ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها ، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله)) .
قوله عليه الصلاة والسلام : (( شر الطعام طعام الوليمة )) يحتمل أن يكون المراد بالوليمة هنا وليمة العرس ، ويحتمل أن يكون أعم ، وأن المراد بالوليمة كل ما دعي إلى الاجتماع إليه من عرس أو غيره ، وسيأتي بيان ذلك في الأحكام إن شاء الله .
ثم فسر هذه الوليمة التي طعامها شر الطعام وهي التي يدعى إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها ، يعني يدعى إليها الأغنياء ، والغني لا يحرص على الحضور إذا دعي ؛ لأنه مستغن بماله ، ويمنع منها الفقراء ؛ والفقير ؛ هو الذي إذا دعي أجاب ، فهذه الوليمة ليست وليمة مقربة إلى الله ؛ لأنه لا يدعى إليها من هم أحق بها وهم الفقراء ؛ بل يدعى إليها الأغنياء .
أما الوليمة من حيث هي ـ ولا سيما وليمة العرس ـ فإنها سنة مؤكدة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف : ((أولم ولو بشاة )) (63) فأمره بالوليمة قال : (( ولو بشاة )) يعني ولو بشيء قليل ، والشاة قليلة بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ؛ لأنه من الأغنياء .
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله )) يدل على أن إجابة دعوة الوليمة واجبة ؛ لأنه لا شيء يكون معصية بتركه إلا وهو واجب ، ولكن لا بد فيها من شروط :
الشرط الأول : أن يكون الداعي مسلماً ؛ فإن لم يكن مسلما ً لم تجب الإجابة ، ولكن تجوز الإجابة لا سيما إذا كان في هذا مصلحة ، يعني لو دعاك كافر إلى وليمة عرس فلا بأس أن تجيب ، لا سيما إن كان في ذلك مصلحة كتأليفه إلى الإسلام ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يهودياً دعاه في المدينة ، فأجابه ، وجعل له خبزاً من شعير وإهالة سنخة (64) ؛ يعني ودكاً قديماً متغيراً .
وأما اشتراط العدالة : يعني اشتراط أن يكون الداعي عدلاً فليس بشرط ، فتجوز إجابة دعوة الفاسق إذا دعاك مثل أن يدعوك إنسان قليل الصلاة مع الجماعة ، أو حليق اللحية ، أو شارب دخان ، فأجبه كما تجيب من كان سالماً من ذلك .
لكن إن كان عدم الإجابة يفضي إلى مصلحة بحيث يخجل هذا الداعي ويترك المعصية التي كان يعتادها حيث الناس لا يجيبون دعوته ، فلا تجب دعوته من أجل مصلحته ، أما إذا كان لا يستفيد سواء أجبته أو لم تجبه ، فأجب الدعوة لأنه مسلم .
الشرط الثاني : أن يكون ماله حلالاً ؛ فإن كان ماله حراماً كالذي يكتسب المال بالربا ؛ فإنه لا تجب إجابته لأن ماله حرام ، والذي ماله حرام ينبغي للإنسان أن يتورع عن أكل ماله ، ولكنه ليس بحرام ، يعني لا يحرم عليك أن تأكل من مال من كسبه حرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود وهم يأكلون الربا ؛ يأخذونه ويتعاملون به . لكن الورع أن لا تأكل ممن ماله حرام .
أما إذا كان في ماله حرام يعني ماله مختلط ؛ يتجر تجارة حلالاً ويكتسب كسباً محرماً ؛ فلا بأس من إجابته ، و لا تتورع عن ماله ؛ لأنه لا يسلم كثير من الناس اليوم من أن يكون في ماله حرام ، فمن الناس من يغش فيكتسب من حرام ، ومنهم من يرابي في بعض الأشياء ، ومنهم الموظفون ، وكثير من الموظفين لا يقومون بواجب الوظيفة ، فتجده يتأخر عن الدوام ، أو يتقدم فيخرج قبل وقت انتهاء الدوام ، وهذا ليس راتبه حلالاً ؛ بل إنه يأكل من الحرام بقدر ما نقص من عمل الوظيفة ؛ لأنه ملتزم بالعقد مع الحكومة مثلاً أنه يقوم بوظيفته من كذا إلى كذا ، فلو فتشت الناس اليوم لوجدت كثيراً منهم يكون في ماله دخن من الحرام .
الشرط الثالث : ألا يكون في الدعوة منكر ؛ فإن كان في الدعوة منكر فإنه لا تجب الإجابة ، مثل لو علمت أنهم سيأتون بمغنين ، أو عندهم ( شيش ) يشربها الحاضرون ، أو عندهم شراب دخان فلا تجب إلا إذا كنت قادراً على تغيير هذا المنكر ، فإنه يجب عليك الحضور لسببين :
السبب الأول : إزالة المنكر .
السبب الثاني : إجابة الدعوة .
أما إذا كنت ستحضر ولكن لا تستطيع تغيير المنكر ؛ فإن حضورك حرام .
الشرط الرابع : أن يعين المدعو ، ومعنى يعينه أن يقول : يا فلان أدعوك إلى حضورك وليمة العرس . فإن لم يعينه بأن دعا دعوة عامة في مجلس فقال : يا جماعة عندنا حفل زواج ووليمة عرس فاحضروا ، فإنه لا يجب عليك أن تحضر ؛ لأنه دعا دعوة عامة ولم ينص عليك .
فلابد أن يعينه فإن لم يعينه فإنها لا تجب ، ثم إنه ينبغي للإنسان أن يجيب كل دعوة ؛ لأن من حق المسلم على أخيه أن يجيب دعوته ، إلا إذا كان في امتناعه مصلحة راجحة فليتبع المصلحة .
(61) رواه مسلم ، كتاب النكاح ، باب استحباب التزويج في شوال . . . ، رقم ( 1432 ) [ 110 ] .
(62) رواه البخاري ، كتاب النكاح ، باب من ترك الدعوة ؛ فقد عصى الله ورسوله ، رقم ( 5177 ) ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الأمر بإباحة الداعي إلى الدعوة ، رقم ( 1432 ) [ 107 ] .
(63) رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب ما جاء في قول الله تعالى : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ . . . ، ) ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الصدق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد ، رقم ( 1427 ) .
(64) رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة ، رقم ( 2069 ) .
قوله عليه الصلاة والسلام : (( شر الطعام طعام الوليمة )) يحتمل أن يكون المراد بالوليمة هنا وليمة العرس ، ويحتمل أن يكون أعم ، وأن المراد بالوليمة كل ما دعي إلى الاجتماع إليه من عرس أو غيره ، وسيأتي بيان ذلك في الأحكام إن شاء الله .
ثم فسر هذه الوليمة التي طعامها شر الطعام وهي التي يدعى إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها ، يعني يدعى إليها الأغنياء ، والغني لا يحرص على الحضور إذا دعي ؛ لأنه مستغن بماله ، ويمنع منها الفقراء ؛ والفقير ؛ هو الذي إذا دعي أجاب ، فهذه الوليمة ليست وليمة مقربة إلى الله ؛ لأنه لا يدعى إليها من هم أحق بها وهم الفقراء ؛ بل يدعى إليها الأغنياء .
أما الوليمة من حيث هي ـ ولا سيما وليمة العرس ـ فإنها سنة مؤكدة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف : ((أولم ولو بشاة )) (63) فأمره بالوليمة قال : (( ولو بشاة )) يعني ولو بشيء قليل ، والشاة قليلة بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ؛ لأنه من الأغنياء .
وقوله عليه الصلاة والسلام : (( ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله )) يدل على أن إجابة دعوة الوليمة واجبة ؛ لأنه لا شيء يكون معصية بتركه إلا وهو واجب ، ولكن لا بد فيها من شروط :
الشرط الأول : أن يكون الداعي مسلماً ؛ فإن لم يكن مسلما ً لم تجب الإجابة ، ولكن تجوز الإجابة لا سيما إذا كان في هذا مصلحة ، يعني لو دعاك كافر إلى وليمة عرس فلا بأس أن تجيب ، لا سيما إن كان في ذلك مصلحة كتأليفه إلى الإسلام ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يهودياً دعاه في المدينة ، فأجابه ، وجعل له خبزاً من شعير وإهالة سنخة (64) ؛ يعني ودكاً قديماً متغيراً .
وأما اشتراط العدالة : يعني اشتراط أن يكون الداعي عدلاً فليس بشرط ، فتجوز إجابة دعوة الفاسق إذا دعاك مثل أن يدعوك إنسان قليل الصلاة مع الجماعة ، أو حليق اللحية ، أو شارب دخان ، فأجبه كما تجيب من كان سالماً من ذلك .
لكن إن كان عدم الإجابة يفضي إلى مصلحة بحيث يخجل هذا الداعي ويترك المعصية التي كان يعتادها حيث الناس لا يجيبون دعوته ، فلا تجب دعوته من أجل مصلحته ، أما إذا كان لا يستفيد سواء أجبته أو لم تجبه ، فأجب الدعوة لأنه مسلم .
الشرط الثاني : أن يكون ماله حلالاً ؛ فإن كان ماله حراماً كالذي يكتسب المال بالربا ؛ فإنه لا تجب إجابته لأن ماله حرام ، والذي ماله حرام ينبغي للإنسان أن يتورع عن أكل ماله ، ولكنه ليس بحرام ، يعني لا يحرم عليك أن تأكل من مال من كسبه حرام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من طعام اليهود وهم يأكلون الربا ؛ يأخذونه ويتعاملون به . لكن الورع أن لا تأكل ممن ماله حرام .
أما إذا كان في ماله حرام يعني ماله مختلط ؛ يتجر تجارة حلالاً ويكتسب كسباً محرماً ؛ فلا بأس من إجابته ، و لا تتورع عن ماله ؛ لأنه لا يسلم كثير من الناس اليوم من أن يكون في ماله حرام ، فمن الناس من يغش فيكتسب من حرام ، ومنهم من يرابي في بعض الأشياء ، ومنهم الموظفون ، وكثير من الموظفين لا يقومون بواجب الوظيفة ، فتجده يتأخر عن الدوام ، أو يتقدم فيخرج قبل وقت انتهاء الدوام ، وهذا ليس راتبه حلالاً ؛ بل إنه يأكل من الحرام بقدر ما نقص من عمل الوظيفة ؛ لأنه ملتزم بالعقد مع الحكومة مثلاً أنه يقوم بوظيفته من كذا إلى كذا ، فلو فتشت الناس اليوم لوجدت كثيراً منهم يكون في ماله دخن من الحرام .
الشرط الثالث : ألا يكون في الدعوة منكر ؛ فإن كان في الدعوة منكر فإنه لا تجب الإجابة ، مثل لو علمت أنهم سيأتون بمغنين ، أو عندهم ( شيش ) يشربها الحاضرون ، أو عندهم شراب دخان فلا تجب إلا إذا كنت قادراً على تغيير هذا المنكر ، فإنه يجب عليك الحضور لسببين :
السبب الأول : إزالة المنكر .
السبب الثاني : إجابة الدعوة .
أما إذا كنت ستحضر ولكن لا تستطيع تغيير المنكر ؛ فإن حضورك حرام .
الشرط الرابع : أن يعين المدعو ، ومعنى يعينه أن يقول : يا فلان أدعوك إلى حضورك وليمة العرس . فإن لم يعينه بأن دعا دعوة عامة في مجلس فقال : يا جماعة عندنا حفل زواج ووليمة عرس فاحضروا ، فإنه لا يجب عليك أن تحضر ؛ لأنه دعا دعوة عامة ولم ينص عليك .
فلابد أن يعينه فإن لم يعينه فإنها لا تجب ، ثم إنه ينبغي للإنسان أن يجيب كل دعوة ؛ لأن من حق المسلم على أخيه أن يجيب دعوته ، إلا إذا كان في امتناعه مصلحة راجحة فليتبع المصلحة .
(61) رواه مسلم ، كتاب النكاح ، باب استحباب التزويج في شوال . . . ، رقم ( 1432 ) [ 110 ] .
(62) رواه البخاري ، كتاب النكاح ، باب من ترك الدعوة ؛ فقد عصى الله ورسوله ، رقم ( 5177 ) ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الأمر بإباحة الداعي إلى الدعوة ، رقم ( 1432 ) [ 107 ] .
(63) رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب ما جاء في قول الله تعالى : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ . . . ، ) ، ومسلم ، كتاب النكاح ، باب الصدق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد ، رقم ( 1427 ) .
(64) رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة ، رقم ( 2069 ) .
عدد المشاهدات *:
551717
551717
عدد مرات التنزيل *:
202201
202201
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2015