هذان الحديثان في باب استحباب العزلة عن الناس عند خوف الفتنة: الأول حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم)) ، يعني ما من نبي من الأنبياء أرسله الله عزّ وجلّ إلى عباده إلا رعى الغنم، قالوا: وأنت؟ قال : (( نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة))، حتى النبي عليه الصلاة والسلام رعى الغنم.
قال العلماء : والحكمة من ذلك أن يتمرن الإنسان على رعاية الخلق وتوجيههم إلى ما فيه الصلاح، لأن الراعي للغنم تارة يوجهها إلى وادٍ مزهر مخضر، وتارة على وادٍ خلاف ذلك، وتارة إلى أرض ليس فيها هذا ولا هذا، وتارة لا يرعاها أبداً، وتارة يبقيها واقفة، فالنبي عليه الصلاة والسلام سيرعى الأمة ويوجهها إلى الخير عن علم وهدى وبصيرة؛ كالراعي الذي عنده علم بالمراعي الحسنة، وعنده نصح وتوجيه للغنم إلى ما فيه خيرها، وما فيه غذاءها وسقاءها.
واختيرت الغنم لأن الغنم صاحبها صاحب سكينة وهدوء والاطمئنان، بخلاف الإبل؛ الإبل أصحابها في الغالب عندهم شدة وغلظة؛ لأن الإبل كذلك فيها الشدة والغلظة، فلهذا اختار الله سبحانه وتعالى لرسله أن يرعوا الغنم، حتى يتعودوا ويتمرنوا على رعاية الخلق.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم رعاها على قراريط لأهل مكة، وموسى عليه الصلاة والسلام رعاها مهراً لابنه صاحب مدين، فإنه قال: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ )(القصص: 27).
وأما الحديث الثاني :ففيه أيضاً دليل على أن العزلة خيرٌ فيكون الإنسان ممسكاً بعنان فرسه، يطير عليه كلما سمع هيعة، يعني أنه بعيد عن الناس يحمي ثغور المسلمين، مهتم بأمور الجهاد منعزل عن الناس لكنه على أتم استعداد للنفور والجهاد كلما سمع هيعة ركب فرسه فطار به، أي مشى مشياً مسرعاً.
وكذلك من كان في مكان من الأودية والشعاب منعزلاً عن الناس، يعبد الله عزّ وجلّ، ليس من الناس إلا في خير، فهذا فيه خير.
ولكننا سبق أن قلنا: إن هذه النصوص تُحمل على ما إذا كان في الاختلاط فتنة وشر، وأما إذا لم يكن فيه فتنة وشر؛ فإن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم، خيرٌ من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم.
461 رواه مسلم، كتاب الزهد، باب منه، رقم (2965).
462 رواه البخاري، كتاب الجهاد ، باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله، رقم (2786)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والرباط، رقم (1888).
463 رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب من الدين الفرار من الفتن، رقم (19).
464 رواه البخاري، كتاب الإجازة، باب رعي الغنم على قراريط، رقم (2262).
465 رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والرباط، رقم (1889).
قال العلماء : والحكمة من ذلك أن يتمرن الإنسان على رعاية الخلق وتوجيههم إلى ما فيه الصلاح، لأن الراعي للغنم تارة يوجهها إلى وادٍ مزهر مخضر، وتارة على وادٍ خلاف ذلك، وتارة إلى أرض ليس فيها هذا ولا هذا، وتارة لا يرعاها أبداً، وتارة يبقيها واقفة، فالنبي عليه الصلاة والسلام سيرعى الأمة ويوجهها إلى الخير عن علم وهدى وبصيرة؛ كالراعي الذي عنده علم بالمراعي الحسنة، وعنده نصح وتوجيه للغنم إلى ما فيه خيرها، وما فيه غذاءها وسقاءها.
واختيرت الغنم لأن الغنم صاحبها صاحب سكينة وهدوء والاطمئنان، بخلاف الإبل؛ الإبل أصحابها في الغالب عندهم شدة وغلظة؛ لأن الإبل كذلك فيها الشدة والغلظة، فلهذا اختار الله سبحانه وتعالى لرسله أن يرعوا الغنم، حتى يتعودوا ويتمرنوا على رعاية الخلق.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم رعاها على قراريط لأهل مكة، وموسى عليه الصلاة والسلام رعاها مهراً لابنه صاحب مدين، فإنه قال: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ )(القصص: 27).
وأما الحديث الثاني :ففيه أيضاً دليل على أن العزلة خيرٌ فيكون الإنسان ممسكاً بعنان فرسه، يطير عليه كلما سمع هيعة، يعني أنه بعيد عن الناس يحمي ثغور المسلمين، مهتم بأمور الجهاد منعزل عن الناس لكنه على أتم استعداد للنفور والجهاد كلما سمع هيعة ركب فرسه فطار به، أي مشى مشياً مسرعاً.
وكذلك من كان في مكان من الأودية والشعاب منعزلاً عن الناس، يعبد الله عزّ وجلّ، ليس من الناس إلا في خير، فهذا فيه خير.
ولكننا سبق أن قلنا: إن هذه النصوص تُحمل على ما إذا كان في الاختلاط فتنة وشر، وأما إذا لم يكن فيه فتنة وشر؛ فإن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم، خيرٌ من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم.
461 رواه مسلم، كتاب الزهد، باب منه، رقم (2965).
462 رواه البخاري، كتاب الجهاد ، باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله، رقم (2786)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والرباط، رقم (1888).
463 رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب من الدين الفرار من الفتن، رقم (19).
464 رواه البخاري، كتاب الإجازة، باب رعي الغنم على قراريط، رقم (2262).
465 رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والرباط، رقم (1889).
عدد المشاهدات *:
404574
404574
عدد مرات التنزيل *:
175472
175472
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 24/04/2015