ذكر المؤلف ـ رحمة الله تعالى ـ فيما نقل عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه ما حق امرأة أحدنا عليه ، والصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فإنما يسألون ليعملوا لا ليعلموا فقط ؛ خلافاً لما عليه كثير من الناس اليوم يسألون ليعلموا ثم لا يعمل إلا قليل منهم ؛ وذلك أن الإنسان إذا علم من شريعة الله ما علم كان حجة له أو عليه . إن عمل به فهو حجة له يوم القيامة ، وإن لم يعمل به ؛ كان حجة عليه يؤاخذ به .
وما أكثر ما كان الصحابة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور دينهم ، ففي القرآن مسائل كثير : (يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ) [البقرة: 215] ، ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى )[البقرة: 220]،( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيض )[البقرة: 222]، ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ )[البقرة: 189] ؛ كلها أسئلة يريد بها الصحابة رضي الله عنهم أن يعلموا فيها حكم الله ثم يطبقوه في أنفسهم وفي أهليهم .
وهنا سأله معاوية (( ما حق امرأة أحدنا عليه ؟ قال : (( أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت )) يعني لا تخص نفسك بالكسوة دونها ، ولا بالطعام دونها ؛ بل هي شريكة لك يجب عليك أن تنفق عليها كما تنفق على نفسك ، حتى إن كثيراً من العلماء يقول : إذا لم ينفق الرجل على زوجته وطالبت بالفسخ عند القاضي ؛ فللقاضي أن يفسخ النكاح ؛ لأنه قصر بحقها الواجب لها .
قال (( ولا تضرب الوجه ولا تقبح )) فلا تضربها إلا لسبب وإذا ضربتها فاجتنب الوجه وليكن ضرباً غير مبرح .
وقد سبق لنا أن الإنسان إذا رأى من امرأته نشوزاً وترفعاً عليه ، وأنها لا تقوم بحقه ؛ وعظها أولاً ، ثم هجرها في المضجع ، ثم ضربها ضرباً غير مبرح فإذا حق له أن يضربها لوجود السبب ، فإنه لا يضرب الوجه .
وكذلك غير الزوجة لا يضرب على الوجه ، فالابن إذا أخطأ لا يضرب على الوجه ؛ لأن الوجه أشرف ما في الإنسان ، وهو واجهه البدن كله ، فإذا ضرب كان أذل للإنسان مما لو ضرب غير وجهه ، يعني يضرب الرجل على كتفه ، على عضده ، على ظهره ؛ فلا يرى بذلك أنه استدل كما لو ضربته على وجهه ، ولهذا نهي عن ضرب الوجه وعن تقبيح الوجه .
قوله : (( لا تقبح )) يعني لا تقل : أنت قبيحة ، أو قبح الله وجهك ، ويشمل النهي عن التقبيح : النهي عن التقبيح الحسي والمعنوي ، فلا يقبحها مثل أن يقول : أنت من قبيلة رديئة ، أو من عائلة سيئة ، أو ما أشبه ذلك . كل هذا من التقبيح الذي نهى الله عنه .
قال :(( ولا تهجرها إلا في البيت )) يعني إذا وجد سبب الهجر فلا تهجرها علناً وتظهر للناس أنك هجرتها .
اهجرها في البيت ؛ لأنه ربما تهجرها اليوم وتتصالح معها في الغد فتكون حالكما مستورة ، لكن إذا ظهرت حالكما للناس بأن قمت بنشر ذلك والتحدث به كان هذا خطأ ، اهجرها في البيت ، ولا يطلع على هجرك أحد ، حتى إذا اصطلحت معها رجع كل شيء على ما يرام ، دون أن يطلع عليه أحد من الناس .
أما الحديث الثاني حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ فإنه حديث عظيم، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : (( أكمل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً )) .
الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى : ( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانا ) [المدثر: 31] ، وليس الناس في الإيمان سواء ؛ من الناس من يؤمن بالغيب وكأنه يشاهد شهود عيان ، يؤمن بيوم القيامة وكأنه الآن في تلك الساعات ، يؤمن بالجنة وكأنها في تلك الرياض ، يؤمن بالنار وكأنه يراها بعينه ، يؤمن إيماناً حقيقياً مطمئناً لا يخالطه شك .
ومن الناس من يعبد الله على حرف ـ نسأل الله العافية ـ كما قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ )[الحج: 11] يعني على طرف ( فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ) يعني إن لم يواجه أحداً يشككه في الدين ، ولم يواجه إلا صلحاء يعينونه ( اطْمَأَنَّ بِه) أي ركن إليه .
( وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)[الحج: 11] ، إن أصابته فتنة في بدنه ، أو ماله ، أو أهله ؛ انقلب على وجهه واعترض على القضاء والقدر ، وتسخط وهلك والعياذ بالله ( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ) .
فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ، وفي هذا حث عظيم على حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع الناس.
أما حسن الخلق مع الله ، فأن يرضى الإنسان بشريعته ، وينقاد إليها راضياً ، مطمئناً بها ، مسروراً بها سواء كانت أمر يؤمر به ، أو نهياً ينهى عنه .
وأن يرضى الإنسان بقدر الله عز وجل ، ويكون ما قدر الله عليه مما يسوءه كالذي قدر الله عليه مما يسره ، فيقول : يا رب كل شيء من عندك ، فأنا راض بك رباً إن أعطيتني ما يسرني شكرت ، وإن أصابني ما يسوءني صبرت ، فيرضى بالله قضاءً وقدراً ، وأمراً وشرعاً ؛ هذا حسن الخلق مع الله .
أما حسن الخلق مع الناس فظاهر ، فكف الأذى وبذل الندى ، والصبر عليهم وعلى أذاهم ، هذا من حسن الخلق مع الناس ؛ أن تعاملهم بهذه المعاملة تكف أذاك عنهم ، وتبذل نداك . الندى يعني العطاء سواء كان مالاً أو جاهاً أو غير ذلك ، وكذلك تصبر على البلاء منهم ، فإذا كنت كذلك ؛ كنت أكمل الناس إيماناً .
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي )) (86) هذا خير الناس . هو خيرهم لأهله ؛ فإذا كان فيك خير ؛ فاجعله عند أقرب الناس لك وليكن أول المستفيدين من هذا الخير .
وهذا عكس ما يفعله بعض الناس اليوم ، تجده سيئ الخلق مع أهله ، حسن الخلق مع غيرهم ، وهذا خطأ عظيم ؛ أهلك أحق بإحسان الخلق ؛ أحسن الخلق معهم ؛ لأنهم هم الذين معك ليلاً ونهاراً ، سراً وعلانية ، إن أصابك شيء أصيبوا معك ، وإن سررت سروا معك ، وإن حزنت حزنوا معك ، فلتكن معاملتك معهم خيراً من معاملتك مع الأجانب ، فخير الناس خيرهم لأهله .
اسأل الله أن يكمل لي وللمسلمين الإيمان ، وأن يجعلنا خير عباد الله في أهلنا ومن لهم حق علينا .
(84) رواه أبو داود ، كتاب النكاح ، باب في حق المرأة على زوجها ، رقم ( 2142 ) .
(85) رواه الترمذي ، كتاب الرضاع ، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها ، رقم ( 1162 ) ، وأبو داود ، كتاب ، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه . . . ، رقم ( 4682 ) .
(86) رواه الترمذي ، كتاب المناقب ، باب فضل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، رقم ( 3895 ) ، وابن ماجه ، كتاب النكاح ، باب حسن معاشرة النساء ، رقم ( 1977)
وما أكثر ما كان الصحابة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور دينهم ، ففي القرآن مسائل كثير : (يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ) [البقرة: 215] ، ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى )[البقرة: 220]،( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيض )[البقرة: 222]، ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ )[البقرة: 189] ؛ كلها أسئلة يريد بها الصحابة رضي الله عنهم أن يعلموا فيها حكم الله ثم يطبقوه في أنفسهم وفي أهليهم .
وهنا سأله معاوية (( ما حق امرأة أحدنا عليه ؟ قال : (( أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت )) يعني لا تخص نفسك بالكسوة دونها ، ولا بالطعام دونها ؛ بل هي شريكة لك يجب عليك أن تنفق عليها كما تنفق على نفسك ، حتى إن كثيراً من العلماء يقول : إذا لم ينفق الرجل على زوجته وطالبت بالفسخ عند القاضي ؛ فللقاضي أن يفسخ النكاح ؛ لأنه قصر بحقها الواجب لها .
قال (( ولا تضرب الوجه ولا تقبح )) فلا تضربها إلا لسبب وإذا ضربتها فاجتنب الوجه وليكن ضرباً غير مبرح .
وقد سبق لنا أن الإنسان إذا رأى من امرأته نشوزاً وترفعاً عليه ، وأنها لا تقوم بحقه ؛ وعظها أولاً ، ثم هجرها في المضجع ، ثم ضربها ضرباً غير مبرح فإذا حق له أن يضربها لوجود السبب ، فإنه لا يضرب الوجه .
وكذلك غير الزوجة لا يضرب على الوجه ، فالابن إذا أخطأ لا يضرب على الوجه ؛ لأن الوجه أشرف ما في الإنسان ، وهو واجهه البدن كله ، فإذا ضرب كان أذل للإنسان مما لو ضرب غير وجهه ، يعني يضرب الرجل على كتفه ، على عضده ، على ظهره ؛ فلا يرى بذلك أنه استدل كما لو ضربته على وجهه ، ولهذا نهي عن ضرب الوجه وعن تقبيح الوجه .
قوله : (( لا تقبح )) يعني لا تقل : أنت قبيحة ، أو قبح الله وجهك ، ويشمل النهي عن التقبيح : النهي عن التقبيح الحسي والمعنوي ، فلا يقبحها مثل أن يقول : أنت من قبيلة رديئة ، أو من عائلة سيئة ، أو ما أشبه ذلك . كل هذا من التقبيح الذي نهى الله عنه .
قال :(( ولا تهجرها إلا في البيت )) يعني إذا وجد سبب الهجر فلا تهجرها علناً وتظهر للناس أنك هجرتها .
اهجرها في البيت ؛ لأنه ربما تهجرها اليوم وتتصالح معها في الغد فتكون حالكما مستورة ، لكن إذا ظهرت حالكما للناس بأن قمت بنشر ذلك والتحدث به كان هذا خطأ ، اهجرها في البيت ، ولا يطلع على هجرك أحد ، حتى إذا اصطلحت معها رجع كل شيء على ما يرام ، دون أن يطلع عليه أحد من الناس .
أما الحديث الثاني حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ فإنه حديث عظيم، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : (( أكمل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً )) .
الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى : ( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانا ) [المدثر: 31] ، وليس الناس في الإيمان سواء ؛ من الناس من يؤمن بالغيب وكأنه يشاهد شهود عيان ، يؤمن بيوم القيامة وكأنه الآن في تلك الساعات ، يؤمن بالجنة وكأنها في تلك الرياض ، يؤمن بالنار وكأنه يراها بعينه ، يؤمن إيماناً حقيقياً مطمئناً لا يخالطه شك .
ومن الناس من يعبد الله على حرف ـ نسأل الله العافية ـ كما قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ )[الحج: 11] يعني على طرف ( فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ) يعني إن لم يواجه أحداً يشككه في الدين ، ولم يواجه إلا صلحاء يعينونه ( اطْمَأَنَّ بِه) أي ركن إليه .
( وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة)[الحج: 11] ، إن أصابته فتنة في بدنه ، أو ماله ، أو أهله ؛ انقلب على وجهه واعترض على القضاء والقدر ، وتسخط وهلك والعياذ بالله ( خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ) .
فأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ، وفي هذا حث عظيم على حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع الناس.
أما حسن الخلق مع الله ، فأن يرضى الإنسان بشريعته ، وينقاد إليها راضياً ، مطمئناً بها ، مسروراً بها سواء كانت أمر يؤمر به ، أو نهياً ينهى عنه .
وأن يرضى الإنسان بقدر الله عز وجل ، ويكون ما قدر الله عليه مما يسوءه كالذي قدر الله عليه مما يسره ، فيقول : يا رب كل شيء من عندك ، فأنا راض بك رباً إن أعطيتني ما يسرني شكرت ، وإن أصابني ما يسوءني صبرت ، فيرضى بالله قضاءً وقدراً ، وأمراً وشرعاً ؛ هذا حسن الخلق مع الله .
أما حسن الخلق مع الناس فظاهر ، فكف الأذى وبذل الندى ، والصبر عليهم وعلى أذاهم ، هذا من حسن الخلق مع الناس ؛ أن تعاملهم بهذه المعاملة تكف أذاك عنهم ، وتبذل نداك . الندى يعني العطاء سواء كان مالاً أو جاهاً أو غير ذلك ، وكذلك تصبر على البلاء منهم ، فإذا كنت كذلك ؛ كنت أكمل الناس إيماناً .
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي )) (86) هذا خير الناس . هو خيرهم لأهله ؛ فإذا كان فيك خير ؛ فاجعله عند أقرب الناس لك وليكن أول المستفيدين من هذا الخير .
وهذا عكس ما يفعله بعض الناس اليوم ، تجده سيئ الخلق مع أهله ، حسن الخلق مع غيرهم ، وهذا خطأ عظيم ؛ أهلك أحق بإحسان الخلق ؛ أحسن الخلق معهم ؛ لأنهم هم الذين معك ليلاً ونهاراً ، سراً وعلانية ، إن أصابك شيء أصيبوا معك ، وإن سررت سروا معك ، وإن حزنت حزنوا معك ، فلتكن معاملتك معهم خيراً من معاملتك مع الأجانب ، فخير الناس خيرهم لأهله .
اسأل الله أن يكمل لي وللمسلمين الإيمان ، وأن يجعلنا خير عباد الله في أهلنا ومن لهم حق علينا .
(84) رواه أبو داود ، كتاب النكاح ، باب في حق المرأة على زوجها ، رقم ( 2142 ) .
(85) رواه الترمذي ، كتاب الرضاع ، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها ، رقم ( 1162 ) ، وأبو داود ، كتاب ، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه . . . ، رقم ( 4682 ) .
(86) رواه الترمذي ، كتاب المناقب ، باب فضل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، رقم ( 3895 ) ، وابن ماجه ، كتاب النكاح ، باب حسن معاشرة النساء ، رقم ( 1977)
عدد المشاهدات *:
418215
418215
عدد مرات التنزيل *:
177075
177075
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2015