هذا الباب الذي عقده المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين هو باب عظيم مهم يُخاطب به ولاة الأمور ويخاطب به الرعية، ولكل منهم على الآخر حق يجب مراعاته.
أما ولاة الأمور فيجب عليهم الرفق بالرعية، والإحسان إليهم، واتباع مصالحهم، وتوليه من هو أهل للولاية، ودفع الشر عنهم؛ وغير ذلك من مصالحهم؛ لأنهم مسؤولون عنهم أمام الله عزَّ وجلَّ.
وأما الرعية فالواجب عليهم السمع والطاعة في غير المعصية، والنصح للولاة، وعد التشويش عليهم، وعدم إثارة الناس عليهم، وطي مساوئهم، وبيان محاسنهم؛ لأن المساوئ يمكن أن ينصح فيها الولاة سراً بدون أن تُنشر على الناس؛ لأن نشر مساوئ ولاة الأمور أمام الناس لا يُستفاد منه؛ بل لا يزيد الأمر إلا شدة؛ فتحمل صدور الناس البغضاء والكراهية لولاة الأمور.
وإذا كره الناس ولاة الأمور وأبغضوهم وتمردوا عليهم ، ورأوا أمرهم بالخير أمراً بالشر، ولم يسكتوا عن مساوئهم، وحصل بذلك إيغار الصدور والشر والفساد.
والأمة إذا تفرقت وتمزقت حصلت الفتنة بينها ووقعت، مثل ما حصل في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ن حين بدأ الناس يتكلمون فيه، فأوغروا الصدور عليه، وحشدوا الناس ضده، وحصل ما حصل من الفتن والشرور إلى يومنا هذا.
فولاة الأمور لهم حق وعليهم حق.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى بآيات من كتاب الله فقال: وقول الله تعالى : (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)يعني لا تتعالى عليهم، ولا ترتفع في الجو؛ بل اخفض الجناح، حتى وإن كنت تستطيع أن تطير في الجو فاخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين.
وأما من خالفك وعصاك فأقم عليه العقوبة اللائقة به؛ لأن الله تعالى لم يقل اخفض جناحك لكل أحد، بل قال: لمن اتبعك من المؤمنين.
وأما المتمردون والعصاة فقد قال الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(المائدة:34،33)، وقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90).
إن الله يأمر بهذه الأمور الثلاثة:
بالعدل: وهو واجب، فيجب على الإنسان أن يقيم العدل في نفسه، وفي أهله، وفيمن استرعاه الله عليهم .
فالعدل في نفسه بألا يثقل عليها في غير ما أمر الله، وأن يراعيها حتى في أمر الخير، فلا يثقل على نفسه أو يحملها فوق ما تطيقه. ولهذا لما قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أصوم ولا أفطر، وأصلي ولا أنام، دعاه النبي عليه الصلاة والسلام ونهاه عن ذلك وقال: ((إن لنفسك عليك حقاً، ولربك حقاً، ولأهلك عليك حقاً؛ فأعط كل ذي حقٍّ حقه)) .
وكذلك يأمر بالعدل كذلك في أهل الإنسان، فمن كان له زوجتان وجب عليه العدل بينهما، " ومن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما ؛ جاء يوم القيامة وشقه مائل" .
وعليك العدل بين الأولاد؛ فإذا أعطيت أحدهم ريالاً؛ فأعط الآخر مثله، وإذا أعطيت الولد ريالين، فأعط البنت ريالاً، وإذا أعطيت الابن ريالاً ؛ فأعط البنت نصف ريالٍ.
حتى إن السلف- رحمهم الله- كانوا يعدلون بين الأولاد في القُبل؛ يعني إذا حبَّ الولد الصغير وأخوه عنده، حبَّ الولد الثاني؛ لئلا يجحف معهم في التقبيل.
وكذلك أيضاً في الكلام، يجب أن تعدل بينهم ، فلا تتكلم مع أحدهم بكلام خشن ومع الآخر بكلام لين.
وكذلك يجب العدل فيمن ولاَّك الله عليهم، فلا تحابِ قريبك لأنه قريبك ، ولا الغني لأنه غني، ولا الفقير لأنه فقير، ولا الصديق لأنه صديق، لا تحابِ أحداً فالناس سواء.
حتى إن العلماء رحمهم الله قالوا: يجب العدل بين الخصمين إذا دخلا على القاضي؛ في لفظه ولحظه وكلامه ومجلسه ودخولهما عليه. لا تنظر لهذا نظرة غضب ولهذا نظرة رضا، لا تلن الكلام لهذا والثاني بعكسه. لا تقل لأحدكم كيف أنت؟ كيف أهلك؟ كيف أولادك؟ والثاني لا تقول له مثله، بل اعدل بينهما حتى في هذا.
وكذلك في المجلس لا تجعل أحدهما يجلس على اليمين قريباً منك والثاني تجعله بعيداً عنك؛ بل اجعلها أمامك على حدٍّ سواء.
حتى المؤمن والكافر إذا تخاصما عند القاضي، يجب أن يعدل بينهما في الكلام والنظر والجلوس، فلا يقل للمسلم تعال بجانبي والكافر يبعده؛ بل يجعلهما يجلسان جميعاً أمامه، فالعدل واجب في كل الأمور.
أما الإحسان فهو فضل زائد على العدل، ومع ذلك أمر الله به، لكن أمره بالعدل واجب، وأمره بالإحسان سنة وتطوع.
(وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ) يعني إعطاء ذي القربي، أي القريب حقه. فإن القريب له حق؛ حق الصلة، فمن وصل رحمه وصله الله، ومن قطع رحمه قطعه الله.
(وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ينهي عن الفحشاء: الفحشاء هي كل ما يُستفحش من الذنوب؛ كعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والزنا، ونكاح المحارم، وغير ذلك مما يُستفحش شرعاً وعرفاً، والمنكر: هو ما يُنكر، وهو دون الفحشاء كعامة المعاصي. َوالبغي :تجاوز الحد، وهو الاعتداء على الخلق بأخذ أموالهم، والاعتداء على دمائهم وأعراضهم، كل هذا يدخل في البغي.
وبيَّن الله عزّ وجلّ أنه أمر ونهي ليعظنا ويصلح أحوالنا، ولهذا قال: (يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
وسبق لنا الكلام على حديث (( كلكم راع ومسؤول عن رعيته))، وأما حديث معقل بن يسار الذي ذكره المؤلف، فإن فيه التحذير من غش الرعية، وأنه ما من عبد يسترعيه الله على رعيته ثم يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة، وأنه إذا لم يحطهم بنصيحته فإنه لا يدخل معهم الجنة.
وهذا يدل على أنه يجب على ولاة الأمور مسؤولون عن الصغيرة والكبيرة، وعليهم أن ينصحوا لمن ولاهم الله عليهم، وأن يبذلوا لهم النصيحة، وأهمها النصيحة في دين الله، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير.
ومنها أيضاً: من النصيحة لهم أن يسلك بهم الطرق التي فيها صلاحهم في معادهم ومعاشهم، فيمنع عنهم كل ما يضرهم في دينهم ودنياهم، يمنع عنهم الأفكار السيئة، والأخلاق السافلة، وما يؤدى إلى ذلك من المجلات والصحف وغيرها؛ ولهذا يجب على ولي الأمر في البيت وهو الرجل في بيته أن يمنع من وجود هذه الأشياء في بيته؛ الصحف السيئة الفاسدة، الأفكار المنحرفة، الأخلاق السافلة.
وكذلك على ولي الأمر العام يجب عليه أن يمنع هذه الأشياء ؛ وذلك لأن هذه الأشياء إذا شاعت بين الناس؛ صار المجتمع مجتمعاً بهيمياً؛ لا يهمه إلا إشباع البطن وشهوة الفرج ، وتحل الفوضى، ويزول الأمن، ويكون الشر والفساد، فإذا منع ولي الأمر ما يفسد الخلق سواء كان ولي الأمر صغيراً أو كبيراً، حصل بهذا الخير الكثير.
لو أن كل واحد منا في بيته منع أهله من اقتناء هذه الصحف والمجلات الخليعة الفاسدة، ومن مشاهدة التمثيليات الفاسدة، والمسلسلات الخبيثة، لصلح الناس؛ لأن الناس هم أفراد الشعب؛ أنت في بيتك، والثاني في بيته، والثالث في بيته، وهكذا إذا صلحوا صلح كل شيء. نسأل الله تعالى أن يصلح ولاة أمورنا أن يرزقهم البطانة الصالحة.
أما ولاة الأمور فيجب عليهم الرفق بالرعية، والإحسان إليهم، واتباع مصالحهم، وتوليه من هو أهل للولاية، ودفع الشر عنهم؛ وغير ذلك من مصالحهم؛ لأنهم مسؤولون عنهم أمام الله عزَّ وجلَّ.
وأما الرعية فالواجب عليهم السمع والطاعة في غير المعصية، والنصح للولاة، وعد التشويش عليهم، وعدم إثارة الناس عليهم، وطي مساوئهم، وبيان محاسنهم؛ لأن المساوئ يمكن أن ينصح فيها الولاة سراً بدون أن تُنشر على الناس؛ لأن نشر مساوئ ولاة الأمور أمام الناس لا يُستفاد منه؛ بل لا يزيد الأمر إلا شدة؛ فتحمل صدور الناس البغضاء والكراهية لولاة الأمور.
وإذا كره الناس ولاة الأمور وأبغضوهم وتمردوا عليهم ، ورأوا أمرهم بالخير أمراً بالشر، ولم يسكتوا عن مساوئهم، وحصل بذلك إيغار الصدور والشر والفساد.
والأمة إذا تفرقت وتمزقت حصلت الفتنة بينها ووقعت، مثل ما حصل في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ن حين بدأ الناس يتكلمون فيه، فأوغروا الصدور عليه، وحشدوا الناس ضده، وحصل ما حصل من الفتن والشرور إلى يومنا هذا.
فولاة الأمور لهم حق وعليهم حق.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى بآيات من كتاب الله فقال: وقول الله تعالى : (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)يعني لا تتعالى عليهم، ولا ترتفع في الجو؛ بل اخفض الجناح، حتى وإن كنت تستطيع أن تطير في الجو فاخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين.
وأما من خالفك وعصاك فأقم عليه العقوبة اللائقة به؛ لأن الله تعالى لم يقل اخفض جناحك لكل أحد، بل قال: لمن اتبعك من المؤمنين.
وأما المتمردون والعصاة فقد قال الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(المائدة:34،33)، وقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90).
إن الله يأمر بهذه الأمور الثلاثة:
بالعدل: وهو واجب، فيجب على الإنسان أن يقيم العدل في نفسه، وفي أهله، وفيمن استرعاه الله عليهم .
فالعدل في نفسه بألا يثقل عليها في غير ما أمر الله، وأن يراعيها حتى في أمر الخير، فلا يثقل على نفسه أو يحملها فوق ما تطيقه. ولهذا لما قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أصوم ولا أفطر، وأصلي ولا أنام، دعاه النبي عليه الصلاة والسلام ونهاه عن ذلك وقال: ((إن لنفسك عليك حقاً، ولربك حقاً، ولأهلك عليك حقاً؛ فأعط كل ذي حقٍّ حقه)) .
وكذلك يأمر بالعدل كذلك في أهل الإنسان، فمن كان له زوجتان وجب عليه العدل بينهما، " ومن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما ؛ جاء يوم القيامة وشقه مائل" .
وعليك العدل بين الأولاد؛ فإذا أعطيت أحدهم ريالاً؛ فأعط الآخر مثله، وإذا أعطيت الولد ريالين، فأعط البنت ريالاً، وإذا أعطيت الابن ريالاً ؛ فأعط البنت نصف ريالٍ.
حتى إن السلف- رحمهم الله- كانوا يعدلون بين الأولاد في القُبل؛ يعني إذا حبَّ الولد الصغير وأخوه عنده، حبَّ الولد الثاني؛ لئلا يجحف معهم في التقبيل.
وكذلك أيضاً في الكلام، يجب أن تعدل بينهم ، فلا تتكلم مع أحدهم بكلام خشن ومع الآخر بكلام لين.
وكذلك يجب العدل فيمن ولاَّك الله عليهم، فلا تحابِ قريبك لأنه قريبك ، ولا الغني لأنه غني، ولا الفقير لأنه فقير، ولا الصديق لأنه صديق، لا تحابِ أحداً فالناس سواء.
حتى إن العلماء رحمهم الله قالوا: يجب العدل بين الخصمين إذا دخلا على القاضي؛ في لفظه ولحظه وكلامه ومجلسه ودخولهما عليه. لا تنظر لهذا نظرة غضب ولهذا نظرة رضا، لا تلن الكلام لهذا والثاني بعكسه. لا تقل لأحدكم كيف أنت؟ كيف أهلك؟ كيف أولادك؟ والثاني لا تقول له مثله، بل اعدل بينهما حتى في هذا.
وكذلك في المجلس لا تجعل أحدهما يجلس على اليمين قريباً منك والثاني تجعله بعيداً عنك؛ بل اجعلها أمامك على حدٍّ سواء.
حتى المؤمن والكافر إذا تخاصما عند القاضي، يجب أن يعدل بينهما في الكلام والنظر والجلوس، فلا يقل للمسلم تعال بجانبي والكافر يبعده؛ بل يجعلهما يجلسان جميعاً أمامه، فالعدل واجب في كل الأمور.
أما الإحسان فهو فضل زائد على العدل، ومع ذلك أمر الله به، لكن أمره بالعدل واجب، وأمره بالإحسان سنة وتطوع.
(وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ) يعني إعطاء ذي القربي، أي القريب حقه. فإن القريب له حق؛ حق الصلة، فمن وصل رحمه وصله الله، ومن قطع رحمه قطعه الله.
(وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ينهي عن الفحشاء: الفحشاء هي كل ما يُستفحش من الذنوب؛ كعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والزنا، ونكاح المحارم، وغير ذلك مما يُستفحش شرعاً وعرفاً، والمنكر: هو ما يُنكر، وهو دون الفحشاء كعامة المعاصي. َوالبغي :تجاوز الحد، وهو الاعتداء على الخلق بأخذ أموالهم، والاعتداء على دمائهم وأعراضهم، كل هذا يدخل في البغي.
وبيَّن الله عزّ وجلّ أنه أمر ونهي ليعظنا ويصلح أحوالنا، ولهذا قال: (يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
وسبق لنا الكلام على حديث (( كلكم راع ومسؤول عن رعيته))، وأما حديث معقل بن يسار الذي ذكره المؤلف، فإن فيه التحذير من غش الرعية، وأنه ما من عبد يسترعيه الله على رعيته ثم يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة، وأنه إذا لم يحطهم بنصيحته فإنه لا يدخل معهم الجنة.
وهذا يدل على أنه يجب على ولاة الأمور مسؤولون عن الصغيرة والكبيرة، وعليهم أن ينصحوا لمن ولاهم الله عليهم، وأن يبذلوا لهم النصيحة، وأهمها النصيحة في دين الله، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير.
ومنها أيضاً: من النصيحة لهم أن يسلك بهم الطرق التي فيها صلاحهم في معادهم ومعاشهم، فيمنع عنهم كل ما يضرهم في دينهم ودنياهم، يمنع عنهم الأفكار السيئة، والأخلاق السافلة، وما يؤدى إلى ذلك من المجلات والصحف وغيرها؛ ولهذا يجب على ولي الأمر في البيت وهو الرجل في بيته أن يمنع من وجود هذه الأشياء في بيته؛ الصحف السيئة الفاسدة، الأفكار المنحرفة، الأخلاق السافلة.
وكذلك على ولي الأمر العام يجب عليه أن يمنع هذه الأشياء ؛ وذلك لأن هذه الأشياء إذا شاعت بين الناس؛ صار المجتمع مجتمعاً بهيمياً؛ لا يهمه إلا إشباع البطن وشهوة الفرج ، وتحل الفوضى، ويزول الأمن، ويكون الشر والفساد، فإذا منع ولي الأمر ما يفسد الخلق سواء كان ولي الأمر صغيراً أو كبيراً، حصل بهذا الخير الكثير.
لو أن كل واحد منا في بيته منع أهله من اقتناء هذه الصحف والمجلات الخليعة الفاسدة، ومن مشاهدة التمثيليات الفاسدة، والمسلسلات الخبيثة، لصلح الناس؛ لأن الناس هم أفراد الشعب؛ أنت في بيتك، والثاني في بيته، والثالث في بيته، وهكذا إذا صلحوا صلح كل شيء. نسأل الله تعالى أن يصلح ولاة أمورنا أن يرزقهم البطانة الصالحة.

305293

160531

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 24/04/2015