مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ بِمِنًى
وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْحَرْ وَلَا حَرَجَ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ قَالَ فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيء قدم ولا أخر إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فِي حَجَّتِهِ رَمَى الْجَمْرَةَ يَوْمَ
النَّحْرِ ثُمَّ نحر بُدْنَهُ ثُمَّ حَلَقَ رَأْسَهُ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ الْحَاجِّ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْيًا
إِنْ كَانَ مَعَهُ ثُمَّ يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَمَنْ شَاءَ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ رُتْبَتِهِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ
مَا أَصِفُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّ من شعره شيئا أَوْ يَلْبَسَ أَوْ يَمَسَّ طِيبًا حَتَّى
يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ
وَقَدْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ مِنْ
ضَرُورَةٍ بِالْفِدْيَةِ فَكَيْفَ مِنْ غير ضرورة
وقال بن الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَكَذَلِكَ إِنْ
ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ يُجْزِئُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَذَلِكَ يَوْمُ النَّحْرِ
كَمَا لَوْ نَحَرَ الْمُعْتَمِرُ بِمَكَّةَ هَدْيًا سَاقَهُ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِعُمْرَتِهِ
وَقَالَ بن عبد الحكم عن مالك في من طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ
يَوْمَ النَّحْرِ أَنَّهُ يَرْمِي ثُمَّ يَحْلِقُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُعِيدُ الطَّوَافَ
قَالَ وَمَنْ رَمَى ثُمَّ طَافَ قَبْلَ الْحِلَاقِ حَلَقَ رَأَسَهُ وَأَعَادَ الطَّوَافَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي إِيجَابِ الْفِدْيَةِ
عَلَى مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394
وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ
حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ وَلَا عَلَى مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا أَوْ أَخَّرَهُ مِنْ رَمْيٍ أَوْ نَحْرٍ أَوْ حِلَاقٍ أَوْ
طَوَافٍ سَاهِيًا - مِمَّا يَفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ
وَحُجَّتُهُمْ حديث عبد الله بن عمرو الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ فَمَا سُئِلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج
وحديث عطاء عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُئِلَ يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ رَجُلٍ حَلَقَ
قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَوْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَوْ أَشْبَاهِ هَذَا فَأَكْثَرُوا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَمَا
سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِلَّا قَالَ لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ
وَقَالَ عَطَاءٌ مَنْ قَدَّمَ نسكا على نُسُكٍ فَلَا حَرَجَ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ
وَأَمَّا اختلافهم في من حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أنه لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاودُ وَإِسْحَاقُ وَالطَّبَرِيُّ
وَقَالَ النَّخَعِيُّ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ أَهْرَاقَ دَمًا
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ دم للقران وَدَمٌ لِلْحِلَاقِ
وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ لِلْقِرَانِ وَدَمَانِ لِلْحِلَاقِ قَبْلَ النَّحْرِ
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي من نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَلِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ نحرت قبل
أرمي فقال رسول الله ارْمِ وَلَا حَرَجَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395
قال أبو عمر روى بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ لَمْ أَشْعُرْ
وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَهِيَ لَفْظَةٌ فِيهَا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الرَّجُلَ فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا فَقِيلَ لَهُ لَا
حَرَجَ
وَقَدْ جَاءَ مَعْمَرٌ بِمَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فِيهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رأيت رسول الله وَاقِفًا عَلَى رَاحِلَتِهِ بِمِنًى فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَى أَنَّ الذَّبْحَ قَبْلَ الرَّمْيِ فَذَبَحْتُ قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ فَمَا سُئِلَ
عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَهُ رَجُلٌ قَبْلَ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَا أَعْلَمُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ جوابا في المتعمد فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا
لِلْجَاهِلِ وَالسَّاهِي لَفَرَّقُوا بَيْنَهُ فِي أَجْوِبَتِهِمْ وَفِي كُتُبِهِمْ وَاللَّهُ أعلم
إلا أن بن عَبَّاسٍ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَدَّمَ مَنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ
دَمًا وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ سَاهٍ وَلَا عَامِدٍ وَلَيْسَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِذَلِكَ بِالْقَوِيَّةِ
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ مِثْلُ ذَلِكَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مذهبهم في من قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ إِعَادَةُ الطَّوَافَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا إعادة فِي الطَّوَافِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنَّمَا طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قبل أن يرمي جمرة الْعَقَبَةِ ثُمَّ وَاقَعَ أَهْلَهُ أَهْرَاقَ
دَمًا
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ بِمِنًى
وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْحَرْ وَلَا حَرَجَ ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ قَالَ فَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيء قدم ولا أخر إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فِي حَجَّتِهِ رَمَى الْجَمْرَةَ يَوْمَ
النَّحْرِ ثُمَّ نحر بُدْنَهُ ثُمَّ حَلَقَ رَأْسَهُ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ الْحَاجِّ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْيًا
إِنْ كَانَ مَعَهُ ثُمَّ يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَمَنْ شَاءَ قَدَّمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ رُتْبَتِهِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ
مَا أَصِفُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ أَنْ يَمَسَّ من شعره شيئا أَوْ يَلْبَسَ أَوْ يَمَسَّ طِيبًا حَتَّى
يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ
وَقَدْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ مِنْ
ضَرُورَةٍ بِالْفِدْيَةِ فَكَيْفَ مِنْ غير ضرورة
وقال بن الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ وَكَذَلِكَ إِنْ
ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ يُجْزِئُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَذَلِكَ يَوْمُ النَّحْرِ
كَمَا لَوْ نَحَرَ الْمُعْتَمِرُ بِمَكَّةَ هَدْيًا سَاقَهُ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِعُمْرَتِهِ
وَقَالَ بن عبد الحكم عن مالك في من طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ
يَوْمَ النَّحْرِ أَنَّهُ يَرْمِي ثُمَّ يَحْلِقُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُعِيدُ الطَّوَافَ
قَالَ وَمَنْ رَمَى ثُمَّ طَافَ قَبْلَ الْحِلَاقِ حَلَقَ رَأَسَهُ وَأَعَادَ الطَّوَافَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي إِيجَابِ الْفِدْيَةِ
عَلَى مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394
وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ
حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ وَلَا عَلَى مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا أَوْ أَخَّرَهُ مِنْ رَمْيٍ أَوْ نَحْرٍ أَوْ حِلَاقٍ أَوْ
طَوَافٍ سَاهِيًا - مِمَّا يَفْعَلُ يَوْمَ النَّحْرِ
وَحُجَّتُهُمْ حديث عبد الله بن عمرو الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ فَمَا سُئِلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج
وحديث عطاء عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُئِلَ يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ رَجُلٍ حَلَقَ
قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ أَوْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَوْ أَشْبَاهِ هَذَا فَأَكْثَرُوا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَمَا
سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِلَّا قَالَ لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ
وَقَالَ عَطَاءٌ مَنْ قَدَّمَ نسكا على نُسُكٍ فَلَا حَرَجَ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ
وَأَمَّا اختلافهم في من حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أنه لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَدَاودُ وَإِسْحَاقُ وَالطَّبَرِيُّ
وَقَالَ النَّخَعِيُّ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ أَهْرَاقَ دَمًا
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَعَلَيْهِ دَمَانِ دم للقران وَدَمٌ لِلْحِلَاقِ
وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ دِمَاءٍ لِلْقِرَانِ وَدَمَانِ لِلْحِلَاقِ قَبْلَ النَّحْرِ
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي من نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ وَلِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ نحرت قبل
أرمي فقال رسول الله ارْمِ وَلَا حَرَجَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395
قال أبو عمر روى بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ لَمْ أَشْعُرْ
وَقَدْ ذَكَرَهُ مَالِكٌ وَهِيَ لَفْظَةٌ فِيهَا مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الرَّجُلَ فَعَلَ ذَلِكَ سَاهِيًا فَقِيلَ لَهُ لَا
حَرَجَ
وَقَدْ جَاءَ مَعْمَرٌ بِمَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فِيهِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رأيت رسول الله وَاقِفًا عَلَى رَاحِلَتِهِ بِمِنًى فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَى أَنَّ الذَّبْحَ قَبْلَ الرَّمْيِ فَذَبَحْتُ قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ فَمَا سُئِلَ
عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَهُ رَجُلٌ قَبْلَ شَيْءٍ إِلَّا قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَلَا أَعْلَمُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ جوابا في المتعمد فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا
لِلْجَاهِلِ وَالسَّاهِي لَفَرَّقُوا بَيْنَهُ فِي أَجْوِبَتِهِمْ وَفِي كُتُبِهِمْ وَاللَّهُ أعلم
إلا أن بن عَبَّاسٍ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَدَّمَ مَنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ
دَمًا وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ سَاهٍ وَلَا عَامِدٍ وَلَيْسَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ بِذَلِكَ بِالْقَوِيَّةِ
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ مِثْلُ ذَلِكَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا مذهبهم في من قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالْحَلْقِ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ إِعَادَةُ الطَّوَافَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا إعادة فِي الطَّوَافِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنَّمَا طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قبل أن يرمي جمرة الْعَقَبَةِ ثُمَّ وَاقَعَ أَهْلَهُ أَهْرَاقَ
دَمًا
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
عدد المشاهدات *:
623174
623174
عدد مرات التنزيل *:
108676
108676
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 20/01/2018