مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ مِنَ الْغَدِ بَعْدَ أَنْ أَسْفَرَ ثُمَّ قَالَ ((أين السائل عن وقت الصلاة)) قال ها أنذا يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ ((مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ)) لَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ يَتَّصِلُ مَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَحَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ إِلَّا أَنَّ فِيهَا سُؤَالَ السَّائِلِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ جُمْلَةً وَإِجَابَتُهُ فِيهَا كُلِّهَا عَلَى حَسْبِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَفِيهَا كُلِّهَا فِي الصُّبْحِ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا وَقَدْ رَوَى حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَذَكَرَ مِثْلَ مُرْسَلِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ هَذَا سَوَاءً وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ حُمَيْدٍ مِنْ وُجُوهٍ فِي التَّمْهِيدِ)) وَبَلَغَنِي أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ يَسَارٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالصَّحِيحُ فِي حَدِيثِ عَطَاءٍ الْإِرْسَالُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَحَدِيثُ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ متصل صحيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عن وقت السؤال وَقْتٍ آخَرَ يَجِبُ فِيهِ فِعْلُ ذَلِكَ فَأَمَّا تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ حِينِ تَكْلِيفِ الْفِعْلِ وَالْعَمَلِ حَتَّى يَنْقَضِيَ وَقْتُهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَهَذَا بَابٌ طَالَ فِيهِ الْكَلَامُ بَيْنَ أَهْلِ النَّظَرِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَقَدْ يَكُونُ الْبَيَانُ بِالْفِعْلِ - فِيمَا سَبِيلُهُ الْعَمَلُ - أَثْبَتُ فِي النُّفُوسِ مِنَ الْقَوْلِ دَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ((ليس الخبر كالمعاينة)) رواه بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَأَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا مَمْدُودٌ إِلَى آخِرِ الْإِسْفَارِ عَلَى مَا مَضَى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَظُهُورُهُ لِلْعَيْنِ وَالْفَجْرُ هُوَ أَوَّلُ بَيَاضِ النَّهَارِ الظَّاهِرِ فِي الْأُفُقِ الشَّرْقِيِّ الْمُسْتَطِيرِ الْمُنِيرِ الْمُنْتَشِرِ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) الْبَقَرَةِ 187 يُرِيدُ بَيَاضَ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ وَقَالَ أَبُو دُؤَادٍ الْإِيَادِيُّ (فَلَمَّا أَضَاءَتْ لَنَا سُدْفَةٌ ... وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنَارَا) وَقَالَ آخَرُ (قَدْ كَادَ يَبْدُو أَوْ بَدَتْ تَبَاشِرُهْ ... وَسُدَفُ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ سَاتِرُهْ) وَسَمَّتْهُ أَيْضًا الصَّدِيعَ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ انْصَدَعَ الْفَجْرُ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ أَوْ عَمْرُو بْنُ مُعْدِ يكَرِبَ (بِهِ السِّرْحَانُ مُفْتَرِشًا يَدَيْهِ ... كَأَنَّ بَيَاضَ لَبَّتِهِ الصَّدِيعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 وَشَبَّهَهُ الشَّمَّاخُ بِمَفْرِقِ الرَّأْسِ لِمَنْ فَرَقَ شَعْرَهُ فَقَالَ (إِذَا مَا اللَّيْلُ كَانَ الصُّبْحُ فِيهِ ... أَشَقَّ كَمَفْرِقِ الرَّأْسِ الدَّهِينِ) وَيَقُولُونَ لِلْأَمْرِ الْوَاضِحِ هَذَا كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ وَكَانْبِلَاجِ الْفَجْرِ وَقَدْ زِدْنَا هَذَا بَيَانًا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ)) دَلِيلٌ عَلَى سَعَةِ الْوَقْتِ فِي الصُّبْحِ وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَا فِيمَا مَضَى مِنَ الْأَوْقَاتِ وَنَزَعَ بِقَوْلِهِ ((مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ)) إِلَى جَعْلِ أَوَّلِ الْوَقْتِ كَآخِرِهِ فِي الْفَضْلِ وَمَالَ إِلَى ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ بِهِ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَخَالَفَهُمْ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَنَزَعُوا بِأَشْيَاءَ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَعُمْدَتُهَا أَنَّ الْمُبَادِرَ إِلَى أَدَاءِ فَرَضِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ - أَفْضَلُ مِنَ الْمُتَأَنِّي بِهِ وَطَالِبِ الرُّخْصَةِ فِي السَّعَةِ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) الْبَقَرَةِ 148 وَقَوْلِهِ (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) الْحَدِيدِ 31 وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ)) وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ ((الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا)) وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَذَهَبُ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ إِلَى أَنَّ الْإِسْفَارَ بِهَا أَفْضَلُ مِنَ التَّغْلِيسِ فِي الْأَزْمِنَةِ كُلِّهَا الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((أَسْفِرُوا بِالصُّبْحِ فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ وَبَيَّنَّا عِلَّتَهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ عَلَّلَهُ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَذَكَرُوا عَنْ علي وبن مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا كَانَا يُسْفِرَانِ بِالصُّبْحِ جِدًّا وَكَانَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ التَّغْلِيسَ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وداود بْنِ عَلِيٍّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ عَائِشَةَ ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُصَلِّي فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ)) وَذَكَرُوا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يُغَلِّسَانِ وَأَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي فَضْلِ الْبَدَارِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَكَذَلِكَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فِي الْقِيَاسِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْآثَارِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَعْنَى الْإِسْفَارِ فِي قَوْلِهِ أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فِي ((التَّمْهِيدِ)) وَاخْتِصَارُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِسْفَارَ التَّبَيُّنُ والتبين بالفجر إذا انكشف واتضح ليلا يُصَلِّيَ فِي مِثْلِهِ مِنْ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ أَسْفَرَتِ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا إِذَا كَشَفَتْ عَنْهُ (حَدِيثٌ ثَالِثٌ) عدد المشاهدات *: 801375 عدد مرات التنزيل *: 121852 حجم الخط : 10 12 14 16 18 20 22 24 26 28 30 32 * : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة - تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 07/01/2018 الكتب العلمية