اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 10 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ??? ???????? ???? ??? ???? ????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ??????????? ??????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

أعوذ

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
العدة شرح العمدة لبهاء الدين المقدسي
كتاب الديات
باب العاقلة وما تحمله
الكتب العلمية
باب العاقلة وما تحمله

وهي عصبة القاتل كلهم قريبهم وبعيدهم


والعاقلة عصبة القاتل كلهم قريبهم وبعيدهم من النسب والموالي) لا خلاف بين أهل العلم أن العاقلة هم العصبات، وأن غيرهم من الإخوة للأم وسائر ذوي الأرحام والزوج ليس من العاقلة، واختلفت الرواية في الأبناء والآباء هل هم من العاقلة؟ ففيه روايتان عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

إحداهما: أن كل العصبات من العاقلة يدخل فيه آباء الرجل
وأبناؤه وإخوته وعمومته وأبناؤهم، وهو اختيار أبي بكر والشريف أبي جعفر، لما روى أبو داود بإسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن عقل المرأة بين عصبتها من كانوا لا يرثون منها شيئا إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها» ؛ ولأنهم عصبة أشبهوا الإخوة، يحققه أن العقل موضوع على التناصر، وهم من أهله.

والرواية الثانية: ليس هم من العاقلة، لما روى أبو هريرة قال: «اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها، فاختصموا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم» متفق عليه، وفي رواية: «ثم ماتت القاتلة فجعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ميراثها لبنتها والعقل على العصبة» رواه أبو داود والترمذي، وفي رواية عن جابر بن عبد الله قال: «فجعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دية المقتولة على عاقلتها وعصبتها وبرأ زوجها وولدها، قال: فقال: عاقلة المقتولة ميراثها لنا، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ميراثها لزوجها وولدها» رواه أبو داود.
إذا ثبت هذا في الأولاد قسنا عليه الوالد؛ لأنه في معناه، ولأن مال والده وولده كماله، ولهذا لم تقبل شهادتهما له فلا تجب فيه دية كما لا تجب في ماله، وظاهر كلام الخرقي أن الإخوة كالوالد في أن فيه روايتين، وغيره من أصحابنا يخصون الروايتين بالولد والوالد، ويجعلون الإخوة من العصبة بكل حال، وهو الصحيح.هم شيء كان في بيت المال.

ص : 558


(22) من النسب والموالي

مسألة 22: وسائر العصبة من العاقلة - بعدوا أو قربوا - (من النسب والموالي) ؛ لأنهم عصبة فيدخلون في تحمل العقل كالقريب، ولا يعتبر أن يكونوا وارثين في الحال، بل متى كانوا بحال يرثون لولا الحجب عقلوا؛ «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى بالدية بين عصبة المرأة من كانوا» ، والمولى من عصبته يعقل عنه، إلا أنه لا يعقل إلا ما يفضل عن المناسبين، فيقسم أولا على الإخوة ثم بنيهم ثم الأعمام ثم بنيهم، فإن فضل بعد جميع المناسبين فضلة من الدية قسم على المولى وعصبته، فإن لم يكن له عصبات أو كانوا وفضل عنهم شيء من الدية قسم على مولى المولى ثم على عصبة مولى المولى ثم على هذا الترتيب بحسب ما ذكرنا في الميراث، فإن فضل عن جميع قَوْله تَعَالَى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] ؛ ولأنه يتعذر حمل الدية عن القاتل فلزمته كما لو ثبت القتل باعترافه، قال شيخنا: ويتخرج في المذهب مثل ذلك، ولأن أصحابنا قالوا في المرتد إذا قتل رجلا خطأ فالدية في ماله مؤجلة؛ لأنه لا عاقلة له، فينبغي أن يثبت هذا الحكم في كل من لا عاقلة له لوجود العلة فيه، وقالوا في نصراني رمى بسهم ثم أسلم ثم قتل السهم رجلا: الدية في ماله؛ لأنه تعذر حمل العاقلة فكذا هذا.

ص : 559


(23) إلا الصبي والمجنون والفقير ومن يخالف دينه دين القاتل

مسألة 23: (إلا الصبي والمجنون والفقير ومن يخالف دينه دين القاتل) وذلك؛ لأن تحمل العقل على سبيل المواساة فلا يلزم الفقير كالزكاة، ولأن حمل الدية وجب على سبيل النصرة، والصبي والمجنون ليسا من أهلها فلا يلزمهم العقل، وكذلك المرأة، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة والصبي الذي لم يبلغ لا يعقلان مع العاقلة، وأجمعوا على أن الفقير لا يلزمه شيء لما سبق، ومن يخالف دينه فليس من أهل نصرته وموالاته فلا يعقل عنه كالصبي.

(24) ويرجع في تقدير ما يحمله كل واحد منهم إلى اجتهاد الإمام، فيفرض عليه قدرا يسهل ولا يشق

مسألة 24: (ويرجع في تقدير ما يحمله كل واحد منهم إلى اجتهاد الإمام، فيفرض عليه قدرا يسهل عليه ولا يشق) ؛ لأنه لم يرد فيه تقدير من الشرع فيرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم؛ لأنه يحتاج إلى نظر واجتهاد فأشبه النفقات وتقدير المتعة للمتزوجة بغير صداق إذا طلقها قبل الدخول.

(25) وما فضل فعلى القاتل، وكذلك الدية في حق من لا عاقلة له

مسألة 25: (وما فضل عن العاقلة فهو على القاتل، وكذلك الدية في حق من لا عاقلة له) حكم من لم يكن له عاقلة تحمل الجميع كحكم من لا عاقلة له، وقد ذكر الخرقي فيمن لا عاقلة له روايتين: إحداهما: يؤدى عنه من بيت المال؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودى الأنصاري المقتول في خيبر من إبل الصدقة، ولأن بيت المال للمسلمين وهم يرثون كما ترثه عصباته، والرواية الأخرى: لا يجب ذلك؛ لأن بيت المال فيه حق النساء والصبيان والمعتوهين والفقراء ولا عقل عليهم، ولأن العقل بالتعصيب لا بالميراث ولم يثبت أن مال بيت المال لعصبات هذا، فأما تحمل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دية الأنصاري فلا يلزم؛ لأنه قتيل أهل الذمة وبيت المال لا يعقل عنهم، فإن قلنا بالرواية الأولى فلم يكن له عاقلة أصلا أخذ من بيت المال، وإن كان له من عاقلته من يحمل بعض الدية فرض عليهم على قدر الواجب عليهم والباقي من بيت المال، فإذا لم يمكن الأخذ من بيت المال فقال الشافعي: ليس على القاتل شيء في أحد قوليه، وفي الآخر تكون الدية على القاتل؛ لأن الدية تجب عليه ابتداء ثم تحملها العاقلة عنه، فإذا لم يكن متحمل بقيت عليه، ولعموم

ص : 560


(26) ولا تحمل العاقلة عمدا، ولا عبدا، ولا صلحا، ولا اعترافا، ولا ما دون الثلث

مسألة 26: (ولا تحمل العاقلة عمدا، ولا عبدا، ولا صلحا، ولا اعترافا، ولا ما دون الثلث) ؛ لما روى ابن عباس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا» وروي عن ابن عباس موقوفا عليه.
وفي هذه المسألة خمس مسائل: الأولى: أنها لا تحمل العمد، وقد أجمع العلماء على أن العاقلة لا تحمل العمد الموجب للقصاص في نفس ولا طرف، وعن مالك أن الجنايات التي لا قصاص فيها تحملها العاقلة كالجائفة والمأمومة؛ لأنها جناية لا قصاص فيها فأشبهت الخطأ، ولنا حديث ابن عباس؛ ولأنها جناية عمد فلا تحملها العاقلة كقتل الأب ابنه والموضحة، وأما سقوط القصاص في الجائفة والمأمومة بخلاف الخطأ فإن انتفاء القصاص فيه لكونه معذورا فيه، فيقتضي أن تواسيه العاقلة فيه.
والمسألة الثانية: أنها لا تحمل العبد، فإذا قتله قاتل وجبت قيمته في مال القاتل، ولا شيء على عاقلته خطأ كان أو عمدا، وقال أبو حنيفة: تحمله العاقلة؛ لأنه آدمي يجب لقتله القصاص والكفارة فحملت العاقلة بدله كالحر، ولنا حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ولأن الواجب في العبد القيمة، وهي تختلف باختلاف صفاته فلا تحملها العاقلة كسائر القيمة وكضمان أطرافه وبهذا فارق الحر.
والمسألة الثالثة: أنها لا تحمل الصلح، قال القاضي: معناه إن صالح الأولياء عن دم العمد إلى الدية فلا تحمله العاقلة لكونه حصل عن جناية العمد، ويحتمل أنه إذا ادعى عليه قتل عمد فينكر ثم يصالح الأولياء على الإنكار على مال فلا تحمله العاقلة؛ لأنه مال ثبت بمصالحته واختياره فجرى مجرى اعترافه، وقد سبق فيه حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

ص : 561



والمسألة الرابعة: أن العاقلة لا تحمل الاعتراف، وهو أن يعترف إنسان بقتل خطأ أو شبه عمد فلا تحمله العاقلة، ولا نعلم فيه مخالفا، وهو قول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ولأنا لو أوجبنا الدية عليهم لأوجبنا عليهم حقا بإقرار غيرهم ولا يقبل إقرار شخص على غيره، ولأنه متهم في أن يواطئ على ذلك ليأخذ الدية من عاقلته. إذا تقرر هذا فإنه إذا اعترف وجبت الدية عليه حالة ولا يصح إقراره ولا يلزمه شيء، لكونه إقرارا على غيره، ولنا قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء: 92] ؛ ولأنه مقر بجناية على غيره لا يصح إقراره كجناية العمد، ولأنه محل مضمون بالدية لو ثبت بالبينة فيضمن إذا اعترف كسائر المحال، وإنما سقطت عنه الدية في محل الوفاق لتحمل العاقلة له، فإذا لم تتحملها العاقلة بقي وجوبها عليه كسائر الديون.
المسألة الخامسة: أن العاقلة لا تحمل ما دون الثلث، والصحيح عن الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن العاقلة تحمل القليل والكثير؛ لأن من وجب عليه الكثير لزمه القليل كالجاني، وقال أبو حنيفة: تحمل العاقلة السن والموضحة وما فوقها وهو نصف عشر الدية؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل الغرة التي في الجنين على العاقلة وقيمتها نصف عشر الدية، ولا تحمل ما دونه؛ لأنه ليس فيه أرش مقدر يجري مجرى ضمان الأموال، ولنا ما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قضى في الدية أن لا تحمل منها العاقلة شيئا حتى تبلغ الدية عقل المأمومة، ولأن الأصل وجوب الضمان على الجاني على مقتضى قاعدة سائر الجنايات، لكن خولف الأصل في ما زاد على الثلث لكونه كثيرا يجحف بالجاني، ففيما عداه يبقى على قضية القياس لقتله وعدم إجحافه به، والدليل على كثرة الثلث وقلة ما دونه قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الثلث كثير» (رواه البخاري) ، وبهذا يفارق الثلث ما دونه، وأما الغرة فلا نسلمها إلا أن يقتل الجنين مع الأم فتحملها العاقلة؛ لأن موجب الجناية يزيد على الثلث، وإن سلمنا فإنما تحملها العاقلة؛ لأنها دية آدمي على سبيل الكلام.

(27) ويتعاقل أهل الذمة

مسألة 27: (ويتعاقل أهل الذمة) فإذا كان القاتل ذميا فعقله على عصبته من أهل دينه المعاهدين، وعنه لا يتعاقلون، ولنا أنهم عصبة يرثونه فيعقلون عنه كعصبة المسلم من
المسلمين، ولا يعقل عنه مناسبوه من المسلمين لأنهم لا يرثونه، ولا عصبته الذين بدار الحرب لأن الموالاة والنصرة منهم منقطعة، وهل يعقل اليهودي عن النصراني أو النصراني عن اليهودي؟ على وجهين، بناء على الروايتين في توارثهما، فإن لم يكن للذمي عصبة لم يعقل عنه بيت المال؛ لأن المسلمين لا يرثونه، وإنما ينقل ماله إلى بيت المال إذا لم يكن له وارث فيأخذه بخلاف مال المسلمين.

ص : 562


(28) ولا عاقلة لمرتد

مسألة 28: (ولا عاقلة لمرتد) ؛ لأن عصبته من المسلمين لا يرثونه فلا يعقلون عنه، ولا يقر على الكفر فيعقل عنه الكفار، ولو رماه وهو مسلم ثم ارتد ثم أصابه السهم لم يعقل عنه المسلمون؛ لأنه قتل وهو مرتد، ولا عصبته الكفار؛ لأنه رمى وهو مسلم، ولأنهم لا يرثونه فتكون الدية في ماله.

(29) ولا لمن أسلم بعد جنايته

مسألة 29: (ولا عاقلة لمن أسلم بعد جنايته) فلو قتل وهو كافر ثم أسلم لم تعقل عنه عصبته الكفار؛ لأنه مسلم، والكفار لا يرثونه فلا يعقلون عنه، ولا يعقل عنه المسلمون؛ لأنه جنى وهو كافر، ولو رمى يهودي طائرا بسهم ثم أسلم ووقع السهم في مسلم فقتله لم تعقل عنه عصبته المسلمون؛ لأن إرسال السهم كان قبل إسلامه، ولا عصبته الذميون؛ لأنه قتله وهو مسلم فيكون في مال الجاني.

(30) أو انجر ولاؤه بعدها

مسألة 30: (ولا عاقلة لمن انجر ولاؤه بعدها) يعني بعد جنايته، وصورة ذلك إذا تزوج عبد معتقة قوم فأولدها فولاء الوالد لمولاه، فإن جنى الولد فعقله على مولى أمه، فإن أعتق أبوه انتقل الولاء إلى موالي الأب وانقطع عن موالي الأم لأن الولاء انجر عنهم فلا يعقلونه لأنهم لا يرثونه، ولا يعقل عنه موالي الأب؛ لأنه جنى وهو مولى غيرهم، ولو جرح ابن المعتقة رجلا ثم انجر ولاؤه إلى موالي أبيه ثم سرت الجناية فالحكم كذلك؛ لأن موالي الأم لا يعقلون لانقطاع الولاء عنهم، وموالي الأب لا يعقلون؛ لأن سبب السراية كان قبل حصول الولاء لهم.

(31) وجناية العبد في رقبته، إلا أن يفديه السيد بأقل الأمرين من أرشها أو قيمته

مسألة 31: (وجناية العبد في رقبته، إلا أن يفديه السيد بأقل الأمرين من أرشها أو قيمته) هذا في الجناية التي تودي بالمال إما لكونها موجبة للقصاص فعفي عنه إلى المال، وإما لكونها لا توجب إلا المال كسائر جناياته، فإن أرش جميع ذلك يتعلق برقبته؛ لأنه لا يخلو إما أن يتعلق برقبته أو بذمته أو بذمة سيده أو لا يجب شيء، ولا يمكن إلغاؤها؛ لأنها جناية آدمي فيجب اعتبارها كجناية الحر، ولا يمكن تعلقها بذمته لإفضاء ذلك إلى فوات حق المجني عليه أو تأخيره، ولا بذمة السيد؛ لأنه لم يجن والجاني هو العبد وله يد وقصد، فثبت أنها تتعلق برقبته؛ ولأن الضمان موجب جنايته فيتعلق برقبته كالقصاص، ثم لا يخلو أرش الجناية من أن يكون بقدر قيمة العبد فما دون أو أكثر، فإن كان بقدرها فما دون فالسيد مخير بين أن يفديه بأرش جنايته أو يسلمه إلى ولي الجناية فيملكه؛ لأنه إن دفع أرش الجناية فهو الذي وجب للمجني عليه فلم يملك المطالبة بأكثر منه، وإن سلم العبد فقد أدى المحل الذي تعلق الحق به؛ ولأن حق المجني عليه لا يتعلق بأكثر من الرقبة وقد أداها، فإن طالب بتسليمه إليه وأبى ذلك سيده لم يجبر عليه لما ذكرنا، وإن دفع السيد عبده فأبى قبوله وقال: بعه وادفع إلي ثمنه فهل يلزم السيد ذلك؟ على روايتين:
إحداهما: لا يلزمه بيعه؛ لأن الحق لم يثبت في ذمته ولم يتعلق بغير الجاني فلم يلزمه أكثر من تسليمه كما لو أصدق المرأة عبدا بعينه.
والثانية: يلزم السيد الأقل من قيمته أو أرش جنايته ولا يلزم الجاني أخذ العبد؛ لأن الدين تعلق به على وجه لم يملكه ولا يجب مثله فأشبه الرهن.
وأما إن كانت الجناية أكثر من قيمته ففيه روايتان: إحداهما: أن سيده مخير بين أن يفديه بأقل الأمرين من قيمته أو أرش جنايته، وبين أن يسلمه لما ذكرنا في القسم الذي قبله.
والثانية: أنه مخير بين تسليمه وبين فدائه بأرش جنايته بالغة ما بلغت؛ لأنه إذا عرض للبيع ربما رغب فيه راغب بأكثر من قيمته، فإذا أمسكه فقد فوت تلك الزيادة على المجني عليه، ووجه الأولى أن الشارع قد جعل للسيد فداءه فكان الواجب عليه قيمته كسائر المتلفات.

ص : 563


(32) ودية الجناية عليه ما نقص من قيمته في مال الجاني

مسألة 32: (ودية الجناية عليه - يعني على العبد - ما نقص من قيمته) ؛ لأن ضمانه ضمان الأموال فيجب فيه ما نقص كالبهائم، ولأن ما ضمن بالقيمة بالغا ما بلغ ضمن بعضه بما نقص كسائر الأموال، وعنه إن كانت الجناية عليه في شيء مثله مؤقت في الحر كاليد والعين فهو في العبد مقدر من قيمته؛ لأن ديته قيمته، ففي يده نصف قيمته، وفي
موضحته نصف عشر قيمته، وما أوجب الدية من الحر كاليدين والرجلين والأنف والذكر والأنثيين أوجب قيمة العبد، وهذا يروى عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولم يعرف له مخالف من الصحابة، ولأنه آدمي يضمن في القصاص والكفارة فكان في أطرافه مقدرا كالحر، ولأن أطرافه منها مقدر من الحر فكان فيها مقدرا من العبد كالشجاج الأربع، ولأن ما وجب في شجاجه مقدرا وجب في أطرافه مقدرا كالحر، إذا ثبت هذا فإنها تجب (في مال الجاني) ؛ لأن العاقلة لا تحمل العبد كما سبق.

ص : 564


(33) وجناية البهائم هدر

مسألة 33: (وجناية البهائم هدر) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العجماء جبار» والعجماء: البهيمة، وقوله: جبار أي: هدر، كقوله: " «والبئر جبار والمعدن جبار» (رواه مسلم) أي هدر يعني إذا استأجر من يحفر له في بئر أو معدن فوقع عليه فقتله فهو هدر.

(34) إلا أن تكون في يد إنسان كالراكب والقائد والسائق فعليه ضمان ما جنت بيدها أو فمها دون ما جنت برجلها أو ذنبها

مسألة 34: (إلا أن تكون البهيمة في يد إنسان كالراكب والقائد والسائق، فعليه ضمان ما جنت يدها أو فمها دون ما جنت رجلها أو ذنبها) ؛ لأن اليد والفم يمكنه التحفظ منهما، وليس كذلك الرجل فإنه لا يمكنه التحفظ منها كما لو لم تكن يده عليها، وقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «والرجل جبار» في حديث أبي هريرة، وروى سعيد بإسناده عن هذيل بن شرحبيل عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " وذنبها كرجلها "، وعنه رواية أخرى يضمن جناية الرجل، قال القاضي: وهي أصح؛ لأنه يشاهدها فهي كاليد أو الفم.

(35) وإن تعدى بربطها في ملك غيره أو طريق ضمن جنايتها كلها

مسألة 35: (وإن تعدى بربطها في ملك غيره أو طريق ضمن جنايتها كلها) ؛ لأنه متعد بذلك، وإن كان الطريق واسعا ففيه روايتان: إحداهما: يضمن أيضا؛ لأن انتفاعه بالطريق مشروط بالسلامة، وكذلك لو ترك في الطريق طينا أو ما أشبه فزلق فيه إنسان ضمن، والثانية: لا يضمن؛ لأن له أن يقفها في طريق لا يضيق بها على الناس فلم يكن متعديا فلم يضمن، كما لو جلس فعثر به إنسان.

ص : 565


(36) وما أتلفت من الزرع نهارا لم يضمنه إلا أن تكون في يده، وما أتلفت ليلا فعليه ضمانه

مسألة 36: (وما أفسدت البهيمة من الزرع نهارا لم يضمنه إلا أن تكون في يده، وما أتلفت ليلا فعليه ضمانه) لما روى مالك عن الزهري عن حرام بن سعد بن محيصة «أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت فيه فقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم» ، قال ابن عبد البر: إن كان هذا مرسلا فهو مشهور، حدث به الأئمة الثقات واستعمله فقهاء الحجاز بالقبول، ولأن العادة من أهل المواشي إرسالها في النهار للرعي وحفظها ليلا، وعادة أهل الحوائط حفظها نهارا دون الليل، فإن رعت ليلا كان التفريط من أهلها بتركهم حفظها في وقت عادة الحفظ، وإن أتلفت نهارا كان التفريط من أهل الزرع، فكان عليهم، وقد فرق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهما وقضى على كل إنسان بالحفظ في وقت عادته. وأما غير الزرع فلا يضمن؛ لأن البهيمة لا تتلف ذلك عادة فلا يحتاج إلى حفظها عنه بخلاف الزرع، وهذا إذا لم تكن يد أحد عليها، فإن كان صاحبها معها أو غيره فعلى من يده عليها ضمان ما أتلفته من نفس أو مال على ما سبق في المسألة قبلها.


عدد المشاهدات *:
465863
عدد مرات التنزيل *:
94262
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 11/02/2017

الكتب العلمية

روابط تنزيل : باب العاقلة وما تحمله
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  باب العاقلة وما تحمله لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1