وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَبُولُ قَائِمًا
لَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ بَالَ قَائِمًا وَتَرْجَمَ الْبَابَ
فِي الْبَوْلِ قَائِمًا
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ سَمِعَهُ مِنْهُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
كَذَلِكَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بن
سعيد قال سمعت أنس بن مالك يُحَدِّثُ بِذَلِكَ
وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَقَدْ
ذَكَرْنَا طُرُقَهُ فِي التَّمْهِيدِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ
قَالَ حَدَّثْنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ ((دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ
فَأَتَى النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَضَى حَاجَتَهُ فَلَمَّا قَامَ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَاحَ بِهِ
النَّاسُ فَكَفَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَى بَوْلِ
الْأَعْرَابِيِّ))
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا رَوَاهُ أَنَسٌ من حديث بن
شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ لِأَحَدٍ وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَقَدْ
ذَكَرْتُهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمَاءَ إِذَا غَلَبَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا فَقَدْ طَهَّرَهَا
وَأَنَّهَا لَا تَضُرُّهُ مُمَازَجَتُهُ لَهَا إِذَا غَلَبَ عَلَيْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَقَدْ جَعَلَهُ
اللَّهُ تَعَالَى طَهُورًا وَأَنْزَلَهُ عَلَيْنَا لِيُطَهِّرَنَا بِهِ
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ)) يَعْنِي إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ
مِنَ النَّجَاسَةِ فَغَيَّرَهُ
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُطَهِّرُ نَجَاسَةً حَتَّى يُمَازِجَهَا فَإِنْ غَلَبَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا
فَالْحُكْمُ لَهُ وَإِنَّ غَلَبَتْهُ النَّجَاسَةُ فَالْحُكْمُ لَهَا إِذَا ظَهَرَ فِي الْمَاءِ شَيْءٌ مِنْهَا
هَذَا مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ مَا يُرْوَى فِي الْمَاءِ عَنِ النَّبِيِّ -
عَلَيْهِ السَّلَامُ -
وَإِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بن المسيب وسالم والقاسم
وبن شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْهُ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ الْمَدَنِيِّينَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَمَا لِسَائِرِ
الْعُلَمَاءِ فِي الْمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ لَا يَقْدِرُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَلَا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى دَفْعِهِ وَهُوَ
يَنْقُضُ مَا أَصَّلُوهُ فِي الْمَاءِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ فَزِعُوا - لَمَّا لَزِمَتْهُمُ الْحُجَّةُ بِهِ
- إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَوُرُودِهَا عَلَيْهِ فَرَاعُوا فِي وُرُودِهَا عَلَيْهِ
مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ وَلَمْ يُرَاعُوا فِي وُرُودِهِ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ
لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ فِي غَسْلِ ثَوْبِهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ
إِدْخَالِهَا فِي الْإِنَاءِ وَنَحْوِهِمَا
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ
وَأَمَرَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَنَهَى أَنْ يُدْخِلَ مَنْ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمِهِ يَدَهُ فِي
الْإِنَاءِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَسْلَهَا مِنْ مَاءِ الْإِنَاءِ مَخَالِطٌ لِمَا فِي الْيَدِ مِنَ النَّجَاسَةِ
وَهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ كَثِيرٌ دَلَّلَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ وَبَيْنَ وُرُودِهِ
عَلَيْهَا
وَقَدْ فَرَّقَ الْمُسْلِمُونَ كَافَّةً بَيْنَ غَسْلِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا فَلَمْ يُرَاعُوا
فِي ذَلِكَ مِقْدَارًا وَبَيْنَ وُرُودِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الْعَذِرَاتِ وَالْمَيْتَاتِ فِي الْآبَارِ وَالْأَوَانِي
وَالْغُدُرِ الصِّغَارِ
قَالُوا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاعْتِبَارِ
وَأَمَّا مَذْهَبُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَغَيْرِهِمْ - فَإِنَّهُمْ لَا
يَعْتَبِرُونَ فِي قَلِيلِ الْمَاءِ وَلَا كَثِيرِهِ إِلَّا مَا غَيَّرَهُ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذلك واضحا والحمد لله
ذكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ
بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْحِيَاضِ وَالْغُدُرِ يَلَغُ فِيهَا الْكِلَابُ فَقَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا فَلَا
يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ
وَعَنِ الْقَاسِمِ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ مِثْلُهُ
وَأَمَّا الْبَوْلُ قَائِمًا فَلَيْسَ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ وَلَهُ فِيهِ عَنِ بن عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا فَأَرْفَعُ مَا فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي
وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ عَلَيْهَا
قائما
وذكر أبو بكر عن بن إِدْرِيسَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَحُمَيْدٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا
بَالَ قَائِمًا
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360
وذكرنا الأسانيد عن أبي هريرة وبن عُمَرَ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ وَالْحَكَمِ -
أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا
ثُمَّ ذَكَرْنَا فِي بَابِ مَنْ كَرِهَ الْبَوْلَ قَائِمًا - إِنْكَارَ عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ بَالَ
قَائِمًا
وَعَنْ عُمَرَ قَالَ مَا بُلْتُ قَائِمًا مُنْذُ أَسْلَمْتُ
وَعَنِ بن مسعود وبن بُرَيْدَةَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا مِنَ الْجَفَاءِ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا
وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ الْبَوْلَ قَائِمًا
وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ مَا بَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَائِمًا إِلَّا مَرَّةً فِي كَثِيبٍ أَعْجَبَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَجَازَ الْبَوْلَ قَائِمًا فَإِنَّمَا أَجَازَهُ خَوْفَ مَا يُحْدِثُهُ الْبَائِلُ جَالِسًا فِي
الْأَغْلَبِ مِنَ الصَّوْتِ الْخَارِجِ عَنْهُ إِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ التَّبَاعُدُ عَمَّنْ يَسْمَعُهُ
وَيَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَرْتَادَ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا دَمِثًا لِئَلَّا يَطِيرَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بَوْلِهِ
فَهَذَا وَجْهُ الْبَوْلِ قَائِمًا
وَبِنَحْوِ هَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ((الْبَوْلُ قَائِمًا أَحْصَرُ لِلدُّبُرِ))
وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَالَ قَائِمًا لَمْ يَبْعُدْ عَنِ النَّاسِ وَلَا أَبْعَدَهُمْ
عَنْ نَفْسِهِ بَلْ أَمَرَ حُذَيْفَةَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ إِذْ بَالَ قَائِمًا
وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ سُفْيَانَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ ((ادْنُ))
فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ
وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ مَرَاسِيلِ عَطَاءٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ بَالَ جَالِسًا فَدَنَا مِنْهُ رَجُلٌ فَقَالَ
((تَنَحَّ فَإِنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تفيخ ويروى ((تفيش))
وقال إسحاق بن رَاهْوَيْهِ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَرَّبَ مِنَ الرَّجُلِ وَهُوَ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَبُولُ
جَالِسًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَنَحَّ)) وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَبَرَّزَ تَبَاعَدَ
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ إِذَا ذَهَبَ أَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ
وَفِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ اسْتَبْعَدَ وَتَوَارَى
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قُرَادٍ أَنَّهُ سَمِعَ - عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ
وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَالَ ((إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ
فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ))
يَعْنِي مَوْضِعًا دَمِثًا أَوْ ذَا صَبَبٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَكُونُ أَنْزَهَ لَهُ مِنَ الْأَذَى
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ غَسْلِ الْفَرْجِ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ هَلْ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ فَقَالَ
بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ مَنْ مَضَى كَانُوا يَتَوَضَّؤُونَ مِنَ الْغَائِطِ وَأَنَا أَحِبُّ غَسْلَ الْفَرْجِ مِنَ
الْبَوْلِ فَإِنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ بَعْضَ مَنْ مَضَى كَانُوا يَتَوَضَّؤُونَ مِنَ
الْبَوْلِ وَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَنَّ مِنْ رِوَايَتِهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ وُضُوءًا لِمَا تَحْتَ
إِزَارِهِ
وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي قِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءٍ وَسَائِرِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَضَّؤُونَ
مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ مَا يَكْفِي
وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنَ الْغَائِطِ بِالْمَاءِ فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِي
ذَلِكَ
لَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ فِي حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ بَالَ قَائِمًا وَتَرْجَمَ الْبَابَ
فِي الْبَوْلِ قَائِمًا
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ سَمِعَهُ مِنْهُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
كَذَلِكَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ يَحْيَى بن
سعيد قال سمعت أنس بن مالك يُحَدِّثُ بِذَلِكَ
وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَقَدْ
ذَكَرْنَا طُرُقَهُ فِي التَّمْهِيدِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ
قَالَ حَدَّثْنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ ((دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ
فَأَتَى النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَضَى حَاجَتَهُ فَلَمَّا قَامَ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَاحَ بِهِ
النَّاسُ فَكَفَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهُ عَلَى بَوْلِ
الْأَعْرَابِيِّ))
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا رَوَاهُ أَنَسٌ من حديث بن
شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ لِأَحَدٍ وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي صِحَّةِ إِسْنَادِهِ وَقَدْ
ذَكَرْتُهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْمَاءَ إِذَا غَلَبَ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا فَقَدْ طَهَّرَهَا
وَأَنَّهَا لَا تَضُرُّهُ مُمَازَجَتُهُ لَهَا إِذَا غَلَبَ عَلَيْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَقَدْ جَعَلَهُ
اللَّهُ تَعَالَى طَهُورًا وَأَنْزَلَهُ عَلَيْنَا لِيُطَهِّرَنَا بِهِ
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ((الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ)) يَعْنِي إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ
مِنَ النَّجَاسَةِ فَغَيَّرَهُ
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُطَهِّرُ نَجَاسَةً حَتَّى يُمَازِجَهَا فَإِنْ غَلَبَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا
فَالْحُكْمُ لَهُ وَإِنَّ غَلَبَتْهُ النَّجَاسَةُ فَالْحُكْمُ لَهَا إِذَا ظَهَرَ فِي الْمَاءِ شَيْءٌ مِنْهَا
هَذَا مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ مَا يُرْوَى فِي الْمَاءِ عَنِ النَّبِيِّ -
عَلَيْهِ السَّلَامُ -
وَإِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْهُمْ سَعِيدُ بن المسيب وسالم والقاسم
وبن شِهَابٍ وَرَبِيعَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْهُ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ الْمَدَنِيِّينَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ وَمَا لِسَائِرِ
الْعُلَمَاءِ فِي الْمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَحَدِيثُ هَذَا الْبَابِ لَا يَقْدِرُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَلَا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى دَفْعِهِ وَهُوَ
يَنْقُضُ مَا أَصَّلُوهُ فِي الْمَاءِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ فَزِعُوا - لَمَّا لَزِمَتْهُمُ الْحُجَّةُ بِهِ
- إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ وُرُودِ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَوُرُودِهَا عَلَيْهِ فَرَاعُوا فِي وُرُودِهَا عَلَيْهِ
مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ خَمْسُمِائَةِ رَطْلٍ وَلَمْ يُرَاعُوا فِي وُرُودِهِ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ
لِحَدِيثِ أَسْمَاءَ فِي غَسْلِ ثَوْبِهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ
إِدْخَالِهَا فِي الْإِنَاءِ وَنَحْوِهِمَا
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ
وَأَمَرَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ وَنَهَى أَنْ يُدْخِلَ مَنْ يَسْتَيْقِظُ مِنْ نَوْمِهِ يَدَهُ فِي
الْإِنَاءِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَسْلَهَا مِنْ مَاءِ الْإِنَاءِ مَخَالِطٌ لِمَا فِي الْيَدِ مِنَ النَّجَاسَةِ
وَهَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ كَثِيرٌ دَلَّلَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ وَبَيْنَ وُرُودِهِ
عَلَيْهَا
وَقَدْ فَرَّقَ الْمُسْلِمُونَ كَافَّةً بَيْنَ غَسْلِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا فَلَمْ يُرَاعُوا
فِي ذَلِكَ مِقْدَارًا وَبَيْنَ وُرُودِ النَّجَاسَاتِ مِنَ الْعَذِرَاتِ وَالْمَيْتَاتِ فِي الْآبَارِ وَالْأَوَانِي
وَالْغُدُرِ الصِّغَارِ
قَالُوا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الِاعْتِبَارِ
وَأَمَّا مَذْهَبُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَغَيْرِهِمْ - فَإِنَّهُمْ لَا
يَعْتَبِرُونَ فِي قَلِيلِ الْمَاءِ وَلَا كَثِيرِهِ إِلَّا مَا غَيَّرَهُ
وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذلك واضحا والحمد لله
ذكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ
بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الْحِيَاضِ وَالْغُدُرِ يَلَغُ فِيهَا الْكِلَابُ فَقَالَ أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا فَلَا
يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ
وَعَنِ الْقَاسِمِ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ مِثْلُهُ
وَأَمَّا الْبَوْلُ قَائِمًا فَلَيْسَ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ وَلَهُ فِيهِ عَنِ بن عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا فَأَرْفَعُ مَا فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي
وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ عَلَيْهَا
قائما
وذكر أبو بكر عن بن إِدْرِيسَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَحُمَيْدٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا
بَالَ قَائِمًا
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360
وذكرنا الأسانيد عن أبي هريرة وبن عُمَرَ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ وَالْحَكَمِ -
أَنَّهُمْ بَالُوا قِيَامًا
ثُمَّ ذَكَرْنَا فِي بَابِ مَنْ كَرِهَ الْبَوْلَ قَائِمًا - إِنْكَارَ عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ بَالَ
قَائِمًا
وَعَنْ عُمَرَ قَالَ مَا بُلْتُ قَائِمًا مُنْذُ أَسْلَمْتُ
وَعَنِ بن مسعود وبن بُرَيْدَةَ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا مِنَ الْجَفَاءِ أَنْ يَبُولَ قَائِمًا
وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ الْبَوْلَ قَائِمًا
وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ مَا بَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَائِمًا إِلَّا مَرَّةً فِي كَثِيبٍ أَعْجَبَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَجَازَ الْبَوْلَ قَائِمًا فَإِنَّمَا أَجَازَهُ خَوْفَ مَا يُحْدِثُهُ الْبَائِلُ جَالِسًا فِي
الْأَغْلَبِ مِنَ الصَّوْتِ الْخَارِجِ عَنْهُ إِذَا لَمْ يُمْكِنُهُ التَّبَاعُدُ عَمَّنْ يَسْمَعُهُ
وَيَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَرْتَادَ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا دَمِثًا لِئَلَّا يَطِيرَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بَوْلِهِ
فَهَذَا وَجْهُ الْبَوْلِ قَائِمًا
وَبِنَحْوِ هَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ((الْبَوْلُ قَائِمًا أَحْصَرُ لِلدُّبُرِ))
وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَالَ قَائِمًا لَمْ يَبْعُدْ عَنِ النَّاسِ وَلَا أَبْعَدَهُمْ
عَنْ نَفْسِهِ بَلْ أَمَرَ حُذَيْفَةَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ إِذْ بَالَ قَائِمًا
وَرَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ سُفْيَانَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا فَتَنَحَّيْتُ فَقَالَ ((ادْنُ))
فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ
وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ مَرَاسِيلِ عَطَاءٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ بَالَ جَالِسًا فَدَنَا مِنْهُ رَجُلٌ فَقَالَ
((تَنَحَّ فَإِنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تفيخ ويروى ((تفيش))
وقال إسحاق بن رَاهْوَيْهِ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَرَّبَ مِنَ الرَّجُلِ وَهُوَ يَتَغَوَّطُ أَوْ يَبُولُ
جَالِسًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَنَحَّ)) وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَبَرَّزَ تَبَاعَدَ
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ إِذَا ذَهَبَ أَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ
وَفِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ اسْتَبْعَدَ وَتَوَارَى
الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361
وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قُرَادٍ أَنَّهُ سَمِعَ - عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِثْلَهُ
وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَالَ ((إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ
فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ))
يَعْنِي مَوْضِعًا دَمِثًا أَوْ ذَا صَبَبٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَكُونُ أَنْزَهَ لَهُ مِنَ الْأَذَى
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ غَسْلِ الْفَرْجِ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ هَلْ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ فَقَالَ
بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ مَنْ مَضَى كَانُوا يَتَوَضَّؤُونَ مِنَ الْغَائِطِ وَأَنَا أَحِبُّ غَسْلَ الْفَرْجِ مِنَ
الْبَوْلِ فَإِنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ بَعْضَ مَنْ مَضَى كَانُوا يَتَوَضَّؤُونَ مِنَ
الْبَوْلِ وَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَنَّ مِنْ رِوَايَتِهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ وُضُوءًا لِمَا تَحْتَ
إِزَارِهِ
وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي قِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءٍ وَسَائِرِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَضَّؤُونَ
مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ مَا يَكْفِي
وَقَدْ مَضَى فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنَ الْغَائِطِ بِالْمَاءِ فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِي
ذَلِكَ
عدد المشاهدات *:
624536
624536
عدد مرات التنزيل *:
108700
108700
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 07/01/2018