هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف في كتابه رياض الصالحين في باب (( طاعة ولي الأمر)) فيها دليلٌ على أمور:
أولاً: حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن أمراء يسألون حقهم الذي لهم، ويمنعون الحق الذي عليهم؛ سُئل عن هؤلاء الأمراء ماذا نصنع معهم؟ ، والأمراء هنا يشمل الأمراء الذين هم دون السلطان الأعظم، ويشمل السلطان الأعظم أيضاً لأنه أمير ، وما من أمير إلا فوقه أمير حتى ينتهي الحكم إلى الله عزّ وجلّ.
سُئل عن هؤلاء الأمراء ، أمراء يطلبون حقهم من السمع والطاعة لهم، ومساعدتهم في الجهاد، ومساعدتهم في الأمور التي يحتاجون إلى المساعدة فيها، ولكنهم يمنعون الحق الذي عليهم؛ لا يؤدون إلى الناس حقهم، ويظلمونهم ويستأثرون عليهم، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنه، كأنه عليه الصلاة والسلام كره هذه المسائل، وكره أن يفتح هذا الباب ، ولكن أعاد السائل عليه ذلك.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نؤدي لهم حقهم، وأن عليهم ما حُملوا وعلينا ما حُملنا، فنحن حُملنا السمع والطاعة، وهم حُمِّلوا أن يحكموا فينا بالعدل وألا يظلموا أحداً،وأن يقيموا حدود الله على عباده الله، وأن يقيموا شريعة الله في أرض الله، وأن يجاهدوا أعداء الله، هذا الذي يجب عليهم ، فإن قاموا به؛ فهذا هو المطلوب، وإن لم يقوموا به فإننا لا نقول لهم: أنتم لم تؤدوا الحق الذي عليهم فلا نؤدي حقكم الذي لكم، هذا حرام ، يجب أن نؤدي الحق الذي علينا ، فنسمع ونطيع، ونخرج معهم في الجهاد، ونصلي وراءهم في الجمع والأعياد وغير ذلك، ونسأل الله الحق الذي لنا.
وهذا الذي دلّ عليه هذا الحديث وما أقره المؤلف رحمه الله هو مذهب أهل السنة والجماعة، مذهب السلف الصالح؛ السمع والطاعة للأمراء وعدم عصيانهم فيما تجب طاعتهم فيه، وعدم إثارة الضغائن عليهم، وعدم إثارة الأحقاد عليهم، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة.
حتى أن الإمام أحمد رحمه الله يضربه السلطان ، يضربه ويجره بالبغال، يُضرب بالسياط حتى يغمى عليه في الأسواق، وهو إمام أهل السنة رحمه الله ورضي عنه، ومع ذلك يدعو للسلطان ويسميه أمير المؤمنين، حتى إنهم منعوه ذات يوم، قالوا له لا تحدث الناس، فسمع وأطاع ولم يحدث الناس جهراً، بدأ يخرج يميناً وشمالاً ثم يأتيه أصحابه يحدثهم بالحديث.
كل هذا من أجل ألا ينابذ السلطان؛ لأنه سبق لنا أنهم قالوا: يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ لما قال: (( خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وشر أئمتكم الذي تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم )) قالوا : أفلا ننابذهم. قال " لا ما أقاموا فيكم الصلاة".مرتين فما داموا يصلون فإننا لا ننابذهم، بل نسمع ونطيع ونقوم بالحق الذي علينا وهم عليهم ما حُمّلوا.
وفي آخر الأحاديث قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من رأى من أميره شيئاً يكره فليصبر)) ليصبر وليتحمل ولا ينابذه ولا يتكلم (( فإن من خرج عن الجماعة مات ميتة جاهلية)) يعني ليس ميتة الإسلام والعياذ بالله.
وهذا يحتمل معنيين:
الأول: يحتمل أنه يموت ميتة جاهلية بمعنى أنه يزاغ قلبه والعياذ بالله ، حتى تكون هذه المعصية سبباً لردته.
الثاني :ويحتمل المعنى الآخر أنه يموت ميتة جاهلية؛ لأن أهل الجاهلية ليس لهم إمام وليس لهم أمير؛ بل لهم رؤساء وزعماء لكن ليس لهم ولاية كولاية الإسلام، فيكون هذا مات ميتة جاهلية.
والحاصل أن الواجب أن نسمع ونطيع لولاة الأمر إلا في حال واحدة فإننا لا نطيعهم؛ إذا أمرونا بمعصية الخالق فإننا لا نطيعهم. لو قالوا: احلقوا لحاكم قلنا: لا سمع ولا طاعة، ولو قالوا: نزلوا ثيابكم أو سراويلكم إلى أسفل الكعبين، قلنا لا سمع ولا طاعة؛ لأن هذه معصية . لو قالوا لا تقيموا الصلاة جماعة، قلنا لا سمع ولا طاعة. لو قالوا : لا تصوموا رمضان، قلنا : لا سمع ولا طاعة، كل معصية لا نطيعهم فيها مهما كان أما إذا أمروا بشيء ليس معصية وجب علينا أن نطيع.
ثانياً: لا يجوز لنا أن ننابذ ولاة الأمور.
ثالثاً: لا يجوز لنا أن نتكلم بين العامة فيما يثير الضغائن على ولاة الأمور، وفيما يسبب البغضاء لهم؛ لأن في هذا مفسدة كبيرة. قد يتراءى للإنسان أن هذه غيرة، وأن هذا صدع بالحق؛ والصدع بالحق لا يكون من وراء حجاب، الصدع بالحق أن يكون ولي الأمر أمامك وتقول له : أنت فعلت كذا وهذا لا يجوز، تركت هذا ، وهذا واجب.
أما أن تتحدث من وراء حجاب في سب ولي الأمر والتشهير به، فهذا ليس من الصدع بالحق ؛ بل هذا من الفساد، هذا مما يوجب إيغار الصدور وكراهة ولاة الأمور والتمرد عليهم، وربما يفضي إلى ما هو أكبر إلى الخروج عليهم ونبذ بيعتهم والعياذ بالله.
وكل هذه أمور يجب أن نتفطن لها، ويجب أن نسير فيها على ما سار عليه أهل السنة والجماعة، من أراد أن يعرف ذلك فليقرأ كتب السنة المؤلفة في هذا؛ يجد كيف يعظم أئمة أهل العلم من هذه الأمة، كيف يعظمون ولاة الأمور، وكيف يقومون بما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام من ترك المنابذة، ومن السمع والطاعة في غير المعصية.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في آخر كتاب العقيدة الواسطية- وهي عقيدة مختصرة ولكن حجمها كبير جداً في المعنى- ذكر أن من هدي أهل السنة والجماعة وطريقتهم ، أنهم يدينون بالولاء لولاة الأمور، وأنهم يرون إقامة الحج والجهاد والأعياد والجمع مع الأمراء، أبراراً كانوا أو فجاراً، حتى لو كان ولي الأمر فاجراً فإن أهل السنة والجماعة يرون إقامة الجهاد معه وإقامة الحج وإقامة الجمع وإقامة الأعياد.
إلا إذا رأينا كفراً بواحاً صريحاً عندنا فيه من الله برهانٌ والعياذ بالله فهنا يجب علينا ما استطعنا أن نزيل هذا الحاكم، وأن نستبدله بخير منه ، أما مجرد المعاصي والاستئثار وغيرها؛ فإن أهل السنة والجماعة يرون أن ولي الأمر له الولاية حتى مع هذه الأمور كلها، وأن له السمع والطاعة، وأنه لا تجوز منابذته ولا إيغار الصدور عليه، ولا غير ذلك مما يكون فسادة أعظم وأعظم.
والشر ليس يُدفع بالشر؛ ادفع بالشر الخير ، أما أن تدفع الشر بشر، فإن كان مثله فلا فائدة، وإن كان أشر منه كما هو الغالب في مثل هذه الأمور، فإن ذلك مفسدة كبيرة. نسأل الله أن يهدي ولاة أمورنا وأن يهدي رعيتنا لما يلزمها، وأن يوفق كلاًّ منهم لقيام بما يجب عليه.
أولاً: حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن أمراء يسألون حقهم الذي لهم، ويمنعون الحق الذي عليهم؛ سُئل عن هؤلاء الأمراء ماذا نصنع معهم؟ ، والأمراء هنا يشمل الأمراء الذين هم دون السلطان الأعظم، ويشمل السلطان الأعظم أيضاً لأنه أمير ، وما من أمير إلا فوقه أمير حتى ينتهي الحكم إلى الله عزّ وجلّ.
سُئل عن هؤلاء الأمراء ، أمراء يطلبون حقهم من السمع والطاعة لهم، ومساعدتهم في الجهاد، ومساعدتهم في الأمور التي يحتاجون إلى المساعدة فيها، ولكنهم يمنعون الحق الذي عليهم؛ لا يؤدون إلى الناس حقهم، ويظلمونهم ويستأثرون عليهم، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنه، كأنه عليه الصلاة والسلام كره هذه المسائل، وكره أن يفتح هذا الباب ، ولكن أعاد السائل عليه ذلك.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نؤدي لهم حقهم، وأن عليهم ما حُملوا وعلينا ما حُملنا، فنحن حُملنا السمع والطاعة، وهم حُمِّلوا أن يحكموا فينا بالعدل وألا يظلموا أحداً،وأن يقيموا حدود الله على عباده الله، وأن يقيموا شريعة الله في أرض الله، وأن يجاهدوا أعداء الله، هذا الذي يجب عليهم ، فإن قاموا به؛ فهذا هو المطلوب، وإن لم يقوموا به فإننا لا نقول لهم: أنتم لم تؤدوا الحق الذي عليهم فلا نؤدي حقكم الذي لكم، هذا حرام ، يجب أن نؤدي الحق الذي علينا ، فنسمع ونطيع، ونخرج معهم في الجهاد، ونصلي وراءهم في الجمع والأعياد وغير ذلك، ونسأل الله الحق الذي لنا.
وهذا الذي دلّ عليه هذا الحديث وما أقره المؤلف رحمه الله هو مذهب أهل السنة والجماعة، مذهب السلف الصالح؛ السمع والطاعة للأمراء وعدم عصيانهم فيما تجب طاعتهم فيه، وعدم إثارة الضغائن عليهم، وعدم إثارة الأحقاد عليهم، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة.
حتى أن الإمام أحمد رحمه الله يضربه السلطان ، يضربه ويجره بالبغال، يُضرب بالسياط حتى يغمى عليه في الأسواق، وهو إمام أهل السنة رحمه الله ورضي عنه، ومع ذلك يدعو للسلطان ويسميه أمير المؤمنين، حتى إنهم منعوه ذات يوم، قالوا له لا تحدث الناس، فسمع وأطاع ولم يحدث الناس جهراً، بدأ يخرج يميناً وشمالاً ثم يأتيه أصحابه يحدثهم بالحديث.
كل هذا من أجل ألا ينابذ السلطان؛ لأنه سبق لنا أنهم قالوا: يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ لما قال: (( خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وشر أئمتكم الذي تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم )) قالوا : أفلا ننابذهم. قال " لا ما أقاموا فيكم الصلاة".مرتين فما داموا يصلون فإننا لا ننابذهم، بل نسمع ونطيع ونقوم بالحق الذي علينا وهم عليهم ما حُمّلوا.
وفي آخر الأحاديث قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من رأى من أميره شيئاً يكره فليصبر)) ليصبر وليتحمل ولا ينابذه ولا يتكلم (( فإن من خرج عن الجماعة مات ميتة جاهلية)) يعني ليس ميتة الإسلام والعياذ بالله.
وهذا يحتمل معنيين:
الأول: يحتمل أنه يموت ميتة جاهلية بمعنى أنه يزاغ قلبه والعياذ بالله ، حتى تكون هذه المعصية سبباً لردته.
الثاني :ويحتمل المعنى الآخر أنه يموت ميتة جاهلية؛ لأن أهل الجاهلية ليس لهم إمام وليس لهم أمير؛ بل لهم رؤساء وزعماء لكن ليس لهم ولاية كولاية الإسلام، فيكون هذا مات ميتة جاهلية.
والحاصل أن الواجب أن نسمع ونطيع لولاة الأمر إلا في حال واحدة فإننا لا نطيعهم؛ إذا أمرونا بمعصية الخالق فإننا لا نطيعهم. لو قالوا: احلقوا لحاكم قلنا: لا سمع ولا طاعة، ولو قالوا: نزلوا ثيابكم أو سراويلكم إلى أسفل الكعبين، قلنا لا سمع ولا طاعة؛ لأن هذه معصية . لو قالوا لا تقيموا الصلاة جماعة، قلنا لا سمع ولا طاعة. لو قالوا : لا تصوموا رمضان، قلنا : لا سمع ولا طاعة، كل معصية لا نطيعهم فيها مهما كان أما إذا أمروا بشيء ليس معصية وجب علينا أن نطيع.
ثانياً: لا يجوز لنا أن ننابذ ولاة الأمور.
ثالثاً: لا يجوز لنا أن نتكلم بين العامة فيما يثير الضغائن على ولاة الأمور، وفيما يسبب البغضاء لهم؛ لأن في هذا مفسدة كبيرة. قد يتراءى للإنسان أن هذه غيرة، وأن هذا صدع بالحق؛ والصدع بالحق لا يكون من وراء حجاب، الصدع بالحق أن يكون ولي الأمر أمامك وتقول له : أنت فعلت كذا وهذا لا يجوز، تركت هذا ، وهذا واجب.
أما أن تتحدث من وراء حجاب في سب ولي الأمر والتشهير به، فهذا ليس من الصدع بالحق ؛ بل هذا من الفساد، هذا مما يوجب إيغار الصدور وكراهة ولاة الأمور والتمرد عليهم، وربما يفضي إلى ما هو أكبر إلى الخروج عليهم ونبذ بيعتهم والعياذ بالله.
وكل هذه أمور يجب أن نتفطن لها، ويجب أن نسير فيها على ما سار عليه أهل السنة والجماعة، من أراد أن يعرف ذلك فليقرأ كتب السنة المؤلفة في هذا؛ يجد كيف يعظم أئمة أهل العلم من هذه الأمة، كيف يعظمون ولاة الأمور، وكيف يقومون بما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام من ترك المنابذة، ومن السمع والطاعة في غير المعصية.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في آخر كتاب العقيدة الواسطية- وهي عقيدة مختصرة ولكن حجمها كبير جداً في المعنى- ذكر أن من هدي أهل السنة والجماعة وطريقتهم ، أنهم يدينون بالولاء لولاة الأمور، وأنهم يرون إقامة الحج والجهاد والأعياد والجمع مع الأمراء، أبراراً كانوا أو فجاراً، حتى لو كان ولي الأمر فاجراً فإن أهل السنة والجماعة يرون إقامة الجهاد معه وإقامة الحج وإقامة الجمع وإقامة الأعياد.
إلا إذا رأينا كفراً بواحاً صريحاً عندنا فيه من الله برهانٌ والعياذ بالله فهنا يجب علينا ما استطعنا أن نزيل هذا الحاكم، وأن نستبدله بخير منه ، أما مجرد المعاصي والاستئثار وغيرها؛ فإن أهل السنة والجماعة يرون أن ولي الأمر له الولاية حتى مع هذه الأمور كلها، وأن له السمع والطاعة، وأنه لا تجوز منابذته ولا إيغار الصدور عليه، ولا غير ذلك مما يكون فسادة أعظم وأعظم.
والشر ليس يُدفع بالشر؛ ادفع بالشر الخير ، أما أن تدفع الشر بشر، فإن كان مثله فلا فائدة، وإن كان أشر منه كما هو الغالب في مثل هذه الأمور، فإن ذلك مفسدة كبيرة. نسأل الله أن يهدي ولاة أمورنا وأن يهدي رعيتنا لما يلزمها، وأن يوفق كلاًّ منهم لقيام بما يجب عليه.
عدد المشاهدات *:
535154
535154
عدد مرات التنزيل *:
200444
200444
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 24/04/2015