قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ : باب ملاطفة اليتامى والضعفة والبنات ، ونحوهم ممن هم محل الشفقة والرحمة ؛ وذلك أن دين الإسلام دين الرحمة والعطف والإحسان ، وقد حث الله عز وجل على الإحسان في عدة آيات من كتابه ، وبين سبحانه وتعالى أنه يحب المحسنين ، والذين هم في حاجة إلى الإحسان يكون الإحسان إليهم أفضل وأكمل ؛ فمنهم اليتامى .
واليتيم هو الصغير الذي مات أبوه قبل بلوغه ؛ سواء كان ذكر أو أنثى ، ولا عبرة بوفاة الأم ، يعني أن اليتيم هو الصغير الذي مات أبوه قبل بلوغه وإن كان له أم ، وأما من ماتت أمه ، وأبوه موجود فليس بيتيم ، خلافاً لما يفهمه عوام الناس ؛ حيث يظنون أن اليتيم هو الذي ماتت أمه وليس كذلك ، بل اليتيم هو الذي مات أبوه .
ويسمى يتيماً هو الانفراد ؛ لأن هذا الصغير انفرد عن كاسب ، وهو صغير لا يستطيع الكسب .
وقد أوصى الله سبحانه وتعالى في عدة آيات باليتامى ، وجعل لهم حقاً خاصاً ؛ لأن اليتيم قد انكسر قلبه بموت أبيه ، فهو محل للعطف والرحمة قال الله عز وجل : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) [النساء:9] .
وكذلك البنات والنساء محل العطف والشفقة والرحمة ؛ لأنهن ضعيفات . ضعيفات في العقل ، وفي العزيمة ، وفي كل شيء فالرجال أقوى من النساء في الأبدان والعقول والأفكار والعزيمة وغير ذلك، ولهذا قال الله عز وجل: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) [النساء: 34] .
وكذلك أيضاً المنكسرون ؛ يعني الذين أصابهم شيء فانكسروا من أجله ، وليس هو كسر العظم بل كسر القلب ، يعني مثلاً أصابته جائحة اجتاحت ماله ، أو مات أهله أو مات صديق له فانكسر قلبه ، والمهم أن المنكسر ينبغي ملاطفته ، ولهذا شرعت تعزية من مات له ميت إذا أصيب بموته؛ يُعزّى ويلاطف ويبين له أن هذا أمر الله ، وأن الله سبحانه وتعالى إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون وما أشبه ذلك .
وكذلك ينبغي خفض الجناح لهم ولين الجانب ، قال الله تعالى ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) [الحجر:88] ، اخفض جناحك يعني تطامن لهم وتهاون لهم ، وقال : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ ) يعني حتى لو شمخت نفسك وارتفعت في الهواء كما يرتفع الطير فاخفض جناحك ، ولو كان عندك من المال ولك من الجاه والرئاسة ما يجعلك تتعالى على الخلق ، وتطير كما يطير الطير في الجو فاخفض الجناح ، اخفض الجناح حتى يكونوا فوقك ، ( لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وهذا أمر للرسول عليه الصلاة والسلام وهو أمر للأمة كلها .
فيجب على الإنسان أن يكون لين الجانب لإخوانه المؤمنين ، ويجب عليه أيضاً أنه كلما رأى إنساناً أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليخفض له جناحه أكثر ؛ لأن المتبع للرسول عليه الصلاة والسلام أهل لأن يتواضع له ، وأن يكرم ، وأن يعزز ، لا لأنه فلان بن فلان لكن لأنه اتبع الرسول عليه الصلاة والسلام ، كل من اتبع الرسول عليه الصلاة والسلام فهو حبيبنا ؛ وهو أخونا ، وهو صديقنا ، وهو صاحبنا ، وكل من كان أبعد عن اتباع الرسول فإننا نبتعد عنه بقدر ابتعاده عن اتباع الرسول ، هكذا المؤمن يجب أن يكون خافضاً جناحه لكل من اتبع الرسول عليه الصلاة والسلام ، اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين .
وقال الله تعالى لرسوله : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [الكهف: 28]، فاصبر نفسك : احبسها مع هؤلاء القوم السادة الكرماء الشرفاء ، الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي : يعني صباحاً ومساءً ، لا رياء ولا سمعة ، ولكنهم يريدون وجهه . يريدون وجه الله عز وجل في دعائهم له وعبادتهم له وذكرهم له وتسبيحهم له .
( وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [الكهف:28] ، يعني لا تبعد عنهم ، لا تعد دائماً عنهم عيناك : أي لا تتجاوز عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا .مثلاً إذا كان هناك رجلان ؛ أحدهما مقبل على طاعة الله يدعو ربه بالغداة والعشي، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويصوم، ويحسن إلى الناس، وآخر غني كبير عنده أموال وقصور وسيارات وخدم، أيهم أحق أن نصبر أنفسنا معه؟ الأول أحق أن نصبر أنفسنا معه، وأن نجالسه، وأن نخالطه وأن لا نتعداه نريد زينة الحياة الدنيا.
الحياة كلها عرض زائل، وما فيها من النعيم أو من السرور فإنه محفوف بالأحزان والتنكيد ، ما من فرح في الدنيا إلا ويتلوه ترح وحزن. قال- أظنه- ابن مسعود رضي الله عنه ما ملئ بيت فرحاً إلا ملئ حزناً وترحاً، (1)وصدق رضي الله عنه: لو لم يكن من ذلك إلا أنهم سيموتون تباعاً واحداً بعد الثاني، كلما مات واحد حزنوا عليه، فتتحول هذه الأفراح والمسرات إلى أحزان وأتراح فالدنيا كلها ليست بشيء.
إذاً لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ، بل كن معهم وكن ناصراً لهم ، ولا يهمنك ما متعنا به أحداً من الدنيا ، وهذا كقوله عز وجل : ( وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه: 131، 132] ، أسأل الله أن يحسن لي ولكم العافية ، وأن يجعل العاقبة لنا ولإخواننا المسلمين حميدة .
(1) أخرجه وكيع بن الحراح في الزهد (3820)، والبيهقي في الشعب(2/387)، وأبو نعيم في الحليه (2/97).
واليتيم هو الصغير الذي مات أبوه قبل بلوغه ؛ سواء كان ذكر أو أنثى ، ولا عبرة بوفاة الأم ، يعني أن اليتيم هو الصغير الذي مات أبوه قبل بلوغه وإن كان له أم ، وأما من ماتت أمه ، وأبوه موجود فليس بيتيم ، خلافاً لما يفهمه عوام الناس ؛ حيث يظنون أن اليتيم هو الذي ماتت أمه وليس كذلك ، بل اليتيم هو الذي مات أبوه .
ويسمى يتيماً هو الانفراد ؛ لأن هذا الصغير انفرد عن كاسب ، وهو صغير لا يستطيع الكسب .
وقد أوصى الله سبحانه وتعالى في عدة آيات باليتامى ، وجعل لهم حقاً خاصاً ؛ لأن اليتيم قد انكسر قلبه بموت أبيه ، فهو محل للعطف والرحمة قال الله عز وجل : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) [النساء:9] .
وكذلك البنات والنساء محل العطف والشفقة والرحمة ؛ لأنهن ضعيفات . ضعيفات في العقل ، وفي العزيمة ، وفي كل شيء فالرجال أقوى من النساء في الأبدان والعقول والأفكار والعزيمة وغير ذلك، ولهذا قال الله عز وجل: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) [النساء: 34] .
وكذلك أيضاً المنكسرون ؛ يعني الذين أصابهم شيء فانكسروا من أجله ، وليس هو كسر العظم بل كسر القلب ، يعني مثلاً أصابته جائحة اجتاحت ماله ، أو مات أهله أو مات صديق له فانكسر قلبه ، والمهم أن المنكسر ينبغي ملاطفته ، ولهذا شرعت تعزية من مات له ميت إذا أصيب بموته؛ يُعزّى ويلاطف ويبين له أن هذا أمر الله ، وأن الله سبحانه وتعالى إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون وما أشبه ذلك .
وكذلك ينبغي خفض الجناح لهم ولين الجانب ، قال الله تعالى ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) [الحجر:88] ، اخفض جناحك يعني تطامن لهم وتهاون لهم ، وقال : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ ) يعني حتى لو شمخت نفسك وارتفعت في الهواء كما يرتفع الطير فاخفض جناحك ، ولو كان عندك من المال ولك من الجاه والرئاسة ما يجعلك تتعالى على الخلق ، وتطير كما يطير الطير في الجو فاخفض الجناح ، اخفض الجناح حتى يكونوا فوقك ، ( لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وهذا أمر للرسول عليه الصلاة والسلام وهو أمر للأمة كلها .
فيجب على الإنسان أن يكون لين الجانب لإخوانه المؤمنين ، ويجب عليه أيضاً أنه كلما رأى إنساناً أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليخفض له جناحه أكثر ؛ لأن المتبع للرسول عليه الصلاة والسلام أهل لأن يتواضع له ، وأن يكرم ، وأن يعزز ، لا لأنه فلان بن فلان لكن لأنه اتبع الرسول عليه الصلاة والسلام ، كل من اتبع الرسول عليه الصلاة والسلام فهو حبيبنا ؛ وهو أخونا ، وهو صديقنا ، وهو صاحبنا ، وكل من كان أبعد عن اتباع الرسول فإننا نبتعد عنه بقدر ابتعاده عن اتباع الرسول ، هكذا المؤمن يجب أن يكون خافضاً جناحه لكل من اتبع الرسول عليه الصلاة والسلام ، اخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين .
وقال الله تعالى لرسوله : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [الكهف: 28]، فاصبر نفسك : احبسها مع هؤلاء القوم السادة الكرماء الشرفاء ، الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي : يعني صباحاً ومساءً ، لا رياء ولا سمعة ، ولكنهم يريدون وجهه . يريدون وجه الله عز وجل في دعائهم له وعبادتهم له وذكرهم له وتسبيحهم له .
( وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [الكهف:28] ، يعني لا تبعد عنهم ، لا تعد دائماً عنهم عيناك : أي لا تتجاوز عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا .مثلاً إذا كان هناك رجلان ؛ أحدهما مقبل على طاعة الله يدعو ربه بالغداة والعشي، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويصوم، ويحسن إلى الناس، وآخر غني كبير عنده أموال وقصور وسيارات وخدم، أيهم أحق أن نصبر أنفسنا معه؟ الأول أحق أن نصبر أنفسنا معه، وأن نجالسه، وأن نخالطه وأن لا نتعداه نريد زينة الحياة الدنيا.
الحياة كلها عرض زائل، وما فيها من النعيم أو من السرور فإنه محفوف بالأحزان والتنكيد ، ما من فرح في الدنيا إلا ويتلوه ترح وحزن. قال- أظنه- ابن مسعود رضي الله عنه ما ملئ بيت فرحاً إلا ملئ حزناً وترحاً، (1)وصدق رضي الله عنه: لو لم يكن من ذلك إلا أنهم سيموتون تباعاً واحداً بعد الثاني، كلما مات واحد حزنوا عليه، فتتحول هذه الأفراح والمسرات إلى أحزان وأتراح فالدنيا كلها ليست بشيء.
إذاً لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ، بل كن معهم وكن ناصراً لهم ، ولا يهمنك ما متعنا به أحداً من الدنيا ، وهذا كقوله عز وجل : ( وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه: 131، 132] ، أسأل الله أن يحسن لي ولكم العافية ، وأن يجعل العاقبة لنا ولإخواننا المسلمين حميدة .
(1) أخرجه وكيع بن الحراح في الزهد (3820)، والبيهقي في الشعب(2/387)، وأبو نعيم في الحليه (2/97).
عدد المشاهدات *:
420568
420568
عدد مرات التنزيل *:
177356
177356
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2015