اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 18 شوال 1445 هجرية
? ??? ???????? ???? ??? ???? ????????? ??????????? ???????????????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

طلاق

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
سيرة الخلفاء
سيرَة عُثمَان بْنُ عَفان رضيَ اللهُ عَنه شخصيّته وعَصْره للشيخ علي محمد الصلابي
المبحث الثالث احتلال أهل الفتنة للمدينة تتمة
الكتب العلمية
الفصل السابع مقتل عثمان بن عفان

المبحث الثالث احتلال أهل الفتنة للمدينة
10- عرض بعض الصحابة على عثمان مساعدته في الخروج إلى مكة:
ولما رأى بعض الصحابة إصرار عثمان على رفض قتال المحاصرين، وأن المحاصرين مصرون على قتله، لم يجدوا حيلة لحمايته سوى أن يعرضوا عليه مساعدته في الخروج إلى مكة هربا من المحاصرين، فقد روى أن عبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، وأسامة بن زيد، عرضوا عليه ذلك، وكان عرضهم متفرقا، فقد عرض كل واحد منهم عليه ذلك على حدة، وعثمان يرفض كل هذه العروض([68]).
* الأسباب التي دعت عثمان إلى منع الصحابة من القتال:
يظهر للباحثين من خلال روايات الفتنة أن هناك أسبابا خمسة هي:
1- العمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سارَّه بها، وبيَّنها عثمان يوم الدار، وأنها عهدٌ عهد به إليه، وأنه صابر نفسه عليه([69]).
2- ما جاء في قوله: لن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك الدماء؛ أي كره أن يكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته بسفك دماء المسلمين([70]).
3- علمه بأن البغاة لا يريدون غيره، فكره أن يتوقى بالمؤمنين، وأحب أن
يقيهم بنفسه([71]).
4- علمه بأن هذه الفتنة فيها قتله، وذلك فيما أخبره بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تبشيره إياه بالجنة على بلوى تصيبه، وأنه سيقتل مصطبرا بالحق, معطيه في فتنة، والدلالات تدل على أن أوانها قد حان، وأكد ذلك تلك الرؤيا التي رآها ليلة قتله، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: «أفطر عندنا القابلة»، ففهم أن موعد الاستشهاد قد قرب.
5- العمل بمشورة ابن سلام له؛ إذ قال له: الكف الكف، فإنه أبلغ لك
في الحجة([72]).
وتحقق إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن عثمان سوف يقتل، وذلك فيما رواه عبد الله بن حوالة([73]) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نجا من ثلاث فقد نجا -ثلاث مرات-: موتي، والدجال، وقتل خليفة مصطبرا بالحق معطيه» ([74]).
وفيما تقدم يتبين هدوؤه في التفكير ، وأن شدة البلوى لم تحل بينه وبين ذلك التفكير الصحيح والرأي السليم، فقد تضافرت الأسباب لتحديد هذا الموقف المسالم في قتال الخارجين عليه، ولا شك أنه كان على الحق في مواقفه التي اتخذها لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إلى وقوع هذه الفتنة، وشهد لعثمان وأصحابه أنهم على الحق فيها([75]).
قال ابن تيمية -رحمه الله-: ومن المعلوم بالتواتر أن عثمان كان من أكف الناس عن الدماء، وأصبر الناس عمن نال من عرضه، وعلى من سعى في دمه فحاصروه وسعوا في قتله، وقد عرف إرادتهم لقتله، وقد جاء المسلمون ينصرونه ويشيرون عليه بقتالهم، وهو يأمر الناس بالكف عن القتال ويأمر من يطيعه أن لا يقاتلهم... وقيل له: تذهب إلى مكة؟ فقال: لا أكون ممن ألحد في الحرم، فقيل له: تذهب إلى الشام؟ فقال: لا أفارق دار هجرتي، فقيل له: فقاتلهم، فقال: لا أكون أول من خلف محمدا في أمته بالسيف، فكان صبر عثمان حتى قتل من أعظم فضائله عند المسلمين([76]).

خامسًا: موقف أمهات المؤمنين وبعض الصحابيات:
1- أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما:
كان موقف السيدة أم حبيبة أم المؤمنين من المواقف البالغة الخطر في هذه الأحداث، وهو موقف كان من الخطورة بحيث كادت -رضي الله عنها- أن تقتل فيه، ذلك أنه
لما حوصر عثمان ومنع عنه الماء، سرَّح عثمان ابنا لعمرو بن حزم الأنصاري - من جيران عثمان - إلى علي بأنهم قد منعونا الماء، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا شيئا من
الماء فافعلوا، وإلى طلحة وإلى الزبير وإلى عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أولهم إنجادا له علي وأم حبيبة.([77]) وكانت أم حبيبة معنية بعثمان، كما قال ابن عساكر، وكان هذا طبيعيا منها؛ حيث النسب الأموي الواحد، جاءت أم حبيبة، فضربوا وجه بغلتها، فقالت: إن وصايا بني أمية إلى هذا الرجل، فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذلك كيلا تهلك أموال أيتام وأرامل، قالوا: كاذبة، وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف فندت([78]) بأم حبيبة فتلقاها الناس وقد مالت راحلتها، فتعلقوا بها، وأخذوها وقد كادت تقتل، فذهبوا بها إلى بيتها.([79]) ويبدو أنها -رضي الله عنها- أمرت ابن الجراح مولاها أن يلزم عثمان t، فقد حدثت أحداث الدار، وكان ابن الجراح حاضرا([80]).
2- صفية زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وما فعلته السيدة أم حبيبة فعلت مثله السيدة صفية رضي الله عنها؛ فلقد روي عن كنانة([81]) قال: كنت أقود بصفية لتردَّ عن عثمان، فلقيها الأشتر([82])، فضرب وجه بغلتها حتى مالت، فقالت: ذروني لا يفضحني هذا، ثم وضعت خشبا من منزلها إلى منزل عثمان تنقل عليه الطعام والماء([83]).
3- عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:
ولما حدث ما حدث للسيدة أم حبيبة أعظمه الناس جدا، فخرجت عائشة -رضي الله عنها- من المدينة وهي ممتلئة غيظا على المتمردين، وجاءها مروان بن الحكم، فقال: أم المؤمنين، لو أقمت كان أجدر أن يراقبوا هذا الرجل، فقالت: أتريد أن يصنع بي كما صنع بأم حبيبة، ثم لا أجد من يمنعني، لا والله لا أُعَيَّر([84]), ولا أدري إلام يسلم أمر هؤلاء.([85]) ورأت -رضي الله عنها- أن خروجها ربما كان معينا في فض هذه الجموع، كما سيتضح من الرواية الآتية بعد، وتجهزت أمهات المؤمنين إلى الحج هربا من الفتنة، على أن خروجهن لم يكن تنزها عن ملابسات الفتنة وحسب، ولم يكن هربا محضا، وإنما كان محاولة منهن لتخليص عثمان من أيدي هؤلاء المفتونين، الذين كان منهم محمد بن أبي بكر، أخو السيدة عائشة رضي الله عنها، الذي حاولت أن تستتبعه معها إلى الحج فأبى، ولقد دلل على هذه المحاولة منها أن استتباعها له ورفضه كانا لافتين للنظر حتى إن حنظلة الكاتب([86]) قد هاله رفض محمد لأن يتبع أم المؤمنين، وقارن بين هذا الرفض وبين متابعته لأهل الأمصار، قائلا: يا محمد، تدعوك أم المؤمنين فلا تتبعها، وتدعوك ذؤبان([87]) العرب إلى ما لا يحل فتتبعهم، فأبى، فقالت السيدة عائشة: أما والله لو استطعت أن يحرمهم الله ما يجولون لأفعلن.([88]) وهذا القول منها بعدما حاولته مع أخيها، دليل على أنها قد بدأت محاولتها لفض الثائرين عن عثمان، ولإثارة الرأي العام عليهم منذ بدأ تفكيرهم في الذهاب إلى مكة، وهذا هو ما أكد عليه الإمام ابن العربي، قال: إنه يروي أن تغيبهم - تغيب أمهات المؤمنين مع عدد من الصحابة - كان قطعا للشغب بين الناس رجاء أن يرجع الناس إلى أمهاتهم، وأمهات المؤمنين، فيرعوا حرمة نبيهم([89])، ويستمعوا إلى كلمتهن التي طالما كانوا يقصدونها في كل الآفاق([90]). أي أن خروجهم كان نوعا من التفريق لهذه الجموع؛ حيث كان معروفا عند الناس التماس رأيهن وفتاواهن، وكن -رضوان الله عليهن- لا يتصورن أن يصل الأمر بهؤلاء الناس إلى قتل الخليفة ([91]).
4- مواقف للصحابيات:
أ- وقد حاولت أسماء بنت عميس نفس المحاولة التي حاولتها أم المؤمنين عائشة، فبعثت إلى ابنيها محمد بن أبي بكر، ومحمد بن جعفر([92]) فقالت: إن المصباح يأكل نفسه ويضيء للناس، فلا تأثما في أمر تسوقانه إلى من لا يأثم فيكما، فإن هذا الأمر الذي تحاولون اليوم لغيركم غدا، فاتقوا أن يكون عملكم اليوم حسرة عليكم، فلجَّا وخرجا مغضبين يقولان: لا ننسى ما صنع بنا عثمان، وتقول: ما صنع بكما، ألا ألزمكما الله.([93]) وقيل الحديث كان بين ليلى بنت أسماء وأخويها([94]).
وهي في ذلك تشير إلى أنه لما جاء أهل الأمصار، وكروا راجعين إلى المدينة بعدما كانوا ناظروا عثمان فناظرهم، وأقام عليهم الحجة، فأظهروا أنهم راجعون إلى بلادهم، ثم ما لبثوا أن عادوا بدعوى أن عثمان بعث رسلا في قتل أناس كان منهم -حسب دعواهم- محمد بن أبي بكر([95])، ولعل هذا هو ما يشير إليه محمد بن أبي بكر في قوله: لا ننسى ما صنع بنا عثمان، وقد نفى عثمان نسبة هذا الكتاب إليه وقال: إما أن تقيموا شاهدين عليَّ بذلك وإلا فيميني أني ما كتبت ولا أمرت، وقد يكتب على لسان الرجل ويضرب على خطه وينقش على خاتمه([96]).
لقد كانت السيدة أسماء -رضي الله عنها- واعية بما يجري من تدبير خفي لزعزعة أحوال المسلمين، وتنحية عثمان عن الخلافة، وهكذا فإن موقفها -رضي الله عنها- من ابنيها, ووضوح الأمر عندها على هذا النحو الذي جعلها لا تتأثر في مقام الأمومة، ولا تبدو إلا محقة للحق في هذا الموقف الواضح، هذا الموقف لا يستهان به ولا شك، وهو يعد صورة جلية لعدالة هؤلاء الصحابة الكرام([97]).
ب- الصعبة بنت الحضرمي:
ولما اشتد حصار عثمان طلبت الصعبة بنت الحضرمي من ابنها طلحة بن عبيد الله أن يكلم عثمان كي يردعه عن إصراره على إسلامه نفسه دون مدافعة من الصحابة، واستنصار بأهل الأمصار، فقد خرجت الصعبة بنت الحضرمي وقالت لابنها طلحة بن عبيد الله: إن عثمان اشتد حصره، فلو كلمته حتى تردعه.([98]) والرواية يبدو منها إشفاق الصعبة على عثمان ، كما يبدو منها كذلك عناية أم عبد الله بن رافع بالأمر، ومتابعتها لما يجري من أحداث الفتنة([99])، وهي التي روت عن الصعبة بنت الحضرمي الحادثة([100]).
هذا هو الموقف العام لنساء المسلمين، فقد كان موقفا معتدلا وقادرا على النظر السليم في المسألة، رغم الغيوم التي كانت ملتبسة بها، وهو على كل حال كان هذا موقف الصحابة جميعا رضي الله عنهم وأرضاهم([101]).

سادسًا: من حج بالناس ذلك العام؟ وهل طلب عثمان من الولاة نصرته؟
1- من حج بالناس ذلك العام (35 هـ)؟
استدعى عثمان عبد الله بن عباس رضي الله عنهم، وكلفه أن يحج بالناس هذا الموسم، فقال له ابن عباس: دعني أكن معك وبجانبك يا أمير المؤمنين في مواجهة هؤلاء، فوالله إن جهاد هؤلاء الخوارج أحبَّ إليَّ من الحج، قال له: عزمت عليك أن تحج بالمسلمين، فلم يجد ابن عباس أمامه إلا أن يطيع أمير المؤمنين، وكتب عثمان كتابا مع ابن عباس ليقرأ على المسلمين في الحج، بيَّن فيه قصته مع الخوارج عليه، وموقفه منهم، وطلباتهم منه ([102]). وهذا نص خطاب عثمان للمسلمين في موسم الحج عام 35 هـ: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عثمان أمير المؤمنين إلى المؤمنين والمسلمين، سلام عليكم، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإني أذكركم بالله -جل وعز- الذي أنعم عليكم وعلمكم الإسلام، وهداكم من الضلالة، وأنقذكم من الكفر، وأراكم البينات، وأوسع عليكم من الرزق ونصركم على العدو، وأسبغ عليكم نعمته، فإن الله -عز وجل- يقول وقوله الحق: "وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" [إبراهيم: 34]، وقال عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ ` وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ` وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ` وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [آل عمران: 102-105]، وقال وقوله الحق: "وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" [المائدة: 7]، وقال وقوله الحق: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ` وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ` فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [الحجرات: 6-8]، وقوله عز وجل: "إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [آل عمران: 77]، وقال وقوله الحق: "فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لأَنْفُسِكُمْ وَمَن يُّوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [التغابن: 16]، وقال وقوله الحق: "وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ` وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ` وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ` وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ` وَلاَ تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ` مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل: 91- 96]. وقال وقوله الحق: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء: 59]. وقال وقوله الحق: "وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور: 55]. وقال وقوله الحق: "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" [الفتح: 10].
أما بعد، فإن الله -عز وجل- رضي لكم السمع والطاعة والجماعة، وحذركم المعصية والفرقة والاختلاف، ونبأكم ما قد فعله الذين من قبلكم، وتقدم إليكم فيه ليكون له الحجة عليكم، إن عصيتموه فاقبلوا نصيحة الله -عز وجل- واحذروا عذابه، فإنكم لن تجدوا أمة هلكت إلا من بعد أن تختلف، إلا أن يكون لها رأس يجمعها، ومتى ما تفعلوا ذلك لا تقيموا الصلاة جميعا، وسلط عليكم عدوكم، ويستحل بعضكم حرمة بعض، ومتى يفعل ذلك لا يقم لله سبحانه دين، وتكونوا شيئا، وقد قال الله -جل وعز- لرسوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" [الأنعام: 159] وإني أوصيكم بما أوصاكم الله وأحذركم عذابه، فإن شعيبا صلى الله عليه وسلم قال لقومه:
"وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنْكُم بِبَعِيدٍ ` وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ" [هود: 89، 90].
أما بعد، فإن أقواما مما كان يقول في هذا الحديث، أظهروا للناس أنما يدعون إلى كتاب الله -عز وجل- والحق ولا يريدون الدنيا ولا منازعة فيها، فلما عرض عليهم الحق إذ الناس في ذلك شتى؛ منهم آخذ للحق ونازع عنه حين يعطاه، ومنهم تارك للحق ونازل عنه في الأمر يريد أن يبتزه بغير الحق، طال عليهم عمري، وراث([103]) عليهم الإمرة, فاستعجلوا القدر، وقد كتبوا إليكم أنهم قد رجعوا بالذي أعطيتهم، ولا أعلم أني تركت من الذي عاهدتهم عليه شيئا، كانوا زعموا أنهم يطلبون الحدود، فقلت: أقيموها على من علمتم تعداها في أحد، أقيموها على من ظلمكم من قريب أو بعيد، قالوا: كتاب الله يتلى، فقلت: فليتله من تلاه غير غال فيه بغير ما أنزل الله في الكتاب، وقالوا: المحروم يرزق، والمال يوفى ليستن فيه السنة الحسنة، ولا يعتدى في الخمس ولا في الصدقة، ويؤمَّر ذو القوة والأمانة، وترد مظالم الناس إلى أهلها، فرضيت بذلك واصطبرت له،... كتبت إليكم وأصحابي الذين زعموا في الأمر استعجلوا القدر ومنعوا مني الصلاة، وحالوا بيني وبين المسجد، وابتزوا ما قدروا عليه بالمدينة. كتبت إليكم كتابي هذا، وهم يخبرونني إحدى ثلاث: إما يقيدونني بكل رجل أصبته خطأ أو صوابا، غير متروك منه شيء، وإما أعتزل الأمر فيؤمِّرون آخر غيري، وإما يرسلون إلى من أطاعهم من الأجناد وأهل المدينة فيتبرؤون من الذي جعل الله سبحانه عليهم من السمع والطاعة، فقلت لهم: أما إقادتي من نفسي فقد كان من قبلي خلفاء تخطئ وتصيب فلم يُسْتقد([104]) من أحد منهم، وقد علمت أنما يريدون نفسي، وأما أن أتبرأ من الإمارة فأن يكلبوني([105]) أحب إليَّ من أن أتبرأ من عمل الله -عز وجل- وخلافته، وأما قولكم: يرسلون إلى الأجناد وأهل المدينة فيتبرؤون من طاعتي فلست عليكم بوكيل, ولم أكن استكرهتهم من قبل على السمع والطاعة، ولكن أتوها طائعين، يبتغون مرضاة الله -عز وجل- وإصلاح ذات البين، ومن يكن منكم يبتغي الدنيا فليس بنائل منها إلا ما كتب الله عز وجل له، ومن يكن إنما يريد وجه الله والدار الآخرة وصلاح الأمة وابتغاء مرضاة الله -عز وجل- والسنة الحسنة التي استن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتان من بعده رضي الله عنهما، فإنما يجزي بذلكم الله وليس بيدي جزاؤكم، ولو أعطيتكم الدنيا كلها لم يكن في ذلك ثمن لدينكم، ولم يغن عنكم شيئا، فاتقوا الله واحتسبوا ما عنده، فمن يرض بالنّكث منكم فإني لا أرضاه له، ولا يرضى الله سبحانه أن تنكثوا عهده، وأما الذي يخيرونني فإنما كله النزع والتأمير، فملكت نفسي ومن معي، ونظرت حكم الله وتغيير النعمة من الله سبحانه، وكرهت سنة السوء، وشقاق الأمة وسفك الدماء، فإني أنشدكم بالله وبالإسلام ألا تأخذوا إلا الحق وتعطوه مني, وترك البغي على أهله، وخذوا بيننا بالعدل كما أمركم الله عز وجل، فإني أنشدكم الله سبحانه الذي جعل عليكم العهد والمؤازرة في أمر الله، فإن الله سبحانه قال وقوله الحق: "وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً" [الإسراء: 34] فإن هذه معذرة إلى الله ولعلكم تذكرون. أما بعد، فإنني لا أبرئ نفسي "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [يوسف: 53] وإن عاقبت أقواما فما أبتغي بذلك إلا الخير، وإني أتوب إلى الله -عز وجل- من كل عمل عملته، وأستغفره إنه لا يغفر الذنوب إلا هو، إن رحمة ربي وسعت كل شيء، إنه لا يقنط من رحمة الله إلا القوم الضالون، وإنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون، وأنا أسأل الله -عز وجل- أن يغفر لي ولكم، وأن يؤلف قلوب هذه الأمة على الخير، ويُكَرِّه إليها الفسق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها المؤمنون والمسلمون). قال ابن عباس: فقرأت هذا الكتاب عليهم قبل التروية([106]) بمكة بيوم.

2- هل طلب عثمان من الولاة نصرته:
يزعم سيف بن عمر في روايته عند الطبري أن عثمان لما حصر كتب إلى عماله على الأمصار يستمدهم، فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري على رأس جيش، وكذا فعل عبد الله بن سعد في مصر، فأرسل معاوية بن حديج، وخرج من أهل الكوفة القعقاع بن عمرو على رأس قواته.([107]) وهذا الزعم لا يتفق مع منهج عثمان في مواجهة الفتنة من إيثار العافية والكف، ولا يتفق مع تيقنه بالقتل، ولا يتفق مع ما لجأ إليه من صرف المدافعين عنه من كبار الصحابة وأبنائهم، بل عبيده ومواليه الذين نهاهم أشد النهي عن القتال، بل جعل العتق نصيب من يكف يده منهم ولا يقاتل كما سوف نرى. ولكن الذي يمكن تصوره هو أنه كما بادر جماعة من الصحابة إلى الدفاع عن عثمان دون أن يطلب منهم ذلك ورغم محاولاته العديدة لصرفهم، فإنه قد بادرت جماعات كثيفة من أجناد المسلمين في الأمصار للدفاع عن الخليفة المظلوم من تلقاء أنفسهم وتوجيه من أمرائهم، ولا يصح أن نظن أن رجلا مثل معاوية في قرابته من عثمان كان سيسعه - لو أراد- أن يتقاعس عن السير إليه أو تسيير الجنود إليه، ولا يمكن أن نفترض أن رجالا مثل أنصار عثمان بمصر - وعلى رأسهم معاوية بن حديج ومسلمة بن مخلد وغيرهما من أبطال المسلمين- كانوا سينتظرون قابعين حتى يقتل الخليفة ثم يتحركون للثأر له، ويعرضون نحورهم للقتل في سبيله، بل الذي يمكن تصوره وافتراضه أن جنودا من الأمصار قد تحركت بالفعل نحو المدينة لنجدة الخليفة دون أن يطلب منها نجدته([108]).

3- آخر خطبة خطبها عثمان:
كان آخر لقاء عام لعثمان مع المسلمين بعد أسابيع من الحصار؛ حيث دعا الناس، فاجتمعوا له جميعا، المحارب الطارئ من السبئيين، والمسالم المقيم من أهل المدينة، وكان في مقدمة القادمين: علي وطلحة والزبير، فلما جلسوا أمامه قال لهم: إن الله -عز وجل- إنما أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكم الدنيا لتركنوا إليها، وإن الدنيا تفنى والآخرة تبقى، فلا تبطرنكم الفانية ولا تشغلنكم عن الباقية، وآثروا ما يبقى على ما يفنى، فإن الدنيا منقطعة، وإن المصير إلى الله، واتقوا الله عز وجل، فإن تقواه جُنَّة ووقاية من بأسه وانتقامه، والزموا جماعتكم ولا تصيروا أحزابا، قال تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" [آل عمران: 103]. ثم قال للمسلمين: يا أهل المدينة: إني أستودعكم الله، وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي، وإني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا، حتى يقضى الله فيَّ قضاءه، ولأدعَنَّ هؤلاء الخوارج وراء بابي، ولا أعطيهم شيئا يتخذونه عليكم دَخَلا في دين أو دنيا، حتى يكون الله هو الصانع في ذلك ما أحب، وأمر أهل المدينة بالرجوع وأقسم عليهم، فرجعوا إلا الحسن ومحمد وابن الزبير وأشباهًا لهم، فجلسوا على باب عثمان عن أمر آبائهم، وثاب إليهم ناس كثير، ولزم عثمان الدار([109]) حتى أتاه أجله.

سابعًا: استشهاد عثمان :
وفضلا عن تحرك جيوش الأمصار منها لنجدة الخليفة، فقد كانت أيام الحج تنقضي سريعا وتوشك جماعات من هؤلاء أن تزحف إلى المدينة لنجدة الخليفة، وبخاصة مع وجود عبد الله بن عباس وعائشة وغيرهما من المدافعين عن عثمان، وقدمت الأخبار إلى المتمردين بأن أهل الموسم يريدون نصرة عثمان، فلما أتاهم ذلك مع ما بلغهم من نفور أهل الأمصار إليهم أعلقهم([110]) الشيطان وقالوا: لا يخرجنا مما وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل، فيشتغل بذلك الناس عنا([111]).

1- آخر أيام الحصار وفيه الرؤيا:
وفي آخر أيام الحصار - وهو اليوم الذي قتل فيه- نام فأصبح يحدِّث الناس: ليقتلني القوم([112])، ثم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، ومعه أبو بكر وعمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عثمان أفطر عندنا، فأصبح صائما وقتل من يومه([113]).

2- صفة قتله:
هاجم المتمردون الدار فتصدى لهم الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص، ومن كان من أبناء الصحابة أقام معهم، فنشب القتال فناداهم عثمان: الله الله، أنتم في حل من نصرتي، فأبوا، ودخل غلمان عثمان لينصروه، فأمرهم ألا يفعلوا؛ بل إنه أعلن أنه من كف يده منهم فهو حر.([114]) وقال عثمان في وضوح وإصرار وحسم، وهو الخليفة الذي تجب طاعته: أعزم على كل من رأى أن عليه سمعا وطاعة إلا كف يده وسلاحه.([115]) ولا تبرير لذلك إلا بأن عثمان كان واثقا من استشهاده بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك، ولذلك أراد ألا تراق بسببه الدماء، وتقوم بسببه فتنة بين المسلمين.([116]) وكان المغيرة بن الأخنس بن شريق فيمن حج ثم تعجل في نفر حجوا معه، فأدرك عثمان قبل أن يقتل، ودخل الدار يحمي عنه وقال: ما عذرنا عند الله إن تركناك ونحن نستطيع ألا ندعهم حتى نموت؟ فأقدم المتمردون على حرق الباب والسقيفة، فثار أهل الدار -وعثمان يصلي- حتى منعوهم، وقاتل المغيرة بن الأخنس والحسن بن علي ومحمد بن طلحة وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم وأبو هريرة، فأبلوا أحسن البلاء وعثمان يرسل إليهم في الانصراف دون قتال، ثم ينتقل إلى صلاته، فاستفتح قوله تعالى: "طه ` مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ` إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَّخْشَى" [طه: 1-3] وكان سريع القراءة، فما أزعجه ما سمع، ومضى في قراءته ما يخطئ وما يتعتع، حتى إذا أتى إلى نهايتها قبل أن يصلوا إليه ثم دعا فجلس وقرأ: "قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" [آل عمران: 137].
وأصيب يومئذ أربعة من شبان قريش وهم: الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان بن الحكم([117]), وقتل المغيرة بن الأخنس، ونيار بن عبد الله الأسلمي([118])، وزياد الفهري، واستطاع عثمان أن يقنع المدافعين عنه، وألزمهم بالخروج من الدار، وخلى بينه وبين المحاصرين، فلم يبق في الدار إلا عثمان وآله، وليس بينه وبين المحاصرين مدافع ولا حام من الناس، وفتح باب الدار([119]).
وبعد أن خرج من في الدار ممن كان يريد الدفاع عنه، نشر المصحف بين يديه، وأخذ يقرأ منه وكان إذ ذاك صائما، فإذا برجل من المحاصرين لم تسمه الروايات يدخل عليه، فلما رآه عثمان قال له: بيني وبينك كتاب الله([120]), فخرج الرجل وتركه، وما إن ولى حتى دخل آخر، وهو رجل من بني سدوس، يقال له: الموت الأسود، فخنقه وخنقه قبل أن يضرب بالسيف، فقال: والله ما رأيت شيئا ألين من خنقه، لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل الجان([121]) تردد في جسده، ثم أهوى إليه بالسيف، فاتقاه عثمان بيده فقطعها، فقال عثمان: أما والله إنها لأول كف خطت المفصَّل([122])؛ وذلك أنه كان من كتبة الوحي، وهو أول من كتب المصحف من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل والمصحف بين يديه، وعلى أثر قطع اليد انتضح الدم على المصحف الذي كان بين يديه يقرأ منه، وسقط على قوله تعالى:"فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"([123]) [البقرة: 137].
وفي رواية: إن أول من ضربه رجل يسمى رومان اليماني، ضربه بصولجان، ولما دخلوا عليه ليقتلوه أنشد قائلا:

أرى الموت لا يبقى عزيزا ولم يدع      لعاد ملاذا في البلاد ومرتقى

وقال أيضا:

يبيت أهل الحصن والحصن مغلق     ويأتي الجبال في شماريخها([124]) العلي([125])

ولما أحاطوا به قالت امرأته نائلة بنت الفرافصة: إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيى الليل بركعة يجمع فيها القرآن.([126]) وقد دافعت نائلة عن زوجها عثمان وانكبت عليه واتقت السيف بيدها, فتعمدها سودان بن حمران ونضح أصابعها فقطع أصابع يدها، وولت، فغمز أوراكها([127]).
ولما رأى أحد غلمان عثمان الأمر، راعه قتل عثمان، وكان يسمى (نجيح) فهجم نجيح على سودان بن حمران فقتله، ولما رأى قتيرة بن فلان السكوني نجيحا قد قتل سودان، هجم على نجيح فقتله، وهجم غلام آخر لعثمان اسمه (صبيح) على قتيرة بن فلان فقتله، فصار في البيت أربعة قتلى شهيدان، ومجرمان، أما الشهيدان: فعثمان وغلامه نجيح، وأما المجرمان فسودان وقتيرة السكونيان، ولما تم قتل عثمان نادى منادٍ القوم السبئيين قائلا: إنه لم يحل لنا دم الرجل ويحرم علينا ماله، ألا إن ماله حلال لنا، فانهبوا ما في البيت، فعاث رعاع السبئيين في البيت فسادا، ونهبوا كل ما في البيت، حتى نهبوا ما على النساء، وهجم أحد السبئيين ويدعى كلثوم التجيبي على امرأة عثمان (نائلة) ونهب الملاءة التي عليها، ثم غمز وركها، وقال لها: ويح أمك من عجيزة ما أتمك، فرآه غلام عثمان (صبيح) وسمعه وهو يتكلم في حق نائلة هذا الكلام الفاحش، فعلاه بالسيف فقتله([128])، وهجم أحد السبئيين على الغلام فقتله، وبعدما أتم السبئيون نهب دار عثمان، تنادوا وقالوا: أدركوا بيت المال، وإياكم أن يسبقكم أحد إليه، وخذوا ما فيه، وسمع حراس بيت المال أصواتهم، ولم يكن فيه إلا غرارتان من طعام فقالوا: انجوا بأنفسكم، فإن القوم يريدون الدنيا، واقتحم السبئيون بيت المال وانتهبوا ما فيه([129]).
حقق الخوارج السبئيون مرادهم، وقتلوا أمير المؤمنين، وتوقف كثير من أتباعهم من الرعاع والغوغاء بعد قتل عثمان ليفكروا, وما كانوا يظنون أن الأمر سينتهي بهم إلى قتله، لقد استغفلهم شياطينهم السبئيون، واستغلوهم في الشغب على عثمان، أما أن يقتلوه فهذا ما استفظعوه واستشنعوه، وسقط في أيدي هؤلاء الغوغاء، وحصل لهم كما حصل لبني إسرائيل لما عبدوا العجل، ندم بعضهم، كما قال الله تعالى: "وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ` وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ"([130]) [الأعراف: 148، 149] وحزن الصالحون في المدينة لمقتل خليفتهم، وصاروا يسترجعون ويبكون، لكن ماذا يفعلون وجيوش الخوارج السبئيين تحتل المدينة، وتعيث فيها فسادا، وتمنع أهلها من فعل أي شيء؟ وكان الحاكم الفعلي للمدينة هو أمير خوارج مصر (الغافقي بن حرب العكي)، وكان معهم شيطانهم المخطط (عبد الله بن سبأ) وهو فرح مسرور لما وصل إليه من أهداف ومآرب يهودية شيطانية.

وعلق كبار الصحابة على مقتل عثمان ([131]) :
أ- الزبير بن العوم : لما علم بمقتل عثمان قال: رحم الله عثمان، إنا لله وإنا إليه راجعون، فقيل له: إن القوم نادمون، فقال: دبروا ودبروا، ولكن كما قال الله تعالى: "وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ" [سبأ: 54].
ب- طلحة بن عبيد الله : لما علم بمقتل عثمان قال: رحم الله عثمان، إنا لله وإنا إليه راجعون، فقيل له: إن القوم نادمون قال: تبًّا لهم، وقرأ قوله تعالى: "مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ` فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ" [يس: 49، 50].
ج- علي بن أبي طالب : لما علم بمقتل عثمان قال: رحم الله عثمان، إنا لله وإنا إليه راجعون، قيل له: إن القوم نادمون، فقرأ قوله تعالى: "كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ` فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ" [الحشر: 16، 17].
د- سعد بن أبي وقاص : ولما علم سعد بذلك قال: رحم الله عثمان، ثم تلا قوله تعالى: "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً ` الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ` أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ` ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا" [الكهف: 103-106] ثم قال سعد: اللهم اندمهم واخزهم واخذلهم، ثم خذهم.([132]) واستجاب الله دعوة سعد -وكان مستجاب الدعوة- فقد أخذ كل من شارك في قتل عثمان، مثل عبد الله بن سبأ، والغافقي والأشتر، وحكيم بن جبلة، وكنانة التجيبي، حيث قتلوا فيما بعد([133]).

ثامنًا: تاريخ قتله، وسنه عند استشهاده, وجنازته والصلاة عليه ودفنه:
1- تاريخ قتله:
إن في تحديد السنة التي قتل فيها عثمان شبه إجماع من المؤرخين، فلم يقع خلاف في أنه كان في السنة الخامسة بعد الثلاثين من الهجرة، إلا ما روي عن مصعب بن عبد الله من أنه كان من السنة السادسة والثلاثين([134])، وهو قول شاذ مخالف للإجماع، فمن قال بالقول الأول جمع غفير منهم: عبد الله بن عمرو بن عثمان، وعامر بن شرحبيل الشعبي، ونافع مولى ابن عمر، ومخرمة بن سليمان، وغيرهم كثير.([135]) ولم يختلف المؤرخون في الشهر الذي قتل فيه وأنه ذو الحجة، إلا أنه اختلف في تحديد ما بعد ذلك من اليوم والساعة، والذي ترجح لديَّ من أقوال العلماء الكثيرة أنه استشهد في (18/12/35هـ). ([136]) وأما عن تحديد اليوم الذي قتل فيه من أيام الأسبوع ففيه ثلاثة أقوال، والذي ترجح لدي من هذه الأقوال قول الجمهور، وهو يوم الجمعة؛ لأنه قول الجمهور ولا يخالفه قول أقوى منه.([137]) وكان وقت قتله صبيحة يوم الجمعة، وهو ما ذهب إليه الجمهور، ولم يخالف بأقوى منه([138]).

2- سنه عند استشهاده:
اضطربت الروايات في سنه عند استشهاده والخلاف في ذلك قديم، حتى إن الطبري -رحمه الله- يقول: اختلف السلف قبلنا في قدر مدة حياته([139])، والذي أميل إليه أنه توفي وسنه اثنتان وثمانون (82 سنة)، وهو قول الجمهور، ويترجح هذا القول لعدة أسباب، منها:
أ- أن نتيجة مقارنة سنة ولادته مع سنة استشهاده تؤيد هذا القول؛ فإنه ولد في السنة السادسة بعد عام الفيل، واستشهد في السنة الخامسة والثلاثين بعد الهجرة، فطرح تاريخ مولده من تاريخ استشهاده يتبين لنا سنه عند استشهاده.
ب- إنه قول الجمهور ولم يخالفه قول أقوى منه([140]).

3- جنازته والصلاة عليه ودفنه:
قام نفر من الصحابة في يوم قتله بغسله وكفنوه وحملوه على باب، ومنهم: حكيم بن حزام، وحويطب بن عبد العزى، وأبو الجهم بن حذيفة، ونيار بن مكرم الأسلمي، وجبير ابن مطعم، والزبير بن العوام، وعلي بن أبي طالب، وجماعة من أصحابه ونسائه، منهن امرأتاه نائلة وأم البنين بنت عتبة بن حصين، وصبيان، وصلى عليه جبير بن مطعم، وقيل: الزبير بن العوام، وقيل: حكيم بن حزام، وقيل: مروان بن الحكم، وقيل: المسور بن مخرمة([141])، والذي ترجح عندي أن الذي صلى عليه الزبير بن العوام لرواية الإمام أحمد في مسنده؛ فقد بينت تلك الرواية أن الزبير بن العوام صلى على عثمان ودفنه, وكان أوصى إليه.([142]) وقد دفن ليلا، وقد أكد ذلك ما رواه ابن سعد والذهبي؛ حيث ذكرا أنه دفن بين المغرب والعشاء([143]), رضوان الله عليه، وأما ما رواه الطبراني من طريق عبد الملك بن الماجشون قال: سمعت مالكا يقول: قتل عثمان فأقام مطروحا على كناسة بني فلان ثلاثا([144])، فالرواية السابقة ضعيف سندها، وباطل متنها، فأما السند ففيه علتان:

أ- ضعف عبد الملك بن الماجشون الذي كان يروي المناكير عن الإمام مالك.
ب- أن هذه الرواية مرسلة؛ حيث إن الإمام مالكا لم يدرك مقتل عثمان ، لأنه لم يولد إلا سنة 93هـ([145]).
وأما متن هذه الرواية فباطل، وفيه يقول ابن حزم: من قال إنه أقام مطروحا على مزبلة ثلاثة أيام فكذب بحت، وإفك موضوع، وتوليد من لا حياء في وجهه، ولقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برمي أجساد قتلى الكفار من قريش يوم بدر في القليب, وألقى التراب عليهم وهم شر خلق الله تعالى، وأمر عليه السلام أن يحفر أخاديد لقتلى يهود قريظة، وهم شر من وارته الأرض، فمواراة المؤمن والكافر فرض على المسلمين، فكيف يجوز لذي حياء في وجهه أن ينسب إلى علي وهو الإمام, ومن بالمدينة من الصحابة أنهم تركوا رجلا ميتا بين أظهرهم على مزبلة ثلاثة أيام لا يوارونه([146]).
إنه لا يدخل في عقل أي إنسان سليم من داء الرفض أنهم يتركون إمامهم ملقى دون دفن ثلاثة أيام، مهما كانت قوة أولئك الفجرة الذين جاءوا لحصاره وقتله، فالصحابة كما وصفهم ربهم لا يخافون في الله لومة لائم، وإنما تلك الروايات التي شوهت كتب التاريخ من دس الروافض([147]).

4- براءة محمد بن أبي بكر الصديق من دم عثمان :
إن قاتل عثمان رجل مصري، لم تفصح الروايات عن اسمه، وبينت أنه سدوسي الأصل، أسود البشرة، لقب بـ (جبلة) لسواد بشرته، كما لقب أيضا بـ (الموت الأسود)، وذهب محب الدين الخطيب إلى أن القاتل: هو عبد الله بن سبأ حيث قال: ومن الثابت أن ابن سبأ كان مع ثوار مصر عند مجيئهم من الفسطاط إلى المدينة، وهو في كل الأدوار التي مثلها كان شديد الحرص على أن يعمل من وراء ستار، فلعل (الموت الأسود) اسم مستعار له أراد أن يرمز به إليه ليتمكن من مواصلة دسائسه لهدم الإسلام.([148]) وقد يشهد له: أن ابن سبأ أسود البشرة، فقد صح عن علي أنه وصفه بالخبث وسواد البشرة، وذلك في قوله: الخبيث الأسود([149]).
وأما ما يتعلق بتهمة محمد بن أبي بكر بقتل عثمان بمشاقصه، فهذا باطل، وقد جاءت روايات ضعيفة في ذلك، كما أن متونها شاذة لمخالفتها للرواية الصحيحة التي تبين أن القاتل هو رجل مصري.([150]) وقد ذكر الدكتور يحيى اليحيى عدة أسباب ترجح براءة محمد بن أبي بكر من دم عثمان، منها:
أ- أن عائشة -رضي الله عنها- خرجت إلى البصرة للمطالبة بقتلة عثمان، ولو كان أخوها منهم ما حزنت عليه لما قتل فيما بعد، وسيأتي تفصيله عند حديثنا عن علي بن أبي طالب بإذن الله تعالى.
ب- لعن علي لقتلة عثمان وتبرؤه منهم، يقتضي عدم تقريبهم وتوليتهم، وقد ولي محمد بن أبي بكر مصر، فلو كان منهم ما فعل ذلك.
ج- ما أخرجه ابن عساكر بسنده عن محمد بن طلحة بن مصرف قال: سمعت كنانة مولى صفية بنت حيي قال: شهدت مقتل عثمان وأنا ابن أربع عشرة سنة، قالت: هل أندى محمد بن أبي بكر بشيء من دمه؟ فقال: معاذ الله، دخل عليه، فقال عثمان: يا ابن أخي لست بصاحبي فخرج، ولم يند من دمه بشيء([151]).
ويشهد لهذا ما أخرجه خليفة بن خياط والطبري بإسناد رجال ثقات عن الحسن البصري -وكان ممن حضر يوم الدار([152]) - أن ابن أبي بكر أخذ بلحيته، فقال عثمان: لقد أخذت مني مأخذا أو قعدت مني مقعدا، ما كان أبوك ليقعده فخرج وتركه([153]).
وبهذا يتبين لنا براءة محمد بن أبي بكر الصديق من دم عثمان، براءة الذئب
من دم يوسف، كما تبين أن سبب تهمته هو دخوله قبل القتل.([154]) وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- أنه لما كلمه عثمان استحى، ورجع، وتندم، وغطى وجهه، وحاجز دونه فلم تفد محاجزته([155]).



([1]) الخلفاء الراشدون للخالدي، ص159.
([2]) المصدر السابق، ص159.
([3]) تاريخ الطبري (5/357).
([4]) استشهاد عثمان ووقعة الجمل، خالد الغيث، ص148.
([5]) فتنة مقتل عثمان، د. محمد الغبان (1/127).
([6]) المصدر نفسه (1/128).
([7]) تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، ص328, تاريخ خليفة، ص169، 170.
([8]) فتنة مقتل عثمان (1/129).
([9]) المصدر نفسه، (1/129).
([10]) فتنة مقتل عثمان (1/129).
([11]) تاريخ الطبري (5/379).
([12]) فتنة مقتل عثمان (5/132)، البداية والنهاية (7/191).
([13]) تاريخ الطبري (5/359).
([14]) المصدر نفسه (5/359).
([15]) عثمان بن عفان.. الخليفة الشاكر الصابر، ص277.
([16]) تحقيق مواقف الصحابة، (1/334).
([17]) تاريخ خليفة بن خياط، ص169.
([18]) تحقيق مواقف الصحابة، (1/335).
([19]) المصدر نفسه (1/335).
([20]) البداية والنهاية (7/175)
([21]) تحقيق مواقف الصحابة (1/335).
([22]) عثمان بن عفان.. الخليفة الشاكر الصابر، ص228، 229.
([23]) أعين بن ضبعية بن ناجية بن غفال التميمي الحنظلي الذرمي.
([24]) هو لقب أطلقه الخارجون على عثمان ، وهذا اللقب أطلق من باب التنقيص.
([25]) فتنة مقتل عثمان (1/143)، تاريخ دمشق ترجمة عثمان، ص247، إسناده حسن.
([26]) تاريخ دمشق، ترجمة عثمان، ص341، 342، إسناده حسن.
([27]) البخاري، كتاب الصلاة، رقم (192).
([28]) فتنة مقتل عثمان، (1/145)
([29]) تاريخ الطبري (5/444).
([30]) فتنة مقتل عثمان (1/145).
([31]) الطبقات لابن سعد (3/66)، تاريخ خليفة، ص171.
([32]) التمهيد، ص46، 47.
([33]) فتنة مقتل عثمان (1/147).
([34]) فضائل الصحابة (1/473)، إسناده صحيح.
([35]) الخلفاء الراشدون للخالدي، ص179.
([36]) ذو النورين عثمان بن عفان، ص122.
([37]) فتنة مقتل عثمان (1/149).
([38]) المسند (1/63)، وقال أحمد شاكر (452): إسناده صحيح.
([39]) فتنة مقتل عثمان (1/150).
([40]) فتنة مقتل عثمان (1/151).
([41]) المصدر نفسه (1/152).
([42]) المسند (1/59)، وقال أحمد شاكر (420): إسناده صحيح.
([43]) المعرفة والتاريخ (2/488)، خلافة عثمان بن عفان للسلمي، ص91.
([44]) الكوة: الخرق في الحائط.
([45]) الطبقات (3/71)، تاريخ ابن خياط، ص171، إسناده صحيح.
([46]) الطبقات (3/67، 68) فتنة مقتل عثمان (1/156).
([47]) تاريخ ابن خياط، ص171، فتنة مقتل عثمان، (1/157) إسناده حسن.
([48]) فتنة مقتل عثمان (1/157).
([49]) تاريخ دمشق، ص403.
([50]) هو أبو حبيبة مولى الزبير بن العوام، روى عن الزبير، وسمع أبا هريرة وعثمان محصور.
([51]) فضائل الصحابة (1/511، 512) إسناده صحيح.
([52]) البداية والنهاية (7/211).
([53]) طبقات ابن سعد (3/70) إسناده صحيح.
([54]) المصدر نفسه (3/70)، تاريخ ابن خياط، ص173.
([55]) طبقات ابن سعد (3/70)، إسناده صحيح إلى عبد الله بن الزبير.
([56]) طبقات ابن سعد (3/70)، فتنة مقتل عثمان (1/162).
([57]) فتنة مقتل عثمان (1/162).
([58]) هكذا في الأصل، ولعلها (أبرأ إلى الله).
([59]) هكذا في الأصل، والثم هو: إصلاح الشيء وإحكامه، لسان العرب (12/79)، ويحتمل أن تكون مصحفة من شم، والشم هو: إعادة السيف إلى غمده.
([60]) فتنة مقتل عثمان (1/162)، المصنف لابن أبي شيبة (152/224).
([61]) بلغ الماء الزبى أو الربى، ويروى بلغ السيل الزبى أو الربى، والزبى: جمع زبية الأسد، وهي حفرة تحفر له في مكان مرتفع ليصطاد، فإذا بلغ الماء فهو المجحف. الربى: جمع ربوة، وهذا المثل يضرب في الشر الفظيع، (المستسقى في أمثال العرب) للزمخشري (2/14).
([62]) فتنة مقتل عثمان (1/163).
([63]) الميم بدل اللام، فأصلها (الضرب) وهي لغة لبعض أهل اليمن.
([64]) تاريخ خليفة بن خياط، ص164.
([65]) فتنة مقتل عثمان (1/165).
([66]) تاريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة عثمان، ص395.
([67]) فتنة مقتل عثمان (1/166).
([68]) فتنة مقتل عثمان (1/166).
([69]) فضائل الصحابة (1/605)، إسناده صحيح.
([70]) فتنة مقتل عثمان (1/167)، المسند (1/396) أحمد شاكر.
([71]) فتنة مقتل عثمان (1/167)، إسناد الرواية فيه ضعف.
([72]) الطبقات (3/71) إسناده حسن.
([73]) فتنة مقتل عثمان (1/168)، إسناده حسن، أو صحيح.
([74]) مسند أحمد (4/106)، رقم (16973)، ط/ الرسالة.
([75]) فتنة مقتل عثمان (1/168) انظر الأحاديث الصحيحة التي ذكرتها في فضائله وأخبار النبي × عن قتله في هذا الكتاب.
([76]) منهاج السنة (3/202، 203).
([77]) دور المرأة السياسي، أسماء محمد، ص340.
([78]) ند البعير ونحوه ندا، وندودا: نفر وشرد.
([79]) تاريخ الطبري (5/401)، نقلا عن دور المرأة السياسي، ص340.
([80]) تاريخ المدينة (2/298).
([81]) كناية بن عدي بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف العبشمي.
([82]) دور المرأة السياسي، ص340.
([83]) سير أعلام النبلاء (2/237).
([84]) أُعَيَّر: من العار، وقد يبدى هذا التعبير أن الحالة التي وضع فيها الغوغاء السيدة أم حبيبة كانت شديدة الإيلام.


عدد المشاهدات *:
471246
عدد مرات التنزيل *:
94789
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 12/05/2011 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 12/05/2011

الكتب العلمية

روابط تنزيل : المبحث الثالث احتلال أهل الفتنة للمدينة تتمة
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  المبحث الثالث احتلال أهل الفتنة للمدينة تتمة    لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1