة الألف قلت وللأول وجه وهو أن يكون بفتح الهاء لأن الهزل بالفتح مصدر هزلته هزلا كضربته ضربا وتقديره لا يستطيعون يطوفون لأن الله تعالى هزلهم والله أعلم قوله ( حتى خرج العواتق من البيوت ) هو جمع عاتق وهي البكر البالغة أو المقاربة للبلوغ وقيل التي تتزوج سميت بذلك لأنها عتقت من استخدام أبويها وابتذالها في
(9/11)
الخروج والتصرف التي تفعله الطفلة الصغيرة وقد سبق بيان هذا في صلاة العيد [ 1265 ] قوله ( أنهم كانوا لا يدعون عنه ولا يكرهون ) أما يدعون فبضم الياء وفتح الدال وضم العين المشددة أي يدفعون ومنه قوله تعالى يوم يدعون إلى نار جهنم دعا وقوله تعالى فذلك الذي يدع اليتيم وأما قوله يكرهون ففي بعض الأصول من صحيح مسلم يكرهون كما ذكرناه من الاكراه وفي بعضها يكهرون بتقديم الهاء من الكهر وهو الانتهار قال القاضي هذا أصوب وقال وهو رواية الفارسي والأول رواية بن ماهان والعذرى قوله ( وهنتهم حمى يثرب ) هو بتخفيف الهاء أي أضعفتهم قال الفراء وغيره يقال وهنته الحمى وغيرها وأوهنته لغتان وأما يثرب فهو الاسم الذي كان للمدينة في الجاهلية وسميت في الاسلام المدينة فطيبة فطابة قال الله تعالى ما كان لاهل المدينة ومن أهل المدينة يقولون لئن رجعنا إلى المدينة وسيأتي بسط ذلك في آخر كتاب الحج حيث ذكر مسلم أحاديث المدينة وتسميتها ان شاء الله تعالى [ 1266 ] قوله ( وأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ) هذا تصريح بجواز تسمية الرمل شوطا وقد نقل أصحابنا أن مجاهدا والشافعي كرها
(9/12)
تسميته شوطا أو دورا بل يسمى طوفة وهذا الحديث ظاهر في أنه لا كراهة في تسميته شوطا فالصحيح أنه لا كراهة فيه قوله ( ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الاشواط كلها الا الابقاء عليهم ) الابقاء بكسر الهمزة وبالباء والموحدة والمد أي الرفق بهم
(9/6)
أربعا ) قوله ( خب ) هو الرمل بفتح الراء والميم فالرمل والخبب بمعنى واحد وهو اسراع المشى مع تقارب الخطا ولا يثب وثبا والرمل مستحب في الطوفات الثلاث الأول من السبع ولا يسن ذلك الا في طواف العمرة وفي طواف واحد في الحج واختلفوا في ذلك الطواف وهما قولان للشافعي أصحهما أنه انما يشرع في طواف يعقبه سعى ويتصور ذلك في طواف القدوم ويتصور في طواف الافاضة ولا يتصور في طواف الوداع لأن شرط طواف الوداع أن يكون قد طاف للإفاضة فعلى هذا القول اذا طاف للقدوم وفي نيته أنه يسعى بعده استحب الرمل فيه وإن لم يكن هذا في نيته لم يرمل فيه بل يرمل في طواف الإفاضة والقول الثاني أنه يرمل في طواف القدوم سواء أراد السعى بعده أم لا والله أعلم قال أصحابنا فلو أخل بالرمل في الثلاث الأول من السبع لم يأت به في الأربع الأواخر لأن السنة في الأربع الأخيرة المشى على العادة فلا يغيره ولو لم يمكنه الرمل للزحمة أشار في هيئة مشيه إلى صفة الرمل ولو لم يمكنه الرمل بقرب الكعبة للزحمة وأمكنه اذا تباعد عنها فالأولى أن يتباعد ويرمل لأن فضيلة الرمل هيئة للعبادة في نفسها والقرب من الكعبة هيئة في موضع العبادة لا في نفسها فكان تقديم ما تعلق بنفسها أولى والله أعلم واتفق العلماء على أن الرمل لا يشرع للنساء كما لا يشرع لهن شدة السعى بين الصفا والمروة ولو ترك الرجل الرمل حيث شرع له فهو تارك سنة ولا شيء عليه هذا مذهبنا واختلف أصحاب مالك فقال بعضهم عليه دم وقال بعضهم لادم كمذهبنا قوله ( وكان يسعى ببطن المسيل اذا طاف بين الصفا والمروة ) هذا مجمع على استحبابه وهو أنه اذا سعى بين الصفا والمروة استحب أن يكون سعيه شديدا في بطن المسيل وهو قدر معروف وهو من قبل وصوله إلى الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد إلى أن يحاذى الميلين الأخضرين المتقابلين اللذين بفناء المسجد ودار العباس والله أعلم قوله
(9/7)
( ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان اذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ثم يمشى أربعا ثم يصلى سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة ) أما قوله أول ما يقدم فتصريح بأن الرمل أول ما يشرع في طواف العمرة أو في طواف القدوم في الحج وأما قوله يسعى ثلاثة أطواف فمراده يرمل وسماه سعيا مجازا لكونه يشارك السعى في أصل الاسراع وإن اختلفت صفتهما وأما قوله ثلاثة وأربعة فمجمع عليه وهو أن الرمل لا يكون الا في الثلاثة الأول من السبع وأما قوله ثم يصلى سجدتين فالمراد ركعتين وهما سنة على المشهور من مذهبنا وفي قول واجبتان وسماهما سجدتين مجازا كما سبق تقريره في كتاب الصلاة وأما قوله ثم يطوف بين الصفا والمروة ففيه دليل على وجوب الترتيب بين الطواف والسعى وأنه يشترط تقدم الطواف على السعى فلو قدم السعى لم يصح السعى وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور وفيه خلاف ضعيف لبعض السلف والله أعلم قوله ( رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم حين يقدم مكة اذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف ) إلى آخره فيه استحباب استلام الحجر الأسود في ابتداء الطواف وهو سنة من سنن الطواف بلا خلاف وقد استدل به القاضي أبو الطيب من أصحابنا في قوله أنه يستحب أن يستلم الحجر الأسود وأن يستلم معه الركن الذي هو فيه فيجمع في استلامه بين الحجر والركن جميعا واقتصر جمهور أصحابنا على أنه يستلم الحجر وأما الاستلام فهو المسح باليد عليه وهو مأخوذ من السلام بكسر السين وهي الحجارة وقيل من
(9/8)
السلام بفتح السين الذي هو التحية [ 1262 ] قوله ( رمل رسول الله صلى الله عليه و سلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعا ) فيه بيان أن الرمل يشرع في جميع المطاف من الحجر إلى الحجر وأما حديث بن عباس المذكور بعد هذا بقليل قال وأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين فمنسوخ بالحديث الأول لأن حديث بن عباس كان في عمرة القضاء سنة سبع قبل فتح مكة وكان في المسلمين ضعف في أبدانهم وإنما رملوا اظهارا للقوة واحتاجوا إلى ذلك في غير ما بين الركنين اليمانيين لأن المشركين كانوا جلوسا في الحجر وكانوا لا يرونهم بين هذين الركنين ويرونهم فيما سوى ذلك فلما حج النبي صلى الله عليه و سلم حجة الوداع سنة عشر رمل من الحجر إلى الحجر فوجب الأخذ بهذا المتأخر قوله ( حدثنا سليم بن الأخضر ) هو بضم السين وأخضر بالخاء والضاد المعجمتين قوله في رواية أبي الطاهر بإسناده عن جابر ( رمل الثلاثة أطواف ) هكذا هو في معظم النسخ المعتمدة وفي نادر منها الثلاثة
(9/9)
الأطواف وفي أندر منه ثلاثة أطواف فأما ثلاثة أطواف فلا شك في جوازه وفصاحته وأما الثلاثة الأطواف بالألف واللام فيهما ففيه خلاف مشهور بين النحويين منعه البصريون وجوزه الكوفيون وأما الثلاثة أطواف بتعريف الأول وتنكير الثاني كما وقع في معظم النسخ فمنعه جمهور النحويين وهذا الحديث يدل لمن جوزه وقد سبق مثله في رواية سهل بن سعد في صفة منبر النبي صلى الله عليه و سلم قال فعمل هذه الثلاث درجات وقد رواه مسلم هكذا في كتاب الصلاة وقد سبق التنبيه عليه [ 1264 ] قوله ( قلت لابن عباس أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف ومشى أربعة أطواف أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة فقال صدقوا وكذبوا ) إلى آخره يعني صدقوا في أن النبي صلى الله عليه و سلم فعله وكذبوا في قولهم انه سنة مقصودة متأكدة لأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يجعله سنة مطلوبة دائما على تكرر السنين وإنما أمر به تلك السنة لاظهار القوة عند الكفار وقد زال ذلك المعنى هذا معنى كلام بن عباس وهذا الذي قاله من كون الرمل ليس سنة مقصودة هو مذهبه وخالفه جميع العلماء من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن بعدهم فقالوا هو سنة في الطوفات الثلاث من السبع فإن تركه فقد ترك سنة وفاتته فضيلة ويصح طوافه ولادم عليه وقال عبد الله بن الزبير يسن في الطوفات السبع وقال الحسن البصري والثوري وعبد الملك بن الماجشون المالكي اذا ترك الرمل لزمه دم وكان مالك يقول به ثم رجع عنه دليل الجمهور أن النبي صلى الله عليه و سلم رمل في حجة الوداع في الطوفات الثلاث الأول ومشى في الأربع ثم قال صلى الله عليه و سلم بعد ذلك لتأخذوا مناسككم عني والله أعلم
(9/10)
قوله ( قلت له أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة قال صدقوا وكذبوا ) إلى آخره يعني صدقوا في أنه طاف راكبا وكذبوا في أن الركوب أفضل بل المشي أفضل وإنما ركب النبي صلى الله عليه و سلم للعذر الذي ذكره وهذا الذي قاله بن عباس مجمع عليه أجمعوا على أن الركوب في السعى بين الصفا والمروة جائز وأن المشي أفضل منه الا لعذر والله أعلم قوله ( لايستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزل ) هكذا هو في معظم النسخ الهزل بضم الهاء واسكان الزاي وهكذا حكاه القاضي في المشارق وصاحب المطالع عن رواية بعضهم قالا وهو وهم والصواب الهزال بضم الهاء وزيادة الألف قلت وللأول وجه وهو أن يكون بفتح الهاء لأن الهزل بالفتح مصدر هزلته هزلا كضربته ضربا وتقديره لا يستطيعون يطوفون لأن الله تعالى هزلهم والله أعلم قوله ( حتى خرج العواتق من البيوت ) هو جمع عاتق وهي البكر البالغة أو المقاربة للبلوغ وقيل التي تتزوج سميت بذلك لأنها عتقت من استخدام أبويها وابتذالها في
(9/11)
الخروج والتصرف التي تفعله الطفلة الصغيرة وقد سبق بيان هذا في صلاة العيد [ 1265 ] قوله ( أنهم كانوا لا يدعون عنه ولا يكرهون ) أما يدعون فبضم الياء وفتح الدال وضم العين المشددة أي يدفعون ومنه قوله تعالى يوم يدعون إلى نار جهنم دعا وقوله تعالى فذلك الذي يدع اليتيم وأما قوله يكرهون ففي بعض الأصول من صحيح مسلم يكرهون كما ذكرناه من الاكراه وفي بعضها يكهرون بتقديم الهاء من الكهر وهو الانتهار قال القاضي هذا أصوب وقال وهو رواية الفارسي والأول رواية بن ماهان والعذرى قوله ( وهنتهم حمى يثرب ) هو بتخفيف الهاء أي أضعفتهم قال الفراء وغيره يقال وهنته الحمى وغيرها وأوهنته لغتان وأما يثرب فهو الاسم الذي كان للمدينة في الجاهلية وسميت في الاسلام المدينة فطيبة فطابة قال الله تعالى ما كان لاهل المدينة ومن أهل المدينة يقولون لئن رجعنا إلى المدينة وسيأتي بسط ذلك في آخر كتاب الحج حيث ذكر مسلم أحاديث المدينة وتسميتها ان شاء الله تعالى [ 1266 ] قوله ( وأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ) هذا تصريح بجواز تسمية الرمل شوطا وقد نقل أصحابنا أن مجاهدا والشافعي كرها
(9/12)
تسميته شوطا أو دورا بل يسمى طوفة وهذا الحديث ظاهر في أنه لا كراهة في تسميته شوطا فالصحيح أنه لا كراهة فيه قوله ( ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الاشواط كلها الا الابقاء عليهم ) الابقاء بكسر الهمزة وبالباء والموحدة والمد أي الرفق بهم
عدد المشاهدات *:
403760
403760
عدد مرات التنزيل *:
0
0
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 14/03/2015